رواية عاشق على أسوار القدس في اليوم السابع

ر
القدس:13-9-2012 ناقشت ندوة اليوم السابع الدورية الأسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس رواية”عاشق على أسوار القدس ” للكاتب المقدسي المغترب في أمريكا عادل سالم، والتي صدرت في تموز 2012 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، وتقع الرواية التي يحمل غلافها لوحة”الاسراء والمعراج”للفنان خالد المحرقي في 259 من الحجم المتوسط.
بدأ النقاش ابراهيم جوهر فقال:
سرحان خ. العاشق الذي عاد إلى القدس متخلّيا عن الحياة الأمريكية والمهنة القانونية المريحة ماديا ، عاد طلبا لانسجام نفسي ذاتي وإحياء لامتداد تاريخي في القدس وبحثا عن صمود وهوية وبقاء ، آثر الكاتب أن يدفع به إلى إكمال مسيرة المعاناة في بلده والمواجهة مع قوانين الاحتلال الجائرة فقتل على أسوار القدس .
سرحان خ. عاد متخليا عن ثقافة غربية من أجل إحياء ثقافة عربية في القدس يعيشها مع أولاده الذين خشي عليهم الضياع والغربة والانفصال ، لكنه لم يجد القدس التي يحملها في ذاكرته الحية قبل خمسة وعشرين عاما .
ربع قرن من زمن الاحتلال غيرت القدس ؛ الطرقات والمنازل والناس والمفاهيم والقيم .ولم يجد سرحان خ. العاشق العائد بقناعة ثقافة المقاومة التي ترك القدس وهي تحياها وتحيا فيها فبل ربع قرن من الغربة والعيش في أمريكا .
الكاتب وهو ينقل عشقه للقدس ويسجل أزقتها وشوارعها وناسها وذكرياتها ، نقلنا إلى صباه فيها وأحيى ذاكرته المتدفقة عشقا للقدس . وجمع بين عشق المدينة وعشق الفرد الإنساني ، فنقل تجربة الراوي مع الطالبة (لمياء) والموسيقى التي يتعلمها ولده في رام الله وهو يتساءل عن (لمياء) ولده الخاصة ، والمستقبل الذي ينتظر عشقهما . في إشارة إلى الواقع المضطرب غير المستقر الذي لا يدع مجالا لغير أن يأمل الفرد ويتساءل .
اهتم الكاتب بنقل الصدام الحاصل بين ثقافتين متضادتين تتصادمان في البلد بأشكال متباينة ؛ الصمود والانتماء والاستعداد للتضحية بكل شيء في جانب ، والتماثل السلبي مع الواقع الجديد بما يعنيه من تخل عن قيم المقاومة حتى السلمية منها .
جاءت لغة الكاتب متفاوتة في القوة والسرد التاريخي السياسي والحوار . فقد أجاد في لغة الحوار الإنساني وهو يحمل نكهة العاطفة الأسرية الكوميدية أحيانا ، وطغت لغة الموقف السياسي أحيانا على لغة الحوار فجاء جافا قاصدا إثبات رأي يراه الراوي وهو يتابع عددا من المسلكيات الاجتماعية الخارجة عن ثقافة خبرها ، أو يفترض وجودها . فالمفاهيم تبدلت ، والاهتمامات تغيرت ، ولم تعد القدس على رأس سلم أولويات السلطة الفلسطينية . لذا أشار إلى مسلكيات عدد من رؤساء الأجهزة القائمة .
هذه رواية موقف . رواية تحريض وتنوير ورسم مسار للصمود ، ورسالة عشق للقدس . لكن موت الشخصية المركزية (سرحان خ.) العائد إلى قدسه مضحيا بعمله في أمريكا ، وبجواز سفره، كان صادما للقارئ الذي أحب هذه الشخصية وعاش معها أحلامها ، وذكرياتها وأعجب بمنطقها وتشخيصها وتقييمها. فلماذا يموت العاشق حتى وإن كان في أحضان معشوقته ؟ في الوقت الذي كان يجب فيه أن يواصل ترجمة عشقه بقاء !
كنت أحبذ ألا يميت الكاتب شخصية سرحان . لكنه أشار بذكاء إلى استمرار بقائه في ابنه ، والجيل الجديد .وهذا ما يبرر مقتله على أيدي الجنود المرعوبين على سور باب العامود ، فنيا .
الرواية قدّمت القدس إلى القارئ بواقعها المتشظي ، وحالها البائس ، وأهلها المتمسكين بها وبالذاكرة التي لا تموت إلا بموت أصحابها ، لذا نقل الراوي مخزون ذاكرته المقدسي إلى أبنائه الذين أشار إلى استمرارهم في مسيرة عشق القدس .
لقد أسمى غسان كنفاني شخصيته الرئيسة في (عائد إلى حيفا) سعيد س. ، وكانت نهايتها انتظار مواجهة بين الفدائي خالد و(دوف) الذي كان اسمه خلدون . بقيت النهاية هناك مفتوحة وهي تعالج مسألة فلسفية وطنية . وعند (عادل سالم) جاء التأثر بطريقة التسمية التي أشارت إلى اسم العائلة برمز الحرف ، وبانتظار إكمال الأبناء لمسيرة الصمود .
عودتان ؛ إلى حيفا ، وإلى القدس ، والمستقبل هو الحكم .
وقال جميل السلحوت: هذه ليست الرواية الأولى لكاتبنا فقد سبق وأن صدرت له رواية”عناق الأصابع” في القاهرة قبل أكثر من عام، ثم أعيد نشرها في القدس وصدرت طبعتها الثانية عن دار الجندي بداية هذا العام.
المضمون: تتدحث الرواية عن سرحان المقدسي الفلسطيني المولود في القدس عام 1960 وسافر عام 1980 الى امريكا لدراسة القانون، وحصل على الجنسية الأمريكية وعمل محاميا هناك، وعاد الى القدس عام 1990 وتزوج مقدسية فلسطينية وسافر بها الى أمريكا وتحديدا الى شيكاغـو، حيث واصل عمله هناك كمحام، وأنجبا ولدين وبنتا، وفي العام 2005 قرر وأسرته العودة الى القدس ليتعلم أبناؤه فيها، وليواصل حياته في مدينته ووطنه، غير أن المحتلين الاسرائيلين لم يسمحوا له بالاقامة في مدينته، وألغوا بطاقة هويته التي تسمح له بالاقامة في المدينة حسب قوانين المحتل. فلجأ الى القضاء حيث صدر قرار من المحكمة بالسماح للزوجة وللابن الصغير بالاقامة المشروطة بعدم مغادرة المدينة لمدة عامين متتاليين، في حين رفض السماح لسرحان ولابنه البكر، فبقي سرحان في المدينة واستنجد بالسفارة الأمريكية كي تساعده لكنها خذلته، فأعاد اليهم الجنسية الأمريكية كي يبقى في مدينته، لكن ذلك لم يسعفه وبقي بدون إثبات لهويته الى أن قتله جنود الاحتلال على أسوار القدس عند باب العمود الباب الرئيس للمدينة المقدس. وما بين عودته الى مدينته عام 2005 واستشهاده فيها عام 2007 حدثت معه أمور كثيرة.
عاشق القدس: من يدخل القدس ولو لساعات يعشقها، فهي مهد الديانات السماوية، وشاهد على عبق تاريخ عريق تجري سرقته وتشويهه، وهي نبع حضارة لشعبها العربي الذي بناها قبل ستة آلاف عام، فما بالكم بمن ولد وترعرع فيها، فبطل الرواية -وأتخيله الكاتب نفسه- عاشق للقدس بكل جوارحه، فالمدينة تسكن عقله ووجدانه، لذا فقد ترك عمله كمحام ناجح في شيكاغو وعاد الى مدينته التي يعشقها ليعمل في تحضير الفلافل والحمص وبيعها ليعتاش من ذلك، لذا رأيناه يجوب بزوجته وأطفاله القدس القديمة ليعرفهم على أسواقها ومعالمها التاريخية والحضارية، وليصلي وإياهم في المسجد الأقصى، ويظهر معرفته الدقيقة بالمدينة المقدسة التي ولد فيها وتعلم في مدارسها، إنه يعرفها أكثر من أيّ دليل سياحي لا تربطه بالمدينة إلّا التكسب من مهنته.
لقد أبدع الكاتب فيما كتبه عن أبي حسن شاهين، ذلك البائس الذي عرفه المقدسيون وكل من ارتادوا المدينة.
والكاتب في روايته هذه لا يطرح قضية شخصية، بمقدار ما يطرح قضية وهموم المقدسيين الفلسطينيين، منذ وقوع مدينتهم تحت الاحتلال الاسرائيلي في حرب حزيران 1967 العدوانية، وما تبع ذلك من ضمّ اسرائيل للمدينة من جانب واحد، وفي مخالفة واضحة للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، فقامت بهدم حارتي الشرف والمغاربة المحاذيتين لحائط البراق-الحائط الغربي للمسجد الأقصى- وبناء حيّ استيطاني يهودي مكانهما، كما قامت بمصادرة الأراضي الفلسطينية لتحيط المدينة المقدسة بسوار استيطاني، وفي نفس الوقت تقوم بعملية تطهير عرقي للمقدسيين الفلسطينيين من خلال قوانين جائرة لا مثيل لها في العالم كله. فالمحتلون يعتبرون المقدسيين الفلسطينيين مقيمين في مدينتهم التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ آلاف السنين، حتى حصولهم على جنسية دولة أخرى، حيث يتم سحب الاقامة منهم، ولم تتوقف الأمور عند هذا بل تتعداه، فمن يغادر المدينة لسبع سنوات بغض النظر عن أسبابه كالعلم أو العمل، فان اقامته في المدينة تلغى حتى وإن لم يجد مكانا آخر يقيم فيه، كما أن الفلسطيني الذي يسكن خارج حدود البلدية –حسب التقسيمات الادارية للمحتل-كأن يسكن في احدى القرى أو المدن الفلسطينية المجاورة يفقد حقه في الاقامة في مدينته.
ما هكذا تورد الإبل:مع التأكيد على حرية الرأي، وأن لا أحد منزّه أو فوق النقد ، إلّا أن الكاتب بالغ كثيرا في انتقاد السلطة الفلسطينية، وخصوصا قادة الأجهزة الأمنية، صحيح أن هناك أخطاء، وهناك من مارس الفساد، إلّا أن ما جاء في الرواية بهذا الخصوص يجانب الحقيقة بشكل كبير، ويجب التفريق بين النقد من أجل الاصلاح وبين المبالغة التي قد تكون معول هدم لا بناء.
أخطاء: وقع الكاتب في عدة أخطاء ما كان يجب أن تقع لو أعاد مراجعة روايته، ويبدو أنه كان متسرعا في انهاء الرواية والخلاص منها بعد أن اختمرت فكرتها في ذهنه، ومن هذه الأخطاء: في صفحة 16 كتب بأن سرحان بطل روايته ولد في القدس القديمة عام 1960، والتحق في المدرسة البكرية “وظل هناك حتى تخرج من المدرسة العام 1967، حيث جاهد للحصول على “فيزا”طالب للدراسة في الولايات المتحدة الامريكية” فكيف يكون ذلك؟ وكيف تخرج من المدرسة وهو في السابعة من عمره؟ أم أن هناك خطأ مطبعيا؟
وعندما تحدث ص111 عن عقبة بو مدين عند باب السلسلة نسبها الى الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، وهذا خطأ تاريخي أيضا، والصحيح أنها نسبة الى: ““أبي مدين الغوث” التي أوقفها على الفقراء والمحتاجين من أبناء الجالية المغاربية في مدينة القدس سنة 720 هجري الموافقة لـ1320 ميلادي،”.
وفي نهاية الصفحة 185 وبداية الصفحة التي تليها وقع في خطأ آخر عندما تساءل:”كيف يمكن لدولة تمنح سكان القدس بطاقة رسمية تعترف بهم كمواطنين أينما سكنوا أو درسوا ثم تعود بعد أكثر من ثلاثين سنة لتقول لهم:انتهت اقامتكم ارحلوا عن بلدكم” وهذا غير صحيح أيضا، فاسرائيل لم تعترف يوما بسكان القدس العربية كمواطنين بل كمقيمين وقد تكلمنا عن ذلك سابقا، ونضيف بأن اسرائيل قد سحبت اقامة أربعة عشر ألف مقدسي فلسطيني، منذ وقوع المدينة تحت الاحتلال في حرب حزيران 1967، وهي في طريقها لسحب هويات وحق الاقامة لمئة وخمسين ألفا آخرين تقع بيوتهم خارج جدار التوسع الاحتلالي.
وفي الصفحة 108 وقع في خطأ آخر عندما تحدث عن مخبزي محفوظ ابو سنينة وعبدالجواد السلايمة في حارة الشرف، وردّ بقاء المخبزين بدون هدم الى”ربما حرصت اسرائيل على عدم التعرض الى الأبنية التي تملكها الأوقاف الاسلامية، وهي دائرة دينية تعترف اسرائيل بوجودها حتى لا تثير مسألة دينية” وهذ تفسير خاطئ جدا، والشواهد على ذلك كثيرة جدا، فاسرائيل هدمت حوالي 540 قرية وتجمع سكاني فلسطيني في الأراضي التي قامت عليها في أيار 1948، هدمتها بمساجدها وقبورها، وهدم وتجريف مقبر’ مأمن الله”ماميللا” في القدس الغربية ليس ببعيد، مع أنها تحوي رفات علماء وأعيان القدس عبر التاريخ، ورفات سبعين ألف مقدسي هم جميع سكان المدينة الذين قتلهم الفرنجة عندما احتلوا المدينة عام 1087م، وجميع بيوت حارتي الشرف والمغاربة التي هدمت في العام 1967 هي ملك للوقف الاسلامي، وحتى المسجد الأقصى مع ما يمثله من جزء من العقيدة الاسلامية لم ينج من اعتداءاتهم، فحفروا تحت أساسلاته، ولم تتورع بلدية الاحتلال من اتخاذ قرار قبل بضعة أسابيع يعتبر ساحات وباحات المسجد الأقصى حدائق عامة.
البناء الروائي: هذا العمل على أهميته هو أقرب الى الحكايات والتقارير الصحفية منه الى الرواية.
وماذا بعد؟ كل ما يكتب عن القدس له أهمية كبيرة كون المدينة تتعرض رالى حملة كبيرة ومتواصلة لمحو كل ما هو عربي واسلامي فيها، وواضح جدا من هذا العمل مدى تعلق الفلسطينيين بمدينتهم التي تشكل عنوان عروبة وطنهم، كونها العاصمة الدينية والسياسية والتاريخية والحضارية لهذا الشعب العظيم الذي تكالبت عليه قوى الظلم والعدوان.
وقال موسى ابو دويح:
كتب عادل سالم رواية (عاشق على أسوار القدس) وصدرت طبعتها الأولى في (260) صفحة من القطع المتوسّط، عن دار الجنديّ للنّشر والتّوزيع، بغلاف عليه لوحة (الإسراء والمعراج) للفنّان خالد المحرقيّ تظهر فيه صورة تمثّل بعض حجارة سور القدس، وقبة تمثّل المسجد الأقصى، وصورة متخيّلة للبراق الّذي ركبه الرّسول عليه السّلام من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
الرّواية مهداة إلى زملاء الكاتب في الدّراسة الثّانويّة، حيث ذكر أسماء ستّة عشر زميلا منهم. بطل الرّواية (سرحان) وزوجته وأولاده حسن وعبير وبلال، الّذين عاشوا في ولاية شيكاغو الأمريكيّة مدّة ربع قرن عاشها سرحان، حيث رجع بعد عشر سنوات، رجع بعدها إلى القدس وتزوّج، وعاد إلى أمريكا، وقضى فيها مع زوجته مدّة خمسة عشر عامًا، أنجب خلالها أولاده الثّلاثة.
يحنّ سرحان لوطنه فلسطين، ولبلده القدس، ويقرّر العودة إليها، حتّى لا يفقد أبناؤه ارتباطهم بوطنهم، وحتّى يتربَوا في وطنهم، ولا يبقى الوطن نهبًا للأعداء.
كتب عادل روايته للقدس، ووصفها وصفًا دقيقًا رائعًا، وصف شوارعها وأزقّتها وحاراتها ودكاكينها وأصحابها، بلغة فصيحة سلسة، سهلة واضحة، منسابة كنهر رقراق، تجبر القارئ على متابعة القراءة. وتكاد الرّواية تخلو من الأخطاء، إلا من الأخطاء المطبعيّة الّتي عمّ بلاؤها في هذه الأيّام، لعدم اهتمام النّاشرين باللّغة أو لجهلهم فيها.
في زيارته مع عائلته للقدس القديمة وصف كلّ ما مرّ به، وصف باب العمود ودكاكينه، وسوق باب خان الزّيت بكلّ تفاصيله، وشارع الواد، وذكر فيه دار شارون، ومستشفى الهوسبيس، والمقاهي الّتي في الواد، وصف كلّ ذلك وصفًا دقيقًا رائعًا جميلاً؛ ولكنّه مرّ مرور الكرام على وصف المسجد الأقصى والصّخرة المشرّفة، بل أستطيع أن أقول إنّه لم يصف منهما شيئًا، لا القباب ولا المآذن ولا الزّخارف ولا الأروقة ولا الأبواب ولا آيات القرآن الكريم الّتي تزيّن جدرانهما، بأنواع مختلفة من الخطوط العربيّة الجميلة، ولا حتّى سورة (يس) المكتوبة على الأضلاع الثّمانية لقبّة الصّخرة من الخارج. ولم يأت على ذكر أيّ شيء يتعلّق بالمسجد الأقصى كحرق منبر صلاح الدّين ولا الكأس (مكان الوضوء) ولا المساطب ولا الآبار في ساحات المسجد الأقصى والّتي يزيد عددها عن خمسين بئرًا، ولا الزّخارف الجميلة داخل قبّة الصّخرة الّتي عدّها البعض من عجائب الدنيا السّبع، وما زاد على أن قال: (سنذهب الآن إلى المسجد الأقصى، إنّه على بعد (100) متر، سنرتاح في ساحته ونستظلّ بظلاله وشجيراته الكثيرة، ونزور داخل المسجد وقبّة الصّخرة) صفحة 116.
وإني لأعجب لكاتب يكتب عن الصمود في القدس حتّى الموت، ويدعو إلى ترك الغربة، وما فيها من أمن واستقرار وراحة بال واطمئنان، والعودة إلى الأوطان فهي بحاجة إلى كلّ فرد من أهلها، ويدعو إلى الثبات فيها ومقاومة الغزاة المحتلّين لها، بكلّ ما يطيقه الإنسان، وبذل كلّ الوسع لتحريرها وطرد المحتلّين لها. وهو نفسه (أي الكاتب) وعائلته غريبون عنها بعيدون منها، ولا يأتي لوطنه إلا زائرًا لأيّام قليلة معدودة، مرّة في كلّ عشر سنوات أو أكثر.
ألم يقرأ هذا الكاتب قول الله سبحانه (يا أيّها الّذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
أم أنّه من الشّعراء الّذين ذمهم الله وقال فيهم (والشّعراء يتّبعهم الغاوون. ألم تر أنّهم في كلّ وادٍ يهيمون. وأنّهم يقولون ما لا يفعلون).
أمّا الأخطاء المطبعيّة فما لاحظته منها:
1. صفحة (14): (فهو ليس بعيدًا من هن)، والصّحيح: من هنا.
2. صفحة (40): (ناصر ابن سهام)، والصّحيح: بحذف ألف ابن لأنّها وقعت بين علمين.
3. صفحة (42): (لست متشائمً)، والصّحيح متشائمًا بوضع ألف بعد الميم.
4. صفحة (62): (حتّى عودتي إلى للبيت)، والصّحيح: إلى البيت.
5. صفحة (67): (لم يتنازل علن بطاقته)، والصّحيح: عن بطاقته.
6. صفحة (68): (يجلس بغرفة كبير)، والصّحيحّ كبيرة.
7. صفحة (90): (ولكن خيبة ز كان مثل الّذي يسكر)، والصّحيح: وكان مثل الّذي يسكر بوضع حرف الواو بدل الزّاي.
8. صفحة (105): (إلى باب السلسة)، والصّحيح: باب السّلسلة.
9. صفحة (121): (وطبع قبلة سريعة على شفتيه)، والصّحيح: على شفتيها.
10. صفحة (135): (وهنا كان عمر بن الخطاب يومًا ما)، حيث وقعت كلمة (ابن) في أوّل السّطر، وهنا يجب أن تكتب قبلها ألف ولو كانت بين علمين.
11. صفحة (144): (فترك زوجته مع حسن وعبير في قسم النّساء)، والصّحيح: مع بلال وعبير.
12. صفحة (145): (إنّه ابنه البك.)، والصّحيح: ابنه البكر.
13. صفحة (181): (إنّ القرار سيكون لصالحة)، والصّحيح: لصالحه، بالهاء بدل التّاء المربوطة.
14. صفحة (190): (والتنغيض عليك)، والصّحيح: والتنغيص عليك، بالصّاد المهملة لا بالضّاد المعجمة.
15. صفحة (230): (الصف العربية في اليوم التالي نشرت)، والصحيح: الصحف. وفيها (لترحيلة عن القدس)، والصحيح: لترحيله.
16. صفحة(240): (أن يمنحة فيزا)، والصحيح: أن يمنحه بالهاء لا بالتاء المربوطة.
17. صفحة (243): (يردون طردي)، والصحيح يريدون طردي.
18. صفحة (247): (ترحيلة من القدس)، والصحيح ترحيله من القدس بالهاء لا بالتاء.
19. صفحة (252): (كان في المسكوبية مرة أخريز)، والصحيح: مرة أخرى. وفيها (وضعه في غرفةن)، والصحيح في غرفةٍ.
20. صفحة (256): (لو تحمله سيارة فجأة إلى البيتز)، والصحيح: إلى البيت.
أمّا أخطاء الكاتب فجاءت قليلة حيث ذكر كلمة: السّتينيّات والسّبعينيّات والثّمانينيّات أكثر من عشر مرات والصّحيح: أن يقول السّتينات والسّبعينات والثّمانينات.
وذكر في صفحة: (104) رحلة السّيد المسيح عندما حكم عليه الرّومان بالصّلب وحملوه على الصّليب وهذا مخالف لعقيدة المسلمين؛ لأنّ المسيح عليه السّلام لم يصلب ولم يقتل (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم) فكان عليه أن يقول رحلة المصلوب الّذي حكم عليه الرّومان بالصّلب وحملوه على الصّليب.
وجاء في صفحة (165): (أنت كذّاب. بن زنا) والصّحيح: ابن زنى، بوضع ألف لابن، وكتابة كلمة (زنى) بالألف الّتي على شكل الياء لا بالألف القائمة.
وجاء في صفحة (169): (لما تسجنوني)؟ والصّحيح: لِمَ تسجنونني، بحذف ألف ما وزيادة نون الوقاية.
وجاء في صفحة (187): (لا تظلموا النّاس وتطردونهم) والصّحيح: وتطردوهم بحذف النّون.
وجاء في صفحة (202): (اسألوا أبانا آدم وأمنا حواء يخبراكم بذلك)، والصّحيح: يخبرانكم بذلك.
وجاء في صفحة (216): (حتّى يعتقلونه)، والصّحيح: حتى يعتقلوه.
وجاء في صفحة (253): (لتكن طوبتان)، والصّحيح: لتكن طوبتين.
وجاء في صفحة (257): (هناك كان يقف شابًا)، والصّحيح: كان يقف شابٌ.
وجاء في صفحة (259): (كم بطلاً سقط فوق هذا السور)، والصّحيح: كم بطلٍ؛ لأنّ كم هنا هي كم التّكثيريّة أو الخبريّة أو التّعجبيّة، وهذه تمييزها مجرور. أمّا كم الاستفهاميّة فتمييزها منصوب. والكاتب هنا يريد أن يخبر عن كثرة عدد الأبطال الّذين سقطوا فوق هذا السور، مدافعين عن هذه المدينة المقدسة، ولا يريد أن يسأل عن عدد الأبطال الّذين سقطوا فوق هذا السور.
ومع كلّ هذا فالرّواية ذات قيم كثيرة، تستحق القراءة وتستحق الاقتناء؛ فهي تعلّم الأجيال كيف ينزرعون في القدس ولا يغادرونها مهما قست الظّروف، فهذا هو الّذي تحتاجه القدس، تحتاج إلى من يصمد فيها ولا يغادرها أبدًا. .
وقدم مداخلات كل من :محمد خليل عليان، نبيل الجولاني،خليل سموم، د.اسراء ابو عياش، رفعت زيتون، صقر السلايمة، روان سالم وسفيان النمري.

رواية عاشق على أسوار القدس في اليوم السابع

القدس:13-9-2012 ناقشت ندوة اليوم السابع الدورية الأسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس رواية”عاشق على أسوار القدس ” للكاتب المقدسي المغترب في أمريكا عادل سالم، والتي صدرت في تموز 2012 عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس، وتقع الرواية التي يحمل غلافها لوحة”الاسراء والمعراج”للفنان خالد المحرقي في 259 من الحجم المتوسط.بدأ النقاش ابراهيم جوهر فقال:سرحان خ. العاشق الذي عاد إلى القدس متخلّيا عن الحياة الأمريكية والمهنة القانونية المريحة ماديا ، عاد طلبا لانسجام نفسي ذاتي وإحياء لامتداد تاريخي في القدس وبحثا عن صمود وهوية وبقاء ، آثر الكاتب أن يدفع به إلى إكمال مسيرة المعاناة في بلده والمواجهة مع قوانين الاحتلال الجائرة فقتل على أسوار القدس .
سرحان خ. عاد متخليا عن ثقافة غربية من أجل إحياء ثقافة عربية في القدس يعيشها مع أولاده الذين خشي عليهم الضياع والغربة والانفصال ، لكنه لم يجد القدس التي يحملها في ذاكرته الحية قبل خمسة وعشرين عاما .
ربع قرن من زمن الاحتلال غيرت القدس ؛ الطرقات والمنازل والناس والمفاهيم والقيم .ولم يجد سرحان خ. العاشق العائد بقناعة ثقافة المقاومة التي ترك القدس وهي تحياها وتحيا فيها فبل ربع قرن من الغربة والعيش في أمريكا .
الكاتب وهو ينقل عشقه للقدس ويسجل أزقتها وشوارعها وناسها وذكرياتها ، نقلنا إلى صباه فيها وأحيى ذاكرته المتدفقة عشقا للقدس . وجمع بين عشق المدينة وعشق الفرد الإنساني ، فنقل تجربة الراوي مع الطالبة (لمياء) والموسيقى التي يتعلمها ولده في رام الله وهو يتساءل عن (لمياء) ولده الخاصة ، والمستقبل الذي ينتظر عشقهما . في إشارة إلى الواقع المضطرب غير المستقر الذي لا يدع مجالا لغير أن يأمل الفرد ويتساءل .
اهتم الكاتب بنقل الصدام الحاصل بين ثقافتين متضادتين تتصادمان في البلد بأشكال متباينة ؛ الصمود والانتماء والاستعداد للتضحية بكل شيء في جانب ، والتماثل السلبي مع الواقع الجديد بما يعنيه من تخل عن قيم المقاومة حتى السلمية منها .
جاءت لغة الكاتب متفاوتة في القوة والسرد التاريخي السياسي والحوار . فقد أجاد في لغة الحوار الإنساني وهو يحمل نكهة العاطفة الأسرية الكوميدية أحيانا ، وطغت لغة الموقف السياسي أحيانا على لغة الحوار فجاء جافا قاصدا إثبات رأي يراه الراوي وهو يتابع عددا من المسلكيات الاجتماعية الخارجة عن ثقافة خبرها ، أو يفترض وجودها . فالمفاهيم تبدلت ، والاهتمامات تغيرت ، ولم تعد القدس على رأس سلم أولويات السلطة الفلسطينية . لذا أشار إلى مسلكيات عدد من رؤساء الأجهزة القائمة .
هذه رواية موقف . رواية تحريض وتنوير ورسم مسار للصمود ، ورسالة عشق للقدس . لكن موت الشخصية المركزية (سرحان خ.) العائد إلى قدسه مضحيا بعمله في أمريكا ، وبجواز سفره، كان صادما للقارئ الذي أحب هذه الشخصية وعاش معها أحلامها ، وذكرياتها وأعجب بمنطقها وتشخيصها وتقييمها. فلماذا يموت العاشق حتى وإن كان في أحضان معشوقته ؟ في الوقت الذي كان يجب فيه أن يواصل ترجمة عشقه بقاء !
كنت أحبذ ألا يميت الكاتب شخصية سرحان . لكنه أشار بذكاء إلى استمرار بقائه في ابنه ، والجيل الجديد .وهذا ما يبرر مقتله على أيدي الجنود المرعوبين على سور باب العامود ، فنيا .
الرواية قدّمت القدس إلى القارئ بواقعها المتشظي ، وحالها البائس ، وأهلها المتمسكين بها وبالذاكرة التي لا تموت إلا بموت أصحابها ، لذا نقل الراوي مخزون ذاكرته المقدسي إلى أبنائه الذين أشار إلى استمرارهم في مسيرة عشق القدس .
لقد أسمى غسان كنفاني شخصيته الرئيسة في (عائد إلى حيفا) سعيد س. ، وكانت نهايتها انتظار مواجهة بين الفدائي خالد و(دوف) الذي كان اسمه خلدون . بقيت النهاية هناك مفتوحة وهي تعالج مسألة فلسفية وطنية . وعند (عادل سالم) جاء التأثر بطريقة التسمية التي أشارت إلى اسم العائلة برمز الحرف ، وبانتظار إكمال الأبناء لمسيرة الصمود .
عودتان ؛ إلى حيفا ، وإلى القدس ، والمستقبل هو الحكم .
وقال جميل السلحوت: هذه ليست الرواية الأولى لكاتبنا فقد سبق وأن صدرت له رواية”عناق الأصابع” في القاهرة قبل أكثر من عام، ثم أعيد نشرها في القدس وصدرت طبعتها الثانية عن دار الجندي بداية هذا العام.المضمون: تتدحث الرواية عن سرحان المقدسي الفلسطيني المولود في القدس عام 1960 وسافر عام 1980 الى امريكا لدراسة القانون، وحصل على الجنسية الأمريكية وعمل محاميا هناك، وعاد الى القدس عام 1990 وتزوج مقدسية فلسطينية وسافر بها الى أمريكا وتحديدا الى شيكاغـو، حيث واصل عمله هناك كمحام، وأنجبا ولدين وبنتا، وفي العام 2005 قرر وأسرته العودة الى القدس ليتعلم أبناؤه فيها، وليواصل حياته في مدينته ووطنه، غير أن المحتلين الاسرائيلين لم يسمحوا له بالاقامة في مدينته، وألغوا بطاقة هويته التي تسمح له بالاقامة في المدينة حسب قوانين المحتل. فلجأ الى القضاء حيث صدر قرار من المحكمة بالسماح للزوجة وللابن الصغير بالاقامة المشروطة بعدم مغادرة المدينة لمدة عامين متتاليين، في حين رفض السماح لسرحان ولابنه البكر، فبقي سرحان في المدينة واستنجد بالسفارة الأمريكية كي تساعده لكنها خذلته، فأعاد اليهم الجنسية الأمريكية كي يبقى في مدينته، لكن ذلك لم يسعفه وبقي بدون إثبات لهويته الى أن قتله جنود الاحتلال على أسوار القدس عند باب العمود الباب الرئيس للمدينة المقدس. وما بين عودته الى مدينته عام 2005 واستشهاده فيها عام 2007 حدثت معه أمور كثيرة.عاشق القدس: من يدخل القدس ولو لساعات يعشقها، فهي مهد الديانات السماوية، وشاهد على عبق تاريخ عريق تجري سرقته وتشويهه، وهي نبع حضارة لشعبها العربي الذي بناها قبل ستة آلاف عام، فما بالكم بمن ولد وترعرع فيها، فبطل الرواية -وأتخيله الكاتب نفسه- عاشق للقدس بكل جوارحه، فالمدينة تسكن عقله ووجدانه، لذا فقد ترك عمله كمحام ناجح في شيكاغو وعاد الى مدينته التي يعشقها ليعمل في تحضير الفلافل والحمص وبيعها ليعتاش من ذلك، لذا رأيناه يجوب بزوجته وأطفاله القدس القديمة ليعرفهم على أسواقها ومعالمها التاريخية والحضارية، وليصلي وإياهم في المسجد الأقصى، ويظهر معرفته الدقيقة بالمدينة المقدسة التي ولد فيها وتعلم في مدارسها، إنه يعرفها أكثر من أيّ دليل سياحي لا تربطه بالمدينة إلّا التكسب من مهنته.لقد أبدع الكاتب فيما كتبه عن أبي حسن شاهين، ذلك البائس الذي عرفه المقدسيون وكل من ارتادوا المدينة.والكاتب في روايته هذه لا يطرح قضية شخصية، بمقدار ما يطرح قضية وهموم المقدسيين الفلسطينيين، منذ وقوع مدينتهم تحت الاحتلال الاسرائيلي في حرب حزيران 1967 العدوانية، وما تبع ذلك من ضمّ اسرائيل للمدينة من جانب واحد، وفي مخالفة واضحة للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، فقامت بهدم حارتي الشرف والمغاربة المحاذيتين لحائط البراق-الحائط الغربي للمسجد الأقصى- وبناء حيّ استيطاني يهودي مكانهما، كما قامت بمصادرة الأراضي الفلسطينية لتحيط المدينة المقدسة بسوار استيطاني، وفي نفس الوقت تقوم بعملية تطهير عرقي للمقدسيين الفلسطينيين من خلال قوانين جائرة لا مثيل لها في العالم كله. فالمحتلون يعتبرون المقدسيين الفلسطينيين مقيمين في مدينتهم التي توارثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ آلاف السنين، حتى حصولهم على جنسية دولة أخرى، حيث يتم سحب الاقامة منهم، ولم تتوقف الأمور عند هذا بل تتعداه، فمن يغادر المدينة لسبع سنوات بغض النظر عن أسبابه كالعلم أو العمل، فان اقامته في المدينة تلغى حتى وإن لم يجد مكانا آخر يقيم فيه، كما أن الفلسطيني الذي يسكن خارج حدود البلدية –حسب التقسيمات الادارية للمحتل-كأن يسكن في احدى القرى أو المدن الفلسطينية المجاورة يفقد حقه في الاقامة في مدينته.ما هكذا تورد الإبل:مع التأكيد على حرية الرأي، وأن لا أحد منزّه أو فوق النقد ، إلّا أن الكاتب بالغ كثيرا في انتقاد السلطة الفلسطينية، وخصوصا قادة الأجهزة الأمنية، صحيح أن هناك أخطاء، وهناك من مارس الفساد، إلّا أن ما جاء في الرواية بهذا الخصوص يجانب الحقيقة بشكل كبير، ويجب التفريق بين النقد من أجل الاصلاح وبين المبالغة التي قد تكون معول هدم لا بناء.أخطاء: وقع الكاتب في عدة أخطاء ما كان يجب أن تقع لو أعاد مراجعة روايته، ويبدو أنه كان متسرعا في انهاء الرواية والخلاص منها بعد أن اختمرت فكرتها في ذهنه، ومن هذه الأخطاء: في صفحة 16 كتب بأن سرحان بطل روايته ولد في القدس القديمة عام 1960، والتحق في المدرسة البكرية “وظل هناك حتى تخرج من المدرسة العام 1967، حيث جاهد للحصول على “فيزا”طالب للدراسة في الولايات المتحدة الامريكية” فكيف يكون ذلك؟ وكيف تخرج من المدرسة وهو في السابعة من عمره؟ أم أن هناك خطأ مطبعيا؟وعندما تحدث ص111 عن عقبة بو مدين عند باب السلسلة نسبها الى الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، وهذا خطأ تاريخي أيضا، والصحيح أنها نسبة الى: ““أبي مدين الغوث” التي أوقفها على الفقراء والمحتاجين من أبناء الجالية المغاربية في مدينة القدس سنة 720 هجري الموافقة لـ1320 ميلادي،”.وفي نهاية الصفحة 185 وبداية الصفحة التي تليها وقع في خطأ آخر عندما تساءل:”كيف يمكن لدولة تمنح سكان القدس بطاقة رسمية تعترف بهم كمواطنين أينما سكنوا أو درسوا ثم تعود بعد أكثر من ثلاثين سنة لتقول لهم:انتهت اقامتكم ارحلوا عن بلدكم” وهذا غير صحيح أيضا، فاسرائيل لم تعترف يوما بسكان القدس العربية كمواطنين بل كمقيمين وقد تكلمنا عن ذلك سابقا، ونضيف بأن اسرائيل قد سحبت اقامة أربعة عشر ألف مقدسي فلسطيني، منذ وقوع المدينة تحت الاحتلال في حرب حزيران 1967، وهي في طريقها لسحب هويات وحق الاقامة لمئة وخمسين ألفا آخرين تقع بيوتهم خارج جدار التوسع الاحتلالي.وفي الصفحة 108 وقع في خطأ آخر عندما تحدث عن مخبزي محفوظ ابو سنينة وعبدالجواد السلايمة في حارة الشرف، وردّ بقاء المخبزين بدون هدم الى”ربما حرصت اسرائيل على عدم التعرض الى الأبنية التي تملكها الأوقاف الاسلامية، وهي دائرة دينية تعترف اسرائيل بوجودها حتى لا تثير مسألة دينية” وهذ تفسير خاطئ جدا، والشواهد على ذلك كثيرة جدا، فاسرائيل هدمت حوالي 540 قرية وتجمع سكاني فلسطيني في الأراضي التي قامت عليها في أيار 1948، هدمتها بمساجدها وقبورها، وهدم وتجريف مقبر’ مأمن الله”ماميللا” في القدس الغربية ليس ببعيد، مع أنها تحوي رفات علماء وأعيان القدس عبر التاريخ، ورفات سبعين ألف مقدسي هم جميع سكان المدينة الذين قتلهم الفرنجة عندما احتلوا المدينة عام 1087م، وجميع بيوت حارتي الشرف والمغاربة التي هدمت في العام 1967 هي ملك للوقف الاسلامي، وحتى المسجد الأقصى مع ما يمثله من جزء من العقيدة الاسلامية لم ينج من اعتداءاتهم، فحفروا تحت أساسلاته، ولم تتورع بلدية الاحتلال من اتخاذ قرار قبل بضعة أسابيع يعتبر ساحات وباحات المسجد الأقصى حدائق عامة. البناء الروائي: هذا العمل على أهميته هو أقرب الى الحكايات والتقارير الصحفية منه الى الرواية.وماذا بعد؟ كل ما يكتب عن القدس له أهمية كبيرة كون المدينة تتعرض رالى حملة كبيرة ومتواصلة لمحو كل ما هو عربي واسلامي فيها، وواضح جدا من هذا العمل مدى تعلق الفلسطينيين بمدينتهم التي تشكل عنوان عروبة وطنهم، كونها العاصمة الدينية والسياسية والتاريخية والحضارية لهذا الشعب العظيم الذي تكالبت عليه قوى الظلم والعدوان.
وقال موسى ابو دويح:كتب عادل سالم رواية (عاشق على أسوار القدس) وصدرت طبعتها الأولى في (260) صفحة من القطع المتوسّط، عن دار الجنديّ للنّشر والتّوزيع، بغلاف عليه لوحة (الإسراء والمعراج) للفنّان خالد المحرقيّ تظهر فيه صورة تمثّل بعض حجارة سور القدس، وقبة تمثّل المسجد الأقصى، وصورة متخيّلة للبراق الّذي ركبه الرّسول عليه السّلام من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.الرّواية مهداة إلى زملاء الكاتب في الدّراسة الثّانويّة، حيث ذكر أسماء ستّة عشر زميلا منهم. بطل الرّواية (سرحان) وزوجته وأولاده حسن وعبير وبلال، الّذين عاشوا في ولاية شيكاغو الأمريكيّة مدّة ربع قرن عاشها سرحان، حيث رجع بعد عشر سنوات، رجع بعدها إلى القدس وتزوّج، وعاد إلى أمريكا، وقضى فيها مع زوجته مدّة خمسة عشر عامًا، أنجب خلالها أولاده الثّلاثة.يحنّ سرحان لوطنه فلسطين، ولبلده القدس، ويقرّر العودة إليها، حتّى لا يفقد أبناؤه ارتباطهم بوطنهم، وحتّى يتربَوا في وطنهم، ولا يبقى الوطن نهبًا للأعداء.كتب عادل روايته للقدس، ووصفها وصفًا دقيقًا رائعًا، وصف شوارعها وأزقّتها وحاراتها ودكاكينها وأصحابها، بلغة فصيحة سلسة، سهلة واضحة، منسابة كنهر رقراق، تجبر القارئ على متابعة القراءة. وتكاد الرّواية تخلو من الأخطاء، إلا من الأخطاء المطبعيّة الّتي عمّ بلاؤها في هذه الأيّام، لعدم اهتمام النّاشرين باللّغة أو لجهلهم فيها. في زيارته مع عائلته للقدس القديمة وصف كلّ ما مرّ به، وصف باب العمود ودكاكينه، وسوق باب خان الزّيت بكلّ تفاصيله، وشارع الواد، وذكر فيه دار شارون، ومستشفى الهوسبيس، والمقاهي الّتي في الواد، وصف كلّ ذلك وصفًا دقيقًا رائعًا جميلاً؛ ولكنّه مرّ مرور الكرام على وصف المسجد الأقصى والصّخرة المشرّفة، بل أستطيع أن أقول إنّه لم يصف منهما شيئًا، لا القباب ولا المآذن ولا الزّخارف ولا الأروقة ولا الأبواب ولا آيات القرآن الكريم الّتي تزيّن جدرانهما، بأنواع مختلفة من الخطوط العربيّة الجميلة، ولا حتّى سورة (يس) المكتوبة على الأضلاع الثّمانية لقبّة الصّخرة من الخارج. ولم يأت على ذكر أيّ شيء يتعلّق بالمسجد الأقصى كحرق منبر صلاح الدّين ولا الكأس (مكان الوضوء) ولا المساطب ولا الآبار في ساحات المسجد الأقصى والّتي يزيد عددها عن خمسين بئرًا، ولا الزّخارف الجميلة داخل قبّة الصّخرة الّتي عدّها البعض من عجائب الدنيا السّبع، وما زاد على أن قال: (سنذهب الآن إلى المسجد الأقصى، إنّه على بعد (100) متر، سنرتاح في ساحته ونستظلّ بظلاله وشجيراته الكثيرة، ونزور داخل المسجد وقبّة الصّخرة) صفحة 116.وإني لأعجب لكاتب يكتب عن الصمود في القدس حتّى الموت، ويدعو إلى ترك الغربة، وما فيها من أمن واستقرار وراحة بال واطمئنان، والعودة إلى الأوطان فهي بحاجة إلى كلّ فرد من أهلها، ويدعو إلى الثبات فيها ومقاومة الغزاة المحتلّين لها، بكلّ ما يطيقه الإنسان، وبذل كلّ الوسع لتحريرها وطرد المحتلّين لها. وهو نفسه (أي الكاتب) وعائلته غريبون عنها بعيدون منها، ولا يأتي لوطنه إلا زائرًا لأيّام قليلة معدودة، مرّة في كلّ عشر سنوات أو أكثر.ألم يقرأ هذا الكاتب قول الله سبحانه (يا أيّها الّذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).أم أنّه من الشّعراء الّذين ذمهم الله وقال فيهم (والشّعراء يتّبعهم الغاوون. ألم تر أنّهم في كلّ وادٍ يهيمون. وأنّهم يقولون ما لا يفعلون). أمّا الأخطاء المطبعيّة فما لاحظته منها:
1. صفحة (14): (فهو ليس بعيدًا من هن)، والصّحيح: من هنا.2. صفحة (40): (ناصر ابن سهام)، والصّحيح: بحذف ألف ابن لأنّها وقعت بين علمين.3. صفحة (42): (لست متشائمً)، والصّحيح متشائمًا بوضع ألف بعد الميم.4. صفحة (62): (حتّى عودتي إلى للبيت)، والصّحيح: إلى البيت.
5. صفحة (67): (لم يتنازل علن بطاقته)، والصّحيح: عن بطاقته. 6. صفحة (68): (يجلس بغرفة كبير)، والصّحيحّ كبيرة.7. صفحة (90): (ولكن خيبة ز كان مثل الّذي يسكر)، والصّحيح: وكان مثل الّذي يسكر بوضع حرف الواو بدل الزّاي. 8. صفحة (105): (إلى باب السلسة)، والصّحيح: باب السّلسلة.9. صفحة (121): (وطبع قبلة سريعة على شفتيه)، والصّحيح: على شفتيها. 10. صفحة (135): (وهنا كان عمر بن الخطاب يومًا ما)، حيث وقعت كلمة (ابن) في أوّل السّطر، وهنا يجب أن تكتب قبلها ألف ولو كانت بين علمين. 11. صفحة (144): (فترك زوجته مع حسن وعبير في قسم النّساء)، والصّحيح: مع بلال وعبير. 12. صفحة (145): (إنّه ابنه البك.)، والصّحيح: ابنه البكر. 13. صفحة (181): (إنّ القرار سيكون لصالحة)، والصّحيح: لصالحه، بالهاء بدل التّاء المربوطة.14. صفحة (190): (والتنغيض عليك)، والصّحيح: والتنغيص عليك، بالصّاد المهملة لا بالضّاد المعجمة. 15. صفحة (230): (الصف العربية في اليوم التالي نشرت)، والصحيح: الصحف. وفيها (لترحيلة عن القدس)، والصحيح: لترحيله.16. صفحة(240): (أن يمنحة فيزا)، والصحيح: أن يمنحه بالهاء لا بالتاء المربوطة.17. صفحة (243): (يردون طردي)، والصحيح يريدون طردي.18. صفحة (247): (ترحيلة من القدس)، والصحيح ترحيله من القدس بالهاء لا بالتاء.
19. صفحة (252): (كان في المسكوبية مرة أخريز)، والصحيح: مرة أخرى. وفيها (وضعه في غرفةن)، والصحيح في غرفةٍ.20. صفحة (256): (لو تحمله سيارة فجأة إلى البيتز)، والصحيح: إلى البيت. أمّا أخطاء الكاتب فجاءت قليلة حيث ذكر كلمة: السّتينيّات والسّبعينيّات والثّمانينيّات أكثر من عشر مرات والصّحيح: أن يقول السّتينات والسّبعينات والثّمانينات.وذكر في صفحة: (104) رحلة السّيد المسيح عندما حكم عليه الرّومان بالصّلب وحملوه على الصّليب وهذا مخالف لعقيدة المسلمين؛ لأنّ المسيح عليه السّلام لم يصلب ولم يقتل (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم) فكان عليه أن يقول رحلة المصلوب الّذي حكم عليه الرّومان بالصّلب وحملوه على الصّليب.وجاء في صفحة (165): (أنت كذّاب. بن زنا) والصّحيح: ابن زنى، بوضع ألف لابن، وكتابة كلمة (زنى) بالألف الّتي على شكل الياء لا بالألف القائمة. وجاء في صفحة (169): (لما تسجنوني)؟ والصّحيح: لِمَ تسجنونني، بحذف ألف ما وزيادة نون الوقاية. وجاء في صفحة (187): (لا تظلموا النّاس وتطردونهم) والصّحيح: وتطردوهم بحذف النّون. وجاء في صفحة (202): (اسألوا أبانا آدم وأمنا حواء يخبراكم بذلك)، والصّحيح: يخبرانكم بذلك.وجاء في صفحة (216): (حتّى يعتقلونه)، والصّحيح: حتى يعتقلوه. وجاء في صفحة (253): (لتكن طوبتان)، والصّحيح: لتكن طوبتين.وجاء في صفحة (257): (هناك كان يقف شابًا)، والصّحيح: كان يقف شابٌ.وجاء في صفحة (259): (كم بطلاً سقط فوق هذا السور)، والصّحيح: كم بطلٍ؛ لأنّ كم هنا هي كم التّكثيريّة أو الخبريّة أو التّعجبيّة، وهذه تمييزها مجرور. أمّا كم الاستفهاميّة فتمييزها منصوب. والكاتب هنا يريد أن يخبر عن كثرة عدد الأبطال الّذين سقطوا فوق هذا السور، مدافعين عن هذه المدينة المقدسة، ولا يريد أن يسأل عن عدد الأبطال الّذين سقطوا فوق هذا السور. ومع كلّ هذا فالرّواية ذات قيم كثيرة، تستحق القراءة وتستحق الاقتناء؛ فهي تعلّم الأجيال كيف ينزرعون في القدس ولا يغادرونها مهما قست الظّروف، فهذا هو الّذي تحتاجه القدس، تحتاج إلى من يصمد فيها ولا يغادرها أبدًا. . وقدم مداخلات كل من :محمد خليل عليان، نبيل الجولاني،خليل سموم، د.اسراء ابو عياش، رفعت زيتون، صقر السلايمة، روان سالم وسفيان النمري.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات