بدون مؤاخذة- محاكمة فاطمة ناعوت

ب
أن تحال أديبة شاعرة بحجم فاطمة ناعوت إلى محكمة الجنايات بتهمة”ازدراء الديانات” أمر يثير من جديد تساؤلات حول الانغلاق الفكري، وسياسة التكفير التي ينادي بها البعض، وتعيد الى الذاكرة قضايا مشابهة رفعها تكفيريون ضد مفكرين وأدباء أمثال : فرج فودة، ابراهيم الفقي، يوسف زيدان، نوال السعداوي، موسى حوامدة وغيرهم، وهذا الفكر هو الذي أدّى الى اغتيال فرج فودة عام 1992، ومحاولة اغتيال الأديب نجيب محفوظ الحائز على جازة نوبل للآداب.
وجريمة فاطمة ناعوت أنها دعت في تغريدة لها على صفحتها في “الفيس بوك” بذبح الأضاحي بطريقة سليمة دون تعذيب الحيوانات الذبيحة، وبعيدا عن عيون الأطفال، وما دعاها لذلك هو قيام أحد الأطفال بذبح شقيقته مقلدا ذابحي الأنعام. فما الجناية التي ارتكبتها؟ وهل في ما كتبته كفر؟ وكيف ذلك؟ أذكر في ستينات القرن الماضي أن المرحوم والدي ذبح شاة أمام ابن أخي الذي كان في الخامسة من عمره، فارتجف ذلك الطفل ومرض واحتاج الى علاج، ولم يأكل من لحم تلك الشاة، ولم يعد يأكل اللحوم بعدها إلا بعد أن وصل العشرين من عمره! فهل الكتابة عن هذه الحادثة كفر؟
لي أخ مغترب في ولاية الينوي الأمريكية ويملك مسلخا “للذبح الحلال” على الطريقة الاسلامية، وقد شاهدت بعيني كيفية رقابة الصحة الأمريكية على عمليات الذبح، بوجود طبيب بيطري يفحص الأنعام المعدّة للذبح، ويشرف على عمليات الذبح بسكين حادّ جدا، ولا يسمح بأكثر من حزّتين كي لا يتعذب الحيوان الذبيح، وعند ذبح الأبقار توضع بين عارضتين حديديتين، ويطلق على جبين البقرة رصاصة لا تخترق الرأس لكنها تطرح البقرة الذبيحة، كي يتمكن الجزّار المسلم من ذبحها، وقد شاهدت على شاشة التلفاز عمليات ذبح للأبقار في مصر، حيث يتداول عدد من الشباب ضرب البقرة على رأسها بنبابيت معدنية حتى تسقط أرضا بعد عدّة دقائق، ثم يذبحونها، وقد تكون قد نفقت “فطيسة” تحت الضرب والتعذيب الذي تقشعر له الأبدان، فهل الدعوة الى ذبح الحيوانات دون تعذيبها كفر؟
إن سياسة التكفير والتخوين رهيبة جدّا، وقد تنتج عنها جرائم، أو ليس من العيب انسانيا وثقافيا أن يكتب بعض التكفيريين بعد وفاة الشاعر الكونيّ محمود درويش مقالات تحت عنوان” نفوق الشاعر الفلسطيني محمود درويش” وقالوا فيه ما لم يقل مالك في الخمر!
وهل يدعو الدّين الاسلامي الصحيح الى ذبح المسيحيين والأزيديين ومن يخالفهم الرأي من المسلمين وهدم دور عبادتهم واسترقاق واستباحة نسائهم كما فعلت داعش وأخواتها؟ وهل من يفعلون تلك الجرائم البشعة مسلمون مؤمنون؟ وما موقف التكفيريين من هذه الجرائم؟
بالتأكيد أن القضاء المصري سيبرئ الشاعرة فاطمة ناعوت، لكن السؤال هو : كيف قبل الادعاء العامّ الدعوى المقامة ضدّها بهذا الخصوص؟ وهل من أقاموا الدعوى القضاية ضدها أكثر إيمانا منها؟
28-12-2014

جميل السلحوت: بدون مؤاخذة- محاكمة فاطمة ناعوتأن تحال أديبة شاعرة بحجم فاطمة ناعوت إلى محكمة الجنايات بتهمة”ازدراء الديانات” أمر يثير من جديد تساؤلات حول الانغلاق الفكري، وسياسة التكفير التي ينادي بها البعض، وتعيد الى الذاكرة قضايا مشابهة رفعها تكفيريون ضد مفكرين وأدباء أمثال : فرج فودة، ابراهيم الفقي، يوسف زيدان، نوال السعداوي، موسى حوامدة وغيرهم، وهذا الفكر هو الذي أدّى الى اغتيال فرج فودة عام 1992، ومحاولة اغتيال الأديب نجيب محفوظ الحائز على جازة نوبل للآداب. وجريمة فاطمة ناعوت أنها دعت في تغريدة لها على صفحتها في “الفيس بوك” بذبح الأضاحي بطريقة سليمة دون تعذيب الحيوانات الذبيحة، وبعيدا عن عيون الأطفال، وما دعاها لذلك هو قيام أحد الأطفال بذبح شقيقته مقلدا ذابحي الأنعام. فما الجناية التي ارتكبتها؟ وهل في ما كتبته كفر؟ وكيف ذلك؟ أذكر في ستينات القرن الماضي أن المرحوم والدي ذبح شاة أمام ابن أخي الذي كان في الخامسة من عمره، فارتجف ذلك الطفل ومرض واحتاج الى علاج، ولم يأكل من لحم تلك الشاة، ولم يعد يأكل اللحوم بعدها إلا بعد أن وصل العشرين من عمره! فهل الكتابة عن هذه الحادثة كفر؟ لي أخ مغترب في ولاية الينوي الأمريكية ويملك مسلخا “للذبح الحلال” على الطريقة الاسلامية، وقد شاهدت بعيني كيفية رقابة الصحة الأمريكية على عمليات الذبح، بوجود طبيب بيطري يفحص الأنعام المعدّة للذبح، ويشرف على عمليات الذبح بسكين حادّ جدا، ولا يسمح بأكثر من حزّتين كي لا يتعذب الحيوان الذبيح، وعند ذبح الأبقار توضع بين عارضتين حديديتين، ويطلق على جبين البقرة رصاصة لا تخترق الرأس لكنها تطرح البقرة الذبيحة، كي يتمكن الجزّار المسلم من ذبحها، وقد شاهدت على شاشة التلفاز عمليات ذبح للأبقار في مصر، حيث يتداول عدد من الشباب ضرب البقرة على رأسها بنبابيت معدنية حتى تسقط أرضا بعد عدّة دقائق، ثم يذبحونها، وقد تكون قد نفقت “فطيسة” تحت الضرب والتعذيب الذي تقشعر له الأبدان، فهل الدعوة الى ذبح الحيوانات دون تعذيبها كفر؟إن سياسة التكفير والتخوين رهيبة جدّا، وقد تنتج عنها جرائم، أو ليس من العيب انسانيا وثقافيا أن يكتب بعض التكفيريين بعد وفاة الشاعر الكونيّ محمود درويش مقالات تحت عنوان” نفوق الشاعر الفلسطيني محمود درويش” وقالوا فيه ما لم يقل مالك في الخمر! وهل يدعو الدّين الاسلامي الصحيح الى ذبح المسيحيين والأزيديين ومن يخالفهم الرأي من المسلمين وهدم دور عبادتهم واسترقاق واستباحة نسائهم كما فعلت داعش وأخواتها؟ وهل من يفعلون تلك الجرائم البشعة مسلمون مؤمنون؟ وما موقف التكفيريين من هذه الجرائم؟ بالتأكيد أن القضاء المصري سيبرئ الشاعرة فاطمة ناعوت، لكن السؤال هو : كيف قبل الادعاء العامّ الدعوى المقامة ضدّها بهذا الخصوص؟ وهل من أقاموا الدعوى القضاية ضدها أكثر إيمانا منها؟28-12-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات