عالجوني قال سمسم

ع

عـــالجـــونـــي قــــال سمســــم

قصـــة تــربــويــة تعليميــــة للأطفــــال

القـــــدس:- 17-2-2005

موضوع نقاش الندوة هذا المساء هو قصة الأطفال “عالجوني قال سمسم” للكاتبين السويديين انجر ولاسه ساندبيرغ، وتعريب منى زريقات هيننج، تقع القصة في 32 صفحة من الحجم الكبير، ورسوماتها ملونة وغلافها مقوى.

جميـــل السلحـــوت قال:-

هذه القصة قصة تربوية تعليمية هادفة يتمحور موضوعها حول طفل كسرت ساقه، فنقل إلى المستشفى للعلاج، وخرج منه مشافى.

ونلاحظ في القصة أن بطلها “سمسم” كسرت ساقه لسبب لا علاقة له به، وهو سقوط شيء عليها من مكان مرتفع، وفي هذه الحالة ما العمل؟؟ والجواب بسيط: وهو أنه يجب الاتصال بسيارة الإسعاف لتحضر على وجه السرعة، فهي الوحيدة القادرة على نقل المصاب إلى المستشفى للعلاج بالطريقة الصحيحة، وهي القادرة على تقديم الإسعافات الأولية، أما الآخرون فإنهم يؤذونه.

وفي المستشفى يقوم الأطباء والممرضات بإجراء اللازم، واللازم هنا هو اعطاؤه الأدوية المهدئة للألام ثم عمل صورة أشعة لساق سمسم، وصورة الأشعة تظهر أن “عظمة في ساق سمسم انزاحت من مكانها” ص6 فيقوم الأطباء بلف الساق والكعب ويعلقون الساق بطريقة طبية، ويبقون “سمسم” في قسم الأطفال، ويسمحون لأحد والديه بالمبيت معه، بعد أن يؤكد له الطبيب بأن ساقه ستـشـفى وستعود سليمة كما كانت عليه، لكن هذا يتطلب منه أن يبقى مستلقيا على ظهره، وأن يتحمل ذلك أياما طويلة، والعاملون في المستشفى يلاطفون سمسم ويحبونه، ويقدمون له كل ما يحتاج اليه.

وسمسم الذي لا يستطيع أن يقف على رجليه يتخيل نفسه سليما معافى، ويقنع نفسه بأنه يستطيع أن يفعل ما لا يفعله الأبرياء، فمثلا فهو يتخيل نفسه “أروع راقص سيرك في العالم يسير على الحبل بسرير” ص14 .

ومع أنه يـبول في زجاجة وينظف جسمه وهو على سريره إلا انه يتخيل نفسه على السطح يغازل القمر، ويلوح للطيور في السماء ويـبول في المدخنة، وهكذا “سمسم” يتقبل العلاج ويتحمل الآلام، ويقضي وقته في قراءة الكتب وتركيب الصور، والاستماع إلى الأشرطة المسجلة عليها حكايات وأغاني الأطفال، وسمسم مقدر للأطباء والممرضات ولجميع العاملين في المستشفى جهودهم في علاجه ومساعدته وخدمته، لذا فهو يتخيل أنهم “يرتدون ملابس جديدة صممها لهم” ص23 .

وعندما يمل سمسم من طول الاستلقاء على سرير المستشفى فأنه يتخيل ذئابا تحت سريره، فيقذفها بالأشياء التي حوله وهو يصرخ عليها لتخرج من غرفته ص24 وجده الذي بجانبه يوافقه على هذا، فيتظاهر بأنه يجمع الذئاب المعنية ويلقي بها في سلة المهملات ويعلق لافتة مكتوبا عليها “ممنوع دخول الذئاب إلى غرفة سمسم” ص25 .

و”سمسم” أيضا يمارس شقاوته الطفولية في المستشفى لذا فهو يطلق سهما مطاطيا من مسدسه الدمية، فيصيب كبير الأطباء في جبينه ص27، وردة فعل الطبيب كانت لا شيء، لأن وظيفته أن يساعد المرضى، لكن اللوم هنا ليس على “سمسم” الذي يعيش طفولته ببراءة، إنما اللوم على جده الذي أحضر له هكذا دمية وهو في المستشفى.

و”سمسم” يحلم بأن يصبح طبيبا يعالج المرضى، لذا فهو يلعب مع جده بدمى إحداها تمثل ممرضة، والثانية طبيبا والثالثة طفلة عادية، و”سمسم” يجري فحص دم للممرضة ويعلقها بالحبل، فوق السرير ويحولها إلى ملاك” ص29 . أي انه يرد لها جميلها بأحسن منه، فالمرضى هم الذين يطلقون على الممرضات “ملائكة الرحمة” .

و”سمسم” أيضا يغسل الطبيب الدمية “ويعطيه دواء شديد المرارة ويقول له: طبعا، علينا أن نقيس حرارتك” . وهذا ما يفعله الأطباء مع المرضى.

ويمر الوقت ببطء شديد حتى أن “سمسم يشعر بأنه أمضى في ا لمستشفى أكثر من مئة سنة” ص30 فينقل على كرسي العجلات إلى بركة الماء الدافىء لعمل العلاج الطبيعي له، لتقوية عضلات ساقيه فيخرج من المستشفى بعد أن أمضى أثنين وأربعين يوما ، وقد شفيت ساقه المكسورة و”بعد فترة قصيرة سيتمكن سمسم من ركل كرة القدم بأقوى وأجمل ساق في العالم” ص32 .

حقا أنها قصة جميلة وممتعة وهادفة .

التحليل النفسي:-

يلاحظ القارىء للقصة أن الكاتبين اعتمدا التحليل النفسي للطفل “سمسم” فقد ذكرا الآلام التي يعاني منها صاحب الساق المكسورة، لكن عليه أن يتحمل هذه الآلام بأخذ العلاج المهدىء، وعليه أن يـبقى مستلقيا على ظهره أياما وأسابيع حتى تشفى ساقه الملفوفة، وهذا سيسبب له إزعاجا، والكاتبان مدركان لذلك، حيث جاء في القصة أن “سمسم” شعر وأنه أمضى مئة عام في المستشفى، ولإخراجه من الملل فان أحد والديه أو كلاهما أو جده يبقى معه يداعبه ويسليه، كما أن الأطباء والممرضات وجميع العاملين في المستشفى يحبونه ويقدمون له الخدمات اللازمة،

وبما أن “سمسم” يريد أن تشفى ساقه بالسرعة الممكنة، فان معنوياته عالية جدا، فهو متأكد بأن ساقه ستشفى وستصبح قوية كما كانت، بل أفضل فهو يتصور نفسه أفضل مما كان، لذا فهو يتخيل نفسه راقص سيرك، ويتسلق السطوح، ويناجي القمر… الخ وبعد أن تعافى عاد إلى وضعه النفسي العادي فانه “بعد فترة قصيرة سيتمكن من ركل كرة القدم”.

أسعـــد أبو صـــوي قـــــال:-

تتعرض القصة لقضية مرض الأطفال واضطرارهم إلى المكوث زمنا طويلا في المستشفى، محاولة أولا شرح ما يمكن أن يكون عليه الوضع داخل المستشفى وثانيا تصويرا لوضع الطفل المريض داخل المستشفى، وثالثا خلق حلول لمشكلة بقاء الطفل زمنا طويلا داخل المستشفى، بحيث تكون النتيجة طمأنة الطفل وإخراجه من دائرة الخوف عند ذكر المستشفى، فيبدو الأمر سهلا عليه في حال دخوله المستشفى آو دخول عزيز عليه، فالألم شديد ويستدعي ذهابه إلى المستشفى لأن الأطباء والممرضات سيعملون على علاج ساق سمسم، وتبدأ القصة بتعريف الطفل على جهاز التصوير بالأشعة والهدف من الصورة، مما يجعله بعدها، يطلب المعالجة بنفسه، ويقول له الآخرون ” عليك أن تبقى في جناح الأطفال حتى تشفى ساقك” ولا تنسى القصة أن تعطي الطفل الاطمئنان بحيث “تستطيع أمك أو أبوك أن يناما عندك كل الوقت حتى شفائك” .

ويطمئنه الطبيب أيضا قائلا:- “أن ساقك سوف تشفى” ويأتي التعريف الثاني بالعاملين في المستشفى فلباسهم موحد، وهم لطفاء، يقولون صباح الخير يا سمسم، ومرحبا يا سمسم، وتصبح على خير أيضا، وقد كتبت هذه العبارات بخط بارز لإعطاء مدلول أقوى لمعناها ويتم تعريف هؤلاء كل حسب عمله، فهم يحضرون الطعام والغسيل ومما سح الأرض والعصير والدواء مرة أخرى وكتبت هذه العبارة أيضا بخط بارز دلالة على أن الدواء يستخدم أكثر من مرة، إذن فتكرار الدواء أمر طبيعي وتتبعها “الحمد لله” بارز أيضا .

والحل في المكوث طويلا في المستشفى يكمن في تخيل كل ما حوله في الغرفة كفيلم من اختراعه فما عليه إلا إن يحدق في الضوء ليبدأ بحلمه، إذن فالنور يقابله الأمل في حل للمشكلة، والنور مضيء طيلة الوقت ولا خوف من اطفائه .

يبدأ بالتخيل فهو أروع راقص في العالم يسير على الحبل بسرير، فالسرير ليس مشكلة، فما زال يستطيع المشي على الحبل حتى بالسير، إذا استطاع تخيل ذلك إذا فهو لم يفقد شيئا من جسده يشعره بأنه عاجز، وتذكر القصة وضع المريض في فراشه، فهو لا يستطيع أن يحمل شيئا ويبول في الزجاجة وينظف جسمه وهو على سريره بعكس الماضي، ولا بد للرجوع إلى الماضي لخلق التوازن النفسي فيحدق في الضوء فترة أخرى يجد نفسه متحررا من كل ما ذكر، فيجد نفسه بدون نقالة ويبول في المدخنة وقد تم اختيار المدخنة لأنها أعلى ما في البيت، وهي تشبه المصرف أيضا في تجويفها.

وتبرز بعدها المشكلة الثالثة وهي مرور الأيام ببطء شديد، وحلها يكمن في وجود الكتب، وألعاب تركيب ألصور، وأشرطة سجلت عليها حكايات وأغان للأطفال، والأوقات تمر جميلة حينما يحضر ساعي البريد حاملا إلى سمسم بطاقات وحلويات، وهنا يبدو الساعي حلقة الوصل بين المريض والعالم الخارجي، بحيث يحضر كل هذا من الأصدقاء والأقارب .

يدخل في الشريط المصور بعد تحديقه بالصورة بقوة ليحلم .

وجود الأم أو الجدة باستمرار عند الطفل يخلق نوعا من الرتابة المملة وحل هذه المشكلة يكمن في تحويل الجدة إلى سمكة، ويستطيع سمسم إن يحول نفسه في حلمه إلى شيء آخر قبل أن ينام، ويلبس من حوله ممن يعتنون به ألبسة ملونة من تصميمه هو إذا ما شعر بالملل من أللون الأبيض.

لا توجد ذئاب تحت السرير في غرفة سمسم إذا فلا داعي للخوف منها، وتظهر القصة أن جده يساعده رغم عدم وجودها بالتخلص منها إن شاء ذلك، بأن يرمي الألعاب التي تحولت إلى ذئاب بنظر سمسم، فان كره الألعاب فباستطاعته أن يخرجها من عنده .

وتفريغ شحنة الغضب أيضا يمكن إن تطال الطبيب حيث أصابه السهم في جبينه .

وهناك مجال لتبادل الأدوار أيضا، فها هو سمسم يصبح طبيبا، والطبيب مريض ويبدأ سمسم بمعالجته ، وتتحول القصة بعد ذلك إلى مشكلة استبدال السرير بكرسي العجلات، بعد مضي سنة على سمسم في المستشفى، وهنا يلعب الحلم والسحر لعبته أيضا فيتحول كرسي العجلات إلى كرسي للسباق وهو سباق على الكأس الذي سيؤدي به في نهاية المطاف إلى العودة إلى البيت .

وتعرف القصة ببركة الماء الدافىء وضرورتها التي تقود الى الشفاء، فهو يدخلها لتقوية ساقيه وهي المرحلة الأخيرة ما قبل العودة إلى البيت0

يعود إلى البيت وبعد فترة سيركل الكرة بأقوى ساق في العالم.

سميــــر الجنـــــدي قـــــال:-

هذه القصة بمثابة سرد معلومات بطريقة تلقينية لا اعتقد انها تناسب الأطفال، حيث اقتصر أسلوب الكاتبين على تركيب جمل جامدة وجافة لم ألمس بها أي حركة فنية ممكن لها أن تشد القارىء إلى الموضوع او “القصة” لأنني لا اعتبر إن هذا الكتاب يمثل فن القصة ،

رغم إن الكاتبين قد حاولا إدخال عناصر الخيال بعد الصفحة الثالثة عشرة من الكتاب .

– اللغة:- بالنسبة إلى لغة الكتاب فقد استخدم اللغة الفصحى بطريقة جيدة (وهذا في صالح المترجم).

– الترقيم:- استعمل الترقيم بشكل جيد ايضا.

– إخراج الكتاب: جيد جدا، خاصة ألألوان المستعملة وطريقة الرسم وحجم الكتاب وارتباط الرسومات بالسرد أو بالحركات .

– عنوان الكتاب لا يتناسب بشكل واضح مع المحتوى .

– افتقرت القصة إلى عنصر هام من عناصر القصة الا وهو الحوار .

– لم يكن هناك ترابط واضح بين حوادث بل لم يكن هناك أحداث واضحة، لذلك فانه يفتقر إلى الحبكة.

– واخيرا فإنني أؤكد انه ليس كل ما يترجم عن الآخرين بالضرورة جيد .

محمــــد موســــى سويلــــم قــــال:-

قصة طفولية تروي مدى ما يتمتع به الأطفال من حس جميل بالبراءة والخضوع والأدب، دخول الطفل إلى المستشفى بسبب كسر اصاب ساقه، المستشفى يسمح لأكثر من مرافق المبيت مع المريض، الأدوية الكثيرة لتخفيف الألم وزيارة الطبيب والعاملين في المستشفى، هل هذا صحيح؟.

تبدأ مرحلة الخيال عند الأطفال والخيال الحر واللامحدود بحيث يتصور اشياء فوق العادة أو لا تصدق أحيانا ، وتكون خارقة للأمور، مهما كان نوع الخيال آو التخيل مع الثناء عليه ان يستمر الطفل في الحديث لمعرفة احاسيسه.

إن خروج الكاتب بإدخال كلمة السحر “هل تصدق ان السحر لا يزال يعمل عمله” ترى لماذا ادخل الكاتب السحر هنا؟ لماذا لم يطلق العنان للأطفال في سرد القصة بخيالهم والاندماج مع هذا الخيال؟ ثم لماذا لم يعمل السحر عمله حين كسرت ساقه، ويعالجها وكفى الله المؤمنين شر القتال. لماذا سبح في عالم ما وراء الطبيعة (الميتافيزيقا) ثم نزل فجأة إلى عالم السحر؟ وهل يستوعب الأطفال ما تعني كلمة سحر وساحر؟ أم مطلوب منا تعليمهم”؟

نام سمسم في المستشفى42 يوما والصحيح حسابيا 42 يوما و 41 ليلة0 ما هذا الكسر لينام في المستشفى هذه المدة خاصة إذا عرفنا أن الأطفال تجبر عظامهم بسرعة أكثر من عظام الكبار.

القصة جميلة وفيها من التربية والعبر والمفاهيم منها:-

1. الأطفال وعدم تركهم يلعبون في الشوارع دون رقيب .
2. شرب الكثير من الدواء .
3. اختبار الألعاب تكون تربوية هادفة غير خطرة مثل “الأسهم فرد الخرز، فرد الميه… الخ”.
4. عدم إقحام السحر والسحرة في عالم الأطفال .
5. تشجيع الأطفال على الأحاديث للتعبير عن مكامن نفوسهم .
6. النزول عند مستوى فهم الأطفال .

سامـــــي الجنــــــدي قــــال:-

شيء ما سقط من مكان مرتفع فحط على قدم سمسم، فيا لسوء حظه … انه أسوء من أي حظ لأي شخص آخر مر من ذلك المكان في نفس اليوم، شيء مؤلم جعل سمسم حزينا، لا بأس ها هي سيارة الإسعاف رقم 321 تنطلق كالسهم إلى المستشفى حيث ينتظر فريق طبي سيعمل على علاج ساق سمسم، يصحو سمسم في صباح اليوم التالي ليجد ساقه معلقة فينتابه الحزن الأليم، لا يمكن لسمسم أن يميز الناس في المستشفى فكلهم لطفاء … أما في الليل فكل شيء هادىء إلا في مخيلة سمسم التي تنشط وتأخذه إلى حيث يحب ويرغب، وتصور له القرد غزال وتجعله يسير على الحبال ، ويمشي فوق الماء، ويطير مع الطيور، ويبول في المدخنة، وحتى على الشارع المشئوم حيث تسقط الأشياء على السيقان، حبذا لو تسير فيه هيفاء برفقة نانسي عجرم لملاقاة روبي تحت رذاذ المدخنة … لم يخسر سمسم حين شاهد الأشرطة ا لمصورة مرة بعد مرة فهذا ما يفعله كل من يشاهد الفضائيات العربية … الفرق ليس بكثير عندما يجالس جدته لأنها تقرأ وتتحدث، تتحدث وتقرأ لذا فان سمسم يحول جدته إلى سمكة سلمون، وصمم للجميع أزياء جديدة بدل الزى الموحد والكئيب، وعندما يأتي جده يأتي برفقة الذئاب كون سمسم على ما يظهر يتشاءم من جده، مع آن الأخير يحبه ويحضر له مسدسات المطاط ليتصيد بها الأطباء والممرضات، مهما يكن فان مكوثه لن يتجاوز الاثنين وأربعين يوما وليلة ، وبعدها سيتمكن من ركل كرة القدم بساقه القوية الجميلة كمرادونا … إنها تجربة لشخص تعرفه الكاتبة الغرض منها جعل الأطفال يتقبلون العلا ج وان لا ينفروا من المستشفيات .

ديمـــــة السمـــــان قالـــــت:-

المستشفى ورهبة دخولها بالنسبة للطفل أمر يستحق أن نفكر بضرورة تناوله بالكتابات الموجهة للأطفال بهدف التخفيف من وطأة الحدث الذي قد يواجهه أي طفل إذا لا قدر الله احتاج لدخول المستشفى وتلقي العلاج فيها .

“عالجوني” للأديبتين لانجر ولاسة ساندبيرغ تناولت تجربة طفل اضطر لدخول المستشفى بعد تعرضه لحادثة أدت إلى كسر ساقة.. وقد تم أخذه للمستشفى بواسطة سيارة الإسعاف التي يرهبها أيضا الطفل.

لقد أبدع الكاتب في تصوير خيال الطفل أثناء وجوده في المستشفى، حيث ترك العنان لخياله أن يسرح “بجنون” .. دون ضوابط .. يصعد فوق السطح .. يبول في المدخنة … يلوح للطيور .. يلعب في المستشفى بألعابه الكثيرة المتنوعة … ينتقم “بأدب” من الممرضة حين يجري فحص الدم للممرضة الدمية .. وينتقم من الطبيب أيضا “بأدب” حينما يعطي الطبيب الدمية الدواء شديد المرارة ويقول (طبعا .. علينا إن نقيس حرارتك أيضا ، يلعب هذه الأدوار ويبدو مقتنعا بها، فهو من كان يصرخ عالجوني .. ولم يطلق الكاتب هذا العنوان على القصة من فراغ.. بل كأنه يقول للطفل عليك أن تتقبل العلاج وتكون واقعيا لتخرج من أزمتك .

الجميع يسأل ويهتم بسمسم .. الجميع يسعى لتسلية سمسم .. العائلة والأصدقاء يرسلون له الحلوى والهدايا .. الجد يداعبه ويشاركه اللعب .. الجدة تحكي له القصص .. وهو يحولها بخياله إلى سمكة .. إذا شعر بالتعب والملل .

سمسم يستطيع أن يفعل أي شيء وهو يلعب “لعبة الخيال” مع نفسه .

42 يوما يعيشها الطفل مع سمسم .. يقتحم خيالاته ليحلقا معا في عالم غير العالم .. قد تكون الفترة طويلة أكثر من مائة يوم بالنسبة للذي يدخل التجربة الحقيقية .. ولكن بالنسبة للذي يقرأ القصة .. يشعر بلذة التجربة .. ويحد من رهبة أروقة المستشفى والعاملين فيها من ممرضين وأطباء بلباسهم الأبيض .. وما يحملون من إبر وأدوية وأجهزة طبية .

_ أعتقد أن أكثر ما أبدع به الكاتب كان وصف الحب و الحنان الذي وجده سمسم من أهله وأصدقائه اثناء محنته وصف المراحل النفسية التي عاشها سمسم طيلة تجربته التي لن ينساها طيلة حياته وفي نهاية القصة يقول الكاتب: – (بعد فترة قصيرة سيتمكن سمسم من ركل كرة القدم بأقوى وأجمل ساق بالعالم) .

نهاية موفقة لقصة تربوية مبنية على أسس نفسية سليمة .. نهايتها سعيدة مليئة بالأمل.. يزرعه الكاتب في نفوس الأطفال … كلها تفاؤل … تشعر الطفل بالراحة … بعد رحلة لا يعرف الطفل إن كان جميلة أو مخيفة .. فالحادثة لم تكن سهلة أبدا .. لها رهبتها .. أدخلته الواقع .. وأخرجته منه بهدوء وسلام وأمان .

خليـــــل سمـــــوم قـــــال:-

* قصة واقعية، بمعنى أن أحداثها يمكن أن تقع، ورغم أنها يمكن ان تكون من خيال المؤلفين.
* هذه القصة تلائم تلاميذ صف الروضة، والمرحلة الابتدائية الدنيا .
* قطع الكتاب مناسب، وغلافه متين، والورق جيد .
* قاعدة الغلاف الخارجي بيضاء اللون، مع خطوط حمراء مما يوحي بطبيعة جو المستشفى.
* عنوان القصة يلخص محتواها، وهو جذاب للطفل، وحجم حروفه مناسب .
* لم يرد في الكتاب موجز عن حياة الكاتبين، ولم يأت ذكر لأسم من قام بالرسم. ولكن هناك تعريفا قصيرا بالقصة على الغلاف الأخير .
* طول السطر مناسب، والخط كبير وواضح، ومعظم الكلمات مشكلة، كل هذا يسهل على الطفل عملية القراءة. ولكن لماذا تميزت بعض الكلمات والجمل بالخط الأسود البارز!؟
* معاني الكلمات مفهومة لطفل هذه المرحلة، والجمل بسيطة التركيب، فلا تعقيد لغوى، ولا تعقيد فني في بناء الجمل .
* رغم أن لغة القصة هي الفحصى، إلا أنها سهلة، وهي تخلو من الكلمات العامية .
* لقد كانت النسبة بين مساحة الرسامات ومساحة الكلام حوالي( 80-20 )، وهي نسبة ملائمة للطفل القارىء .
* الرسومات جميلة، والألوان كذلك ، ومن المؤكد أن من قام بها هو رسام متخصص في رسوم كتب الأطفال فالرسومات هنا متوافقة تماما مع مضمون الكتاب، ومع المرحلة العمرية المقصودة .
* القصة مشوقة، وخاصة أن موضوعها يجذب اهتمام الأطفال ، فهم يهتمون بتفاصيل ما حدث لطفل مثلهم ، ويتابعون أخبار تطور حالته في المستشفى، وينتظرون خروجه منها وهو معافى .
* الفترة الزمنية لإحداث القصة محدودة، وهي ( 42) يوما، وكذلك مكانها، المستشفى.
* الناس في هذة القصة هو الكاتبان، وسمسم لم يتحدث عن نفسه اطلاقا .
* لقد احتل سرد الأحداث كل مجريات القصة، ويكاد ينعدم فيها عنصر الحوار .
* نهاية القصة جيدة، وهي خروج سمسم من المستشفى معافى بعد معاناة طويلة .
* من الملاحظ أنه طوا ل فترة وجود سمسم في المستشفى لم يزره الأصدقاء ولا الأقارب، بل كانوا يرسلون إليه هدايا بالبريد. وهذا دليل على أنهم يتذكرونه ويهتمون به .
* إن الأفعال الحركية الذهنية المتخلية التي مارسها سمسم هي رد فعله على الحالة التي عاشها في المستشفى ، لقد تخيل أنه مهرج في سيرك، وأنه بال في المدخنة، وركب الفيل في حديقة الحيوان، وحول جدته إلى سمكة، وصمم ملابس متنوعة لكل من اعتنوا به في المستشفى، وتخيل وجود ذئاب تحت سريره، وفحص دم الممرضة وحولها إلى ملاك، وأشرب الطبيب دواءا شديد المرارة وقاس درجة حراراته، وحول كرسيه المتحرك إلى كرسي سباق ، كل هذه التخيلات التي مرت بسمسم جاءت لتنفيس أنفعالاته، وهي تخيلات طبيعية وصحية .
* إن الفرد عامة والطفل خاصة بحاجة إلى نشاط حركي أو جسماني

وتبدو مظاهر هذا النشاط في اللعب وحركات القفز والجري وغيرها من ألوان النشاط الحركي، ولقد عانى سمسم من انعدام الحركة الجسمانية طوال (42) يوميا، ولم يجد حلا لهذه المشكلة سوى أن يتخيل قيامه بالأنشطة الحركية كتخيلة أنه مهرج.

* رغم العناية الشديدة التي كان سمسم يلقاها في المستشفى، إلا أنه شعر أن المدة التي قضاها في المستشفى تجاوزت المئة عام . فقد كان يدرك أن مكانه الطبيعي ليس في المستشفى, بل بين أهله وزملائه، وأصدقائه وفي بيته، وحيه، وروضته .
* لقد تذمر سمسم وتضايق من العناية المكثفة التي كان يقوم بها العاملون في المستشفى تجاهه، فما ان ينتهي من أحدهم حتى يتبعه آخر. شى لم يتعود عليه في حياته الطبيعية قبل دخوله المستشفى ، لذا لم يكن يشعر بالراحة إلا عندما تأتي الممرضة وتشعل الضوء الخافت وتقول: “تصبح على خير” .
* وأخيرا، لابد من طرح سؤال مهم، وعلينا أن نبحثا عن الجواب، هل هذه القصة ملائمة ليقرأها أطفالنا الفلسطينيون؟ إن هذه القصة هي سرد لكيفية قضاء طفل وقته في المستشفى بعد أن أصيب بكسر في ساقه ووصف للعناية التي تلقاها من العاملين فيه ومن أهله. لقد حدثت هذه القصة في مستشفى سويدي، وهو مستشفى نموذجي من كافة النواحي ، وخبرة طفلنا الفلسطيني- لكونه ما زال طفلا – بمستشفياتنا الفلسطينية ضئيلة جدا إن لم تكن معدومة، لذا فعندما يقرأ هذا الكتاب يظن أن كافة مستشفيات العالم- بما فيها الفلسطينية- تشابه هذا المستشفى، ولا بأس بذلك ، لأننا نكون قد أعطينا الطفل معلومات عما يجب إن يكون عليه المستشفى، مثلما نقدم له وقصصا لنماذج بطولية لكي نبين له كيف يجب إن تكون علية البطولة .

ولكن، ومن ناحية أخرى، بلغ عدد الأخطاء المطبعية في القصة (16) خطأ، وجميعها أخطاء في تشكيل الكلمات، وهذا عدد غير قليل بالنسبة لعدد كلمات القصة، وعدا عن ذلك، وحتى لو كان عدد كلمات القصة أكثر، فان طفلنا الصغير القارىء لايستطيع ادراك الخطأ الطبيعى، ويظن أن كافة كلمات القصة بدون أخطاء وهذا شيء خطير على أطفالنا .

* إن الأخطاء المطبعية واللغوية في هذه القصة ليست بسيطة، لا بل إنها خطيرة على أطفالنا، و هي تجعلني مترددا للغاية في القول بأن القصة في وضعها الحالي تصلح لأن يقرأها أطفالنا الفلسطينيون، إلا اذا تم تصحيحها في طبعة جديدة، بل ومن الضروري تصحيحها.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات