قصّة الأطفال”إضراب الجميلات” في اليوم السابع

ق

القدس: 1-12-2022 من ديمة جمعة السّمّان– ناقشت ندوة اليوم السّابع الثّقافيّة المقدسيّة قصّة الأطفال“إضراب الجميلات” للدّكتور مروان مصالحة. صدرت القصّة عام 2022 عن دار يافا العلميّة في عمّان-الأردنّ، ودقّقتها لغويا جميلة عدوي، وتقع في 29 صفحة من الحجم المتوسّط.

افتتحت الأمسية مديرة الندوة ديمة جمعة السمان فقالت:

عندما أبدأ بقراءة أية قصة موجّهة للأطفال أسأل نفسي: ماذا أراد الكاتب أن يقول؟ ما الرسالة التي يسعى لإيصالها إلى الطّفل؟ ماذا سيكون تأثيرها على الطّفل؟ هل أمسك الكاتب بخطوط أهداف القصّة وأحسن في ترسيخ القيم لدى الطفل التي نسعى بالعادة أن نزرعها في أطفالنا؟

وهذا ما سألته لنفسي حين ابتدأت بقراءة قصة ” إضراب الجميلات” للكاتب الدكتور مروان مصالحة.

مع العلم أن القصّة تقع في 29 صفحة ملونة ومزيّنة برسومات جميلة تعكس ما جاء في القصة من أحداث.

قصة “إضراب الجميلات”، تقول للقارىء أنه من الممكن الخروج من أي مأزق باستعمال العقل.

فقد تورّط الملك حين أصدر مرسوما بمنع النساء من التزين بالمجوهرات نتيجة انزعاجه من زوجته، التي أفرغت الخزينة لهوسها بشراء الأحجار الكريمة والمجوهرات للتزيّن بها. ممّا جعل النّساء يخرجن جماعات جماعات إلى الشّارع العام، معترضات، مطالبات بإلغاء المرسوم، وإلا فالعصيان التّام.

فلجأ الملك إلى الحكيم الذي أشار عليه إعلان التّالي: الجميلات يرفضن المظاهر، والقبيحات هنّ فقط من يلبسن الجواهر لإخفاء قبحهن.

انتشر الإعلان سريعا، فقامت النّساء بخلع جواهرهنّ؛ كي لا يقال عنهن أنّهن قبيحات.

جميل جدا أن نفكّر خارج الصّندوق، فلكلّ مشكلة حلّ.. وعلى الانسان أن يتمتع بسرعة البديهة ليخرج من المآزق التي يقع فيها، بعد دراسة نفسيّة خصمه.

 رسالة جميلة للطفل تحثّه على استعمال عقله وعدم الاستسلام والوقوع في فخّ اليأس والعجز، كما تحثّه على استشارة المختصّين في حالة الوصول إلى طريق مسدود.

ولكن السّؤال.. ماذا فهم الطّفل أيضا؟ وهو ابن القرن الواحد والعشرين، والذي يطالب مجتمعه بتحقيق العدالة والمساواة مع المرأة التي تشكل نصف المجتمع، والتي تطالب بأن تتقلّد مناصب قياديّة رفيعة؟ وقد وصلت إلى مراتب عليا بسبب رجاحة عقلها، وحصولها على درجات علمية عالية في التخصّصات المختلفة.

لقد جاءت الرّسالة الأولى على حساب الرسالة الأخرى التي وصلت للطفل كالتالي: النساء يهتممن بالمظاهر أكثر من المضمون، ويخدعن بسهولة، لأنّهن تافهات، ويتصرّفن كالأطفال.

جاءت هذه الرّسالة في زمن يسعى فيها المجتمع إلى تغيير نظرة المجتمع إلى المرأة.

القصة جميلة ومشوّقة، ولغتها أيضا جميلة.

مبارك للكاتب الدكتور مروان مصالحة هذا الإصدار الغنيّ بالمفردات الجديدة على الطّفل، مثل: مرسوم: ماسات نفيسة، العصيان التّام، سنّ القوانين، حنكة.. الخ

لا شك أنّها قصة تشجع الطفل على البحث عن الحلول الذّكيّة، وتجاوز العقبات، في ظل حياة مليئة بالتّحدّيات.

وكتب جميل السلحوت:

توقّفت أمام الأسلوب والمضمون في هذه القصّة. فالأسلوب متأثّر بأساليب الحكايات الشّعبيّة المأثورة عن ملوك وسلاطين العصور الغابرة.

ملخّص القصّة: تدور القصّة حول زوجة ملك مهووسة باقتناء المجوهرات الثّمينة، ولم يستطع الملك زوجها ثنيها عن ذلك، فأصدر مرسوما يمنع فيه النّساء من التّحلي بالمجوهرات، فغضبت النّساء من المرسوم الملكيّ وقرّرن الإضراب؛ ليجبرن الملك على التّراجع عن قراره، وعندما استعان الملك بحكيم مملكته، فأشار عليه الحكيم بحيلة أعلن فيها:” الجميلات يرفضن المظاهر، وأن حسنهنّ باد لا يخفى على ناظر، وأنّ التّزيّن بالقلائد والجواهر للقبيحات ساتر، يخفين وراءها كلّ قبيح وجائر”

وعندما انتشر هذا الخبر بين النّساء قبلن بذلك وانتهى احتجاجهنّ!

حقيقة: وهنا لا بدّ من التّأكيد على أمر فطرت النّساء جميعهنّ عليه وهو الاعتناء بجمالهنّ وزينتهنّ، وهذه قضيّة مفروغ منها ولا تحتاج إلى جدال ونقاش.

تساؤلات: لكنّ السّؤال الذي يطرح نفسه هو: هل مصاغات ومجوهرات نساء الحكّام تكون على حساب خزينة الدّولة كما جاء في القصّة:” ولهوسها بشراء الأحجار الكريمة أفرغت الخزينة”ص 4. فهل أموال الخزينة للحاكم أم للوطن وللشّعب؟ وهل يجوز وصف الحاكم بالمسكين؟ “وصل الخبر إلى الملك المسكين”ص10. وإذا كان هذا حال الملك فعلا فكيف تمّ تنصيبه ملكا؟

وإذا ما أخذنا بأنّ من أهداف كتابة أيّ قصّة هو التّسلية، فهل نغفل العلاقة بين اللفظ والمعنى خصوصا في الكتابة الموجّهة للأطفال؟

في القصّة أهداف تربويّة لا يمكن القفز عنها ومنها: أهمّيّة المشورة في أيّ أمر صعب يواجهه الإنسان، وضرورة أن يوجد أناس موثوقون في حياة كلّ إنسان يستشيرهم وقت الضّرورة. لكن مستشاري الملك في القصّة اختلفوا في إيجاد حلّ لمشكلة” إضراب النّساء” أيّ أنّهم عجزوا عن إيجاد الحلّ المناسب، ممّا قاد الملك إلى استشارة “الحكيم”، والذي بدوره لجأ إلى الكذب والخديعة لتمرير قرار الملك بمنع النّساء من التّجمّل بالحليّ والمجوهرات. وهذا يقودنا إلى متاهة أخرى وهي التّساؤل حول دور الحكماء والمثّقّفين بلغة العصر، فهل هم جزء من السّلطة الحاكمة المتنفّذة ومتذيّلون لها، يزيّنون ويسوّقون سياساتها على علّاتها، أم هم ناصحون للحكّام ويعكسون هموم شعوبهم؟

المرأة في القصّة: جاء في القصّة أنّ زوجة الملك مجنونة بحبّ المجوهرات، ولا شيء غير ذلك، وأنّ النّساء لا دور لهنّ إلّا التّزيّن بالمجوهرات، وأنّهن جاهلات تسهل خديعتهنّ، وكلّ واحدة منهنّ تعتبر نفسها جميلة الجميلات، وما دام الملك يعتبرهنّ جميلات فلا حاجة لهنّ للتّزيّن بالمجوهرات، فهل النّساء كلهنّ حمقاوات إلى هذه الدّرجة؟ ولماذا جرى تغييب دور الرّجال في المجتمع ما دامت القصّة تتحدّث عن ملك ومستشارين وحكيم ونساء؟  والحديث يطول.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

قصة للأطفال بنكهة الماضي وشذا الحكايات القديمة التي تدخل القصور، في هذه القصّة يطرح الكاتب مروان مصالحة قضية الحكمة في اتّخاذ القرارت من خلال قصة زوجة الملك التي تبالغ في اقتناء المجوهرات الثمينة، ممّا يثير غضبه واستفزازه، فيمنع لبس الحلى لدى النساء، الأمر الذي يثير سخط النساء وإعلان إضرابهنّ الذي يؤثر على  المجتمع، ويكون الحلّ في النهاية من خلال حكمة الحكيم.

العنوان “إضراب الجميلات”جميل وملائم لفحوى القصّة، ويجعل القارىء في حالة شغف لمعرفة سبب الاضراب.

جاءت الشخصيات بلا أسماء، الملك، زوجته، النساء، الحكيم.

جاء الحلّ في القصة لمشكلة إعلان النساء إضرابهنّ عن طريق حكمة الحكيم في طرحه للملك وهو:” أعلن: الجميلات يرفضنَ المظاهر، وأن حسنهنّ بادٍ لايخفى على ناظر، وأنّ التزيّن بالقلائد والجواهر للقبيحات ساتر، يخفين وراءها كلّ قبيح وجائر.”

وقد نجحت حكمت الحكيم حين خلعت النساء الجواهر والقلائد، لكنّ السؤال الذي يجول في خاطري هو إلى أي مدى ستصمد النساء بلا مجوهرات؟ أرى أن الحلّ هو عقاب جماعي فيه الغش، محاولة حلّ مشاكلنا بطريقة الغش والظلم، وبذلك نعلّم الطفل أساليب الاحتيال على الآخرين بحنكة.

أهداف القصّة: يستطيع الطفل أن يتعلّم من خلال القصّة أنّ الحكمة مهمة في اتّخاذ القرارات وعدم التسرع، وعلى الطفل وحتى الكبير أن يستعين بالآخرين من أجل المشورة في حلّ مشكلة ما، ومن أهداف القصّة أيضا عدم الظلم في المجتمع واتّخاذ العقاب الجماعي، إشارة للملك الذي كان رمزا للظلم حين أعلن منع النساء من استعمال الحلي. وأيضا من الأهداف المهمة في القصّة هي الإشارة إلى أهمية المرأة ومدى تأثيرها في المجتمع.

أُسلوب الكاتب: استخدم الكاتب أُسلوب لغة القصّ في الأدب القديم حيث

حكايات الملوك وعلاقتهم بالحكيم، فاستخدم الكاتب المفردات التي تتعلّق

بالماضي، وكأنّ بالكاتب مصالحة يريد للطفل أن يتعرّف على أرشيف

الحكايات القديمة.من المفردات التي استخدمها هي:رسول، حكيم ومرسوم.

وإذا قارن الطفل هذه المفردات بيومنا هذا سيجد أنّ الرسول هو المبعوث، وأنّ الحكيم يقابله المستشار، والمرسوم هو القانون.

استخدم الكاتب الحوار باللغة الفصحى وكانت اللغة سهلة جميلة ذات حس جرسي فيها السّجع مقربة لأذن القارىء ومحببة للطفل. استخدم الوصف في بداية القصّة في وصفه لزوجة الملك، كما وصف حالة النساء حين أعلنّ إضرابهنّ جماعات جماعات.

استخدم الكاتب المرادفات في القصّة :الجميلة…الحسناء.

واستخدم الطباق ممّا يزيد من إثراء لغة الطفل:أرض…سماء.

الخائب…الصائب،لئيم…كريم،القبيحات…الجميلات.

استخدم الجناس الناقص…النساء…المساء.

استخدم التّكرار في القصّة: أدرك وقد كرّرها ثلاث مرّات في مواضع مختلفة ممّا يزيد من مهارة الطفل في تصريف الفعل.

وكذلك كرّر فهيم ثلاث مرّات.للإشارة إلى مدى ذكاء الحكيم.

جاءت النهاية سعيدة وذلك مهم في قصص الأطفال، أمّا الرّسومات فكانت جميلة وموفقة.

وقالت نزهة أبو غوش:

يكتب الدكتور مصالحة للأطفال قصّة عن النّساء اللواتي وقفن احتجاجا أمام الملك؛ لأنّ زوجته الملكة تسبّبت بإِفراغ خزينة الدّولة من المال؛ بسبب شغفها بالمجوهرات الثّمينة الّتي كانت تتحلّى بها على حساب الشعب؛ وبالتالي أصدر الملك مرسوما بمنع كلّ النّساء من التزيّن بالمجوهرات.

لغة القصّة جميلة ومناسبة لأطفال ما بعد سنّ الثامنة؛ يغلب عليها أسلوب السّجع المحبّب عند الأطفال. الصور كاريكاتوريّة بألوان وتعابير جميلة.

أرى بأنّ فكرة الاحتجاج أو الاضراب، هي فكرة جيّدة؛ لأنّها عكس الرّضوخ والاستسلام للظواهر  السلبية في المجتمع، فالمعارضة هي ظاهرة إِيجابيّة، وهنا يمكن القول بأنّ هذه الفكرة تفتّح عقل الطّفل وتبعده عن الخنوع، وتجعل منه طفلا يفكّر بالأسباب والنّتائج.

لقد فتّش الكاتب مروان عن حلّ لهذه المعضلة فقال على لسان الملك:” إِذا استمرّ الإِضراب سيشقى كلّ حرّ كريم” أرى أنّ هذه الجملة لا تخدم النّص، فلِمَ سيشقى الحرّ أو الكريم إِذا حصل الإِضراب؟ فقد وضعت كلمة كريم من أجل السجع فجاءت مقحمة.

وخطوة أخرى اختارها الكاتب؛ من أجل الوصول إِلى الحلّ، وهي أنّ الملك راح يفتّش عن مستشارين وحكماء؛ كي ينصحوه في فكّ إِضراب النّساء؛ وهذه الخطوة هي أيضا سليمة وتربويّة، تعلّم الطّالب على الاستشارة وتقبّل نصح الآخرين الأبلغ والأكثر فهما منه؛ إِنّ عدم استخدام الملك العنف لقمع هذا الإِضراب، هي خطوة إيجابيّة أيضا في مصلحة القصّة.

كانت الخطوة الأخيرة للحلّ، أنّ أحد الحكماء نصحه بأن يحدّث النّساء المضربات عن التّوقّف عن الإضراب؛ فكانت فكرة الحكيم أن يقول لهنّ بأنّ التزيّن بالمجوهرات هو للنّساء القبيحات، كي يخفين قبحهنّ؛ بينما الجميلات لا حاجة لهنّ بالتزيّن بالمجوهرات، على أثرها فكّت النّساء إِضرابهن. لقد كانت فكرة الحكيم ذكيّة؛ لأنّها حقّقت الهدف المنشود، لكنّ السّؤال الّذي يطرح نفسه هنا: هل سيقنع هذا الحلّ الأطفال؟ وهل هو حلّ منطقي وتربويّ؟ لقد حكم الملك على كلّ النّساء بعدم اقتناء المجوهرات؛ بينما لم يذكر زوجته الملكة الّتي تسبّبت بالخسارة. لم يقترح عليه الحكماء أيّ حلّ يتعلّق بالملكة، ولم يكن هناك أيّ إِرشاد تربوي فيه منطق المشكلة والحلّ؛ إِنّما هي كذبة أو حيلة خلقها الحكيم من أجل إِرضاء الملك؛ وهذا الّذي لا نريد أن يتربّى عليه أطفالنا، التّصفيق لأصحاب العروش على حساب الشّعب المغلوب على أمره.

ربّما الحلّ المطروح في القصّة، يعطي فرصة للنّقاش بين الطّلاب أنفسهم؛ أو يكون محفّزا للأهل ولمعلمي ومعلّمات الأطفال لمناقشة هذا الموضوع المهمّ، وإِعطاء الفرص للأطفال بالإِدلاء بآرائهم المختلفة.

وقالت مريم حمد:

القصة موجهة للأطفال وتتناول قضية مهمة في وقتنا الحالي وهي المبالغة في التزين على حساب الجوهر الداخلي، والذي هو أهم بكثير من المظهر الخارجي، القصة تأخذ طابع القصة الشعبية من حيث الفكرة وكذلك الرسومات.

القصة من حيث الفكرة جميلة ومشوقة، والأطفال دوما محبون ومتطلعون لحياة الملوك والأمراء، فالقصة ستثير خيال الطفل وتحثه على البحث والنظر في هذا النمط من الحياة خاصة وأن الصور مرتبطة بحياة الشعوب السابقة.

تحتوي القصة على عدة أهداف تربوية لغتها جميلة وجاذبة، ربما كان لا بد من خلق بعض التوازن في التعامل مع المجوهرات؛ لأن المجوهرات في بعض الأحيان تكون نتاجا فنيا خاصة في ألوانها وتنظيمها وتدرج ألوانها.

تحتوي القصة على السجع في بعض المواقع، وتضيف لقاموس الطفل العديد من المفردات الجديدة، التي ستضاف لقاموسه اللغوي، بعض هذه المفردات قريبة من الطفل وبعضها الآخر بحاجة لتوضيح وتبسيط، وهذا أمر جيد؛ لأن القصة في أدب الأطفال تهدف إلى زيادة المفردات اللغوية لبناء لغة قوية.

أنصح بطريقة القراءة المتكررة للقصة لمعالجة بعض القضايا التي لا تكفي قراءة واحدة للقصة من الوصول لجميع الأهداف التي حاول الكاتب الوصول إليها، لأن الكاتب يكون مقيدا بعدد الكلمات والصفحات.

وكتبت دولت الجنيدي أبو ميزر:

القصة قصة ملك زوجته مولعة بالحليّ والمجوهرات والقلائد، لم يفلح الملك في ثنيها عن ذلك، فأصدر مرسوما يمنع كل النساء من التحلي بالمجوهرات، فغضبن وأعلن الإضراب العام، وحين فشل مستشارو الملك بإيجاد الحل استعان بالحكيم الذي أشار عليه أن يعلن بأن الحلي والمجوهرات للنساء القبيحات؛ ليخفين كل قبيح فيهن، وأمّا الجميلات فيكتفين بجمالهن. وتنجح الحيلة ويفك الاضراب.

كتبت هذه القصة بلغة سهلة وبأسلوب السجع المحبب للأطفا،ل مثل قصص الحكواتي أيام زمان. غير أنه زج بعض كلمات غير ضرورية فقط لالتزامه بالسجع، مثل “يخفين كل قبيح وجائر” فكلمة جائر هنا لا لزوم لها، وغيرها من الكلمات.

صور القصة معبرة وجميلة، غير أن الملك يضع على رأسه وثيابه مجوهرات أكثر من المجوهرت التي على رأس وثياب زوجته.

من هذه القصة يتعلم الأطفال والكبار عدم السكوت على الظلم، وأن في الاتحاد قوّة، مثلما فعلت النّساء حينما أضربن عندما منعن من التحلي بالمجوهرات.

تعليم الأطفال الإستشارة وطلب العون حين الشدة ممّن يثقون بهم، مثلما فعل الملك حين استشار المستشارين ثم الحكيم.

ان حسن التصرف يضمن النجاح، ولكن ليس عن طريق اللعب بالعقول والخداع  مثلما فعل الحكيم حين أشار عل الملك بأن يعلن أن التحلي بالمجوهرات للقبيحات، وأمّا الجميلات فيكتفين بجمالهن، وتنجح الحيلة ويُفك الإضراب، ولم يذكر أيّ شيء عن زوجة الملك التي هي أساس المشكلة، وهو هنا يستخف بالنساء وعقولهن، وأن كل همهن التحلي بالمجوهرات، وهذه صورة سلبية تعطى للطفل عن المرأة ودورها في المجتمع.

رغم أن الحكيم حلّ المشكلة عن طريق الحيلة والخداع فقربه الملك منه.وهذه صورة سلبية أخرى تعطى للطفل، فأيّ ملك هذا؟ وأيّ حاشية هي حاشيته؟ وهل خزينة الدولة بيده وتحت تصرف زوجته ليتصرفوا بها ويفلسوها؟ بالرغم من كل ذلك لو كانت هذه القصة للكبار لأمكن تفسيرها على نحو آخر.

وقالت رفيقة عثمان:

  تتحدّث القصّة حول ملك، اشتكى من زوجته الّتي تحب اقتناء الذّهب، لدرجة أفرغت خزينة الدّولة. أصدر الملك مرسومًا يمنع فيه على النساء التّزيّن بالحلي، والقلائد الثّمينة؛ فأعلنت النساء الإضراب؛ لإلغاء المرسوم.

  أعلن الحكيم، بالإعلان: بأنّ الجميلات يرفضن المظاهر، والتزيّن للقبيحات فقط. والنتيجة بأنّ النساء خلعن الحلي؛ وعيّن الملك الحكيم مسؤولا عن خزينة الدّولة مكافأةً له.

  تبدو هذه القصّة، حكاية، أو نادرة مثل نوادر جحا، تتمثّل فيها الحكمة، والحيلة؛ لحل المشاكل الصّعبة، بطريقة فيها الطّرافة وروح النكتة؛ والّتي اندثرت هذه الأيام.

  امتازت القصّة بلغة فصيحة، تخلّلها السّجع المُتكلّف.مثل: ( الجميلة – النّفيسة. الإضراب العام – العصيان التّام. المسكين – المستشارين – سن القوانين. المشكلة – فكرة – مشورة. خسارة  – إدارة – مهارة. حكيم- فهيم – لئيم – كريم. مظاهر – ناطر – ساتر – جائر. النساء – المساء – الحسناء – السّماء. حكيم – فهيم – دفين – معين  -مقرّبين – محتاجين -أمين – واثقين).

  تبدو لي معالجة المشكلة ليست تربويّة، فيها ظلم للنساء في منعهن اقتناء الحُلي، فهذا يُعتبر عقابا جماعيّا للنساء كافة! من العدل والأسلم أن يواجه الملك المشكلة مع زوجته، ومواجهتها في حل المُشكلة. ما ذنب النّساء الأخريات؟ المُذنب يجب أن يُعاقب ويُحاسب.

  هذه القصة لا تساهم في غرس مفاهيم العدالة، وتُعزّز مفهوم العقاب الجماعي المرفوض شرعا وعامّة.

   ورد في القصّة بأنّ زوجة الملك، استخدمت خزانة الدّولة؛ لاقتناء الحُلي. لماذا سمح الملك لزوجته، باستعمال الأملاك العامّة؟ وليست أملاكًا خاصّة. هذه رسالة ليست تربويّة، خاصّة عند عدم قدرة الملك بمنع زوجته من الاستخدام لأملاك الشّعب.

  عندما اقترح الحكيم؛ بأنّ الحلي لا تليق بالجميلات، ولكن تلائم القبيحات فقط، هذه الرّسالة تحمل في طيّاتها التّمييز العنصري، ما بين صفة القبيح والجميل؛ لأنّ صفة الجمال هي مسألة نسبية، وعلينا غرس قيمة صفة الجمال، بجمال الرّوح والنفس، وليس بالمظاهر الخارجيّة للمرأة فحسب.

  في نهاية القصّة، كافأ الملك الحكيم، بأن عيّنه أمينا على خزينة الدّولة، هذه رسالة تربوية غير مقبولة؛ نظرا لمكافأة حكيم مخادع، ومُتحايل، حيث استخدم الحيلة بمنع الجميلات من استخدام الحلي، وأعلن بأنّ استخدامه للقبيحات فقط. إذن هذا الحكيم لا يستحق المكافأة. المكافأة يستحقّها الإنسان العادل والأمين، وليس العكس.

  عنوان ” إضراب الجميلات” عنوان مُلفت للإنتباه؛ لكنّه غير ملائم، للتطبيق بالقصّة، كما ورد صفحة 6 “غضبت النّساء وأعلن الإضراب” لم يذكر النّساء الجميلات، بل الإضراب شمل النّساء كافة.

  وردت جملة تعزّز قدرة النّساء، كما ورد صفحة 18 “النساء قوّة لا ينكرها اليوم إلّا لئيم.” تبدو هذه العبارة جميلة، وتعزّز مكانة وشأن المرأة في المجتمع؛ بالإضافة لذلك وردت التّوعية نحو الإضراب والاعتراض على ما لا يناسب القيم بما يخصّ المرأة، وهذه الرّسالة إيجابيّة؛ لغرس قيمة حق الرّفض والاحتجاج.

 قصّة ” إضراب الجميلات” غلب عليها القالب اللّغوي المسجوع، على حساب الرسائل التربويّة، أو الفكرة الرئيسيّة منها. تُعتبر هذه القصّة خياليّة، ابتدعها الكتب؛ لتكون فيها رسالة تربويّة، لم تحقّق الهدف المنشود.

    افتقرت القصّة لعنصري الزّمان والمكان (الزّمنكنة)، من الممكن التخمين لحدوث زمن القصّة، بأنّها حدثت في العصور القديمة، أثناء حكم الملوك؛ وقصصهم التّاريخيّة المضحكة، فيها من دهاء الملوك، والحكمة؛ ليستفيد منها القارئ. مثل قصّة الملك الماكر والرّجل الذّكي.

  من الممكن اعتبار هذه القصّة مناسبة للأطفال واليافعين، لكن بعد تصليح الرّسائل التّربويّة المنشودة؛ ومواكبة الأحداث لعصرنا الحديث.

وقالت د. روز اليوسف شعبان:

تتحدّث القصة عن ملك يعاني من إنفاق زوجته الملكة مبالغ طائلة على المجوهرات والذهب والحليّ، ممّا أدى ذلك إلى إنفاق خزينة الدولة. فأصدر مرسوما يمنع النساء من التزيّن بالحليّ، مما أغضب ذلك نساء المملكة فأضربن احتجاجا وامتنعن عن تحضير الطعام، وخرجن في مسيرات احتجاج يطالبن بإلغاء المرسوم.

  استشار الملك حكيمَ البلاد فاقترح الحكيم على الملك أن ينادي ويقول إن الجميلات لسن بحاجة الى الزينة والحليّ، وأنّ القبيحات هنّ من يستعملن الحليّ؛ ليخفين قبحهنّ. عندها خلعت جميع النساء الحليّ.

    الموضوع  الذي يطرحه الكاتب من وجهة نظري لا يلائم الأطفال، فمن الخطورة بمكان  غرس موضوع الجمال والحليّ والقبح في الشكل في نفوس الأطفال وخاصّة الفتيات.

فالجمال هو جمال الروح والخلق والنفس. وكما قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه :” ليس الجمال بأثواب تزيننا إنّ الجمالَ جمالُ العقل والأدب.”

إضافة الى ذلك، فليس هناك امرأة قبيحة، فكل امرأة جميلة، ولها ما يميّزها سواء كان ذلك في الشكل أو الثقافة أو الأدب أو الخلُق.

   إنّ اقتراح الحكيم فيه استخفاف بعقل المرأة وبشخصيتها، فمجرّد أن قال الملك إنّ الجميلات لا يحتجن إلى الحليّ والزينة، والقبيحات هنّ اللواتي يحتجن للزينة لإخفاء قبحهن، حتى خلعت جميع النساء الحليّ وصدّقن الملك، وكنّ قبل ذلك أعلنّ العصيان. فهل يعقل أن نصوّر المرأة بهذا السخف؟ ولو افترضنا وجود امرأة كذلك فهل جميع النساء سخيفات؟ وهل جميعهنّ يؤثرن الشكل والزينة على الجوهر؟ أليس في ذلك استخفاف بعقل المرأة وبشخصيتها وبرجاحة عقلها؟

  بقي أن نشير أن لغة القصة جميلة يكثر فيها  السجع مما يجذب الطفل لقراءتها أو الإصغاء لها، فللسجع وقع جميل في النفس والأذن.

أمّا الدّكتور عزالدين أبو ميزر فقد ألقى القصيدة التالية يخاطب فيها جميل السلحوت:

يَا شيخَ نَدوتِنَا …

واللهِ   ما  تركَ الجَميلُ   لغيرهِ

قولا  يُقالُ  على   الّذي قد  قالَهُ

سبقَ  الجميعَ بقولهِ    وَكأنّهُ

في  فِكرهِ  نَخلَ  الكلامَ   وجَالَهُ

وأبانَ  للرّائي   بمَا   قد    قالَهُ

لُبّ   المُرادِ يَمينَهُ    وَشِمالَهُ

لم  يَنتقصْ  شيئا  وَلا  فيهِ   رَبا

وأبانَ  فيهِ  مَا   عَليهِ   ومَا    لَهُ

يا شيخَ  ندوتنَا   بغيرِ   عمامةِِ

تَفرِي   الكلامَ    حَرامَهُ   وحلالَهُ

انَا مَا  عرفتُكَ  شاعرََا  لكن  أرَى

في الشّعر أنّكَ  تَستطيب جَمالَهُ

يَجزيكَ  عنّا  اللهُ   خيرَ    جزيّةِِ

ومنَ  اغترارِ  النّفسِ  فيكَ  مَآلَهُ

وكتبت هيا سيد احمد:

قصة مُميزة مختلفة تتحدث عن زوجة الملك التي تهوى امتلاك الذهب والتحلي به لدرجة الإدمان، فأصدر الملك مرسوما يمنع فيه على النّساء التزين بالحلي. فغضبت النساء وقررن الامتناع عن العمل والطهي، ولمّا وصل الخبر إلى الملك انزغج وبحث عن حلّ، ووجده عند “الحكيم”.

 أحببت القصة وتعلمت منها أننا وإن كنا نملك المناصب فهذا لا يعني أننا قادرون على إيجاد كل الحلول، فكم نحن بحاجة الى حكماء يفكرون قبل أن يقرروا، فالحكمة ليست تلك التي تأتي على عجل، فكم  من المشاكل لا نجد لها حلولا لأننا نفتقد الحكمة.

 لغة الكاتب جميلة وبسيطة والقصة ممتعة.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات