بدون مؤاخذة- نعيب أمريكا والعيب فينا

ب

الفيتو الأمريكي والبريطاني ضد المشروع العربي المقدّم لمجلس الأمن الدّولي لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، واقامة دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة في حرب حزيران 1967، وتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، يؤكد من جديد أن امريكا وتابعتها بريطانيا ضدّ القانون الدولي، وضدّ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وضدّ لوائح حقوق الانسان،وضد اتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري، ويؤكد من جديد أنّه لولا السلاح والمال والدعم السياسي الأمريكي لما استطاعت اسرائيل الاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة واستيطانها وقتل شعبها وتدميرها كل هذه السنوات الطويلة، ويؤكّد أيضا أن أمريكا غير معنيّة بالسلام في منطقة الشرق الأوسط، وأنها غير مؤهلة لتكون وسيطا محايدا في الصراع، فمصالحها في المنطقة مؤمّنة من خلال استمرار الصّراع، بوساطة اسرائيل القويّة والضّعف العربي المهين، وقد تحقق حلمها بالسيطرة على منابع النفط العربي، وعزّزت وجودها العسكري من خلال القواعد العسكرية المنتشرة في أراضي الدول المفترض أن تكون عربية، وضمنت استمرارية الأسواق العربية كسوق للمنتوجات الأمريكية، وباستعمالها الفيتو ضد مشروع القرار الفلسطيني والعربي فان ما يسمى “مبادرة السلام العربية” لم تعد حبيسة الأدراج فحسب بل تمّ شطبها كليّا.

وأمريكا بعنجهيتها وقوّتها وسياساتها المعادية للحقوق الفلسطينية والعربية دعمت اسرائيل بتدمير اتفاقات أوسلو، وسحق أيّ أمل لتحقيق السلام في المنطقة بالمستقبل المنظور. فهل كانت أمريكا ستواصل سياساتها المعادية للعرب لو أنّ القادة العرب اتخذوا سياسة مغايرة لسياسة الضّعف والهوان التي ارتضوها لدولهم وشعوبهم؟ إنّ ما يشجّع أمريكا في تنفيذ سياساتها المعادية للعرب في المنطقة هم العرب أنفسهم، والمتمثلون بكنوز أمريكا الاستراتيجية من الحكام الذين نصّبتهم على رقاب شعوبهم، وهي على ثقة تامّة بأنّ ردود الفعل العربية الرسميّة على موقفها في مجلس الأمن الدولي ستكون خجولة الى درجة معيبة، وهي بالتالي ستواصل تدمير الأقطار العربية وقتل شعوبها من خلال وكلائها العرب، وبالمال العربي، حتى تنفيذ مشروعها “الشرق الأوسط الجديد” الذي سيعيد تقسيم المنطقة الى دويلات طائفية متناحرة، ويصاحب ذلك تنفيذ المشروع الصهيوني الذي تتجاوز أطماعه حدود فلسطين التاريخية، والذي سيحوّل الشعوب العربية إلى “حطّابين وسقّائين” في سلك العبودية الاسرائيلية ما دام العرب قد ارتضوا أن يكونوا خارج التاريخ، وما دامت الشعوب العربية تستمرئ الهزيمة، ولا تريد أن تستيقظ من سباتها الطويل. ولن تغيّر أمريكا سياستها في المنطقة ما لم يغيّر العرب سياسة الذل والخنوع التي ارتضوها لأنفسهم.

31-12-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات