عرضت هذه المسرحية على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي” سابقا في القدس ، ومسرح القصبة في رام الله ، وقد توافرت كل الشروط لنجاح هذه المسرحية من خلال العاملين فيها اخراجا وتمثيلا وموسيقى وتقنيات ، وينقص المسرحية شيء واحد ومهم وهو تسويقها بطريقة صحيحة لجذب الجمهور اليها لمشاهدتها في عشرات بل مئات العروض في مختلف أرجاء الوطن وفي الخارج ، وذلك لتعميم المتعه والفائدة المتوخاه منها.
مضمون المسرحية:
المسرحية عبارة عن رسالة سلام تدين الحروب أينما كانت بغض النظر عن مجرميها وضحاياها ، وقد أعدها وصممها وأخرجها الفنان حيان الجعبة عن ثلاث مسرحيات هي:
“أنشودة الدم”للكاتب المصري مصطفى محمود
“الديكتاتور”للكاتب اللبناني عصام محفوظ
“الجنرال ” للكاتب الايراني غلام حسين ساعدي
وقد أظهرت المسرحية الجنرال مريضا نفسيا بطريقة فكاهية، لا شغل له الا التخطيط للقتل والتدمير واشعال الحروب ومحاولة السيطرة على العالم ، وقد سخرت منه المسرحية عندما اعتبرت الطاولة العسكرية التي يرسم خططه عليها مجرد وهم خياله المريض الذي يسيطر عليه.
التمثيل:
قام بتمثيل المسرحية فنانان لهما باع طويل ، وتجربة رائدة ، وخبرة يعتد بها وهما الفنانان محمد القباني في دور الجنرال، ومحمود عوض في دور السيرجنت ، وقد لعبا أدوارهما بقدرة فائقة جعلت الجمهور يضحك من أعماق قلبة من باب” وشر البلية ما يضحك” ، كما جعلتة يعبس في مواقف كان لابد من العبوس فيها ، مما يدل أن الجمهور تفاعل مع المسرحية وتأثر بها .
الديكور:
كان الديكور بسيطا جدا ومعبرا جدا ايضا ، فهو عبارة عن طاولة بسيطة مغطاة بملاءة حمراء اذا ما قلبت تصبح سريرا بسيطا ، ويستعملها الجنرال لخرائطه العسكرية ، وطاولة أخرى وكرسي مغطيان باللون الاحمر أيضا ، وعندما قلبا تبين أن الطاولة مجرد مغسلة ، وان الكرسي على مرحاض ، ويتوسط المسرح قبالة المشاهدين خريطة للعالم باللون الأحمر ، ومكنسة بعصا طويلة وعلبة دواء .
الموسيقى: يؤكد رمزي الشيخ قاسم عملا بعد عمل قدرته في استعمال الاضاءة المسرحية بشكل ممتاز ، فقد شاهدنا اللون الازرق الفاتح في المشاهد التي تدل على توحد الجنرال وانعزاليته ، وشاهدنا اللون الاحمر للتدليل على دمويته .
الاخراج: واضح جدا أن حيان يعقوب فنان يمتلك ثقافة مسرحية بشكل خاص وفنية بشكل عام ، اضافة الى خبرتة الطويلة في العمل المسرحي ، وقد ظهرت بصماته الفنية في هذا العمل بشكل واضح ، وليس من باب المبالغة القول بأن من يعرف حيان الجعبة لا يحتاج الى كثير من الذكاء ليعرف من هو المخرج لهذا العمل دون ان تكون عنده معلومات مسبقة عنه ، فخفة الدم التي يتحلى بها كانت واضحة في النص وفي حركات الممثلين ، ومعرفته بقدرات الممثلين القباني وعوض هي التي قادته الى اختيارهما لتقديم هذا العمل ، وقد طبق فعلا مقولة ” وضع الرجل المناسب في المكان المناسب”.
وقد ظهرت قدرات حيان يعقوب في الاخراج من خلال الديكور الذي أعده لهذا العمل المسرحي ، هذا الديكور الخالي من التعقيد ، والذي استعمل أدواته في أغراض متعددة ، فمثلا : المكنسة استعملت كمكنسة، واستعملت بندقية ، واستعملت قلما.
علبة الدواء: استعملت علبة دواء ، ورسالة ، وبرقية ، وهاتف.
الطاولة الكبيرة : استعملت لفرد الخرائط والخطط العسكرية ، واستعملت سريرا للنوم عندما قلبت .
الطاولة الصغيرة: استعملت للكتابة ، وعندما قلبت أصبحت مغسلة.
الكرسي : استعمل كرسيا ، وعندما قلب ظهر أنه حمام “مرحاض”.
خريطة العالم المرسومة على قماش : استعملت ايضا كملاءة يتغطى بها الجنرال.
يبقى أن نقول ان هذه المسرحية جميلة ومعبرة وهادفة وتستحق أن تشاهد من قبل جمهور عريض وفي مواقع كثيرة.