مشروعنا الثقافي– دار النشر الوطنية(5-7)

م

وفي اللقاء مع دولة رئيس الوزراء د.سلام فياض مساء 29-6-2010 تم طرح ضرورة انشاء دار نشر وطنية كواحد من العناوين الثقافية التي تم التطرق اليها.

فالكاتب يقلق، يشعر، يحزن، يفرح، يتأثر، يسهر، يضغط وقته، يعصر أفكاره ويسكبها حبرا على ورق، ويقف امام الحقيقة المرة، أين سينشر؟ وكيف؟ ومن سينشر له؟ وكم سيكلفه ذلك؟ وليس ماذا سيجني من ذلك؟ لكنه في كل الأحوال يريد أن يرى ثمرة جهده بين دفتي كتاب.

في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي دعمت الدائرة الثقافية في منظمة التحرير الفلسطينية عددا من الصف والمجلات ودور النشر، لأنها كانت معنية بتأسيس ثقافة فلسطينية في مواجهة الاحتلال، ورأى بعض (المدعومين) في ذلك مشروعا تجاريا يدر عليهم دخلا، مع أن عدد القراء عندنا محدود، وينحصر في المثقفين وأشباههم من متعاطي الأدب والسياسة، وكان للاحتلال دور غير مقصود في النشر من خلال وضعه قيودا رقابية عسكرية على المطبوعات من صحافة وكتب، ومنع استيراد الكتب من الخارج ضمن حصار ثقافي وصل الى منع نشر وتداول اكثر من خمسة آلاف كتاب لكتاب فلسطينيين وعرب وأجانب،فكانت النتائج عكس ما أراد.

وبعد قيام السلطة الفلسطينية في العام 1994 انفرجت الأمور قليلا، فلم تعد رقابة على الصحف والمطبوعات، لكن في نفس الوقت لم تعد هناك دور نشر محايدة، صحيح أن هناك دور نشر تديرها مؤسسات غير حكومية مدعومة من جهات أجنبية، وغالبيتها متخصص في نشر كتابات الأطفال، وضمن شروط معينة يمليها الممولون، كما أن هناك دورا للنشر تنشر على حساب الكاتب، وتستحوذ بالمبيعات، ولدار الشروق في رام الله دور واضح في نشر بعض الكتابات المحلية والعربية والمترجمة، لكن يبدو ان تلك الدار لها ظروفها المادية الخاصة التي لا تمكنها من نشر جميع ما يقدم اليها.

لكن اللافت هو منشورات بعض المؤسسات الثقافية، التي تخضع للمحسوبيات الشخصية والتنظيمية، ومراكز القوى المتنفذة.

وأزمة النشر تجلت في العاك 2009 عام القدس عاصمة الثقافة العربية، حيث اعلنت وزيرة الثقافة السابقة السيدة تهاني ابو دقة أنه سيتم نشر كتاب في كل يوم من نفس العام، وانتهى العام وما نشر لم يزد عن بضع عشرات من الكتب، وحتى وزارة الثقافة نفسها لا تنشر الا بضعة كتب في السنة الواحدة، لعدم وجود ميزانيات مخصصة لذلك، فنصيب وزارة الثقافة هو الأقل حظا من بين وزارات السلطة، كحال شبيهاتها في الدول العربية، ومنشوراتها ايضا تخضع للمحسوبية أيضا، وللتذكير فقط فإن أول رواية فلسطينية معاصرة عن القدس طبعت في القاهرة ولم تصل الى الاراضي الفلسطينية، والجميع يعرفون ما للثقافة من دور في النهوض بالشعوب، في مختلف المراحل التاريخية، ودورها بالتأكيد أكبر في زمن الهزائم العسكرية والسياسية، وما يصاحبها من هزائم اقتصادية، وتردٍ في الاوضاع الصحية والتعليمية والاجتماعية، لكن لا أحد يعمل من أجل دعم الثقافة المحلية.

ومن هنا فإن الضرورة تملي ضرورة وجود دار نشر وطنية، لتكون أحد الأعمدة الرئيسة في بناء مشروعنا الثقافي، وعليها أن تأخذ مسافات واحدة من كل الكتاب والمفكرين والباحثين، دون النظر الى انتماءاتهم السياسية والفكرية، وأن يكون لها شبكة توزيع تصل الى كافة المدن والقرى والمخيمات والتجمعات السكانية، وأن توزع من مطبوعاتها على كافة المدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية، وأن تكون أسعارها زهيدة وفي متناول الجميع.

9-7-2010

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات