نتيجة حتمية للسكوت على اسرائيل

ن

ما قامت به اسرائيل من قرصنة بحرية في المياه الدولية للبحر المتوسط، واحتلالها العسكري لسفن قافلة الحرية المتجهة لقطاع غزة، لم يفاجئ أي متابع للسياسة الاسرائيلية، فاسرائيل التي تحتل اراضي الغير وتقهر شعبا وتدمر أرضا، وتتنكر لكافة الأعراف والقوانين الدولية، وقرارات مجلس الأمن الدولي، ولوائح حقوق الانسان، وتجد دعما لا محدودا من الدولة الأعظم في العالم، ومن الدول التي تسمي نفسها ديموقراطية، اسرائيل هذه ليس غريبا عليها أن تمارس القرصنة البحرية، في عرض البحر وخارج مياهها الاقليمية، وأن تمعن قتلا في مدنيين من رعايا دول مختلفة جريمتهم أن ضميرهم الانساني يعذبهم على محاصرة مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة، الى درجة الجوع ونقص حليب الأطفال والأدوية،  وما سكوت العالم على هذا الحصار الا خرق فاضح للوائح حقوق الانسان، فهذا الحصار التجويعي هو جريمة حرب بحد ذاته، تماما مثلما هي القرصنة البحرية جريمة  تمارسها دولة بجيشها النظامي وبقرار من قيادتها السياسية.

 وليس مضحكا ما قاله  ايهود باراك وزير الحرب الاسرائيلي بأن حياة الجنود الاسرائيليين الذين استولوا على سفن قافلة الحرية كانت في خطر، مما اضطرهم الى اطلاق النار على ضحاياهم، فهذا ما تردده اسرائيل دائما عندما عندما يقترف جنودها عمليات قتل ضد المدنيين، واذا ما افتضحت الجريمة فانهم لا يلبثون أن يشكلوا لجنة تحقيق، تكون نتائج تحقيقها أن الجنود تصرفوا حسب الأوامر، وهذا صحيح مئة بالمئة، فالأوامر للجنود بالقتل صريحة وواضحة وهم مدربون ومثقفون عليها، لكن ان تكون حياة الجنود مهددة بالخطر فهذا غير صحيح، فقد قتل آلاف الأطفال الفلسطينيين بمن فيهم رضع، فأي تهديد لحياة الجنود يشكل هؤلاء؟ وليس غريبا ان تصدر تصريحات كما كانت في السابق بأن الجنود أطلقوا طلقات تحذيرية في الهواء، وكأن ضحاياهم كانوا طائرين يحلقون في السماء.

فاذا كان المشاركون في قاقلة الحرية لاغاثة قطاع غزة المحاصر يشكلون ضمير الانسانية الضائعة، فارتقى  الى سلم المجد من سقط منهم شهيدا، أو جريحا لترسم دماؤهم لوحة عار السكوت على جريمة الحصار، الا أن شجاعتهم وانسانيتهم  تبقى تستصرخ النظام العربي الرسمي الذي لم يعمل شيئا لكسر الحصار.

غير أن فعلة اسرائيل هذه والتي تؤكد من جديد أن اسرائيل لا تريد السلام ولا تلقي بالا للرأي العام الدولي، والمعروف عنها انها تجيد فن ادارة الصراع، لتظهر امام العالم وكأنها ضحية، بعد أن “تشيطن” ضحايها، قد وقعت هذه المرة في وزر أفعال حكومتها اليمينية المتطرفة، فهي تقف عارية أمام العالم هذه المرة دون رتوش ودون تجميل، تقف كما هي رافضة لشروط ومتطلبات السلام العادل، متمترسة خلف قوتها العسكرية، ونظريتها القائمة على ان ما لا يمكن حله بالقوة يمكن حله بقوة أكبر، تماما مثلما هي قافلة الحرية قد عرّت النظام العربي الرسمي الذي لم يفعل شيئا لفك الحصار الجائر على قطاع غزة، فهل ستستغل الدول العربية والاسلامية والصديقة هذه الجريمة في المحافل الدولية، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرارات تلزم اسرائيل بانهاء احتلالها للأراضي العربية، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة؟ أم أن اصدقاء حكامنا في البيت الأبيض سيضغطون عليهم لتمرير الموضوع بحجة الاستمرار في المفاوضات التي لن تسفر عن أية حلول؟ فكل الدلائل تشير الى الخيار الثاني وليبقى العالم في انتظار المجزرة القادمة.

31-5-2010

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات