وداعا زكي العيلة

و

غيب الموت الاديب الكبير زكي العيلة وهو في قمة العطاء ، غيبه في الثامنة والخمسين من عمره وكل نفس ذائقة الموت ولا حول ولا قوة الا بالله .

يشكل الراحل الكبير علامة مميزة في القصة الفلسطينية القصيرة في فلسطين بعد هزيمة حزيران 1967 ، حيث بدأ القصة بداية قوية لفتت انتباه الدارسين والباحثين والنقاد ، وهذه البدايات القوية لايمكن للباحثين ان يقفزوا عنها حيث اعتبر هو وآخرون امثال :  غريب عسقلاني ، ومحمد ايوب ، مفيد الدويكات ، سامي الكيلاني ،  علامات بارزة لرسم خريطة جديدة لجيل الشباب الذي هزته هزيمة العام 1967 ، وقطعته عن امتداده الفلسطيني والعربي ، فجيل ما عرف بكتاب الافق الجديد جزء كبير منهم اجبرته ظروف الحرب الى التشتت في ارض اللجوء ، وجزء ممن تبقى منهم ابعد قسرا الى خارج الوطن امثال : محمود شقير ، والراحل خليل السواحري ، .لم يتبق  من جماعة الافق الجديد على اارض الوطن سوى جمال بنورة وصبحي الشحروري ود. ابراهيم العلم ومحمد البطراوي  ، واذا كان جيل الشباب في الاراضي الفلسطينية المحتلة قد تأثر بأدباء الجليل والمثلث ممن عضوا بالنواجذ على تراب الوطن في النكبة الكبرى عام 1948 امثال : الراحلين اميل حبيبي وتوفيق زياد  وراشد حسين والذين نتمنى لهم طول العمر امثال محمد علي طه و محمد نفاع ، سميح القاسم ومحمود درويش و طه محمد علي وحنا ابراهيم وآخرين ، فإن زكي العيلة قد شكل هو واقرانه حجر الاساس لجيل ادبي فلسطيني جديد .

 وعندما صدرت مجموعته القصصية الاولى ” العطش ” اثارت ردود فعل واسعة وهامة ولافتة مبينة اننا امام قاص سيكون له شأن وقد صدقت النبوءة .

عرفت زكي العيلة منذ بداية السبعينات ، وتشاركنا معا في تأسيس لجنة الكتاب الفلسطينيين في الملتقى الفكري العربي في القدس ، ولاحقا في تأسيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين وتزاملنا في هيئته الادارية لاكثر من دورة ، وكان الفقيد دمث الخلق عذب الحديث ، عفيفا نزيها ، متواضعا ، لا يزاود على احد ، ولا يقبل ان يزاود عليه احد ، وزكي العيلة القاص المبدع لم ينس التراث الشعبي الفلسطيني حيث اصدر دراسته المتميزة وغير المسبوقة وغير المتبوعة ايضا  عن ” اغاني البحر الفلسطيني ” .

وزكي العيلة الملتزم بقضايا شعبه وامته دائم البحث والاطلاع واصل دراسته العليا رغم المصاعب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية فحصل مؤخرا على شهادة الدكتوراة في الادب العربي ، فهل شاء قدره وقدرنا ان يخطفه الموت مبكرا لكي لا يواصل عطاءه في هذا السن المبكر لتكون الخسارة مزدوجة وفادحة ؟.

اننا اذ نودع الراحل الكبير انما نودع جزءا منا ، نودعه بألم وحسرة وبإيمان بقضاء الله وقدره فهذه سنة الحياة ، ولا املك هنا الا ان اقول : ” ذهب الذين احبهم وبقيت كالسيف  فردا ”  فالى جنات الخلد ايها الراحل الباقي وستبقى ذكراك خالدة ونبراسا لمن بعدك .اخي زكي اعذرنا فرغم فداحة الخطب وعظم الفاجعة فإننا لا نستطيع المشاركة في وداعك والقاء النظرة الاخيرة عليك نظرا لحصار التجويع الجائر على شعبنا في قطاع غزة فالقطاع محاصر يا زكي والقدس محاصرة ومعزولة عن امتدادها الفلسطيني والعربي فهذا قدرنا ان نموت غرباء حتى في وطننا لولا دفء الارض التي تحتضننا احياء واموات.

 فعزاؤنا الحار لارملتك وابنائك وذويك ومحبيك وللحركة الادبية ولنا جميعا .

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات