ما حدث في جامع ابن تيمية في رفح أثناء وبعد صلاة الجمعة الموافق 14-8-2009 والدماء الفلسطينية التي أريقت على أيد مسلمة فلسطينية عربية، يدعو الى اعادة الحسابات كثيرا في التطرف الديني الذي يصل الى الجنون، ويقود الى الجريمة، فعبد اللطيف موسى شخص يكاد يكون نكرة على الساحتين المحلية والعربية يعلن(امارة اسلامية) وحوله شباب مقنعون ومدججون بالأسلحة، وقوات أمن حماس في غزة تحاصر المسجد وتطالب(مجاهدي)الامارة بالاستسلام، ويجري اطلاق مكثف للنيران حصيلته حتى الآن اثنان وعشرون ضحية، وأكثر من مائة جريح ضحية أيضاً، ويتسابق الناطقون– وهم كثيرون– الى كيل الاتهامات للخليفة الجديد عفواً لأمير الامارة الجديد، حتى وصل الأمر عند أحد الناطقين في حديث لاحدى الفضائيات باتهامه في نفس المقابلة التي لم تتجاوز الدقيقتين بالعلاقة مع الأجهزة الأمنية للسلطة، والعمالة لاسرائيل ، والعلاقات بجهات محلية وأجنبية، ويصرح ناطق آخر بأنه أيّ عبد اللطيف موسى وجماعته معروفون للأجهزة الأمنية التابعة لحماس في غزة، وأنهم حاوروهم ودعوهم الى الوسطية والابتعاد عن التطرف، ويصرح آخر بأنهم جماعات مضللة محدودة العدد وتمت السيطرة(على الموقف) ويبدأ أحد الناطقين حديثة بعد أن بسمل قائلاً(نسأل الله أن يتقبل الضحايا) ولم يكمل دعواه بماذا يريد من الله سبحانه وتعالى – أن يتقبلهم، وان كان يُفهم من بين ثنايا الحديث أن يتقبلهم شهداء، وناطق آخر يعلن أن الأجهزة الأمنية لحماس قد استدعت ذوي الشباب المناصرين لأمير(الامارة الجديدة) كي يُقنعوا أبناءهم بأن يُسلموا أسلحتهم ويستسلموا .
لكن في المحصلة اثنتان وعشرون روحاً– مرشحة للزيادة – اُزهقت من الطرفين، وكل واحد منهم يعتقد بأنه المسلم الحقيقي الذي يفهم الاسلام الحق، ولا أحد غيره مسلم يفهم الاسلام، لكن أحداً ممن قضوا نحبهم أوأصيبوا بجراح – باستثناء المصلين والمارة – أو بقوا على قيد الحياة شاهرين أسلحتهم لم يتذكر الحديث النبوي الشريف والذي ينص على أن هدم الكعبة حجراً حجراً عند الله أهوّن من قتل امرىء مسلم، ولم يتذكر أحد منهم الحديث النبوي الشريف الذي يقول بأنه اذا التقى مسلمان شاهرين سيفيهما في وجوه بعضهما البعض فالقاتل والمقتول في النار، ولم يتذكر أحد منهم أن دماء الشهداء والجرحى في حرب اسرائيل الأخيرة على قطاع غزة لم تجف بعد،وأن شعبنا عنده من الأرامل والأيتام والثكلى ما هو فوق قدراته، ولم يتذكر أحد منهم أن المساجد دور عبادة للصلاة ولذكر الله وليست للصراع على سلطة تحت الاحتلال .
ومن حق المرء أن يتساءل عن المستفيد من هذه الصراعات الدموية ؟ والى أين ستوصلنا ؟ ومن حق المرء أن يتساءل عمّا يريد أصحاب فكر التكفير.؟
ان الاسلام الحقيقي دين تسامح وعدالة ، وان حياة الانسان مقدسة، وان دم المسلم لا يحل الا في ثلاث(النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة) وأن المخول بتطبيق حدود الله هو إمام المسلمين وخليفتهم، فهل فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ليس كافيا لتدمير حق شعبنا في التحرر والاستقلال؟ وهل قطاع غزة الذي تقل مساحته عن أربعمائة كيلو متر ويقطنه حوالي نصف مليون شخص يحتمل أن يكون فيه عدة(أمراء وإمارات للمسلمين) وهل نسي هؤلاء الأمراء أن القطاع تحت الاحتلال، ومحاصر براً وبحراً وجوا، ويعيش مواطنوه أوضاعا مأساوية تصل الى حدّ التجويع والعطش الى الماء النقي؟
والله ان القلب ليخشع ، والعين تدمع أمام هذا الواقع المرير الذي وصلنا اليه، والذي يقدم خدمة جليلة لاعداء الأمة، لن يكون أقلها ضياع وطن، وضياع حقوق شعب.
فلك الله يا شعب الجبارين،وحماك من شرور (أمراء)آخر الزمان.