فلسطين رواية الزّمان والذّاكرة

ف

هذا عنوان فضفاض وواسع، وبحاجة إلى أبحاث طويلة ودراسات عميقة، قد تمتد إلى تاريخ ما قبل التّاريخ، وإلى الغزوات والاحتلالات التي تعرّضت لها فلسطين، وإلى الحضارات التي تعاقبت على هذه البلاد، ويقودنا أيضا إلى الدّيانات السّماويّة، خصوصا وأنّ فلسطين مهد لهذه الدّيانات، وقد يقودنا إلى معتقدات سادت في هذه البلاد قبل الدّيانات السّماوية، ويقودنا إلى الطّامعين تاريخيّا في هذه البلاد، ففلسطين التّاريخيّة تميّزت بأنّها بلاد التّعدّدية الثّقافية، وتكاد تكون متحفا كبيرا يحمل في جنباته موروثا هائلا لثقافات متعدّدة، لكنّها في المحصّلة تبقى الوطن التّاريخيّ للشعب العربيّ الفلسطينيّ، بغضّ النّظر عن الدّول التي قامت عليها وما تحمله من مسمّيات.
وإذا ما عدنا إلى الرّواية الأدبيّة بمفهومها الحديث، فإنّنا ندخل أيضا في بحر مترامي الأطراف، ويقودنا هذا إلى تساؤلات كثيرة، فعن أيّ روايات سنتحدّث؟ هل سنتكلّم عن الرّواية الدّينيّة مثلا؟ أم عن الرّواية التي كتبها فلسطينيّون عرب، أم عن روايات كتبها عرب عن فلسطين، كون فلسطين قضيّة الشّعوب العربيّة الأولى؟ أم عن الرّواية التي كتبها يهود هاجروا إلى فلسطين ضمن الهجرات الصّهيونيّة، وما تمخّض عنها من إقامة دولة اسرائيل في 15 أيّار –مايو- 1948؟ أم عن روايات كتبها أعاجم زاروا فلسطين وتأثّروا بما شاهدوه فيها؟
في الواقع أنّ هذا العنوان “فلسطين رواية الزّمان والمكان” فضفاض ويدخلنا في متاهات تحتاج إلى دارسين وباحثين مختصّين ومتفرّغين لسنوات؛ ليستطيعوا الاحاطة بالموضوع.
لذا فإنّني سأقصر هذا الموضوع بالإشارة إلى تاريخ الرّواية الفلسطينيّة، بشكل سريع، ومن ثمّ سأنطلق بشيء من التّفصيل عن بعض الرّوائيّين والرّوائيّات المقدسيّين المعاصرين وبعض رواياتهم، وسأكتب أيضا شيئا عن تجربتي الرّوائيّة، آملا أن أعطي الموضوع شيئا ولو بسيطا ممّا يستحقّه.
بدايات الرّواية الفلسطينيّة:
يجمع الباحثون أنّ خليل بيدس أوّل من كتب الرّواية الفلسطينيّة في القرن العشرين، فقد صدرت روايته”الوارث”عام 1920، وهي رواية اجتماعيّة، ومعروف أن بيدس قد ترجم عددا من الرّوايات الرّوسيّة إلى اللغة العربيّة، ومنها:
– ابنة القبطان لألكسندر بوشكين – ترجمة 1898م.
– القوزاقي الولهان- ترجمة 1899م.
– شقاء الملوك – ترجمة 1908م لماري كوريللي.
– أهوال الاستبداد – لتولستوي- ترجمة 1909م.
– هنري الثامن وزوجته السادسة – ترجمة – القدس 1920م.
– العرش والحب – ترجمة 1921م.
وكذلك فقد صدرت في العام نفسه رواية” الحياة بعد الموت” لاسكندر الخوري البيتجالي الذي ترجم عددا من الرّوايات الأجنبيّة إلى العربيّة، منها:
– غابريــلا الحسنــاء وهي إحدى الروايات الفرنسية التي نقلها اسكندر إلى اللغة العربية.
– الفتــاه الفــارس هي رواية روسية نقلها اسكندر إلى اللغة العربية.
– يوميـات كهـل ترجم اسكندر هذه اليوميات عن الروسية.
وفي العام 1934 صدرت رواية “الملّاك والسّمسار”لمحمد عزّة دروزة، وتتحدث عن ألاعيب السماسرة في اغراء الفلسطينيّين لبيع أراضيهم للمؤسّسات الصّهيونيّة.
وفي العام 1943 صدرت رواية”مذكّرات دجاجة” لاسحق موسى الحسيني، وقدّم لها الأديب طه حسين، وكتبها على نمط كليلة ودمنة، وواضح أنّ سياسة الانتداب القمعيّة هي التي دفعته إلى اللجوء للكتابة بهذه الطريقة، ورغم الملاحظات الفنّيّة على هذه الرّواية إلا أنّ بعض الدّارسين اعتبروها”البداية النّاضجة نسبيّا شكلا ومضمونا”.
وفي العام 1948 صدرت رواية “فتاة من فلسطين” لعبد الحليم عباس.
وعندما صدرت عام 1955 رواية “صراخ في ليل طويل” لجبرا ابراهيم جبرا، كانت أوّل رواية فلسطينية استكملت شروطها الفنّيّة-حسب رأي النّقّاد-.
وفي العام 1957 صدرت رواية الشّتات الفلسطيني” صوت الملاجئ” لهدى حنا. وفي العام نفسه صدرت رواية النّكبة “فتاة النكبة” لمريم مشعل.
وفي العام 1959 صدرت رواية”بتهون” لتوفيق معمر.
وفي ستّينات القرن العشرين سطع نجم الرّوائيّ الشّهيد غسّان كنفاني، الذي قفز بالرّواية الفلسطينيّة قفزة نوعيّة، وقد أثارت روايته عن نكبة وشتات الشّعب الفلسطيني “رجال في الشّمس” الصادرة عام 1963 ردود فعل إيجابيّة واسعة لدى النّقاد. وعندما صدرت روايته الثّانية “ما تبقّى لكم” عام 1966، فتحت العيون على خيار المقاومة عند الشّعب الفلسطينيّ.
وفي ستّينات القرن العشرين صدرت عدّة روايات منها:
“حبّ بلا غد” لمحمود عبّاسي، صدرت عام 1962، ورواية “بقيت هناك” لعطالله منصور.
وفي العام 1964 صدرت رواية “المشوّهون” لتوفيق فيّاض، وهي أوّل رواية فلسطينيّة تصدر في مناطق عام 1948، كما صدرت في نفس العام رواية “الليل والحدود” لفهد أبو خضرة. وفي العام 1967 صدرت رواية “أجنحة العواصف لسليم خوري.
بعد حرب حزيران 1967
تعتبر هزيمة حرب حزيران 1967 كارثة كبيرة، لا يزال الشّعب الفلسطيني بشكل خاصّ، والشّعوب العربيّة بشكل عام، تعاني من ويلاتها حتّى يومنا هذا.
ونتائج هذه الحرب الكارثيّة لم تترك للفلسطينيّين خيارا غير خيار المقاومة، فانطلقت تنظيمات فلسطينيّة مقاومة، وانتظم في صفوفها الآلاف من أبناء الشّعب الفلسطينيّ وحتّى العربيّ، والمقاومة الفلسطينيّة، بثّت الأمل والخلاص في نفوس الأدباء، وبدأت مرحلة أدبيّة جديدة.
وقد عبّرت رواية غسّان كنفاني “عائد إلى حيفا” عن الصّدمة التي عاشها الفلسطينيّ اللاجئ، وحلمه بالعودة إلى دياره، فعاد بطل الرّواية على غير ما كان يتمنّاه، عاد مهزوما يزور بيته الذي يسكنه مستوطنون.
ولا بدّ هنا من الإشارة إلى رواية “الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النّحس المتشائل” لإميل حبيبي، والتي صدرت عام 1974 في حيفا، وتعتبرهذه الرّواية علامة إيجابيّىة فارقة في الرّواية الفلسطينيّة بشكل خاصّ، والعربيّة بشكل عام، وترجمت إلى أكثر من 20 لغة أجنبيّة.
ويجدر التّنويه هنا أنّ مئات الرّوايات الفلسطينيّة قد صدرت بعد عام 1967، والتّطرّق لها يحتاج أبحاثا طويلة، ونحن هنا نذكر بعض رموز مرحلة سبعينات القرن العشرين، كروّاد لمرحلة هامّة في مسيرة شعبنا الفلسطينيّ، ومن هذه الأسماء إضافة إلى الشّهيد غسّان كنفاني الذي اغتالته اسرائيل في تموز 1972، وإميل حبيبي ظهرت أسماء أدبيّة كبيرة أخرى، منهم سحر خليفة، التي حظيت روايتها “الصّبار” 1976، وقبلها رواية”لم نعد جواري لكم” 1974، باهتمام النّقاد، وواصلت اصداراتها الرّوائيّة حتّى يومنا هذا، وكذلك رواية “السّفينة” 1970، و”البحث عن وليد مسعود” 1978 لجبرا ابراهيم جبرا، ورواية “حارة النصارى”1974 لنبيل خوري، ورواية “نجران تحت الصّفر” 1976 ليحيى يخلف، و”أيّام الحرب والموت” 1973، و”البكاء على صدر الحبيب” 1974، و”العشّاق” 1977 لرشاد أبو شاور، و”أنت القاتل يا شيخ” 1976 لسلمان ناطور، وغيرهم ممّن واصلوا كتابة الرّواية، واستمرّوا في ذلك حتّى يومنا هذا.
وبما أنّ فلسطين ولّادة، فإنّه في كلّ عقد يظهر روائيّون يتركون بصماتهم على الأدب الفلسطينيّ والعربيّ بشكل لافت، ومنهم ابراهيم نصر الله، الذي صدرت روايته الأولى “براري الحمّى” عام 1985، وجمال ناجي الذي صدرت روايته الأولى “الطريق إلى بلحارث” عام 1982. وحسن حميد الذي صدرت روايته الأولى “السواد أو الخروج من البقارة”- رواية- دمشق 1988.
وهناك أسماء كبيرة أخرى أيضا مثل: د. أحمد حرب، د. أحمد رفيق عوض، ليانة بدر، سلمان ناطور، عزّت الغزّاوي، أسامة العيسة، وليد أبو بكر، ديمة جمعة السّمان، محمود شقير، جميل السلحوت، ربعي المدهون، أنور حامد، أسعد الأسعد وآخرون.
أدبيّات السّجون:
ولا يمكن هنا القفز عن أدبيّات الأسرى الفلسطينيّين، مع أنّ الكتابة عن التّجربة الإعتقالية ليست جديدة على السّاحة الفلسطينيّة والعربيّة وحتّى العالمية، ونحن هنا ولأهمّيّة هذا الموضوع نشير إلى ما استطعنا جمعه من كتابات للأسرى في مختلف المجالات وليس في الرّواية فقط، وممّن كتبوا بهذا الخصوص: خليل بيدس صاحب كتاب”أدب السجون” الذي صدر بدايات القرن العشرين، زمن الانتداب البريطاني، وكتب الشيخ سعيد الكرمي قصائد داخل السّجون العثمانيّة في أواخر العهد العثمانيّ، كما كتب ابراهيم طوقان قصيدته الشّهيرة عام 1930تخليدا للشّهداء عطا الزير، محمد جمجوم وفؤاد حجازي، وكتب الشّاعر الشّعبيّ عوض النّابلسي بنعل حذائه على جدران زنزانته ليلة إعدامه في العام 1937 قصيدته الشّهيرة” ظنّيت النا ملوك تمشي وراها رجال” وكتب الدّكتور أسعد عبد الرحمن في بداية سبعينات القرن العشرين (أوراق سجين) كما صدرت مجموعة قصص(ساعات ما قبل الفجر) للأديب محمد خليل عليان في بداية ثمانينات القرن الماضي، و”أيام مشينة خلف القضبان” لمحمد احمد ابو لبن، و”ترانيم من خلف القضبان” لعبد الفتاح حمايل ، و”رسائل لم تصل بعد” ومجموعة “سجينة” القصصية للرّاحل عزّت الغزّاوي ، وقبل”الأرض واستراح” لسامي الكيلاني، و”نداء من وراء القضبان، “و(الزنزانة رقم 706) لجبريل الرجوب، وروايات “ستائر العتمة” و “مدفن الأحياء”و”أمهات في مدفن الأحياء”وحكاية(العمّ عز الدين) لوليد الهودلي، وكتبت عائشة عودة “أحلام بالحرّية” و”ثمنا للشّمس”. و(تحت السّماء الثامنة)لنمر شعبان ومحمود الصّفدي، ، و “الشّمس في معتقل النّقب” عام 1991 لهشام عبد الرّازق، وفي السّنوات القليلة الماضية صدر كتابان لراسم عبيدات عن ذكرياته في الأسر، وفي العام 2005صدر للنّائب حسام خضر كتاب”الاعتقال والمعتقلون بين الإعتراف والصّمود” وفي العام 2007 صدرت رواية “قيثارة الرّمل” لنافذ الرّفاعي، ورواية”المسكوبيّة” لأسامة العيسة، وفي العام 2010 صدرت رواية”عناق الأصابع” لعادل سالم، وفي العام 2011 صدر “ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي” لمروان البرغوثي” و”الأبواب المنسيّة” للمتوكل طه، ورواية “سجن السّجن” لعصمت منصور، وفي العام 2012 صدرت رواية”الشمس تولد من الجبل لموسى الشيخ ومحمد البيروتي” كما صدر قبل ذلك أكثر من كتاب لحسن عبدالله عن السجون أيضا، ومجموعة روايات لفاضل يونس، وأعمال أخرى لفلسطينيين ذاقوا مرارة السجن. وفي العام 2011 صدرت رواية”هواجس سجينة” لكفاح طافش،وفي 2013 صدر كتاب”الصّمت البليغ” لخالد رشيد الزبدة، وكتاب نصب تذكاري لحافظ أبو عباية ومحمد البيروتي” وفي العام 2014 رواية”العسف” لجميل السلحوت” ورواية “عسل الملكات” لماجد أبو غوش، وفي العام 2015 “مرايا الأسر” قصص وحكايا من الزمن الحبيس” لحسام كناعنة، ورواية” مسك الكفاية سيرة سيّدة الظلال الحرة” و “نرجس العزلة” إضافة إلى ديواني شعر هما: “طقوس المرة الاولى”، “أنفاس قصيدة ليلية”، للأديبب الأسير باسم الخندقجي، ورواية “زغرودة الفنجان” للأسير حسام شاهين، وفي العام 2016 رواية “الشّتات”لأشرف حمدونة، وديوان “ماذا يريد الموت منا؟” لتحرير اسماعيل البرغوثي، ورواية “الأسير 1578″ للأسير هيثم جمال جابر.، وروايات ” وجع بلا قرار”، و”خبر عاجل” و “بشائر” للأسير كميل أبو حنيش.
وأدب السجون فرض نفسه كظاهرة أدبيّة في الأدب الفلسطينيّ الحديث، أفرزتها خصوصيّة الوضع الفلسطينيّ، مع التّذكير أنّها بدأت قبل احتلال حزيران 1967، فالشّعراء الفلسطينيّون الكبار محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم تعرضوا للاعتقال قبل ذلك، وكتبوا أشعارهم داخل السجون أيضا، والشّاعر معين بسيسو كتب”دفاتر فلسطينية” عن تجربته الاعتقالية في سجن الواحات في مصر أيضا.
كما أن أدب السّجون والكتابة عنها وعن عذاباتها معروفة منذ القدم عربيّا وعالميّا أيضا، فقد كتب الرّوائي عبد الرحمن منيف روايتي”شرق المتوسط” والآن هنا” عن الاعتقال والتعذيب في سجون دول شرق البحر المتوسّط. وكتب فاضل الغزّاوي روايته” القلعة الخامسة” وديوان الشّاعر المصري أحمد فؤاد نجم”الفاجوجي”.ومنها ما أورده الأستاذ محمد الحسناوي في دراسته المنشورة في مجلة”أخبار الثقافة الجزائرية” والمعنونة بـ”أدب السّجون في رواية “ما لاترونه” للشّاعر والرّوائي السّوري سليم عبد القادر، وهي (تجربة السّجن في الأدب الأندلسي- لرشا عبد الله الخطيب ) و ( السّجون وأثرها في شعر العرب.. –لأحمد ممتاز البزرة ) و( السّجون وأثرها في الآداب العربية من الجاهلية حتى العصر الأموي- لواضح الصمد ) وهي مؤلفات تهتم بأدب العصور الماضية، أمّا ما يهتم بأدب العصر الحديث ، فنذكر منها : ( أدب السّجون والمنافي في فترة الاحتلال الفرنسيّ – ليحيى الشّيخ صالح ) و( شعر السّجون في الأدب العربيّ الحديث والمعاصر – لسالم معروف المعوش ) وأحدث دراسة في ذلك كتاب “القبض على الجمر – للدّكتور محمد حُوَّر”.
أمّا النّصوص الأدبية التي عكست تجربة السّجن شعرا أو نثرا فهي ليست قليلة،: نذكر منها ( روميات أبي فراس الحمداني ) وقصائد الحطيئة وعلي ابن الجهم وأمثالهم في الأدب القديم. أما في الأدب الحديث فنذكر: ( حصاد السّجن – لأحمد الصّافي النّجفي ) و (شاعر في النّظارة : شاعر بين الجدران- لسليمان العيسى ) و ديوان (في غيابة الجبّ – لمحمد بهار : محمد الحسناوي) وديوان (تراتيل على أسوار تدمر – ليحيى البشيري) وكتاب (عندما غابت الشّمس – لعبد الحليم خفاجي) ورواية “خطوات في الليل – لمحمد الحسناوي”.
الرّوائيّون المقدسيّون:
نظرا لاتّساع وشموليّة الموضوع سأتكلّم شيئا عن الرّواية والرّوائيّين المقدسيّين، وسآخذ واحدا أو اثنين منهم بشيء من التّفصيل، فهم مولودون ويعيشون في القدس عاصمة الشّعب الفلسطينيّ، ودولته العتيدة، وغالبيّة رواياتهم إن لم تكن كلّها تدور أحداثها في مدينتهم القدس، وتحمل هموم وطنهم وشعبهم، ومن هؤلاء الرّوائيّين جمال الحسيني الذي صدرت روايته “ثريا” عام 1934، والرّاحل د. اسحق موسى الحسيني، صاحب رواية “مذكّرات دجاجة” التي صدرت عام 1943، كما صدرت رواية”صراع” لعارف العارف، ورواية “حبّات البرتقال” عام 1962 لناصر الدين النشاشيبي، ورواية”حارة النّصارى” عام 1974 لنبيل خوري.
ومن الرّوائيّين المقدسيّين المعاصرين:
محمود شقير: مبدع شموليّ كتب القصّة القصيرة والرّواية للكبار وللأطفال وللفتيان، الأقصوصة، المسرحيّة، أدب الرّحلات، المسلسلات والسّيناريوهات التّلفزيونيّة. وهو الفائز الأوّل بجائزة محمود دروش، كما فاز بعدّة جوائز أخرى.
صدرت له الرّوايات التّالية:
أحلام الفتى النّحيل/ رواية للفتيات والفتيان/ مؤسّسة تامر للتعليم المجتمعي/ رام الله 2010.
– كلام مريم/ رواية للفتيات والفتيان/ منشورات الزّيزفونة/ رام الله 2013.
– أنا وجمانة رواية للفتيات والفتيان/ منشورات أوغاريت / رام الله/ 2000 .
– كوكب بعيد لأختي الملكة- رواية للفتيات والفتيان/ منشورات تامر للتعليم المجتمعي/ رام الله/ 2007.
– أنا وصديقي والحمار- رواية للفتيات والفتيان- مؤسّسة تامر للتّعليم المجتمعي-رام الله 2016.
– “في انتظار الثلج” رواية للفتيات والفتيان/ منشورات الدار الأهلية بعمّان 2016.
– فرس العائلة-رواية- دار نوفل-بيروت 2013.
– مديح لنساء العائلة-رواية.- دار نوفل بيروت-2015. ووصلت إلى القائمة القصيرة النّهائيّة في جائزة “البوكر” العربيّة.

أسعد الأسعد:
وصدرت له الرّوايات التّالية:
– ليل البنفسج- رواية- دار الكاتب- القدس 1989.
– عري الذّاكرة- القدس 2003.
– غياب-رواية-القدس 2005.
– هناك في سمرقند- رواية- دار الجندي للنّشر والتّوزيع- القدس.2012.
– بطعم الجمر-رواية-دار الجندي للنشر والتوزيع –القدس 2014.
محمد جوهر:
نقابيّ معروف “1930-2015” صدرت له رواية “فتاة الكرمل” عام 1996 عن دار الكرمل في عمّان” وأعيدت طباعتها في القدس عام 2015.
حليمة جوهر:
صدرت لها رواية واحدة: هي الجذور- دار القدس للنّشر والتّوزيع- القدس-1994.
ابراهيم جوهر:
صدرت له رواية واحدة هي: رواية أهل الجبل” دار فضاءات- عمّان 2015.

عزّام أبو السعود:
صدر له مسلسل روائيّ من أربعة أجزاء هي:
“صبري” و”حمام العين” و”الستيفادور”، و”سبيرتزما”، وجميعها تسرد بقالب روائيّ شيئا من التّاريخ الشّفويّ لمدينة القدس على لسان أبنائها.

ربحي الشويكي:
صدرت له مجموعة من الرّوايات منها: خربة الأولياء، تغريبة يبوس، يارا، أنشودة فرح وأبو دعسان.

عيسى عيسى قواسمي:
صدرت له الرّوايات التّالية:
همس الظلال 2009، الشّغف 2009،النّزوح نحو القمر2010، عازفة النّاي 2014.

عبدالله دعيس:صدرت له روايتان هما:
– لفح الغربة-دار الجندي للنّشر والتّوزيع 2015.
معيوف- دار الجندي للنشر والتّوزيع- القدس 2016.
مهنّد الصباح: صدرت له رواية واحدة:
قلبي هناك-دار الجندي للنّشر والتوزيع-القدس 2017.

نزهة أبو غوش: روائيّة وقاصّة للأطفال وللكبار صدرت لها روايتان هما:
خريف يطاول الشّمس، رواية 2013 م توثّق حكايات شفويّة عن نكبة 1948م عن قرى متاخمة لمدينة القدس,
– طير بأربعة أجنحة-رواية لليافعين- مكتبة كل شيء الحيفاويّة 2017.
– سمير الجندي: صدرت له الرّوايات التّالية:
– خلود- دار الجندي للنّشر والتوزيع-القدس2010.
– حوّاء في دبي- دار الجندي للنّشر والتّوزيع-القدس 2014.
– فانتازيا- دار الجندي للنشر والتّوزيع-القدس2016.

عادل سالم: قاص وروائي مقدسيّ مغترب في أمريكا صدر له الرّوايات التّالية:
– عناق الأصابع-رواية-دار شمس-القاهرة 2010، وصدرت طبعتها الثانية عام 2012 عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع.
– «قبلة الوداع الأخير» عن المؤسسة العربية للنشر في بيروت في نهاية 2012.
– عاشق على أسوار القدس- رواية-دار الجندي للنّشر والتّوزيع-القدس 2012.
– الحنين إلى المستقبل – المؤسّسة العربية للنشر في بيروت 2016.
سامية فارس:
نشرت لها ألكترونيا رواية “حارة السّعديّة”. وهي إحدى حارات القدس القديمة.

عارف الحسيني:
صدرت له روايتان هما.
– “كافر سبت” دار الشروق للنّشر والتّوزيع-رام الله- فلسطين 2012.
– “حرام نسبي دار الشّروق للنّشر والتّوزيع-رام الله وعمّان، 2017.
القارئ الحاذق لروايتي عارف الحسيني، سيجد نفسه أمام أديب خاض مجال الرّواية بقوّة وتميّز منذ روايته الأولى، ولا يحتاج القارئ لذكاء خاصّ حتّى يعرف أنّ كاتبنا يركّز على مدينته القدس التي ولد فيها أبا عن جدّ، وترعرع في حاراتها وأزقّتها وأسواقها ومدارسها ومساجدها وكنائسها، وبالتّالي فإنّ القدس تسكنه كما يسكنها هو نفسه.
وفي رواية “حرام نسبي” وبالرّغم من أنّ الكاتب قسّمها إلى فصول، إلا أنّه أورد عشرات بل مئات الحكايات والقصص عن القدس وناسها، وتحمل هذه الحكايات في ثناياها تقاليد وعادات وأقوال وبعض الألفاظ المقدسيّة، عاشتها ثلاثة أجيال مقدسيّة من حوريّة الجدّة وابنتها اللتين جاءتا من الرّيف، وتزوّجت ابنتها من مقدسيّ، لتنجب ولدا وبنتا حملت اسم جدّتها “حوريّة”، ويلاحظ أنّ الجزء الأعظم من الرّواية جاء على لسان “حوريّة” الحفيدة، فهي “تبوح بما حملته معها عن الحياة والموت، عن الحبّ والزّواج، عن الفتاة والمرأة والرجل في مجتمع يعاني من قهر الاحتلال، وتذود عن حرّيّة روحها بكل ما لديها من عنفوان، فتنجح هنا وتفشل هناك، لكنّها تبقي الحبّ هاجسا وموجّها نحو الحرّيّة.
كما يلاحظ أنّ الرّواية رواية نسويّة بامتياز، ودور الرّجال فيها ثانويّ. وكأنّي بالكاتب يريد أن يطرح مسيرة المرأة المقدسيّة ومعاناتها من بطش الاحتلال، ومن سطوة المجتمع الذّكوريّ.
” والرّواية رواية مكان بامتياز، إذ نجد جلّ أحداثها في القدس القديمة وعقبة السّرايا والتكية، وتمتد إلى خارج السور في باب السّاهرة والشّيخ جرّاح وشارع صلاح الدّين والزّهراء وبيت حنينا.”
وإذا كان المكان “القدس” يتعرّض للعسف والاغتصاب، فإنّ الإنسان هو الآخر يعاني، من تقاليد بالية تقيّده، ومن عسف احتلال يقيّد حرّيّته وينتهك حرماته وكرامته.
فحوريّة كانت تستمع مباشرة أو من خلال استراق السّمع في طفولتها لأحاديث “الآنسات” الدّينيّة، وحكايات النّساء في جلسات تعقد في بيت جدّتها حوريّة، فإنّها تربّت في حضن أب ماركسيّ، وتزوّجت من أسير محرّر يكبرها بسنوات، يعاني من البطالة، ليختلفا ويتطلّقا لاحقا دون أن ينجبا، ولتقع في ألسن النّاس وما يحيكونه من شبهات حول المرأة المطلّقة، خصوصا بعد بقائها في البيت وحيدة بعد وفاة أبيها، ولتقع لاحقا بغرام شابّ “نبيه” جمعتها به الصّدفة في طائرة أثناء عودتهما من رحلة إلى الولايات المتّحدة، ولم تنج من اعتداء المستوطنين عليها وعلى زائريها في البيت الواقع في الشّيخ جرّاح أحد أحياء القدس.
ويلاحظ أنّه جرى تغييب شقيق حوريّة، فبعد انهائه للمرحلة الثّانوية سافر إلى الأردن، ولم يعد حتّى أنّه لم يحضر جنازة أبيه، وفي هذا إشارة ذكيّة إلى هجرات أبناء العائلات المقدسيّة من مدينتهم واستقرارهم خارج الوطن.
ولم تقتصر المعاناة على حوريّة الحفيدة فقط، بل تعدّتها إلى زميلتها سميرة التي تزوّجت، وتمّ اصطحابها صباح زفافها إلى طبيب للتّأكد من عذريتها، ليتبيّن أنّ بكارتها من النّوع المطاطيّ الذي لا يزول إلا بالولادة.
وتطرّقت الرّواية بشكل سريع وذكيّ أيضا إلى موقف أبناء العائلات المقدسيّة من أبناء الرّيف ونظرتهم الدّونيّة لهم، فقد حذّرت الجدّة “حوريّة” عند زواج حفيدتها من أصول العريس القرويّة، رغم أنّها نفسها تنحدر من أصول قرويّة.

ديمة جمعة السّمان:
ولدت في القدس الشريف، ولا تزال تعيش فيها، صدرت لها الرّوايات التّالية:
– القافلة ، منشورات دار الهدى في كفر قرع- فلسطين عام 1992
– الضّلع المفقود – دار العودة للدّراسات والنّشر- القدس 1992.
– الأصابع الخفيّة- عن منشورات دار الكاتب في القدس عام 1992
– جناح ضاقت به السّماء- مؤسّسة ابداع للنّشر في أمّ الفحم-فلسطين 1995.
– برج اللقلق- صدرت طبعتها الأولى عام 2005 في القاهرة عن الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، وصدرت طبعتها الثّانيّة عام 2016 عن مكتبة كل شيء الحيفاويّة.
– ثنائيّة “وجه من زمن آخر” و “بنت الأصول”- الهيئة المصريّة العامّة للكتاب-القاهرة 2010- و2011.
– رحلة ضياع – دار الجندي للنّشر والتّوزيع –القدس 2012.
– غفرانك قلبي- دار الجندي للنّشر والتّوزيع-القدس.

برج اللقلق:
رواية “برج اللقلق” من ألفها إلى يائها عن مدينة القدس، وبهذه الرّواية افتتحت ديمة السّمّان باب كتابة الرّواية عن القدس على مصراعيه، فأحداث هذه الرّواية في القدس وأبطالها مقدسيّون من أسرة مقدسيّة واحدة، واسم الرّواية يحمل “برج اللقلق” أحد المعالم التّاريخيّة المشهورة في مدينة القدس، وتحديدا في حارة باب حُطّة في القدس القديمة، داخل الزّاوية الشّماليّة الشّرقيّة لسور المدينة التّاريخيّ .
ويمتدّ زمن الرّواية قرنا كاملا تقريبا، أي من أواخر العهد العثمانيّ حتى نهاية القرن العشرين، وأديبتنا ديمة السّمان التي تلتقط الأحداث بعيني صقر، والمستمعة لدبيب النّمل كثيرة السّؤال وكثيرة الاستماع الى ما تجود به جعبة والديها وأجدادها وشيوخ وشيخات مدينتها، عن تفاصيل الحياة التي عاشوها في مدينتهم، وحتّى التّي نقلوها بالتّواتر عن أبائهم وأمّهاتهم فيما يتعلّق بالمدينة المقدّسة، كيف كانت؟ وكيف أصبحت؟ عدا عن قراءتها الدّؤوبة لكلّ ما يكتب عن تاريخ المدينة المقدسّة، وما كتبه عنها الرّحّالة الذين زاروها، يضاف إلى ذلك معاصرتها الشّخصيّة للأحداث في العقود القليلة الماضية، فهي ابنة المدينة التي ولدت وترعرت ولا تزال وستبقى فيها، وواضح أنّ الكاتبة المقدسيّة لم تكتفِ بالتّاريخ الرّسمي المكتوب عن المدينة، فلجأت إلى التهام الرّواية الشّفويّة عن المدينة ومواطنيها بعاداتهم وتقاليدهم، وهذا ما سيراه الكاتب في روايتها هذه”برج اللقلق” والذي لا ولن يتوفّر لغيرها من المقدسيّين، الذين لم يعيشوا الحياة المدينيّة في القدس، كونهم يعيشون في ريفها.
واذا كانت القدس تشكّل أحد هموم كلّ عربيّ ومسلم ومؤمن، فإنّ هموم القدس تشكل همّا شخصيّا لكاتبتنا، فهي تعتبر المدينة بيتها الذي تسكنه، ومن هنا جاءت روايتها لتشكّل إضاءة جميلة لسيرة هذه المدينة التي أرهقتها الاحتلالات والغزوات المتعاقبة عليها.
وقد اختارت الكاتبة أن يكون المكان الرّئيس لأحداث روايتها “برج اللقلق” الذي يحمل اسم الرّواية، وهو مكان تاريخيّ تصفه الكاتبة في السّطر الأوّل من الرّواية قائلة: ” هناك في الطّرف الشّرقيّ الشّماليّ لسور مدينة القدس العظيم .. داخل عمق البلدة القديمة يقع بيت آل عبد الجبّار .. في منطقة اسمها برج اللقلق من حارة باب حُطّة.”
وبرج اللقلق منطقة مرتفعة تُشرف على المسجد الأقصى المبارك، ويشرف على جبال القدس، وعلى معالم المدينة الدّينيّة والتّاريخيّة، من مساجد وأديرة وكنائس ومدارس ومتاحف.
وبالتّأكيد فإنّ الأطماع الاستيطانيّة التي تستهدف المكان، كما تستهدف المدينة برمّتها هي التي استفزّت مشاعر الكاتبة، خصوصا وأن عائلتها المقدسيّة تسكن هذا المكان منذ مئات السّنين، فكان هذا البركان الذي انفجرت حممه بهذه الرّواية .
وقد استهلّت الرّوائيّة روايتها بوصف دقيق للمكان، ثم شرعت تتحدّث عن الأوضاع الاقتصاديّة البائسة في أواخر العهد العثمانيّ التّي عاشتها الأسرة، التي يتناوب أبناؤها البطولة الرّوائية جيلا بعد جيل، إنّها أسرة ” آل عبد الجبّار ” التي دفنت الجدّ الأوّل للأسرة في باحة البيت قرب شجرة “بطمة ” عمرها مئات السّنين. فكان قبره وسيرته منارة يهتدي بها أبناء وأحفاد العائلة، يعيشون على أمجاده ويسيرون على هديه، ويستمدّون منه العزيمة والارادة الصلبة .
ففي أواخر العهد العثمانيّ، تمّ تدمير الاقتصاد، وازدادت الضّرائب، وازداد نهب الأتراك لخيرات البلاد، وازداد الظّلم والمظالم، ومع ذلك فإنّ أسرة عبد الجبّار التي توارثت السّيادة الاجتماعيّة لم تستسلم، فكان رأسها دائم البحث عن مصدر رزق جديد، فبعد أن أغلق حانوته لضيق ذات اليد عمل “عتّالا” في باب الخليل، وخاض صراعات مريرة مع معشر “العتّالة”، الذين رأوا فيه منافسا عنيدا لمهنتهم ومصدر رزقهم، وبعد صراعات أدخلته السّجن، عمل حطّابا، يحتطب من البراري، ويخزن حطبه في مغارة “الهيدميّة” وهي كهف عظيم تزيد مساحته عن الدّونم الواحد، لا يزال قائما تحت مقبرة باب السّاهرة ما بين باب العامود وباب السّاهرة، وهنا توغل الكاتبة في وصف الأحوال المعيشيّة للمقدسيّين، كما تصف المدينة نفسها، حيث كانت تغلق أبواب القدس القديمة من ساعات الغروب وحتى شروق الشّمس، لحماية المدينة من اللصوص والغزاة، ومن الذّئاب المفترسة، حيث كانت الضّباع تصل إليها، وكانت زقاق المدينة القديمة تضاء بمصابيح الزّيت، التي كانت توضع على مفارق الزّقاق، ثم تتحدّث عن مقاومة المقدسيّين بشكل خاصّ والشّعب الفلسطينيّ بشكل عامّ للأتراك الذين طغوا وتجبّروا، وعاثوا في الأرض فسادا، إلى أن جاء الانتداب البريطانيّ، حيث انفرجت الأوضاع الاقتصاديّة قليلا، وانتهى عصر المجاعة الذي صاحب أواخر العهد العثمانيّ، لكن ذلك كان مصاحبا لفتح باب الهجرة اليهوديّة إلى فلسطين، تمهيدا لاقامة دولة اسرائيل على أرض فلسطين، ممّا دعا الفلسطينيين إلى المقاومة، وكان لأسرة “آل عبد الجبّار” وخصوصا رأسها دور رئيس في المقاومة .
وتحصل النّكبة الأولى في عام 1948 حيث هزمت الجيوش العربيّة التي بنى الفلسطينيّون عليها آمالا كبيرة، وتعرّج الكاتبة بعد ذلك إلى ثورة 23 يوليو 1952 في مصر والتي قادها الرّئيس الرّاحل جمال عبد الناصر، الذي توالت المؤامرات عليه لاضعافه واسقاط حكمه، فكان العدوان الثّلاثي على مصر في 29 تشرين أول 1956 لتتوالى الأحداث إلى أن تصل إلى حرب حزيران 1967، والتي احتلّت فيها اسرائيل ما تبقّى من فلسطين التّاريخيّة، إضافة إلى صحراء سيناء المصريّة، وهضبة الجولان السّوريّة. وتتواصل المقاومة ويسقط الشّهداء من آل عبد الجبّار ومن غيرهم، ثم تأتي حرب تشرين عام 1973 وبعدها في العام 1977زيارة الرّئيس المصريّ محمد أنور السّادات لاسرائيل، واتفاقيّات كامب ديفيد إلى أن انفجرت الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى في كانون أول 1987، وليشارك فيها الشّعب الفلسطينيّ بمختلف أعمار أبنائه بدءا من الأطفال، ومرورا بالشّباب وانتهاءا بالشّيوخ .
وتطرح الكاتبة في الرّواية قضيّة العمالة للاحتلال من خلال ” ليث ” حفيد عبد الجبّار من ابنته نفيسة، الذي سقط في براثن العمالة من خلال الجنس والمخدّرات، فباع العقارات للمحتّلين، ووشى بالمقاومين، وليقتل في أواخر الرّواية على يد والدته بعد أن عاد الى رشده دون علم والدته، واستعد للقيام بعمليّة استشهاديّة يكفّر فيها عن ماضيه الأسود، ولتنتهي الرّواية بأن تفجّر والدته نفيسة “الحفيدة ” نفسها بالحزام الذي كان معدّا كي يفجّر ليث نفسه به.

“وجه من زمن آخر” و “بنت الأصول”
المضمون: تتحدث الرّواية عن فتاة أندلسيّة “ماري”مريم التي تنحدر من أصول عربيّة اسلاميّة، جاءت إلى القدس في أواخر العهد العثمانيّ؛ لتدرس تاريخ آبائها العرب المسلمين، وتتعرّف عليه من قرب، – مع أنّه من خلال الرّواية يظهر لنا أنّها تعرف العادات العربيّة والاسلاميّة أكثر من العرب أنفسهم- ومنذ يومها الأوّل في القدس يصطحبها الدّليل السّياحيّ”مصطفى” إلى حانة خمور، تُمارَس فيها الرّذيلة، غير أنّها هربت من الحانة فطاردها الدّليل، ووقعت على إحدى درجات باب السّرايا، وهرع على صراخها أصحاب البيت المجاور”الحاجّ رشيد وابنه عزّو” وحموها وأسكنوها في بيتهم، وهناك تتطوّر أحداث الرّواية حيث تشارك مريم في احتفالات موسم النّبيّ موسى، وعيد الفصح الذي يتزامن معه، كما تشارك في حفل زفاف لبيبة بنت الحاجّ رشيد، بل هي من يسّرت ذلك الزّواج بدعمها الماليّ، كما أنّها أنقذت أسرة مضيفيها من افلاس عندما تبرعت لهم بثمن حصان للطّاحونة التي يملكونها بدل الحصان النّافق.
أمّا في الجزء الثّاني فإنّنا نجد أنفسنا أمام أسطورة متداخلة الأحداث، بطلها الرّئيس هو ماري الأندلسيّة، التي حيكت حولها خرافات كثيرة ومتشعّبة، فظنّها المقدسيّون كتلك المشعوذة “المبروكة” التي كانت تعيش بينهم وتحتال عليهم، مع أن ماري”مريم” كانت تنفي ذلك بشدّة، وسبب ظنّهم هذا ناتج عن أنّها فتاة متعلّمة كانت تفسّر الأمور بمنطق وعقل، في حين كان الجهل هو السّائد في المدينة، فحاكوا حولها خرافات كثيرة، في اعتقاد منهم أنّها كانت تستعين بالجنّ، وقد دخلنا في أساطير وحكايات متعدّدة ترسّخ ذلك الفهم الخاطئ، في حين أنّ ماري الثّريّة كانت تعمل في دائرة الآثار، وحيكت هذه الحكايات على مدار حوالي 170 صفحة من الجزء الثّاني، تزوّجت خلالها ماري من “عزّو” ابن مضيفها الحاجّ رشيد في حكاية دراميّة طويلة، وتزوّجت قبله شقيقته لبيبة من تاجر مقدسيّ، ومات الحاجّ رشيد، لندخل بشكل سريع إلى نهاية الحكم العثمانيّ وبداية عهد الانتداب البريطانيّ في فلسطين، لتتسارع الأحداث ونصل في أقلّ من صفحتين إلى ثورة الشّعب الفلسطينيّ عام 1936، وكيف قاوم هذا الشّعب مستعمريه، واستشهاد “عزّو”تحت التّعذيب، لتواصل ماري المقاومة بعده، ولتقوم بتفجير مرقص كان يرتاده الجنود البريطانيّون، وتقع جرّاء ذلك في الأسر ويحكم عليها بايداعها في مستشفى للأمراض العقليّة.

جميل السّلحوت:
مواليد جبل المكبّر-القدس عام 1949، ويعيش فيه، كتب في التّراث الشّعبيّ، أدب الأطفال، أدب الرّحلات، النّقد، الأدب السّاخر، والرّواية للصّغار والكبار. صدرت له الرّوايات التّالية:
– ظلام النّهار-رواية، دار الجندي للطباعة والنشر- القدس –ايلول 2010.
– جنّة الجحيم-رواية – دار الجندي للطباعة والنشر- القدس-حزيران 2011.
-هوان النعيم. رواية- دار الجندي للنشر والتوزيع-القدس.
– برد الصّيف-رواية- دار الجندي للنشر والتوزيع-القدس2013.
– العسف-رواية-دار الجندي للنشر والتوزيع-القدس 2014.
– أميرة- رواية- دار الجندي للنشر والتوزيع- القدس 2014.
– زمن وضحة- رواية- مكتبة كل شيء- حيفا 2015.
– رولا-رواية- دار الجندي للنّشر والتّوزيع- القدس 2016.
– عذارى في وجه العاصفة-رواية- مكتبة كل شيء-حيفا 2017

روايات اليافعين
– عشّ الدّبابير-رواية للفتيات والفتيان-منشورات دار الهدى-كفر قرع، تمّوز-يوليو- ٢٠٠٧.
– الحصاد-رواية لليافعين، منشورات الزّيزفونة لثقافة الطفل، ٢٠١٤، ببيتونيا-فلسطين.
– البلاد العجيبة- رواية لليافعين- مكتبة كل شيء- حيفا 2014.
– “لنّوش”-رواية لليافعين. دار الجندي للنّشر والتوزيع،القدس 2016.

شهادة جميل السّلحوت حول مشواره الكتابيّ:
تبقى الأفكار في حالة صراع دائم، تدور، تتفاعل، وأحيانا تتقاتل فتنتصر إحداها على الأخريات، فتخرج مزهوّة مرسومة على صفحة ورقيّة، وكأنّها تفضح نفسها بانعتاقها؛ لتجد من يحاربها أو يفرح بها، لكنّها في الأحوال كلّها تفسح المجال لواحدة من شقيقاتها اللواتي لا يشبهنها أن تحتلّ مكانها، لتعاود التّجربة وهكذا؟ فهل الكتابة هروب من الذّات، أم هي انعتاق منها؟ وهل الكتابة إبداع أم جنون؟ وهل الفارق بينهما كبير؟ أم أنّ الكتابة طقوس لها قدسيّتها؟ هي أسئلة كثيرة تراودني وتلحّ عليّ، ففي الكتابة تفريغ لهموم، وفيها رسم للفرح وللسّعادة، أحيانا كثيرة لا أعرف لماذا أكتب؟ ومتى سأكتب؟ تمرّ عليّ أيّام يستعصي فيها القلم رافضا المكوث بين أصابعي الثّلاثة- الابهام، السّبابة والوسطى- كما تستعصي الورقة أن تتمدّد أمام ناظري على الطّاولة، فألقي بالقلم جانبا، وقد أمزّق الورقة.
وللكتابة دوافع تحرّض على فعلها، فالهمّ العامّ يؤرّقني ليل نهار، ويطاردني حتّى في منامي، ولا أجد ما أقدّمه أحيانا سوى مساهمة كتابيّة تدعم قضيّتي العادلة، وتدافع عن حقوق شعبي وأمّتي والعدالة الانسانيّة، وأنا أبكي على الطّفولة الذّبيحة في وطني الصّغير، أو في وطني الكبير حيث أطفال أبناء شعبي وأمّتي يعانون ويلات كثيرة، ويحزنني طفل ما من أيّ مكان في العالم، فالأطفال يستحقّون الكثير الكثير من الأمن والأمان، ومتطلّبات الحياة الكريمة. لكنّني في وطن يحمل طفلنا فيه شهادة ميلاده بيساره، وشهادة استشهاده في يمينه؛ ليملأ أحدهم لاحقا تاريخ الشّهادة، وأنا أحاول أن أكتب شيئا للأطفال لعلّني أساعد في رسم بسمة على شفاه طفل باكٍ، وليرحم الله القائد والشّاعر الكبير توفيق زياد وهو القائل”وأعطي نصف عمري لمن يجعل طفلا باكيا يضحك”.
لكنّ الكتابة تبقى عمليّة تفريغ لحمولة ثقيلة، ولا بدّ من رسمها كلمات على الورق لتطمئنّ نفسي، بالرّغم من خوفي من الفشل.
لم أخطّط في حياتي أن أكون كاتبا، ولا أعرف إن كنت أنا الآن كاتبا أم لا، فأنا لا أزال أحاول الكتابة، ومنذ بداياتي تعرّضت لمشاكل لم تخطر لي على بال جرّاء الكتابة، فمعلمي في الصّفّ الرّابع الابتدائيّ جلدني بالعصا متهما إيّاي بأنّني استعنت بوالديّ في كتابة موضوع التّعبير، ولم أكن أعلم وقتها أنّ والديّ أمّيّان، أو إن كنت أعلم فإنّني لم أستعمل تلك المعلومة في الدّفاع عن نفسي. ولمّا ألحّ عليّ بالسّؤال أقسمت له بأنّني من كتب الموضوع، فاستأنف ضربي بقسوة أكبر وهو يردد :”تكذب وتقسم كاذبا أيضا”….لكنّ الكتابة قادتني إلى ما هو أسوأ وهو أن أكون متّهما في أعين رجال الأمن، وتعرّضت لمتاعب جرّاء ذلك، فهل الكتابة تهمة؟
لم أخف في بداياتي من الفشل في الكتابة، فقد كانت محاولات، لكنّ فرحتي لا توصف عندما رأيت وأنا في الصّفّ الإعداديّ الثّاني اسمي في زاوية “أقلام القرّاء”على صفحات جريدة”الجهاد” التي كانت تصدر في القدس، وتوقفت بعد حرب حزيران 1967 ووقوع القدس تحت الاحتلال، لكنّني ومنذ سنوات أخاف من الفشل، وأحرص على تحسين أدواتي الكتابيّة من خلال المطالعة المكثّفة التي أمارسها منذ نعومة أظفاري، وكلّما صدر لي كتاب أنتظر ردود الفعل عليه بلهفة، وأستفيد من الملاحظات السّلبيّة أكثر من الايجابيّة.
عندما تسيطر عليّ فكرة ما تؤرقني لدرجة أنّني أحلم بها أحيانا، وعندما أكتبها أتفاعل معها إلى درجة الفرح أو الفخر أو البكاء بيني وبين نفسي، لكنّني أستريح نفسيّا وجسديّا بعد كتابتها، فهل هي فرحة المخاض أم ماذا؟ وأشعر بفرح طفوليّ كلّما صدر لي كتاب جديد، مع أنّني لا أستفيد ماديّا ممّا أكتبه، بل ربما أخسر.
وأنا على قناعة تامّة بأنّ الكاتب ابن بيئته، ويتأثّر بها، وأوّل بداياتي في إصدار الكتب، هو ما رأيته من تعرّض تراثنا الشّعبيّ إلى السّرقة والطّمس والتّشويه، ومحاولات نسبه للآخر، فجمعت عددا من الحكايات الشّعبيّة صدرت في كتيب يحمل اسم”شيء من الصّراع الطبقيّ في الحكاية الفلسطينيّة، ” وذلك عام 1978، وذات يوم كنت في سهرة عرس لأحد أبناء قريتي- السواحرة- جبل المكبر- قرب القدس الشّريف، وغنّوا في السّامر قصيدة ينتقد فيها الشّاعر الشّعبيّ طريقةّ الحبّ عند البدو، وفي أحد أبياتها يقول:
ملعون أبوكم عرب واوي طرد واوي
ملعون أبوكم عرب ما فيكم الغاوي
وإذا بطفل بجانبي كان في الثّالثة عشرة من عمره يطلب منّي أن أوقف السّامر، لأنّهم يشتمون العرب! فأوضحت له أن المقصود بالعرب هنا هو أبناء البادية، والشّاعر واحد منهم، ويرى أن القيود الموضوعة بين الرّجل والمرأة تجعل علاقة الحبّ بينهما شبيهة بعلاقة الواويّات- الثّعالب- وسؤال ذلك الطفل كان محرّضا لي كي أجمع بالاشتراك مع زميلي د. محمد شحادة الأغنية الشّعبيّة لمختلف المناسبات في بلدتنا، وكان كتاب”صور من الأدب الشّعبيّ الفلسطينيّ”.
ثم انتبهت إلى أنّ موروثنا الشّعبي القوليّ يحمل في داخله مضامين اجتماعيّة راقية ومتعدّدة الأهداف، فدرست عددا من الحكايات الشّعبيّة واستنبطت منها المضامين، ونشرتها في كتاب”مضامين اجتماعيّة في الحكاية الفلسطينيّة”.
لكنّ اللافت هو كتابي “القضاء العشائري” فمع أنّني أرفض تكريس العشائريّة، وأدعو إلى دولة القانون واستقلاليّة القضاء، إلا أنّ عيشنا تحت احتلال أهلك البشر والشّجر والحجر، يدعو الكثيرين من أبناء شعبنا لحلّ مشاكلهم دون اللجوء لشرطة الاحتلال ومحاكمه، وهنا كان الدّور للأعراف العشائريّة وللقضاء العشائريّ، ومن هنا لجأت إلى تأليف ذلك الكتاب، خصوصا وأنّني أعيش في بيئة عشائريّة، وأنا شخصيّا أنحدر من أصول بدويّة عشائريّة.
وفي الانتفاضة الأولى أفزعني ما يتعرّض له أطفال شعبي من جرائم مريعة، فكتبت لهم مجموعتي القصصيّة”المخاض”، وواصلت الكتابة لهم وعنهم.
ولما كانت السّخرية هي الأقرب قبولا من قبل المتلقّي، فقد كتبت “حمار الشّيخ” و”أنا وحماري”، كمقالات وحكايات ساخرة في حواريّة مع حماري، انتقدت فيها ظواهر اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة وتعليميّة وثقافيّة…إلخ. حتّى أنّ أحد النّقاد اعتبرها “يوميّات مدينة” لأنّ أحداثها تدور في حارات وأزقة وقرى عروس المدائن القدس الشّريف.
وبما أن الرّواية هي الجنس الأدبيّ الأكثر استيعابا واحتواء لمرحلة طويلة، فقد جاء مسلسلي الرّوائيّ “درب الآلام الفلسطيني، الذي ابتدأته برواية “ظلام النّهار” التي تتكلم عن جوانب من حياتنا الشّعبيّة في مرحلة النّكبة الأولى، وما سبقها وما تبعها من سنوات قليلة، وجاء بعدها الجزء الثّاني”جنة الجحيم” ليتكلم عن مرحلة خمسينات ومنتصف ستّينات القرن العشرين، ليأتي الجزء الثّالث”هوان النعيم”عن حرب حزيران 1967 العدوانيّة، وما تبعها خلال أشهر قليلة، ثمّ الجزء الرّابع “برد الصّيف”، والجزء الخامس “العسف” الذي يتحدّث عن تجربة الاعتقال، والجزء السّادس “رولا” الذي يدور في شوارع وأسواق وحارات القدس، وأنا أتابع الكتابة لاستكمال سباعية آمل أن تضيف شيئا للأدب الفلسطيني.
وسيلاحظ القارئ أنّ البطل في هذه الرّوايات هو التّخلف في مختلف المجالات، وكأنّي أجيب فيها على سؤال: لماذا هزمنا؟ فصوّرت أوضاع شعبنا وما عاناه من جهل وفقر وحرمان، وقد خضنا حروبا دون أن يتوفّر لنا أيّ سبب من أسباب النّصر. لذلك هزمنا، وفي هذه الرّوايات أنفّر القارئ من هذه السّلبيّات. ويستشفّ من بين السّطور أن لا منقذ لنا إلا العلم.
ولا يفوتني هنا أن أقول بأنّ روايتيّ “أميرة” و”عذارى في وجه العاصفة” تتحدّث عن نكبة عام 1948. والثّانية “عذارى” طرقت فيها معاناة العديد من النّساء الفلسطينيّات جرّاء النّكبة والتي لم ينتبه لها أحد.
وللأطفال نصيب من كتاباتي تتوزّع بين القصّة القصيرة، والرّواية للأطفال ولليافعين وللفتيات والفتيان.
28-4-2017
“ورقة مقدمة لملتقى فلسطين الأوّل للرّواية العربيّة(دورة القدس…نبيل خوري) الذي سيعقد ما بين 7-11 أيار –مايو- 2017 في رام الله”

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات