قصص للأطفال من بانشا تانترا وحكمة الشعب

ق

قصص للأطفال من بانشا تانترا وحكمة الشعب

في ندوة اليوم السابع

القدس:

ناقشت ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني – الحكواتي سابقا –كتاب “قصص للأطفال من بانشا تانترا”.

يحتوي هذا الكتاب الصادر عام 2004 عن منشورات مركز اوغاريت الثقافي للنشر والترجمة في رام الله وترجمه إلى العربية ” عصام البطران ” على ست حكايات شعبية، والكتاب الذي قامت برسوماته ” ماجدة حمدان ” غير مرقم الصفحات.

بدأ النقاش مشرف الندوة جميل السلحوت فقال:

يلاحظ القارئ ان الكتاب من خلال مدخل التعريف به الذي جاء تحت عنوان ” هذه القصص ” الشبه الكبير بين حكاياته وحكايات ” كليلة ودمنة ” فإذا كان الفيلسوف الهندي ” بيدبا ” قد كتب كليلة ودمنة لدبشليم الملك ، فإن حكايات كتابنا كتبها فيلسوف حكيم يسمى فيشنوسارمان لثلاثة أبناء حمقى لأحد الملوك ،وحكايات االكتابين أبطالها من الحيوانات والطيور التي تأتي الحكمة من خلالها، كما أن كليهما جاء من الهند القديمة .

وإذا ما انتقلنا إلى الحكايات التي نحن بصددها فسنجد أنها ملأى بالقيم التربوية والتعليمية المحلاة بالحكمة .

ففي حكاية ” ابن آوى الذي لم يقتل فيلا ً ” نلاحظ كيف أن اللبؤة المرضع لم تقبل أن يكون صغير ابن آوى الذي أحضره زوجها الأسد – طعاماً لها – ، فأرضعته مع شبليها حتى اشتد ساعده ، وبينما كان يتمشى ويلعب في غابة مع أخويه – في الرضاعة – رأى الشبلان فيلاً فأرادا قتله ، غير أن أخاهما ابن آوى خاف وحذرهما من ذلك خوفاً من أن يقتلهما الفيل ، وولى هاربا ً ، فلحقا به ، ولما أخبر الشبلان والدتهما اللبؤة بخوف وهروب اخيهما ابن آوى ، اشتد غضب الأخير ، وأراد مهاجمة أخويه الشبلين ، فحذرته اللبؤة من مغبة ذلك ، ونصحته بأن يلحق بأبناء جنسه قبل أن يعلم الشبلان بحقيقته ويقتلانه .

وهذه الحكاية هي شبيهة بحكايتنا الشعبية عن الحمار الذي تربى بين الخيول ، واراد منازلتها في السباق ، فقالوا : ” الحمار حمار ولو بين الخيول ربي ”

والحكاية تحمل حكمة كبيرة ، وهي ضرورة الحفاظ على الأطفال ورعايتهم حتى ولو كانوا أطفال أعداء ، فإذا كانت اللبؤة قد احترمت حياة صغير ابن آوى مع ما بين جنسيهما من عداء تاريخي ، حيث ان الأخير طعام للأولى ، ومع ذلك أرضعته ورعته حتى كبر ، ثم نصحته بأن يعود إلى بني جنسه خوفاً عليه من أشبالها ، فإنه يجدر بالإنسان أن يحترم حياة الأطفال، وأن يرعاهم بغض النظر عن جنسهم أو معتقداتهم .

حكاية ” الصبية – الفأرة والناسك ”

والفأرة في هذه الحكاية حولها الناسك الساحر إلى بنت جميلة ، أوكل رعايتها إلى زوجته العاقر ، ففرحت بها ، واعتنت بها على خير ما يرام ، وعندما شبت البنت كانت أجمل فتاة في العالم ، فأراد الناسك تزويجها ، فاستدعى القمر كي يكون عريساً لها فرفضته لأنه ” يختفي أكثر مما يظهر ” فنصحه القمر بالغيم لأنه أعظم منه ، فرفضته لأنه ” متلبد ومعتم ” فنصحه الغيم بالريح ، فلما استحضر الناسك الريح “رفضته أيضاً لأنه ” دائم التجوال ولا يستقر لحظة ” فدله الريح على الجبل لأنه أقوى و أعظم منه ، ولما استحضر الناسك الجبل رفضته أيضاً لأنه ” شديد الإرتفاع والوعورة والصلابة ” ، فدله الجبل على الفأر لأنه يحفر جحوراً في أعماق الجبل ، ” عندئذ استدعى الناسك الفأر إليه ، وحين رأته الفأرة قفزت فرحاً وابتهاجاً ، وهتفت قائلة : أبي هذا هو الشخص الذي أريد ، سوف أتزوجه واحبه من كل قلبي ، فكر الناسك للحظة وبحركة سحرية ، حول الفتاة إلى فأرة ، ثم زوجها للفأر ”

ومع ما تحمله الحكاية من تشويق وتسلية للصغار والكبار ، إلا انها تحمل أيضاً مفاهيم عظيمة تتمثل باعتزاز أبناء الجنس الواحد بجنسهم ، وأن لا مفاضلة للأجناس الأخرى عليهم حتى ولو كانوا أقوى وأعظم منهم ، وهي شبيهة بحكمتنا الشعبية القائلة ” من طين بلادك لط خدادك ”

حكاية النمس الوفي :

معروف أن الحيوانات الأليفة ، أو التي تتدجن أكثر وفاءا من الإنسان ، وهي تخدم صاحبها وتدافع عنه حتى آخر رمق من حياتها ، ففي الحكاية يربي زوجان نمساً صغيراً مع طفلهما الرضيع ، وبعد شهور ذهبت الزوجة إلى السوق ، وعندما عادت إلى البيت استقبلها النمس فرحاً ، وكان وجهه ومخالبه ملطخة بالدماء ، فقذفته بسلتها الكبيرة ظناً منها أنه قتل الطفل الرضيع ، وعندما وصلت سرير الطفل وجدته مستغرقاً في النوم ” لكنها لمحت على الأرض تحت المهد ثعباناً أسود ممزقاً ، والدم ينزف منه ” فأدركت أن النمس قتل الثعبان ، ولم يسمح له بالإقتراب من الطفل ، فعادت إلى النمس ووجدته ميتاً تحت السلة .

والحكمة المتوخاة في هذه الحكاية غاية في الوضوح ، وتتمثل بالرفق في الحيوان ، وعدم التسرع ، وهي شبيهة بحكمتنا القائلة : في العجلة الندامة وفي التأني السلامة ”

حكاية الرجل الجحود :

وهذه الحكاية أيضاً تبين لنا مرة أخرى أن الحيوانات أكثر وفاء من البشر ، فالرجل الذي أنقذ نمراً وأفعى وقرداً ورجلاً من بئر عميقة سقطوا فيها ، وجد رد الجميل من هذه الحيوانات باستثناء الرجل الذي أوقع به، وأوصله إلى حبل المشنقة على جريمة لم يرتكبها ، لولا أن أنقذته الأفعى في اللحظة الأخيرة ، وبما أنه لا يصح إلا الصحيح فإن الحقيقة بانت ، وتمت معاقبة الرجل الناكر للجميل ، وقام الملك بتكريم الرجل بأن وهبه بيتاً كبيراً وألف قطعة ذهبية ”

والحكاية شبيهة بحكايتنا الشعبية حول ذلك الجبان الذي احتال على أحد الفرسان وهرب بفرسه ، وهي أيضاً تتساوق مع الحكمة القائلة :

إذا انت أكرمت الكريم ملكته*** وان انت أكرمت اللئيم تمردا

والحكمة القائلة :

بني احذر لئيماً أمنته*** ولا تعمل المعروف مع غير اهله

حكاية حكم القط :

وملخص الحكاية أن خلافاً نشب بين طائر حجل وأرنب على ملكية جحر، فاحتكما إلى قط احتال عليهما وقتلهما والتهمهما.

والحكمة في الحكاية تتمثل بعدم اللجوء الى الظالمين ليحكموا بين المتخاصمين ، لأنه سيكون الوحيد المستفيد من ذلك ، بينما سيخسر كلا طرفي الصراع ، كما أن المطلوب من أي شخص أن لا ينازع الآخرين على حقوقهم أيضاً .

حكاية الأصدقاء الأربعة :

والأصدقاء هنا فأر ، وغراب ، وسلحفاة وغزالة ، فعندما وقعت الغزالة في شباك صياد ، حمل الغراب الفأر فقام بقضم الشبكة وتحررت الغزالة ، وعندما حضر الصياد هربت الغزالة وطار الغراب ، واختبأ الفأر في جحر ، وبقيت السلحفاة لأنها بطيئة الحركة، فحملها الصياد كي تكون عشاءا له ، ففكرت الغزالة بحيلة وهي أن تقوم برعي الأعشاب على طريق الصياد ، الذي ما أن رآها حتى ترك السلحفاة وحاول الإمساك بالغزالة التي راوغته حتى ابتعدت السلحفاة واختبأت .

والحكمة من هذه الحكاية هي الحث على الإخلاص بين الأصدقاء وأن لا يتخلوا عن بعضهم البعض .

وهذه الحكاية شبيهة بحكمتنا القائلة : ” الصديق عند الضيق ” .

وبعده قال محمد موسى سويلم:

ابن اوى الذي لم يقتل فعلا

عاطفة الأمومة قوية جدا عند الحيوان، وتكاد تعادل أو تفوق الإنسان في القصة الأولى أو الحكاية الأولى الأسد يقول للبوءة ان تبقى مع الاشبال وسيذهب هو للصيد ،من المعروف علميا وغريزاً ان الأسد ( الذكر ) لا يصيد ولا يذهب للصيد بل اللبؤة هي التي تقوم بهذا العمل ، تحدي ابن اوى للشبلين واستعداده لقتلهم كالمثل القائل “على نفسها جنت براقش” او “كمثل ناكر الجميل” أو كمثل “جاجة حفرت على راسها نثرت” ، وكمثل “الحمار حمار ولو بين الخيول ربا”.

قصة الفأرة والناسك ” صحلها جوز قالت عنه اعور ” رفضت القمر والغيوم والريح والجبل ولكن في النهاية وافقت على جبل وسرعان ما اعادها الى وضعها الطبيعي فأرة صغيرة ، مثلها كمثل القط الغني قال كيف كان ذلك قال زعموا ان رجلا غنيا كان عنده قط، فعلمه كيف يقدم القهوة والعشاء لأصدقائه وفي احدى الليالي زاره صديق، وسأله عن القط، فأجابه ودعا القط لاحضار القهوة فاستغرب الزائر ذلك، وسأله كيف ذلك وانه أضاع وقته وجهده سدى، فاستغرب الغني وسأل: كيف ؟فاخرج الصديق من جيبه فأرا صغيرا وألقاه امام القط، فرمى القط القهوة على الأرض، وركض مسرعا خلف الفأر وقال: ان الطبع غلب التطبع .

النمس الوفي: ” لا تحكم وأنت غضبان ” ولا تتعجل الحكم ” مثلها كمثل الأمير والنسر، كان لأحد الأمراء نسرا وفيا يأخذه معه الى الصيد، وصادف ان عطش الامير، وأراد ان يشرب من عين ماء مرّا بها، فمنعه النسر، ولكنه أصّر ان يشرب وكان النسر دائما يمنعه، وفي النهاية ضرب الأمير النسر بالسيف فقتله، ثم صار الى العين فوجد ثعبانا ينفث سمُه في الماء ، فندم الأمير على ما فعل ، وهكذا ” خيرا تعمل شرا تلقى ”

الرجل الجحود: “ومن يصنع المعروف في غير أهله يلقى ما لقي مجير أمّ عامر” وقد وصف الكثيرون بنى آدم وقالوا بنى آذى مثلهم كمثل الراعي والأفعى، فسألوا: وكيف يكون ذلك؟ وأجابوا :قيل ان راعيا كان يعزف على شبابة ،فتخرج له أفعى وترقص، وفي النهاية تعطيه دينارا جائزة له، وبقي على هذا الحال زمانا وفي أحد الايام ذهب الى رحلة طويلة، فرعى ابنه مكانه، فاخذ يعزف على الشبابة ،فخرجت الأفعى من جحرها، وبدأت ترقص، وفي النهاية اعطته دينارا فما كان منه الا أن ضربها بالعصا، فقطعها نصفين، فهربت ولم تعد، ولم تؤذ الشاب احتراما لوالده ، وحين عاد الأب وذهب ليرعى الاغنام، بدأ يعزف على الشبابة، فخرجت الأفعى بلا ذنب وقالت للرجل: ان ابنك قطع ذنبي وانت تريد الشلبي وانا اريد ذنبي اذهب ولا تعد هنا مرة اخرى .

نعم في النهاية نجد ان لكل حكاية هدفا ومغزى، تفيد في التربية للنشء وهي تحذيرية في كثير من اهدافها ومراميها، وهي ايضا مجموعة من الواقع وتفيد في النصح والارشاد، وحبذا لو يستوعب هذا الجيل تلك الاهداف أم صدق فيهم المثل ” زمان كانت النصيحة بجمل واليوم ببلاش .

ورد في التوضيح ان بانشا تعني خمسة وتانترا تعني مبادئ السلوك او اساليب العمل ، وهي:”

1. الثقة او رجاحة العقل
2. الصداقة
3. العرفة
4. الازدهار او الجومة
5. جدية المساعي

هذه الحكايات وغيرها والمشابه لها تصلح ان تكون دروسا تعليمية او حكايا تحكي للاطفال قبل النوم او دروسا للحياة ومشاكلها وطرق التعامل ومصاحبه الاصدقاء .

وبعده قال موسى ابو دويح:

القصة الاولى : ( ابن اوى الذي لم يقتل فيلا ) وكان الافضل ان تسمى القصة ( ابن أوى لا يقتل فيلا ) ولا ادري هل جاء الخلل في الأصل أم في الترجمة ، لا سيما اذا كانت الترجمة بعد عدة ترجمات أي مثلا من السنسكريتية الى اللاتينية الى الفرنسية الى الانجليزية ومنها الى العربية .

وفي القصة اسد ولبؤة وشبلان لهما وابن اوى رضيع صغير وفيل ، حيث خرج الأسد يوما للصيد فلم يجد الا ابن اوى ، فالتقطه حيا وعاد به الى عرينه ، وبدل ان تقتله اللبؤة ، ضمته الى شبليها، وعاش معها مدة الى ان خرج الشبلان وابن اوى للصيد فرأوا فيلا ، فهمّ الشبلان بصيدة ، فحذرها ابن اوى من الاقتراب من الفيل وفـرّ هاربا ، فلحق به الشبلان واخبرا والديهما بخوف اخيهما وهربه ، فغضب ابن اوى وقال لهما : تعالا وتعاركا معي حتى تريا من أنا ؟ فاخذته اللبؤة جانبا وقالت له : هذا غير مقبول منك ، فازداد غضبا وقال سوف اقتل كليهما ، فأخبرته اللبؤة بقصته ، وان أمّه بنت آوى وانه ليس شبلا، وعليك ان تعلم انه لم يحدث في عائلتك ان قتل أي فيل ، فانج بنفسك قبل ان يقتلك الشبلان فتملكه الرعب وهرب. يستفاد من هذه القصة ان العرق دساس ، وان ابن أوى لا يمكن ان يعيش أسدا ولو عاش مع الأسود ، فالحمار حمار ولو بين الخيول ربا.

القصة الثانية: ( الصبية والفأرة والناسك ” وفيها ناسك وزوجته وفأرة صغيرة سقطت بين يدي الناسك ، فأخذها الى زوجته بعد ان جعل منها بنتتا فرحت بها زوجته الناسك واهتمت بها الى ان شبت، وترعرعت فأراد الناسك ان يزوجها من القمر فرفضت ، ومن الضباب فرفضت ، ومن الريح فرفضت ، ومن الجبل فرفضت ، ومن الفأر ففرحت وقبلت ورضيت ، فحولها الناسك فأرة وزوجها للفأر ، وحكذا عادت الفأرة الى اصلها .

القصة الثالثة ( النمس الوفي ) وفيها فلاح وزوجته وطفل لهما فوجد الفلاح نمسا فجاء به الى البيت وقال لزوجته: سيصبح هذا النمس رفيقا لابننا، فخافت الزوجة على ابنها من النمس ، وفي أحد الايام خرجت الزوجة الى السوق لشراء بعض الحاجيات، وأوصت زوجها بالعناية بالطفل والحرص عليه من النمس ، لكن الزوج خرج من البيت ، وترك الطفل مع النمس ، ولما عادت الزوجة من السوق رأت النمس خارج البيت وفمه ملطخ بالدماء ، فتبادر اليها ان النمس قتل ولدها وهذه دماؤه على فم النمس، فقذفت النمس بالسلة وما فيها واسرعت الى داخل البيت فوجدت الطفل نائما في سريره وتحته ثعبان مقطع ، فركضت الى النمس في الخارج فوجدته قد فارق الحياة فندمت حيث لا ينفع الندم .

وفيها دليل على عجلة الانسان واحكامه المتسرعة ( وكان الانسان عجولا ) وفيها دليل على وفاء النمس.

القصص الست قصص جميلة وواضحة وهادفة وباستطاعة الاطفال فهمها واستيعابها ، واستخلاص العبر منها .

ورسومها واضحة معبرة الا في صورتين في قصة النمس الوفي ، حيث ظهر الثعبان عند سرير الطفل غير مقطع ولا دماؤه تسيل، والاخرى صورة السلة وما فيها على ظهر النمس، وليس على رأسه كما جاء في القصة .

ومثل هذه القصص – على ما فيها من فائدة – حرى بنا ان نتناول قصصا من واقعنا المعاش ففيه من الفائدة اكثر من هذه القصص ، ولدينا قصص في تاريخنا فيها من العبر والدروس اكثر بكثير مما في هذه القصص .

وتحدث بعده سامي الجندي :

ابن آوى لم يقتل فيلا والكتاب تتقاسمه ست قصص صغيرة للاطفال

القصة الاولى جاءت على لسان الحيوان، الحكمة والعبرة فيها ، الرفق بالصغير والرضيع والرأفة به ، حيث عطفت اللبؤة على رضيع ابن آوى الى ان كبر واشتد عوده ، فاطلقته ليعتمد على نفسه مع ابناء جلدته لمواجهة الحياة معهم .

الصبية والفأر والناسك القصة الثانية يجتمع خلالها الانسان والحيوان ، قصة جميلة وفيها بلاغة الحكمة تتجلى ، فالأشياء تعود الى طبيعتها و اصوصلها ، وتمثل ذلك في الفأرة التي حولها الناسك الى حسناء ، وحين كبرت وازف موعد الزواج استقر اختيارها على الفأر ليكون زوجها المفضل .

النمس الوفي القصة الثالثة : ايضا الانسان يجتمع بالحيوان الأليف الوفي ، والعبرة في هذه القصة ، التروي ووزن الأمور قبل اصدار الاحكام بتهور ، وبالتالي لا ينفع الندم بعد فوات الاوان ، فلا يمكن ان نعيد الميت ثانية الى الحياة.

الرجل الجحود القص الرابعة : وهي ايضا مليئة بالحكمة ومن تراث الادب العالمي ، وجمعت ايضا الانسان والحيوان والخير والشر .. والعبرة الرئيسية فيها ان الحق غالب .

وبعده تحدث خليل سموم فقال :

حكايات قديمة جدا ، صالحة لكل زمان ومكان ، مشوقه ، تعليمية ، ملآى بالقيم التربوية الايجابية ، طفحة بالحكمة ، والموعظة ، والعبر ، مليئة بالحركة .

الترجمة للعربية جيدة ، فاللغة قوية ، محكمة ، سلسة ، بسيطة ، ومناسبة للطلاب .

الطباعة جيدة ، والكمات واضحة ومحركة ، وليس فيها اخطاء مطبعية ننصح مدارسنا باقتناء هذا الكتاب في مكتباتها ، وندعو معلمينا لتشجيع الطلاب على قراءته ، وحثهم على ربط مضمونه بالواقع الانساني .

واخيرا، نشكر الكاتبة على حسن اختياره هذه الحكايات لترجمتها لاطفالنا .

وبعده تحدث ابراهيم جوهر فقال :

” بانشا تانترا ” او مبادئ السلوك الخمسة للاطفال

قيم موجهه واسئلة معلقة

قصص من بانشاتانترا التي ترجمها عصام البطران واصدرتها منشورات اوغاريت في رام الله سنة 2004 ، قدمت للمدارس الفلسطينية كما جاء في مقدمة الكتاب – ضمن برنامج وزارة الثقافة لتطوير ادب الاطفال

مشورع دورات ادب الاطفال ، وهو مشروع مشترك بين وزارتي الثقافة والتربية والتعليم العالي .

ولعل التساؤل الاول يتمحور حول العنوان وسبب اثباته بلفظة الاجنبي – السنسكريتي وعدم ترجمة الى ( مبادئ السلوك مثلا ، او أي لفظ قريب من هذا … )

تعرفنا مقدمة الكتاب الذي احتوى ست حكايات قديمة على هذا المصطلح المكون من كلمتين ، هما ، بانشا وتعني خمسة ، وتانترا وتعني مبادئ السوك او اساليب العمل .

تنتمي الحكايات الست الى فئة الحكايات التعليمية ذات الاهداف التربوية المباشرة ، فهذا النمط التعليمي – الوعظي – الفني يعرفه تراثنا الانساني بشكل عام، وقد اكثر من تداوله معلمونا على مختلف المراحل التاريخية الى جانب الحكايات الشعبية التي يتغنى بها تراثنا الشعبي ذو الاصالة ، وحكايات كليلة ودمنة المعروفة للمهتم .

إن هذا اللون من الحكايات يتميز بسهولة حفظه، اولا، لقصر احداثه وقلة شخصياته وبساطة أحداثه وقربها من عالم الصغير والكبير ، وثانيا فانه يتميز بحمله لقيم واضحة ثابته تستفيد من سحر الحكاية واسلوب القص الساحر الذي يجذب السامع والقارئ بشكل عام لما فطر عليه الانسان من عشق القصص الى الاقتداء والاقتناع، مما يحقق هدف المرسل ( الكاتب او المعلم او الام .. ) في التهذيب والتربية وغرس القيم .

ومع تطور اساليب التربية ، واساليب الكتابة ، فان اسلوب الحكاية لم يفقد قيمته ، ويظل ذا قدرة على التفاعل والتاثير وتحقيق الغايات التربوية التي من وجد من اجلها اصلا. وما بقاء هذا اللون الادبي التربوي حيا في المداولة وقاعات الدرس وغرف الاطفال الا دليل اكيد على ذلك .

لقد نما ادب الاطفال وتطورت اساليبه الفنية واقتربت من مفاهيم ابن القرن الحادي والعشرين المعاصر، وهجرت الاساليب القديمة التقليدية التي باتت ساذجة في توجهها ولغة خطابها وصورها ، وحتى بعض قيمها التربوية والاجتماعية والمعرفية ، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ان كل ما في التراث الانساني قد عفا عليه الزمن، ولم يعد صالحا لابن اليوم ، ولكن علينا الانتقاء منه النماذج القابلة للحياة ، مع أن هذه النماذج المعينة تفرض نفسها من خلال قدرتها على البقاء واختزانها لأهداف أدب الاطفال الانسانية الباقية من متعة وفائدة ومعرفة وقيم ، ومن جمال في اللغة وجمال في الموقف وجمال في الصورة المنقولة .

واذا كان الحب مصدرا من مصادر ادب الاطفال، فان حب الحياة والمعرفة الانسانية وصراع الانسان من اجل البقاء وفق قوانين تفرضها طبيعة الحياة ذاتها هي التي أملت بقاء نماذج مشرقة من الحكايات الشعبية الانسانية على مر الاجيال والسنين .

والحب عمارة ادب الاطفال، وسر بقائه وتاثيره ومتعته وفائدته، ففيه : حب الحياة ، وحب الانسان ، وحب المعرفة ، وحب الذات وحب الآخر ، وحب الوطن ، وحب التعاون ، وحب المغامرة والاكتشاف .. وقبل هذا كله ، حب الله خالق الكون والانسان . ولعل القارئ لقصص ( مبادئ السلوك الخمسة – بانشاتانترا) يلحظ الحب بأسمى صورة : حب الصغار ، وحب الاخرين ، وحب العدل ، وحب الوطن وابنائه ، وحب الصداقة والتعاون .. وما الدافع الاول لقصة الطفل الحديثة ، وقبلها حكاية الطفل الشعبية أو معروفة المؤلف ، الا الحب الكبير الذي يعمر قلب المؤلف للطفل اولا الذي تتوجه اليه هذه الحكاية ، وتحبيبه بالحياة.

حفلت هذه المجموعة بحكاياتها الست بمجموعة القيم التي جاءت بالشكل الاتي :

– ابن اوى المضمون العام :

– لاحياة للانسان بعيدا عن اهله وبنى جنسه

– الحكمة والتروي وعدم الانفعال ( في سلوك اللبؤة )

– الرحمة والرأفة في سلوك اللبؤة والاسد وعدم قتلهما لابن اوى الصغير

– التعاون في توفير الطعام ، وتقسيم الادوار: الاسد يحضر الطعام واللبؤة تهتم برعاية الشبلين الصغيرين .

قصة الصبية- الفأر والناسك : المضون العام ( نفس مضمون قصة ابن اوى )

حرية الاختيار وتحكيم العقل : ( القمر يختفي اكثر مما يظهر لذلك لم تتزوجه الصبية

– التواضع وعدم الغرور والاعتراف بقدرات الاخرين ( القمر يعترف بوجود ومن هو اعظم منه وهو الغيم )

والغيم يقول الريح اقوى مني ،

والريح تقول : الجبل اقوى منى ،

والجبل يقول الفأر اقوى منى.

قصة النمس الوفي : المضون العام : التروي والتفكير وعدم التهور والتصرف الطائش .

قصة الرجل الجحود – المضمون العام : لابد للحقيقة ان تظهر ولو بعد حين ( اتق شر من احسنت اليه )

– عمل الخير مع الاخرين ينقذ صاحبه

– احسن الى الناس تستعبد قلوبهم

– احفظ معروف من يساعدك

– عدم تنفيذ اول خاطر يخطر في بالنا ( التروي ) وقت المصاعب والتعب

قصة حكم القطة : تحكيم القانون لحل النزاعات والخصومات .

– عدم الانخداع بالمظاهر البراقة ( القط التائب )

– تحكم العقل واختيار القاضي المناسب

– عاقبة عدم التفكير الموت

قصة 6 الاصدقاء الاربعة : اهمية الصداقة والحرص عليها

– مساعدة الاصدقاء والسؤال عنهم

– التعاون يقود الى حل المشكلة

– التفكير في كيفية التخلص من المشكلة / المأزق

– العمل الجماعي والتشاور بثمران نجاة وحياة

ومن الواضح ان هذه المنظومة من القيم ايجابية تسعى الى غرس قيم معينة، وتعزيز اخرى قائمة، وتعريف بمفاهيم وحث على مسلكيات بعينها. وكل هذا اتى بعيدا عن اسلوب الوعظ المباشر، وان كان نافرا في بعضها من خلال السعي وراء تثبيت الهدف ، وهو ما يميز اسلوب الحكاية على العموم

لقد احسن المترجم في اختياره ، واحسنت دار اوغاريت التي قامت بطباعة الكتاب وزودته برسوم معبرة، مع انها جاءت فقيرة في إخراجها وتشكيلها وترقيم صفحات المجموعة .

وتبقى ملاحظة لا بد من ذكرها في معرض هذا الحديث على شكل سؤال اوجهه الى وزارة التربية والتعليم ، ما دور ادب الاطفال في مدارسنا ؟ وهل خصصت له حصص دراسية بعينها؟ وهل تم اعداد معلمين مؤهلين ومرشدين قادرين على دعم التربية باساليب جديدة ، ومواد جديدة ، وقيم باتت مهددة مع طوفان القيم الهابطة الوافدة الينا من نظام العولمة الذي تسهم محطاتنا الفضائية المقامة بفضل اموالنا في الترويج لها وتذويتها من قبل اجيالنا الصاعدة ممن ستقود مجتمعنا بعد عدد قليل من السنوات ؟

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات