موسى ابو دويح:عشّ الدبابير رواية التأريخ الجمالي لقرية

م

 

عش الدبابير لجميل السلحوت رواية تصور لَسْعَ الاحتلال اليهودي لفلسطين ، وجرائم اليهود ضد الفلسطينيين ، رجالاً ونساءًا ، شيوخاً وأطفالاً ، تصوره وتظهره بأنه أشد وأنكى من لسع الدبابير التي تستثار في يوم صائف ، شديد الحرارة كأنه العشر الأواخر من شهر تموز هذا العام 2007 م .

في هذه الرواية يؤرخ الكاتب لبلدة السواحرة : شرقها وغربها أو ما يسمى بالسواحرة الشرقية والسواحرة الغربية قرب القدس الشريف والتي يفصل بينهما واد النار الذي يمتد من القدس الى البحر الميت . فيذكر من السواحرة الشرقية جبّ الروم والظحظاح وجبل المنطار وخربة جنجس وأم الرتم وغيرها، أو قل البرية والبقيعة والزرّاعة . ويذكر من السواحرة الغربية جبل المكبر والشيخ سعد والجديرة وبير المشمشة ، وهذه كلها أسماء أماكن لا يعرفها كثير من سكان السواحرة الآن، وانما يعرفها من عاش فيها وزرع وحصد ودرس من الرجال والنساء الذين نيّفوا على الستين .

فالكاتب بهذا يعرف الفتيان والفتيات على أسماء أماكن جديدة، من باب إعرف بلدك يا بُنيّ ، وكذلك يؤرخ الكاتب لتراث وقصص وأغانٍ ورقىً وحكايات كانت معروفة عند السواحرة قبل أكثر من أربعين عاماً ، إلا أنها اليوم نُسيت ولا يكاد يعرفها إلا القليل ، فهو إذا بعشّ دبابيره قد ذكّرَ بالتراث وأحيا القصص ، وأعاد الحكايات والرقي والأغاني الى الأذهان ، فكأنها صارت واقعاً معاشاً في هذه الأيام .

ولقد جعل الكاتب روايته سبعة عشر عنواناً ، بدأها بتقديم للروائية ديمة السمان وختمها بتعليق للأستاذ الأديب ابراهيم جوهر ، وكتب الشيخ خمسة عشر عنواناً أو موضوعاً بدأها برحلة مدرسية الى حديقة الحيوانات ، وهي أعقد موضوع في الرواية، وفيها يحاول الكاتب أن يشحذ أذهان القراء ليعرفها مقصود هذه الرحلة وغاياتها، وهي محاولة اقناع الحيوانات في حديقة الحيوان بالعودة الى الغابة، ورفض استعباد الانسان لها وحبسها داخل أقفاص حديدية، تحدّ من حركتها وحريتها .

وختمها بعنوان : الجدار وهو الحد الفاصل الذي أقامه يهود لفصل ما يعتبرونه دولة لهم عن سائر مدن وقرى الضفة الغربية . فهذا الجدار فصل السواحرة الشرقية والشيخ سعد عن جبل المكبر فبعد أن كانت بلد السواحرة بلداً واحداً متصلاً ينتقل سكانه من مكان لمكان بسهولة ويسر – وبالمناسبة بلدة السواحرة من أكبر مدن وقرى بلدات فلسطين مساحةً فحدودها من جبل المكبر غرباً الى البحر الميت شرقاً ، ومن بلدة العبيدية والتعامرة جنوباً الى الخان الأحمر وأبو ديس شمالاً – أضحت السواحرة اليوم مجزأة ومنفصل بعضها عن بعض بجدار أعلى من سور برلين كما يقول الكاتب . وصار الأخ الذي يقيم في السواحرة الشرقية لا يستطيع أن يصل الى اهله واخوته في جبل المكبر ، وإن أُعطي تصريحاً بالدخول، وسمح له بذلك فسيحتاج الى أن يقطع أكثر من ثلاثين كيلو متراً حتى يصل الى أهله بعد أن كان في مقدوره أن يصل اليهم في دقائق معدودة .

وبين موضوعي الرحلة المدرسية والجدار ثلاثة عشر موضوعاً شيقاً جمع فيها الشيخ جميل أكثر الموروث عند السواحرة من قصص وأمثال وحكايات كان يُحدثها السلف للخلف، فجمعها في عشّه وأثبتها في روايته، وحفظها من الضياع .

ولقد أحسن الشيخ في حصر أبطال روايته في عدد قليل بل في عائلة واحدة هي الأب والأم وأولادهم الثلاثة – ولدان وبنت – والجدة ، بحيث يسهل على القارىء أن يتعرف بسهولة على شخوص الرواية . وأبدع في إعطاء كل واحد من أبطال روايته الدور المناسب له ، والمنسجم مع ما هو متعارف عليه عند السواحرة . فدور الجدة مميز ، ودور الأب رائع ، ودور الأم جميل ، وأدوار الأطفال الثلاثة ممتعة ، حيث رسم الكاتب بها لوحة فنية لحياة السواحرة منذ أكثر من خمسين عاماً وحتى هذه الأيام، وعلى الأخص ما يعانونه في هذه الأيام وبعد إقامة الجدار .

وأخيراً ، إني عاتب على الشيخ لأنه لم يراجع روايته مراجعة تليق به كشيخ وأستاذ ، فجاء فيها قول الله سبحانه : ” سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع العليم ” والصحيح هو السميع البصير ( ص 21 ) ، وجاء في الصفحة التاسعة : حتى يقضي الله أمراً كان مكتوباً ، والصحيح : أمراً كان مفعولاً ، وجاء في الصفحة 79 فدعهم في ضلالهم يمرحون والصحيح : يعمهون ، هذا بالنسبة له كشيخ . أما بالنسبة له كأستاذ فإنه قد استعمل كثيراً من الجمل والكلمات استعمالاً معيناً، ولو استعمل غيره لكان أجود وأفصح وأبلغ فمثلاً : جاء في الصفحة 90 : حتى أنه استطيب النوم على الأرض : والأفصح : استطاب . وفي صفحة 77 : فهما نادراً ما يتجالسان ، والأصوب : يجلسان معاً . وفي صفحة 76 : لم يبلغ السادسة عشر عاماً ، والأجود : لم يبلغ ستة عشر عاماً ، وفي نفس الصفحة : وأشعل المذياع ، والأحسن : وفتح المذياع .وفي صفحة 70 : وسيحكمونك غرامة عالية جداًَ ، والأفصح : بغرامة .

وجاءت كلمة فراس في أكثر من ثلاث صفحات منصوبة ولم ينصبها : في صفحة 67 غمر الفرح فراس والصحيح : غمر الفرح فراساً ، وفي صفحة 33 جرّا فراس واسماعيل والصحيح : جرّا فراساً واسماعيل . وفي صفحة 6 لماذا لا تريدين فراس أن يسمع ؟ والصحيح : تريدين فراساً .

وجاء في صفحة 54 : ويتركنهن أثناء العمل ويرضعنهن والصواب : ويتركنهم ويرضعنهم ، وجاء في صفحة 31 عندما كان الناس يعتاشون على الزراعة والصحيح : كان الناس يعيشون من الزراعة .

وجاء في صفحة 29 فيتركها الأهل لتبقى بذوراً والأحسن : لتصير بذوراً .

وجاء في صفحة 23 كل منهم يريد أن يحدثه عما شاهدوه في المدينة المقدسة والأصوب : عما شاهده . وجاء في صفحة 21 استأذنت من زوجها والأحسن : استأذنت زوجها . في صفحة 16 مع أن عادة أكل المنسف هي باليد والأحسن : ويؤكل المنسف عادة باليد لا بالملعقة . وفي صفحة 11 ارتدت المريول الأزرق الذي بلا أكمام والأحسن الذي ليس له أكمام . وفي صفحة 6 طلبت منا المعلمة أن نصطف اثنين اثنين وأن يمسك الاثنان بيدي بعضهما والأحسن : اثنتين اثنتين وأن تُمسك كل واحدة من الاثنتين بيد الأخرى .

وختاماً الرواية رائعة من روائع الشيخ جميل آملاً أن يستدرك الأخطاء في الطبعة القادمة ان شاء الله .

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات