بدون مؤاخذة-التمثيل بالجثث

ب

شاهدت على اليوتوب لقطات مريعة مما يجري في سوريا الذبيحة، وكأن القتل والتدمير والتخريب والتشريد الذي تتعرض له سوريا وشعبها لا يشفي ظمأ القتلة ومصاصي الدماء.

ومما شاهدته من مناظر مرعبة هو صلب جندي سوري على الأرض عاريا، ويأتي أحد الملتحين مكبرا مهللا ويقطع أعضاءه التناسلية، ثم يهوي ببلطة على يديه ورجليه ويقطعها شبرا شبرا، في حين يقف ثلاثة مسلحين على رأس الضحية يهللون ويكبرون.

وكذلك شاهدت “مجاهدين ملتحين” يقطعون رأس طيار سوري ويشوونه على موقد. وبلغت الوحشية مداها بقيام “مجاهد” بشق صدر جندي سوري وأكل قلبه.

وشاهدت”مجاهدين”يقرأون حكم الاعدام على جنود سوريين مقيدي الأيدي الى الخلف، ومعصوبي العينين، يجلسون القرفصاء، ويقوم “مجاهد” باطلاق رصاصة على مؤخرة رأس كل منهم من مسدس بيده اليسرى.

وشاهدت ما قيل عنه بأنه جندي سوري يقف أمام شابين مقيدي الأيدي الى الخلف، ويجلسون أمام جدار، فيقوم الجندي بقطع رأس أحدهما بمنشار كهربائي وهو يصيح:” بدّك تموت شهيد…روح لربك وقل له اني ودّيتك له شهيد”

والأمثلة المرعبة على هكذا حوادث كثيرة.

فأيّ دين وأيّ قانون، يبيح قتل الأسير حتى بدون تعذيب وبدون تمثيل بالجسد؟ وأية ثقافة يحملها القتلة الذين يتلذذون بقتل إخوتهم وأبناء شعبهم؟ وهل من يرتكبون هكذا جرائم مؤهلون لحكم شعبهم اذا ما وصلوا الى الحكم؟ وما هو رأي الدول التي تموّل القتلة بالسلاح والمال من هكذا جرائم؟ وهل قادة هذه الدول شركاء في الجريمة أم ماذا؟

فكلّ الشرائع وفي مقدمتها الدين الاسلامي، تحرّم قتل الأسرى، وكذلك القانون الدولي، ولوائح حقوق الانسان، أمّا التعذيب والقتل البطيء والتمثيل بالجثث فهو حرام دينيا وعرفا وقانونا وانسانيا، ومما ورد في الحديث الشريف” اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا” وهذا ينطبق على جنود الأعداء في الحروب، فما بالكم بقتل الأخ لأخيه وابن شعبة في الفتنة الرهيبة التي تدور رحاها في سوريا؟

واذا كان من يدعون “الجهاد” وتوافدوا على سوريا ليدمروها وليقتلوا شعبها لم يساهموا يوما في الجهاد الحقيقي للدفاع عن أرض الاسلام، فان ما يقومون به من أعمال قتل وتدمير وتخريب وتمثيل وتعذيب تخرجهم من دائرة الاسلام، وما هم الا بيادق في رقعة صراع دولي اتخذ سوريا ساحة لتصفية حسابات سياسية عليها. ويخوضون حربا لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وليت لهم عقولا تعيد لهم وعيهم المفقود، ليروا أن مموليهم ومسلحيهم يعتبرونهم ارهابيين يجب الخلاص منهم بالقتل أو في غياهب السجون، وهذا مصير من سيعود منهم حيّا الى بلاده.

ولا يفهمن أحد أن للحرب الأهلية الدائرة في سوريا أيّة مشروعية، فهي حرب قذرة بكلّ المقاييس، والخاسر فيها هو سوريا وشعبها، والأمّة العربية بقضّها وقضيضها. والمشاركة فيها كفر وردّة عن الدين، وخيانة لا تغتفر. وما هي إلّا تحقيق لأجندات استعمارية وصراعات دولية تهدف الى اعادة تقسيم المنطقة وتجزئتها من جديد، تنفيذا لمشروع الشرق “الأوسخ” الجديد، ولتصفية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني.

وقد ثبت من خلال السنتين الماضيتين وما تخللهما من تدمير وقتل مريعين، أنه لا يمكن حسم الصراع بالقوة العسكرية، وأن لا حلول الا من خلال الجلوس على طاولة الوفاق الوطني للحفاظ على ما تبقى من سوريا، ولحقن دماء الشعب السوري، وهذا يتطلب خروج المرتزقة و”المتطوعين” و”المجاهدين” من غير السوريين واعادتهم الى بلدانهم.

وتغيير النظام الحاكم في سوريا -ان ارتأى الشعب السوري ذلك- لا يتم الا من خلال صناديق الاقتراع في انتخابات ديموقراطية حرة ونزيهة.

17-5-2013

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات