جولت الجنيدي: رواية الليلة الأولى اجتماعية تراثية جريئة

ج

الأديب جميل السلحوت له العديد من المؤلفات للصغار واليافعين والكبار، وفي قضايا الوطن والمجتمع والمرأة وهموم الانسان وغيرها.ويكتب في مجالات مختلفة، وطنية واجتماعية وتراثية وإنسانية جريئة،ويفضح كثيرا من الظواهر السلبية التي تسود مجتمعنا ويدعو للتمرد عليها ومحاربة الجهل والتخلف.

ورواية الليلة الأولى هذه هي رواية اجتماعية واقعية تثقيفية انسانية جريئة، تفضح كثير من الظواهر السلبية التي تسود مجتمعنا، وقضايا المرأة في المجتمع الذكوري، وبعض العادات والتقاليد الشعبية، والموروث الإجتماعي، وتدعو للتمرد على هذه الثقافة البائسة ومحاربة الجهل والتخلف. كل ذلك بأسلوب سردي سهل، مشوّق وحبكة قوية، وصياغة محكمة، وتعبير صادق عن الواقع الإجتماعي المُعاش، ولا ينسى دور المثقف في محاربة الجهل والتخلف.

وتقع هذه الرواية ضمن اهتمامه بالمرأة وما تلاقيه من ظلم الناس والمجتمع والموروث الإجتماعي، ومثالا على ذلك، ما تعرض له العروسان موسى وليلى ليلة الدخلة من مضايقات من الأهل بانتظارهم خلف الأبواب في أنتظار خروجه اليهم مثبتا فحولته، وتثبت عروسه ليلى عذريتها. ولكنه يفشل في اتمام مهمته بسبب الضغط النفسي الذي يعتريه، وتمر الأيام وهوعلى حاله، فيلجأ الأهل الى الدجالين والفتاحين لحل المشكلة، مع عدم رضا ليلى عن ذلك، فيلجأون الى مبروكة المتسترة تحت ستار الدين، وكل همها هو اخذ المال لحل المشكلة على طريقتها المخادعة. ومثلها أبو ربيع الدجال الذي يستغل حاجة البسطاء لحل مشاكلهم، فيعتدي على نسائهم ويوهمهم أن هذا هو العلاج الناجح لهم، مثلما فعل مع سعدية زوجة عبد السميع ومعاشرتها معاشرة الأزواج، وهذا ما فعله مع عطاف المحمود التي حملت بعد خمس عشرة سنة من الزواج، موهما الجميع أنه أخرج الجني الكافر منها وعندما كبر الولد وصار عمره عشر سنوات بدا الهمس يدور حولها لشبه الولد به.

وأمّا غادة التي تورطت بعلاقة جسدية مع سميح السلمان على أمل الزواج، ولكن أهلها أرادوا تزويجها لابن عمها، اتفقت مع أبي ربيع أن يخلصها مما هي فيه على أن تمكنه من نفسها، ولكنها لم تفعل ذلك بعد أن خلصها من ورطتها عندما أخبر الجميع أن الجني الذي بداخلها هو الذي فض بكارتها حين خروجه منها.

وأمّا الدجالة مبروكة فقد وصلت الى أقصى حد في السفالة عندما طلبت من مريم المحمود أن تحضر اشياء غريبة تسقيها لزوجها، حتى لا يتزوج عليها من ابنة خاله، وكاد الرجل ان يموت من التسمم في معدته. وجعلتها ترهن عندها قلادتها الذهبية لعدم توفر خمسين دينارا طلبتها منها مقابل العلاج المزعوم.

وعن نفيسة المصابة بمرض الزهايمر تقول أنه جني كافر في رأسها يريد ان يبعدها عن إيمانها.

وبالرغم من انقياد الآباء للموروثات والتقاليد والجري وراء المشعوذين والدجالين، فإن الأبناء انقادوا للعلم والمنطق، ورفضوا هذه الاعتقادات الخاطئة؛ فمثلا ليلى لم تقتنع بما تقوله مبروكة وتحاورها وتجادلها.وشقيقها عمر وقف ضد مبروكة واستطاع أن يسترد كل ما أخذته مبروكة من أموالهم تحت ستار التدين واستغلال حاجتهم للعلاج. واضطرها الى مغادرة القرية التي تسكن فيها..

وفراس ابن عم العريس موسى الذي رفض اللجوء للمشعوذين ونصح عمه وابنه التوجه للعلم والطب وعدم التعلق بالوهم الآتي من مبروكة وأبي ربيع وأمثالهما.

ودور غادة التي لم تمكن أبي ربيع من نفسها مع أنها وعدته بذلك مقابل حل مشكلتها وهددته بكشف سرّه.

من هذه الرواية نستنتج انه رغم انقياد بعض كبار السن للمشعوذين والدجالين؛ فإن الأمل في جيل الشباب ان يحارب الجهل ويغير من الموروث الاجتماعي السلبي بالعلم والتنوير والوقوف بوجه الدجالين والمشعوذين، الذين يستغلون حاجة الناس لحل مشاكلهم بأيّ شيء متوفر أمامهم.

6-7-2023

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات