شيكاغو نموذج للمدن الأمريكية

ش

تأسّت مدينة شيكاغو عام 1833، وفي حينه لم يتجاوز عدد سكانها الثلاثمائة شخص، وتطوّرت حتى بلغ عدد سكّانها ما يقارب المليون عندما تعرّضت للحريق الذي أتى عليها عام 1871، وبقيت تتطوّر كثالث أكبر مدينة أمريكيّة اقتصاديّا بعد نيويورك ولوس انجلوس، حيث بلغ عام 2010 نتاجها الاقتصادي 532 مليار دولار، وتعتبر المدينة التاسعة في ترتيب المدن الأغنى في العالم.

وسنأخذها كنموذج للمدن الأمريكية. تبلغ مساحة شيكاغو الكبرى 28 ألف كيلومتر مربع، ومساحة مركز المدينة Down Town أربعة كيلو متر، وهي منطقة ناطحات السّحاب، وتتمركز فيها مقرّات ومكاتب كبريات الشّركات، وبورصة شيكاغو. ولكي تستطيع البلديّة تقديم خدمات لائقة بالمدينة وسكّانها، فقد تقسّمت إلى بلديّات يصل عددها إلى 205 بلديّة تشكّل في مجموعها ” شيكاغو الكبرى”  في حين تبلغ مساحة بلديّة شيكاغو الأمّ 600 كلم، يسكنها حوالي 2.750.000 نسمة، في حين يبلغ عدد سكّان شيكاغو الكبرى حوالي عشرة ملايين شخص. ولا يستطيع المرء أن يحدّد حدود بلديّة من أخرى نظرا لتداخلها مع بعضها البعض. ويبدو أنّ التقسيم من أجل تحسين الخدمات سائد في المدن الأمريكيّة الكبرى، ففي هيوستن في ولاية تكساس فإن الحيّ الرّاقي الذي يسكنه ابن العمّ محمّد موسى السلحوت لا يزيد عدد بيوته عن بضع مئات، وله بلديّة خاصّة.

وتتخلّل المدينة شبكة طرق هائلة، وهذا موجود أيضا في كافّة أرجاء أمريكا، وهي شوارع واسعة ذات اتّجاهين، كما هناك شوارع على الجسور المكوّنة من عدّة طبقات، ومنها الطّرق السّريعة High way، كما أنّ هناك جسور تسير عليها القطارات، وتخدم المدينة شبكة مواصلات هائلة، فعدا عن السّيّارات الخاصّة هناك الباصات، قطارات الرّكّاب، والميترو التّحت أرضي. والشّوارع لها صيانات دائمة، حتّى أنّ المرء يشاهد عمليّات حتّ للشّوارع وتعبيدها مع أنّه لا عطب فيها. اضافة ألى مطار “أوهير” الدّولي الذي يعتبر الأكثر ازدحاما في العالم، وهناك مطار “مدواي” الدّاخليّ، ومنه انطلقت الطّائرة التي حملت القنبلة النّوويّة التي ألقيت عى مدينة هيروشيما اليابانيّة عام 1945 في الحرب الكونيّة الثّانية.

والأحياء منظّمة بشكل لافت، فلا وجود للأبنية العشوائيّة، وهناك مواقف للسّيارات أمام البيوت السّكنيّة، ومواقف عامّة في المناطق التّجاريّة. وهناك الحدائق الخّاصّة أمام البيوت، والحدائق العامّة الواسعة والتي تزيد مساحة الواحدة منها عن المئة دونم، تتوسّطها بحيرات صغيرة، تعيش فيها الأسماك، وتعشّش على جنباتها طيور البطّ والوزّ.  وتوجد غابات صغيرة من بقايا الغابات القديمة التي كانت تكسو القارّة الأمريكيّة، وفي هذه الغابات يعيش عدد من الغزلان التي لا ينغّص عيشها أحد، وفيها ملاعب للكرة الأمريكيّة وللغولف، وهناك حديقة”الألفيّة” التي توجد فيها نافورة “التّاج” العجيبة.

وفي مدينة شيكاغو عدد من المتاحف ومنها متحف شيكاغو الموجود تحت الأرض على شكل أسواق، ويحتاج المرء إلى يوم ليمرّ في جنباته دون توقّف. كما يوجد متحف للكائنات البحرية بأشكالها وأنواعها، وهناك متحف للأطفال، وفي شيكاغو عدّة مسارح منها مسرح شكسبير الذي يقدّم ليليّا مسرحيّات لشكسبير، ومن يريد أن يحضر مسرحيّة فيه عليه أن يحجز قبل عدّة شهور. وهناك حديقة الثّقافة الواسعة جدا، وفيها مسرح مكشوف، تقدّم فيها مسرحيّات وحفلات غنائيّة مجّانيّة. وهناك عدد من الجامعات المتميّزة كجامعة شيكاغو، وجامعة نورث ويستيرن.

وفي “النّورث غاليري، والنّير نورث سايد” ثاني أكبر مجموعة للمعارض واللوحات الفنّيّة بعد نيويورك.

وفي المدينة حديقة حيوان لنكولن، والمرء يحتاج إلى يوم كامل ليزور محتوياتها، فهي تضع الحيوانات في أماكن شبيهة بالبيئة التي تعيش بها في الطّبيعة.

والنّظافة لافتة أيضا، فالشّوارع نظيفة، والحدائق نظيفة أيضا، ومن لا يهتمّ بجزّ اعشاب حول بيته فانه يتعرض لغرامات عالية.

ومن الأمور اللافتة أنّ خطوط الماء والكهرباء والهاتف والغاز كلّها تحت أرضيّة، والغاز يصل إلى البيوت بمواسير كشبكات المياه، وهناك حارات لا تستعمل الغاز مطلقا، بل تعتمد على التّيّار الكهربائيّ بشكل كلّيّ.

9 تموز 2015

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات