المنحى الطائفي في الحرب الدائرة في سوريا

ا

بات واضحا أن الحرب القذرة الدائرة في سوريا تهدف الى تدمير سوريا وقتل شعبها واضعاف جيشها، وهي تصفية حسابات بين قوى اقليمية وعالمية لتركيز مصالح للدول المتحاربة بدماء أبناء المنطقة، واذا كان البعض من أبناء الشعب السوري يسعى الى تغيير النظام، فإنه لم ينجُ من الوقوع في براثن قوى خارجية تذيلّت لها بعض قيادات المعارضة، لكن الضحية في المحصلة هي سوريا وشعبها، ويرافق ذلك حملات اعلامية تضليلية تقودها فضائيات عربية، وفي مقدمتها فضائية الجزيرة، كما تفتح وسائل الاعلام وفي مقدمتها الفضائيات الأبواب لبعض المشايخ من “فقهاء” الحكام، وبعض من يطلقون على أنفسهم”مفكرين” و”محللين عسكريين وسياسيين”، ليغذوا نار الحرب بين المتحاربين لزيادة نار الحرب اشتعالا.

والدول الامبريالية ليست بعيدة عن الصراع فهي تمدّ طرفي الصراع بالسلاح والمال، وان كانت تختلف في منطلقاتها اختلافا لمصالح كلّ منها، لكن الهدف الأبعد هو ليس اسقاط النظام الحالكم في سوريا بمقدار ما هو تفكيك سوريا الى دويلات طائفية تنفيذا لمشروع” الشرق الأوسخ الجديد”.

واذا كانت بعض الأحزاب والتنظيمات التكفيرية التي تتخذ الاسلام غطاء لمخططاتها، قد شاركت منذ البداية، وبدعم من دول اقليمية ودولية في هذه”الحرب القذرة” بعد أن ضلّت طريق الجهاد الذي تعلنه، فان المفاجأة هي مشاركة حزب الله، وجماعة الصدر العراقية، والحرس الثوري الايراني-ان صحت التقارير الصحفية- في الحرب على مدينة القصير وبشكل علني، لصالح النظام، رافعة شعارات طائفية الى جانب مبررات سياسية وعسكرية، فجماعة الصدر العراقية-وهي جماعات شيعية طائفية- لا مبرّر لها سوى الطائفية، أمّا حزب الله الذي عرفناه حزبا مقاوما ذا خطاب نضالي وطنيّ قومي عروبي، فانه رفع شعار”حماية المقامات الدينية الشيعية وفي مقدمتها مقام السيدة زينب” اضافة الى مبرراته الأخرى، ومع أن حبّ آل البيت مشترك بين السّنّة والشيعة، إلّا أنّ الشيعة يعتبرونه مقدسا خاصا لهم، ولا يخفى على أحد أن هناك جماعات تكفيرية أصولية تقوم بهدم المقامات الدينية من منطلقات دينية خاطئة، وقد فعلوها خارج سوريا، فعلوها في ليبيا ومصر وغيرهما، لكنهم يلقون مقاومة من غيرهم.

وما انجرار حزب الله وجماعة الصدر العراقية وفيلق القدس الايراني الى الحرب الأهلية في سوريا، إلّا انجرار طائفي لا يمكن تبريره، ولا يمكن الدفاع عنه، وهو بالتأكيد جاء بأمر من السيد الفقيه الشيعي الايراني الذي يعيث أتباعه في العراق فسادا وطائفية، سيكون حصادها تقسيم العراق، والاصطفاف الطائفي بين السّنّة والشيعة سيزداد ضرواة وأحقادا بعد هذا التدخل، وسيستغلّه مفتو ووكلاء الناتو المتنفذون في المنطقة جيّدا لتغذية الحرب لتهيئة الظروف لتقسيم سوريا، أو اخضاعها لتمرير مشروع الشرق الأوسخ الجديد الذي بدأ باحتلال العراق وتقسيم السودان ولن ينتهي في سوريا، بل سيمتد الى دول الجوار والمنطقة العربية برمتها، خصوصا لبنان، وليجري بعدها تصفية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني التوسعي.

ان ما يجري في سوريا من حرب قذرة ليس ربيعا ولا خريفا عربيا، بل هو حصاد امبريالي سيخضع المنطقة ويجزئها ويضعفها الى عشرات السنين القادمة، فهل يتنبه السوريون خاصّة والعربان عامّة لذلك؟

12 حزيران 2013

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات