الشمس تولد من الجبل وذكريات سطّرتها الدّماء

ا
جميل السلحوت
صدرت رواية”الشمس تولد من الجبل” للكاتبين موسى الشيخ ومحمد البيروتي عام 2012 عن مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس، وتقع في 304 صفحات من الحجم المتوسط.
أدبيات السّجون:
الكتابة عن التجربة الإعتقالية ليست جديدة على الساحة الفلسطينية والعربية وحتى العالمية، وممن كتبوا بهذا الخصوص: خليل بيدس صاحب كتاب”أدب السجون” الذي صدر بدايات القرن العشرين، زمن الانتداب البريطاني، وكتب الشيخ سعيد الكرمي قصائد داخل السجون العثمانية في أواخر العهد العثماني، كما كتب ابراهيم طوقان قصيدته الشهيرة عام 1930تخليدا للشهداء عطا الزير، محمد جمجوم وفؤاد حجازي، وكتب الشاعر الشعبي عوض النابلسي بنعل حذائه على جدران زنزانته ليلة إعدامه في العام 1937 قصيدته الشهيرة” ظنيت النا ملوك تمشي وراها رجال”  وكتب الدكتور أسعد عبد الرحمن في بداية سبعينات القرن الماضي(أوراق سجين)كما صدرت مجموعة قصص(ساعات ما قبل الفجر) للأديب محمد خليل عليان في بداية ثمانينات القرن الماضي، و”أيام مشينة خلف القضبان” لمحمد احمد ابو لبن، و”ترانيم من خلف القضبان” لعبد الفتاح حمايل ، و”رسائل لم تصل بعد” لعزت الغزاوي ، وقبل”الأرض واستراح” لسامي الكيلاني، و”نداء من وراء القضبان، “و(الزنزانة رقم 706) لجبريل الرجوب، وروايات “ستائر العتمة” و “مدفن الأحياء”و”أمهات في مدفن الأحياء”وحكاية(العمّ عز الدين) لوليد الهودلي،و”رسائل لم تصل بعد” ومجموعة”سجينة”للراحل عزت الغزاوي و(تحت السماء الثامنه)لنمر شعبان ومحمود الصفدي، و”أحلام بالحرية”لعائشة عودة، وفي السنوات القليلة الماضية صدر كتابان لراسم عبيدات عن ذكرياته في الأسر، وفي العام 2005صدر للنائب حسام خضر كتاب”الاعتقال والمعتقلون بين الإعتراف والصمود” وفي العام 2007 صدرت رواية “قيثارة الرمل” لنافذ الرفاعي،  ورواية”المسكوبية” لأسامة العيسة، وفي العام 2010 صدرت رواية”عناق الأصابع” لعادل سالم، وفي العام 2011 صدر”الأبواب المنسية” للمتوكل طه، ورواية “سجن السجن” لعصمت منصور،وفي العام 2012 صدرت رواية”الشمس تولد من الجبل لموسى الشيخ ومحمد البيروتي” كما صدر قبل ذلك أكثر من كتاب لحسن عبدالله عن السجون ايضا، ومجموعة روايات لفاضل يونس، وأعمال أخرى لفلسطينيين ذاقوا مرارة السجن.  وفي العام 2013صدر كتاب”الصمت البليغ” لخالد رشيد الزبدة، وكتاب نصب تذكاري لحافظ أبو عباية ومحمد البيروتي” وفي العام 2014 رواية”العسف” لجميل السلحوت.
وأدب السجون فرض نفسه كظاهرة أدبية في الأدب الفلسطيني الحديث، أفرزتها خصوصية الوضع الفلسطيني، مع التذكير أنها بدأت قبل احتلال حزيران 1967، فالشعراء الفلسطينيون الكبار محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم تعرضوا للاعتقال قبل ذلك وكتبوا أشعارهم داخل السجون أيضا، والشاعر معين بسيسو كتب”دفاتر فلسطينية” عن تجربته الاعتقالية في سجن الواحات في مصر أيضا.
كما أن أدب السجون والكتابة عنها وعن عذاباتها معروفة منذ القدم عربيا وعالميا أيضا، فقد كتب الروائي عبد الرحمن منيف روايتي”شرق المتوسط” والآن هنا” عن الاعتقال والتعذيب في سجون دول شرق البحر المتوسط. وكتب فاضل الغزاوي روايته” القلعة الخامسة” وديوان الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم”الفاجوجي”.ومنها ما أورده الأستاذ محمد الحسناوي في دراسته المنشورة في مجلة”أخبار الثقافة الجزائرية” والمعنونة بـ”أدب السجون في رواية”ما لاترونه”للشاعر والروائي السوري سليم عبد القادر
وهي (تجربة السجن في الأدب الأندلسي- لرشا عبد الله الخطيب ) و ( السجون وأثرها في شعر العرب.. –لأحمد ممتاز البزرة ) و( السجون وأثرها في الآداب العربية من الجاهلية حتى العصر الأموي- لواضح الصمد )  وهي مؤلفات تهتم بأدب العصور الماضية ، أما ما يهتم  بأدب العصر الحديث ، فنذكر منها : ( أدب السجون والمنافي في فترة الاحتلال الفرنسي – ليحيى الشيخ صالح ) و( شعر السجون في الأدب العربي الحديث والمعاصر – لسالم معروف المعوش ) وأحدث دراسة في ذلك كتاب “القبض على الجمر – للدكتور محمد حُوَّر”
أما النصوص الأدبية التي عكست تجربة السجن شعرا أو نثرا فهي ليست قليلة، لا في أدبنا القديم ولا في الأدب الحديث: نذكر منها ( روميات أبي فراس الحمداني ) وقصائد الحطيئة وعلي ابن الجهم وأمثالهم في الأدب القديم. أما في الأدب الحديث فنذكر: ( حصاد السجن – لأحمد الصافي النجفي ) و (شاعر في النظارة : شاعر بين الجدران- لسليمان العيسى ) و ديوان (في غيابة الجب – لمحمد بهار : محمد الحسناوي) وديوان (تراتيل على أسوار تدمر – ليحيى البشيري) وكتاب (عندما غابت الشمس – لعبد الحليم خفاجي) ورواية “خطوات في الليل – لمحمد الحسناوي”.
كما يجدر التنويه أن أدب السجون ليس حكرا على الفلسطينيين والعرب فقط ، بل هناك آخرون مثل شاعر تركيا العظيم ناظم حكمت، وشاعر تشيلي العظيم بابلونيرودا، والروائي الروسي ديستوفسكي في روايته”منزل الأموات” فالسجون موجودة والتعذيب موجود في كل الدول منذ القديم وحتى أيامنا هذه، ولن يتوقف الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
الشمس تولد من الجبل:
لعل ستة الأسطر التي كتبها محمد البيروتي في مدخل الكتاب تغني عن قول الكثير فيما يتعلق بهذه الرواية، والتي كثف فيها أزمة التأريخ لمسيرة الشعب الفلسطيني المعاصرة، ولفت فيها الانتباه الى أن ما كتب حتى الآن “سيرة انحصرت في الذات” ويضيف البيروتي:”هذه محاولة لإضفاء مزيد من الضوء عبر النبش في ذاكرة عريف في جيش التحرير عايش قطاعا محددا من أحداث اتسمت بالبطولة والتضحية”.ص4. وهذا أيضا يدعو إلى التساؤل حول من كتب هذه الرواية؟ هل هو موسى الشيخ وحده، أم أن محمد البيروتي اشترك معه في كتابتها؟ وإذا ما اشترك الاثنان في كتابتها فلماذا اعتبرها البيروتي”ذاكرة عريف في جيش التحرير”؟ أم أنّ موسى الشيخ قد نبش ذاكرته، واستعاد أحداثا وقعت معه وشاركه البيروتي في صياغتها، لتخرج إلى القارئ بين دفّتي هذا الكتاب، وهذا ما أميل إليه بعد قراءة “الرّواية” التي هي عبارة عن جوانب من السيرة الذاتية لكاتبها؟ لكنّها في الأحوال كلّها صدرت باسميهما ونحن نحترم ذلك، وإن كان من حق القارئ أن يتساءل كيفما يشاء، وهذا لا ينتقص من قيمة هذا العمل، بل إن التساؤلات تكون في صالحه.
المضمون: الرواية عبارة عن جوانب من السّيرة الذاتية لمناضل فلسطيني، ركّز فيها على طفولته منذ ولادته في قرية عقربا قضاء نابلس، وعمله في الزراعة والكسّارات في طفولته، ثم هجرته إلى الكويت ليعمل هناك، والتحاقه بحركة القوميين العرب، ثم التحاقه بجيش التحرير الفلسطيني، وتدريبه في معسكرات الجيش العراقي، ثم التحاقه بالثورة الفلسطينية كمقاتل في صفوف الجبهة الشعبية التي تشكلت بعد حرب حزران 1967 كذراع عسكري لحركة القوميين العرب، ثم انتقاله الى صفوف حركة فتح بعد معركة الكرامة في 21 آذار-مارس- 1968. ليكتب لنا عن مشاهداته وذكرياته عن مشاركاته ومشاركة غيره في أعمال مقاومة الاحتلال، إلى أن وقع أسيرا بعد معركة ضارية، لينتقل النضال من ساحات القتال إلى خلف القضبان في سجون الاحتلال، حتى تحريره في صفقة تبادل الأسرى عام 1985.
أهمية هذا العمل: تنبع أهمية هذا العمل أنّه يسجل لبداية انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، من خلال شخص شارك فيها، وهو هنا يكتب مشاهداته وذكرياته التي عاشها وعايشها، تماما مثلما سجّل وإن بشكل سريع عن حياة الريّف الفلسطيني، من خلال ما كتبه عن طفولته في قريته عقربا قضاء نابلس، وهي قضية مهمة أيضا، خصوصا وأن الدراسات عن الحياة الاجتماعية في فلسطين تكاد تكون معدومة. والرواية هنا لم تكتب تاريخ الثورة الفلسطينية، بل كتبت شيئا من هذا التاريخ عايشه الكاتب أو كاتبا هذا العمل. كما أنّها تسجّل أيضا عن معاناة الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال منذ بدايات الاحتلال وحتى العام 1967.
وهناك جوانب لافتة في هذا التأريخ لا يعرفه كثيرون ممّن لم يعايشوا تلك المرحلة، أو حتى عايشوها لكنهم لم يشاركوا في أحداثها، ومنها على سبيل المثال أن حركة فتح هي الفصيل الفلسطيني الوحيد الذي خاض معركة الكرامة وبقرار من قيادتها، وتحديدا بقرار من رأس حركة فتح الراحل ياسر عرفات. في حين أن هناك أفرادا من تنظيمات أخرى شاركوا في المعركة طواعية منهم وفي مخالفة واضحة لأوامر قياداتهم، كما تتحدّث عن المشاركة البطولية للجيش الأردنيّ في تلك المعركة. ومثال آخر هو مشاركة الأمير الكويتي فهد الأحمد الجابر الصباح في الثورة الفلسطينية، وقتاله في صفوفها، إلى أن عاد إلى بلاده بعد معارك أيلول 1970 بين الجيش الأردني وعناصر المقاومة الفلسطكينية، والتي أسفرت عن خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن وانتقالها إلى لبنان. ومن الجدير ذكره أن الأمير فهد الصباح  لقي مصرعه في العام 1990 وهو يقاوم الجيش العراقي الذي احتل الكويت في حينه.
ولم ينس الكاتبان الحديث عن مناضلين فلسطينيين وعرب شاركوا في المقاومة، ومنهم من سقطوا شهداء، أو وقعوا في الأسر.
الأسلوب: بداية يجدر التنويه إلى أن هذا العمل هو أقرب إلى السيرة الذاتية أو المذكرات منه إلى الرواية، والقارئ لهذا العمل سيجد أن الكاتبين اتخذا أكثر من أسلوب في كتابته، فهناك القصّ والرّويّ والحكي والتقرير الاخباري، وهذه أساليب قد لا تخلو منها أيّ رواية.
وعنصر التشويق واضح في هذا العمل.؟
وماذا بعد: يشكل هذا العمل إضافة نوعية للمكتبة الفلسطينية بشكل خاص والعربية بشكل عام.
“ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع”
19-7-2014

جميل السلحوتالشمس تولد من الجبل وذكريات سطّرتها الدّماءصدرت رواية”الشمس تولد من الجبل” للكاتبين موسى الشيخ ومحمد البيروتي عام 2012 عن مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس، وتقع في 304 صفحات من الحجم المتوسط.أدبيات السّجون:الكتابة عن التجربة الإعتقالية ليست جديدة على الساحة الفلسطينية والعربية وحتى العالمية، وممن كتبوا بهذا الخصوص: خليل بيدس صاحب كتاب”أدب السجون” الذي صدر بدايات القرن العشرين، زمن الانتداب البريطاني، وكتب الشيخ سعيد الكرمي قصائد داخل السجون العثمانية في أواخر العهد العثماني، كما كتب ابراهيم طوقان قصيدته الشهيرة عام 1930تخليدا للشهداء عطا الزير، محمد جمجوم وفؤاد حجازي، وكتب الشاعر الشعبي عوض النابلسي بنعل حذائه على جدران زنزانته ليلة إعدامه في العام 1937 قصيدته الشهيرة” ظنيت النا ملوك تمشي وراها رجال”  وكتب الدكتور أسعد عبد الرحمن في بداية سبعينات القرن الماضي(أوراق سجين)كما صدرت مجموعة قصص(ساعات ما قبل الفجر) للأديب محمد خليل عليان في بداية ثمانينات القرن الماضي، و”أيام مشينة خلف القضبان” لمحمد احمد ابو لبن، و”ترانيم من خلف القضبان” لعبد الفتاح حمايل ، و”رسائل لم تصل بعد” لعزت الغزاوي ، وقبل”الأرض واستراح” لسامي الكيلاني، و”نداء من وراء القضبان، “و(الزنزانة رقم 706) لجبريل الرجوب، وروايات “ستائر العتمة” و “مدفن الأحياء”و”أمهات في مدفن الأحياء”وحكاية(العمّ عز الدين) لوليد الهودلي،و”رسائل لم تصل بعد” ومجموعة”سجينة”للراحل عزت الغزاوي و(تحت السماء الثامنه)لنمر شعبان ومحمود الصفدي، و”أحلام بالحرية”لعائشة عودة، وفي السنوات القليلة الماضية صدر كتابان لراسم عبيدات عن ذكرياته في الأسر، وفي العام 2005صدر للنائب حسام خضر كتاب”الاعتقال والمعتقلون بين الإعتراف والصمود” وفي العام 2007 صدرت رواية “قيثارة الرمل” لنافذ الرفاعي،  ورواية”المسكوبية” لأسامة العيسة، وفي العام 2010 صدرت رواية”عناق الأصابع” لعادل سالم، وفي العام 2011 صدر”الأبواب المنسية” للمتوكل طه، ورواية “سجن السجن” لعصمت منصور،وفي العام 2012 صدرت رواية”الشمس تولد من الجبل لموسى الشيخ ومحمد البيروتي” كما صدر قبل ذلك أكثر من كتاب لحسن عبدالله عن السجون ايضا، ومجموعة روايات لفاضل يونس، وأعمال أخرى لفلسطينيين ذاقوا مرارة السجن.  وفي العام 2013صدر كتاب”الصمت البليغ” لخالد رشيد الزبدة، وكتاب نصب تذكاري لحافظ أبو عباية ومحمد البيروتي” وفي العام 2014 رواية”العسف” لجميل السلحوت.وأدب السجون فرض نفسه كظاهرة أدبية في الأدب الفلسطيني الحديث، أفرزتها خصوصية الوضع الفلسطيني، مع التذكير أنها بدأت قبل احتلال حزيران 1967، فالشعراء الفلسطينيون الكبار محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم تعرضوا للاعتقال قبل ذلك وكتبوا أشعارهم داخل السجون أيضا، والشاعر معين بسيسو كتب”دفاتر فلسطينية” عن تجربته الاعتقالية في سجن الواحات في مصر أيضا.كما أن أدب السجون والكتابة عنها وعن عذاباتها معروفة منذ القدم عربيا وعالميا أيضا، فقد كتب الروائي عبد الرحمن منيف روايتي”شرق المتوسط” والآن هنا” عن الاعتقال والتعذيب في سجون دول شرق البحر المتوسط. وكتب فاضل الغزاوي روايته” القلعة الخامسة” وديوان الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم”الفاجوجي”.ومنها ما أورده الأستاذ محمد الحسناوي في دراسته المنشورة في مجلة”أخبار الثقافة الجزائرية” والمعنونة بـ”أدب السجون في رواية”ما لاترونه”للشاعر والروائي السوري سليم عبد القادروهي (تجربة السجن في الأدب الأندلسي- لرشا عبد الله الخطيب ) و ( السجون وأثرها في شعر العرب.. –لأحمد ممتاز البزرة ) و( السجون وأثرها في الآداب العربية من الجاهلية حتى العصر الأموي- لواضح الصمد )  وهي مؤلفات تهتم بأدب العصور الماضية ، أما ما يهتم  بأدب العصر الحديث ، فنذكر منها : ( أدب السجون والمنافي في فترة الاحتلال الفرنسي – ليحيى الشيخ صالح ) و( شعر السجون في الأدب العربي الحديث والمعاصر – لسالم معروف المعوش ) وأحدث دراسة في ذلك كتاب “القبض على الجمر – للدكتور محمد حُوَّر”أما النصوص الأدبية التي عكست تجربة السجن شعرا أو نثرا فهي ليست قليلة، لا في أدبنا القديم ولا في الأدب الحديث: نذكر منها ( روميات أبي فراس الحمداني ) وقصائد الحطيئة وعلي ابن الجهم وأمثالهم في الأدب القديم. أما في الأدب الحديث فنذكر: ( حصاد السجن – لأحمد الصافي النجفي ) و (شاعر في النظارة : شاعر بين الجدران- لسليمان العيسى ) و ديوان (في غيابة الجب – لمحمد بهار : محمد الحسناوي) وديوان (تراتيل على أسوار تدمر – ليحيى البشيري) وكتاب (عندما غابت الشمس – لعبد الحليم خفاجي) ورواية “خطوات في الليل – لمحمد الحسناوي”. كما يجدر التنويه أن أدب السجون ليس حكرا على الفلسطينيين والعرب فقط ، بل هناك آخرون مثل شاعر تركيا العظيم ناظم حكمت، وشاعر تشيلي العظيم بابلونيرودا، والروائي الروسي ديستوفسكي في روايته”منزل الأموات” فالسجون موجودة والتعذيب موجود في كل الدول منذ القديم وحتى أيامنا هذه، ولن يتوقف الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
الشمس تولد من الجبل:لعل ستة الأسطر التي كتبها محمد البيروتي في مدخل الكتاب تغني عن قول الكثير فيما يتعلق بهذه الرواية، والتي كثف فيها أزمة التأريخ لمسيرة الشعب الفلسطيني المعاصرة، ولفت فيها الانتباه الى أن ما كتب حتى الآن “سيرة انحصرت في الذات” ويضيف البيروتي:”هذه محاولة لإضفاء مزيد من الضوء عبر النبش في ذاكرة عريف في جيش التحرير عايش قطاعا محددا من أحداث اتسمت بالبطولة والتضحية”.ص4. وهذا أيضا يدعو إلى التساؤل حول من كتب هذه الرواية؟ هل هو موسى الشيخ وحده، أم أن محمد البيروتي اشترك معه في كتابتها؟ وإذا ما اشترك الاثنان في كتابتها فلماذا اعتبرها البيروتي”ذاكرة عريف في جيش التحرير”؟ أم أنّ موسى الشيخ قد نبش ذاكرته، واستعاد أحداثا وقعت معه وشاركه البيروتي في صياغتها، لتخرج إلى القارئ بين دفّتي هذا الكتاب، وهذا ما أميل إليه بعد قراءة “الرّواية” التي هي عبارة عن جوانب من السيرة الذاتية لكاتبها؟ لكنّها في الأحوال كلّها صدرت باسميهما ونحن نحترم ذلك، وإن كان من حق القارئ أن يتساءل كيفما يشاء، وهذا لا ينتقص من قيمة هذا العمل، بل إن التساؤلات تكون في صالحه.المضمون: الرواية عبارة عن جوانب من السّيرة الذاتية لمناضل فلسطيني، ركّز فيها على طفولته منذ ولادته في قرية عقربا قضاء نابلس، وعمله في الزراعة والكسّارات في طفولته، ثم هجرته إلى الكويت ليعمل هناك، والتحاقه بحركة القوميين العرب، ثم التحاقه بجيش التحرير الفلسطيني، وتدريبه في معسكرات الجيش العراقي، ثم التحاقه بالثورة الفلسطينية كمقاتل في صفوف الجبهة الشعبية التي تشكلت بعد حرب حزران 1967 كذراع عسكري لحركة القوميين العرب، ثم انتقاله الى صفوف حركة فتح بعد معركة الكرامة في 21 آذار-مارس- 1968. ليكتب لنا عن مشاهداته وذكرياته عن مشاركاته ومشاركة غيره في أعمال مقاومة الاحتلال، إلى أن وقع أسيرا بعد معركة ضارية، لينتقل النضال من ساحات القتال إلى خلف القضبان في سجون الاحتلال، حتى تحريره في صفقة تبادل الأسرى عام 1985.أهمية هذا العمل: تنبع أهمية هذا العمل أنّه يسجل لبداية انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، من خلال شخص شارك فيها، وهو هنا يكتب مشاهداته وذكرياته التي عاشها وعايشها، تماما مثلما سجّل وإن بشكل سريع عن حياة الريّف الفلسطيني، من خلال ما كتبه عن طفولته في قريته عقربا قضاء نابلس، وهي قضية مهمة أيضا، خصوصا وأن الدراسات عن الحياة الاجتماعية في فلسطين تكاد تكون معدومة. والرواية هنا لم تكتب تاريخ الثورة الفلسطينية، بل كتبت شيئا من هذا التاريخ عايشه الكاتب أو كاتبا هذا العمل. كما أنّها تسجّل أيضا عن معاناة الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال منذ بدايات الاحتلال وحتى العام 1967.وهناك جوانب لافتة في هذا التأريخ لا يعرفه كثيرون ممّن لم يعايشوا تلك المرحلة، أو حتى عايشوها لكنهم لم يشاركوا في أحداثها، ومنها على سبيل المثال أن حركة فتح هي الفصيل الفلسطيني الوحيد الذي خاض معركة الكرامة وبقرار من قيادتها، وتحديدا بقرار من رأس حركة فتح الراحل ياسر عرفات. في حين أن هناك أفرادا من تنظيمات أخرى شاركوا في المعركة طواعية منهم وفي مخالفة واضحة لأوامر قياداتهم، كما تتحدّث عن المشاركة البطولية للجيش الأردنيّ في تلك المعركة. ومثال آخر هو مشاركة الأمير الكويتي فهد الأحمد الجابر الصباح في الثورة الفلسطينية، وقتاله في صفوفها، إلى أن عاد إلى بلاده بعد معارك أيلول 1970 بين الجيش الأردني وعناصر المقاومة الفلسطكينية، والتي أسفرت عن خروج المقاومة الفلسطينية من الأردن وانتقالها إلى لبنان. ومن الجدير ذكره أن الأمير فهد الصباح  لقي مصرعه في العام 1990 وهو يقاوم الجيش العراقي الذي احتل الكويت في حينه.ولم ينس الكاتبان الحديث عن مناضلين فلسطينيين وعرب شاركوا في المقاومة، ومنهم من سقطوا شهداء، أو وقعوا في الأسر.الأسلوب: بداية يجدر التنويه إلى أن هذا العمل هو أقرب إلى السيرة الذاتية أو المذكرات منه إلى الرواية، والقارئ لهذا العمل سيجد أن الكاتبين اتخذا أكثر من أسلوب في كتابته، فهناك القصّ والرّويّ والحكي والتقرير الاخباري، وهذه أساليب قد لا تخلو منها أيّ رواية.وعنصر التشويق واضح في هذا العمل.؟وماذا بعد: يشكل هذا العمل إضافة نوعية للمكتبة الفلسطينية بشكل خاص والعربية بشكل عام.”ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع”19-7-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات