صور من الأدب الشعبي الفلسطيني

ص

جميل السلحوت   و   محمد شحادة

صور من الأدب الشعبي الفلسطيني

منشورات الرواد- القدس 1982

عرب السواحرة-الأصل- الموقع

المقدمة:

لقد وجدنا أن من أولى مهمات هذه الدراسة ، تجميع النصوص من حفظتها ، وما من شك في أن الخوض في موضوع كهذا الذي نطرق أبوابه ، موضوع له مشكلاته الخاصة ، فقد كان علينا البحث عن رواة أكفياء ، واكتشاف منشدين ” مغنين” حتى نتمكن من استدراج اولئك الرواة والمنشدين ، كي ” يبوحوا ” لنا بما عندهم من أغان ، وبما يكتنز في صدورهم من نصوص تراثية .

وكنا أحياناً نسجل على الآلات الصوتية ، وفي أحيان أخرى ” نأخذ الأرض ” ننقل على دفاترنا أغاني شعبية مبعثرة من هنا وهناك ، وفيما عدا ذلك التقينا مع العديدين من حفظة تراثنا الشعبي ، وحضرنا مناسبات عامة مختلفة ، واعتمدنا في بحثنا كذلك على العديد من المصادر والمراجع التراثية والأدبية والثقافية والتاريخية ، وحين توفرت لدينا المادة التي توخينا جمعها بدأنا في تصنيفها لنقدمها في هذا الكتاب الذي نعتز باصداره، ليكون بين أيدي أجيالنا الحاضرة والمقبلة من أبناء شعبنا داخل وطننا الأسير وخارجه . وغايتنا من اصدار ونشر هذا الكتاب أن تتمسك الأجيال الفلسطينية بتراثها، وتحميه من السرقة والضياع ، فالشعب العربي الفلسطيني يواجه بأغانيه الشعبية كافة المحاولات العدوة الهادفة الى سحق شخصيته العربية ، كل ذلك في سخرية جارحة تعبر عن أعماق الموقف الشعبي الحقيقي(1)

وقد خصصنا دراستنا هذه للبحث والتنقيب عن الأغنية الشعبية ، في مناسبات مختلفة، وانصب جل اهتمامنا على الأغاني الشعبية ، في منطقة واحدة من وطننا الفلسطيني وهي منطقة عرب السواحرة ( جبل المكبر ) التي ولدنا ونعيش فيها .

واذا كنا قصرنا هذه الدراسة على بلدتنا فذلك لم يأت من باب تعصب لها ، وانما لأن مواضيع أدبنا الشعبي كثيرة ومتنوعة كثرة مساهمة أبناء شعبنا الفلسطيني في بناء وصنع الحضارة الانسانية .

ان شعبنا شعب عريق يتجذر في أعماق التاريخ، ويتمسك بالتقاليد ، بالأدب والثقافة ويحترمها أعمق احترام ، ونحن نحافظ على تراثنا الماضي ونحبه، ونسعى من خلال بحثنا هذا الى تطويره وندعوا الى ذلك .

ومن هذا المنطلق فإننا ندعوا المخلصين من أبناء هذا الشعب البطل ،وخاصة المقيمين منهم على تراب هذا الوطن، والمنزرعين فيه، أن يجمعوا تراثنا الشعبي ويدونوه ، لما في ذلك من أهمية في المحافظة على هويتنا الوطنية ، خصوصاً في ظروف القهر السياسي التي نحياها .

ولا شك في أن اجراء مسح شامل للأدب والتراث الشعبي في كل قرية فلسطينية سوف يعود بالنفع الكبير على مجمل الحركة الأدبية الفلسطينية، ولسوف يحمي تراثنا الشعبي من الاندثار، ويسيجة بسياج متين ضد محاولات طمسه ومحاولات طمس هويتنا الوطنية معه .

” ان للتراث الشعبي أهمية عظمى في حياة الشعوب ، انه يعمق الصلة بين الانسان ووطنه من جهة ، وبين شعبه من جهة اخرى ، تلك الصلة التي نحن الفلسطينيين أحوج الناس اليها اليوم ، وان شبابنا يفتقرون الى لحظات جمالية كثيرة من فلكلورنا الفلسطيني العظيم ” (2)

واننا اذ نؤكد النصوص الأدبية الواردة هنا كما سمعناها في جبل المكبر، فلا غرابة ان سمعنا بعضها أو معظمها يقال في مناطق أخرى في فلسطين، فالأدب الشعبي في بلادنا نشأ في ظروف متشابهة ،وفي ظل مصادر تاريخية وتقاليد ثقافية واحدة عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني بكافة قطاعاته، وفي مختلف أماكن تواجده ، في المدينة والقرية أو البادية ، وان كان يوجد بعض الاختلاف بين ما يقال في هذه المناسبة أو تلك ، فهذا يدلل على أن المنشدين والرواة كانوا يضيفون هنا وهناك بعض الكلمات والألحان الشعبية التي أضفت رونقاً جمالياً على الأغنية الشعبية وعلى الأدب الشعبي . وفي الأدب الشعبي تمتزج التصورات والمثل الجمالية بأخلاق الفروسية ،وتندمج مواضيع الأغنيات الشعبية والقصص البطولية بملاحم الاقطاع، والصيد والقنص الى الغزوات والعمل والغزل والرثاء وغيرها . وفي الأدب الشعبي موضوعات غنية ذات تعقيد في البنية الفنية تشبه الى حد كبير ” البُسط ” التي يحيكها أهل الشرق .

ونحن نرى الأدب الحديث يتأثر بالأدب الشعبي، بل وقد ينشأ تحت تأثير مباشر منه .

ان هذا الأدب جدير بالدراسة والبحث والتمحيص، فهو يصوّر حياتنا وتاريخنا وأوضاعنا الاجتماعية بشكل عام ، مما يتيح للأجيال القادمة الاطلاع على ما قاله وعاشه أسلافها والتغني به وتطويره ، وعند مطالعة النماذج المختلفة من الأدب الشعبي، يتأكد لدينا أن الاغنية الشعبية افراز لواقع سياسي واقتصادي واجتماعي معاش، وكل هذه الظروف في مجموعها تنعكس على الأغنية في أدبنا الشعبي ، ومن هنا نرفع صوتنا عالياً لنقول : اقرأوا أغانينا تتعرفوا علينا وتعرفون تاريخنا ، اقرأوا أغانينا تقرأوننا . وها هي بين أيديكم فانظروا ما تقوله لكم عنا . ” ان الأدب الشعبي في أسلوبه ومحتواه هو حصيلة لحياة عريقة ، عاشها الشعب ” (3)

ان الأغاني التي ضمنّاها دفتي هذا الكتاب أغانٍ شعبية من أدبنا ، وهي باللغة العامية أو بتعبير أكثر دقة ، باللهجة العامية الدارجة في جبل المكبر ” السواحرة “.

” ان الأدب الشعبي ، هو أدب العامية التقليدي الشفاهي مجهول المؤلف ، المتوارث جيلاً عن جيل ، وهذا الرأي يقول به نقاد الأدب ، المتأثرون بآراء الفلكلوريين من أمثال بول سيبو – والثاني هو الأدب الشعبي ، أدب العامية ،شفاهياً كان أم مكتوباً أو مطبوعاً ، مجهول المؤلف أو معروفه متوارثاً أو معاصراً . والثالث وهو أنه الأدب المعبر عن ذاتية الشعب المستهدف وتقدمه الحضاري ، الراسم لمصالحه ، يستوي فيه أدب الفصحى وأدب العامية، وأدب الرواية الشفاهية ، وأدب المطبعة والأثر المجهول المؤلف، والأثر المعروف المؤلف ” (4)

وفي رأينا أن الأدب الشعبي ، انما هو أدب العامية ، انه فن القول العريق والتلقائي المتداول بين الجماهير فعلاً ، والمتوارث جيلاً بعد جيل ، المرتبط بالعادات والتقاليد والذي هو انعكاس لأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية عاشتها الجماعة .

وهذا لا يعني ان الادب العامي هو ادب شعبي بل العكس ، ” ان الادب الشعبي هو ادب عامي في غالبيته، ولكن الادب العامي لا يعني انه ادب شعبي في مجموعه حيث ان بعض انواع الشعر والزجل المنظوم بالعامية، لا تكتب لها الحياة ولا تنشر ، وهناك الكثير من دوواين الشعر المنظومة بالعامية، تبقى محسوبة على الادب العامي، لأنها قد تبقى بعيدة عن وجدان الجماهير، ولا تتفاعل الجماهير معها، ومن هنا لا يجوز ان نجعل الادب العامي مرادفا للادب الشعبي ” (5)

اننا نعتبر ان الأدب المدون يرتبط دائما بالادب الشعبي برباط وثيق ، بمعنى انه لا يستغني الواحد منهما عن الآخر، وهكذا فمجمل القول ان كلا منهما يؤثر تأثيرا متبادلا على الآخر . ونريد هنا ان ننفي نفيا قاطعا ما اورده هانز نومان في كتابه ” الحضارة الجماعية البدائية ” الصادر عام 1921 في فيينا والذي يقول فيه ان الادب الشعبي الأخير هو ” تراث ثقافي منهار ” ، وفي رأينا ان هذا القول لا اساس له من الصحة ،وتدحضه الحقائق الموضوعية والعلمية والواقع الحياتي، وذلك ان الأدب الشعبي باق بقاء الجماعات البشرية وملازم لها ، ومتطور حسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحياها هذه الجماعة أو تلك ، وهذا ما سندلل عليه ونثبت صحته وموضوعيته من خلال بحثنا .

اننا ممتنون لأجدادنا على التراث الفخم هذا الذي تركوه لنا وندعو جيل الشبيبة للاستفادة من الخبرة التي كدستها الاجيال السابقة، وندعو الشباب الى ان يطوروا هذه الخبرة، وان يسيروا الى ابعد منها لا ان ياخذوا كل ما يصل اليهم ليخلعوا عليه صفة الاطلاق والالزام حيث لا يكون هناك ادنى تطور.

المراجع :

(1) انظر ، غسان كنفاني ، الأدب الفلسطيني المقاوم (1948- 1968 ) دار الآداب . بيروت . ص 5 .

(2) مجلة الغد ، حيفا ، العدد الثالث ، آذار 1979 ، ص 20 .

(3) أحمد رشدي صالح ، الأدب الشعبي ، اصدار مكتبة النهضة المصرية ، الطبعة الثالثة ، 1971 ، ص 70

(4) مدخل لدراسة الفلكلور ، نبيل علقم ، منشورات جمعية انعاش الأسرة ، البيرة ، 1977 ، ص 36 ، 37

(5) مدخل لدراسة الفولكلور. نبيل علقم. منشورات جمعية انعاش الأسرة-البيرة 1977،ص.36 و 37.

جبل المكبر

الموقع والتاريخ

جبل المكبر ” جبل مرتفع كائن قبلي المدينة، والى الشرق من محطة السكة الحديدية ، يفصل بينه وبين جبل الطور وادي سلوان ، وبينه وبين جبل صهيون وادي الربابة : كانوا فيما مضى يسمونه ( جبل المؤامرة ) و ( جبل المشورة الفاسدة ) ، ويعتقد البعض أنه كانت تقوم عليه دار المجمع المعروف بـ ( السنهدريم ) تلك الدار التي قابل فيها يهوذا الاسخريوطي رؤساء الكهنة وقواد الجيش، واتفق معهم على تسليم السيد المسيح عليه السلام ، وقيل أيضاً أن قصر قيافا رئيس الكهنة كان فوق هذا الجبل وفيه اجتمع الكهنة ورؤساء الشعب اليهودي لأجل التآمر على صلب المسيح . وبجانبه هضبة يقوم عليها ضريح المجاهد الاسلامي المعروف بـ ( أبي ثور ) ، ومن هنا جاء اسم الحي الذي يقوم على هذه الهضبة : حي أبي ثور ، والاسم الآخر لهذا الجبل : جبل الثوري ” (1)

واما ( ابو ثور ) الذي ينسب اليه هذا الجبل ، والحي الذي يقوم عليه ، فإنه من المجاهدين ، الذين اشتركوا في فتح بيت المقدس مع صلاح الدين الايوبي ، ذكره مجير الدين (2) والسيد علي المرتضى (3) والرحالة الاسلامي مصطفى اللقمي (4) وعدد اخر من المؤرخين المسلمين ، وقالوا عنه ما خلاصته : ” انه الشيخ الامام الزاهد العابد المجاهد شهاب الدين ابو العباس احمد بن جمال الدين ابو عبد الله بن عبد الجبار المعروف بالقرشي والمشهور بأبي ثور . حضر فتح بيت المقدس مع الملك الناصر صلاح الدين . وكان يركب ثورا ويقاتل عليه فسمي بـ “أبي ثور ” .

وقد وقف عليه الملك العزيز ، ابو الفتح عثمان بن الملك صلاح الدين ، القرية التي بالقرب من باب الخليل ، وهي قرية صغيرة من بناء الروم ، كانت تعرف فيما مضى بدير مار بغوص ، وتعرف الآن بدير أبي ثور ، ووقف العزيز عليه ايضا اراضي القمرة الشرقية والغربية واراضي خربة بيت سمرة المجاورة للقرية المذكورة. بنى الروم على جبل المكبر كنيسة باسم القديس برمزيوس ، وبنى الانجليز عليه في عهد الاحتلال ، دارا اتخذوها مقرا للمندوب السامي . كما بنوا عليه الكلية العربية “وجبل المكبر مشرف على معظم احياء القدس ، ويقع في طرفها الجنوبي ، وقف عليه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه يوم فتح القدس ، وهناك ذكر الله وكبر، ومن هنا جاءت التسمية ، وقد اتخذه الانكليز في عهد الاحتلال مقرا لحكامهم ، وبنوا فوقه دار المندوب السامي . انه جبل مرتفع واستراتيجي ، من احتله سيطر على المدينة كلها.

وقبل الاحتلال عام 1948 كانت تقوم عليه الكلية العربية والمدرسة الزراعية اليهودية ، وقبل ان يغادر المندوب السامي البريطاني لحكومة فلسطين السير الن كانغهام فلسطين ، وضع دار الحكومة على جبل المكبر والكلية العربية والمنشآت المختلفه تحت تصرف منظمة الصليب الاحمر الدولية منذ 17 ايار 1948 وقبل نشوب معكرة اواسط آب عام 1948 في جبل المكبر ، تمكن احد شباب القدس ( احمد حسين هرماس ) وكان يومها موظفا في دائرة المعارف اثناء الانتداب ، من انقاذ مكتبة الكلية العربية ، وقد نقل ما فيها من الكتب وعددها 13 الف كتاب ونيف ، ونقل آلات وادوات من مبنى الكلية ، ويقدر ثمن ما انقذه بمائة الف جنيه في حينه . اما الكتب فقد وضعت في مبنى الكلية الرشيدية ، ولا تزال هناك حتى يومنا هذا. ويذكر ان اليهود كانوا يحاولون الاستيلاء على المكتبة ، وبالفعل تمكنوا من الاستيلاء على عدد من مخطوطاتها وكتبها القيمة ، قبل احتلال الجزء الغربي من جبل المكبر ، وجدير بالذكر ان هيئة الامم المتحدة موجودة حتى الآن في جبل المكبر ومقرها ( قصر المندوب السامي على الهدنة في فلسطين ) سابقا” (5) ، ويجب ان نشير هنا الى ان اول طائرة في تاريخ القدس ، هبطت في ” البقعة الفوقا ” غربي جبل المكبر حيث يقوم مبنى الكلية العربية ، وكان ذلك عام 1912 اما الطائرة فكانت فرنسية الصنع .

وقد اقترن اسم الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل عبد الكريم الكرمي ” ابو سلمى ” بجبل المكبر ، ويعتبر شاعرنا ، احد اعلام الثقافة الوطنية العربية ، الذي رددت قصائده الجماهير ، وحفظتها الاجيال ، وهو حائز على جائزة ” اللوتس ” العالمية ، وقد قال ابو سلمى في مقابلة اجراها معه الأديب يحيى يخلف ونشرتها مجلة الجديد الحيفاوية ( في عددها العاشر الصادر عام 1978 ص 38 ) انه كانت من بدايات شعره قصيدة كتبها بمناسبة بناء قصر المندوب السامي البريطاني على قمة جبل المكبر وهذا مطلعها :

جبل المكبر طال نومك فانتبه**** قم واسمع التكبير والتهليلا

جبل المكبر لن تلين قناتنا ***** حتى نهدم فوقك الباستيلا

وهذه القصيدة ، ارسلها الشاعر الكبير ، الى ابراهيم عبد القادر المازني في مصر ، ونشرها في مجلة الرسالة بتوقيع ” ابو سلمى ” وقال الشاعر عبد الكريم الكرمي في حوار اجراه معه عاصم ربيع، ونشر في صحيفة الرأي الاردنية في اوائل عام 1979 : “كنت طالبا في معهد الحقوق بالقدس ، وكانت الدراسة فيه مسائية ، وكنت اعمل في النهار مدرسا ، وعندها نشرت قصيدة جبل المكبر ، في مجلة الرسالة القاهرية ، وهو الجبل الذي كبر عليه عمر بن الخطاب عندما فتح بيت المقدس ، وسمي لذلك بهذا الاسم ، وقد شادت عليه حكومة الانتداب قصرا للمندوب السامي البريطاني ، وسميته ” الباستيل ” وكانت النتيجة انني فصلت من التعليم، لأنه كان امامي ، اما الانكار والبقاء في الوظيفة ، او الاعتراف والطرد من الوظيفة ، ولكنني آثرت ان اتبنى القصيدة الموقف ، فعزلوني من وظيفتي ، وفي جريدة ” البعث ” السورية . الصادرة بدمشق يوم 15 كانون الاول في 1978 وفي عددها رقم (4850) كتبت قمر كيلاني في زاوية حديث الصباح ، وعلى الصفحة الأخيرة ، ما يلي تحت عنوان ( واسلم …. ابا سلمى )

” … أبا سلمى ….. يا ابن فلسطين الأبية …. يا شاعر الجراح والالام والخيام ، يا من هززت بقصائدك ، ضمير الأمة العربية ، ونددت بمن طغى من الحكام … يا من غنيت للاطفال في سني الجوع والتشرد والحرمان ، فكانت اغنياتك خبزا ومزارع احلام ، يا من الهبت النار في شعرك منذ قصديتك ( جبل المكبر ) حتى آخر ما قلته بالأمس ، اذ اشعلت صدور الناشئة من ابناء امتك فغدوا رجالا – غدوا ابطالا … وها هم اولاء يمجدونك … من حمل منهم البندقية ومن حمل القلم ، انهم للقضية يناضلون ، ومن اجلها يعيشون ويموتون … والخالد دائما يا ابا سلمى هما :الشعب والوطن ”

“يتبع”

المراجع :

(1) المفصل في تاريخ القدس . عارف العارف . الطبعة الاولى . نيسان 1961 اصدار مطبعة الماعرف بالقدس .ص 441

(2) الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل .ص410

(3) بحر الانساب في الديار القدسية .ص70،71

(4) سواغ الأنس في رحلتي لوادي القدس . مخطوط176

(5) عارف العارف . النكبة – نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود (1947-1955) الجزء الرابع . اصدار المكتبة العصرية للطباعة والنشر . صيدا – بيروت . الصفحات 789،790،191

السكان :

اما فيما يتعلق بأصل السكان ، فإن السواحرة ينحدرون من ” بني عقبة ” وهي فخذ من قبيلة لخم احدى اشهر قبائل جنوب الجزيرة العربية ، ويؤيد هذه الرواية ما ذكره عمر الصالح البرغوثي وخليل طوطح عن تاريخ فلسطين حيث ذكرا ان من ضمن القبائل التي سكنت فلسطين والاردن في عهد بني أمية ” لخم ومنهم بني عقبة والتياها والمسعودي وكليب …. ” (1) ويقول مصطفى مراد الدباغ: ” وبني عقبة هم بطن من جذام من القحطانية ” (2) ويعزز هذه الرواية الأدب الشعبي في جبل المكبر ” السواحرة ” حيث ان النساء ما زلن يغنين ويمدحن اهالي القرية ورجالها حيث يقلن في مطلع اغنية شعبية :

عند العصير حنت الجرسان*** يا بني عقبه كلكم فرسان

كما ان النساء في المنطقة تغنين ولا يزالنّ يتغنين باغنيات شعبية عن بطولات بني عقبة اثناء حرب عام 1948 والهجوم الذي يتركز لاحتلال جبل المكبر ، فينشدن :

هجمت اليهود في المغاير********* ردتهم بني عقبة بالقنابل

هجمت علينا اليهود طلعة نهار***** ردتهم بني عقبة باطلاق النار

هجمت علينا اليهود الصبحيه*********ضربوهم قنابل هالعقبيه

********

وهذه أغنية شعبية اخرى تؤكد ما نقول :

واحنا بني عقبة عزوة قوية وما ننزل الا في البلاد العذية

وما نشرب الا من حمايا سيوفنا وما نوكل الا من قلوب الأعادي

هذا ولا يزال كهول عرب السواحرة والقبائل البدوية الأخرى في فلسطين وخصوصا قبائل التعامرة والعبيدية ” ينتخون ” بعرب السواحرة عندما يدوي النفير فيقولون ” وين راحوا بني عقبة ” . وبهذا فإن عرب السواحرة يعودون الى أصول واحدة هم وقبيلة بني حسن الاردنية التي تعد من اكبر القبائل الاردنية، حيث أن بني حسن ينحدرون أيضا من بني عقبة ” بعد أن هزم صلاح الدين الأيوبي الصليبيين في معركة حطين، أسكن في فلسطين قبائل عربية ،ففي القدس توطنت قبائل بني حارث، وكانت منازلهم خارج المدينة عند القلعة وحارة بني مرة عند خان الزيت، وحارة السعدية لبني سعد ( ومنهم دار نجم وغيرهم الذين كانت لهم حراسة باب الخليل ومفتاحه )، وسكن بنو سالم في أربع قرى، وبنو حسن وهم 13 قرية وجبل القدس وهم 22 قبيلة ( ومن بينها قريتنا – المؤلفان ) وكان لهم موسم النبي موسى الذي عينه صلاح الدين الايوبي ” (3)

وروى لنا أحد المعمرين من أهالي البلدة ، بأن أصل نشوء عرب السواحرة ، كما سمعه بالتواتر عن آبائه وأجداده، يعود الى سبعة أشخاص كانوا يقطنون الجزيرة العربية ، وكانوا أقارب يعيشون حياة البادية ، حياة التنقل والحل والترحال والسلب والنهب . وكان أن حدث صراع بين الأقرباء السبعة ذات يوم وبين مجموعة أخرى من الأعراب البائدة المجاورة لهم ، فما كان من هؤلاء السبعة ، الا أن قتلوا أحد رجالات القبيلة الأخرى ، وإثر ذلك هاجروا من تلك الديار خوفاً من أن تثأر القبيلة ( المدمي بها ) منهم، وعلى هذه الصورة انتقلوا من الجزيرة العربية الى الحدود الأردنية الجنوبية ، وحلـّوا في ضيافة أحد الشيوخ الذي ألحقهم بقبيلته ، وراح يعتمد عليه في غزواته ضد القبائل الأخرى المجاورة ،حتى أصبح هؤلاء شعلة يُضرب بها المثل في قبيلة ذلك الشيخ الذي يُجهل اسمه .

الا أن الحساد لم يتركوا لهؤلاء مجالاً للمكوث بينهم ، فطلبوا من شيخ القبيلة طلباً مفاده ، اما أن لا يكون هؤلاء في تلك الديار أو هددوا بالرحيل عنها ، وما كان من تلك الجماعة الا أن رحلت على الفور من تلك المنطقة، وحلوا بمنطقة أخرى هي الكرك . المدينة الأردنية المعروفة ، واستقروا في تلك المدينة فترة من الزمن، ومع الأيام انقسموا على أنفسهم ، فهاجر قسم غير قليل منهم ، وبقي القسم الآخر يعيش في الكرك على تربية الماشية والزراعة البدائية . وكانوا يدعون بني عقبة ، ولا يزال في منطقة الكرك والشوبك حتى وقتنا هذا بعض الحمائل والعشائر التي تحمل نفس أسماء حمائل وعشائر في عرب السواحرة مثل :” الشقيرات ، الهلسة ، الخلايلة ” أما المجموعة التي هاجرت عن الكرك الى الشمال فقد حطت رحالها في مدينة الزرقاء الأردنية، حيث عاشت هناك فترة من الزمن . وخرج منها قبيلة كبيرة تُعد الآن من أكبر القبائل الأردنية وهي قبيلة بني حسن ، ومجموعة قليلة لا تزيد عن الثمانية أشخاص ، توجهت من تلك المنطقة الى منطقة تقع غربي نهر الأردن ، وعاشت في احدى ضواحي القدس ، حيث تفرعت منها مجموعة قليلة توجهت لمرج بن عامر، وعاشت هناك ، أما بالنسبة للمجموعة التي سكنت ضواحي القدس فهي المجموعة التي تفرعت عنها قبائل عرب السواحرة . فقد انفصل شخص يُدعى أحمد عن جماعته، وعاش في خربة بيت ساحور، فصاروا يطلقون عليه أحمد الساحوري ( ولا يزال قبره قائماً قرب مقبرة القرية في الجهة الشمالية من جبل المكبر ) وتفرع من نسله أهالي عرب السواحرة الذين ينقسمون الى عشيرتين رئيسيتين :

1- عشيرة الجعافرة وتفرعت من الحمائل التالية :” الجعافرة ، العويسات ، المشاهرة ، الجعابيص ، السراوخة ، بشير والخلايلة ” .

2- عشيرة الهلسة وتفرعت منها حماائل : الشقيرات ، الهلسة ، العبيدات ، الزعاترة ، والزحايكة ” .

ويرى المؤرخان عمر الصالح البرغوثي وخليل طوطح في كتابهما ، ” تاريخ فلسطين ” الصادر سنة 1923 ” أن عشائر السواحرة ينحدرون من الأصول الغربية ، انجفلت يوم دخول صلاح الدين القدس ، وخرجت الى البرية فارة بالقفار ، ثم اندمجت بالحياة العربية فيما بعد، ويشهد بذلك سمت قاماتهم ، واستواء أعوادهم ، وبياض لونهم وزرقة عيونهم ، وعدم انتسابهم للآن الى عشائر من قلب الجزيرة كما هو وارد في عربان سيناء وبئر السبع “.

وفي رأينا أن هذا القول لا يمت الى الحقيقة بصلة ، انه قول مردود ، لأن عرب السواحرة ينحدرون من بني عقبة كما أسلفنا ، وهم فخذ من ” لخم ” أشهر قبائل جنوب الجزيرة العربية ولا ندري لماذا لم يطلع المؤرخان ” خليل طوطح وعمر الصالح البرغوثي ” على ذلك . ونحن نعزي بياض اللون وزرقة العيون عندنا ، – الصفتان اللتان لا توجدان في القبائل البدوية – الى كون عرب السواحرة يعيشون قريباً جداً من القدس، وذلك جعلهم يتزاوجون من المدينة ومن القرى المجاورة ، ومعروف أيضاً أن سكان المدن اختلطوا بغير العرب، وتزاوجوا منهم ، ومن هنا جاءت هاتان الصفتان وهذا ما يقره المؤرخان ” البرغوثي وطوطح ” في كتابهما الآنف الذكر ص 210 ، فهما يقولان ” أن بعض الألقاب الموجودة في بعض مدن فلسطين كالقدس وبيت لحم والناصرة وبيت جالا ويافا وغزة ، تدل على أن حامليها ليسوا عرباً ، ولكن طبخوا في البلاد ، واندمجوا في أهلها ، ويبدون شقر الوجوه، وكأن أصلهم صليبيون ، مثل قبيلة ( صليبة ) البدوية الموجودة خلف الجوف وتدعي أنها صليبية الأصل ” .

وكانت حياة عرب السواحرة الاقتصادية في بداية الأمر ترتكز على صنع ” الحُمرة ” وهي مادة مكونة من التراب الأبيض وذرات الفخار المطحون والمستخرج من الحفريات ، وكان هذا العمل مقصوراً في معظم الأحيان على النساء ، بينما كانت وظيفة الرجال تسويق هذه المادة ، التي كانت أهميتها تضاهي أهمية الاسمنت اليوم ، وكان السكان يعرضون منتوجاتهم في باب الخليل في القدس . ويُذكر أن هذه المادة كانت تستخدم في قصر الآبار بهدف حفظ مياه الأمطار للشرب ، اضافة الى استخدامها في عمليات البناء .

وكان الرجال يعملون في الحقول أيضاً ، ويعيشون على أساليب الزراعة البدائية كما عملوا في بيع الملح المستخرج من البحر الميت متنقلين به على دوابهم ، وكانوا يقايضون الملح بالزيت والزبيب والقطين ، ويروي المعمرون أن السواحرة شكلوا في تلك الفترة المصدر الأساسي لتزويد سكان القدس وقراها بالملح ، المادة الضرورية للجسم ، ويروى كذلك أنه كان للسواحرة ما يشبه رحلة الشتاء والصيف عند عرب الجاهلية ، ففي فصل الشتاء كانوا يسكنون جنوبي سلوان ، في المنطقة التي اُطلق عليها فيما بعد وادي السواحرة ، وقاموا بنحت البيوت هناك ، في الصخور اتقاء للبرد وزمهريره .

وفي الصيف كانوا ينصبون خيامهم على قمة جبل المكبر . ولا تزال آثار بعض البيوت المنحوتة بالصخر قائمة حتى يومنا هذا ، وتقول بعض الروايات أنه يوجد هناك من سبق العشائر التي ذكرنا بالسكن هناك ، ومثال ذلك ” آل بشير “، ويحكى أن عدد الآخيرين كان كبيراً ، غير أنهم هلكوا بسبب مرض حل بهم . لقد تأثر السواحرة بجيرانهم من جميع النواحي ، ومع مرور الزمن أصبحوا وكأنهم من أصل واحد ينحدرون ( مع آل بشير ) . والذي أثر في حياة هذه الجماعة اتجارهم بالملح كما أوردنا ، وهكذا ارتبطوا بعلاقاتٍ وثيقة فيما بينهم ، كما ربطتهم علاقات وطيدة مع عشيرة ” الهتيمات ” التي كانت تسكن في الأرض الممتدة من قرية أبو ديس حتى البحر الميت . وفي احدى السنين كما روي على مسامعنا ، تعرض ” الهتيمات ” لغزو مفاجىء عند بزوغ الفجر ، قامت به بعض العشائر القاطنة في شرقي الأردن ، فكانت النتيجة أنه قضى على القبيلة المذكورة ، وبذلك أصبح المجال مفتوحاً أمام السواحرة كي يسيطروا على المنطقة بأكملها ، فتوجهوا الى هناك ، وراحوا يفلحون الأرض ويرعون الماشية وعززوا من اتجارهم بمادة الملح ، وقد كان لرحيلهم هذا عامل مهم بالنسبة لتيسير وصولهم الى البحر الميت مصدر الملح ، مصدر رزقهم . ومما ساعد في تثبيتهم في هذه الأرض ، أن تركيا ، أثناء حرب اليمن في القرن الثامن عشر ، أعلنت تركيا “السفر بلُك” –التجنيد الاجباري – في فلسطين لمحاربة اليمن التي امتنع الثوار فيها عن اطاعة أوامر السلطان التركي ( الباب العالي في الآستانة ) وعندها هرب السواحرة من منطقة وادي النار الى مكان سكنى ” الهتيمات ” المندثرين فارين من وجه التجنيد التركي الى المناطق الوعرة وصعبة المسالك ، حيث كان يصعب على السلطات التركية مطادتهم ونتيجة لذلك اطلق عليهم تركيا كلمة ” جنكلة ” وهي كلمة تركية معناها الأعراب أو البدو الرحل الذين لا يخضعون للقانون . وهكذا ففي اعتقادنا انه من هنا جاء كلمة عرب ” اي البدو الرحل ” ولما استقر السواحرة هناك ثار نزاع بينهم وبين اهالي ابو ديس – القرية المجاورة – وكانت بؤرة الصراع تتمحور على حدود اراضي ” الزّرّاعة ” التي كانت تتبع ” للهتيمات ” ويذكر ان عددا من الضحايا صرعوا نتيجة هذا النزاع من كلا الجانبين . ولكن اهل ابو ديس تراجعوا في نهاية المطاف عن مطالبتهم بأرض ” الزّرّاعة ” . ويقول الرواة انه في اثناء النزاع على الارض المذكورة هجا السواحرة والديسة بعضهم البعض بالقصائد الشعبية، وفي ذلك يقول شاعر ابو ديس حسين ابو هلال يهجو عرب السواحرة :

لا تترفعوا ببنية الخيش عنا

هذي منازلكم مشاريف سلوان

تيجي نساوينكم وكفوفهن حمر

من طحن الفخار بالصوان

فيرد عليه شاعر السواحرة بقوله :

شدّيت من بعض المواشي على بوم

أكله جراد والبراريق زهيد

ميعادك الفشخة يا حسين ابو هلال

والله لقطعك بماظيات الحديد

ونتيجة لتملك عشائر عرب السواحرة لهذه الأرض الشاسعة والممتدة جغرافيا من قمة جبل المكبر غربا ،وحتى شواطئ البحر الميت شرقا والعبيدية جنويا وابو ديس شمالا،اصبحت لديهم ثروة حيوانية هائلة ، فزاد اهتمامهم بتربية المواشي ،وزادوا من زراعة اصناف الحبوب ، واخذوا يخزنون مياه الامطار في العديد من الآبار التي حفروها خصيصا لهذا الغرض ( للشرب ، للزراعة ، للري ) ومن هنا ونتيجة لمجمل الظروف التي مروا بها على مرّ السنين، اصبح من الصعب التمييز بين هذه العشائر المختلفة .

لقد اتصف عرب السواحرة بالحمية والشجاعة ، وشدة البأس وقوة الشكيمة وتحولوا الى ملجأ لكل مظلوم ومضطهد ، فصدوا الكثير من الغزوات التي كانت تقوم بها القبائل خصوصا من شرق الاردن، ضدهم وضد سكان قرى القدس . كما كانت تأتيهم الحملات الكبرى المضادة من جنوب فلسطين ، وكان السواحرة هم الدرع القوي في وجه هذه الحملات .

ومن الناحية الثقافية جمع عرب السواحرة ثقافة هي وسط بين البدوية والمدينية وذلك يعود الى قربهم من القدس – عروس المدائن في بلاد الشام – وتأثرهم بجوانب الحياة فيها ، وهذا ما انعكس فعلا على عاداتهم وتقاليدهم ولهجتهم حتى يومنا هذا .

ويعتبر اهالي عرب السواحرة الآن من اكثر فئات شعبنا تقدما في التحصيل العلمي ،حيث يوجد فيهم اكثر من ألفي خريج جامعي في مختلف التخصصات واذا ما اخذنا بعين الاعتبار عدد السكان البالغ حوالي خمسة وعشرين ألفا فإننا سنجد ان هذه النسبة من اعلى النسب في العالم . وقد انبتت السواحرة للشعب الفلسطيني والعربي عددا غير قليل من الكتاب والادباء منهم: محمد جوهر ،د.داود عطية عبده،داود علي احمد عبده، محمود شقير ، خليل السواحري،حليمة جوهر،ابراهيم جوهر ، محمد خليل عليان ،حمد عليان ،راسم عبيدات ،محمد زحايكة ،محمود طافش ،محمود شاهين وكاتبا هذه السطور .

واتصف السواحرة بالتعصب الشديد للعشيرة، وتزينوا بحب الوطن، وتتوجوا بالغيرة على الأرض والعرض، واتصفوا بالثورة لأبسط الاسباب . وكان السواحرة يحبون الذكور ويفضلونهم على الاناث، وذلك في اعتبارنا فرضته عليهم بيئتهم واوضاعهم ومتطالباتهم انذاك ، للقيام بالزراعة وحماية الاهل والعشيرة ،فقد كانت كل عشيرة تعتز وتفاخر بعدد رجالها ، وسنجد انعكاسا لقولنا هذا في اغانيهم الشعبية في شتى المناسبات . وفي المصاهرة كانوا يفضلون صلة الدم والقرابة ، شعارهم في ذلك قولهم ” ابن العم بطيح عن ظهر الفرس ” و ” العم مولى والخال مخلى ” فالعم له الأولية لقرابته الشديده بالأب لا بالأم، ومن الواضح ايضا ان مثل هذه الصفات فرضها عليهم الاستعمار التركي الذي استمر حوالي اربعة قرون ، كما فرضها على غيرهم من القبائل العربية على امتداد الوطن العربي، حيث فرض التخلف، وعرقل التقدم والتطور الحضار والثقافي وغيره. وتجدر الاشارة الى ان القضاء كان معدوما في ذلك العصر وبسبب كثرة النزاعات بين الناس كون السواحرة ما يسمى بالحلول العشائرية ( القانون العشائري ) الذي لا يزال ساري المفعول حتى اليوم، واعتبر السواحرة من مؤسسي هذا القانون، كما انهم لا يزالون رواده حتى اليوم . لقد ساد الظلم والاضطهاد في تلك الحقبة، وطغى التعصب القبلي على العقول مما حدا بالقبائل المجاورة للسواحرة خشيتهم والابتعاد عنهم، وتحاشي الاصطدام بهم من قريب او بعيد ، واثناء الانتداب البريطاني عمل عرب السواحرة في التجارة، وتاجروا مع شرقي الاردن، واصبحت لهم قوة تستطيع حماية هذه التجارة من قطاع الطرق والطامعين . وكانوا لا يذهبون الا في جماعات قوية سميت بــ ( الربع او القفل ) ، وقد تاجروا بالمواد الغذائية والتنباك والبن ، بالبهارات والاقمشة ،وكانوا على معرفة دقيقة بالطرق التجارية ، كما كانوا يهربون السلاح الى ثوار فلسطين، حيث يعسكر القائد الفلسطين عبد القادر الحسيني في كنف عرب السواحرة ، وقد لقي منهم كل دعم وتأييد وعمل الكثيرون منهم في صفوف ثورته ، ولذلك انتقم الاستعمار من السواحرة، وراح الانجليز يطاردونهم ويضايقونهم اثناء تنقلاتهم الى شرق الاردن ومنه، وبذلك لجأوا الى الاسلوب السري والمخاطرة، وتطورت حياة السواحرة، ومع الزمن بدأوا باستبدال بيوت – خيام – الشعر بالبيوت المبنية من الحجر، وكان ذلك في عشينات القرن الماضي ، ثم اخذوا يستقرون زراعيا ،وخاصة زراعة الاراضي الكائنة على جانبي وادي النار ( الديماس ) طوال العام ، حيث تجري مياه عين سلوان والينابيع والمجاري من القدس، وقد استمروا بزراعة هذ االوادي بمختلف الخضار حتى عام 1971 حيث اخذ جنود الاحتلال الاسرائيلي باهلاك المزروعات، ورشها بالمواد الكيماوية الحارقة بواسطة طائرات الهليوكبتر، وذلك لانها خصم منافس وعنيد لمنتوجات ” تنوفا ” الاسرائيلية .

وهنا لا بد من الاشارة الى أن المنتوجات الزراعية من مختلف انواع الخضار كانت تصدر من السواحرة قبل عام 1967 الى بعض الدول العربية، اضافة الى السوق المحلي، وينبغي التنويه بان المنطقة الواقعة غربي وادي النار يطلق عليها السواحرة الغربية ( جبل المكبر ) بينما يطلق على المنطقة الواقعة شرقيه السواحرة الشرقية وتعود هذه التسمية ( الغربية والشرقية ) الى الاربعينيات من القرن الماضي عندما فتحت مدرسة في جبل المكبر للذكور، ونظرا لاتساع البلدة فتحت مدرسة اخرى في الجانب الشرقي من القرية ، وللتمييز بين المدرسيتن اطلق على الأولى مدرسة عرب السواحرة الغربية، وعلى الثانية مدرسة عرب السواحرة الشرقية . ومع الزمن عمّ هذا الاسم على المنطقة حتى صار دارجا .

الهوامش :

(1) تاريخ فلسطين . عمر الصالح البرغوثي وخليل طوطح . القدس ، 1923 ، ص 136

(2) بلادنا فلسطين . الجزء الاول . القسم الثاني . مصطفى مراد الدباغ . منشورات دار الطليعة بيروت ، 1966

(3) عمر الصالح البرغوثي وخليل طوطح . تاريخ فلسطين . القدس ، 1923 ص 199 – 200

(4) البوم : الطائر المعروف في بلادنا وكان السواحرة يعتبرونه عارا وشتيمة لأهل ابو ديس

الأغاني الوطنية

الفن لا يوجد خارج اطار السياسة أو بعيدا عنها ، ورغم أن الفنان قد يحاول التأكيد بأنه لا يهتم بالسياسة، نقول هذا لأن الفنان يبحث بفنه مشاكل وقضايا تهم المجتمع ، وبهذا لا يمكن الا ان يكون الفنان إمّا مع هذا النظام أو ذاك . وقد واكبت أغانينا الشعبية الحركة الوطنية الفلسطينية، وغنى منشدونا للوطن ، للشعب الكادح للثورة . ومجدوا في أغانيهم الأحرار واحتقروا المرتدين والخونة ” والشعر الشعبي في الارض المحتلة يتجواب تجاوبا مذهلا مع الأوضاع والحركات العربية “(1)

صارت الثورة في باب الخليل****والسيف يلمع والدم يسيل

والله لنردك يا فلسطين**** ونرفع علمنا على الصهيونا

*******

بجاه من خشّ (2) القدس يصلي*** يدخل من سبع البيبان

الكافر بحكمه ظلمنا*** بكفره وفعله حكمنا

من شرّه ولد سليمان*** يبكي استملاك الاوطان

وين السلام اللي يكون*** نملك حرية الاوطان

وين السلام اللي يكون*** يا نابلس عـزّ البلدان

من نابلس جين العلوم *** عسى سعدهم يكون

فيها صقور وكروم *** اتولوا على السلاح

واشكر الله يا سيدي *** والامر ما هو بأيدي

الميت والله شهيد عمنّه (3) ولد عدنان

**********

وعندما استشهد القائد الثائر عبد القادر الحسيني في 9 – 4- 1948 بكته النساء في أغانيهن :

صار ع القسطل هجوم*** تلقى القتلى رجوم رجوم

اشاهد (5) فيها هالبطل*** عبد القادر انقتل

عبد القادر انقتل**** لرحمة الله انتقل

راح الخبر لاسرائيل*** هجموا ع دير ياسين

عملوا عمال الشياطين*** خصوصاً قائدهم بيغين

سمعت سوريا والعراق*** دير ياسين تحت الهلاك

تشوف الجيش والدبابات*** يا لطيف شو بخيفوا

********

والقسطل ريتك مردوم قتلت بيك العموم

ولشهداء فلسطين غنت نساؤها :

يا لابسات التبيت (6)*** حدّين(7) والبسن صيني

حدّين على الشهداء***** قتالهم هالصهيوني

وعندما استشهد الشيخ عز الدين القسام عام 1931 بكته نساؤنا في هذه الابييات ، ونحن نرى ان التشابيه الواردة هنا هي من الواقع الذي ساد انذاك وانعكاس لظروف سائدة وبيئة معينة :

يا شيخنا ياللي عليك الميلة (8)

خليتنا مثل الغنم في القيلة (9)

يا شيخنا ياللي عليك المعتمد

خليتنا في البيوت بلا عمد

فالقسام هو قائد الثورة وباستشهاده ” تفقد الثورة ولو لحين قائدها ، والقسام هو عامود البيت ، فكيف اذن تبنى البيوت دون اعمدة ؟؟

اما هذه الاغنية فقد قيلت في اعدام الشهيدين محمد جمجوم وفؤاد حجازي :

من سجن عكا وطلعت جنازة**** محمد جمجوم وفؤاد حجازي

وبالله يا ربي تحكم وتجازي**** على الصهاينة واللي ما يحبونا

وعندما قامت دولة اسرائيل في الخامس عشر من ايار عام 1948 تم تشريد الشعب الفلسطيني من وطنه ، ولم تستطع النساء تقبل النكبة والفاجعة وأخذن يغنين :

هاتوا الجريدة وهاتوا قلمها*** تنشوف فلسطين مين استلمها

هاتوا الجريدة وهاتوا دواها**** تنشوف فلسطين من توّلاها

وهاتوا الجريدة وهاتولي اللوح*** تنشوف فلسطين وين بتروح

ونجد في هذه الأغنية انتقاد واضح للأنظمة الرجعية العربية وللاستعمار والامبريالية التي اعدت ونفذت نكبة شعبنا عام 1948 ، ومنعت بكافة وسائل شرورها اقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفقا لقرار التقسيم في 29 تشرين الثاني عام 1947 وهذا ما تؤكده كذلك الأغنية الشعبية التالية والتي يرددها الرجال في ” السحجة ” ومناسبتها ، حين اخذت العصابات الصهيونية تستولي على بعض المدن العربية ممهدة لقيام دولة اسرائيل بينما الانظمة العربية لا تحرك ساكنا ، تقول كلمات الاغنية :

ويومن طلينا ع يافا*** والمدفع خرب شوّافا

قل بدنا جيوشنا تلانا *** ولتنا جيوش الهاجانا

وبنات العرب حبالى*** وياعار ع العروبيّة

كما ان الاغنية الشعبية تمجد حتى الأفراد الذين لم يكن لهم التزام ثوري، لكنهم كانوا يناصبون قوات الانتداب البريطانية والعصابات الصهيونية العداء ، فيقومون بنهب ممتلكات العدو :

طلع ابو جلدة على رام الله*** واخذ بقرهم ما خاف من الله

تحت ابو جلده مهرة ما شا الله** تشبه للبرق ف اول كانونا

وفي ثورة عام 1936 غنى رجالنا في السامر :

قل ولد لا يا نداوي*** واركب ذلولك خلاوي

وانحاها يا ابن النجداوي*** ع فلسطين العذية

احمد الحاج سليمان *** عقيد الحبس الاسلامي

والفعل فعل العبويني*** كِن ذبح خمسة وعشرين

كِن ذبح واشتد الدين*** قوطر للجنة هدية

واللي يريد الحمية **** كن يفعل مثله ويزيد

وما بقول للكافر يا سيدي*** لو حطوا براسي بارودة

الفعل فعل ابو ساري*** ويعقد بليلي ونهاري

ببيع بروحي واشاري*** يا الزلم هبت شليه

الفعل لحسين الرجا **** ليوم سمع الموزر كن اجا

ازهيّد مالك مرارة *** ما تسمع حسّ الطيارة

القدس هبت طوارة تجر لاخوانك مرمية

يا ممشطين الشليش*** فردك والفشك لويش

متعرض مثل القديش*** شبعان التبن والميّه

وكان البطل عبد القادر الحسيني يعسكر في عرب السواحرة، ويجد عندهم المأوى الأمين، ويلقى فيهم النصير الصادق ، وذات يوم ( وكان ذلك في الاربعينات ) ذهب عبد القادر ورفاقه في زيارة لقرية بني نعيم – قضاء الخليل وهناك وشى بهم احد الجواسيس لقوات الانتداب البريطاني ، وعندها جرت بين الطرفين معركة حامية ،سقط خلالها العديد من الشهداء، وتأثر السواحرة بما جرى وراحوا في ” سامرهم ” يصفون الحادثة منشدين :

وامبارحة نمت انا بحساب*** والنوم ما غظته عيني

وامبارحة العين ما طابها نوم** جرح جديد ناهشه سن ثعبان

يا من يعلمني عن مصادمة اليوم ** وعلم شنيع ناقله كل كشلان

طلعوا ع الجبل يا مشيتهم زوم*** وادخلتهم بالله وموسى بن عمران

يا صفاطهم من ديرة الشام مرقو** ومبعيات بالفشق وهج نيران

بارودهم من صنعة الجيش منظوم** صنعة فبارك طابعاته المان

يا ما فيه من العيال الكرام *** بايعين ارواحهم بحب الاوطان

يا بيك (9) انت القمر وربعك نجوم*** ظوكم (10) ظاوى على كل الاركان

والله ينصر حمعكم دومة الدوم*** يا اللي ع ذبح الطوابير شفقان

وريتك يا بني نعيم ع الساس مردوم** يا بايعين ضيوفكم يا ملاعين

وارضوا طيورهم بالسما تحوم*** وصار السما يمطر علينا بكيزان

بحر عميق والله وقع فيه غرقان*** ابو الحسن وخليف والكل مرحوم

والبيك يضرب ولا هو ع الروح ندمان*** وابو قدوم خلى عياله وراه يتمان

ابو الخلف وحسين الكل مرحوم *** والبيك يضرب ولا هوع الروح ندمان

وما احنا بحال الجيش لولا ام ضحيان** وياما كالقف خلوا عيال يتمان

وفي عام 1956 وقعت معركة حوسان بين الجيش الاسرائيلي والجيش الاردني وقتل واصيب خلال هذه المعركة ثلاثة عشر جنديا من عرب العبيدية، ومن عائلة واحدة ،وكان من ضمنهم الشهيد علي العيساوي، وهو من سكان جبل المكبر . وقد وصف ابناء عرب السواحرة المعركة في اناشيدهم ، ومجدوا الابطال الشهداء ، من ابناء العبيدية :

ليلة الاربعاء بحوسان**** كِن صارت ذبحة قوية

كِن صدرت يا هيل الفلح** واللي صدتها عبيدية

واللي يقع منهم شهيد*** يروح للجنة هدية

يروح للجنة طوالي**** يسكن بقصور وعلالي

الشاويش علي العيساوي**** اليهودي على ذبحه ناوي

**********

يا ويلي شفنا البلاوي*** تشفع يا رب العبادي

والجندي احمد سعودي *** كِن يهجم باول الجنود

يا ويلي اخذتنا اليهود*** يا فضة تبكي وتنوح

الصايح يبكي ويصيح*** واحتلوا كل البلاد

اجونا من ورا الحدود**** متخفيين بلبس الجنود

محمود وينتخي القايد**** ويقول مين راحوا الاخوان

تطرب ليوم الممات **** كلهم عيال شجعان

قل واحنا نلعب بالنادي***** اجانا العلم يا جواد

علي عبيد الله وكاد**** وبفلسطين العذيّة

والاغنية الشعبية التي اوردنا نصوصا لها ، تنشد في السامر ، ولما وقعت حرب حزيران عام 1967 ، راح السواحرة يصفون احداث الحرب وما تمخض عنها من نتائج وهم ينشدون :

صلوا ع بدر التمام***** محمد سيد الاسلام

تذكرون كبار وصغار**** بحرب خمسة حزيران

وان كنا هاديين البال *** يحكمنا ملك عمان

الليل إنّامه مرتاحين**** وما فكرنا بهالرحيل

يا دمع هل من العين**** على اللي راحوا ونسيوني

……. سلمها وشرق**** وجيشه ما عاد يتحرك

قايدهم عليهم علق***** ليش ما تدحروا العدوان

سلاحنا بدينا فاظي**** سلمنا وسلاح ماظي

……. قل ما انت حاظي*****خنت الوطن والاسلام

الحرم كِن نادي وصاح*** وحرروني بالسلاح

علم اسرائيل فوقي لاح *** اصمدوا لا حد ينزاح

مسرى محمد شوفوني*** لا تروحوا وتتركوني

وفي بيوتكم افتكروني*** لا تغيبوا وتنسوني

ابشر يا حرم الاسلام*** عربك شاطرين بالكلام

وهكذا نرى من خلال قرائتنا لهذه الاغنية مدى المرارة التي يحس بها السكان ازاء ما حدث وكأنه حلم ، والاغنية تنتقد بشدة على لسان اناس شهدوا حرب حزيران العدوانية ، الانظمة العربية الرجعية ، وتصف السلاح الامريكي ، وتصرخ باسم الوطن ان يتم التحرير .

وما ان وضعت حرب الخامس من حزيران عام 1967 اوزارها وبذلك وقعت الارض الفلسطينية بكاملها تحت الاحتلال الاسرائيلي ، حتى تطورت الاغنية الشعبية في الظرف الجديد ، فالشعب لم يستسلم لما حدث ، انه يصطدم بواقع مر جديد ، يقاومه حتى في اغانية الشعبية :

انا العربي ويا عيوني**** عند الموت وارموني

ولن حِلت في صهيوني**** لاحمي بلادي فلسطيني

ويرفض شعبنا وقوع مقدساته تحت الاحتلال واستمرار تدنيسها، ويعمل على استعادتها بكافة الطرق المشروعة :

ويا دمع عيني بـِلّ الحصيرة *** الصخرة والحرم راحت اسيرة

ويا دمع عيني بل المخدة *** الصخرة والحرم راحت من يدي

للبس طاقية ولله لتطوع**** واروح مساعد للفدائية

وعلى انغام الشبابة ومع حلقات الدبكة الشعبية ينادي شعبنا باقامة الدولة الوطنية المستقلة باسم جماهيرنا التي ترفض الاحتلال :

ما بتحلى الدبكة ولا الغنية

الا بتحري الارض العربية

وما بننسى الضفة وغزة الأبية

والقدس ديرتنا ونور العيونا

********

الشعب حكاها وما خبى كلمه

ما يبقى الليل وما تبقى العتمه

وع جبين العرب وما تبقى وصمه

وبشمس الحرية تفتح لغصونا

*********

احنا بدمانا الدوله نفديها

إما بنستشهد أما بنبنيها

العامل والفلاح بناضل فيها

وقولوا لعيونا على دلعونا

*********

وفي 14 تشرين الثاني عام 1974 حين اسمع الرئيس ياسر عرفات صوت شعبنا للعالم من على منبر الامم المتحدة ، والقى خطبته المشهورة التي حدد فيها مطاليب شعبنا الوطنية انشدنا :

ياسر ع الأمم رفع العلم

وف دار الأمم زرع قدمنا

وبقلب العالم يبقى علمنا

بظل يرفرف دوما

ومن الجدير بالذكر ان مقاطع ” الدلعونا” الاربعة السابقة هي من تأليف الشاعر محمد شحادة ابن جبل المكبر، وقد ذاعت بشكل واسع في داخل الوطن وخارجه .وطبعت مقاطع منها على اسطوانات بصوت الفنان اليماني احمد القاسم وسجلت كأغنية شعبية فلسطينية تذاع في الاذاعات

وهذه الاغنية في تمجيد الابطال :

لنها دامت لك يا عبد القادر (11)**لنها دامت لك

كان سلمت لك جيوش الهاجاناة كان سلمت لك

وفي اغانينا الشعبية دعوة الى الصمود على ارض الوطن ورفض اللجوء والنزوح فالانسان الفلسطيني لا يعشق الوطن وانما يعبده :

ثلاث غزلان والقناص معهن

وانا لولا حب الوطن لسيح معهن

واخلي مونتي عشب الخلا

*******

وفي تطور لاحق للاغنية الشعبية ، يحن اهلنا في اغانيهم للأحبة النازحين الى حد البكاء :

من القدس مديت دربيلي*** شفت انا عمان والزرقا

قمت انا اتوجد على جيلي*** يا ويلي يا مصعب الفرقة

وفي اغانينا الشعبية دعوة خالصة الى عودة اللاجئين والاحباب :

يا رايحين ع حلب\*** حبي معاكم راح

يا محملين العنب *** فوق العنب تفاح

كل من وليفه معه**** وانا وليفي راح

ويا رب نسمة هوا *** ترد الولف ليّا

وهذه الاغنية مع الأوف :

أوف أوف أوووووف ………

قل يا طير طار من يدي وغرب

قطع يافا وبرج سعيد غرب

قل ويا رب ترد كل شاب تغرب

لاجل الغاوية والوطن يا بوي ….أووووف

وحين اصبح بعض الشباب يغادر الارض المحتلة ، الى دول النفط العربية طلبا للرزق، تصدت اغانينا الشعبية لهذه الظاهرة فرفضت الهجرة ودعت الشباب للصمود على تراد الوطن :

شباب صونوا العهد لا تغادروا مراحي

حقي على عزوتي لتقطب جراحي

واحنا على عهدنا ما نغادر مراحك

مهما طغوا وقتلوا ما يحكموا ساحك

وشباب صونوا العهد لا تطلعوا برّه

والارض اغلى من الدولار والصره

شباب صونوا العهد وامشوا على دربي

فكوا قيودي بالسلام او بالحرب

******

مالك مثيل يا وطن في كل هالكون

تفدى ترابك بالدم الملايين

والعوزى بطال واللي ناقله بطال

وش علمك ع المراجل يا ردي الخال

ولا تحسبوا كثرتكم تغلب شجاعتنا

بالسيف من وسطكم نطلع جماعتنا

ولم تترك الاغنية الشعبية بابا وطنيا الا وتطرقت له ، ومع الاصرار على ايقاظ الشعور الوطني، نتغنى بخيرات وطننا، وتدعوا اغانينا الوطنية الى تحريره من نير الاحتلال :

ارض بلادي مزروعة خوخ وبرقوق

خلي هالناس تصحى وتفوق

كروم بلادي مزروعة زيتون وتين

وخلي هالعالم يعرف انا صامدين

ونجد النساء يمجدن الفداء وتمنين الزواج من الفدائي الذي يعمل على تحرير الوطن :

يمه بدي الفدائي انا بهواه

انخش الارض المحتلة انا واياه

يمه بدي الفدائي ما منه خوف

اخش الارض المحتلة بكلاشنكوف

يمه بدي الفدائي ابو السيفين

اخش الارض المحتلة عن الجسرين

يمه بدي الفدائي هذا الحبيب

اخش الارض المحتلة ع تل ابيب

يمه بدي الفدائي ابو العصاه

يحرر القدس يا يمه مع يافا

يمه بدي ابة الزنار ابو الزنار

يحرر القدس يا يمه م ع جبل النار

يمه بدي الفدائي ابو اللبس

يحرر حيفا يا يمه مع القدس

*********

والبس طاقية وانا لتطوع والبس طاقيه

وها الفدائيه ويا ربي تنصرها

*********

على الجسرين ناصب رشاشه على الجسرين

جيش يا ابو عمار ويا ربي تنصر جيش ابو عمار

**********

يلله يا بنات يلله ع دار الشهيد

دامت عينك يا بو فلان حامي غزة والخليل

يلله يا بنات يلله على دار الطوباني

دامت عينك يا بو فلان حامي القدس ولبنان

**********

على المكبر نصبوا المدافع على المكبر

هلل وكبر وبيوم النصر هلل وكبر

وهناك اغان كثيرة تدعو الى تمجيد الفداء :

هبت النار والبارود غنى

ياها الثوار يا حماة الوطن

هبت النار في راس السيجاره

يا ها الثوار تصلحلكم الأماره

هبت النار في راس الارجيلية

تسلمو يا هالثوار يا حماة الديره

هبت النار في راس الخروبه

ويا ها الثوار يا حاميين العروبه

ونجد النساء في المهاهاة ” وهي اغنية نسائية منفردة او ثنائية ، تقابل الموال الذي يغنيه الرجل . والمهاهاة من اربع شطرات على الاغلب وتنتهي بزغرودة من النساء الاخريات . ويبدأ كل شطر باداة النداء العامية ” هيه ” او احيانا ” آي ” او ” آه ” وذلك بمد آخر اداة النداء وامالتها ” (12) . نجدهن يفاخرن بصمود ابناء الشعب الفلسطيني :

آي ويا ها الشباب المطله

آي ويا من بطن هالخله

آي ويا هذول شباب فلسطين

آي ويا ربوا ع قلوب العدى علّه

*********

هيه ويا مبارح العصر حملنا وزملنا

هيه ويا هذا الغور والشريعه ما نزلنا

هيه ويا واسلم يا ولد يا حامي ظعاينا

هيه وياكل الاعادي غنم وذيابها منا

********

آه ويا مرحبا من طل

آه ويا زي الهلال ولا هلّ

آه ويا خلوا اعداهم وراهم

آه ويا زي الورق ع التل

وهنالك الاغاني الشعبية التي تبخس الانذال والجبناء وتحقرهم :

قمرنا ليلة اربعتعش (14) كبران

وهرج الفانيين اليوم كبران

وعلامك يا بخت يا مشوم غرقان

وتلجلج في البحور المظلمات

اما بعد زيارة الرئيس السادات للقدس ، فراحت نساؤنا تندب حظ الشعب المصري والشعوب العربية التي ابتليت بأنظمة رجعية قمعية تبيع قضاياها المصيرية لاعداء الشعوب :

حلمت اني ببحر النيل غرقان

واعصر في ذيالي الثوب غرقان

علامك يا بخت يا مشوم غرقان

وتلجلج في البحور المظلمات

وهذه البكائية ايضا حورتها نساؤنا بعد زيارة السادات للقدس، وعقده اتفاقية صلح منفرد مع اسرائيل على حساب حقوق شعبنا وأمتنا الوطنية، وحق تقرير المصير . اما بعد زيارة جيمي كارتر الرئيس الامريكي لاسرائيل في شباط عام 1979 واثر المظاهرات التي تفجرت في الضفة الغربية راحت النساء في بلدي تنشد هذه الاغنية المعبرة :

حب السليقه يا دمع عيني حب السليقه

راحت حريقة حلحول ورام الله راحت حريقه

ويذكر ان نصري العناني ورابعة الشلالدة من طلبة المدارس سقطوا في حلحول ضد المؤامرة الساداتية الاسرائيلية الامريكية ، وعندما استشهد الشاب الفلسطيني محمود الكرد من القدس في انتفاضة شعبنا الشهيرة عام 1976 سمعنا بهذه الاغنية :

طريق الحرم والله ما جيها

محمود الكرد وانقتل فيها

وطريق الحرم والله ما جيها

وجيش الدعارة يتجول فيها

ولنا اغانينا ، التي تدعو الى التمسك بالارض وتحذر من بيعها للمحتلين ، كما تدعو الى الدفاع عن الارض ، والصمود عليها ، مثال تلك الاغاني الشعبية الوطنية :

احبابي وين ما رحتوا براضيكم**** مهما بدا مني زعل براضيكم

احبابي لابن صهيون لا تبيعوا اراضيكم*** تراب الوطن اغلى من الذهب

********

طلعت الشمس من ورا جبهه

عجبني زينها وزيني عجبها

وكرمال الوطن يهجم ع الجبهه

لوحد السيف بقطع في الرقاب

*********

ى مهاجرين الوطن انا بالوطن خليت** يا دمع الحزينة ع الخدود هليت

وانت يا حبيبي لو سابع سما وعليت*** لازم ترجع لارض الوطن

يا قاطعه شرقا علامك تبكين*** على هجر الوطن والحباب تبكين

لك يا بنية لا بد الدهر ما يلين*** وترجع القدس لاهلها واصحابها

***********

يا زارع الورد في ارض رطبه*** اولادك ع حب الوطن ربّي

وانا يمين الله واحلف بربي*** لحارب ودافع عن ارض الوطن

*************

يا كرم العنب ايش يبس دواليك***وطني لو كنت مجروح دمي دوا ليك

وما دام عيونك وميّتنا من اراضيك*** يسهل علينا زرع الشجر

************

ونخبط على راس المسمار

نفدى الوطن بهاالرقاب

نفدى الوطن بالدم ، بالنار

*******

يا دمجها دمجدة الصيد8

يللي على الشرق ملفاها

يا خدها دقة النيرة

حب البرد يا ثناياها

يا عيال شدوا عليهن زين

لما العمايم تلحقنه

وانا بشيرك بذبحتهم

عسكر ابو حنيك معطوبه

حتى الصواري متعبتهم

يسقط ابو حنيك قدوتهم

في هذا النوع من الهجنيي ، يطالعنا كما تلحظون غزل بالمحبوب ، يتبعه غزل بالوطن ، وانذار للاستعمار واعداء الشعوب ، بأن حكمهم يسقط يوما لا محالة بسواعد الشعوب نفسها ، فإن المستعمر حتى لا يقوى بعد هزيمته على حمل البندقية .

وهكذا نرى ومن خلال استعراضنا للاغاني الوطنية الشعبية في هذا الفصل ، ان الاغنية الشعبية هي في حقيقة الامر كما اسلفنا افراز لواقع معاش، يعكس الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في حياة الجماعة ، وان هذه الاغنية تتطور حتما طبقا لتطور هذا الواقع في مجمل نواحيه .

الهوامش :

(1) غسان كنفاني . الادب الفلسطيني المقاوم (1948-1968) ص15

(2) خش ” بمعني دخل

(3) عمنه : معناها لانه

(4) اشاهد : اي استشهد

(5) التبيت : نوع من القماش

(6) حدين : لبسن السواد وهي مأخوذة من كلمة حداد

(7) الميله : اي نركن اليك في قضايانا

(8) القيله : وقت الاستراحة لفترة معينة

(9) يا بيك : المقصود الثائر عبد القادر الحسيني

(10) ظوكم : أي ضوؤكم

(11) الاشارة الى عبد القادر الحسيني

(12) نبيل علقم . مدخل لدراسة الفولكلور . ص 45

أغاني الحصادين

من المعروف أن فلسطين بلاد زراعية ، نظرا لخصوبة أراضيها ، وكثرة مصادر المياه فيها ، وقد اعتنى شعبنا الفلسطيني بالزراعة منذ قديم الزمان ، وأهلنا في عرب السواحرة رغم كونهم ينحدرون من أصول بدوية ، الا أنهم مارسوا الزراعة الى جانب الرعي ، حتى أضحت الزراعة حرفة لهم ، والأغاني الشعبية تلازم الانسان في كل عمل يقوم به ، تنهض من عزيمته ، وتشد سواعده العاملة ابدا . وكانت لأهلنا ولا تزال أغانيهم الخاصة في موسم الحصاد وغيره من المواسم . ونحن نعرف أن البذرة قبل أن تتحول الى سنبلة مثقلة بالبذور الجديدة ، تطمر في باطن الأرض في موسم يسمى موسم الحراثة ، ونرصد فيما يلي بعض الأغاني التي تمكنا من الحصول عليها ، والتي كانت تقال من قبل الحراثين في بلدنا : فهذا الحرّاث يتمنى أن يزول الغلاء ، وتنخفض الأسعار ليستطيع فلاحة أرضه واطعام صغاره ، فيخاطب نفسه :

حرّاث البقر ما أطول معانيك **** قتلت البقر من طول المعاني

هو عاود ريت الغلا ما يعاود

وواضح من القول السابق أن الحراثة كانت تتم بواسطة البقر، وبعد ذلك استعملوا في الحراثة في بلدنا الحمير والبغال وأخيراً التراكتور .. والحراث يحب الأرض التي يتعامل معها حباً شديداً ،لأنها مصدر رزقه وعمله ، وها هو يقول مخاطباً الأرض التي يقوم بحراثتها ، تلما تلما وحبات العرق تغطي جبينه الأسمر :

علينا حَمارك**** وعلى الله غلالك

والحراث يغازل أيضاً :

يا بنت وش هو بلاك**** تمشي وتجري وطاك

قل سبع سنين بحرياك***حريا الفلاح ببذاره

والحراث يرفق بالحيوان والطير ، فالطير بأسرابه الكبيرة يأتي دون ممانع ليلتقط طعامه من البذور المنثورة في باطن التربة، وحين كان الرجل أو المرأة يقوم برش البذور وراء الحراث كان يقول ملخصاً ما أوردناه أعلاه :

الله يا رب تطعمنا *** وتطعم الطير في ظلام الليل

وفي موسم الحصاد ، كان الرجال والنساء يشتركون معاً في جمع الزرع، وسوف نجد في أغاني الحصاد الغزل الى جانب الأغاني التي تمجد المنجل – آداة الحصادين المساعدة في جمع المحصول – ، والمنجل بالاضافة الى وظيفته تلك يخفف الآلام والجروح التي قد تلحق بأيدي الحصادين أثناء عملية الحصاد .

منجلي يا من جلاه**** راح للصايغ جلاه

ما جلاه الا بعلبه*** ريت هالعلبة عزاه

وهذه الأغنية المساعدة في رفع الهمة والنشاط أثناء العمل :

منجلي يا بو الخراخش ***ياللي في الزرع داخش

وهذه أيضاً :

منجلي يا بو رزه***** يللي اشتريتك من غزه

****

والزرع دلّى عنوقه**** وبالمناجل لنسوقه

والايام التي يتساقط فيها الندى لها أهميتها عند الفلاحين، خصوصاً وأن أيام الحصاد تصادف في الصيف القائظ، حيث الحرارة الشديدة وأشعة الشمس المحرقة تكوي جباه الحصادين :

والندى يا م بركه**** هدّ حيلي واضنكه

والندى لولا الندى****كان زرعي ممدّا

وفي الاغنية السابقة نلاحظ أن الحصاد يعمل بجهد متواصل لأن قطرات الندى تشكل عاملاً مساعداً في جني الغلة ، فتكون سيقان الزرع طريلة مبللة مما يسهل العمل ، وكذلك الطقس حيث يكون الندى يكون رطباً منعشاً لدرجة أن الحصادين لا يتوقفون عن العمل لساعات طويلة مستغلين الوقت ، وهذا يضني قواهم . ولولا الندى لظل الزرع ممدداً ،وما كان تم انجاز ما اُنجز من عمل مع وجود الندى .

وفي موسم الحصاد تطالعنا أيضاً الفوارق الطبقية ، فالفلاح الغني ينشد :

يا زرعي وتدنّى ليّ ***** مالي حيله أمدّ ايديّ

في حين يغني الفلاح الفقير :

يا ظهري يا المقطوع**** ما تخبر ليالي الجوع

ويغني أيضاً :

يا زرعي يا زريعاتي***** يا نوّار عويناتي

يا زرعي واهلك غياب**** ما حضروا ضرب النشّاب

لو حضروا كانوا سدّوا*** سدّوا مسدّات الغيّاب

هذا وكان الحصادون يرددون الأغنيات التي يحثون فيها أنفسهم على عدم الملل ومواصلة الحصاد ، من ذلك :

وعند العصير الماسي**** وبيّن الفلاّس

والمكوي على العرقوب****والغالب من المغلوب

عند الوحي والطرده***** كن لبّسوني جرده

وعند العصير الماسي **** كن بيّن الفلاس

ويوم توقف قباله ***** وبين ردى خاله

********

والزرع واعطى قفاه **** واضربه بالعقفاه

واضربه يا بن الهبله**** واضربه واقطع قفاه

والحصادون يستهزؤون بالحصاد الكسول ، ومثله من الحصادين لا يصلحون الا للأكل :

ويا مفلس روّح ع الدار**** تلقى الطنجره ع النار

تلقاها مليانه جريشه**** والله يقطعها من عيشه

********

ومن خلال الاغنيات التي سنسجلها الآن ، نستطيع أن نستشف كون هذه الاغنية قيلت في بيئة رعوية، حيث نلاحظ أنهم يطلقون الاغنام ” الشلايا ” ترعى في الارض بعد انتهاء جمع المحصول ، بل وحتى كانوا يصطحبون الأغنام معهم ، كما يظهر في الأغنيات التي تليها :

غدّ بتغدى يا مارس**** لا غمر ولا حارس

غدّ بتضحي وبنضحيك***وبندّب الشلايا فيك

غدّ بتغدّي يا خلّه**** لا غمر ولا حلّه

وغدّ بتضحي وبتضحيك****واندّب الشلايا فيك

********

قلت له تعتع ، تعيتع*** قال : خلّيني رويتع

ذنب للجدي التعتع**** ذنب له خليه يرتع

ذنب للجدي الملهوب****ذنب له الحر يلوب

ذنب للجدي النعسان****ذنب له خليه ينام

وهذا غزل في أغاني الحصادين :

شفت الغزال مشمّر*** غربيّ دير معمّر

يا شمرته مع طوله**** تسمع رنين ححوله

وانظروا معنا هذا الغزل ، حيث السحر والجمال الفتان ، الذي يأخذ الألباب ، انه سحر الطبيعة والانسان :

وشامم ريحة حندقوق**** وأخذت عقلي هللي فوق

وشامم ريحة حندقوق**** تحت امزر الطوق

ويا ربي من فوق**** تجمعنا سوى

والرجال من الحصادين كانوا يتغزلون بالنساء من الحصادات ، وهذه الأغنية غزل دلعونية :

والله أكبر يا حصادات **** ويّمات البكل لمشكلات

والله أكبر يا حصادات **** ويمّات الشبك لمخرزات

*******

ولننظر الآن الى هذه المجموعة من الأغاني المنوعة، ففيها الغزل الرقيق المتبادل من الجنسين ، وفيها الحث على العمل ولوم فاضح للمتوانين :

بدي فضا بال **** وقرية قمح مليانه

واقعد واسليك ***** يابو عيون نعسانه

*****

وتلولحي يا داليه*** يم الغصون العاليه

وتلولحي عرضين وطول***** تلولحي لقدر أطول

********

زرع الزينة لا يبات*** واضربوه بالنايبات ( أي المناجل )

واضربوه بالنايبات**** يا ولاد العايبات

واضربوا ولا تهربوا ****يا ولاد المغربو

زرع الزينة ما عليه*****ما عليه وما عليه

دملجه ولوى عليه**** وانده الجمّال ليه

وانت يا جمّالنا***قوم شيل حمالنا

واذا كان الجمال يتوانى عن النداء الموجه اليه ، كانوا يصفونه بأنه بنت :

وانت يا جمّال انت*****وانت عينك عين بنت

****

ريت الحصيدة دايمه**** واحصدي يا سالمه

****

لا يا شاقوق لاثنين**** ونعلّي فوق يا زين

لا يا شاقوق لاربع**** وتعلي فوق وارفع

****

يا عنيد وأنا أسألك الله ***عن خلوة العصر وش صار

علي جريح ع الوساده**** وحسيت شالوه بنقاله

وكان الحصادون ينقسمون الى قسمين ، قسم يمثل دور صاحب العمل ، مالك الأرض والزرع بشخصه ، والقسم الثاني هم العمال ، عمال الأجرة وكانوا يرددون هذه الأغنيات :

العمال : يا معلّم حلنا

صاحب العمل : حالف ما حلكم

تيميل ظلكم

العمال : ظلنا ميّل ومال

واعتلى روس الجبال

وبعد دراسة الزرع وتذريته وبالتالي عزل الحبوب عن التبن كان الذي يقوم بهذا العمل يردد قائلاً :

بركة ربي****هانا طبّي

بركة حيدر**** في هالبيدر

أما اذا كان الى جانبه شخص آخر يقوم بنفس العمل ، فكان كل واحد منهم يردد مازحاً :

بركة بيدركم على بيدرنا

ومع كثرة التكرار لهذه الجملة كان الواحد منهم يخطيء ،فيعكس القول حين يقول

بركة بيدرنا على بيدركم

فيضحكان معاً وفي صوت رنان لهذه اللعثمة في الجملة ، الناتجة عن السرعة والتكرار.

أغاني الرعاة

قبل أن نبدأ بتسجيل أغاني الرعاة في بلدنا ، نود أن نشير الى أن أهالي عرب السواحرة عشائر بدوية متحضرة ، وقد كانوا قبل هذه الحقبة التاريخية بدواً رحلاً في نطاق بلدتهم ، يسكنون الخيام ويعتمدون في حياتهم على رعاية الماشية . واحتراف أهلنا لمهنة الرعي في مرحلة سابقة، ترك أثره على أدبهم الشعبي، وسيبدو لنا ذلك جلياً واضحاً من خلال استعراض الأغاني التي كان يرددها الرعاة وهم يتنقلون مع أغنامهم ، وفي أبواب قادمة سنرى مدى تأثرهم بحياة الغزو التي كانوا يحيونها .

والآن لننظر سوية الى هذه الأغنية ، التي قيلت على لسان أحد الرعاة ولا تزال تردد في السامر حتى يومنا هذا ، وفي الأغنية يتغزل الراعي بفتياتٍ رآهن في الفلالي وهن يعملن على جمع الحطب :

ونا راتع بغني*** والعطش مخلف ظني

ولنيّ بثلاث بنات***وعن شياهي سلـّني

أول واحده يا الربع***يا البقرة الوضحا تحنّ

وثاني وحده يا الربع*** يا رمح فداوي طعني

وثالث وحده يا الربع***يا جرس ماوى يرن

**************

يا حاشى ما شفت الزينات*** قليبك ما لوّعنه

كن نزلن ع الواد الغربي*** يا القصر حطبن منه

يا خويه يومنهن شالن ***حتى القاعود أرعبنه

ودعونا ننظر الآن الى هذه القصيدة التي تغنى في السامر أيضاً ،وقد قالها أحد الرعاة حينما تعرضت أغنامه للنهب من جماعة بدوية قدمت من الضفة الشرقية لنهر الأردن ، وفي الأغنية يصف صاحبنا المعركة التي دارت بين الطرفين :

ويا راتع بالجورة **** والغارة ماني راجيها

وللنّي بالخيل مغيرة***** والكل جواده مرخيها

هذول خيول بن قلاب**** يلطّن يللي يواليها

كن لطّن شلايا مسيلط**** رعيان مقرّطه عصيها

مسيلط يا وليد مجليّ***** يا القوم الكشره من حاديها

مسيلط خيال الهدبا **** ع البيطار محاذيها

يا شلف ذياب بن بخيت***** ثلاثه بيده مساويها

تفسقل خرز الدرع***** ع الكبد يوم اهويها

نلاحظ من خلال القصائد التي قيلت على ألسن الرعاة بأنها تحمل تشبيهات من الواقع الذي يعيشونه، وهذا يدلل على تأثرهم بالبيئة المحيطة بهم، كما نلاحظ بأن مطلع القصائد الشعبية يبدأ بوصف الفرس أو الجبل التي كانت تستخدم في الغزوات والحروب . فانظر الى هذا التشبيه الذي استعمله أحد الرعاة في غزله بحبيبته :

بوزك يلمع مثل بوز البسطار

وحبك بقلبي مثل دبيك البغال

وهنا نرى بأن هذا الراعي لم ير في حياته شيئاً أكثر لمعاناً من البسطار الذي ينتعله الجنود ، فراح يشبه حبيبته وطلعتها بالبسطار، ولا غرابة في ذلك ان زاد في وصفه لأشواقه وخفقات قلبه حين يرى حبيبته، فكأنما حصان يقفز في بطنه فهو انما يعبر عن واقع يحياه ، ويدخل في كلامه تشابيه مما يحيط به في الطبيعة والبيئة، ولا عجب من ذلك أيضاً ، ذلك أن أحد الأعراب سبق وأن شبه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بالكلب والتيس عندما خاطبه مادحاً :

أنت كالكلب في حفظك للود***وكالتيس في مقارعة الخطوب

ولكن انظر معنا الى جمال التشبيه هنا ، حيث يشبه أحد الرعاة أسنان حبيبته بحب البرد :

يا ثنايا ع صويجي يا ندى*** مثل هلّ البرد بليالي الشتا

يا ثنايا ع صويحبي يا جريس *** مثل هلّ البرد بليالي الخميس

وهذا أحد الرعاة يصف السيارة وكان رآها لأول مرة في حياته :

الهدس يللي تبيعونه*** بألفين ليره ما هو غالي

وبرض السهل يوم ترخونه*** سيل تحدّر من العالي

سنرى تشبيهات كثيرة من هذا القبيل في قصائد مقبلة ولنشاهد هذه القصيدة التي قالها أحد الرعاة يصف فيها احدى الغزوات :

يا ولد دنيّ للذلول***الاشعل اللي يحنّي

يا خيل غزت ع العرب والكل بكتفه تون

كن لطن طرش الليحيوات*** من راس العرف اهزعن

الشايب يصيح ويليح*** حلايب كبده وخذني

كن لحقت بهيل الطرش*** والكل بظهرها يغني

يا قنيطر دشر الطرش***بنات أهلكو يبكن

بنات اهلكو يبكن*** بنات أهلنا يتنّن

انت مجنون ولا مهيبول**تتوخذ حلايبهن

لاني مجنون ولا مهيبول*** الجن براس ال لحقني

يا نوره تنشد هيل الخيل*** محمد ما ذكرتنه

يا محمد يا قلة رصاص *** كل القبايل رازنه

رازنه ولا قدرن له*** كن كفن عنه وخلنه

علمي بمحمد يا نوره *** صم الحوافر داسنه

صم الحوافر قاسيات **** ومقظقظات الأعنه

يا شايب شايع لنياقك*** حمر الركايب روّنه

بنات الفلح والبدوان*** ع صيت محمد هوّنه

كلكن حبالى ومراضيع*** محمد فلا جبتنه

محمد يا طفيل زغير*** مثل الخروف اشلي عنه

كن كبيّن القهيوه*** يا الشعر الاشقر قصنه

حرّمن شرب القهيوه*** يا الكيف الطيب عافنه

ان غالبية القصائد التي تغنى في السامر تمثل في الواقع حياة الأعراب ، حياة البداوة المغرقة والغزو والسلب ، أي غزو الأعراب بعضهم بعضاً ،ونهب المواشي مما جعل للرعاة قسطاً كبيراً في هذا المجال ، فراحوا يصفون كل ما يحدث وستطالعنا مثل هذه القصائد في الصفحات القادمة .

وللنساء أغان تمجد الرعاة وغالباً ما تنشد هذه الاغاني في الاعراس، حتى أنك تلمس فيها مدى مدحهن للرعاة، وتحس كم هي سعيدة تلك الفتاة التي يكون عريسها راعيا للغنم ، وهذا ما تثبته الاغنية التالية :

سايق نعجاته ها ” العريس ” *** غني بحياته يا ” عروس ”

سايق عنزينه ها ” العريس ” *** تحلف بعينه ها ” العروس ”

وراعي الابل ، يغار من راعي الغنم ، اذا ما نافسه الاول في مراعيه ، ، فيتغنى :

راعي الغنم لا راعاك الله *** باريت راعي البعارين

ويقول احد الرعاة ، متغزلا في حب فتاة اسمها هند:

في هند كن رعيت على اهلها

سبع سنين وانا ما فطمت فطيم

يوم يقولوا لي البطين هذاك مخضر

كن قلت هذاك البطين محيل

فتقول له احدى النساء ، سمعته يقول هذا الكلام :

دراج يا دراج هند عشيرتك

اخذها موج البحر سبع سنين

ودرّاج يرى أن مدة السبع سنين مدة طويلة وأنها تبعده عن حبيبته كثيراً، وكأنها في مكان بعيد عنه :

يا سمك البحرين هند وداعتك

ع لحم هند لا تكون حزين

ومن غزل الرعاة أيضاً ما يُقال في حلقات الرقص والدبكة :

طلعت تتخطم من ورا البركه***يللي غنمنا وغنمكم شركه

يحرم عليّ اللعب والدبكه*** ما دامك غايب يا اسمر اللونا

****

يا ريتني كنت ابن أربع سنين*** ولا أنا شفتك ولا شفتيني

مضيت الدهر زي المسكين**قل وأنا راعي ع نور العيونا

وفي الهحيني يغنون :

سارى بالليل سارى*** وأنا اللي سريت

وصويحبي تمر هندي*** وأنا اللي اشتريت

ومفهوم الوطن لدى الرعاة هو العشيرة :

والبارحة في أحلى المنام*** أطرت ع بالي ديرتي

لأركب ذلولي واردفه*** ودوّر ع عشيرتي

ويتطور مفهومه للوطن ليرتبط بالأرض :

والبارحة بأحلى المنام**أطرت ع بالي بلادنا

لاركب ذلولي واردفه*** ودوّر على حبايبنا

وهذا واحد من الرعاة أحب فتاة ولم يستطع الزواج منها فأنشد ” الهجيني ” يقول:

مظيت ليلي ونا سهران***وعدّ أنا النجم بالجوز

قلبي توقد تقول نيران***ع لابس الجوخ والروز

ما شفت زينه مع البدوان*** ولا فلاليح ودروز

ثم ذهب الى مضارب زوجها ، ولما رآها أنشد أبياتاً يحرضها فيها على زوجها :

وأشرفت أنا عالي المشراف*** وفرّج القلب من همّه

ع صويحبي اللي تهيّالي*** توّلع القلب من يمه

أول هوى من هوى الغالي**** وبربعه البيت عند أمه

يا طولها يا نخل عالي**** جوّى البساتين ملتمه

وان طعنتني يا بعد حالي **** كبّي الردى كبّه الخمه

ولزوجات ” الرعيان ” هجاء أيضاً :

واللي حزامه خيط ما ينزل طرف***ويا ماخد العفنات العفنات واحمل ع القرف

فترد النساء العاقلات :

هب الهوى قلّع السويد من عروقه*** قولي لجوز الشنيعه يوسع خلوقه

وللرعاة في الفخر ما يقال :

احنا اللطايف منازلنا على طارف

ما ينزل الوسط ، غير النذل والخايف

أغاني البنائين

الشعب الفلسطيني شعب متحضر ، عرف الاستقرار منذ القدم ، فقام ببناء المدن والقرى التي لا تزال تشهد على عراقة هذا الشعب . والأغنية الشعبية التي كانت تتردد على ألسن البنائين لا تزال تقف بثبات شاهدة على طول باع شعبنا في هذا المجال . ولا شك أن البناء يدلّ على انتقال الانسان من مرحلة الى أخرى أكثر تقدماً وتطوراً ، انتقال من مرحلة الحل والترحال ، الى مرحلة الثبات والاستقرار ، انه اللبنة الأولى في مفهوم بناء الوطن .

فلننظر الى أغاني البنائين في بلدتنا حيث كانوا بعد الانتهاء من حفر أساس البيوت وارساء حجر الأساس ينحرون الأغنام ، قرى للعمال الذين كانوا يأتون متبرعين للمساعدة والعون ، وحينها كانوا ينشدون أثناء العمل :

صلى الله على الزين الهادي ومعانا مدّوا الأيادي

أما الأغنية التالية فإن العمال كانوا يرددونها عند عقد – سقف – البيت، وتجدر الاشارة الى أن البيوت في السابق، وفي المرحلة التي سبقت استعمال الحديد والاسمنت ” الباطون ” كانت تـُعقد بالحجارة والجير على شكل صليب، فيما يسمى عقد ” الجملون ” وكانت العادة المتبعة أن يقف معلم البناء فيطلب من العمال قراءة ” الفاتحة ” على ” روح ” الخليل أبو ابراهيم ، ومن ثم يبدأ بالحداء التالي بينما يردد العمال من بعده :

يا خليل الله يا بو الضيفان****يا خليل الله يا بو الضيفان

مثل الجندي احضر عندي****مثل الجندي احضر عندي

مثل الجندي احضر لهان****مثل الجندي احضر لهان

احضر عنا وعاونّا**** احضر عنّا وعاونّا

****

أما العمال فيرددون مخاطبين بعضهم :

أعطوا المعلم عقاده****يا نار قلبي وقـّاده

اعطوا المعلم ما طلب****اعطوه عكا مع حلب

وبعد الانتهاء من العقد كان العمال يخاطبون صاحب البيت الجديد بهذه الاغنية الحدائية :

يا معلم مبروكة الدار***يكبروا ويسكنوها هالصغار

وفي حالة حث العمال بعضهم بعضاً للاسراع في اتمام العمل كانوا يحدون :

والنشامى شيلوا شيل***** وما ينفع قليل الحيل

والعمال الذين يبذلون جهداً كبيراً في عملية البناء والعقد كانوا أحياناً بحاجة الى معين، فيطلبون المساعدة الاضافية مرددين ما يأتي :

من عاونّــــــــا *****من عاونّـــــــــا

عانـــه اللــــــه***** عانـــه اللــــــه

عونـــة موســى*****عونـــة موســى

على فرعون****على فرعون

فرعون كافر**** فرعون كافر

وابنه ملعون**** وابنه ملعون

وألعن منه ***** وألعن منه

في هذه الاغنية سخط واضح على فراعنة مصر المستبدين بالشعب . وهذه أغنية أخرى في طلب المساعدة من أصحاب النخوة والشهامة :

شوّح للنشامى أجوك**** يشيلوا همك ويساعدوك

وقيل لنا أن الذي كان يسمع هذا النداء كان يترك عمله على الفور ويلبي الدعوة ويهب للمساعدة .

وبعد التطور العمراني ، ذهبت أدراجها ” موضة الجملون ” وحل طراز متطور في العقد والبناء ، انه طور ” الباطون ” ، وهنا أفرزت هذه المرحلة أغانٍ جديدة راحت تنشد الى جانب الأغاني التي سبق وأن ذكرناها ، منها :

راحت ع المعبيّه****والتنكات مرميّه

أما الذين يعبئون ” التنك ” بالباطون فكانوا يردون عليهم :

راحت على القييمه****والتنكات مركيّه

هذا ويجب أن ننوه وباعتزاز الى أن أهالي بلدتنا لم يعرفوا أخذ الأجرة أيام وضع حجر الأساس وأيام العقود الا ما ندر ، وخاصة بعد عام 1967 ، أما قبل ذلك فكان هذا أمر غير جائز ، حتى أنهم كانوا يسخرون ممن يأخذ الأجرة في المناطق الأخرى بقولهم :

يا معلم مبروكه الدار*****والبخشيش اتنعشر (12) دينار

يا معلم مبروكه الدار****بدنا دخان جولد ستار

يا معلم حط البخشيش***** ولّلا بكره ما بنجيش

وقبل أن ينزل العمال عن ظهر البناء ، بعد اتمام العقد كانوا يرددون :

والدار ما هي دارنا

والدار للي بناها

هللّي بسيفه حماها

هيه … واو … شيلوه

****

وروى لنا كبار السن ، أن معلم البناء كان يأخذ كوفية بيضاء اللون بالاضافة الى أجرته، وذلك بعد الانتهاء من البناء لكي يكون ذلك دلالة على الافتراق بمحبة وصفاء، كما كانت العادة ولا تزال ، ولكن بشكل جزئي ، أن يحضر أصدقاء صاحب البناء معهم ، اضافة الى قوة عملهم المجانية ما يسمى ” قود ” ( بفتح القاف والواو وتسكين الدال ) ، أي ذبيحة حية ماعزاً كانت أم نعجة ، وأحياناً يحضرون كبش القطيع مساعدة وهدية ورمزاً للتضامن والوحدة القائمة، وتعزيزاً لأواصر الصداقة والتعاون والألفة ، وكانت النساء تستقبل القادمين ويزغردن لهم ويرفعن المهاهاة :

هاي ويا عاشوا حبابنا

هاي ويا اللي قاموا بشانّا

هاي ويا على عينين حسّادنا

كما كانت موجودة في بلدنا عادة أو تقليد يطلقون عليه ” النقوط ” ( بضم النون) بمعنى دفع مبلغ نقدي من المال ، لمساعدة صاحب البناء . لكن هذا التقليد أخذ في التلاشي وتلاشى الآن تماماً .

وعند الانتهاء من عملية سقف و ” عقد ” البيت ، كانت تذبح شا8 ويؤتى بها على ” مناسف ” للعمال ، تراها النساء فيهاهين من حناجرهن :

هاي يا والرز ما هو عيش

هاي ولا هو طعام للجيش

هاي واللي ما يساوي مثلنا

هاي و وللا الفشر لليش

****

آي ويا عيشنا وافي

آي ويا فراشنا ضافي

آي وبالله كلوا يا جماعة

آي ويا صحتين وعوافي

****

آي يا بو ” فلان ” غزز البواطي ريش

آي ويا ضافوك الأماره والدراويش

آي ويا ضافوك في وسط الليل

آي وعلى ظهور الخيل

وكانت النسوة ترفع راية بيضاء وغصن زيتون أخضر على سطح البناء ، وينصبن حلقات الرقص والغناء ابتهاجاً بالبيت الجديد وذلك يوم العقد ، ومن أغانيهن في مثل هذه المناسبة :

دار أبو ” فلان ” يا قلعة في الوادي

ربت على قلوب العدا سواد

دار أبو ” فلان ” يا قلعة في الخله

ربت على قلوب الأعادي علـّه

****

اللي ع جنب الخله *** لمين هو هالبيت*** اللي ع جنب الخله

ومخزن للغله***بيت أبو ” فلان “*** ومخزن للغله

****

دار أبو ” فلان ” كبيره كبير***ويا دار العز تشرف ع المدينه

دار أبو ” فلان ” سرايا سرايا****ويا دار العز تشرف ع القريه

****

ويا دار لبو ” الولد ” ومبلطه بشلونه***فيها شور وفيها قول وفيها مقعد حكومة

ويا دار لبو ” الولد ” ومبلطه بالبلاط*** فيها شور وفيها قول ومقعد الزبّاط

ويا دار لبو ” الولد ” ومبلطه بالرخام*** فيها شور وفيها قول وفيها مقعد الحكام

****

لمين الدار اللي على الطريق***دار أبو ” فلان ” ويا بلول الريق

لمين الدار اللي ع جنب الوادي****دار أبو ” فلان ” مقعد الأجواد

لمين الدار اللى ع جنب الميّه***دار أبو ” فلان ” ومقعد الأفنديه

ونلاحظ من الأغاني السابقة والأغنيات التي ستأتي مدى المديح التي كانت تكيله النساء لصاحب البيت ، فداره قلعة تكيد الأعادي، وهي مخزن للمحصول حين ينشده محتاج ، وهي سرايا للضيوف تطل على المدينة لعلوها ، وهي مجلس للحكام والضباط وأصحاب الجود والكرم ، وختاماً فإنها للجميع ومعين لكل من يطلب العون . فعيشوا معنا بقية أغاني النساء في البناء لتروا صحة ما ذهبنا اليه:

عاليه ع الناس

دار أبو ” الولد ”

عاليه ع الناس

فضّه وذهب روباص

ي حجارها

فضّه وذهب روباص

عاداتها تضوي

قناديل الذهب

مهباشها يظبح مع الصباح

****

عاليه لفوق

دار أبو ” الولد ”

عاليه لفوق

فضه وذهب وياقوت

عاداتها تضوي

قناديل الذهب

مهباشها يظبح مع الصباح

****

وبنّي يا بنّا وعلى المصطبه***وهات لبو “فلان” شاله مقصبّه

وبني يا بنّا وعلـّي الزاويه*** وهات لبو “فلان” شاله غاويه

****

ويا هالدار*** الك بابين تفتح

واحد قبله**والثاني شمالي

وواحد تعبر الشباب منه

وواحد تعبر البيض الدلال

****

ومداها وسيع دار أبو ” الولد ” مداها وسيع

والراديو يذيع مقعد اماره والراديو يذيع

****

وطلعت ع العلالي فوق

أتفرج عللي بريده

ولقيت أبو فلان قاعد

بكتب والقلم في ايده

****

ولمين الدار البيضا

اللي حايطها كرم اللوز

وهذي دار أبو ” الولد ”

ويا عطشان اشرب كازوز

ولمين الدار البيضا

اللي حايطها كرم التين

وهذي دار أبو ” الولد ”

ويا عطشان اشرب حليب

****

اللي عليه الرايات ، لمين البيت ، اللي عليه الرايات

صاحب العادات ، بيت أبو ” فلان ” وصاحب العادات

ونلحق هنا هذه الأغنية القديمة والتي لم تعد تقال في أغاني البنائين الآن ، حيث أنها كانت تقال في وقت كانت مواد البناء تنقل فيه على الجمال التي ” تعرقب ”

و ” ينهّد ” حيلها وتفقد طاقتها من ثقل أحمالها :

ويا ميمتي من هو بنى بيته جديد

وتهدّدت الجمال من نقل الحديد

ويا ميمتي من هو بنى بيته عجب

وتهدّدت الجمال من نقل الخشب

ولا شك في أنكم تلاحظون مدى المبالغة والتضخيم في هذه الأغنية التي أوردنا نصاً لها وسبقناه بتحليل لمعانيها . فكل ذلك زيادة في وصف البيت وقيمته علماً بأن الأغنية كانت تقال في زمن عقد ” الجملون ” الذي تحدثنا عنه سابقاً .

ولا شك في انكم تلاحظون ، مدى المبالغة والتضخيم في هذه الاغنية ، التي اوردنا نصا لها ، وسبقناه بتحليل لمعانيها ، فكل ذلك زيادة في وصف البيت وقيمته ، علما بان الاغنية ، كانت تقال في زمن عقد ” الحملون ” الذي تحدثنا عنه سابقا .

ولعمال البناء ، ادبهم الشعبي ، وحسهم المرهف ، فلنتفحص ن هذه القصدية ، التي انشدها الشاعر الشعبي ، حسين محمد موسى ، وتغنى على الربابة ، وكان قالها ، اثناء عمله في البناء ، ويصف فيها ، بعض اصحاب العمل ، وخاصة اولئك الذين تكثر اوامرهم الصادرة الى العمال ، دون ان يكون لديهم ” اي اصحاب العمل ” ادراك او المام بأصول العمل ، واضافة لذلك ، فهم لا يخدمون العامل ولا يقدمون له الطعام الجيد والذي ينبغي ان يسد بعض ما نفذ لديه من الطاقة ، فقد انشد :

يا مدورين اشغالكم انصوا اهل الكار حذرك من اللي ما يعرفون الخطية

جييت انا بنيت لواحدهم دار استكثر علي الشاي وشربة المية

عندك جماعة مهندسيين وشطار هرجهم كثير وعادتهم ردية

هندستهم لا علم ولا افكار والكل منهم اكذب من خوية

بتحفتلوا تيقطعوا عليك دينار لو مشروعه مكلف الفين وخمسمية

لو قدم لك رغيف الخبز عليه كوار وتحور تقول واقع ببليية

عنده وقية الزيتون يا شبه قنطار وتعده مطلعك من سنين الغلية

ياما احسنه ضيف لو جاك زوار بده مراكي صوف وفرشة طرية

هاشوت كاذوب للهرج كرار ويخلي كل الناس عنده ردية

يخلي حاله مطرح عمير وعرار يصلح عقيد للقوم قايد سرية

في امر هذي القوم يا ناس محتار ويخمنوا كذبهم يقلط عليه

يا خوى كل طماع بصير معيار كل كذاب وطماع يصبح هفية

يا خوى على الدنيا كون خسار والرزق على الله رب البرية

واتبع الطيب الى على الطيب دوار اللي ريحته بين الخلايق عنبريه

يكرم شاغله والضيف والجار معود على الجود ويده سخية

صيت الطيب يفيح بكل الاقطار ينشهد له بالطيب من كل نيه

لاختم واصلي على باهي الانوار محمد المختار راعي المطية

والعامل نفسه الذي هجا وذم بل واستهزا بمرارة من اصحاب العمل ، الذين اكثروا من الاوامر اليه ، والتقتير عليه في الطعام ن ولم يقدروه حق قدره ، قال قصيدة تناقض هذه القصدية اعلاه ، فهي تقف في الطرف المضاد لها تماما ، فهذه الاقصيدة قالها لتغنى على الربابة ويمدح فيها شخصا ، وعائلته ، لكونهم اكرموه حينما عمل عندهم ، فيقول في قصيدته المضادة :

يا راكب من فوق المطاليب هرس سريع ويقطع اللد وخالي

خذلي سلامي بزين المكاتيب وقل له لحسين ذيب العيال

الفي على ابو حسين ووقف المراكيب بعد غياب الشمس عند الزوال

يلاقي الظيف بتهلي ومراحيب ذباح للظيفان نعاج وحوالي

من يقصده ما يرجع مخيب لو انه مظيوم الظيم زال

ربيع اليتامى بالسنين المجاذيب منون للحظار بالسنين المحال

كفه معود على الجود والطيب حميده بين الناس بطيب الفعال

صايم ومصلي ومأدي المواجيب رحل يخاف الله رب الجلال

عنده نشامى ما فيهم ذواريب مجذبين الجد عم وخال

حسين وعارف واحمد كما الذيب وعلي وحمد طيبيين الفعال

امهم اصيلة مجذبة تحذيب بنت ابو علي يا عزز ما قال خالي

قعدت انا شهرين عندهم على طيب فرشوا وغطوا وساهروني ليالي

يا الله يحفظهم من امور المصاعيب تكفيهم من شر الاحوال

ما يعرفك بالناس غير التجاريب ما ينفعش يا خوي قيل وقال

دنياك يا خوي رياح وهباهيب ومن بعد لحظات تصبح خيال

احنا على الدنيا مقل المطانيب ومن بعد يومين انشد الرحال

من بعدها سلموا ع المعازيب جيرانكم واخوانكم وكل الغوالي

اختم وصلي على النبي الحبيب يشفع لنا من نارها واشتعال

ان لدى العمال اخلاقهم العمالية العالية ، والتي يحافظون عليها فلا يجوز للعامل ان يسيئ الى اصحاب البيت الذي يعمل فيه وذلك مجحافظة وصونا ” للعيش والملح ” كما تعودنا في التقاليد الشعبية ، ولنرى هذه القصيدة ، التي قالها الشاعر الشعبي حسين محمد موسى ، ويهجو من خلال ابياتها ، احد العمال ، والذي كان يعمل معه ، ذلك لانه كا نيغازل ابنه صاحب البيت ، وقد نهاه الشاعر ، وهو معلمه في البناء لكنه لم يرتدع ، فأنشد الشاعر يقول :

بساوي عليك ابيات يا ابو اسنان مخلعات

بجاه صاحب المعجزات يخرس منك هاللسان

انت عذب ولسانك عذب بلا كذب يا شيطان

اي رايح في كبر هالراس تعدك البغل الدراس

ما عندك ذرة احساس ع الخلق لسانك فلتان

فلان لا يا كبير الكرش كلامك ما بيسوى قرش

تعدك الكلب الهرش فاتح ثمك للذبان

ان شفت وحدة في الطريق حمار وقايمله نهيق

قاعد يشهق ع العليق ولا من العطش ظميان

اسمع مني يا غظيب خليك مليح واديب

يحبطواراسك تحطيب ودشرك من سيرة النسوان

هذا ، وان هذه القصيدة ، ما زالت ، تردد في الاوساط العمالية ، كما سمعناها ، تغنى على الربابة ، ولكن بدون ذكر اسم الشخص الصريح وذلك خوفا من ان يطالب الشاعر بالحق العشائري ، او ” يحطب ” بالفعل رأس ذلك الشاب .

وعلى كل حال ، فغن القصائد الاخيرة ، تفوح منها نكهة بدوية خالصة ، وذلك يدلك على ان شاعرنا الشعبي ، يتمسك بأصوله البدوية في اغانية فهو اولا واخيرا ، كشاعر شعبي ، شاعر ربابة ، وذلك يكفي ، ويغني عن التعليق .

أغاني الاستسقاء” أمّ الغيث

كانت العادة في سني المحل والقحط ، وحتى احيانا في سنوات الخصب ، واذا ما انحبس المطر لبضعة ايام ، يخاف خلالها الناس على مزروعاتهم ، وعلى الاعشاب التي تعتاش بها ماشيتهم ، ان تخرج النساء ، والكبيرات منهن في السن خاصة ، ومعهن الاولاد والبنات من الاطفال ، فيجبن الطرقات من بيت الى بيت ، وهن يرددن الاغاني التي سنقدمها الآن ، وكن عندما يصلن كل بيت ، يعطيهن اصحابه القليل من الطحين ، فيتركنه الى البيت الذي يليه ، وهكذا دواليك ، حتى اذا ما انتهين من معظم بيوت البلدة ، أو كل بيوت الحارة ، عدن الى البيت ، حيث بدأن من هناك انطلاقتهن ، فيقمن بعجن الطحين ثم يخبزنه في العراء ، على ” الصاج ” دلالة على ان الطقس الدافئ في فصل الشتاء ، وروى على مسامعنا ، ان بعض الأغنياء كان يذبح شاة ويقدمها قرى لهذه الجمهرة ، ولم تنقطع هذه العادة ، الا في اوائل ستينات القرن العشرين .

ونذكر حين كنا اطفالا ، اننا شاركنا في ” أمّ الغيث ” ونذكر ايضا ، حين كنا نلعب ونلهو في هذه المسيرة الاستسقائية ، ونردد الاغاني باصواتنا الطفولية البريئة ، كما كانت انظارنا تنجذب الى مقدمة ” أمّ الغيث ” حيث كانت امرأة من نسائنا ، وهي ترفع عاليا فوق رأسها ، ” لعبة ” على شكل امرأة ، وكنا نشارك في صنع هذه الاخيرة ، فنحضر كما يطلب الينا ، غصنين من اغصان الشجر ، تربط على شكل صليب ، ثم توضع عليها ملابس رثة قديمة ، وتلف على رأس الغصن الاوسط كوفية او منديل ، ونطوف بعد ذلك في الطرقات ، وقد اخذت الاغصان الآن شكل المرأة الفقيرة أو المتوسلة ، التي تطلب النجدة والمساعدة ونلفت الانظار الى اننا لم نتمكن الا من جمع اغنيات قليلة في هذا المجال ، وفيما يلي نصوصها :

يمّ الغيث ويا بدعج*** خلي سيلنا يدعج

ويمّ الغيث وغيثينا *** واسقي زرع اهالينا

وراعينا حسن الاقرع**** لا بشبع ولا بقنع

وراعينا حدّر ع الغور*** وشرب من شخاخ الثور

*********

ويا ربي تبل الشرتوح*** وقبل نحمل قبل نروح

وقبل نروح ع بلاد الناس**وبلاد الناس ما بتحميناش

ونلاحظ في الابيات اعلاه ، ورود كلمة ” شرتوح ” ويقصد بها ” شبه المرأة الفقيرة ” التي تحدثنا عنها انفا ، كما يجب ان نشير الى ان كل صدر وعجز في اغاني أمّ الغيث ابيات اغانيها كان يردد مرتين أو اكثر . كما في تدوين الاغنية التالية :

ويا ام الغيث ويا دايم*** ويا ام الغيث ويا دايم

وتبللي زريعنا النايم**** وتبللي زريعنا النايم

عشانه للكرم دايم**** عشانه للكرم دايم

*********

ويمّ الغيث غياثه*** لدار الشيخ ضيّافه

يعشيها ويمشيها ***ويروحها لهاليها

*********

وراحت إمّ الغيث اتجيب المطر***ما اجت الا الزرع طول الشجر

راحت إمّ الغيث اتجيب الرعود*** ما اجت الا الزرع طول القاعود

راحت إمّ الغيث اتجيب الزلزال***ما اجت الا الزرع طول السنسال

راحت إمّ الغيث اتجيب الرشاش***ما اجت الا الزرع طول الجحاش

ونرى في الابيات الاخيرة التفاؤل الشديد حيث ان مسيرة ” ام الغيث ” ما تكاد تعود الى البيت الذي انطلقت منه ، حتى يكون الامل قد تحقق ، والخصب قد تم ، والزرع اعلى من المعتاد ، بل هو ، طول الجمل الصغير ، أو الشجر أو الحيطان وهكذا .

وحين كانت النسوة تتوقف امام احد البيوت ، كن يطلبن المعونة ، في اغنيات تحمل الاماني السعيدة لصاحبة الدار :

واللي تحط في الموخل***ريت ابنيها يدخل

واللي تحط في الغربال ***ريت ابنتيها خيال

ولشدة الحرارة ايام انحباس الغيث كانت النساء تردد :

ويمّ الغيث ويا دنه**** ويم الغيث ويا دنه

وقربتنا غدت شنه*** وقربتنا غدت شنه

اما في حالة هبوب رياح باردة ، لا تصحبها الامطار المروحة والمنتظرة ، فكن ينشدن :

يامّ الغيث ويا طقعه*** ويام الغيث ويا طقعه

وقتلتينا من السكعه*** وقتلتينا من السكعه

والمقصود بالكلمة الاخيرة ، ” الصقعة ” بمعنى الصقيع ، ولكنها تلفظ باللهجة العامية في بلدتنا كما اوردناها .

أغاني الأطفال

تقسم أغاني الأطفال إلى قسمين ، قسم يغنيه الاطفال اثناء اللهو واللعب ، ويرددون الأغاني بأنفسهم ، وقسم ثان تغنيه أمهاتهم لهم وهو المسمى هدهدة، وسوف نلاحظ بأن القسم الثاني يقتصر على الأطفال الذكور دون الإناث ، ذلك ، ان الأسرة العربية بشكل عام ، والأسرة الريفية على وجه الخصوص ، ما فتئت أسرة ذكورية لكونها ترتبط بجذور قبلية فالعائلة تقاس اهميتها وقوة نفوذها ، بقدر ما فيها من رجال ، الذين يقومون بحمايتها وردع الأذى والشرور عن حماها ، وفي البادية والريف نرى ان الأب بحاجة إلى الأبناء الذكور ، كي يساعدوه في أعماله ، وفي بعض الأوساط المتخلفة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا ، أكان ذلك في مجتمعنا ، أو في غيره ، لا تزال البنت لا تعتبر خلفا ، اذ قد يترامى الى مسامعك دعاء بالخلف لإمرأة أو رجل ، وفي بيته عدد أصابع اليد من البنات ، والمرأة غير المثقفة أو المتعلمة ، تقر بهذا الواقع المرير ، وهذا القانون الموجه ضد الطبيعة للتطور البشري ، وتجدها كذلك ، تميز بين أبنائها ذكورا واناثا ، وهي ان كانت متعلمة ، او تفتحت عيونها على الثقافة ، بعد مثل هذا الوضع ، ملزمة بإقرار ذلك ، لتتمسك بزوجها ، فتبعد بذلك شبح الطلاق عنها ، وتستمر في الحياة الزوجية ، ورغم كل هذا ، تبقى مسألة استمرار حياتها الزوجية مرهونة بولادتها لابن ذكر ، وكم من امرأة راحت ضحية هي واطفالها لأنها انجبتهم بناتا او لكونها عاقرا ،وسأورد هنا عددا من اغاني الاطفال كما سمعت اطفال عرب السواحرة يرددونها ،وعرب السواحرة ينحدرون من اصول بدوية ويسكنون جبل المكبر – خمسة كيلومترات جنوبي القدس الشريف- وتمتد اراضيهم حتى البحر الميت،والقاريء لهذه الاغاني عليه الانتباه انها باللغة المحكية العاميةوهي اقرب الى اللهجة البدوية.

ومن الاغاني التي يغنيها الاطفال في موسم الحصاد ، هذه الأغنيات :

حيّه حوّت

في البير دوّت

وش دوّاها

شيخ جاها

سحب الدبّوس

ومن هالكربوس

وتولاها

ويجب أن نلفت الانتباه ، الى ان هذه الاغنية ، يغنيها الحصادون أيضا في الموسم ذاته ، ومن أغاني الأطفال في موسم الشتاء :

شمست شميسه على عروق عيشه

عيشه في المغاره حلبت قطه وفاره

اجا البس كبهن نقرته صراره

راحت تعوص لمها سوتلها فطيره

قد باب الصيره والصيره ما وسعتها

بزّ الكلبه عصابتها

ويزيد الاطفال في مرحهم ، وابتهاجهم وصخب ضحكاتهم اللطيفة البريئة فيغيرون الحنس في البيت الاخير ، عاكسين الكلمة الاولى فيه . وهذه اغنية شتوية من الاغاني التي يرددها الاطفال :

يا ربي تشتي واروح عند ستي

تعمل لي فطيره وأوكلها وأنام

* * *

وامطري وزيدي وبيتنا حديدي

وبيتنا شعر الغنم وعمنا عبد الله

ورزقنا على الله

* * *

وامطري وزيدي وبيتنا حديدي

وعمنا عبد الله ورزقنا على الله

* * *

وامطري يا مطره ع عروق الشجره

وكان حين يأتي قائد فلسطيني لزيارة مضاربهم ، يغني له حتى الاطفال مرحبين بقدومه .

يا حمامات المدن طلن عليه وارعدن

وان اجانا ابو وليد شوشحن له بالردن

والاطفال اشقياء لا يتركون العجائز في حالهن ، فيما وصلن اليه من العمر ، فيروحون يستهزؤون بهن ، فحين كانوا يرون عجوزا ، تضع الحناء على شعرها الأشيب ، ينتقدون هذا العمل في اغانيهم ، فيصرخون فيما يشبه المظاهرة :

دبّوا العجايز في البير ودبّوا وراهن خنزير

والخنزير ما بكفاهن لطع البقر حنّاهن

كما انهم يستغفلون كبار السن ، ويسرقون حاجياتهم :

طحت طحت نازل وعمرت المنازل

لقيت الشايب نايم حملته ودبيته

واشربت من زيته زيته طعم حنا

شواشي ابن عمي حلف يوخذ امي

وامي مغربيه دقت محلبيه

ويا محلى دقاتها ع الشجر خبتها

واجا عمي وسرقها ولبسني من حلقها

وحلقها شقلي بقلي ومن حسنه طير عقلي

وعندما يقلع الطفل اسنان الحليب ، يرميها للقمر في الليل ، ويطلب منه ، ان يعطيه اسنانا ناصعة البياض ، لامعة كالنجوم ، مستقيمة سوية لا اعوجاج فيها .

يا قمرنا يا جدع يللي مخرخش في الودع

بناتك خمسه سته يلعبن على الدكه

فيهن وحده جاريه تطبخ في الصناريه

واطعمتني وما رضيت قلعت سني وجيت

شيل الله يا احمد حسن يا حواكير البصل

ويا اللي معنقر طاقيته خللي البيت وراعيته

ولاطفالنا ايضا ، اغان واقوال ، تحمل التعقيد اللفظي واللغوي ، ويتراهنون على من يستطيع ترديدها .

طحت أدب وطلعت أدب

القيت الدب بوكل في اللب

طردت الدب وأكلت اللب

ونطيت عن السبع زروب

وجيت ع الزرب الفوقاني

ومن ذلك أيضا مراهنتهم على ترديد ، مثل هذه الجمل ذات الحروف المتكررة والشديدة الشبه ، فهم يضحكون حين يكون من الصعب على الواحد منهم ترديد هذه الجمل بسرعة شديدة ولعدة مرات دون توقف ، ويقهقهون اكثر ، حين يقع احدهم في خطأ لغوي ، من ذلك :

خيط حرير على حيط خليل

خشبات الحبس خمس خشبات وخشبه

شجرة نتش ، جيت انتشها ، وما انتتشتش

مسمار احرد ابرد في طيني غزّ

وهنا تستحضرنا حكاية رويت لنا ، عن شخصين صديقين ، كانا في بيتهما ، وفي الصباح الباكر ، خرج احدهما ليضع التبن لأتانه ، فرأى لصا يدق الحائط ، في حين كانت الكلاب في الحي تنبح على المزبلة ، ولشدة خوف هذا الرجل ، دخل البيت ليخبر صديقه بما حصل ، فعكس كل ما جاء في حديثه نتيجة للرعب ، في حين نلاحظ من خلال النصوص التي سنوردها ان صديقه الذي كان داخل البيت ، كان هو الآخر اشد ذعرا منه ، فعكس هو ايضا كل ما اراد قوله ، جوابا على حديث صاحبه فقد اراد ان يقول له ، ان كل حديثك معكوس مقلوب ، ولا ينقصك على ذلك سوى لطمة على كفك ، ولو ان في المدينة حاكم لأصدر حكمه بان امر بضربك مائة عصا على قفاك ، ونحن نورد هذين النصين لوجه الشبه بينهما وبين من نحن في صدده من أغاني الاطفال :

الأول : اطلعت الصبحيات دغشه

احط للتبنات جحشه

لقيت الحيط بنقرع الحرامي

والمزبلة بتعوي على الكلاب

* * *

الثاني : كل مشقلبك حديث

بدك ع اللطة حنك

لو ان في القاضي مدينة

ضربك ع عصاتك مية طيز

وللاطفال اغانيهم التي تحمل في ثناياها روح الدعابة :

بلى برم بلى برم

الحجة طاحت في الكرم

اجا البس رفع ذنبته

والصرارة طقرته

لبشارة يا حج سعيد

والديك طلق مرته

* * *

خرفتك خريرفه في ذانك شريريفه

فيها وعواع الوادي فيها مية ( 100) صيادي

فيها نعجتنا الغرا جابت توم طلياني

قلت مالك يا طلي قال السيف ذابحني

قلت ما لك يا سيف قال النار تصليني

قلت مالك لا يا نار قالت السيل طافيني

قلت مالك لا يا سيل قال العشب نابتني

قلت مالك لا يا عشب قال الخيل ترعاني

قلت مالك لا يا خيل قالت الشب راكبني

قلت مالك لا يا شب قال الموت غالبني

قلت مالك لا يا موت قال الرب مرسلني

قلت مالك لا يا رب قال الموت ما عنه فوت

* * *

أوبى يا ام احمد اوبى وقولي لحمد

أو بي خالي عصر راح راح ع مصر

واشترى لي مشط مشطت راسي

طال لي قمله نيني نيني يا قمله

يم احمد قولي لاحمد جحش احمد روح ع الدار

* * *

بين حربتنا وحصاني حربتنا ها لمجليه

قطعت راس زيديه

* * *

برجم برجم حمامات على الزرقا ملتمات

يلعن ابوكم ي هتيمات ما عرفتوا تربوا البنات

رباهن حسن قعدان فيده حربه وفيده زان

فيده مطرق الرمان قطع راس زيديه

زيديه بنت السلطان صفّتها لولو ومرجان

طاحوا الفقرا ع الجامع لقوا بنية مدحوله

قالوا فيش نغطيها قالوا بورقة الليفه

والليفه مع الراعي والراعي بيدة بيضه

والبيضه مع الجاجه والجاجة بدها علفه

والعلفه في الصندوق والصندوق بده مفتاح

والمفتاح مع ابو صلاح راح جيب لنا مفتاح

يا قلايد يا ملاح

قصبه متقصبه ع البحر متننصبه

حاديها يا باديها ذنيب القط فاسيها

* * *

يا عمي يا احمد واعطيني شبريه

تلحق خيل السلطان تا ألحق خيل السلطان

أول قتلت الواحد الثاني قتلت الميه ( 100)

ولدى الأطفال اغنياتهم التي تسخر من الناس الذين يبالغون في كلامهم وينسجون القصص الخيالية من الأمور البسيطة ، بكلمات اخرى ، مثل هذه الاغنيات تستهزئ من اولئك الذين يصنعون ، كما يقول المثل الشعبي من البحر مقاثي

ارنبنا اسم الله عليه نايم ومسبل ذينيه

جابر يلله يحرق والديه واحرمنا من الشيخ ارنب

ارنبنا في الحاكوره مقرمع كل البندوره

جابر ضربه فاشوره قضت على الشيخ ارنب

قل يومن روح سعيد ولاقى الارنب شهيد

قال لموا البواريد تا نوخذ ثار الأرنب

وأجت الدوله والدرك مقسمين اربع فرق

جابر ملعون الطرق وأجرم في حق الأرنب

ونزل الضابط والشاويش وعملوا ع الأرنب تفتيش

وانت ي جابر لا تحكيش وادفع … حق الارنب

يا ابن عمي يا سعيد وانت قرابه مش بعيد

واصبر عليّ لبعد العيد تنحوش حق الارنب

ومن الجورة ودير ياسين جين النسوان اعزين

حسبنه ها الحج امين واثريته الشيخ ارنب

اجت صفيه وانيسه عملن للأرنب ونيسه

وعملن للأرنب ونيسه عملوا له رز وجريشه

أغاني الهدهدة

اغاني الهدهدة :هي الأغاني التي تغنيها الأمهات لأطفالهن ،فيشعرون بالراحة والطمأنينة،ويصغون اليها باهتمام شديد حتى أن من يبكي منهم يتوقف عن البكاء ، أو يستبدله بابتسامة عذبة تدخل الفرحة الى قلب والدته وقلوب الآخرين،وقد انتبهت الى ذلك دور الحضانة الحديثة،- ومنها دار الحضانة التابعة لجمعية انعاش الأسرة في مدينة البيرة – كما أن دور الحضانة في بعض الدول الاروبية ومنها المانيا قد انتبهت الى هذا الموضوع ايضا،فلجأوا الى تسجيل اغاني الهدهدة بأصوات الأمهات على اشرطة وفتحها في غرف الاطفال،وأثبتت بالتجربة ردود فعل ايجابية لدى الأطفال ،وقد انتبهت الأمهات الفلسطينيات الى هذه القضية منذ آلاف السنين،وللمولود الجديد فرحة عند الأسرة الشعبية الفلسطينية ،حيث تقام الافراح بمناسبة قدومة ،ويُغنون له ،وسنقل في هذا الموضوع بعض الأغاني التي ترددها الأمهات لأطفالهن كما سمعتها وسجلتها في منطقة عرب السواحرة قضاء القدس الشريف،كونها المنطقة التي ولدت وأعيش فيها ،مع التأكيد على غنى موروثنا الشعبي في مختلف ارجاء بلادنا فلسطين،مع دعوتي لأبناء شعبنا ان يسجلوا الموروث الشعبي لشعبنا كونه معرض للضياع لأسباب كثيرة لسنا في مجال بحثها في هذه العجالة،ومن الأغاني الي تقال عند ولادة مولود جديد:

لولا الولد ما جينا حلّوذ الكيس واعطونا

واعطونا حلوينا صحنين بقــــــــلاوة

جاي علينا جاية فيــــــــدنا العصاية

نضرب الحوّاية ورغيفين شاميات

ورغيفين حلبيّات

حيّ الله ي بلاد الشام فيها الخوخ والرمان

واطلعنا ع البوبعي والشمع دبوبعـــــــي

اخليه لأمه آمين يخليه لأخته أمين

يخليه لجميع السامعين

* * *

يا طوق صدري لك زمان مرحرح

عودة من الله ي الحبايب تفرح

* * *

طلّ القمر من شرقا ومغزغز ريش ي الولد حبيب امه ويا ريته يعيش

طلّ القمر من شرقا ويا حليله طلّ والولد حبيب امه ويا ريته يظل

* * *

والعبي يا لعّيبه واعتلي يا قمر زفّي الولد يا امه تحت ظل الشجر

والعبي يا لعّيبه واعتلي يا نجوم زفي الولد يا امه تحت ظل الكروم

أما النسوة الواتي كن يأتين مهنئات فكن يُغنين :

شجرة قرنفل دوبها اللّي نوّرت الحمد لله ويا الحبيبه طهرت

شجرة قرنفل دوبها اللي بانت والحمد لله ويا الحبيبة نالت

* * *

والسمسم الأخضر جلل الحيطان يا ميمة الولد روحي ع الدكان

هاتي اللطالس لّبْسي الصبيان هاتي اللطاس ما شكل مع شكل

هاتي اللطاس كل شكل لحاله

* * *

واسم الله ع الولد اسم الله عليه

هاتوا حنين الورد رُشوا عليه

* * *

هاي ويا كلكم اولاد

هاي ويا خرز في قلادة

هاي ويا كل يوم نطهر واحد

هاي ويا نظل ع هالعادة

* * *

في ايده اليمين تفاحة الولد ع الطراحة فيده اليمين تفاحه

يا ابن الدلال والراحه الله يخليك لامك يا ابن الدلال والراحه

في ايده اليمين شبريه الولد ع الجنّبيّه فيده اليمين شبريـــــه

يا ابن الدلال والغيّه الله يخليك لامك يا ابن الدلال والغيه

* * *

الحمد الك يا ربــــــــــــي الحمد الك يا ربـــــــي

الله يخليلها ابنها ابو رقبه ينط ويخرى في العتبه

* * *

وتغني الام لطفلها :

هيه لله هيه لله سمن وعسل في الجرّه

لوكل انا واختي وبنرمي الولد لبرّه

* * *

يا تمر هندي ع عروق القمح والحمد لله يا قليبي فرح

* * *

يا قمرنا يا بو هليله تعال ، بات عندنا الليله

تذبح لك عجل وعجيله

* * *

نام يا حبيبي نام تذبحلك طير الحمام

لا تردي يا حمامه انا بكذب ع الولد تينام

* * *

يا حمامة الوادي هاتي النوم لولادي

يا حمامة البحرين هاتي النوم للعينين

* * *

يا حمام يا حمام وين الولد ينام

تحت ظل القطيفه فوق ريش النّعام

* * *

يا حمام بروس العلالي رقى ما حسيت الحبيب يرد النقى

يا حمام بروس العلالي يصيح ما ظنيت الحبيب يفارق صحيح

يا غزال السهل يا سميح اليدين يعلم الله انك سليتني عن الوالدين

* * *

درب الخلا يا غزالي لا يصيدونك اوعك تطوف في السهل وتسبل عيونك

* * *

روحي يا جاجه وتعي جاجـــــــــه الله يخلينا الولد يكبر ويجيب الحاجه

روحي يا صوصه وتعي يا صوصه الله يخلينا الولد يكبر ويجيب الخوصه

* * *

ونامي يا عين الولد نامي تذبحلك جوز الحمام

تراك يا حمام تتعوّق بنضحك ع الولد تينام

* * *

يا عين الولد نامي يا ملانه نوم في عين عدوك لأدق البصل والثوم

وهذه الأغنية تبين لنا مدى مفاخرة الأم بابنها الذكر :

والزبرة زبرة عطــــــــــا نايمة تحت الغطـــــا

ولا تحسدي يا حاســـــــده وهذا ربي اللي عطـى

والزبرة زباريــــــــــــــها والرحمن امباريهـــــا

والدار اللي هي فيهــــــــا بتطب البركه فيهـــــــا

* * *

اما الختان الطهور فله اغان كثيرة ، منها :

يا تمر هندي ع عروق الشجر والحمد لله يا قليبي انا انجبر

شجرة قرنفل دوبها اللي نوّرت والحمد لله ي الحبيبه طهّرت

خاطري في زفه في باب الواد يا قمر ضوّي لي على الأولاد

خاطري في زفه في البساتين يا قمر ضوي لي ع المطاهير

وإن للغناء في حفلة ختان طهور الطفل ، واجب على قريباته بالدرجة الأولى :

واحنا الصبايا دوبنا لفينـــــــــــا في صخرة الله والحرم صلينا

واجب عليكن وانتن بنات عمّاته الولد تطهر ترقصن بحياته

واجب عليكن يا نسوان عمامه الولد تطهر ترقصن قدامه

* * *

والنساء الان ، اي في ايامنا هذه وحدهن يغنين في الختان ، اما الرجال فلا يفعلون ذلك الان، فهم يُغنون في الأفراح والأعراس ، وغيرها من المناسبات ،وفي انشادهن تطلب النساء الخير والبركة للمُطهّر ، ويتمنين له الصحة والعافية :

الله يجيرك يا مطهــــــــر يللي بتطهر من حالك

ويا اللّي طهرت الولد الله يسلم شمالـــــــــــه

* * *

الله يجيرك يا مطهــــــر يللي بتطهر ع هونك

ويا اللي طهرت الولد الله يسلم يمينـــــــــــك

وهن ، لا يردن الطفل ان يتألم اثناء عملية الختان الجراحية ، ولذا يطلبن من المطهر ان يكون موسه حادا حتى لا يؤلم الطفل ، فيأخذ الصغير بالصراخ والبكاء ، ويمنين الرجل ببدلة مقابل عمله ، ويُحلفنه بالله وهن يقلن فيما يشبه الأغاني الممدودة التراويد :

بالله يا شلبي وبالله عليـــــــــــــــــــــــك سنّ مواسك وخفف ايديـــــــك

ولن ضحك ها الولد ونا لخلع عليك ولن عيّط ها الولد انا لزعل عليك

* * *

طهروا لي الولد وناولوه لخاله ي دموع المدلل نقطت على ذياله

طهروا لي الولد وناولوه لعمه ي دموع المدلل نقطت على كمه

* * *

واجا نا المطهر واصله من الخليل واشري للمطهر بدله من حرير

واجا نا مطهر واصله من القدس واشرى للمطهر من زين الللبس

* * *

طهره يا مطهر بموس هالمصري والولد لمدلل خلّوه لما العصر

طهره يا مطهر بموس هالقلام و الولد لمدلل خلّوه لما ينام

* * *

وكان شاب من القدس ، اسمه عزات معروف في بلدنا ، كمطهر ماهر ، وكان يلبس الطربوش ، ويأتي مشيا على الاقدام ، وبيده حقيبته ، فإذا ما اقبل على بيت الطفل صاحب الفرح ، غنت نساؤنا :

ما حلى يا عزات لن نقز طربوشه وشاب اخضراني وزينوا ملبوسه

في حين كان في القدس تاجر يدعى الكاشف ، وكان اهالي البلد يشترون منه حاجياتهم وخاصة للأفراح ، حيث كانت العادة ، ان يشتري اهل الولد ، بدلة جديدة لطفلهم المطهر :

ظهروا لي الولدع القش الناشف وهات له يا بيّه بدله من الكاشف

وهذه الاغنيه تدل على مدى قيمة الابن عند والديه والمقربين منه :

طهروا لي الولد ع القش المبلول وهات له يا بيّه بدله من اسطنبول

* * *

والعبي يا لعيبه واعتلي يا قمر خاطري زف المطهر تحت ظل الشجر

* * *

يم المطهر مبارك ما عملتي لُه والجوخ الاحمر من التاجر قطعتي لُه

* * *

في القنّيه يا زارعات الورد في القنيه يا ميمتي يمه

في العليه يا مطهر الصبيان في العليه يا ميمتي يمه

في القناني يا زارعات الورد في القناني يا ميمتي يمه

في العلالي يا مطهر الصبيان في العلالي يا ميمتي يمه

* * *

رحلت غادى عرب ولبو فلان رحلت غادى

في حيناوى الوادي يا عشب نابت في حيناوى الوادي

* * *

لا تطهروا ها الولد لما يجين خالاته

اجبن الذهب واللولو وقطبن على جيباته

* * *

غيره ما بريد ، طهروا لي الولد غيره ما بريد

يا دمعة عيونه ، يا نخل الجريد ، يا دمعة عيونه

غيره ما بدى ، طهروا لي الولد غيره ما بدى

يا نخل الورد ، يا دمعة عينه ، يا نخل الـــــــورد

* * *

ع المينا وعلى المينا يا مراكب ودينا

ع المينا وعلى المينا يا مراكب القدس

لولا طهورك يا ولد ما لبسنا هاللبس

ع المينا وعلى المينا يا مراكب عمان

لولا طهورك يا ولد ما لبسنا هالذهبان

ع المينا وعلى المينا يا مراكب الكويت

لولا طهورك يا ولد ما لبسنا هالجاكيت

* * *

وانا جاي اهني دار خالي فلانه زغرتي وانا بهاهي

وانا جاي اهني دار عمي فلانه زغرتي وانا بأغني

* * *

عبر عليّ الشلبي وأنا بغربل قمحي واصبر علي يا شلبي لمني اتمم فرحي

عبر عليّ الشلبي وانا بغربل فولي صبرك علي يا شلبي لمني اتمم طهوري

وترحب أمّ المُطهر بصديقاته من النساء :

الدار داري والبيوت بيوتــــــــي الولد اتطهر ي الحبيبه فوتي

الدار داري والمطارح مطرحي الولد اتطهر ي الحبيبه وافرحي

* * *

ع الكروم يا عنب ع الكروم في طهور الولد نساهر النجوم

ع الدوالي يا عنب ع الدوالي في طهور الولد نسهر الليالي

* * *

وأغاني الطهور يذكر فيها الكبار أيضاً ، من أقارب المطهر وأصدقاء أهله :

الولد نايم على تخته ذبل يوم غطيته

طلب مني سيجاره يقصف عمري ما عطيته

هذا ، وتجدر الاشارة الى أن العادة جرت ، ان يطهر أبناء العائلة مجتمعين ، واذا صادف وكانت احدى النساء حبلى ، فإنهم كانوا ينتظرون حتى تضع حملها آخذين بعين الاعتبار ، أنها قد تضع مولوداً ذكراً فيلحق بمجموعة الأطفال التي سيتم ختانها . كما كانت العادة أن تنحر الأغنام يوم الطهور ، وينصب الرجال السامر ، وحلقات الدبكة لمدة يومين أو أكثر ، واستمرت هذه العادة وبشكل جزئي حتى أواخر الخمسينات من هذا القرن ، لكن عادت فتلاشت كلياً الآن ، ذلك أن الأطفال يطهرون بعد الولادة ،

والوضع الآن يتم في المستشفيات . أما أغاني الرجال في السامر والدبكة فهي الأغاني ذاتها.

أغاني النجاح

النجاح من الموضوعات الهامة التي تتناولها أغانينا الشعبية ، ونقصد بالنجاح اجتياز الامتحانات النهائية في المرحلة الثانوية ، أو الجامعية فالانسان بنجاحه ينهي مرحلة طويلة في طريقه نحو العلم والنور ويبدأ مرحلة جديدة،يدخل بها معترك الحياة الشاق ، بمعنى آخر انه ينتقل الى مرحلة المواجهة مع مشاكل الحياة ، وعليه الآن أن يسد بعض ما تكبده أهله من جهد وعناء في سبيل تحصيله هذا . من هنا ، كانت النساء تغني للأبناء في يوم نجاحهم ، ونلفت الانتباه الى أن هذا التقليد ظل دارجاً حتى خمسينات القرن العشرين واندثر بعد ذلك. :

يا شاب ” فلان ” يا أساور في ديّه

دامت لي عينيك يا مخيم عليّه

يا شاب ” فلان ” يا ذهب ع راسي

دامت لي عينك يا محييّ الناس

ومن الحناجر تنطلق ” المهاهاة ” في يوم النجاح ، بينما ترفع الرايات البيض فوق المنازل :

آي ويا ناس صلـّوا على النبي

آي وعلى فاطمه بنته

آي واللي ما فرحت لنجاح ” فلان ”

آي واللي طلبته نلته

****

هيه ويا مرحبا يا عزازي

هيه ويا مية (100) حمرا تزازي

هيه واللي ما فرحت لنجاح ” فلان ”

هيه والا تنكسر كسر القزاز

****

هيه ويا ناس صلـّوا ع النبي

هيه ولمّا يلين الحديد

هيه ويا هذا نجاح مبارك

هيه ويا عقبى لكل حبيب

****

هاي يا ” الولد ” ورفيقه

هاي وزي السبع في طريقه

هاي يا ” الولد ” نجح

هاي ويا عدوه ناشف ريقه

****

هاي ويا ” الولد ” مسرّه

هاي ويا منفعه بلا مضّره

هاي يا ” الولد ” نجح

هاي ويا عقبى لـ ” فلان ” انشا الله

وفي حلقات الغناء والرقص في يوم النجاح تنطلق مثل هذه الأغاني :

قومي ارقصي يا ” فلانه “*** بيضا يمّ القلايد

والله يقف مع خيّك*** لما يوخذ الشهايد

وقومي ارقصي يا “فلانه”*** بيضا يمّ القلايد

والله يقف مع ابنك *** لما يوخذ الشهاده

****

ان أجت ورقة النجاح لافتحها *** وأنا لعبر على أمه وأبشرها

ان أجت ورقة النجاح لأحنيها***وأنا أعبر على أمه وأهنيها

****

رن السيف ع الدرج زغردت أنا ***قال ” الولد ” يا يمّه ونجحت أنا

رن السيف ع الدرج ما لحقت أقوم***قال ” الولد ” يا يابه انجحت انا اليوم

****

يا رمان فوق العين*** يللـّه تنقني له

و ” الولد ” هيّو نجح*** يللـّه تنغني له

يا رمان فوق العين*** يللـه تنغوطله

“الولد ” هيّو نجح*** يللـه تانزغرتله

****

نسّم يا ندى نسم بـِلّ البدله***ما أحلى نجاح ” الولد ” على العزوه

نسّم يا ندى نسم بـِلّ اكمامه***ما أحلى نجاح ” الولد ” على أعمامه

وتحض النساء الناجح على خدمة قضايا شعبه ووطنه :

رايب يا لبن رايب****رايب يا لبن كله

لو البلاد محرّره*** كان النجاح ع حله

****

حامل في ايده شهادة يا ” الولد ”

حامل في ايده شهاده والله معاه

تينفع بلاده يا ” الولد ”

تينفع بلاده والله معاه

***

غنين في نجاح “فلان” ميمته فرحانه

ويا زرار بدلته يا حب الرمّان

غنين في نجاح ” فلان ” ميمته مشتاقه

يا أزرار البدلة حبة الدرّاقه

الله معك يا ” الولد ” يا بو الساعة اللمّاعة

يومن قدم ونجح ، طلع اسمه في الاذاعه

والله معك يا ” الولد ” يا بو بدلة جديده

يوم قدم ونجح طلع اسمه في الجريده

*****

أغاني موسم النبي موسى

من المعروف تاريخياً ان القائد الاسلامي الشهير صلاح الدين الأيوبي هو الذي ابتدع موسم النبي موسى ، وذلك بعد قضائه على مملكة الصليبيين في فلسطين .

وقد اختار صلاح الدين أن يكون هذا الموسم في شهر نيسان من كل عام ، وكان الموسم يمتد حوالي أسبوعين ، وقد أخذ صلاح الدين الاعتبار حين تحديده للموسم في هذا الوقت تواجد عدد كبير من الحجاج المسيحيين في المدينة المقدسة، وذلك للاحتفال بأعياد الفصح . وقد كان القرويون يتهافتون على القدس للمشاركة في هذا المهرجان، فيستمتعون بالمناظر الخلابة، ويقومون بالرقصات والزفات الشعبية، ويستذكرون أمجادهم الغابرة . ومعلوم كذلك أن مقام النبي موسى الذي اختاره المسلمون ليكون ضريحاً لهذا النبي ما هو الا دير بيزنطي قديم لمعلم القديس – مار سابا – المسمى بالقديس استفانوس ، وقد حوله الى مسجد الظاهر بيبرس، بعد أن زاد فيه القباب والمآذن . وفي أواخر الحكم التركي في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين ، اتخذ الموسم مساراً قومياً جارفاً ضد المستعمرين الانجليز والحركة الصهيونية التي كانت تبيت لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان يقود المهرجان الحاج أمين الحسيني ، وسط موكب من البيارق والرايات ، لكن الاشارة تجدر الى أن موسم النبي موسى ، قد انقطع في عام 1939 وأخذ الناس يكتفون بالزيارة فقط . وكان أهلنا في السواحرة من بين المشاركين الرئيسيين في هذا الموسم ، حيث كانت لهم أغانيهم التي نحن بصدد تدوينها . كانت أغاني السواحرة تتسم بالروح الوطنية والنخوة والشهامة ، فهم لأجل القدس ، يبيعون أرواحهم فالبلاد لنا ، والقدس لنا ، أما الدخيل فليس له الا أن يترك أرضنا ويرحل :

عقيدنا منّا وفينا***على الحرايب كزنا

عينيك يا القدس الشريف***عندك لنبيع أرواحنا

صهيون وش لك عندنا *** روس السيوف محنيه

هاذي البلاد بلادنا *** وبلاد أبونا وجدنا

وما دمنا ابتلينا بالانتداب والاستعمار فليس لنا سوى الكفاح والصبر :

والحرب إلـُه درج درج*** والصبر مفتاح الفرج

وفي موسم الزيارة ، كان المحتفلون يرددون التهليل والتكبير في طريقهم ، الى مقام النبي ، بينما يدعون لمن زار هذا المقام أن يعقبه لزيارة المسجد الابراهيمي في الخليل :

يا زوار موسى وزوروا بالتهليل***وزوروا النبي موسى وعقبى للخليل

وكان الرجال يهزجون بأغنيات الثورة على هذا النحو :

يا شعبنا لا تهتم *** ورجالك في حرب وسلم

واحنا رجال الثائرين*** أكـّالين الخبز والتين

فالثوار كانوا يبتعدون الى رؤوس الجبال بعد أن ينزلوا بالمستعمر ضرباتهم وهناك لا يأكلون الا الخبز وحبات التين التي يلتقطونها عن شجيرات التين في رؤوس الهضاب .

قل تسمع يا صك البزر*** من كف عيال الشجعان

يا شيخ واحنا عزوتك*** لن أجى الشاري يشتري

واتغلى بينا ولا تبيع*** نفزع لمدينتنا

يوم المدافع يرعدن

يوم المدافع يرمزن

وهذه الأغنية تحتقر الجبن أيام المعارك والدفاع عن الأرض والوطن ، فما قيمة الحياة بدون كرامة ، فمن لا أرض له ، لا وطن ولا كرامة له :

يا قاعد بين الحريم*** خايف على حالك تموت

واللي يموت خليه يموت*** والموت ولا الذليه

ولا هالعيشة الرديه

وسعيد من ذهب لزيارة المقام ، والكل يسأله عن أوصاف حجارة قبر النبي وقبته :

يا عمنا يا بو خليل*** وافتح لنا باب الخليل

وافتح لينا باب الخليل*** تيعدوا كل ارجالنا

****

يا زايرين النبي وش وصفة حجاره ***سعيد من راح لقبر النبي وزاره

يا زايرين النبي وش وصفة القبه***سعيد من راح لقبر النبي وحبه

وحتى الشيوخ الطاعنين في السن ، صناديد وأبطال ، لأجل نصرة القضية :

هاذي فلسطين حايطها بحر مالح*** فيها شيابها أبطال وجوارح

وكأنما هذه الكلمات هي التي استلهم منها الشاعر محمد شحادة كلماته في احدى قصائده :

كل شيخ أيها الموله أنيابك فينا

شب من قهرك صنديد شبل وابن ثورة

ولننظر هذه الأغنية التي تستهزأ بتعدد الزعامات والقيادات وتدعو الى الوحدة الوطنية :

يا قفة الرز ميلي ع العدس ميلي

كلنا روس ما فينا قنانير

****

ى القوقه”البومة” تجمع خشب والقبرة نجار

حتى الفسيسي فيده حامل منشار

ومن الأغنيات في موسم النبي موسى هذه الأغنية :

بالله يا خاتمي *** يا اللي أخذوك الناس

خذوك مني ذهب***ردوك عليا نحاس

وأغنيات في الحب والغزل :

ثلاث حمامات راحن للسما العالي

راحن يجيبن دوا لوليفي الغالي

وكأننا بأهلنا كانوا يطلقون أحياناً على فلسطين اسم حمده ، كما يفعل الآن بعض الشعراء فيلقبونها بـ ليلى كما في أشعار عبد اللطيف عقل أو سلمى كما في أشعار عبد الكريم الكرمي أو جفرا كما يفعل ذلك عز الدين المناصرة :

ملعون أبوه اللي ضرب – حمده – وبكاها

شلت يمينه ويا ريت الدود يرعاها

ولننتقل الى أغانٍ أخرى تدعو الشباب الى اليقظة وشحذ العزائم :

يا مطرق اللوز***يا ما قلبك غاوي

ارخيص لا تشتري*** دور على الغالي

****

شباب قوموا العبوا***والنوم وش منه

والنوم ملحوق عليه*** والموت ما عنه

****

شباب طل من*** الشرق صايح

شباب هيل المروه*** بوشكم رايح

ومره أخرى غزل غنائي بالفتيات وهذه المرة ببنت شيخ العرب :

يا بنت شيخ العرب*** يامّ العباه السودا

وابوكِ شيخ العرب*** حاكم على العوجا

ويا بنت شيخ العرب*** يامّ العباه الزرقا

وابوكِ شيخ العرب**** حاكم على البلقا

أما الأطفال فيودعون الذين يذهبون الى الموسم في هذا الحداء :

يا جمال ابو علي*** سلمن على النبي

والنبي قدامكن*** الله يجير اصحابكن

وهذه أغنيات الموسم ، حيث التضامن مع الأهل في القرى المجاورة *وحيث الدعوة الى الدفاع عن البلاد والمقدسات ضد الطامعين :

الهجن ى وليد الهجن*** الخيل السبق يرجدن

احنا نفزع لمدينتنا ***يوم المدافع يرعدن

صهيون جرد جنوده*** يريد يحتل المدن

المفتي يريد الحرب*** يذبح الصهيوني الكفاره

يريدون براق الحرم*** ويعملونه مزاره

****

يا حرّى على صور باهر*** حامت عليها الطياره

قل وين الزلمه الطيب*** يصمد ويحمل حماره

صور باهر ما نتعداها *** لو انا نموت بجواها

وفيما يلي أغاني الدلعونا في الموسم :

سيدي يا موسى ما أبيض حجارك

لولا الصبايا ما حدا زارك

***

سيدي يا موسى زرتك بنيه

والسنه يا سيدي الصبي ع ايديه

والله ما فوتك يا نور عيني

لو قطعوني لحم بصحونا

***

ومن باب الشباك لرميلك حالي

قل وانت السبب في اللي جرالي

ولروح للطبيب تيشوفوا حالي

قللي ومفارق نور العيونا

وهذه المواويل :

أوووف ، أووووف ، أوووووف

قل يا شجره في البيت وحاميكِ نمر

تكسرت الغصون من كثر الحمل

أوووف ، أووووف ، أوووف

قولوا حنا زرعنا الزرع واجا غيرنا وضمن

يا حسرتي غير التعب ما نالنا

أوووووووف …..

********

أووووف أووووف أووووف

قل ويا شجره في البيت وحاميكي اسد

قل يا ويلنا احنا زرعنا واجا غيرنا حصد

سوى التعب يا خيتي ما نالنا

أووووف

ورويت لنا هذه الحادثة الطريفة التي حدثت في احد مواسم زيارة مواسم النبي موسى، وقد كانت احدى النساء من بنات عرب لسواحرة وهي فتاة جميلة جدا تشارك في ذلك الموسم ذات مرة، وبينما كانت وسط الجموع هناك رآها احد الشباب من خارج السواحرة، ولكثرة جمالها قام وقطع بخنجره ” صفة ” الفضة التي تلبسها على رأسها، فرآه عوض علان احد شيوخ السواحرة، فقام اليه على الفور وقطعه بسيفه نصفين دون ان يعرفه احد، الا انه بعد عشرين سنة من مقتل ذلك الشاب في الحداثة تبين ان اهله قد اهتدوا الى القاتل، وجاءت الجاهة والوجاهة وطيب السواحرة على القتيل، والطرافة في الحادثة اضافة الى ما تقدم هو انه اثناء وقوع الحادثة كانت اللحوم كالعادة تطبخ في القدور على الاثافي الكبيرة ،وحينها حصل ارتباك في جموع الناس فجاءت احدى الساحوريات أو على الاصح ” السواحيريات ” واسمها عائشة السويحل ،فأخذت اللحم من القدور وصبت المرقة على الارض، مستغلة فرصة ارتباك الناس وحيرتهم فقال احدهم :

يا زوار موسى وزوروا بالدركه**عايشة السويحل اخذت اللحم وكبت المرقه

بينما دلعن اخر :

يا نبي موسى ما اسمر احجارك

لولا البنات ما حدا زارك

أغاني الحجيج

كان طريق الحجيج من فلسطين الى الحجاز غير مأمون، وذلك بالتحديد قبل الخمسينات من القرن العشرين، فلم تكن الطرق معبدة، وكانت وسائط النقل البرية شبه معدومة ، وان وجدت فهي بدائية كالبغال والجمال وغيرها ، اضافة الى ذلك فقد كان الحجاج يتعرضون لأعمال اللصوصية وقطع الطرق . ففي ثلاثينات القرن العشرين وما قبلها على سبيل المثال، كانت أغلبية الناس تستخدم الجمال كواسطة للنقل، في حين كان بعضهم يركب الجمل حتى مدينة العقبة ، ومن ثم يسافر بالباخرة الى ميناء جدة . وكان الحجاج يغيبون أكثر من ستة شهور حتى يتمكنوا من العودة الى هنا . ونظراً لتلك المشاق التي كان يتكبدها الحاج ، ونتيجة لخوف معارفه وأهله وأصدقائه ، من أن يحدث له مكروه في الطريق الطويل . فقد كانوا يقيمون له الأفراح، وكأنه عريس ، وفي هذه السهرات والأفراح كانت تنشد الأغنيات التي تدعو للحجاج بالحماية من كوارث الطبيعة ، كما تدعو لهم بسلامة العودة، ونسجل منها هذه التراويد :

صفي مراود ، يا طريق الحجاج ، صفي مراود

تيحج ويعاود ، طللي ع أبو ” فلان ” تيحج ويعاود

صفي شجر ورد ، يا طريق الحجاج ، صفي شجر ورد

من الحر والبرد ، ظللي ع أبو ” فلان ” ، من الحر والبرد

يا جلد ضبعه ، يا صرماية هالحاج ، يا جلد ضبعه

روحه ورجعه يا ربي السلامه روحه ورجعه

يا جلد حيّه يا صرماية هالحاج يا جلد حيه

روحه وجيّه على الله السلامه روحه وجيّه

صفي شجر خوخ يا طريق الحجاج صفي شجر خوخ

من الحر والدوخ ظللي ع الحجاج من الحر والدوخ

ومعروف أن الحجاج في نسبة كبيرة منهم يذهبون لآداء الفريضة وهم كبار السن وكان بعض الشباب يذهب مع والديه لآداء فريضة الحج، وذلك من أجل أن يقوم برعايتهم والاعتناء بهم، ولمثل هؤلاء الشباب كانوا يغنون :

ع صغر سنه راح يزور النبي ع صغر سنه

اتخليه لأمه يا ربي يا العالي تخليه لأمه

وكانوا يغنون للباخرة التي تقل الحجاج :

يا الله يجبرك يا الببور***يا اللي مرصع بالبنور

يا اللي جبت لنا الحجاج*** من قفا سبع بحور

***

يا قلعة الثلج ذوبي في البحر ذوبي*** خلي المراكب تسير في محبوبي

يا قلعة الثلج زازي في البحر زازي***خلي المراكب تسير في الاعزاز

***

من قفا السور دوري*** بيضا يا أمّ الشعور

ربي لا يجيب عاقه*** ولا تغيبي شهور

***

من قفا السور دوري *** حجه يا أمّ الشعر

ربي ما يجيب عاقه*** ولا تغيبي شهر

وحين أصبحوا يستعملون السيارات في نقل الحجاج ، شاعت هذه الاغنية :

يا الله يجيرك يا التكسي*** يللي مرصع بريالات

وياللي جبت النا الحجاج *** وعن جبل عرفات

ويا بو سياره زرقا *** والشبابيك قزاز

يللي جبت لنا الحجاج*** من بلاد الحجاز

في حين نجد بعض الاغاني تغنى في وداع الحجاج، وتغنى في احتفال طهور الأطفال كهذه :

جبنا الطرابيش لأربعه*** من عند تاجر مغربي

وان كان ما هِنّه ” للولد “***ولا لحجاج النبي

وجبنا اللطالس لاربعه*** من عند تاجر حلبي

وان كان ما هِنّه ” للولد ” *** ولا لحجاج النبي

وهذه المهاهاة لعيون الحجاج بمجموعهم ، وهم يسافرون بالصباح الباكر :

آي ويا سمسم برسمه

آي ويا حل اليوم قسمه

آي ويصبحكم بالخير يا حجاجنا

آي ويا كل واحد بسمه

هيه ويا باب النبي بنوره

هيه ويا نضوي يا ضو الشمعه

هيه ويا مسعد من زار محمد

هيه ويا صلى صلاة الجمعه

وكانوا أيضاً يغنون على لسان الحجاج أغنيات فيها مسحة من الحزن بسبب الفراق الوشيك والذي قد يكون طويلاً :

خذي عباة الجوخ وارجعي يا ” فلانه ” خذي عباة الجوخ

ع الحجه بدي اروح وارجعي يا خيتي ع الحجه بدي أروح

خذي الحساوى وارجعي يا فلانه خذي الحساوى

وع الحجة ناوي وارجعي يا خيتي وع الحجة ناوي

***

ما احلى كلامك يا نبي يا نبي ما احلى كلامك

في باب مقامك عشش العنكبوت في باب مقامك

وما أحلى حديثك يا نبي يا نبي ما احلى حديثك

في باب حضيرك عشش العنكبوت في باب حضيرك

***

في ظل خوخه جابته اليمنيه في ظل خوخه

موشح بجوخه هالنبي المصطفى موشح بجوخه

***

باب النبي بنوره تضوى كما القنديل*** مسعد من زار النبي وصلى على الخليل

باب النبي بنوره تضوي كما المشعل***ومصروره في المحرمه ” الحاج ”

لا يا تفاحه*** ومصروره في المحرمه

وفي وداع الحجاج هذه الاغنيات :

بيعي عباة الجوخ وانتي يا حجه بيعي عباة الجوخ

ع الحجه بدي اروح وارجعي ع بيتك ع الحجه بدي اروح

***

باب النبي بنوره تضوي كما القناديل

مسعد من زار محمد وصلى صلاة العيد

بيعي السواره وارجعي يا حجه بيعي السواره

ومش خساره في حبك يا نبي ومش خساره

بيعي غطاكِ واطلعي يا حاجه بيعي غطاكِ

النبي نداكِ واطلعي يا حجه النبي نداكِ

النبي نداكِ والحسن والحسين النبي نداكِ

***

نزل الحاج ع البحر وفيده كيله

ويا رب ترد سالم ع هالعيله

نزل الحج ع البحر وفي ايده ابريق

ويا رب ترده سالم ع هالطريق

***

صفي كراسي يا طريق الحجاج صفي كراسي

من العبد القاسي ظللي ع الحجاج من العبد القاسي

***

مسكر بشمعتين يا باب النبي مسكر بشمعتين

واستنوا جمعتين وافتحوا للحجاج واستنوا جمعتين

باب المدينه ودّعونا لحباب باب المدينه

دربي بعيده وارجعوا يا لحباب دربي بعيده

حملك قهاوى يا جمل يا جمل حملك قهاوى

ع الحجه ناوي صاحبك يا جمل ع الحجه ناوي

وعندما يعود الحجاج كانت الجموع تستقبلهم مهنئة :

ريحتك روايح وانت يا حجه ريحتك روايح

ومن دم الذبايح وانت يا حجه ومن دم الذبايح

وريحتك مليحه وانت يا حجه وريحتك مليحه

ومن دم الذبيحه ومن تمر النبي ومن دم الذبيحه

***

ما أحلى حريرك يا نبي يا نبي ما احلى حريرك

في باب حظيرك فرشنا وصلينا في باب حظيرك

***

على بير زمزم توضا النبي

ويا بريق فضه وشمع يضي

وعلى بير زمزم توضا الرسول

ويا بريق فضه و شمع وبخور

صلوا ع محمد يللي في الديوان

صلاة محمد تطرد الشيطان

****

وهذه الدلعونا أيضاً :

وأول ما نمدح نمدح نبينا

وأول ما نمدح نمدح نبينا

ويوم القيامه عليه نتعمد

وأول ما نبدا نمدح الهادي

نبينا محمد سيد العباد

هذا وتجدر الاشارة هنا الى أن أغاني الحجاج كانت خاصة بالنساء وحدهن، وقد انقطعت هذه الأغاني منذ أواخر خمسينات القرن العشرين كما أسلفنا .

أغاني الأعراس -الخطبة

تعتبر الخطبة الخطوة الأولى في عملية الزواج ، والخطبة كان يمهد لها بواسطة والدة العريس أو واحدة من قريباته، ثم يذهب والد العريس أو أحد أصدقاء عائلته من المتقدمين في السن، ويطلب يد الفتاة من والدها أو من ولي أمرها . وبعد أخذ ورد يتفق الطرفان على المهر ، ثم يتم تحديد يوم للجاهة . وفي هذا اليوم كانوا يأخذون رأساً من الغنم، وكيساً من الطحين، وآخر من الأرز، وكذلك يأخذون معهم اللبن ” الجامد ” والقهوة والشاي والصابون، اضافة الى الخاتم ” الدبلة ” وبعض الملابس للعروس، ويتجهون بصحبة أصدقاء العائلة الى بيت والد العروسة، وبعد تبادل التحية وكلمات ” الهلا والترحيب ” يجلسون في المضافة، فيتكلم أكبر شخص سناً ووجاهة من عائلة العريس مخاطباً ولي أمر العروس قائلاً : ( والله يا أبو فلان : احنا طالبين نسبكم لابنا ” فلان ” على بنتكم ” فلانة ” ، فيرد ولي أمر العروس قائلاً :” الله يحييكم والله بنتشرف بنسبكم ، تراها ( أي العروس ) أجتكم عطيه ” بدون مهر “) فيرد عليه المتحدث من عائلة العريس بقوله :” الله والنبي يخلف عليكم ، وأنا أرد لكم جزاها “…” دينار، أو مرحبابها بتكاليف المصاغ والكسوة مثل بنات الحامولة. ” ثم يقرأون الفاتحة، ويوعز ولي أمر العروس الى أحد الشباب من عائلته بذبح رأس الغنم قرى لرجالات الجاهة . ومما تجدر الاشارة اليه هنا، أنه في مثل هذه الحالة غالباً ما يكون الطرفان قد اتفقا مقدماً على المهر ، واذا حدث وكانا غير متفقين، فقد كان يجري تساوم على المهر عند البعض .

ويجدر ان نلاحظ بأن عادة الجاهة بدأت في التلاشي منذ النصف الثاني من العقد السادس من القرن العشرين ، فأخذت تقتصر على عائلة العريس من مثل : أبيه وأمه واخوته ودون اصطحاب الأغراض والحاجيات الآنفة الذكر ، وحتى دون اصطحاب الأصدقاء في هذه الحالة .

أما في الحالة الأولى فكان رجالات الجاهة بعد أن يتناولوا طعامهم يذهب كل واحد منهم الى بيته ، بينما تعود والدة العريس، فترفع راية بيضاء أو أكثر على بيتها، وتدعو قريباتها وجاراتها ليشاركنها فرحتها، فيقمن بالرقص والغناء، ونشير هنا الى ان تقليد الغناء للخطبة قد اندثر، وكانت تقوم به النساء فحسب أما بالنسبة للرجال فمثل هذا التقليد لم يكن موجوداً أصلاً :

ومن الأغاني التي كانت تـُغنى في الخطبة ، هذه الأغنية التي تتحدث عن أن العريس قد بنى بيتاً للعروسة من كدّه ، من جهده وعرقه :

خطبنا لك يا ولد بنت ست وسيد

لبسّها مقلد ذهب وقعّدها في قصر جديد

ومثلها هذه الأغنيات :

ويا ها الدار طابه فوق طابه*** وزيّنها ها العريس للخطابه

ويا هالدار طوبه فوق طوبه*** وزيّنها هالولد للخطوبه

****

ويا هالدار جالس فوق جالس*** وزيّنها يا ولد للعرايس

ويا هالدار كهربا وبنّوره*** وزيّنها يا ولد للسنيوره

****

وادرج يا ذهب على الصينيه*** وتسلم يا ذهب جبت السرّيه

وادرج يا ذهب على الصواني*** وتسلم يا ذهب جبت السراري

واذا ما درسنا الأغنيات التالية ، وجدناها تدعو الشاب الى عدم الالتفات الى جمال الفتيات وحده، وتدعوهم الى الأهم من ذلك ، الحسب والنسب :

ع العين لزرع قصيله*** ع العين لزرع قصيله

للزين لا تدير بالك*** للزين لا تدير بالك

دونك بنات الأصيله*** دونك بنات الأصيلة

ع العين لزرع قصايل***ع العين لزرع قصايل

للزين لا تدير بالك*** للزين لا تدير بالك

دونك بنات الأصايل*** دونك بنات الأصايل

****

عليها قصب يا أبو حطه عليها قصب

دوّر ع النسب قبل ما تخطب دوّرع النسب

****

زيني يا عنب زيني وهوّد ع الكرم الزين

وتتفاخر النساء في أغانيهن بأصل العروس وفصلها فهي مثلاً ، بنت وجيه القوم من ذلك :

وياما مشينا من بلد لبلد*** واحنا خطبنا بنت شيخ العرب

واحنا خطبنا البنت من بيّها *** يا بيّها يسوى مدينة حلب

****

غطي وجهك يا بنت*** صار بلون الخيريه

واحنا سمعنا بصيت أبوكِ*** ع زمان تركيه

غطي وجهك يا بنت*** صار بلون الذهبات

واحنا سمعنا بصيت أبوكِ*** ع زمان الثورات

****

دامت عينك يا أبو ” فلان “*** باب السرايا حوّل

كل الدوله والحكام*** تنده يا مختار أوّل

****

يا محمّل التفاح*** هيّا يا بعدي هيّا

وماخذ من بنات الملاح***يا “ولد” يا بو عقيلية

ويا محمل حملين نجاص*** هيّا يا بعدي هيّا

وماخذ من بنات الناس*** “الولد” يا بو عقيليه

ولكن كل هذا لا يعني مطلقاً عدم البحث عن مسحة الجمال واهمالها ، فللجمال دوره أيضاً :

يا بو قضاضه بيضا*** وعليها حرير

دوّر ع الزينات دوّر

****

واحنا خطبنا البنت من بيّها***بالله تقولوا لي وش أوصافها

فنجان صيني يا حلا عيونها ***مرجان لولو يا حلا اسنانها

تفاح شامي يا حلا خدودها

****

ع عين البيره*** غزالك يا ” ولد ”

ع عين البيره

بيضا وطويله تطلب صباح الخير

بيضا وطويله

ع عين رام الله ، غزالك يا ” ولد ” ع عين رام الله

بيضا وما شا الله ، تطلب صباح الخير ، بيضا وما شا الله

ع عين الميّه ، غزالك يا العريس ، ع عين الميه

بيضا وشلبيه ، تطلب صباح الخير ، بيضا وشلبيه

****

خطبنالك يا العريس بنت ست وسريه

ولبسها مقلد ذهب وقعدها في العليّه

وفي الكلمات التالية نتبين كيف أن العريس هو الذي يختار العروس، وكيف أن اخوته يساعدونه في أفراحه، حتى أنهم ينتخون له بدفع مهر عروسته :

والله يجيرك يا ” العريس “*** طلب عروسه وما استحى

ويوم سمعه خيّه*** حط الميّه وانتخى

والله يجيرك يا ” ولد “*** طلب عروسه أم الدبوس

يوم سمعه يا خيّه*** انتخى له بمهر العروس

أما والدة العريس فتغني فرحة بخطبة ابنها لأنها كادت عدواتها :

غنين له تا تشبعن بعدد صرار الخله

والفرح هيّو عندي والعدوه منعله

وغنين له تا تشبعن بعدد صرار الوادي

والفرح هيّو عندي والحسره ع الأعادي

أما اذا كان سن العريس فوق السنة الثلاثين، فإن النساء ترى أنه أمضى عمره مضرباً عن الزواج، ولكنه عاد ففك اضرابه ، وقبل بالزواج الذي يصفه البعض بأنه ” شر لا بد منه ” وهنا تغني النسوة لصاحبنا فرحات سعيدات بذلك، وبالمناسبة نود أن نقول أن الأم لا يهدأ بالها، ولا تركن الى الراحة والطمأنينة الا وقد رأت ابنها عريساً وهنا تتم فرحتها :

وأنا قاعد ع القمح ***ودموعي بلت القمح

والحمد الك يا ربي ***ما بعد الضيق الا الفرح

وانا قاعد ع الطرحه***ودموعي بلت الطرحه

والك الحمد يا الله *** ما بعد الضيق الا الفرحه

أما قريبات العريس وصديقات عائلته اللواتي يحضرن للمشاركة في أغاني خطبته فيغنين :

يا رمان فوق العين*** يلله تنقني له

يا ” الولد ” هيو خطب ***جينا تا نغني له

ويا رمان فوق العين *** يلله تنغوط له

يا ” الولد ” هيو خطب ***يللع تا نزغرت له

ولا بد من الاشارة الى أن أغاني الأعراس متشابكة متداخلة في بعضها البعض وخاصة أغاني النساء ، فتلك الأغاني التي تنشد في الخطبة والكسوة ليلة الحناء والفاردة والزفة تغنى تقريباً جميعها في أكثر من مناسبة ، غير أنه توجد أغاني قليلة خاصة لكل مناسبة دون غيرها ، كتلك التي قلناها في أغاني الخطبة ، وسوف ندون فيما بعد كافة الأغنيات التي تمكنا من جمعها في مختلف مراحل الزواج .

الكـِسـوة

جرت العادة في بلدنا أن يشتري الشاب للفتاة ” العريس للعروس ” ما شاءت من ملابس ، فيذهب ووالديه برفقة العروسة ووالديها، ومن رغب من أقاربها الى احدى المدن ، كالقدس مثلاً ، فيدخلون عند أحد محلات النوفوتيه، أو قد يذهبون الى أكثر من محل في آن معاً . فتنتقي العروس وكذلك أهلها ما شاؤوا من الملابس للعروسة . ولا يحق للعريس أو أي شخص كان من أهله الاعتراض على شراء أي قطعة مهما كانت ثمينة . وبعد الانتهاء من هذه العملية، يذهبون جميعاً لتناول طعام الغداء على حساب العريس ، ثم يعودون الى بيوتهم . ومن المعروف أن الكسوه تسبق الزفاف في العادة ببضعة أسابيع ، ومع وصول الكسوة تبدأ عائلة العريس بإقامة الأفراح في بيتهم، وأغاني الكسوة مقصورة على النساء كذلك، وليس للرجال دور فيها . ونحن ننبه الى أن هذا التقليد كان ولا يزال حتى الآن جارياً في بلدنا . وللحقيقة فإن الأغنيات التي استطعنا جمعها في هذا المجال قليلة ، وها نحن نضعها بين يدي القارىء :

حمامة لودورجت من عرق بسوى

وطلّ القمر من شرقا يا ” فلان ” وزرّر الكسوة

وحمامة لودورجت من عرق رمان

وطلّ القمر من شرقا يا ” فلان ” وزرّر القفطان

حمامة لودورجت من عرق خوخه

وطلّ القمر من شرقا يا ” فلان ” وزرّر الجوخه

* * * *

ويا بيّ ” الولد ” يصلح لك الحرير

وبضحك لك اللوز ويتبسم لك النرجس

يا بيّ ” فلان ” ويصلح لك حرير الشام

يضحك لك اللوز ويتبسم لك الرمان

*****

يامّ العريس مبارك ما عملتي له

بدله جديده من التاجر قطعتي له

وبعيني شفت أنا الولد طالع من باب الحسبه

زغرتي له يا يامّه حامل بدلة الكسوه

*****

زهر النوار منور على العنب الدابوقي

والله معك يا ” الولد ” لابس بدلة ملوك

وزهر النوار منور على العنب الجندلي

والله معك يا ” الولد ” لابس بدلة عسكري

واذا كان العريس في سلك الجندية وكان ذلك زمن الحكم الأردني، فكانت تُغنى له هذه المقاطع :

ع المينا رابط جيب الحكومة ع المينا رابط

بدلة الضابط مبروكه يا ” ولد ” بدلة الضابط

ع المينا ماشي جيب الحكومه ع المينا ماشي

بدلة الامباشي مبروكة يا ” ولد ” بدلة الامباشي

****

بهلول يا و ” فلان ” بهلول للبسن الصبايا نور

من يوم ما كسينا لك واحنا في هنا وسرور

وفلاح يا ولد فلاح للبسن الصبايا ملاح

من يوم ما كسينا لك وحنا في هنا وفراح

السهرة

كانت سهرة الأعراس ولا تزال تستمر ما بين أسبوع واحد وليلتين ، بما في ذلك الليلة الأخيرة والتي يطلق عليها ليلة الحناء . وما يميز أغاني السهرة في أعراسنا أن الرجال والنساء يشاركون فيها ، ولا يتبادرن الى ذهنكم أن الغناء يتم بشكل مختلط ، ذلك أن الغناء الذي يتم في وقت واحد من قبل الطرفين يتم على انفراد تام ، فالنساء يلزمن جانباً من مكان السهرة لا يصل اليه الرجال ، والعكس صحيح . ففي حين ترقص النساء ويغنين في مكان بعيد عن أعين الرجال ، يأخذ الرجال مكانهم في باحة ملائمة لنشاطاتهم في الأعراس . ومن هذه النشاطات السامر الفلسطيني والدبكة الشعبية ، ففي السامر يصطف الرجال في صف يكون أقل عدد لهم فيه خمسة رجال، يتوسطهم رجل أو اثنان ، ينشدون أغانٍ تسمى ” البدع ” أما القائل نفسه فيسمى ” بديع ” أو ” قاصد ” والأخيرة مأخوذه من ” قصيدة ” بمعنى ذلك الشخص الذي يقول القصائد، ويرد على ” القصاد ” اثنان يكونان على شماله أو يمينه ، ولكن يجب أن يكونا الى جانبه ، أما اللازمة التي يردان بها عليه فهي :

هلا هلا بـيّ يا هلا لا يا وليفي يا ولد

وغالباً ما تستبدل كلمة وليفي الآنفة الذكر بكلمة ” حليفي ” بمعنى سندي ، واللازمة أعلاه تردد بعد كل بيت يقوله من القصي،د ويقف أمام هذا الصف رجل يسمى ” الحاشي ” الذي يقود الجمع المتسق برقصاته وحركاته النشطة الى مسافة ثلاثة أو خمسة أمتار ، وبعدها يجلس أمامهم القرفصاء، وينحنون باتجاهه بضرب الكفوف ست مرات منتظمة ، ثم يتراجعون من حيث ابتدأوا ويعاودون الكرة وهكذا .

و ” أبو الحوش ” الحاشي كما ذكرنا يحمل في يده سيفاً أو عصا، ويلوح بها أمام السامر بحركات مرحة وخفيفة تنال الاعجاب . والقاصد لا ينسى الحاشي من أغنيات يصفه فيها ويمدحه . كما في هذه الأغنية :

أجانا الحاشي يهتز ي سنونه يا حبّ الرز

وسنعود نذكر بعض الأغنيات المختلفة في الصفحات الآتية وتشمل البدع وأغاني الدبكة وغيرها . أما الجانب الآخر في سهرة الرجال فهو الدبكة الشعبية الفلسطينية ويتم آداء حركاتها بمصاحبة الآلة النافخة ” الشبابة ” وأحياناً ” الناي ” ، فيصطف الرجال في دائرة تكبر وتصغر حسب اولئك الذين يتقنون آداءها، ويتواجدون في السهرة، ويبدأ عازف الشبابة الذي يقف في منتصف دائرة ” حلقة ” الدبكة بالعزف بادئاً عزفة بالموال أو الأوف بمصاحبة أحد المنشدين من حلقة الدبكة أو من خارجها ، لكنه حين يغني يكون اما الى جانب العازف أو قريباً منه ، ثم يبدأ على الفور بالدلعونا بمصاحبة المنشد ، ثم يردد ألحاناً تتناسب مع حركات الدبكة التي هي على أنواع مثل ” الشمالية ” ، ” العسكرية ” ، ” الطيارة ” و” الحمام ” وغيرها . وبعد الانتهاء من كل نوع من الدبكة وهي تمرين رياضي نافع للصحة واللياقة ، تبدأ الدورة من جديد وهكذا ، الى أن ينال التعب من ” الدبيكة ” فيستريحون حسب ايعاز ” اللويح ” الذي يقود الدبكة ، كالحاشي في السامر أو السحجة ، والذي له دور فعال وبارز في تأثيره على انضباط المشاركين ودقة حركاتهم .وغالباً ما يكون ” اللويح ” من أنشط المشاركين حيث يبدى من الحركات ما يميزه بنشاطه عن الآخرين، فيلوح بمنديله الأبيض أو عصاه أو سيفه وهكذا ، وحين سنطرح أغاني السامر سوف نلاحظ أن هذه الأغاني تمثل البيئة البدوية المحضة، تلك البيئة المبنية على الغزو والنهب والسلب ، كما أننا سنشاهد مطلع القصائد تبعاً لذلك ، يبدأ بوصف الناقة أو الفرس اداة الغزو أو قد تبدأ بذكر ” الله والرسول ” ومن هذه القصائد :

شدوا لي عشر الركايب كلهن أحرار ونجايب

متكاملات الحسايب عشرة ما بينها نقصان

أول ذلول من وايل وبعيني ما له مثايل

نشهد له برق المخايل سبوقن وما يلحقنه

ثاني ذلول من ابن سعود شقرا والسفاين سود

عليها يا قرم مرشود لن ركبها ولا تونى

ثالث ذلول من جده يا روحي والزلم شده

كلفها وبزين العده حرصك من خلفه عدوان

رابع ذلول من فايز من نسل السقا الغزايز

ميدانه يكيد الحايز بكفه يهوز المحجال

خامس ذلول من الشعلان أحمر مدهوج الدرعان

عليها يا قرم الصبيان لن ركبها ولا تونى

قل ستة من الشرارات عليها صبي يواتي

خدلك قصيد ثبات مهما يزيدوا كفاتي

سابع ذلول من الظلام شحاده فرخ الحمام

تخلف راعيها بالسلام لن ركبها ولا تونى

ثامن ذلول من الراشد عليها يا زين الناشد

ميدانه يكيد الحاسد بكفه يهوز المحجال

تاسع ذلول حويطيه نطحها الوجه الخليه

تفرفح لون الشهيه تطير بليا جنحان

عاشر ذلول كركيه عليها غلام شفيه

تسوى يا الثلثميه من بعض شيوخ العربان

*****

يا ولد دني للذلول مدملجات عضوده

يا خيل غزت ع الغرب والغرب نار حقوده

كن لطن طرش التياها مدارح يا كبر ذيوله

كن لحقت بهيل الطرش والكل يرطب بعوده

ويسهجونا نسهجهم بسهله ما بها سنوده

ولحقت بالفارس عوده ما يركب غير الهدوده

ما يركب غير العشارى لمجذبات جدوده

سألتك بالله يا الزرقا يللي من الركب ملهوده

الزلم طريح الزينه ولا طريح الباروده

بحاش القبر بالله ابحش ابحش وعلي لي لحوده

عليّ لي قبر أخو شيخه لخوف تنوشه الباروده

سوى لي بالقبر طاقه خليه يعلق باروده

****

وفيما يلي نطرح هذه القصيدة التي قيلت في أواخر الحكم التركي عندئذ ، ذهب ستة رجال من عرب السواحرة للغزو، وكان معهم أحد العبيد ، ولما وصلوا منطقة البقيعة اصطدموا مع بعض الجنود الأتراك، وجرى بين الطرفين اطلاق النار، وقتل من جرائه محمد سالم جعفر واصيب بجراح عبد الله أبو عرقوب ، تقول أبيات القصيدة:

يا ولد دنّي للذلول دنّي القاعود المهذاب

وحنا صربه غزينا ومدورين الأسباب

وبينا سته يالحرار السابع يا لون الغراب

نزلنا ع خور المطخ واطلعنا كهموم النبي

ولا أنا بعسكر الأتراك يا خويا بلون التراب

قالوا لنا ريضوا ولكم لا يا عيال العرب

وكن نغاهم محمد سرعن برد الجواب

قال لهم وش بدكم بينا ومدورين الأسباب

ضربونا طلقتين وهلفونا ع الهضاب

ومحمد يومنه وقع وبثمه رمّ التراب

قلنا له هواتك منيعه ولا ما غير صواب

كان ما غير صواب خلينا نشيلك جناب

يا الربع هواتي منيعه خذوا بارودي وزهابي

خذوا بارودتي وزهابي وسلموا لي ع احبابي

عبد الله يومنه اقفا وبرجله حس الصواب

وثاني طلقه براسه ي دمه ع صدره ساب

كن راح الخبر لسالم من بعد الصبا كن شاب

كن راح الخبر لاهلنا فزعت الشباب وشياب

والراية البيضا لفريديس(1) يفهم برد الجواب

المجنه (2) بيت ساحور عليها طعن الحراب

حطونه في قبور المطخ(3) هالوا عليه التراب

هاتوا الزوامل خلينا نشيل وندور ديرة الحباب (4)

حطينا في قرون الحجر (5) هناك صار الأطناب

خليل (6) يدور ع بيته وفص له بالهضاب

ولا انه بعسكر الترك شافونه لون الغراب

ضربوا له طلقتين ولتلتوه بالحراب

كن جينا ندور ع خليل العشب من فوقه نابي

حسايف عليك يا خليل دواس الظلما ما يهاب

الهوامش:

1- فريديس – ضابط تركي كان يفهم اللغة العربية .

2- المجنة – مقبرة عرب السواحرة وكانت تدور فيها المعارك بين الانجليز والأتراك مما عرقل عملية الدفن .

3- المطخ – منطقة في البقيعة وما زالت قبورهم موجودة فيها حتى يومنا هذا.

4- هنا بمعنى أنهم يريدون الرحيل من منطقة القتال الدائرة بين الأتراك والانجليز .

5- قرون الحجر- منطقة آمنة من أراضي التعامرة .

6- خليل – هو خليل آمنة وهو من أبناء عرب السواحرة منسوب لوالدته وقتل في نفس المنطقة .

وهذه القصيدة قيلت أثناء هرب فلول الجيش التركي من المنطقة ، وكانوا مروا بأحد الرعاة وأجبروه على أن يذبح لهم ذبيحة، ويعمل لهم قهوة ، فقال هذه القصيدة :

وأنا نايم وغافي وبرجم براس المشراف

نطحني ولفي يا الربع مرق ما قللي العوافي

ما أدري ليه زعلان عليه ولا من أهيله كن خاف

قل وأنا نايم وغافي ولن غشيني الهراف

ولا أنهم عسكر يا الربع شبه الجراد الزحاف

عقيدهم خيال الشقرا راعي الشوارب العطاف

يا سرع ما حول عنها يا الربع كن دار كتافي

قالوا لي وين الذبيحه لو انها كريكر صيافي

ما تفكوا عني يا الربع تراني عريان وحافي

بدنا طبخة قهيوه يا بهارها من القدس لافي

حمصها تحميص طيب واطلعها قهوة شنافي

قل يومن تصبها بالفنجان تنوس راس الكياف

وهذه قصيدة أخرى قيلت في وصف غزوة قادها شخص يدعى محمد الخطيب واتجه بها الى الضفة الشرقية من نهر الأردن . وقد أوصته أمه بالابتعاد عن مواشي سكان الغور وكان يلقبون ” الدغمة ” فقد كانت ثارات بين هؤلاء القوم والسواحرة . لكن الخطيب كان واضح الهدف والنية ، فقد عقد العزم على سلب الأغنام من سكان الأغوار ، وبالفعل قتل اثنين من اولئك لكنهم اجتمعوا عليه وأمسكوا به،وعندها راح يساومهم على اطلاق سراحه ، لكنهم أبوا ذلك وقتلوه وهذه الكلمات تصف ما وقع في تلك الحادثة :

كن غزا محمد الخطيب وقبل العيد بليالي

وقبل عيد الضحيه وبعد عيد رميضان

كن لحقته أمه توصيه ويا بوش الدغمه لا تيجيه

لعين عيونك يا يمه لجيبلك البوش وراعيه

كن لحقت بهيل الطرش من فوق القرح وحيال

الرده الرده يا الدغمه كنكم قبالة حلال

لنطيكم من البيض ميتين من جيبات الخرفان

ويجيء رد الدغمه :

لله لله يا محمد يا بطنك مليان رجال

ويبقى يساوم بينما يأتيه جوابهم بالرفض في كل مرة ثم يقتلوه :

لنطيكم من السمر ميتين من جيبات الصهبان

لِلـِّه لله يا محمد يا بطنك مليان رجال

لنطيكم من الوضع خمسين من جيبات الحيران

لنطيكم من الخيل أربعين مقلفع ما بهن مثاني

لنطيكم خواتي السبعه من جيبات الفرسان

لِلـِّه لله يا محمد يا بطنك مليان رجال

في بطنك حسن ومحيسن يا محيسن ذيب العيال

اذبحوني يا الدغمه يا الذبح سبر الرجال

اذبحوني يا الدغمه وشروني ع الرجم العالي

وقولوا لأمي لا تبكي يسلم لك فندى (1) بدالي

فندي يا طفيل زِغير ما يعرف كيد الرجال

فندي يا طفل زغير يكبر ويستد أثاري

وهذه الأبيات تصف شجاعة ابن شعلان أحد شيوخ القبائل في الضفة الشرقية :

يا ولد دنّي للذلول دنّي لشعيلة بنت الحر

يا خوي دني ذلولي مجهوله وقصرها خليها تهجر

ولن الصايح يصيح يصيحه ويا ريقه من مر

وش علومك يا صايح وش علومك والخبر

العرض مد من السلط بالليل وما نطانا خبر

معهم سيوف دقن للجوف ومصيغات بالجواهر

معهم مرتين لولا الجفصين وهواته ع القلب تجمر

انريد الشيخ ابن شعلان انريده بالحبس يحشر

ومعهم شلف صوات الظلف تقش الضلع من الظهر

الشيخ وما ننطي بالشيخ من دون الشيخ نذوق المر

عنده شعلان مقل العقبان ما يفرحوا الا بيوم الشر

عنده شبيب عيون الذيب مروى الرطيب بيوم الشر

وهذه القصيدة تصف أحد الفرسان المشهورين بالغزو ويدعى محمد علي ، تصفه وقد قـُتل بعد قتال مرير على أيدي الأتراك :

يا ولد دنّي للذلول دني الثنتين العجلانات

محمد علي اغتزانا مع تالي الليل مجولافات

الصبح طلعة النجمه حين يقمن الحلابات

ولِلانّي بالصايح يصيح يصيح بروس الخلوفات

ويش علومك يا صايح يا شين علومك رديات

علومي يا حلة هيلي مع العساكر ما خوذات

شبرية محمد باللحم شبرين بيد الشبارات

يا درعه مضبح برقبته أزرق من لون الجنزاره

يا سيفه كَلِّ من الذبح والشلفه غدت صناره

يا حمده تنشد هيل الخيل محمد ما ذكرتنه

علمي بمحمد يا حمده صم الحوافر داسنه

صم الحوافر منيعات مقضقضات اللعنه

واللي مهيرته تعبانه كن حوّل عنها وخلاها

محمد يا حمل ثقيل كل الحمايل رازنه

رازنه ولا قدرن له كن اقفن عنه وخلنه

كلكن حبالى ومراضيع محمد فلا جبتنه

بنات الفلح والبدوان ع صيت محمد هونه

حرمن شرب القهيوه والكيف الطيب عافنه

الكيف الطيب عافنه والشعر الأشقر قصنه

الشعر الأشقر قصنه والجيزه كن حرمنه

يومن نزلن للميدان تسمع قريع حذاها

حرقة بيك ي البيطار وما انت ممنع حداها

واللي سلاحه ردنيه وبعين الخرج دلاها

واللي لابس له جوخه كن شلحها وخباها

ومن العطش شرب الدم وأكل عزيز كلاها

والقصيدة التالية تصف كرم عرب الرشايدة ، كما تصف غزوا وقع عليهم ذات يوم من قرى جبل الخليل :

يا ولد دني للذلول واكرب ع بنت المطيه

وسيرها دريب السلطان ع بلاد القبله الفضيه

تلفي ع بيوت مسوحبات لعوده ولد عطيه

تلقى البكارج على النار والدله قهيوة مغليه

ويطلع منسفه مليان سدر ضيوف ومحليه

قل أول قطبه للضيوف يا ثاني قطبه محليه

وثالث قطبه للرعيان يظل المنسف ع مليه

ولِلني بالصايح يصيح قومة الحلابه البدريه

قل ويش علومك يا صايح يا شين علومك رديه

وعلومي يا طرش أهلنا خذوه عيال القيسيه

لا يا بارود القيسيه يفرقع زي القليه

ويا بارود الرشايده يا مثل رعود الصيفيه

ويوم الخيل تلاقي الخيل زغردي شوقك يا بنيه

يا شويقي ولد أبو شنار ركاب المهره الثنيه

يرد الحله بالحمل يرده ومعاه بنيه

أما هذه القصيدة فتصف حالة أحد الأشخاص وهو من اليمن، وكان يملك بيارة في الأغوار ، ويتعامل مع مهربي البضائع الى فلسطين زمن الانتداب البريطاني ، وصادف ذات يوم أن جاء اليه رجال الجمارك وعلى رأسهم ضابط عربي اسمه جميل، فقام اليماني باطلاق النار عليهم، وتم تبادل لاطلاق النار قتل في أثره المدعو جميل وهو الضابط العربي المذكور أعلاه :

يبدا اليماني يقول يا من يشد الذلول

تقطع فيافي وسهول ولها دولاب وجنحان

يومن لمسها الشفير سرعه وبالفلا تطير

خذلي مكتوب شهير ليحيى وليد اليماني

يمين يفسر أحلامي حلم حلمته بمنامي

يا خوي يا عبد السلام وذبح لي شاة تغداني

واذبح جزور سمين فرقها ع المساكين

حلم حلمته بالليل فسرته الصبح بجميل

يا جميل وقع ينين عند حكيم الطليان

لا ياخويي أبو بشير وأنا من حلمي متحير

لمّ الجماعة وسير واذبح لي شاة تغداني

لاجل يتم المقدور وأمر الله يا ناس ما يواني

جميل لا تسويها حيلة قناتي ما بها نجيل

يا دماغ راسك لا شيله وبموزر ما به دخان

جميل لا تعارض قناتي تراني عايف حياتي

لأدشر أمي وخواتي واخلي عيالك يتمان

ناهيته سمع مني مشى عليّ ووصلني

ضربته وانه يفني وبموزر ما به دخان

يا الربع لا تلوموني والزعل غطى عيوني

وسلاحي عندي مخزون مركوز بجوا البستان

معه صواري قصيره مركوزه تحت الحصيره

ذبحهم ع باب الصيره بكفانهم زيّ الخرفان

لو طالت بالعمر شويه لاذبحهم ع جال الميّه

لاذبح عرصات الزمان

ولو طالت بالعمر ساعه لاصفطهم صفط البضاعه

يا الربع مالي نيه وبذبحة هاذي الصحيه

والعسكر حالوا عليّ داروا لي من موضع ثاني

والصبح حين الصباح ع الشونه قام الصياح

صحيت وعسكر مصباح وبعيني شفت الرمان

وقع جميل الحديدي وقع يا القرم العنيد

قدن عليه الجديد تتباكى رجال ونسوان

والعفو لا يا لطيف الخبر وصل الشريف

بالتلفون لعمان

واليكم هذه القصيدة التي تصف الغزو كذلك بين القبائل البدوية، وخصوصاً قبائل الضفة الشرقية مثل قبائل الصخور والشرارات . ومعروف أن هذه القبائل كانت تقوم بحملات غزو على القبائل في فلسطين مما حدا بالمنشدين أن يصفوا تلك الغزوات :

يا ولد دني للذلول تخير حيده من القعدان

وهات شدادك تاشده كان انك بالصنعه غشمان

اجلس من فوقه يا النشمي وهوزه بعود الخيزران

خلي الشراشب يهبن يجنك يا جوز العقبان

تلفي ع بيوت مسوحبات يا عوده جالس بالديوان

سويلي فنجان قهيوه لراعي الذلول تعيبان

أول فنجان لعوهة والثاني كزه لعطان

علّم يا راعي الذلول كان انك نذير العربان

قل ويش أعلم يا عوده وجتنا من كل الأركان

أجتنا صخور وشرارات عقيد القوم ابن شعلان

يا أول دفر تعدى هذولا وضح ابن شعلان

وثاني دفر تعدى يا عوده ينشد عن عطان

جينك وأنا أخو روده يا سيل يلاطم بالجبلان

صبرك عليا من باكر يا زلمك ذبايح عرسان

انتخى عليهن عوده عاداته يا ذبح الشيخان

وقصيدة أخرى من ” البدع ” في وصف الغزو :

يا ولد دني للذلول ومشمرخات ذراها

ولا اني بالصايح يصيح طرف عباته لواها

قل ويش علومك يا صايح ويش هالعلوم اللي تطراها

يا علومي يا طرش أهلنا مع الجزمان ملواها

سريته ليله بليله وريضن بعد مسراها

يقطعن يا واد الموجب يخوضن الميّه لكلاها

تلفي ع بيوت مسوحبات بيت الجبيل مهواها

يطعموا الضيف مع الضعيف الحايل سرعن بقراها

يطعم الضيف مع الضعيف الأرمله يجزل عطاها

يا عبد هات العليقه لاكحيله واجزل عشاها

ويطلع منسفه قادم لضيوف ضعوف الأوادم

اللحم من فوقه راجم شرابه دهن الحيال

ابعيني كن شفت الزلم يا طاره من ورا طاره

وبعيني كن شفت اللحم وتقول رجوم الحجاره

وبعينكم شفت السمن تقول قنيه فواره

وفي ثنايا هذه القصيدة نجد وصفاً لرحيل البدو من مضاربهم ، وكذلك وصفاً لقناص ماهر يدعى جميل :

شِدّوا لي شداد القطر من فوقه يا القرن مسطر

ملقاهن بيت ابن عرسان تلفي بك ع اخو فضه حضر

نشامى يا عيون الصقور يا نعمك لن كنت معثر

يا نعمك لن كنت معسور مطلق كريم الضيفان

الجبل قايم له رجّه والموز قايمله عجّه

عربنا نوت ع الهجه ومن الربق فلتن الطليان

عبد الله غيب الذهن متفظي لطخ الغزلان

حنا كتيناها كتِّه والبزر قايمله خته

ويللي انعزلنا احناسته والباقي منا شردان

جميل معدى يا ربوعه بيده صواري مصنوعه

يوم الموازر تفوعه تقضتض بيده تقول جان

وكثير ما كان الخصام البسيط يتحول الى معركة ، فالشر كما يقال من شرارة مثال ذلك :

يا ولد دنّي للذلول واتخير حيدا الركايب

شدن عليها يا خويه شداد سواه الجايب

كزها يم اللدبات تحللى شوف القرايب

كن صارت عركه مثل الليل ما بين المخطي والصايب

كن صارت عركه مثل الليل ويا فكاك النشايب

الزلم قدام جريبع اتقول مناوخ ركايب

وقع حماد الفضيلات تدربى فوق الترايب

قل هاتوا النعش وانقلوه عيدانه سمح الرطايب

حطي قبيره ع الثغره على مراد الحبايب

يا فضه تنحني بدعجه يا قربي راحت ذهايب

قل كزوا الصايح لهلنا واجونا من شب وشايب

ودروزك انزلت يا حوز بغضب ع غير طايب

سيوف الحرب مسجلات سيوف جذب ورطايب

لعين عيونك يا فضه عندك لنرمي العصايه

علينا يا ذبح الزلم عليك بغز النصايب

لطعن لعينه شويقي يا ريقه والعسل ذايب

والابيات التي ندونها الان قيلت في وصف احدى المعارك بين عرب الصخور والحويطات من بدو الأردن :

شدن لي وحدة مع ثنتين ثلاثه دهاجات الليل

ثلاثه دهجات الليل لن صار المشي ثمين

صاحت طفيله بنت ارمال يا بيتي يا قليل المال

يا عوده يرسل لعطان ادعونا نغتزي البدوان

ادعونا نغتزي البدوان بخيل وركبان كثيره

لا يا عيد ابن فلاح كن طلع ع المركب وصاح

كن طلع ع المركب وصاح عربان اجتكوا محيله

وردها عرار بن جازي ع الحمرا من غير عكازه

ع الحمرا من غير عكازه واصرعهم من كثر فغيره

التقى عطان وهايل لا يا القروم الهوايل

يا عطان كن قتل هايل تدري من فوق علاها

يا بيض حِدِّن ع هايل واصبغن شقر الجدايل

يا بيض مارتين احميّر راعي الباردوه القصيره

عدوهن يا بيوت الحرب ومعدلات ع الدرب

ومعدلات ع الدرب ودلال الكيف مدحيله

وصخورك قبّلت قبله قل ارجع يا وليد الهبله

قل ارجع يا وليد الهبله وما انت ناصي قبيله

وحويطاتك وصخورك كن راحت عركه طويله

والقصيدة التالية تدعو للخلاص من الاتراك الذين حكموا الاقطار العربية ما يزيد على اربعة قرون، وعرقلوا الحركة الثقافية عند الشعوب العربية ، كما اعاقوا التطور الاجتماعي والاقتصادي للبلدان العربية ، وابقوا على العلاقات الاقطاعية المتعفنة بل زادوها سوءا وتخلفا :

شدّيت الحر المربوع زوره بعيد عن الكوع

واريد امثل ع ربوعي واظهر من فكر كفاني

سافر من يافا يزرع يا عز قليب الملذوع

كن هرف هرفة الذيب ومتخبي بروس الجبلان

كزونه يمّ الشريف يحكم جميع العربان

ومحمد سيد الاسلام يشبه للبدر التمام

بالحكم ما هو ظلام ما بدا منه نقصان

ظاهر قانون الخبيبي كله عشان التعذيب

ومن الطفيله وبلاده جابوهم عسكر جلاده

يا الله من عمر القراده معهم شياب ونسوان

على السرايا جابوهم بالحبس المظلم حطوهم

من بعد العز وهانوهم هذول بعلم رفيفان

وللغزل مكانة في ” بدعنا ” وقصائدنا في السهرة ، من ذلك :

قل يا لله نسري ع الرقصه واللي اله وليف اشوفه

قل وانا وليفي مخبى ما كل من اجى يشوفه

وليفي يا ذنيبة خروف فوق المناسف مردوفه

**************

قل وانا وارد ع الزرقا يا دربي وعر وسندا

وشوف العز اللي ندا يروح ع حال الميه

كزايا شريف الخلاخيل الغر وابو الشياشيل

غرّ شفته انا بالحزم وانهزم من دربي هزم

يا عنقه يا غزال الريم ورابي بأرض خليه

وغر شفته انا بقبعه مع ابن فايز وربعه

وقرونه ستة يا فلاح مجدولة يا بطن حية

وغر شفته يا فلاح القرن الاشقر يوم لاح

وخدود يا زين التفاح ورايي ع جنب الميه

وغر شفته يا حسين ومثله ما شافت عيني

يا حاشي شفتها تغني يا خويا واخلفت ظني

وشوف الغر المتهني يروح ع جال الميه

واشوفه بروى في قربه وقرونه لحد اركبه

واول هني من حبه قبل ما يزور المنيه

واختيار الزوجة شريكة العمر ورفيقة الدرب لمدة قد تزيد على خمسين او ثمانين سنة ،عملية ليست بالسهلة، وعلى الشاب ان يفكر مليا قبل ان يقدم على اختيار شريكة حياته ، يعرف اخلاقها وطباعها وغير ذلك ، وكذلك الفتاة هذا من وجهة نظرنا، وها نحن نقدم القصيدة التالية وهي تنصح النساء في كيفية اختيار الزوج الذي يجب ان يكون شهما كريما شجاعا ، وتقول كلماتها :

يا بنت واريد انصحك وان كان تريدي النصيحه

حذرك من اخذك الردى يبنى عليكي الفضيحه

ويملي صدرك خنانه منامك يصبح له ريحه

**********

ورهونه لا يا رهونه منام العفن إلـُه صنه

منام الزين المعطر يا ريحته تطيح الجنه

***********

يا بنت داني داني ما كل الزلم سوياني

وبيهم يا بنت كريم الكرم عقف رداني

وبيهم يا بنت خيال ع الصربه يرخي العنان

وبيهم يا بنت ردي ما يسوى صيف الجديان

منامهم يا عدول الطحين الطرف ممنع مكانه

قل يوم يتم خروجه يقعد ويناقر عجاينه

ومرة ثانية نعود الى كلام الحب والغزل بالمحبوب :

يا بنت لولا جهلنا ما جينا من عند اهلنا

يا شوك البلان اكلنا والغربي نسم قذلنا

********

ويا بنت يللي هويتي اثنين سألتك بالله عن الغالي

قل واحد منهم حبة العين ي الثاني من الروح خلقاني

يا محلا الاتي بالليره ويشريلك ثلث الحناتير

واحد يزم العمد والبيت واحد يزم الغنادير

والثاني نكزه ع عمان ي الثالث اكز المكاتيب

يا ما حلى الاتي ي الحبه من خد بياعه التين

يابوك لا عوضه ربه عساه للفقر يوديني

وامبارحه ليلة الخلوه على طراريح وفراشي

واحلمت واني بحضن سلوى واصبحت انا اليوم ع الماشي

ويا بيري يللي شربن ماك ما وردك اليوم نشميه

يا عيال يا مشرقين اثنين يا منيلين المناديل

**********

ويمّ نهود قعاد ما بيني وبينك ميعاد

يا هيلي بمقطاع الواد قل لولا السامر ما جينا

يمّ نهود بيارق حلفت الليله ما افارق

لو ضربوني بمطارق ريان يستد الدين

************

قومي العبي يا هلاله يا بيك اذعر الخياله

قومي العبي لي يا حسن زينك ما شفته بالمدن

زينك ما شفته بالمدن ولا بقرايا معمره

قومي العبي يا عيده لعب الوديد لوديده

قومي العبي لي وارتمي بلكن عشيرك يترزم

والابيات الخمسة الاخيرة ، كانت تقال حين يكون ” الحاشي ” سالف الذكر ، امرأة ، ولا تزال هذه العادة قائمة في افراح البدو ، اما عندنا فلم تكن موجودة، وليست موجودة الان ايضا ، فنحن كما سبق وذكرنا ، قفزنا قفزة كبرى من طور البداوة الى طور التحضر والمدينة .

من المعتاد ان السامر او السحجة تستمر مدة طويلة قد تفوق الساعتين سحبة واحدة، وتتعداهما في الزمن ، ومن الملاحظ ان التعب ينال من المشاركين في السامر وخاصة ” البدّيع ” واصحاب اللازمة ، فتبح عادة الاصوات ، وتكل الايدي التي تؤدي الصفقات الست المنتظمة ، كما اسلفنا ، وكذلك الحاشي يتصبب من العرق ، اثر الحركات النشيطة التي تلفت الانظار ، فيأتي احد الاشخاص من خارج السامر بعد ان يلاحظ هذا الوضع، فيأخذ الحاشي ويجلسه بجانبه في طرف من الباحة . ومعروف ان السامر بدون الحاشي ، يفقد حيويته ويتوقف مكانه في انتظار قدوم ” زنبرك ” الحركة فيه ” الحاشي ” ؟. واذا كان الرجال لا يزالون على استعداد للاستمرار في اداء السامر والانشاد ، يبدأ ” القاصد ” في المساومة على ارجاع ” ابو الحوش ” من الرجل الذي أخذه ” حبيسا ” عنده فيما يسمى ” حبسة الحاشي ” فينشد قائلا :

يا اللي توسق حاشينا يا شين وش لك علينا

يا دروب الحق تماشينا نندهلك بيت رفيفان

ما فيك الحق تماشينا من عند قاضي العربان

خذ ثلاث وانطي ثلاث واللزيم الهن يبرى

وسجل يا رويعي سجل سجل يا رويعي الشلية

لاعطيك مال الدروز يا كروم العنب والموز

لاعطيك يا مال المصري رشيدي من الذهب الاصلي

لاعطيك مال النكليزي ما اخلي ولا بريزه

لاعطيك مال الشريف ما اخلي ولا تعريفه

لاعطيك معزى ابو خربيش المعزى القطم الحوى الريش

لاعطيك مال الدعجه يا نعجة تقود نعجة

لاعطيك مال فلسطين حصالها والدكاكين

لاعطيك يا مال القدس وتفصل من زين اللبس

لاعطيك مال اليهود ومراكب في البحر تقود

علي الطلاق من راسي لفكك يا اشعل الراس

لا فكك يا اشعل الراس وما يطب بقلبك وسواس

وبجيرة ربك وربعك تطلق حاشي الدخيله

ومن المعتاد أنه آخر السامر وبعد أن يكل الرجال من الحركات والانشادات يقومون بما يسمى الدحية ، حيث يرددون جميعاً كلمات بصوت شبه مبحوح متوسط العلو هذه الكلمات ” يا هدى ويا هالدح ” بينما يتحركون في اتجاه الحاشي على شكل نصف دائرة، ويصفقون أكفهم بانتظام ، بينما الحاشي يحاول ردعهم عنه بسيفه ، فيحاول اهابتهم بتقريب العصى أو السيف من أرجلهم ، وهكذا ينتهي السامر لتنصب بعده حلقات الغناء والدبكة والفلاحية وما شابه ، ومن هنا جاءت ” الدحيّة ” في البيت الأخير أعلاه ، ثم يكمل البديع مساومته :

ومسبه ما أقدر أسبك لادنق عليك وأحبك

وحين يطلق الراهن ” الحاشي ” رهينته الموسوقة ، يقول البديع في وصف الحاشي ومدحه :

وأجانا الحاشي يهتزّ يا سنونه يا حب الرز

حاشينا يوم وقف النا عامود البيت المبنى

ويا حاشينا هونك تمدرج لا يصيدونك

وعيون السّو تطير للجو تجيك من خلفك ودونك

وقصيدة أخرى تبين أهمية ” الحاشي ” في نشاط السامر وحركته الدؤوبة :

قل ناح يا ” غريب ” ناح لا يا مكسور الجناح

قل ما ضربته تعمد الشعر يا هيل المراح

ضربت غريب صراره أجت بركن الجناح

لو أن الحاشي جوى البيت لتمثنى من قفا الساح

حاشينا بقره وضحا خلت ولدها بالمظحى

قل يا حاشينا لرويل يروح توالي الليل

وحتى حين يكون الحاشي امرأة عند البدو ، فإنها ترهن فيوسقونها ، وسنجد أن ” القاصد ” ، ” البديع ” يتغزل بها ، فلنقرأ ونستمتع :

يا حويشنا الموسوق ساق الله وانت مطلوق

ع شانك لرخص السوق حتى جميع الأوطان

ع شانك لارخص حياتي وانت يا زين البنات

لدفع لك كل الليرات وأكثر من مال النصراني

لشريها بمال أبو تايه ع كثر ما جاب غزايه

عقيد لربعه المضّايه وافقرعربان سرحان

ان كان ابوها معتازي لشريها بمال ابن جازي

شيخ يريد المغازي لن ركب بنت الحصان

ويا حويشينا المرهون كالبرق يا لمع سنونه

لارخص حياتي من دونه حتى جميع الاوطان

لشريها بمال للزين ع كثر ما شربن وجبن

وصخورك جالبين الغبن معركّات للكون

لشريها بمال يزيد لشاهر ولد حديد

شيخ بلونه عقيد يتأمر على الفرسان

لشريها بمال الرويدي ع كثر ما عنده صيدي

واعطي له جميع الخيل وادفع له مال الشريف

ما اخلي لونه عسيفي حتى صغير الحيران

لشريها بمال معدود ع كثر مال ابن سعود

وان كنه عيا ليزيد والحق له مال الاخوان

لشريها بما حاشت ايدي مع مصر وبر الصعيدي

وانشرها على الجريده في مجلس وسط عمان

لكتب له شيء معلوم وانا برضاها ملزوم

هذا ما عندي من المال فهد يجيب العيال

بجيرة مولانا العالي واطلع عنود الغزلان

حاشينا يا بو الذوايب من لعبك شفنا العجايب

يا ريقك يا المسك ذايب يبرى عليك الوجعان

وننتقل بكم الى لون آخر من القصائد ” البديعيات ” تبدأ بذكر ” الله والرسول ” :

اول جواب نقول وافلح من يطري الرسول

خذولك جواب مستور كلام ما به نقصان

قول من لسان فصيح عيني ع الصخره مشيحي

***

أول ما نبدا ونقول الحذر اصلي ع الرسول

أول ما نبدا الكلام محمد سيد الاسلام

***

قل الله يمسيكم بالخير مسيه تطرد مسيه

أول مسا للضيوف والثاني للمحليه

وثالث مسا للعريس عزيز وغالي عليه

***

أبدى بكاف بدالي قبل ما واحد حكالي

أذكر به الجمال محمد ولد عدنان

***

ابدى بذكر الاله لا غافل ولا هو ساهي

اول جواب نقول الحذر يذكر الرسول

***

قل اول ما نطر النبي عليه الاف صلاه

يا هيل الفرح الجديد يا ليته مبارك سعيد

يا ريت زغيركوا يكبر يجيب الطرش من بعيد

واذا تعب القاصد أو ” البديع ” فإنه يطلب المساعدة من رجل آخر له علم والمام بالقصائد ، فيقول في طلبه :

يا خويي يا ابو ” فلان ” ريحني بالحس شويه

يا خويي يا ابو ” فلان ” يا صوتي بايقٍ بيّه

لا يا خويي يا ابو “فلان” خوي عند خويه

متحري لن صارت طوشه تهد وتنتخي بيّه

ويأتيه الجواب على رأي السرعة ، حيث أن الشخص الآخر غالباً ما يكون في السامر :

واقعد تريح ي القاصد بللي تريده عليه

وان كان ما همّك غير القول الليله والباكر عليه

وان كان ما همّك غير القول خطيب وقاري طرحيّه

وان كان ما هّمك غير القول الليله هاذي عليه

ثم يبدأ بقصيدة من تلك التي ذكرناها آنفاً ويستمر السامر في تقدمه ورتابة حركاته . وللسامر أو السحجة جانب آخر يسمى ” الفلاحية ” وهنالك فرق بين هذه والسامر ، فهنا يردد المصطفون في الحلقة نفس البيت الذي يقوله ” البديع ” بدلا من اللازمة التي ذكرناها للسامر ، وقد ينقسم الصف الى شطرين بالتساوي ، نصفهم ” يبدع ” والنصف الآخر يردد من ورائهم، أو حتى يقابلهم بقولٍ يناسب ما قالوه، أو يأتي جواباً له ، أما التصفيق هنا فيختلف حيث يصفق الجميع بالأكف بشكل رتيب منتظم دون قطع في ” الكف ” والحركة هي حركة الدرج أي مثل مشي الحمام، وهكذا الى الأمام والخلف ، تماماً كما في ماكنة النسيج ، حركة رتيبة ، انتاجها جيد وجميل تشغف به آذان السامعين، وتهتز له عواطف الطرب، وهذه نماذج لأغاني الفلاحية ، التي يختلف انشادها ولحنها وآداؤها عن البدع كذلك :

يمسيك بالخير يلّلي ما حدا مساك وانت على شورنا ولا حدا وصاك

يمسيك بالخير يللي جيت هالساعه خصرك رقيق وفيدك خاتم الطاعه

وان كان بدك بنات البدو يهوينك جر المناسف وحط البن في جيبك

ويا مطرق اللوز يا ما قلبك غاوى ورخيص لا تشتري دور على الغالي

والبكرج اللي انتصر رنت فناجينه رجل بلا عزوته بطلت مراجيله

*********

ع اليوم يا بقرتي لنك رباعيه لحلبك واملي القدح واسقي الافنديه

*********

يم العريس مبارك ما عملتي له بدله جديدة وبنت جواد اخذتي له

يا شجرة في الحمى يا دار الفراح مرشوشة بالعطر والورد فواح

مرشوشة بالعطر فوق العطر ريحه مرشوشة بالعطر للبيضا المليحه

**********

يا طايح البير دونك دلونا دونك قلبي يحبك واهيلي ما يردونك

يا طايح البير واسقيني بحفناتك ظما ما بي ظما بدي محاكاتك

*********

والخاتم اللي وقع في البير إلـُه رنه واللي سمع رنته مرحوم للجنه

*********

يا طالعين ع الجبل يا موقدين النار واحنا شوينا ع دخانكم شنار

**********

ومعلقه في الجبل يا رجل شناره وكم من بيضا مع الانذال يا خساره

ومعلقه في الجبل يا رجل عصفورة وكم من بيضا مع الانذال محصوره

*********

يا صاحب الطير قوم اسهر على طيرك عجل عليه بالعلف لا يعلفه غيرك

***********

مسكين يا خاتمي يلّلي خذوك الناس خذوك مني ذهب ردوك علي نحاس

عليوم عليوم لو ان الرفق بدوم لغز رايات واملي الحارات نجوم

***********

ثلاث حمامات طارن بالسما العالي راحن يجيبن دوا لحبيبي الغالي

ويا قاعدين ع الرجم تحت الرجم عقرب من عاشر البيض لا يوكل ولا يشرب

يا قاعدين ع الرجم تحت الرجم حيّه من عاشر البيض لا ميمة ولا خيه

ويا قاعدين ع الرجم تحت الرجم حيّه من عاشر البيض يسلى شربة الميه

ومهيرة سافرت بالسرج والعده للحق ظعن صاحبي بالسيف وارده

لا تحسبوا كثرتكم تغلب شجاعتنا بالسيف من وسطكم نطلع جماعتنا

***********

يا حاملات العسل في صحون قيشاني ذوقني من العسل على راس لساني

يا حاملات العسل في صحون نحاس ذوقني من العسل يا بنات الناس

**********

يا شجرة الحور باب الدار تتمايل واشرفت ع الموت ما اجا صاحبي يسايل

يا شجرة الحور باب الداور ملويه واشرفت ع الموت ماجا صاحبي ليه

********

يا شجرة الحور بس الليله ظللينا والليله عندك وباكر عند اهالينا

والبيض جينك كالحمام رفوف رفوف والسمر مثل القرنفل في الورق ملفوف

***********

ما قلت الك يا شعر راسي على اكتافي واللي يحبك يجيلك ع القدم حافي

ما قلت الك يا شعر راسي ويا رمشي واللي يحبك يجيلك ع القدم يمشي

ولا نقول بأننا استطعنا حصر كافة الاغاني في هذا المضمار ، ذلك ان الاغاني كثيرة للغاية،وهذه كما اسلفنا مجرد نماذج للاغاني الشائعة والتي تتردد في الاعراس وفيما يأتي قصيدة يسمونها ” الريحانية ” ولها طريقة انشاد خاصة حيث يردد المشاركون خلف ” البديع ” قولتهم ” ريحاني قول نريده ” ونسجلها كما يلي :

بسم الرحمن الرحيم حتى الملوك السفليه

شديت شداد ع زريقا ن شداد مقنطر فوقيه

ممشى الحبيب اربع تيام تجيبه في ظحويه

ويا طايح نقب الزور حذرك م الحراميّه

واحترس على عقالك امبارح سارت كفيّه

الله يهدك كركزان حالت عليك وعليه

محمد بقعور القبله وزارنه زملن حفيه

اول مقطر جهالين والثاني مقطر قيسيه

ولساني بين حنكاني واللي مساعدته جنيه

يمّ شعور على العرعور ثلاث ترطال ووقيه

راعية المعزى والنعجات البنت الاخضرانيه

يا بنت تِحّي لشياهك ع بعبوز الحنفيه

عينت لشياهك مرعى بخيل وشلاله ميّه

راعيهن يا ولد برغوث ولد ورجله شفيّه

ثلاث طيور على الدنقور صقر وحمامه وحديه

ويا حلالي ويا مالي ويا فخي قضب زرعيه

وانا بقول العمر اطول اطول العمر احنا واياه

دامت عينك يا بو الحوش ذباح الجاجة العتقيه

يا الدهن ملا البراميل وفذ وملا الدقسيه

واتقاتلت امي وامك غطت عليها الكرميه

الشايب طبق العجوز وبرجله كب الكرميه

وكما ذكرنا من قبل تتخلل ليالي السهرة حلقات الدبكة الشعبية التي تصاحبها الشبابة والاغنيات ” الدلعونا ” ،ونلفت النظر الى ان معظم الذين يشاركون في حلقات الدبكة هم من الشباب ، بينما السامر يشارك فيه كبار السن، وقد يشاركه فيه الشباب ايضا ، وبلدنا مشهورة بأغانيها المتنوعة في حلقات الدبكة، وفيما يلي نقدم نماذج من هذه الاغاني :

احنا بدمانا السلطة نفديها إمّا بنستشهد إمّا بنبنيها

العامل والفلاح بناضل فيها وغنوا لعيونا على دلعونا

الشعب حكاها وما خبى كلمه ما يبقى الليل وما تبقى العتمه

وع جبين العرب ما تبقى الوصمه وبشمس الحريه تفتح الغصونا

وما بتحلى الدبكة ولا الغنيه الا بتحرير الارض العربيه

وما بننسى الضفه وغزة الابيه والقدس ديرتنا ونور العيونا

وهذه قصيدة شعبية طويلة من قلم الشاعر محمد شحادة ،وهي قصيدة مشهورة في الاراضي العربية المحتلة وفي الوطن العربي ، وقد لحنت وطبعت في اسطوانات وانشدها المطرب اليمني المعروف احمد قاسم من جنوب اليمن ” راجع ديوان ( اقوى من الجلاد ) من شعر محمد شحادة ” ومن اغاني الدلعونا في دفتر شعرنا الشعبي الفلسطيني ما تطلقه حناجر شبابنا في حلقات المرح ، ومناسبات الاعراس والدبكة ، ومن هنا على سبيل المثال لا الحصر :

بحيّي شعبنا فلاح وطالب بكيد الاعادي عملنا العجايب

بموس وسكينه احنا نحارب حتى نحررك ارض فلسطينا

**********

طارت طياره في السما الازرق فيها صهيوني في البحر يغرق

وما بين القذله وما بين المفرق وبين الحواجب قمر ونجوما

********

يمه ويا يمه وما بدي الشايب وقلبي من جور الليالي ذايب

وبحاش القبر عللي النصايب ورشوا ع القبر زهرالليمونا

***********

وِردن ثلاثه ع بير الجيب وهنه اللي قالن للشمس غيبي

وريتك يا حلوه حظي ونصيبي ريتك من الله وعلى الدلعونا

قلتلها الاسم قالت لي مريم والشعر لشقر لحد المحزم

طلبت الحُبّه قال لي تكرم يا ابو السوالف قلبك حنونا

***********

من باب الشباك لرميلك حالي قل وانت السبب في اللي جرى لي

رحت للضابط تيشوف احوالي قال لي يا مفارق جفرا زغينونا

*************

طللي علينا خلينا نشوفك واحنا الغربيه والليله ضيوفك

والله يقدرنا على معروفك يمّ السوالف هيه يا حنونا

***********

يا ربي تشفق على الفقريه تخفف عليهم ضرب الطوريه

” واسخط يا ربي ” هالاقطاعيه الثروه ثروتنا وهمه يمصونا

***********

ويللي مشطتي شعرك جنابي سوسحتي المتجوز كيف العزابي

وكنك عزابي يا عز احبابي وكنك متجوز وارحل من هونا

يللي مشطتي شعرك خروبي مكتوب ع صدرك يا صبر ايوب

وقديش قلتلك يا نفس توبي وع دروب الهوى ما عاد تمشونا

***************

ويا اللي مريتي ويللي مريتي ويا زر الكهرب علينا ضويتي

ويحرم علي ان خشيتي بيتي لذبحلك كبش باربع قرونا

********

اول ما نبدا بسورة تبارك وعرسك يا ولد يا ريته مبارك

واول ما نبدا نمدح الهادي نبينا محمد سيد العبادي

وانا لفرع وارمي الطاقيه في عرسك يا ولد عزيز علي

*********

اتمنيتني مره وادرج بالجوز ولا غزال متطرز ع الروزه

الحكم لابوك والله ما يجوز يبلاه بطلق بين العيونا

**********

سنك هالذهب الصفر إلـِه رنه ولربي الفرض والك السنه

حبك يا بني والله جنني سلبني العقل ونور العيونا

وياما طلينا من الطاقات وياما ربينا بالقلوب حسرات

وكم من شب من الهوى مات وكم من حلوه راحت مجنونا

************

يا بنات عمي ويا قراباتي وابوي جوزني من دون خواتي

ابوي جوزني قبل خواتي استعجل علي وانا زغينونا

*************

قلت لها الاسم قالت سميني قلتلها ورده قالت ياسمين

على درب العين يالله تلاقيني يا بو السوالف يا اسمر اللونا

*********

قلتلها الاسم قالت بديعه حني علينا لا يا رفيعه

لجع الشباب واعمل تفريعه يطلع ع العزب اربع شلونا

********

وانتن يا سمر لا تبغضني دايما عليكن بظل أغني

وييجن البيض يبرطلني قرش وتعريفه واربع شلونا

********

قلت الها الاسم قالت مش قايل شو بدك في الاسم داير بتسايل

اسمي خديجة وبأربع جدايل يا بو العيون ولا يا حنونا

********

نوّر المشمش والمشمش نوّر مثل جمالك ربي ما صوّر

ع وين أجيلك ووين أدوّر البلد مليانه شباب دلعونا

من باب الشباك طلعت ورجعت وحسّبت الشمس علينا طلعت

بنده عليها وعملت ما سمعت أم الجدايل واسمى السنيورا

مطرّز ع القبه فوق التبيت سفير تركيا وأمير الكويت

يحرم عليّ ان خشيتي بيتي لذبحلك كبش بأربع قرونا

من باب الشرق طلن ثنتين السمرا يا روحي البيضا يا عيني

ع صدر السمرا لزرع جنينه وع صدر البيضا تخت للنوما

بقلن البيض واحنا الحليب واحنا المحرمه فيد الحبيب

واليشرب منا بأمر الله يطيب من ثمار الجنه ما تحرمونا

بقلن السمر واحنا من الحنا قهوة حجازيه وغالي ثمنّا

وبأمر اللي يشفي اليوخذنا من ثمار الجنه ما ينحرمونا

قلت الها الاسم قالت ميّسر وأنا صغيره وعليك بتحسر

وأنا ما فوتك لنّي بتكسّر ولو قطعوني لحم بصحونا

حملت الجره ونزلت ع العين تشبه للضابط وبنجمتين

والله ما فوتك يا نور العين لو شرحوني ليمون بصحونا

طلـّت عليه وأعطتني اشاره ما أدري صبيه ولا ختياره

والله ما فوتك وانت يا جاره يللي انت ملبس وامك حلقوما

والقمر شعشع والنجم غرّب استنظر بالولف والوعد قرّب

وياما صبرنا والصبر خرّب وياما حطينا بالقلب هموما

ويا بو الشبابه شبب وغنّي واحنا اللي انشينا الطرب والفن

ويا بو الشبابه شبب ع سنك وثلاث حيايا يتورشعنك

ويا أصحاب العرس يا أصحاب الفن كباية ميّه للي بغني

اتمنيتني ميّه وادرج ع لسانك اتمنيتني حلقة ذهب في ذانك

وبالله يا بنت لا تبيني أسرارك على العباد ال ما يفهمونا

وهذه الأغنيات نسجلها بشكل متفرق ومتنوع :

أنا لبكي عليهم طول عمري على اللي ما ازعلوني طول عمري

وأنا يا ناس لن طال الزمان وطال عمري

لجازي كل من تشقى بغيابنا

مرّيت عن دارهم قبل العشا بنتفه

وأبوابهم مسكره واسراجهم مطفي

مديتي ايدي ع النهد تقطفلي قطفه

صاحت يا بنتهم يما حراميّه

********

ومريت عن دارهم عرقان وأنا أهوى

بالله أعطوني بنتكم ها القاعده جوّى

بالله أعطوني بنتكم يا القاعده جوّى

وقاعده ع الطبق بتعمل في شعيريه

*******

شفت الغزال مشرّق تحت القناطر ماشي

ياخذ على البنت عدّو طيّ القماش

****

وأنا طايح ع البستان طلعت فيدي ليمونه

لعمل صدري مستشفى للبنت المزيونه

****

يا ريمه شرقت وتصيح يا أعمامي وما بوخذ ابنكم لو تطحنوا اعظامي

وان كان الجيزة غصب في شرع الاسلامي

لرمي حالي في البحر للسمك والميّه

*****

يا ريمه افرعت وتصيح صابونه ومرّوا علينا الحساد وبالعين صابونا

لو شققوني يا ناس الواح صابونه ما فوتها عشرتك يا نور عينيّه

*******

جملنا جابوك ع الصخر وناخوك

وقل عند الشيل تنخاني وانا اخوك

وأنا شيّال حملك والأثقال

*****

ويا ظريف الطول وقف تقلك رايح ع الغربه وبلادك احسن لك

خايف يا محبوب تروح وتتملك وتوالف الغير وتنساني أنا

****

ويا بو السياره الزرقا دربك وعر وطلوع

عبي البنزين من دمّي والبراغي من ضلوعي

وسنطرح الآن مجموعة كبيرة من الأغنيات التي ترددها نساؤنا في السهرة وسنبدؤها بالمهاهاة التي يمكن أن تقال في مناسبات عديدة، وفي أي ليلة من ليالي السهرة بما في ذلك ليلة الحناء ، كما تردد في الفاردة والزّفة ، وبشكل عام في كافة مناسبات الفرح .

آي ويا ” هالشيخ ” بيتك مشرّع بفتيخه

آي ويا شق بيتك مقعد للشيخه

آي ويا ” هالشيخ ” بيتك مشرّع بالخاتم

آي ويا شق بيتك مقعد للحاكم

********

آي ويا طحت ع الكرم تتفرج على حبّه

آي ويا لقيت ” الولد ” نايم ومنديله على خدّه

آي ويا ريت من دنّق على المنديل وما حبّه

آي ويبلى بدولة سكرانين ويقطعوا يدّه

********

آي ويا طحت ع الكرم تتفرج على جراسه

آي ويا لقيت ” الولد ” نايم ومنديله على راسه

آي ويا ريت من دنّق على المنديل وما باسه

آي ويبلى بدوله سكرانين يقطعوا راسه

********

آه ويا طار الندى طار

آه ويا هذا على النتشه

آه ويمسكيم بالخير يا شباب

آه ويللي نصبتوا الدبكه

********

آه ويا شباب شدوا ايديكم

آه ويا لعبوا البرجاس

آه وما زال أبو ” فلان ” معاكم

آه وما عليكم ولا باس

**********

آه ويا ثلاث حمامات في الواد العتيق رداس

آه ويا مكحلات العين ومعنقرات الراس

آه ويا بو ” فلان ” بلاد الناس ما تنداس

آه وروّح ع بلادك تهللي فيك كل الناس

**********

آه ويا محوشي اسلم ايديك

آه وكفك مع أصابيعك

آه ويللي قمت بشانا

آه ويا حق وواجب عليك

***********

هاي ويا بي ” فلان ” ويا عامود رجالنا

هاي ويا صاحب الهيبه وامشي قدامنا

هاي ويا بي ” فلان ” يا عامود أهلينا

هاي ويا صاحب الهيبه وامشي على هوّنا

**********

هاي يا ولد يا أسمراني عيّروني فيك

هاي ويا كل ما عيّروني زاد حبي فيك

هاي ولاركب جواد الخيل واسرى فيك

هاي ويا ع ضو قمره وما خللي الجار يدرى فيك

*******

هاي ويا مرحبا يا ضيوف لا ضفتونا

هاي ويا حلّت البركه وآنستونا

هاي ويا غد الفرح يجيكم

هاي ويا نجيكم كما جيتونا

********

هاي ويا مبارح العصر مرّت عنا بكيره

هاي يا صف الجيش من سنجل لما البيره

هاي ويسلمك يا أبو ” فلان ” يا حاكم الديره

هاي يا واحنا انتصرنا وهنّه راحن يبكينه

*********

هيه ويا حمامة برجمت على عرق زيتونه

هيه ويا ساعة بترجم وساعة تطلب المونه

هيه وتمنيت لبو ” فلان ” سيفين سمونه

هيه ويضرب بسيفه وخللي اعداه مغبونه

*********

هيه ويا أبو ” فلان ” يا جودي وموجودي

هيه ويا صفّ الذهب ع الراس موجودي

هيه وتمنيت عدوك ع اللوح ممدود

هيه ومن عام لعام ولما يوكله الدود

*********

هيه يا مبارح حمّلنا على الظحظاح ( اسم مكان بالسواحرة )

هيه ويا نزلنا بين السفرجل والتفاح

هيه ويسلمك يا بو فلان يا نجمة المصباح

هيه ويا ربنا يقتل عدوك وتصبح حارته في صياح

*********

هيه ويا بنيت عليتي وعليت عليها

هيه ويا عدّوا مجوم السما وعدوا طواقيها

هيه ويا رايح ( ع الغربه ) سلم لي ع أهاليها

هيه يا وعلى ” فلان ” لانه ساكن فيها

*********

هيه ويا شفت ” ابو فلان ” قاعد على الكرسي

هيه ويا لمحته بعيني وقلت نابلسي

هيه ويا نجمة الصبح سيري في السماء وارسي

هيه يا ولو عدوه عسل ما طاقته نفسي

*********

هيه يا زرقا وشهبا وهذى من خيول ذياب

هيه ويا عليها أبو فلان حلو خفيف الركاب

هيه يا عليها أبو فلان على الأعادي كساب

هيه يا مرحوم من خلف وعافيه على اللي جاب

*******

هيه يا بي الولد جوختك في داري

هيه ويا زارها عندي بألف ديناري

هيه ويا من هيبتك لاخبط ع رقاب العدا

هيه ويا قول أبو فلان ودّاني

**********

هيه يا مرحبا يا عزازي

هيه ويا ميتين حمرا تزازي

هيه يا واللي ما تفرح لطلتهم

هيه ويا تنكسر كسر القزاز

**********

آي ويا طايح الكرم خليته حطب كله

آي ويا غارس الغرس محلى النوم في ظله

آي ويا أبو فلان خيّك لا تخلنه

آي ويا خيّك ذراعك يوم الحرب تركن له

*********

آي ويا شفت أبو فلان بدق باروده

آي ويا شاب أخضراني ومرخي النخيل ع زنوده

آي وخشيت في البيت وجاد من جوده

آي ويا تفاح ما نوكله مشمش على عوده

*******

آي ويا شفت الولد طايح طريق العين

آي ويا شبريته مفضفضه وبارودته بألفين

آي وقولوا لامه واخته لا تصيبه العين

آي ويا مدخول ف الله ورجال العلي وبنه الحسين

لقد تفحصنا الاغاني التي تنشدها نساؤنا في ليالي السهرة ، فوجدنا أن جزءاً منها له مدلولات دينية ،بينما ينصب الآخر على مدح العريس ووصفه،وكذلك عثرنا على بعض الأغاني للعروس ، وأغانٍ أخرى لأقارب العروسين أو في مدح أهالي البلدة .

وسنبدأ بطرح الأغاني التي تبدأ بالبدايات الدينية :

أول ما نبدا نصلي ع النبي

أولهم محمد ثانيهم علي

وثالثهم فاطمة بنت النبي

صلوا على النبي يا حضّار صلاة محمد تطرد الشيطان

صلوا على محمد يا حضّريه صلاة محمد تطرد السفليه

***

فوق راسك يا ” بنت ” آية قرآن

الله يجمع شملك مع شمله طول الزمان

*******

فوق راسك يا ” فلانه ” سورة ياسين

يجمع شملك مع شمله طول السنين

*******

بالله افتحوا لي جرار الزيت

توّفي بنذوراتِ

دامت عينك يا ” بو فلان ”

رداد الجواباتِ

*********

ربكم واعطاكم يا ها السواحره

ربكم واعطاكم

فرشكم غطّاكم بالجوخ الأزرق

فرشكم غطّاكم

********

هيه يللي ع الجبل يا بو القميص

وفي بلدنا تعليله وزفة عريس

وهيه يللي ع الجبل يا أبو القمصان

في بلدنا تعليله وزفة عرسان

******

طاحت الخيل ترقص في ميدان العريس

يا صلاتك يا محمد يا خزاتك ياابليس

وطاحت الخيل ترقص في ميدان العرسان

يا صلاتك يا محمد يا خزاة الشيطان

مسا الخير يمسّي الحاضرين ويمسّي ع الشمال وع اليمين

ومسا الخير يمسّي ع الكليّه أمسّي ع الضيوف والمحليّه

*****

اذكروا نبيكم يللي ع الحيطان اذكروا نبيكم ع فراح العرسان

واذكروا نبيكم يللي ع البلكون اذكروا نبيكم ع فراح اليوم

*****

وعندما تصل الفاردة الى بيت العريس قادمة ومعها العروس ، تنشد النساء :

واقبلوا والحافظ الله من عيون الحاسدين

واقبلت والحافظ الله نعكم الحساد بالله

أما الأغاني المخصصة لوصف العريس ومدحه في ليالي السهرة ، فمنها :

في الهيل يا عود القنا في الهيل

زغرتي للعريس يا ” فلانه ” يم قذيله

وفي الحاره عود القنا في الحاره

زغردي للعريس يا ” فلانه ” يم سواره

****

هيه يا اللي ع الجبل يا بو القرنين

في بلدنا تعليله وزفه لعريسنا الزين

***

ويا راكب مهره غرّا ومحملها سجاجيد

العريس في حفظ الله عروسه بنت أجاويد

***

يا راكب مهره غرّا محملها صواني نحاس

يا ” الولد ” في حفظ الله عروسه بنت ساس وراس

ويا راكب مهره غرّا ومحملها سمك مقلي

” الولد ” في حفظ ربه عروسه طيّبة الأصل

***

يا ميّة نبع من تحت عليّه يسلم ” فلان ” عازم العربان

يا ميّة نبع من تحت حيطان يسلم ” فلان ” عازم العربان

***

يا لوكس في جوّى الدار جيت أنا شعلته

تبشّر يا ها ” العريس ” وهذا اللي طلبته

ويا لوكس في جوّى الدار جيت أنا ضويته

وتبشّر يا ها ” الولد ” وهذا اللي تمنيته

********

لولاك يا ها ” العريس ” لا جينا ولا تغنينا

ولا دعسنا الحصى والشوك برجلينا

ولولاك يا ” العريس ” واعزمن نور عويناتي

وما وقفت على حيلي ولا صفقت بديّاتي

لولاك يا ها ” العريس ” وأعز من نور عينيه

ما وقفت على حيلي ولا سحجت بايديه

******

قمح ديرا باني يا حايط ع الميه

وابتشر يا ” العريس ” جينالك جيّه

وقمح دير باني يا حايط ع البحور

وتبشر يا ” الولد ” وجينالك طابور

********

وجيت أغني للعريس لخوف يقولوا زعلانه

يا ريت عميره طويل بعدد حبّ الرمانه

***

غنين له لتشبعن بعدد ورق الحنا

والفرح هيو عنا والحزن يبعد عنا

وغنين له تتشبعن بعدد صرار الوادي

والفرح هيو عنا والحزن يبعد غادي

***

مرق يا ” الولد ” من الحاره عريس

رقبته شبرين من فوق القميص

ومرق يا ” العريس ” من الحاره مرق

ورقبته شبرين وهيك الله خلق

بدلة العريس ي العروس واكوى بنايكها يعطيه طول العمر تيعيش ويعتقها

وبدلة العري يا العروس بالعطر رشيها يعطيه طول العمر تيعيش ويهريها

***

لا تبيع رجالك يا شاب ” فلان ” ولا تبيع رجالك

مكمنه قدامك زلم الأعادي ومكمنه قدامك

ولا تبيع المهره يا شاب ” فلان ” ولا تبيع المهره

ومكمنه في الثغره زلم الأعادي مكمنه في الثغره

*********

والله ما برقص للناس ولا رعانه في الراس

الا ميشان العريس حقه وواجب على الراس

والله ما برقص غيه ولا رعانه فيّه

كله مشان العريس وحقه واجب عليه

********

بدقيقه ساق السيارة بدقيقه باركيله في العروس يا صديقه

في ساعه ساق السيارة في ساعه باركوله في العروس يا جماعه

*******

عريس يا بو بنطلون والله معك دايم دوم

وعريس يا بو نظاره وما أحلى مشيك في الحاره

*******

ميلي ميلي يا شجرة السرّيس وميلي ميلي يا حامله السرّيس

ميلي ميلي ع ” فلان هالعريس ” ميلي ميلي ومية اسم الله عليه

وميلي ميلي يا شجرة التفاح ميلي ميلي يا حامله تفاح

ميلي ميلي ع ” فلان أبو الفراح ” ميلي ميلي واسم الله عليه

*******

من بين الجلسه نادولي العريس من بين الجلسه

وخرزة النفس حطّوا في حزامه خرزة النفس

*****

وتفضل لا يا ” الولد ” تعبيلك تتن ورق

واللن يخليك خيّك وشوره ع البلد مرق

وتفضل لا يا ” الولد ” اعبيلك تتن هيشي

والله يخليلك بيّك وشوره ع البلد يمشي

*********

ومسا الخير واحلى من الحلاوه وبنغني للعريس من الغلاوه

ومسا الخير من حاره لحاره ونغني للعريس ابن الاماره

*******

بالله ازرعوا لي طريق عمان رمان عشان ” الولد ” غزال البر ظميان

وبالله ازرعوا لي طريق عمان لوز اخضر عشان ” الولد ” غزال البر يتمختر

بالله ازرعوا لي طريق عمان ريحان عشان ” العريس ” غزال الفلا وحداني

وبالله ازرعوا لي طريق الشام تفاح عشان ” العريس ” غزال الفلا يرتاح

*******

خوات العريس يلعبن ع سواره صالون داره مقعد للأماره

وخوات ” فلان ” يلعبن ع الخاتم صالون داره مقعد للحاكم

خوات ” فلان ” يلعبن ع الذبله صالون داره مقعد للصربه

********

مندلينا يا حامله على أمه ومندلينا يا ميمتي يمّه

عزيز علينا بنغني ” للولد ” عزيز علينا ويا ميمتي يمّه

وبرتقالي يا حامل على أمه برتقالي يا ميمتي يمّه

عزيز وغالي بنغني ” للعريس ” عزيز وغالي ويا ميمتي يمّه

********

بالحسيس الزين نادوا ” لفلان ” وبالحسيس الزين

من الغنم عنزين هاتوا ” للعريس ” من الغنم عنزين

********

صفوا الكراسي طاره ع طاره ونادوا لي العريس من بين الامارة

***

مرحبا بك يا ” العريس ” وانا اختك والعزوه عزوتك واولاد عمتك

ومرحبا بك يا ” الولد ” ولا تهتم والعزوه عزوتك وأولاد العم

والله لبيع الشعر لوان الشعر ينباع واشتري للعريس ساعه واشنشلها برباع

والله لاجلب الشعر لو ان الشعر ينجلب وانا لشري للعريس ساعة واشنشلها ذهب

“فلان” يا بو باروده وقطر الندى متدلي

يومِن وتشوفك عيني كل الهموم توّلي

لاقاني العريس طلعة الشمس ومفرق شاليشه ع النمره خمسه

وشفت أنا “فلان” بشارع عمان الباروده في ايده والساعه ذهبان

ولاقاني العريس بشارع بيروت الباروده فيده والساعه ياقوت

***

وبضوي على البرنده زر الكهرب في فراحك يا هالعريس للبس ذهب

ويا زر الكهرب بضوي على الحظير وفي فراحك يا هالعريس نلبس حرير

***

ع عرق التينه علق جاكيته ع عرق التينه

ما في المدينة مثل جاكيته ما في المدينه

***

حامل فيده تفاحه هالعريس حامل فيده تفاحه

الله معه الله

ها الشباب الفلاحه تلعب له ها الشباب الفلاحه

والله معه الله

حامي فيده سلة لوز هالولد حامل فيده سلة لوز

الله معه الله

وها الشباب تلعبله بالمترليوز هالشباب تلعب له

والله معاه الله

*******

ليله سعيده والقمر ع داري كله من شانك ي العريس يا الغالي

ليله سعيده والقمر ع الحشيش كله من شانك ي الولد يا عريس

وليله سعيده والقمر معكر كله من شانك يا فلان يا الأسمر

***********

غربي البلد فيه دار فيها طبله وزماره

فيها ها ” الولد ” عريس عازم ع كل الحاره

غربي البلد فيه دار فيها طبل وفيها زمار

فيها ها ” الولد ” عريس عازم ع شيخ التجار

**********

رن السسيف ع بلاط المدرسه يا شاب ” فلان ” يا ذهبه مخمسه

ورن السيف ع بلاط الجامع يا شاب ” فلان ” يا ذهب بلامع

بقول العريس يا رجالي شدوا معي عينوني

غد الفرح بجيكم بيجي كما جيتوني

يقول العريس يا رجالي شدوا معي عصريه

غد الفرح بجيكم وامشي على رجليه

ويقول العريس يا رجالي شدوا معاي لباكر

غد الفرح بجيكم وبيجي ع القدم شاكر

الفاردة الزفة والنصة

كانت العادة ان يخرج جميع المدعوين لحضور حفلة الزفاف ، من بيت والد العريس ، لاحضار العروس من بيت والدها ، ويتقدم الرجال والعريس راكبا فرسا أو جملا ثم النساء ، بحيث يكون العريس في الوسط ” أي الرجال اولا فالعريس والنساء من بعده ” . ومنذ ساعة خروجهم وحتى عودتهم يغني الرجال أغان تسمى ” الهجيني ” بينما تنشد النساء الاغاني الخاصة بالمناسبة المبهجة . ولم تكن النساء تنقطع عن الغناء اثناء مسيرة الفاردة ، في حين ان الرجال كانوا يأخذون قسطا من الرحلة ، سيما وان كان بيت العروس يبعد كثيرا عن بيت العريس ، ثم يعاودون الانشاد قبل وصولهم بيت والد العروس بكيلو متر واحد أو اكثر قليلا ، وكذلك الحال في طريق عودتهم الى بيت العريس ، ومن اغاني الهجيني التي كان يقولها الرجال ، اضافة الى ما ذكرناه في ابواب سابقة الاغاني التي نسجلها الان :

والشمس غابت يا ابن شعلان

وأريد أدوّر معازيب

والدلة تسكب على الفنجان

وبهارها جوزة الطيب

يا ولد شمعة الديوان

يا مهللي بالضيف ترحيب

ويا ونتي ونة الحالي

واللي جاي عن ولدعمه

يا ونتي ونة الوجعان

ونة عليل على حاله

يا شوقي واحلب حليب طيور

ولا تقلع من الديرة

******

عليوم عليوم لو ان الرفق يدوم

لغز رايات وابني في الحَمَار رجوم

يحرم علينا الصلح يا بدوان تايجينا القول للديوان

ننزل على القومان شهرين نبحش علاليهم بعود الزان

******

ويا عيال ويا مغربين اثنين لعند القدس واخلفوا النية

ويا ولد وارسل لنا المكتوب مع الهوى والشوفيريه

******

يلله الحلالات ى النير واشري ثلاثة حناتير

واحد يزم العمد والبيت وواحد يزم الغنادير

وواحد يكسدر على بغداد يجيب علوم المكاتيب

******

ظليت اباري في ظعن خلاني تمنه حط بين وادي

لن قربوا طابت العيشه ولن ابعدوا مين يسليني

*****

هيلك يا بنت نازلين الدرب زين العلالي يشرحن القلب

هيلك يا بنت نازلين فلاحه يمين بيك للغنم ذباحه

******

يا حوفي يا خطو الولد ما ينسرى بك بالظلام

بالبيت نار موقده بارض الخلا ماله كلام

******

يا نجمة الصبح هبتني من حضن خلي وانا نايم

كل المخاليق سبتني حسبنا بالله على الظالم

******

يا بنت وش ردك حسبان يا شينه ما انت حميديه

وردني يا قايد الفرسان شيخ الركب للرباعيه

*****

عواد نقل الفشق لويش حليمه ركبت بسياره

*******

يا بنت ما انت على الاول ما انت على ما حاكاتيني

حبك رحل والبغض حول ما اصالحك لو عزمتيني

******

فلاحه ما اريد فلاحه

تلبس على الثوب سروال

واريد انا اللي قفا الساحه

ومرشرشه الثوب برياحه

*******

بنت الردي لو زهت بالعين

ما يرفع الراس طرياها

*******

يا طير يا مرفرف الجنحان

سلم على قدري ومجلي

وسلم لي على باقي العربان

سلم ع شوقي ان نشد عني

*******

حلت لي البنت تجر الثوب

تاطي على نعيم الريش

يا صيت ابوها وصل حوران

مع نقالين المهابيش

*******

زواهي يللي سلت عقلي

زواهي بنت الحماليه

يا قرونها ع الصدر عشره

حتى الخواتم عدد ميّه

*******

مثقال دشر قريته

يدخل ع عبد الله الشريف

حطوا ” الهرشان ” بقربته

خايف ع القمح النظيف

*****

يا بنت واجانا دور لك

حكمك علينا حكم سامي

عمان والسلط فدوى لك

والترك وبلاد الروام

ضي القمر يا خدود لك

يا كهربا بسوق الشوام

سبعة سلاطين طاعن لك

والشيخ من شوفتك قام

*****

يا شمسنا ما احرك

زهد الغظا والعرق سالي

يا رب اني طالبك طلبه

يا غيمة تظلل على الغالي

*****

وهنا احدهم يصف الخدمة في الحرس الوطني الاردني ، فيهجن قائلا :

من بعد زم الفشق وصفوف

واليوم كزمات في ايدينا

حس الامباشي قتلنا خوف

زي الغنم يوم انا هجينا

ومن اغاني النساء نسجل ما يلي :

واقبلوا والحافظ الله من عيون الحاسدين

واقبلت والحافظ الله نكعم السيات بالله

********

واحنا مشينا من بلد لبلد واحنا خذينا بنت شيخ البلد

واحنا خذينا فلانه من بيها يا بيها بسوى مداين حلب

واحنا ذبحنا ع الطريق كبشين لما وصلنا دار ابوك يا زينه

واحنا ذبحنا ع الطريق عنزين لما وصلنا يا مكحولة العين

واحنا ذبحنا ع الطريق ذبيحه لما وصلنا دار ابوك يا مليحه

********

جوز غزلان هنه وهنه راشقات القدم بالحنا

يا ريتك ى العريس تتهنّا جوز الغزلان ياما احلاهن

راشقتا القدم حناهن يا ريتك يا العريس تتهنّا بهن

واذا ما تزوجت العروس من حامولة غير حامولتها ، فإن قريباتها يغنين في بيت

اهلها مثل هذه الاغنيات :

يا جرار السمن يا العروس يا جرار السمن

تطلعي من الاهل خسارة تطلعي من الاهل

يا جرار الزيت ى العروس يا جرار الزيت

تطلعي من البيت خساره تطلعي من البيت

********

يا ما مشينا من الصبح للعصر لا ما لقينا طيبة الاصل

يا ما مشينا من يومن وليله لا ما لقينا بنت كبير العيله

*********

قطعنا الوادي يا عمي على اللي خصرها ظمي

وقطعنا الواد ابو خوخه على لباسة الجوخه

قطعنا الواد ويا خالي على اللي مهرها غالي

وقطعنا البحر بحرين على مكحولة العين

قطعنا الواد ابو صرة على الجميله والحره

وفي بيت العروس وعلى لسانها تغني نساؤنا وفتياتنا :

وشديلي مخداتي يمه يا يمه وشديلي مخداتي

وما ودعت جاراتي وطلعت من البيت ولا ودعت جاراتي

وهذه اغنيات مناسبة :

لا تحسبونا يا ناس بعد المال عبسنا

حطينا في يد العروس وع الكراسي جلسنا

********

روحوا عصيريه هيلك يا اميره روحوا عصيريه

عُقـُلهم ملوية زين الحلايا عقلهم ملويه

روحوا بالليل هيلك يا اميره روحوا بالليل

راكبين الخيل زين الحلايا راكبين الخيل

********

وفي العادات والتقاليد القديمة كان خال العروس يطلب عباءة، وذلك كحق له في بنت اخته، وبذلك يسمح لها بالزواج والخروج من بيت والدها، هكذا كانت التقاليد ولذلك تؤكد الاغاني القادمة صحة تحليلنا ولاجل ذلك غنت النساء وبفخر :

قومي اطلعي قومي اطلعي لحالك

واحنا حطينا حقوق ابوك وخالك

وقومي اطلعي قومي اطلعي لبره

واحنا حطينا حقوق ابوك من مره

قومي اطلعي عروس ويا مليحه

سرج الفرس بنقط منك ريحه

بي العروس ويا قدح رمان

وانت رضيت والا كماك زعلان

وحين تصل الفاردة الى بيت والد العروس ، كانت النساء تردد :

جيناك البيض قصاده يا بي ” الولد ” جينك البيض قصاده

عطا يا جيد الخالي وتعطينا بنتك عطا يا جيد الخال

********

ويخاطبن اخ العروس :

واطلع يا خيّ العروس وحيي ضيوفك

لا طلع واحيّي ضيوفي لكانوا ميه والوفي

ويخاطبن والدها بالاغنيات التالية :

يا بي ” فلان ” لا تكون طماع والمال يهفى والنسب نفاع

وهذه اغنية اخرى بالمناسبة :

فرشوا الحارة سجاد تتعبر بنت الجواد

فرشوا الحارة حرير تتعبر بنت الامير

والنساء يخلفن على والد العروس ، عندما تخرج العروس من بيته :

يخلف على ابو ” فلان ” يخلف عليه للاول

طلبنا النسب منه واعطانا غزال مصور

الله يخلف على ابو ” فلان ” يخلف عليه خلفين

طلبنا النسب منه واعطانا بناته الثنتين

الله يخلف على ابو ” فلان ” يخلف عليه بالثاني

طلبنا النسب واعطانا جوز غزلان

*********

محلى ي العروس والذهب عليها بيضا عزيزه محنيات ايديها

محلى ي العروس والذهب ع الراس مثل الغزاله صادها القناص

وعندما كانت الفاردة على جمل :

يا جراس جملنا في السهل مرخيه ع ظهير نجمة البدريه

يا جراس جملنا في السهل مواح ع ظهير جملنا نجمة الصباح

يا جمل خف وارفع ساقك ريحة المسك يا سواقك

********

ع العرب وهمان يا خي جملنا ع العرب وهمان

نجمة الريان ع ظهير جملنا نجمة الريان

وحين كانت الفاردة على فرس :

جولي بحديدك يا مهيره للزين جولي بحديدك

صنوبر عليقك لن ما حصلش شعير صنوبر عليقك

وجولي بالفرح يا مهيره للزيمن جولي بالفرح

عليقك قمح لن ما حصل شعير عليقك قمح

*********

والخيل تحبس ع القناه تا تلبس وصوا ورا ” فلان ” ييجي يلبس

البكائيات

بكائيات فلسطينية على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر

لعل النواعي والتناويح هي من أوسع الأبواب في التراث الشعبي الفلسطيني المعاصر ، حتى أننا نكاد نسجل أن بلادنا فلسطين تتصف بالحزن ، رغم الجمر الذي يتقد تحت الرماد ، وقد تعود كثرة البكائيات عندنا حتى انها تطغى في عددها على كل الأشعار الشعبية الأخرى ، الى كثرة الشهداء الذين سقطوا في ساحات الشرف والكرامة ، ونحن هنا سنسجل بعض النواعي والتناويح التي قيلت في قريتنا السواحرة –جبل المكبر- قرب القدس فقط ، حين فجعت الشعوب العربية برحيل الرئيس الخالد جمال عبد الناصر، فلقد كان لعبد الناصر دور وطني بارز في خدمة شعبه ووطنه والسهر على قضايا الشعوب العربية المصيرية ، اضافة الى ذلك فقد كان الرئيس الراحل مناضلاً في صفوف حركة التحرر الوطني العربية والعالمية ، ومثلت وفاته خسارة جسيمة للانسانية جمعاء ، وكانت نساؤنا وهن يقمن بدور ” مرددات ” التناويح والنواعي على الأموات شيوخاً كانوا ، شباباً ونساءاً أو أطفالاً ” ينصبن ” المناحات في باحة على قمة جبل المكبر متأثرات بالمصاب الأليم ،ومعروف أن شعبنا العربي الفلسطيني قد أقام جنازات رمزية تحمل نعوشا رمزية ايضا ، اتجهت من كل قرية ومخيم باتجاه اقرب مدينة ،حيث تجمعوا في اكبر ميدان في كل مدينة وهم يرفعون صور الزعيم الراحل والعلمين المصري والفلسطيني،ثم توجهوا الى اكبرمساجد المدينة وصلوا صلاة الغائب على روح الراحل الكبير .وفي القدس سارت الجنازات الرمزية من كل قرى ومخيمات المدينة الى ساحة الأمة حيث تجمع أكثر من مائتي ألف مواطن يبكون زعيم الأمة ويهتفون للوحدة العربية،مما اضطر قوات الاحتلال الى النسحاب من المدينة امام الحشود الحزينة والغاضبة والتي توجهت الى المسجد الأقصى لصلاة الجنازة على روح الرئيس الشهيد،ووقف موشيه ديان وزير الحرب الاسرائيلي آنذاك ،وصرح امام الصحفيين:”في هذا اليوم غابت شمس العرب”.وقد بكى الفلسطينيون جميعهم رجالا ونساءا الراحل الكبير ،ورُفعت الرايات السوداء على البيوت،ولطمت النساء الخدود وشققن الجيوب ولبسن السواد لأكثر من أربعين يوما .

وهذه البكائيات التي رددتها نساء قريتنا في تلك المناسبة المفجعة ننشرها كما وردت في كتاب :”صور من الأدب الشعبي” للباحثين:د. محمد شحادة وجميل السلحوت

عبد الناصر لما مات وعبد الناصر لما مات

وارتـّجـت سبع بلادات وارتـّجـت سبع بلادات

وانهدّين العلالي وانهدين العلالي

والقصور المبنيات والقصور المبنيات

********

يا قلعة الصوان هالت كلها

يا ناصر واطلع للمشاكل حلها

ويا قلعة العروبة هالت كلها

ويا ناصر واطلع للقضية وحلها

*******

ويا قدر الكرم مكفي على بابه

ولا يا حسرتي ببكي على اصحابه

يا قدر الكرم مكفي على البيبان

لا يا حسرتي ببكي على الضيفان

ولا يا نجوم الليل غرّبن وشرّقن

على قبر جمال نيخن وسلمن

قولن يا كحيل العين مالك نايم

ومالك نايم ومرخي اللثام

*******

ولا يا وريقة طارت على سوريا حارت

خذها يا ابو عمار وقريها تلقى فيها خبر ومصيبة

فيها يا جمال عبد الناصر راح غصيبة

في التنويحة أعلاه نلاحظ أن نساءنا لا يؤمن بأن عبد الناصر مات موتاً طبيعياً ، بل ذهب اما ضحية للغدر أو ضحية للقضايا التي أثقلت كاهله، وكدرت عليه حياته . وهذه تنويحه تخاطب فيها هدى ابنة الزعيم الراحل وتوصيها بالحداد على والدها :

قولوا لهدى ولا تقولوا لغيرها والكحل الأسمر لا تحطه بعينها

وقولوا لهدى ولا تقولوا لحدا والثوب الأحمر لا تحطه على الندى

والمرثية الآتية فيها تنبيه للأعداء ، فإن هال ” سور ” قام مكانه آخر ، يصد عنا الأعداء والمكائد الامبريالية :

لا تتشفوا يا اعدانا راح سور وظل سور

يسلم لنا أبو عمار نمشي به عرضين وطول

ولا تتشفوا يا اعدانا راح سور وظل اثنين

يسلم النا ابو عمار نمشي به على الصفين

لقد كانت مصر عبد الناصر ، ركيزة كبرى لحركات التحرر في العالم ، ولذلك فالبكائية الآن ، تمثل مصر بقائدها يلجأ اليه من يطلب الدعم والعون :

جمال يا حوض الورد والندى مفتّح عليه

والعطشان ييجي يشرب والتعبان يقيّل عليه

وفلسطين ، مات عبد الناصر في خضم قضيتها ، فهل تنساه ؟ لا ، ففلسطين لا تصدق الخبر ولا تصدق أن عبد الناصر مات ، وان حدث فإنه في قلب كل فلسطيني حر شريف :

لا تفيعوا الخبر ولا تخلفوا النيّة

عسى انه يكون معزوم عند الأفندية

ولا تصدقوا الخبر ولا تقولوا عنه مات

عسى انه يكون معزوم عند الزعامات

وهاتوا لي ختومه ولا تقولوا مات

صيتك يا ابو خالد على فلسطين فات

وغريب أن يموت عبد الناصر في هذه العجالة ، وهو قبل وفاته بساعة كان في وداع أمير دولة الكويت بمطار القاهرة ( 26\9\1970 ) في اجتماع القمة لحل النزاع ( الحرب الأهلية ) في الأردن ، بين المقاومة وقوات النظام :

ظبي قولك لما أقول قولي وأنا البداعه

قولي على جمال يا اللي انتقل في ساعة

وظبي قولك لما اقول قولي يا ورق حنّا

قولي على جمال هللي شعبه ما تهنى

وفي المرتبة الثانية حزن عميق يزيد جروح القلب ألماً على ما حدث :

لا تعلمّ يا ولد علمك رَدى لا تعلم وتقول أبو خالد غدى

ولا تعلم يا ولد علمك شمات لا تعلم ولا تقول أبو خالد مات

وهذه على لسان الرئيس الراحل أثناء نزاعه بين الموت والحياة ، يطلب رؤية ياسر عرفات ( ابو عمار ) ليودعه :

ودّوا لبو عمار مهيرة بحراس عسى ييجي والروح في الراس

ودّوا لابو عمار مهيرة تجري عسى ييجي والروح في صدري

ويوم نعي جمال عبد الناصر ، يوم شديد الوطأة المؤلمة على النفوس :

يوم أبو خالد يوم حرّ وقاسي والزلم كفـّت والوجوه عباسي

ويوم ابو خالد يوم شوب وشرقية يومه تطرح الحبلى لو تكون بكرية

يوم ابو خالد يوم هدّوا مدينة يحرم على البنّا الحجر والطينة

يوم ابو خالد هدوا الحارة يحرم على الصايغ صنع سواره

***************

زعق السادات قال له الشعب مالك

دعا لبو خالد في الفراق قاله عقبى لك

وزعق السادات قال له الشعب غرّب

دعا لبو خالد في الفراق قاله جرّب

زعق السادات وشلّت يمينه

وارعب البلاد يرعب حريمه

في البكائية أعلاه انتقاد بعيد النظر لما آل اليه حكام مصر بعد عبد الناصر ، ومع أنه مات في مصر لكن سيرة عبد الناصر في فلسطين والشام وبلاد العرب والدنيا كلها :

مات في بلاده يا صيته في الخليل

ويا شراشب مهرته فظة وحرير

ومات في بلاده يا صيته في حلب

ويا شراشب مهرته فضة وذهب

*****

ويا هدى قولي ع ابوك قولي الخير ع حِلّه

بـيـّك لو طلع زعلان حرّم يخش محله

يا هدى حرمي التطريز ع ذيالك

يا بـيـّك حرّم الجينة ع ديارك

ويا هدى حرّمي التطريز ع القبة

ويا بيّك حرم الجينة ع الهدّه ( بمعنى المعركة )

****

حكيم جمال شد ع خيله

خالد يا عظيدي هاتلي غيره

وحكيم يا جمال وشد ع حافله

خالد يا عظيدي هات لي الخلافة

****

يا بي خالد يا شوكة السويد

يا حمل الفرس صيتك ولا ابو زيد

ويا بي خالد يا شوكة العلقم

يا مرّ الشجر ويا حلو في الملقى

****

ايش قلتن ع ابو خالد يا امات-أمهات- المناديل

سبع وصدر ضيوفه على ضوّ القناديل

وايش قلتن ع ابو خالد يمّات-أمهات- الشعر الأشقر

سبع وسدّر ضيوفه ع ضو القمر الأشعل

****

ويابا يا هدى ناوليني حزامي

وكل الرؤسا غربوا قدامي

ويابا يا هدى ناوليني كمرى

كل الزعما غربوا تحت امرى

****

يا بو خالد من الأجواد ما ينسخى بيه

في سنين الغلى يسوى خزاين مال

****

يا هدى ديري لي المخدة

ودّيت أرسلت- لابو عمار موّده

مرسالهم طوّل عليّه

ويا هدى ديري لي الوسادة

وديت –أرسلت- لابو عمار رسالة

ومرسالهم طوّل عليّه

****

لطلع =سوف اخرج- على داره واهدّ اركانها

يا قشيل – حسرة – هدى ظيّعت جمالها

ولطلع على داره واهدّ اللي ابتنى

يا قشيل -حسرة- هدى ظيعت –أضاعت- عود القنا

****

على ظهر القبر لزرعلكم ريشه

بتحبوا الهوى والكيف على التمباك

****

ونجمة في السما بتقول يا ستـّار

بقى ابو خالد يكيد الغدار

ويا نجمة في السما بتقول يا راسي

وبقى ابو خالد كيّاد الانجاس

لاحظوا الحس المرهف في البكائيات التي سجلناها ، وخاصة الأخيرة منها فليس الناس فقط هم الذي غمّهم خبر نعي الفقيد ، بل وحتى النجوم في السماء دارت بها رؤوسها ألماً وحزناً ، فراحت نساؤنا تنعى الزعيم على لسان النجوم :

شعبك على الحيط باتوا أهل النخوة والشجاعة ماتوا

وشعبك على الحيط ظلوا أهل النخوة والشجاعة زلّوا

***

تمنيتهم مع قفل شامي يقيلوا على باب داري

تيجي عزيمتهم عليّ

وتمنيتهم مع قفل مصري يقيلوا على باب قصري

ولشدة الحزن تطالب البكائية بأن لا تشرق الشمس في ذلك اليوم الأسود :

يا شمس يوم فراقهم لا تطلعي والقبر فظي -أصبح خاليا –

والنصايب لا تلمع

**

يا شرّاب التتن –السجائر – لا تشرب قبالي تشرب تتنهم بيجي على بالي

**

يا هدى زغردي على اللي لفى –جاء- ع البيت

حطيلي – ضعي لي- زهابي- مؤونتي- غد أنا مشيت

***

عطشان على النيل من وين بدّي أدور ؟

فلسطين عاودي يا محاوطه ببحور

عاودي يا بلادنا حاطت فينا الصهيون

وعطشان على النيل من وين بدي اشرب

“انتهى”

تعليق واحد

  • شكرا على هذه المادّة الضرورية.
    هلّا زودتني بعنوانك الإلكتروني،

    تحياتي،

    حسيب شحادة

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات