تصريحات ليفني دعوة للتطهير العرقي

ت

تصريحات تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الاسرائيلية الحالية ، ورئيسة حزب كاديما الحاكم في اسرائيل  ، والمرشحة لرئاسة الحكومة الاسرائيلية في حالة فوز حزبها في الانتخابات الاسرائيلية القادمة في التاسع من شهر شباط القادم ، هذه التصريحات التي جاء فيها : ” يمكننا ان نقول للمواطنين الفلسطينيين في اسرائيل الذين ندعوهم عرب اسرائيل ان الحل لتطلعاتكم الوطنية موجود في مكان آخر “

ليست دعوة جديدة للتطهير العرقي الذي يستهدف اقتلاع الفلسطينيين من وطنهم الذي توارثوه عن الآباء والأجداد عبر آلاف السنين الماضية ، فقد سبقها اليها آخرون من القادة الاسرائيليين أسسوا احزابا ” للترانسفير ” وصلت الى الكنيست – البرلمان – الاسرائيلي وبعضهم تسلم حقائب وزارية في بعض الحكومات الاسرائيلية السابقة ، وقد سبق وان صدرت تصريحات شوفونية عنصرية ضد العرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص ، فهناك تصريحات لرفائيل ايتان رئيس الاركان الاسبق للجيش الاسرائيلي وصف فيها العرب ” بأنهم كالصراصير يجب حشرهم في زجاجة – قنينة – ” والحاخام الاكبر في اسرائيل عوفاديا يوسف الزعيم الروحي لحركة شاس الدينية والممثلة في الكنيست بعشرين نائبا وصف العرب بأنهم ابناء الأفاعي .

ومرت تصريحاتهم مرّ الكرام دون ان يجدوا من يحاسبهم عليها .

واذا كانت الدعوة الى التطهير العرقي هذه المرة جاءت من خلال تصريحات ، فقد سبق وان مارست اسرائيل الدولة سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين على ارض الواقع ، ففي العام 1948 ومع قيام الدولة العبرية تم تهجير وطرد اكثر من سبعمائة وخمسين الف فلسطيني من ديارهم الى خارج حدود وطنهم ، وحتى بعد قيام دولة اسرائيل تم تهجير عشرات آلاف الفلسطينيين ممن بقوا داخل الدولة العبرية من قراهم ، ليصبحوا لاجئين في دولة تعتبرهم مواطنين فيها ، وليست مأساة تهجير مواطني قريتي اقرث وكفربرعم إلا خير شاهد على ذلك .

وما الدعوة القديمة الجديدة الى يهودية الدولة ، والتي اخذت تتعاظم في الاشهر القليلة الماضية إلا دعوة مغلفة لتنفيذ سياسة التطهير العرقي التي تستهدف الفلسطينيين ، فقادة ومنظرو الفكر الصهيوني يعتبرون اسرائيل ” دولة يهودية ” وليست دولة لكل مواطنيها .

وهذه الثقافة سائدة في وسط اليهود الاسرائيليين ، فكثيرا ما نسمع في الشارع أو في أيّ مكان عام يهوديا يخاطب فلسطينيا قائلا انتم العرب لكم احدى وعشرون دولة بامكانك الذهاب اليها والعيش فيها، أمّا اليهود فلا دولة لهم الا دولة اسرائيل.

واسرائيل الدولة مارست التطهير العرقي في حرب عام 1967 ، فقد طرد الجيش الاسرائيلي قرى اللطرون يالوا وعمواس وبيت اللو من قراهم ، واقام على انقاضها ما يعرف بـ “منتزه” كندا .

واسرائيل الدولة ” الديمقراطية ” قوانينها تسمح لكل يهودي ان يعود الى أية املاك له في الاراضي الفلسطينية المحتلة في حرب حزيران 1967 وفي مقدمتها القدس الشرقية ، في حين لا تسمح لأيّ فلسطيني وحتى ولو كان من حملة الجنسية الاسرائيلية ان يعود الى املاكه في دولة اسرائيل .

واسرائيل الدولة التي يعتبرها الغرب ” واحة الديمقراطية في الشرق الاوسط ” فيها قانونان ، واحد يطبق على اليهود والثاني يطبق على العرب ، فمصادرة الاراضي لما يسمى ” المصلحة العامة ” هي قانون يطبق على الاراضي العربية الفلسطينية لصالح الاستيطان اليهودي .

والأحكام الجائرة تصدر على الفلسطينيين ، والقتل واطلاق الرصاص الحيّ على التظاهرات السلمية مطبق على الفلسطينيين فقط ، ونحن نشاهد هذه الايام وفي الايام القليلة الماضية كيفية التعامل الرحيم جدا للجيش الاسرائيلي مع عربدة قطعان المستطونين المدججين بالسلاح في الضفة الغربية – وخصوصا مدينة الخليل -، بينما شاهدنا اطلاق الرصاص وقتل اطفال فلسطينيين لحملهم دمى على شكل اسلحة .

وما سكوت الدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية على ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة الا تشجيع على استمرار هذه السياسة ، ولو تمت ادانة هذه السياسة المخالفة للقانون الدولي وللوائح حقوق الانسان ، لما تجرأت ليفني أو غيرها على اطلاق هذه التصريحات  الشوفونية العنصرية المحرضة ، والتي تحمل في طياتها عدوانا صارخا على الفلسطينيين الذين يعتبرون مواطنين في دولة اسرائيل ، رغم انهم يعاملون بطريقة تمييزية وبحق مواطنة منقوص ، وهي تعيد الى الذاكرة ما قاله المرحوم عبد العزيز الزعبي بان ” دولتي تحارب شعبي ” وكان يقصد تحارب شعبه خارج حدود دولة اسرائيل ، لكنها هذه المرة وفي مرات سابقة تثبت بأنها تحارب شعبه في دولته ، وهي خروج حتى على بعض اقوال منظري الفكر الصهيوني الأوائل امثال جابوتونسكي الذي قال: ” لا يضير الدول الديمقراطية ان تعيش فيها اقليات قومية “

لكن تصريحات ليفني هذه المرة تأتي كتعبير صادق وحقيقي عن الفكر الصهيوني ، وهي رسالة واضحة بأن اسرائيل الرسمية غير مستعدة لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة ، فبدلا من ايجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين كما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 وحقهم في العودة الى ديارهم التي طردوا منها تأتي تصريحات ليفني الاخيرة كدعوة لطرد من تبقى من الفلسطينيين في ديارهم وتحويلهم الى لاجئين .

12-12-2008

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات