عام دراسي مصحوب بالمصاعب في القدس

ع

يزيد عدد طلبة المدارس في القدس الشرقية عن الثمانين ألف طالب، حوالي نصفهم يدرس في المدراس الرسمية التابعة لبلدية القدس الغربية، ولدائرة المعارف الاسرائيلية، والنصف الثاني يتوزع في المدارس الخاصة التابعة للأوقاف الاسلامية ولوكالة غوث اللاجئين ولبعض الكنائس،ولمدارس سخنين .

والسلطات الاسرائيلية تسمح للمدارس الخاصة بالعمل في القدس الشرقية، لأنها عاجزة أو بالأحرى لا تريد استيعاب الطلبة المقدسيين الفلسطينيين في المدارس. علماً أن المدارس الخاصة توفر على الخزينة الاسرائيلية عشرات ملايين الدولارات، ولا يفهم من هذا الوقوف ضد المدارس الخاصة بل بالعكس يجب دعمها لمميزاتها الايجابية الكثيرة .

وبما أن اسرائيل كدولة محتلة ملزمة حسب القانون الدولي بتوفير التعليم الالزامي للسكان الخاضعين لسيطرتها مثل القدس الشرقية، وان كانت تعتبرها منفردة جزءاً من ( القدس الموحدة عاصمة اسرائيل الأبدية )مع أن اسرائيل تدير ظهرها للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن الدولي، ولمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم( اليونسكو) وللوائح حقوق الانسان، كما هو ديدنها في كافة مجالات الصراع الشرق الأوسطي، الا أن مشكلة التعليم في القدس تمس بالمصالح الشخصية لكل فرد وأسرة ولأبناء الشعب الفلسطيني في القدس خاصة، وفي بقية المناطق المحتلة .

وبالرغم من أن الغالبية العظمى من المدارس الرسمية والخاصة تعاني من نقص حاد في المباني المؤهلة كصفوف دراسية، حيث أن مئات الغرف الدراسية هي في بيوت مستأجرة ومعدة أصلاً كبيوت للسكن، وجزء كبير من المدارس لا توجد فيه ملاعب وساحات حتى لاصطفاف الطلبة، وهناك نقص كبير في المختبرات، ووسائل الايضاح والمكتبات، وغرف الحاسوب وغيرها من متطلبات التعليم الحديث، الا أن المشكلة الأصعب والتي هي بحاجة الى حلول فورية هي عدم وجود متسع لمئات الطلبة في مرحلة التعليم الالزامي، التي تمتد من رياض الأطفال حتى نهاية المرحلة الثانوية حسب ما ينص عليه القانون، وهذا النقص أكثر ما يتمثل في المدارس الثانوية، وجولة سريعة على المدارس الثانوية في اليوم الأول من العام الدراسي الحالي سيشاهد المرء عشرات الطلبة أمام الادارات يستجدونها لتسجيلهم دون جدوى، وادارات المدارس غير ملزمة بذلك ولا تحمل المسؤولية وذلك لعدم وجود غرف صفية لاستيعاب الطلبة، وحتى عدم وجود مقاعد ومدرسين، مما يعني أن أعداداً من الطلبة سيفقدون حقهم في التعليم الالزامي .

واذا كان من حق الطالب في المرحلة الالزامية أن يتعلم في مدرسة في منطقة سكناه الا أن هذا الحق غير متوفر أيضاً في بعض أحياء القدس .

ويبقى السؤال حول مصير الطلبة الذين لم يجدوا مدرسة تستوعبهم؟ هل سيبقون في الشوارع، أم سيلتحقون بسوق العمل الأسود الاسرائيلي؟ مع عدم تغييب النواقص المعيقة للتعليم في مدارس القدس الشرقية، وعدم تغييب سياسة التجهيل المفروضة على المقدسيين الفلسطينيين، والمصاحبة لسياسة التطهير العرقي في هذه المدينة .

واذا كان الطلبة الذين لا يجدون متسعا لهم في مدارس القدس، فانهم يجدون مكانا لهم في بقية المدارس الفلسطينية خارج حدود بلدية القدس والتابعة للسلطة الفلسطينية، غير ان هؤلاء الطلبة يقعون في عدة مشاكل منها المصاعب في عبور البوابات المتحكمة برقاب الداخل والخارج من والى المدينة المقدسة، ومنهم من لا يستطيع ذلك مطلقا، خصوصا اذا كان دون السادسة عشرة من عمره، لأنه لا يحمل بطاقة هوية تثبت أنه مقدسي، اضافة الى أنه لن يستطيع الحصول على بطاقة هوية عند وصوله سن السادسة عشرة، لأنه من ضمن الأوراق المطلوبة لاثبات اقامته في القدس هو شهاداته المدرسية التي يجب أن تكون من مدارس داخل حدود البلدية، وبالتالي فإنه سيفقد حق اقامته في القدس مع أسرته وفي البيت الذي ولد وترعرع فيه.

 ان مشكلة الطلبة الذين لم يجدوا مكاناً لهم في مدارس القدس، مشكلة خطيرة تتحمل مسؤوليتها الجهات الاسرائيلية المختصة، وهذا يعني أيضاً أن تتداعى المؤسسات والشخصيات المقدسية الفلسطينية لحل هذه القضية ولو باللجوء الى القضاء.

1-9-2009

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات