رواية “لنّوش” في ندوة اليوم السابع

ر

رواية “لنّوش” في ندوة اليوم السابع

القدس: 11-8-2014 من رنا القنبر: ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس

رواية “لنّوش” للأديب المقدسيّ جميل السلحوت، وهي رواية لليافعين صدرت عام 2016  عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع، وتقع في 45 صفحة من الحجم المتوسّط.

بدأ النقاش ابراهيم جوهر وممّا قاله:

وفي أمريكا يقيم ابن الكاتب قيس وعائلته التي أضافت مولودة جديدة أسمتها “لينا” فكتب لها الكاتب رواية لليافعين بعنوان “لنّوش” لتكبر “لينا” وتجد جديدا يرافقها للتّعلم منه .

وقد أشار الكاتب إلى مجموعة من القيم التربوية الواجب تربية الجيل عليها، كما أوجد نموذجا يقلّده الجيل هو “لنّوش” في ذكائها وأسئلتها وثقتها بنفسها النابعة من رعاية والديها لمواهبها وتوفير مكتبة خاصة بها لتنهل المعرفة وتبني ذاتها.

وقالت نزهة الرّملاوي:

في شهر أيّار 2016 احتفل بميلاد لينا الأول، حفيدة الروائي الشيخ جميل السلحوت، أعادني الاسم إلى الرواية التي حملت اسم دلعها (لنوش)، حملت الكتاب بين يدي، وسعدت كثيرا بذلك الوجه الذي أطل مرحبا بي، شدني إليه ثم سألني: اتعرفينني؟

أجبت على الفور: نعم، انت لينا (لنوش) حبيبة جدك الذي رأى في قربك السعادة، وفي بعدك العذاب.

ترى لِمَ وضع الكاتب الفعل الماضي (أسعدني) قربها، والفعل المضارع (يعذبني) بعدها في صفحة الإهداء؟

لقد سعد الكاتب عندما شهد ولادة لنوش، حينما سافر إلى أمريكا، ورآها تكبر أمام عينية شهورا معدودة، ثم عاد إلى الوطن دونها، لذا نجده لا يزال يتعذب في غيابها، من أول لحظة مشاهدة، أحس في قسماتها الحياة.. وفي عيونها الأمل، وراح يرسم لها طريق مستقبل حافل بالقدرات العقلية المختلفة، كفهم المقروء والاستيعاب والتحليل والتركيب والحفظ، ومن خلال الحوار، لوحظ أن الجميع يحب شخصية لينا، ويعزز ثقتها بنفسها، فتحس من خلال إجاباتها وإثارتها للأسئلة، أنها أكبر من عمرها.

يرى الكاتب وفق أسس علمية حديثة، أن نشأة الطفل وتعلمه، يبدآن وهو جنين في رحم أمه، لأنه يفهم ما يسمعه من آيات أو موسيقى، مما يساعد على تكوين شخصية بناءة وفعالة، تساهم في إصلاح المجتمع، وتؤثر قدراته وشخصيته وثقافته وسلوكه المهذب في تنشئة مجتمع راق متطور، يواكب الحياة العلمية والتكنولوجية الحديثة، ولا ينفرد بالتخلف عن المجتمعات المتحضرة، وهذا ما يريد الكاتب ايصاله، فالبيت هو المنشيء الأول للطفل، وشتان ما بين البيت الصالح المثقف الذي يعالج الأمور بحكمة وروية، وفق رؤية واضحة، يخطها الزوجان بالحب والحنان والواجبات والتكافل، وتذويت الشعور بالأمن والاحترام والثقة والشجاعة والانتماء في أفراد أسرته، والبيت الذي يترك القطيع دون رعاية، ويساعده على الفلتان.

ما لا شك فيه أن الرواية، أخذت على عاتقها إدراج الكثير من القيم والنظريات التربوية الحديثة، والتي من شأنها رفع مستوى الطفل الثقافي، كالموسيقى والآداب المختلفة، من شعر واناشيد وقصص تربوية ودينية هادفة، كالقصص والحكايا التي كانت تستمع إليها لينا من أمها منذ كانت في رحمها، ومن أبيها وجدها وجدتها بين الحين والآخر، إضافة إلى البحث العلمي وتقصي الحقائق، كما حدث في قصة النبي سليمان والثعبان الذي لم يخرج من وطنه، وتقصيه حقيقة الأمر بعد أن طلب من الله إحيائه، حيث قال له يا نبي الله، إن حرق الأبدان أهون علي من ترك الأوطان! وهذه القصة تعزز قيمة الانتماء للوطن في نفوس صغارنا، مهما كلف الأمر.

لقد أحسن الكاتب اختيار البيئة الصفية، في عرض الأفكار المختلفة أثناء عملية السرد والحوار في الرواية، لأن المدرسة المكان الثاني والطبيعي المناسب للتربية والتعليم.

لقد تميزت المعلمة (ديمة) بالفطنة وحسن الاصغاء، وإبداء الرأي والتعلم من الآخر، إضافة إلى التنبه إلى الأطفال الموهوبين، والمميزين بقدراتهم ومواهبهم وميولهم الاجتماعية والعلمية والأدبية، واستغلالها في رفع المستوى التعليمي في المدرسة، واغتنام فرصة التعرف على الأهالي، واشراكهم بالعملية التعليمية، الا أن المعلمة في الرواية، ذهبت إلى أسرة لينا لتتعلم منهم، وتستفيد من تجربتهم في التعامل مع لينا، وتطمح أن يكون مولودها المنتظر بذكاء ابنتهم وقوة شخصيتها، وغزارة معلوماتها، ومساعدتها على ايجاد طرق سهلة للتعامل مع الطلاب، ولتنتفع منها في دراساتها الجامعية العليا.

لقد تمخض عن زيارة المعلمة لأهل لينا، رؤيا مستقبلية مشرقة لوليدها، فقد شاهدت بأم عينها كيفية التعامل مع الطفل، وكيف نشأت لينا منذ كانت في رحم أمها، حتى اليوم، فقد وجدت بيتا آمنا مثقفا أحفادا وأجدادا، عملوا على التنوع الثقافي لدى ابنتهم، وتعزيز قدراتها القرائية بإنشاء مكتبة لها، جعلت منها قارئة وكاتبة تجيد السرد والتعبير، وتطرق الكاتب إلى عدم إغفال البرامج والألعاب الالكترونية الهادفة، أو الحد من قدرات أطفالهم وذكائهم في استخدامها، والإصغاء لهم والعمل على ايجاد حلول للمشاكل التي تعترض سير حياتهم.

لقد صاغ كاتبنا رواية متخيلة حول الطفل وحقوقه وواجباته في المجتمع، فالتربية والتعليم أساس للمجتمع المتحضر، ورأيت في الرواية أسلوبا مشوقا في عرض المبادئ التربوية التي نفتقد أكثرها في مجتمعنا، ونرجوا أن نسقي ما زرعناه بأيدينا، لتثمر فلا نفقد الأمل في نموها من جديد.

لقد أخذ كاتبنا تفاصيل روايته من براءة وابتسامة حفيدته التي بلغت عامها الأول، هذا حال الأحفاد يأخذون عقولنا بلا استعداد، ويخترقون جدار قلوبنا بلا دفاع، ويلونون حياتنا بالسعادة، ويزينوها بالضياء، ويخلدون أسماءنا وذكرانا على مدى الأيام.

انتهت جولتي في الكتاب، أقفلته فأطلت لنوش بابتسامتها وسألتني ثانية:

ماذا ستقولين لجدّي؟

سأقول له ما علمني إيّاه جدي “زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون.”

وكتب محمود شقير:

وما يميز كتابات الأديب جميل السلحوت في هذا الميدان، حرصه على مشاعر شخصياته من الأطفال، وإحاطتهم بجوٍّ أسري دافئ، يشجع على التّفاعل الحيّ وعلى النّموّ السّليم، وعلى التّعلم والتّفوق في ظل حنان الوالد والوالدة والجدّ والجدّة.

وثمّة ميزة أخرى يحرص على توافرها الكاتب في نصوصه المكرّسة للأطفال تتعلق بتشجيع التّعلم عن طريق الحوار، والابتعاد ما أمكن عن آفة التّلقين، وعدم الاستهانة بقدرات الأطفال وقابليّتهم للتّعلّم حتّى وهم أجنّة في بطون الأمّهات.

وثمّة ميّزة ثالثة يحرص على توافرها الكاتب في نصوصه، لها علاقة بسلاسة اللغة وبساطتها وقربها من القاموس اللغوي لفئة الأطفال المستهدفة، وتطعيم النّصوص بحكم مستفادة من التّراث، وببعض المأثورات الشّعبيّة، وبالنّصوص التي تنطوي على قيم وطنيّة، مع ميل إلى تشجيع التّعلم عبر اللعب، وميل إلى الفكاهة والدّعابة التي تثري النّصوص وتجعلها نابضة بالحياة.

وحين يكتب جميل السلحوت نصوصه القصصيّة والروائيّة للأطفال فإنّه يخلق واقعا متخيّلا بديلا من الواقع المعيش، لكنّه واقع ملتحم بالواقع المعيش، منطلق منه وعائد إليه. يخلق أسرة مثاليّة، ومدرسة مثاليّة ومعلّمة مثاليّة وو ألخ..، وكأنّه يقول: بمثل هذا الواقع الموازي أو الواقع البديل نستطيع خلق جيل جديد، ذكيّ متعلم قادر على الابتكار والخلق والإبداع.

لي ملاحظة وحيدة على نصّ “لنوش” سبق لي أن ذكرتها للكاتب في أحد اللقاءات، مفادها أن القسم الثّاني من النص، المتمثل في ذهاب المعلمة إلى أسرة لنّوش للاستفسار منها عن أحدث أساليب التّربية، كان ينبغي أن يكون مكانه في غير هذا النّص المكرّس للأطفال، لأنّ المستهدفين في هذا القسم الثّاني هم الآباء والأمّهات وليس الأولاد والبنات.

هذا القسم الثّاني على ما فيه من قيم تربويّة نافعة، كان يمكن أن يكون في كتاب آخر، فيه إرشادات أوسع مدى، يمكن أن يقرأها المعنيّون من ذوي الأطفال، ويحقّقوا منها استفادة أكيدة في تربية أطفالهم.

وقالت ديمة السمان:

قصة الأطفال “لنّوش” حبيبة جدها..

رسالة من الكاتب للكبير قبل الصغير..

قصة تزخر بالمشاعر إلإنسانيّة الجميلة.. وتعزز مفاهيم تربوية حديثة.

مقولة ” ما أعز من الولد الا ولد الولد” ترسخت عندي بقوة  بعد قراءة قصة الأطفال لنّوش للأديب جميل السّلحوت.. لقد سيطرت على السّلحوت عاطفة الجدّ  للحفيد بصورة لافتة، لدرجة أنه بدأ يرسم في خياله مستقبل حفيدته “لينا” حديثة الولادة كما أراد  لها أن تكون، وشارك بها القاريء بثقة الواثق من أن حفيدته لن تكون سوى نابغة ومتميزة عن أقرانها.

لنّوش طفلة بدت عليها علامات الذكاء منذ مولدها، فسعد بها جدها، وأخذ يتنبأ لها مستقبلا زاهرا، ونجاحا باهرا، رآها  في حلم يقظته متعدّدة المواهب، فهي ترسم وتعشق الموسيقى. رآها ذات شخصية قوية، تحاور معلمتها بثقة، مثقفة، تمتلك معلومات قيمة، تتفوّق على زملائها وزميلاتها، مهذبة، جميلة، حنونة، تستوعب أخاها الأصغر منها سنّا ” غسان” دون أن تتذمر، تتقن القراءة والكتابة وهي ما زالت في سن السّادسة، أي في الصّف الأوّل الابتدائي.

الكاتب يرى في أحلام يقظته أنّه سيكون لِلينا أخ تتعامل معه برفق ولين تماما كما هو اسمها،فمعنى اسمها هو الرفق واللين. وهي لفتة ذكية من الكاتب بضرورة العناية باختيار اسم المولود، والذي بدوره سينعكس على سشخصيته وسلوكياته.

مشاعر إنسانية جميلة، لجدّ يقدّس الطّفولة، ويعشق أفراد أسرته الصغير قبل الكبير، ففيهم نرى أنفسنا ونحقق أحلامنا.

قصة ” لنوش” قدمت للقارىء معلومات قيّمة مفيدة عن تربية الطّفل، وأهميّة الاعتناء به وهو جنين داخل رحم أمه. فقد كان الناس يعتقدون إن الطفل لا يعي ولا يفهم شيئا قبل أن يبلغ ثلاث سنوات.. ولكن العلم أثبت أن تربية الطّفل تبدأ وهو لا زال جنينا. وكانت قد ذهبت سيدة  تسأل عالما كبيرا: ” كيف أربّي رضيعي تربية سليمة؟ فسألها عن عمره قالت: تسعة شهورفأجابها آسفا: لقد فاتك الكثير يا ابنتي.

السّلحوت قدّم للقاريء رزمة من المعلومات القيّمة ترشد الآباء على التعامل مع أطفالهم. كما ترشد المعلمين على كيفية التعامل مع طلابهم.

فقد أثبتت إحدى  الدراسات التي  أجريت لقياس الابداع عند مجموعة من الأطفال في سن الخامسة أن 90% منهم مبدعون.. وبعد عام.. أي في سن السادسة أعيدت الدراسة للمجموعة نفسها فإذا 10% فقط وصلوا إلى درجة الابداع، وبعد مرور عام، أي عند وصولهم سن السابعة حافظ فقط 2% على درجة مستوى الابداع. وبعد تحليل الدراسة ثبت أن  المدرسة والضغط الأكاديمي والقوانين الصارمة والقيود والارشادات في المدرسة التي تحيط بالطالب هي السبب، فلا مجال للطالب أن يتعرّف على نفسه ويكتشف ابداعاته، لقد فقد حريته مع العلم أن الشرط الأول للإبداع هو الحرية. وفي الغالب يواجه الطفل أيضا ضغوطا في المنزل لا تقل عن المدرسة ليحافظ على تفوقه في الدراسة الأكاديمية على حسب مواهبه المفطور عليها.

لنوش ليست قصة أطفال شيقة موجهة للأطفال تسعدهم وتعزز فيهم الحماس للتعلم والابداع فحسب، بل هي رسالة واضحة وصريحة من قبل الكاتب للكبير ببل الصغير، تزخر بالقيم والمعلومات الغنية والمفيدة موجهة للأم والأب وللجد والجدة، وللمربي التربوي المعلم في المدرسة،  يقول بها الكاتب بصراحة ووضوح: اهتموا بأطفالكم.. واعتنوا بهم.. وحرّروا مواهبهم المكبوتة التي تسكنهم لكي تحصدوا ابداعا.

وقال نمر القدومي:

ما أجمل أن يقطر القلم مدادًا بطعم الحُب ونكهة العاطفة، صريره كالموسيقى، عذب الأنغام يُخاطب الرّوح بعمق مشاعر الأبوّة والأمومة! زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون، سُنّة الحياة على الأرض، مزجها الكاتب المقدسيّ “جميل السلحوت” بعطرٍ قد يخرج من الوريد مرة واحدة. “لنّوش” إخترقت سنين العمر الطويلة، وتربّعت على فؤاد جدّها الهيمان، تنهل منه العلم والمعرفة والأسئلة الكثيرة. غَزَلَ لها الجدّ “السلحوت”رواية باسمها، تليق بسنوات عمرها الأولى.

صَدَحتْ صرخات “لنّوش” لأوّل مرّة على هذه الدنيا “في بلاد العم سام”، حين أتحفنا الكاتب بنبأ ولادتها، وما خطّه لنا من أدب الرّحلات حينها. أمّا في هذه الرّواية، فقد تناول الأديب أدبا أكثر حساسيّة وصعوبة، فوضع أمام القارئ الكثير من التّوجيهات والحِكم والارشادات، تلك المبنيّة على أُسس العلم الحديث في التّربية والتّعامل مع الطفل. فمن خلال لغة الحوار تارة، وأسلوب السّرد تارة أخرى، كانت “لينا” المدلّعة باسم “لنُوش” هي الشّخصيّة الرّئيسة في مجريات أحداث رواية اليافعين. إستطاع الأديب الجدّ أن يصف للقارئ سلوكيّات وتصرّفات حفيدته، العفويّة، في الصف الدّراسيّ الأوّل وقد بلغت السّادسة من عمرها، وكذلك يبيّن لنا بعض العادات الطّيبة والحميدة التي اكتسبتها هذه الطفلة من بيتها. كما يُوضّح لنا الكاتب، وبطريقة مباشرة، إيمانه واقتناعه بأنَّ الجنين داخل الرّحم يستطيع أن يسمع محيطه، ويحسّ بمشاعر أمّه، وأنّه يتذكّر ويتأثّر بالكلام من حوله؛ كسماع الموسيقى والآيات القرآنيّة، وهذا ما أثبتته التجارب الحديثة .

“لنّوش” عرفتْ الكتابة والقراءة والرّسم في مرحلة مبكّرة جدا، ليست لأنها نابغة، بل يُحدّثنا جدّها بأنَّ الأهل استخدموا مع ابنتهم طرق التّعليم والتّثقيف والتربية المتطوّرة. ومن الخطأ بمكان وزمان، أن يترك الأهل أطفالهم بفراغ قاتل لفترة من الزّمن في سنوات عمرهم الأولى معتمدين على المدارس، فيكون قد تأخّر الوقت على مَن يبتغي من طفله الشيء الكثير. هذه الرّواية القصيرة، كما صنّفها كاتبنا  “السلحوت”، تحمل أفكارا جميلة وراقية في العلوم الإنسانيّة وأصول التربية. لكن السّؤال المُثير للشّفقة، فيما إذا كان الوالدان لا يحملان سلاح العلم؟ فيكون الأثر واضحا ومحزن.!

امتازت هذه الرّواية بلغة بسيطة ومعانٍ لا تشوبها الحيرة، وأيضا بأسلوب سلس وسهل يستقر في خيال القرّاء من اليافعين. وفي حال تمّ مناقشتها بينهم، قد تجد النّتائج جدّا مُرضية، خاصّة وأنَّ الطّفل لديه غريزة التّقليد والغيرة الإيجابيّة، وتبدأ بينهم سباق القمّة والشّهرة والتّحدي. أديبنا ما زال ذلك المعلّم الذي ينقل إلى الصّغار، حسّه الوطنيّ والمعرفيّ وحلم كل فلسطينيّ بالتحرّر والاستقلال، فطرّز لنا صفحاته بالنشيد الوطنيّ المؤثّر وحامل الرّسالة الخالدة والعظيمة:

بحقِّ القسم تحت ظلِّ العَلم لأرضي وشعبي ونار الألم،

سأحيا فدائي وأمضي فدائي وأقضي فدائي  إلى أن تعود،

بلادي بلادي بلادي يا شعبي يا شعب الخلود.

وتحدّث عبدالله دعيس فقال:

لنّوش عنوان لرواية جديدة لليافعين للكاتب جميل السلحوت، صدرت عن دار الجندي للنّشر والتّوزيع في القدس، تخاطب الأطفال ولكنّها رسالة موجّه للآباء لكي يحسنوا تربية أبنائهم، وهي مفعمة بالعاطفة الجيّاشة حتّى لتكاد تلمس حبّ الكاتب للطفلة (لنّوش) بيديك.

هذه الرّواية تحوي العديد من الدّروس التربويّة التي قد يستفيد منها الآباء، وتعطي صورة لطفلة نموذجيّة تتّسم بالذّكاء الشّديد والقدرات الكبيرة مقارنة بأندادها، لأنّها حصلت على التّربية من أبوين مثاليّين، فغدت قدوة لغيرها من الأطفال، وأبهرت معلمتها التي التجأت إلى والديها كي تعلم كيف يربّيان ابنتهما، ولتستفيد منهما في تربية أبنائها وتلاميذها في المدرسة. من الدّروس التّربويّة في هذه الرّواية:

اختيار الاسم الحسن للطفل، الذي يعطي روحا إيجابيّة لصاحبه طفلا وبالغا فيما بعد، وضرورة أن يكون للاسم معنى جميل، وأن يعلم الطفل هذا المعنى.

الاعتناء بالطفل حتى قبل ولادته، فالأب والأمّ يكلمان ابنهما مذ أن يكون جنينا في رحم والدته، ويسمعانه الكلام الطّيّب والقرآن الكريم والموسيقى الهادئة، وهذا يؤثّر في هذا الطفل وينشئه قادرا على التّعبير بلغة سليمة ومحبّا للموسيقى الهادفة والأدب.

سرد القصص والحكايات المعبّرة للطفل منذ صغره وقبل أن يتعلّم الكلام، والقراءة له وتعويده على القراءة منذ نعومة أظفاره.

تربية الطفل في بيئة آمنة وغمره بالحبّ والحنان، وتبادل الأدوار وتكاملها بين الأب والأمّ.

دور الجدّ والجدّة الإيجابي في العناية بالطّفل وتربيته.

تشجيع الطفل والتكلّم معه بإيجابيّة، ومراعاة أحاسيسه ومشاعره وعدم إحراجه.

عدم التّفريق في المعاملة بين الأبناء.

التّواصل بين المدرسة والعائلة من أجل الطفل.

قد تبدو الطفلة لينا في رواية (لنّوش) مثاليّة خارقة، لكنّ المواهب التي تبديها هذه الطفلة هي في مقدور الأطفال كافّة إذا ما حظوا بالرّعاية والتّربية المثلى التي توفّرت لها.

وقالت رنا القنبر:

لكلّ منا من اسمه نصيب، هكذا يقال، ولنّوش التي تصدّرت صورتها غلاف الرّواية، استطاعت بليونتها ونعومتها أن تدخل جدّها عالم الخيال؛ ليراها بذكائها المتوقّع طفلة عبقريّة، تخطو خطواتها الأولى نحو مستقبل مشرق، المستقبل الذي توقعه الكاتب للينا الطّفلة؛ ليكتب لها “لنّوش” الرّواية التّربويّة الهادفة، التي تحوي العديد من الرّسائل والنّصائح التي تثري عقول الأطفال والكبار، فينقلنا الكاتب نحو ثمرة اهتمام الأسرة ودفئها، فتتشكّل أمامنا لنّوش طفلة ذكيّة جميلة تطرق جدران الأسئلة، وتحلّل وتناقش كفتاة كبيرة تحبّ الشّعر والقصص والموسيقى، وتميّز الأشياء من حولها؛ فأسرتها التي واظبت على القيام بواجباتها تجاه طفلتها، لتكتسب مهارة في الحديث، وكسب حبّ واهتمام من حولها على الرّغم من صغرها،إلى قدسيّة العلم؛ ليشكّل خليطا واحدا أساسه الاهتمام والتّربيّة منذ الصّغر، فتشكّلت شخصية لنّوش الطفلة في ذهن الكاتب بعين ثاقبة نحو المستقبل، رواية لنّوش لليافعين تحمل رسالة جميلة وقويّة للمجتمع، والكاتب الذي اعتمد على دراسات حديثة في تربية وتنمية قدرات الطفل، وضّح رسالة هامّة جدّا، مفادها أنّ تنشئة  الطفل تنشئة سليمة، تجعله يكتسب مهارات عدّة، ويتمتّع بقدرات فعّالة مقارنة بأبناء جيله، فمن خلال الحبّ والاهتمام الذي حصلت عليهما لنّوش في كنف عائلتها وجدّها، الذي كان يروي لها القصص والحكايات الشّعبية منذ البداية؛ لينمّي خيالها، استطاعت أن تكتسب ثقة كبيرة بنفسها، وقدرة على السّرد والتّعبير السّليم عن رأيها  تفوق عمرها، ولكنّ حدّة ذكائها وأسئلتها التي لا تنتهي، لا يمكن أن يفوّتا عليها الأمر منذ دخولها المدرسة، فكيف لم تعلم لنّوش عن اسمها الحقيقيّ “لينا” إلا عندما دخلت المدرسة؟ وكأن الاسم ذكر أمامها لأوّل مرّة، فلا بدّ أنّه ذكر بمراحل سابقة في مدرستها من قبل معلماتها بالصّفوف السّابقة، على الرّغم من المبالغة في بعض الحوارات بين الطفلة والمعلمة، كالتّفريق بين الحكايات والقصص، الذي جعل لنّوش تبدو للقارىء أحيانا أكبر من ستّ سنوات، ولكنّ المبالغة هنا جميلة، فهي تفتح أفاقا واسعة أمام من يقرأها من اليافعين،  والوقوف أمام الممارسات الخاطئة في التّربية، والبحث بما يخصّ هذا الموضوع.

تعمّد الكاتب ذكر موضوع تقبيل الصّغار لأيدي الكبار، فأظهر الجدّ كمعارض لتلك القُبلة، مطالبا لنّوش بعدم تقبيل الأيادي اطلاقا؛ ليعلم حفيدته عدم الخضوع أبدا لأيّ شخص مهما كان، فسرعان ما تجيبه لنّوش ببداهة لاتخلو من براءة الطفولة ” وعيت على الحياة وأنتم تبوسون يديَّ وقدميَّ ورأسي وصدري، فلماذا لا أبوس أياديكم؟” فجعل إجابتها رسالة للتّفريق بين الخضوع والحب المتبادل .

عزّز الكاتب ثقافة الانتماء لدى القارىء، فجعل لنّوش وزملاءها ينشدون النّشيد الوطنيّ، وهذه أيضا لفتة جميلة من الكاتب للأطفال .

امتازت الرّواية بلغة سهلة وبسلاسة السّرد والحوار، والتّنقل بين شخصيّات أساسية وهامّة في حياة الطفل، كالأمّ والأب والجدّ والجدّة والمعلمة .

وقال طارق السيد:

ما أجمل أن تهدي من تحب هدية ثمينة! فهل هناك أثمن من قطعة أدبية تخلد اسمه ؟

الكاتب جميل السحلوت يأخذ حفيدته لينا والتي أسماها تحبّبا (لنّوش) في رحلة تربويّة إلى حيث تتعلم، فأخذنا من خلال الطفلة لينا إلى رحلة في داخل المدرسة؛ ليخبرنا ما يدور بخاطر الأطفال من عفويّة وسلاسة في التعبير، وبراءة محبّبة، الرّواية لليافعين من فئة الرّوايات التّربويّة التي تحمل في طيّاتها رسالة تربويّة، الجديد الذي أضافه الكاتب هو التّغيّر المستمر في الحياة حتّى لدى الأطفال، والحثّ على وجهة النّظر التّربويّة الحديثة، فهو يرى أنّه من الضّروريّ أن يكون للطفل إذن موسيقيّة ينشأ عليها، ومن الضّروريّ أيضا أن يكون له رأي فيما يدور حوله، وأن يتربّى في بيئة مبنيّة على الاحترام واعطاء الرّأي ، كما أظهر الكاتب ضرورة ادخال الطفل ضمن الحياة الأدبية من خلال جعله تارة يسرد الحكايا، وتارة أخرى مستمعا ومستمتعا بها، أخذنا الكاتب في رحلة أدبيّة فيها الكثير من العذوبة والتّلقائية، وما ميّز الرّواية أيضا العاطفة القويّة التي كان مصدرها بطل الرّواية (لنّوش)، حتّى صورة الغلاف كانت فيها الكثير من عذوبة الطفولة، على الرّغم من أنّ الصّورة أخذت في مرحلة عمريّة مبكّرة، ولم تكن تجسّد المرحلة العمرية لزمن بطلة الرّواية .

المعلمة أيضا كان لها دور تربويّ توجيهيّ للطفلة، وللتّفاعل بين الأطفال مع بعضهم البعض .

ركّز الكاتب على العديد من القضايا منها :

احترام الأطفال للمدرسة والمعلمة .

ضرورة تربية الطفل على حبّ المطالعة.

العائلة كانت متعاونة جميعها في تربية الطفلة، وكانت الطفلة تكتسب من كلّ شخصيّة جانبا لتضيفه لحياتها .

الرّواية رغم جماليّاتها التّربويّة والفكرة الجديدة، إلا أنّها افتقدت عنصر التّشويق، الذي يأخذ الفتيان إلى المساحات البعيدة ..وجاءت على عكس رواية الكاتب السّابقة “البلاد العجيبة” التي احتوت الكثير من الخيال، فكان لا بدّ من بعض الخيال لأنّ اليافعين يعشقون عنصري التّشويق والخيال .

وكتبت بيان شراونة:

لنّوش” في طيّاتها معلومات تفيد مختلف الأجيال

عندما يترجل الكبار من مناصبهم لا بد من وقفة تقدير واحترام لهم، وذلك لكي يعتبر الآخرون ويتذكر ذلك الأمر كل جيل.

جميل السلحوت أنت كالمرآة اللامعة المصقولة، التي تعكس نور الشمس بأبعاد متناسبة مع أبعادها الحقيقية، إنّك تضعنا على كراسينا، وتخلق لنا نفس الخيال ونفس المشاعر الشخصيّة، فلا تترك جريمة الجهل تلتف حول من هم حولك، أنت كنز أينما ذهبت، عندما تبدأ التحدّث في ندوة اليوم السابع، أشعر أنّني طفلة صغيرة لا تعرف شيئا عن هذه الدّنيا، أستمع وأستمع. وأنت تتحدّث تضيف لعقلي المزيد من المعلومات التي أحتاج سنوات لأتعلّمها.

كنت في عيادة المرضى أنتظر دوري فتحت حقيبتي، لأنتشل منها روايتك الأخيرة لليافعين”لنّوش” استفزتني فيها انسانيتك تجاه حفيدتك …فتحت الكتاب من منتصفه كعادتي ولفتت أنتباهي الصفحة الثامنة عشرة ..هل يسمع الجنين ويفهم وهو في أحشاء أمّه ؟سؤال كان يردّده أطفالي على مسمعي، ولم أكن أعرف وقتها  كيف يجب أن أجيب؟ أو لنقل لماذا لم أجد كتابا آخر يتحدّث عن  أنّ الطفل يذكر بعد ولادته كلمات القرآن والموسيقى الهادئة التي سمعها وهو ما زال جنينا في رحم أمّه؟

أعتقد  بأنّ هذا الكتاب”لنّوش” رسالة مفيدة لمختلف الأجيال، لليافعين وللوالدين وللمعلمين أيضا، حقائق علمية يطول شرحها بملل من البعض إلى أن أنرتني بمختصرها.

وكتبت رشا السرميطي:

تشكل “لفنّوش” سبقا للكاتب في ربط أدب الأطفال ومراحل النُّمو، بما يشير ويعزز لاكتساب الطفل هويَّته منذ مراحل نموّه الأولى، عندما يكون جنينًا في رحم أمه، حتى يمتلك مفاتيح النجاح لمستقبل جميل يلوِّنه بالمثابرة والاجتهاد.

في روايته ” لنُّوش” يؤكد جميل السلحوت بأنَّ الابداع يولد من رحم المعاناة، وهنا لم يتطرق للمعاناة بمعني الحرمان والفقر والعوز، وإنَّما لباب آخر، وهو يحكي عن جوّ أسري لعائلة متعلمة واعية لخطورة التّربية وأهميّة اعداد النشئ القويم الذي سيتولى قيادة هذا المجتمع وبناء الوطن.

بدأ جميل السلحوت روايته مقدّمًا الاهداء لحفيدته لينا المبدعة والملهمة كما وصفها للقارئ، التي ربما كان لها الدّور الأكبر في كتابته لهذه الرّواية، وقد بنى أحداثها ضمن بطولات عديدة أدّتها ” لينا ” خلال الفترة التي عاشها معها في أمريكا. لينا لم تكن أوّل حفيداته، لكنّه في الرّواية والتي أعتقد أنَّ أحداثها واقعية تمامًا، يشير لاكتشافه وملاحظته لملكات ابداعية أصيلة وجدت في شخصيتها، ويذكر لنا أسباب هذه السمات التي تميزها عن مثيلاتها من نفس الجيل، وكيفية رعايتها لتغدو مبدعة وطفلة غير تقليدية.

عناوين هامّة مرّرها أديبنا بطريقة سهلة وسلسلة، لكنَّ مدلولاتها في علم النُّمو عميقة جدّا، بل أجزم بأنَّ الدّراس والمتعلّم بها يمكنه تنشئة جيل آخر ومختلف بما لديه من قدرات ومهارات غير اعتيادية، أذكر منها:

أوّلا: الطفل صفحة بيضاء.

تطرق السلحوت لأهمّية مراحل التّلقيح، الولادة، الرّضاعة، وأثر تغذية الطفل نفسيًّا إلى جانب التّغذية الصّحّيّة السّليمة على تكوينه المستقبلي، وهنا يؤكّد أديبنا على أنَّ الطفل صفحة بيضاء وأبواه يكتبان له ما شاؤوا من صناعة مستقبل لهذا المولود، وذلك سواء بالأحاديث التي يتبادلها الآباء مع أطفالهم، أم بالمواد السمعيّة التي يتركون لها أبواب آذان أطفالهم مفتوحة؛ لتدخل وتستقرّ في أبنيتهم العقليّة والفكريّة، ويصبح ممكنًا تذكّرها متى لزم الأمر، وقد استشهد على ذلك بالقرآن والموسيقى، كما أكّد ولا بُدّ أنّه اعتمد على الدّراسات النّفسيّة والسّلوكيّة العديدة التي نتعلّمها حديثًا، والتي تفيد بأنَّ الذّكاء لا يعتمد على الفطرة فقط كموروث جيني، وإنّما يوجد منه جزء مكتسب كما العديد من المهارات والمواهب التي يمكن غرسها داخل نفوس أطفالنا، بالتّدريب والممارسة حتى بلوغ مرحلة الاتقان، ما دامت لدينا الخبرة والعلم في التعامل معهم، وكذا طول النّفس والصّبر على تقدّمهم، إذ توجد فروقات عديدة فرديّة بين الأطفال.

تابع أديبنا روايته حول مرحلة الطّفولة المبكّرة والمتوسّطة، وهي مرحلة ما قبل المدرسة عندما كانت لينا ابنة ثلاث وأربع سنوات، وقد علمتها أسرتها الحروف الهجائيّة، وبدأت تقترب من الكتب وتطالع أيضا، وأشار لنا أيضًا إلى جدّ ” لينا ” وأبيها وأمّها الذين كانوا يغذّون ذاكرتها بقراءة القصص، كما كانوا يلعبون معها حركيًّا وسمعيّا، وفي ذلك تنمية لمهارات لينا على كافة الأصعدة النّفسيّة، العقليّة (التفكير)، الحركيّة، وكذلك الوجدانيّة، لينا حسبما أورد شخصيّتها جميل السلحوت شكلت صورة لطفلة تفكّر، ولا تقبل أيّ شيء مسلمة له دون شرح وتأويل؛ حتى تقتنع به وتوافق عليه، كانت تنتقل لمرحلة جديدة من التّساؤلات، وما حياتنا منذ الولادة حتى نشيخ إلا تساؤلات تنضج من أغصانها تساؤلات، وفي هذا كلّه فلسفة عميقة جدّا لا تخفى على شخصيّة الشيخ جميل السلحوت، سواء بخبرته كمعلم لسنوات أم بغزارة قراءاته وانتاجاته الأدبيّة. وقد عني في تسلسل الأحداث إلى الاهتمام بتطوير مهاراتها في الفهم والحفظ والتّحليل أيضًا، لقد كانت لينا شخصيّة ناقدة، لها عين أخرى تسأل، وتبحث عن الاجابة، ثمّ تكمل مشوارها بالاقتراب من مجهول آخر لم تعرفه بعد.

ربط السلحوت بين دور البيت في تنمية مهارة الطفل، ودور المدرسة متمثّلة بالمعلمة ” ديمة ” وقد كان لوجودها في الرّواية رمزيّة هامّة لدور المعلّمة الايجابيّة، التي كانت تؤدّي عملها بأمانه، وهذا ما أشار إليه سواء من خلال حديثها المطوّل مع لينا، ومناقشتها باسمها ومعناه، وكثير من الأحاديث الأخرى، أو بزيارتها لبيتها وحديثها مع الأمّ والجدّة، وكذا بتعزيز دعد عندما أخجلها تعليق ” لينا ” حول قراءة النّشيد الوطنيّ، فيما تسأل المعلمة عمّن يسرد قصة لطلاب صفّه.

ولا أدري إن كان الأديب جميل السلحوت قصد من وراء هذا الطّرح أن يقودنا نحو تساؤل: ما أسباب النجاح؟ هل نعتبر الانسان الفاشل في حياته فشل بسبب أبيه وأمّه ومدرسته ومجتمعه؟

ثانيا: الموسيقى غذاء للرُّوح والمشاعر.

الموسيقى تعتبر من أهم لغات الجمال التي تشكّل عالم الطفل، وهي تلعب دورا أساسيّا في تكوين شخصيّة الطّفل وتقويم سلوكه، وهي إذا ما وظفت بطريقة سليمة مدروسة، فإنّها سوف تفرز لنا جيلا يمارس دوره بكلّ ثقَة وثبات.‏ إنّ للموسيقى قدرة غنيّة وإمكانات تربويّة خاصّة في تشكيل شخصيّة الطفل. كما تتميّز بقدرتها التي لا تضاهى على التّأثير في أدق انفعالات الإنسان، والتّعبير عن أحاسيسه وعواطفه ومصاحبته في أغلب لحظات وجوده .

وهنا أشار السلحوت لأهمية الموسيقى في تكوين شخصيّة ” لينا ” وتنمية قدراتها سواء بسماعها لمقطوعات بدون كلمات، أم أغاني فيروز، حيث أنَّ الجنين ما أن يتكون داخل رحم الأمّ في أشهره الأولى، حتّى تبدأ علاقته بالموسيقى، وذلك من خلال دقّات قلب الأمّ المنتظمة وحركة أعضاء الجسم الدّاخليّة، وهذا الإيقاع المنتظم لنبضات القلب يشكل توازنا عند الجنين يستجيب له،‏ وما إن ينمو الجنين حتى تنمو علاقته بالموسيقى الحسيّة، وتصبح جزءا من عالمه ويبقى تعلّقه وإحساسه بالموسيقى الحسيّة وتجاوبه معها إلى مراحل ما بعد الولادة والنضج، وهذا ما نلمسه جيّدا عند ملاعبتنا للطفل وعناقه، ففي لحظة العناق يحسّ بالأمان والعطف فيميل إلى الهدوء، وعند ملامسة رأسه بلطف يشعر بالمحبذة الكبيرة والاهتمام الذي يرجوه من الآخرين.‏ إنّ الموسيقى الحسّيّة لا يسمعها الجنين بل يدركها حركة وإحساسا من خلال مسامات الجلد، وعندما يبدأ الطفل في أيامه الأولى للولادة، يبدأ التّعامل مع لغة موسيقيّة جديدة هي موسيقى الحركة، من خلال حركة السّرير، وحركة إيقاع اليدين اللتين تحملانه وتهزانه بلطف، وإيقاع الضّربات الخفيفة على الظهر –الطبطبة-، إنّ هذه الحركات بإيقاعاتها المنتظمة تدخل عالمه فيألفها، ويتجاوب معها سلوكا منتظما، ويرفضها مشتتة مضطربة، ويعلن عصيانه أيضا. وما موسيقى الصّوت إلا امتداد أكيد للموسيقى الحسّيّة والحركيّة اللتين تأسّستا لديه، ورافقتا مسيرة نموّه ونضجه، وتفتح وعيه وإحساسه، عندما يدأ التّجاوب مع الأصوات منذ امتلاكه حاسّة السّمع، والتي تأتي مبكرة قبل حاسّة البصر، ولا تبخل عليه البيئة الخاصّة المحيطة به بأصوات منغمة في إيقاعاتها حسب حاجاته ومتطلّباته، وإن كانت الكلمات، بحروفها وطريقة نطقها لا بدلالاتها ومعانيها، تمثّل الملامح الأساسيّة لهويّة موسيقى الصّوت وهي تدخل عالم الطفل كأصوات منغمة ذات إيقاعات، وليس كمعانٍ لها دلالاتها ومفاهيمها. فالطفل في هذه المرحلة لا يدرك أبدا معاني المفردات والكلمات التي تُقال حوله ويسمعها باستمرار، إنّه معني فقط بموسيقى الأصوات، وسوف تصبح لديه القدرة على التّمييز بين الأصوات ومعرفة أصحابها، وسوف يدرك بعد مدّة‏ معاني هذه الأصوات ودورها ووظيفتها، فهناك صوت منغم فيه دعوة للنّوم وآخر للهدوء وآخر للطعام وهكذا .

ثالثا: اسمي هو أنا.

في ذكره للاسم إشارة هامّة حول هويّة الطفل التي تبدأ من اسمه ونصيبه منه، وعمله وتفكيره لصناعة مستقبل مختلف. لينا التي بدأت من معرفة معنى اسمها ( كباحثة) ثمَّ انتقلت لتبحث عن معاني أسماء أصدقائها، فأصبحت (متعلمة) ولم تتوقّف عند هذا الحدّ، حتّى بدأت تفكر في معاني الأسماء ودلالاتها، وعن معرفة الاسم دلالة فرديّة لتقوية ذات الطفل وتنمية شخصيّته، وقد بدا واضحا قوة الشّخصيّة والثّقة التي تتمتّع بها لينا بين أقرانها في الصّفّ، ممّا لفت إليها انتباه المعلمة (ديمة)، التي عزّزت ذلك، وسمعت لها وأجابت على تساؤلاتها، وصحّحت لها مفاهيم تعليميّة بذكرها أنّ الاسم لينا واسم الدّلع ” لنُّوش”، وبذلك تبدّلت الأبنية المعرفيّة عند لينا، وصارت تفكر بأفق أكثر اتّساعا مما كانت عليه.

رابعا: حرّر طفلك كي يطير.

لقد عكس لنا الأديب جميل السلحوت مساحة الحرّيّة التي تمتعت بها لينا، عندما بدأ جدّها وأبواها قراءة القصص لها، وقد تعلّمت من ذلك مهارات: الحفظ، السّرد والتحليل، وكذا النّقد والتّأليف، فكانت لها أحاديثها الخاصّة وتساؤلاتها ” اللينة ” على القارئ، لينا كانت كما الفراشة بين أسطر الرّواية التي حملت اسمها، وأهمية ذلك في زيادة التّخيل والابتكار، لتشكّل صورة من طفلة تحلم بها أيّ امرأة ورجل، وذلك ليس مستحيلا تحقيقه في أيّ طفل إذا ما تمّت رعايته كما يجب.

خامسا: الهوية الأصيلة.

لا يخفى على القارئ بأنَّ السلحوت أشار لمفهوم هامّ في حياة الطفل، ألا وهو ” الهويَّة” وهنا أكّد على أن تكون أصيلة، فلكلّ طفل هويّته الخاصّة، وله ما يحبّ ويهوى، وليس المطلوب من القرّاء ايجاد نسخ متكرّرة من ” لنُّوش”، ولكنّه قدّم لنا تجربة أبويها، وتجربته في رعايتها لتشكّل ” معجزة ” كما أسمتها المعلّمة ” ديمة ” ولنقل؛ حالة استثنائيّة لطفلة موهوبة، كانت ترسم، تقرأ، تكتب، وتحفظ القصص وتسردها بثقة.

في الختام أودّ الاشارة لأهميّة هذه الرّواية لرفوف أدب الأطفال، لما لها من معاني بالغة الضّرورة للعناية بها، إنَّ التعلم عن طريق الحوار وسرد القصص ومناقشتها مع التّلاميذ، وتولية التّلميذ مهمّة السّرد، وقيادة النّصّ بين يديه استراتيجة تعلّم حديثة، ولها أثر كبير في تطوير مهارة الطفل ورفع أبنيته العقليّة والفكريّة وكذا الوجدانيّة. لقد طرح ذلك السلحوت في جو روائيّ ظريف، ولغة جمالية ممتعة، ومشوِّقة، وأنهى معارفه بما أورده على غلاف الرّواية الأخير، عندما سألت لينا: هل يمكن أن يعود جدّي طفلا؟ وأجابت الأم: طبعا إذا أراد ذلك. وهنا إشارة لمهارة الارادة، وتأكيد لما بدأ به جميل السلحوت روايته، ” لنّوش ” ممكنة في كلّ بيت وكلّ طفل، سواء كان ذكًا أم أنثى، لكن تبقى إرادة الأبوين هي القوّة الفاعلة والمؤثّرة.

وقالت رائدة أبو الصوي:

.

الاهداء في بداية الرواية بعث رسالة حب قوية من الكاتب الى حفيدته “لينا“.

تميزت الرواية بالخضوع لمقومات ومعايير أدب الأطفال الجيد من حيث الشكل والمضمون .

وبطريقة تناسب نموّهم الفكري والجسدي .

أخلاق نبيلة وطرق حديثة في التربية وضعها الأديب جميل السلحوت بين دفتي الرواية، من أفضل ما قدم للأطفال، ولمن يهمه الأمر من أهالي وتربويّين من معلمي ومعلمات المرحلة التّأسيسية في المدارس .

نظرية جان بياجيه عالم النفس والفيلسوف السويسري، رائد المدرسة البنائية في علم النفس .

في هذه الرواية تشجيع العديد من أولياء الأمور على توفير بيئة داعمة لتطور الذكاء لأطفالهم .

لم يدع الكاتب جميل السلحوت أي امكانية لنقد روايته .

بالبداية عندما بدأت قراءة الرواية شعرت بأن هناك خللا، وأنّني أستمع لرواية لا تناسب الأطفال وأن فيها مبالغة في السرد، وأن من يقرأ يجد نفسه يجلس أمام كاتب كبير له باع طويل في الكتابه، لم أقتنع بأن الرواية تناسب ألأطفال اليافعين، ولكن في ص 23 عندما كتب الكاتب هذا النص “المعلمة مذهوله من قدرات لينا على السرد ، فوصفتها بأنها طفلة معجزة”، حقا وجدت بين صفحات الرواية طفلة ذكية جدا، طفلة تسبق عمرها بكثير .

اختيار الكاتب لأسماء أبطال الرواية كان موفقا جدا .

الشخصية الرئيسية بالرواية لينة …النخلة الصغيرة .

المعلمة ديمة …المطر الذي يتساقط في سكون من غير رعد ولا برق .

مريم …خادمة الرب وهو اسم عبري وليس عربيا.

ذكاء لنوش الذي أسعدنا جدا في تقديمه لنا من خلال روايته المميزة لليافعين الأديب الكبير جميل السلحوت تستحق أن تقتنى، في المدارس وللأمهات اللواتي يحلمن بانجاب أطفال أذكياء يفتخر بهم .

في هذه الرواية رسائل تربوية هامه جدا لتنمية الذكاء .

خبرة تربوية وأدبية غزيرة في هذا الأصدار الرائع والمميز.

وكتبت رفيقة عثمان:

خصّص الكاتب هذه الرّواية لفئة اليافعين، متحدّثا فيها عن حفيدته البكر، والتي كانت  بطلة الرّواية، وحظيت بصورة الغلاف الجميلة؛ صورة طفلة تطغى عليها ملامح البراءة. خلاصة الرّواية تدور حول طفلة بالصّف الاوَّل تبرز شخصيَّتها بصفة التميُّز، والإبداع، وإظهار قدرات عقليَّة، ومواهب متعدِّدة تفوق قدرات أقرانها في نفس الجيل. إنَّ عاطفة الكاتب طغت عليه؛ لدرجة بأنَّه خلط بين المشاعر الحقيقيَّة، لشعوره كجدّ، ومنبهر بحفيدته، وبين كونه كاتب. لو تناولنا الفكرة المركزيّة التي أراد كاتبنا أن يوصلها لليافعين، لم أجد بأنّ اليافعين يتماثلون مع أحداث الأطفال، الذين دون أعمارهم. اليافعون بحاجة ماسّة إلى من يطرق قضاياهم الملحّة، والتي تُحاكي عقولهم ومشاعرهم في جيل تكثر فيه الصعوبات، بما يُسمّى جيل المراهقة. لو افترضنا بأنّ الرواية تلائم جيل الطفولة المُبكِّرة، وهي أنسب بكثير؛ ليتعرَّف الأطفال على صفات، وقدرات أخرى لأطفال آخرين، ممَّا يحثُّهم على المنافسة، والتّماهي مع البطلة المميَّزة. لكن! هنالك بعض المآخذ التي تؤخذ على الرّواية منها:

أوَلا اختيار عنوان الرواية “لنّوش”، كان اختيارا غير ملائم من ناحية نشر اللغة العاميَّة، والابتعاد عن اللغة الفصحى، كان حريّا بأن يكون العنوان مدخلا؛ لتشجيع استخدام اللغة الفصحى، وليس اللغة المحكيّة.

ثانيا: مستوى السّرد يتناسب مع أجيال اليافعين، أكثر منه للأطفال في جيل مبكِّر.

ثالثًا: ورد بعض التّداخل لحكايات أخرى داخل النَّص، ممَّا يُثقل على الأطفال استيعاب عدَّة حكايات داخل رواية واحدة، حبَّذا لو تمّ تقصير القصّة، وتوصيل الهدف منها؛ لتجنُّب الملل عند الأطفال.، مع إضافة بعض الرّسومات الملائمة؛ لتحاكي مشاعرهم، وتجذبهم للإصغاء. تعتبر اللغة مناسبة فعلا لجيل اليافعين.

رابعا: تماهى الكاتب مع الطفلة لينا لدرجة جعلها تُصبح صديقة المعلِّمة، وتوصلها إلى البيت بسيَّارتها، أرى بأنّ العاطفة هنا طغت على الكاتب، وخلط بين المشاعر الذَاتيّة، والعمل بموضوعيَّة، من مواصفات المعلِّم أن يفصل بين المشاعر الذَّاتيّة، والعمل بموضوعيّة في التّعامل مع الأطفال.

في الرواية برز عمل المعلّمة بالتحيّز للطفلة لينا؛ لدرجة ظهرت شخصيّة المعلمة ضعيفة، وغير مثقّفة، وهنا أيضا كان الخلط بين المشاعر الذاتيّة للمعلمة وحياتها الشخصيّة، عندما أعربت عن رغبتها بزيارة بيت لينا؛ لتتعلَّم كيف تُربِي ابنها بعد الولادة، معلِّمة ذات مستوى علمي، ليست بحاجة لاستشارة أمّ الطفلة؛ هنالك مصادر كثيرة للاستعانة بها لهذا الهدف. لا شك بأنّ الرّواية تحتوي على أهداف تربويَّة قيِّمة يستفيد منها الآباء والأمّهات، وتطرَّق الكاتب نحو موضوع التميٌّز، والذي نحن بحاجة لطرحه مع كيفيَّة التّعامل مع هذه الفئة، وتقديم ما يناسبها من تشجيع المواهب، وتوجيه قدرات الطلاب المميَّزين، وتغذية تعطشهم لحبّ الاستطلاع، والمعرفة؛ بطرق تربويَّة غير مألوفة، تتماشى مع الحداثة، والعصر الألكترونيّ؛ لتنشئة أجيال واعية، تتماشى مع العصر الحديث، فكريَا، وعاطفيّا. المهمّ بالموضوع عدم تهميش هذه الفئة من المميَّزين، وإيجاد أطر تربويَّة ترعاهم بالطريقة المُثلى بما يتلاءم مع قدراتهم، ومواهبهم؛ للارتقاء بهم نحو الأفضل.

ومن طولكرم كتبت رولا خالد غانم:

هذه الرّواية تندرج تحت إطار أدب الأطفال، وهو أدب مهمّ جدا يغرس القيم والأخلاق لدى هذا الجيل، وقد حمل غلاف الرّواية صورة حفيدته لينا فكان ذلك لافتا للنّظر، وجديدا لم نعهده من قبل؛ فأضفى على الرّواية جمالا ورونقا.

تجسّد الرّوايّة العلاقة العاطفيّة ما بين الطّفل وأمّه، وتبيّن مدى تعلّق الطّفل بأمّه وتأثّّره بها، فلينا تربّت في أسرة مثقّفة واعية، تربّت على العلوم الحديثة التي صقلت شخصيّتها، وأسهمت في بنائها. فالطّفل كما قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم :”يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه”. وإمّا أن يثقّفانه أو يجهّلانه أيضا، الطفل يولد كالصّفحة البيضاء، والأسرة بدورها تحدّد مساره وتزرع به ما تريد، وهذا ما أثبته الكاتب حين تحدّث عن لينا وذكائها، عقليّة لينا محصّلة البيئة التي نشأت بها. وصف الكاتب في هذه الرّواية مشاعر الطّفل وبراءته، فلينا لم تعرف غير اسم الدّلع”لنّوش” الذي أطلقه عليها والداها، وتظنّ أنّه اسمها الحقيقيّ، بالرّغم من نبوغها المبكّر.

لم يكتب الشيخ جميل هذه الرّواية عبثا، بل أراد أن يحفّز الأهالي على تربية أبنائهم على القيم، وتوجيه الأطفال من أجل مستقبل أفضل. لينا بطلة الرّواية اعتادت على سماع الموسيقى دون رفع صوت المسجّل، تربّت على هذه الثّقافة منذ أن كانت في بطن أمّها، التي كانت تستمع إلى الموسيقى الهادئة أثناء حملها، فأنجبت طفلة تعشق سماع الموسيقى، كما اعتادت وهي في طور التّكوين، حيث أثبتت الدّراسات والأبحاث أنّ الأجنّة يشعرون ويدركون ما يجري حولهم قبل أن ترى عيونهم النّور. ولا يفوتنا هنا أن نذكر أنّه وردت في الرّواية معلومة يجهلها كثيرون، وهي أنّ تربية الطفل على ثقافة المطالعة منذ يوم ولادته الأوّل، وذلك من خلال والديه وأجداده الذين من المفترض أن يقرأوا له القصص، أو يسردوا له الحكايات، وأن يشتروا له قصص الأطفال وأناشيدهم حسب مراحل عمره المختلفة، لتصبح المطالعة عنده سلوكا وعادة.

ويشجّع الكاتب في هذه الرّواية على تربية الأبناء على التكنولوجيا الحديثة؛ لما لها من أثر إيجابي على الأطفال، فها هي لينا التي اعتادت على استخدامها أضحت طفلة نجيبة متميّزة متفرّدة. وكعادته يحارب الجهل والجهلاء، فأحد أطفال الرّواية قال: إنّ جدّته أرادت أن تسرد له قصّة عن الغول، فمنعتها أمّه، وهذا دليل على أنّ الجيل الصّاعد والقادم أفضل من جيل الأمس، الذي لم يستوعب الآثار النفسيّة التي ستنعكس على الطّفل نتيجة تربيته على الخوف والتّرهيب، وطرح أيضا قضيّة تقبيل اليدين التي توارثتها الأجيال، وهي لا تنمّ إلّا عن تخلّف. لقد وفّق الكاتب في إيصال رسائله بل أبدع، فهذا عمل يحسب له.

وهذه الرّواية كما كتب عنها الدّكتور طارق البكري كاتب أدب الأطفال الشّهير عندما عرضت عليه قبل نشرها: تفيد الكبار كما تمتّع الصّغار، وهي تؤكد أهميّة الاهتمام بالطّفولة ورعايتها منذ لحظة نشوء الجنين، فكلّ طفل يخبّىء في داخله ماردا عظيما، يمكنه أن ينطلق نحو فضاءات الإبداع الواسعة إذا تكثّفت رعايته، ومنح ما يستحقه من رعاية متواصلة من محيطه، وهي إضافة متألّقة لمكتبة الطّفل العربيّ.”

ومن الخليل كتبت دعاء عليان:

يغلب على الرواية أسلوب الحوار بين شخصيات الرواية بلغة سهلة ومباشرة وقريبة من قلب المتلقي.

تحتوي هذه الرواية على قيم وتوجهات أدبية وتربوية مختلفة، استخدمها الكاتب إضافة إلى لغته وأسلوبه في طرح تصوّره للمستقبل الذي يريده لحفيدته؛أي أن تكون نابغة وذكية ومتميزة.

ويقدم الراوي على طبق من نصيحة مجموعة من الأمور التي تساعد الأهالي على تعزيز كل إيجابي، وغرس كل مفيد في نفوس أطفالهم منذ طفولتهم المبكرة.

علاوة على ذلك،تضم هذه الرواية _على قصرها وبساطتها_ إشارات لأسماء أدباء في أدب الأطفال،وأمثال وأغاني ومطربين وشعراء في سياقات مختلفة.

وأخيرا، كل الحب والتميز نرجوه لأطفالنا،وبوركت جهود الأهالي الذين يحسنون التعامل مع أطفالهم.

ومن جنين كتبت إسراء عبّوشي:

صفحات الرّواية القليلة ضمّت أكثر مما تتّسع له السّطور

لنّوشُ طفلة مشاكسة مرحة، تكاد ترى لمعة ذكاء في عينيها وأنت تقرأ حوارها مع معلمتها، تشعر بروحها الطّفولية، أعطى الكاتب الشيّخ جميل السلحوت القاريء قدرة على رسم ملامحها بإجادة تسلسل الحوار، وجعل كلّ شخصيّة تتحدّث عن نفسها، وتسرد حكايتها مع لنّوش ، وفي النهاية يتعلم القاريء الدروس بطريقة حوارية مشوقة، أولا معاني الأسماء، لينا، مريم، ديمة، ثم ينتقل لدرس أعمق موجه للآباء، حول كيفية بناء الانسان منذ تكوينه في رحم الأم، لتكون الرواية شاملة للطفل وللأهل والمدرسة، بأسلوب سرديّ يصلح لكل الأعمار والثقافات، يعطي العلاج لما يعانية مجتمعنا من عزوفه عن المطالعة، واهماله للقراءة التي هي أوّل رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم، العلاج كان منذ الميلاد بإهداء الكتب للطّفل، سيكون اهتمامه أولا بالرّسومات، ثم يستمع للقصص من الأمّ أو الأب أو الجدّ ، فيكسب ثروة لغويّة،” الأطفال يفهمون ما يسمعون وإن كانوا لا يتكلّمون”،في النّهاية سيكون للطفل مكتبة خاصّة به وستصبح المطالعة عادة.

وما زال الكاتب يقدم النّصائح بأسلوب غير وعظيّ وغير مباشر أيضا، فالطفل لا يحبّ النّصيحة المباشرة، ولكن إن قدّمت له بمحبّة بعد أن يشدّه إليه سهل عليه أن يتقبّلها، بل وتكون له شعار، فقد دخلت قلبه قبل عقله، حين كانت على لسان طفلة أحبّها القاريء وشعر أنّها قد تكون قدوة له لجمال صفاتها، وأحبّها الكبار فهي قد تكون أختهم أو ابنتهم أو حفيدتهم، من تلك النّصائح:

أن تبتعدي عن حكاياتِ الغيلانِ والعفاريتِ، فهي مُضرّة للأطفالِ، وتدخلُ الرّعبَ في قلوبهم“.

لا تبوسي يدَ أيِّ انسانٍ“.

أتعاملُ معَ كلٍّ منهما حسبَ عُمرهِ، فلكلِّ عمرٍ مُستحقّاتُهُ“.

الرّواية تدعو إلى الاهتمام بذوي القدرات الخاصّة كذلك.

وفي النّهاية يظهر كم يحتاج الطفل لعناية ومتابعة واهتمام دائم في كلّ لحظة من حياته، وكم يحتاج ليد تمسك يده، توجّهه وتعدّ له خطّة ليكون انسانا سويّا  متميّزا فاعلا، وهذا لن يكون إلا من خلال رعاية الأهل له منذ تكوينه في أحشاء والدته، فهو يحتاج لوقتهم ولجهدهم، وبقدر ما يبذلون لأجله تكون سعادتهم حين يرون نجاحه وتميزه.

هذه الرّواية يجب أن تكون مرجعا تعليميّا لكلّ من يهمه بناء الإنسان، وكم نحتاج لهذه الدروس لنعيد نظرتنا بتربية جيل الغد، الذي سيكمّل المسيرة من بعدنا بخطى واثقة!

وقالت هدى خوجا:

الغربة وبعد الأحباب وتخيّل الحفيدة التي أطفأت الشمعة الأولى من عمرها، وأهدى لها الرواية وهي لم تتجاوز الأشهر، حيث يظهر الكاتب إبداعه في تخيّل حفيدته وهي في السّادسة من عمرها وتلتحق بالصّف الأول الأساسي بمواهبها وذكائها الخارق. براءة الطّفولة وابتسامتها ظهر من صفحة الغلاف البداية والنّهاية، المقدّمة جميلة وتبيّن براءة الطّفولة.

تعتبر مرحلة الطّفولة المبكرة وخاصّة الخمس سنوات الأولى الأهم في تكوين شخصيّة الطفل، وقد ركّز الكاتب من خلال الرّواية على الاهتمام بالطفلة لينا “لنوش” منذ كانت جنينا.

تعتبر الرواية هامّة للأمهات والآباء والمعلمات ومربيات رياض الأطفال وخاصّة الطّفولة المبكّرة والمرحلة الأساسيّة.

ظهرت الفكاهة والجمال والدّعابة مع الحفيدة لنوش مثال ومن هي لينا ؟ أجابت لنّوش: لا أعرفها ص8 وفي مواقف متعدّدة، مما يساعد في اندماج القارئ بالرّواية.

برزت عدّة سمات للمعلّمة المتميّزة من خلال شخصية المعلّمة ديمة ومنها :

الادارة الصّفيّة الفعّالة، النّظام والجو الهادئ والمتجانس، واحترام الطّلبة والصّبر، والاهتمام بشخصيّة الطّفل والنّواحي السّيكلوجيّة والاجتماعيّة.

الحب والود والتّسامح والدّيمقراطيّة؛ والإبداع والإخلاص، والارتقاء بمستوى تفكير الطّلبة

واستماع المعلّمة للطّلبة وعدم الاستهزاء بأسئلتهم، وتعزيزهم إيجابيا من خلال نظرية سكنر والتّعزيز، التّرتيب والنّظام من خلال ترتيب الأدوار وافساح الوقت للجميع للاجابة.

ظهر تكلّف نوعا ما بالاشارة لاتقان لنوش الكتابة في سن ثلاث سنوات، حيث تعتبر عملية الكتابة معقّدة بالنسبة لعمر ثلاث سنوات، ومن خلال عدّة فعاليات قبل عمليات الكتابة، حيث تحتاج لتدريب وتآزر حسّي حركي، عين، بصر، يد في عمر ست وسبع سنوات، وعدم التمييز بين اسمها لينا ولنّوش وهي في الصّف الأول من حيث تظهر في البراعم أو البستان عدم تمييز الاسم الأصلي.

تمّ التّركيز على الأسماء ودلالتها وأهمية اختيار الاسم المناسب للأبناء وصعوبة اختياره مع معرفة المعنى المناسب، والأهل يتعبون عند اختيار أسماء أبنائهم وبناتهم.

ظهر ذكاء لنّوش من خلال إثارة الأسئلة الّتي تبيّن ذكاء الأطفال وتشعّب التّفكير، والتّطرق إلى الدّيانات السّماويّة الثّلاث ص13-14. ظهرت عدّة آداب في التّربية منها عدم ازعاج الآخرين  مثال عدم رفع صوت المسجل أو المذياع في البيت كثيرا ص 16.

الاهتمام بادراك الجنين وهو في بطن أمه ص17-18، سماع سور قرآنيّة مثل سورة ياسين وسماع موسيقى هادئة.

برزت أهميّة القراءة للأطفال وتعويد الطفل على القراءة من قصص وحكايا وسردها

والاهتمام بوجود مكتبة للصّغير قبل الكبير، واشتملت الرواية على القصص والحكايات القصيرة ؛والهادفة والأناشيد المناسبة.

الاستفادة من الدّراسات حول تربية الطّفل ؛وتجارب سيّدات أنشأن أبناءهن بتربية متميّزة، والاهتمام بالنواحي السيكلوجية للأم والطّفل، وثقافة إهداء الكتب، حيث أحضرت صديقة والدة لينا مجموعة من عشرين كتابا للأطفال، مع النّصيحة بقراءتها”، وستصبح المطالعة عندها عادة ” وتسليط الضّوء على أهمّ الكتب للأطفال والقصص ص33.

والدّعوة إلى القصص والحكايا الهادفة والابتعاد عن قصص الغيلان والعفاريت.

المدرسة ومربية الصّف ومديرة المدرسة؛ كان لهما دور بارز في تشجيع الطّلبة على الابداع

والاهتمام بالطلبة المتميّزين، والاهتمام بهم من خلال الاحتفال والاحتفاء بهم في نهاية العام الدّراسيّ ص40.

احتواء الأمثال الشّعبية؛ لمحبة الأحفاد وعدم التمييز بالمعاملة بين الأحفاد والأبناء.

اختيار الطّفل الألعاب بنفسه؛ لدعم وتعزيز شخصية الطّفل وإصدار القرار واحترام رأيه  ص44.الاهتمام بجميع النّواحي النّفسيّة السّيكلوجية والعلمية والاجتماعية للطفل؛ فالأطفال أحباب الله.

رواية متميزة ننصح بقراءتها؛ خاصة للمربيات في رياض الأطفال والمعلمات بالمرحلة الأساسيّة الدنيا الآباء والأمهات واقتنائها بمكتبات المدارس

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات