بدون مؤاخذة-اسرائيل تفقد صوابها

ب
لم تكن اسرائيل دولة راشدة منذ قيامها في أيار 1948 وحتى الآن، فقد ارتكب قادتها ومؤسسوها جرائم بحق الانسانية حتى قبل اعلان دولتهم، مثل “مذبحة دير ياسين في 09-4-1948″ ولحقتها بجرائم أخرى بعد الاعلان ” الطنطورة، الدوايمة، مسجد الرملة…الخ” وواصلت طريقها الى”قبيا…كفر قاسم وأسرى الجيش المصري عام 1956…مدرسة بحر البقر…صبرا وشاتيلا…قانا…مخيم جنين…قانا مرة أخرى….قطاع غزة مرات ومرات.
ومع أن اسرائيل قائمة في قلب الشرق الأوسط، إلا أن قادتها ربطوا مصيرهم ومصيرها بالعالم الغربي، وناصبوا العداء لدول وشعوب الشرق الأوسط، بدلا من التعايش معهم، وارتضوا أن يكونوا عصا الدول الاستعمارية في المنطقة، معتمدين على الدعم اللا محدود من العالم الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، واستغلوا ذلك جيدا لتحقيق أطماعهم التوسعية، فكلما اقتربت المنطقة مترا الى السلام، كلما ازدادت اسرائيل تطرفا وابتعدت عنه كيلومترات، وكلما راجعت دول العالم حساباتها حول الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني، فان الولايات المتحدة الأمريكية تنساق خلف السياسة الاسرائيلية العمياء متنكرة حتى لمبادئ الدستور الأمريكي، لذا فقد وقفت ضد العالم جميعه عندما صوت يوم 29-11-2012 لصالح قبول فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة، مستندة الى القرار رقم -181- الصادر في نفس اليوم ومن نفس المكان في العام 1949، وهو نفس القرار الذي منح اسرائيل شهادة ميلاد دولية.
واشترط المندوب الاسرائيلي في المنظمة الدولية اعتراف دولة فلسطين باسرائيل كدولة يهودية، وأكدت الدبلوماسية الأمريكية على ذلك، علما أن منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت باسرائيل كدولة في اتفاقات أوسلو في سبتمبر 1993، بينما اسرائيل اعترفت بمنظمة التحرير ولم تعترف بفلسطين كدولة. والمثير للعجب وللريبة في الاشتراط الاسرائيلي المدعوم أمريكيا هو أنه فريد من نوعه، وليس مسبوقا في التاريخ، فالدول تعترف بالدول الأخرى كدول ولا تفصل في كيفية هذه الدول، فهل اعترفت دول العالم بالاتحاد السوفييتي سابقا كدولة شيوعية مثلا، أم أعترفت به كدولة؟ والفاتيكان كدولة دينية هل يعترف بها العالم كدولة أم كدولة مسيحية؟ وهل الدول تتعامل مع الدول الأخرى ذات الغالبية السكانية المسيحية أو الاسلامية أو البوذية كدول عادية أم كدول دينية؟ واذا كان الشيء بالشيء يقاس فلماذا لم تعلن الولايات المتحدة وليّة نعمة اسرائيل نفسها كدولة مسيحية، مثلما تطالب به لاسرائيل؟ ولماذا لم تطلب اسرائيل وأمريكا من مصر والأردن نفس الطلب عندما وقعت معهما اتفاقات صلح، وتبادلت معهما السفراء؟.إن الطلب الاسرائيلي ليس بريئا وانما يحمل في طياته مشكلة أكبر وهو التخلص من الفلسطينيين المقيمين في ديارهم داخل حدود اسرائيل، ويريدون اقرارا واعترافا فلسطينيا وعربيا ودوليا بذلك…إن الطلب الاسرائيلي طلب تعجيزي الهدف منه عدم الاعتراف بدولة فلسطين، والاستمرار في الاحتلال لتنفيذ المشروع الاستيطاني التوسعي الاسرائيلي.
وما الرد الاسرائيلي على الاعتراف الأممي بدولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة،  بالاعلان عن مشروع استيطاني جديد لبناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية جديدة تربط مستوطنة”معاليه أدوميم” بالقدس لفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها إلا رد يائس، لا يشكل اعتداء على الفلسطينيين ودولتهم الوليدة فحسب، بل يشكل اعتداء على الارادة الدولية التي اعترفت بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، فهل ستتنادى دول العالم لردع اسرائيل عن طغيانها وايقافها عند حدودها؟ وهل ستستغل الدبلوماسية الفلسطينية والعربية حماقة الرد الاسرائيلي لتجنيد العالم للضغط على اسرائيل واجبارها على إنهاء احتلالها، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف؟ وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية تحقيق المصالحة الفلسطينية بشكل فوري.
02-12-2012

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات