التحليل الأدبي في القصة والرواية في اليوم السابع

ا

القدس:13-6-2019 –
استضافت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس أستاذ الأدب في جامعة ببت لحم أ. سامي قرة لإعطاء محاضرة بعنوان: التحليل الأدبي للقصة والرواية، فقال:
1. التجربة الأدبية
للأدب وجود مادي – أي أن المادة الأدبية بجميع أشكالها نجدها مكتوبة أو مطبوعة على أوراق وهذه الأوراق تشكل كتابًا وهذا الكتاب له وزن ويحتل مساحة معينة. أمّا تجربتنا في قراءة ما يحتويه الأدب لا سيما قراءة القصص والروايات ليست تجربة مادية ولا تتصل بالعالم المادي من حولنا لأننا عندما نقرأ رواية أو قصة قصيرة مثلا نتوقف عن عمل أي شيء، ويتوقف سير حياتنا الاعتيادية فنرى أنفسنا ننفصل عن الأصدقاء والعائلة والعمل، وننسحب مؤقتًا إلى عالمنا الخاص بعيدًا عن عالم الواقع. فيمكننا أن نقول إذن أن القراءة شكل من أشكال الهروب من الواقع. وإذا أردنا إجراء مقارنة في هذا المجال فيمكننا القول أن عملية القراءة بهذا المعنى تشبه إلى حد ما تلاوة الصلاة، حيث في كلتا الحالتين نترك العالم الخارجي الذي نعيش فيه وراءنا وننتقل إلى عالم آخر لا يمت إلى عالمنا الواقعي بصلة.
وتجربتنا في القراءة تشبه الحلم لأن عند القراءة تتوقف حركة الجسم ويصبح جسدنا خاملا لكن يبقى عقلنا يقظًا ومخيلتنا حيّة ونشاطنا الفكري مفعمًا بالحيوية. والأدب القصصي الذي نقرأه يتحدث عن عالم افتراضي وعالم غير ملموس وغير حقيقي سواء أكان هذه العمل كتاب في التاريخ أو قصة علمية خيالية وذلك لأننا لا نستطيع أن نؤثر فيما نقرأ ولا نستطيع أن نؤثر على المادة المقروءة التي بين أيدينا. فلا يمكننا مثلا التأثير على مجربات الحرب الأهلية الأسبانية التي نقرأ عنها في رواية علي رجل المبادئ والنضال للكاتب حسين ياسين، ولا نستطيع أن نفعل شيئًا كي ننقذ حياة سهام في رواية المرجان البري للكاتب يعقوب بولص أو أن نساعد الصبية فدوى في التغلب على المعيقات التي رسمها لها المجتمع الذكوري وتحقيق ذاتها في كتاب فدور طوقان… الرحلة الأبهى للكاتب محمود شقير. ولكن من ناحية ثانية، يتأثر القارئ بما يقرأ وهو يشارك بفعالية فيما يقرأ، فينخرط في الأحداث ويتفاعل معها على الرغم من عجزه في تغييرها أو التأثير عليها. يتأثر القارئ بأحداث القصة لكنه لا يتأثر بما تتمخض عنه تلك الأحداث من عواقب، فإذا قرأنا في رواية ما مثلا عن مأساة هيروشيما وناغازاكي في الحرب العالمية الثانية وقتل مئات الآلاف من الناس وتدمير المباني وحرق الحقول فإننا لا نتأذى بما يحدث وننهي قراءة الرواية دون أي خدش على جسدنا، لكن من الناحية العاطفية والفكرية فإننا نتأثر كثيرًا لأننا نقرأ عن تجربة فريدة ومختلفة ومأساوية في تاريخ الإنسانية، فنكون قد خضنا تجربة غنية بالفعل رغم قساوتها. نسمي هذه التجربة بالتجربة الأدبية.
فجميع المناقشات التي نجريها هنا في ندوة اليوم السابع وكافة التعليقات والملاحظات التي ندلي بها عند قراءة رواية أو قصة قصيرة تهدف في الأصل إلى إثراء تجربتنا الأدبية وتعزيزها. وعندما تطلب المعلمة من تلميذاتها في الصف مثلا قراءة قصة معينة والإجابة على الأسئلة المتعلقة بها فهي هنا تسعى إلى خلق علاقة ما بين القصة والتلميذات وتهيئهن لخوض تجربة أدبية خاصة. وجميع التمارين الأدبية التي يُجريها طلابنا وطالباتنا في المدارس والجامعات هي وسائل لإثراء تجربتهم الأدبية وإعدادهم لعملية القراءة، أو عملية المواجهة ما بينهم بوصفهم قرّاء والقصة التي أمامهم، وينشأ عن هذه العملية علاقة حميمية بين القارئ والقصة تشبه علاقة الحبيب بحبيبته.
2. الأدب محاكاة للواقع
يعتمد فهمنا للأدب القصصي أو الروائي الذي هو أصلا ادبًا خياليًا على قدرتنا في خلق رابط أو علاقة بين ما نقرأ والعالم الواقعي الذي نعيش فيه. والأدب كما نعرف يحاكي الحياة، أي أن هناك صلة قوية بين الأدب والحياة. في الحقيقة الحياة هي موضوع الأدب. الحياة تزود المواد الخام والأدب بدوره يعرضها بشكل فني. والأدب هو تواصل خبرة الكاتب مع الحياة وأيضًا تواصل خبرة القارئ الحياتية مع النص الذي يقرأه. والحياة عبارة عن مشاعر وأفكار وأحداث نحاول أن نكتشفها وندرك معانيها عن طريق استخدام اللغة، فكل مرة نستخدم فيها الكلمات أو اللغة فنحن نشارك في عملية الاكتشاف والفهم هذه، وفن كتابة القصص هو أحد الأساليب المستخدمة لاكتشاف العالم من حولنا ولفهمه بشكل أكبر، وليس فقط العالم المعاصر بل أيضًا العالم القديم. فمن يقرأ ثلاثية غرناطة للكاتبة رضوى عاشور يكتشف ويتعلم الكثير عن سقوط الأندلس وأفول الدولة الإسلامية فيها بعد 800 عامًا من الحكم. والقارئ عندما يقرأ ثلاثية نجيب محفوظ يصل إلى فهم أكبر للأحوال الاجتماعية والسياسية التي كانت تسود المجتمع المصري في النصف الأول من القرن العشرين. ومن يقرأ كتاب ربيع حار لسحر خليفة يستطيع أن يلمس الواقع الجديد لمدينة نابلس بعد قدوم السلطة إليها. من هنا نستطيع القول أن الأدب الروائي أو القصصي يساعد على إدراكنا للواقع الذي نعيشه وللتجارب الحياتية التي نمر بها مما يعمق فهمنا لذواتنا وعلاقتنا بما حولنا وإدراك المواقف التي نمر بها، ومن ناحية أخرى يفتح أمامنا أفاقا من التجارب التي إن لم نخضها على أرض الواقع فإننا على الأقل نخوضها عن طريق الخيال، مما يوسّع نطاق تجاربنا الحياتية. فالشباب الفلسطيني لم يختبر النكبة لكنهم عندما يقرأون روايات غسان كنفاني مثلا يتعرفون على ما حلّ بأهاليهم وبشعبهم في منتصف القرن الماضي يستطيعون أن يعيشوا النكبة بخيالهم ويتأثرون بما حدث كما لو أنهم عانوا منها شخصيًا. فالأدب القصصي الروائي يخلق إمكانيات مذهلة لإثراء الخبرات والتجارب الحياتية للقارئ.
قلت في بداية حديثي أن القراءة تشكل وسيلة للهروب من الواقع، لكنها في نفس الوقت هي عبارة عن أداة أو وسيلة للعودة إلى الواقع، لأنه كما ذكرت الأدب هو تمثيل أو محاكاة للواقع ويعتمد فهمنا له على قدرتنا الربط بينه وبين الواقع. لكننا لا نقرأ فقط كي نفهم الحياة أو نفهم أنفسنا أو نفهم واقعنا، بل نقرأ أيضًا من أجل المتعة، ولكي نستمتع بما نقرأ يجب أولا
3. عناصر الرواية
كي نفهم الرواية جيدًا لا بد لنا من النظر لأهم عناصرها، وهي الحبكة والشخصيات والمعنى (أو الموضوع الرئيسي). بالطبع هناك عناصر أخرى مثل الراوي والمكان والزمان والأسلوب والصراع واللغة، لكنني هنا ساتحدث فقط عن كل من هذه العناصر الثلاثة.
أ‌. الحبكة
يوجد حركة مستمرة في الخيال الروائي، فتعتبر القصة قصة لأنها تتحدث عن عملية تغيير، فيمكن للشخصية أن تتغير لأن ما يحدث يحدث لشخصية ما ويؤثر عليها، فالحبكة والشخصية يسيران دائمًا جنبا إلى جنب ولا يمكن فصلهما؛ ويمكن للظروف التي تعيشها الشخصية أن تتغير، (و يمكن لرؤية القارئ ومفهومه عن الحياة أن تتغير بعد القراءة). وكي نفهم القصة علينا أيضًا أن نتمكن من رؤية هذه الحركة وتفسيرها. وعندما ندّرس الرواية فإننا نشدّد على عملية التفسير وأهميتها، لكننا لا يمكن أن نفسر ما لا نراه أو نفهمه في الرواية. ولمساعدة القارئ على رؤية الحبكة فإنني اقترح الخطوات التالية لاتباعها أثناء القراءة وبعد القراءة.
1. التركيز على بداية القصة ونهايتها. فالحركة في الرواية هي دائما حركة من وإلى. والبداية والنهاية تعطينا صورة عامة عن الاتجاه الي ستتخذه الرواية. وإذا كانت الأحداث تتبع تسلسلا زمنيًا يسهل على القارئ تحديد البداية والنهاية، أمّا إذا اعتمد الراوي أثناء السرد على التداعي الحر أو على الاسترجاع (flashback) أو على الاستباق (foreshadowing) فعلى القارئ ان يبذل جهدًا أكبر ويقرأ جيدًا ويستخدم ذكائه في تحديد بداية الحدث ونهايته.
2. تحديد الشخصية الرئيسية: قد يكون هناك شخصية رئيسية واحدة أو عدة شخصيات وهذه الشخصيات هي التي يجب أن نهتم بها لأن ما يحدث في العمل الروائي يحدث لها. ما هي المواقف لتي تمر بها الشخصيات الرئيسية؟ كيف تتأثر بها؟ وكيف تتغير؟ هل الشخصية ديناميكية تتطور كما تتطور وتنمو شخصية طلال في قصة طلال بن أديبة للكاتبة أريج يونس أم هي ثابتة لا تتغير ولا تتأثر بما يجري حولها مثل شخصية آدم في رواية قضية في المدينة المقدسة للكاتب الشاب اسحاق الطويل. وهذه النقطة تنطبق على كافة روايات التشكيل (bildungsroman) التي تتحدث عن نشأة المؤلف. فإذا نظرنا إلى رواية عداء الطائرة الورقية للكاتب الأفغاني خالد حسيني نجد أن من ضمن المواضيع الشيقة التي تتضمنها الرواية موضوع بداية حياة خالد حسيني لمهنة الكتابة ومدى تأثره بالأوضاع الاجتماعية والسياسية والأحداث المضطربة من سقوط للنظام الملكي في أفغانستان، مروراً بالتدخل العسكري السوفييتي، فنزوح اللاجئين إلى باكستان والولايات المتحدة ومن ثم صعود نظام طالبان. يقول خالد حسيني في روايته أن “القصص الحزينة تصنع كتباً جيدة” ويمكن أن نضيف إلى ذلك أن الكاتب الجيد يصنع قصصًا جيدة.
3. ما هي مراحل التغيير التي تمر بها الشخصية: متابعة تغير ظروف الشخصية المادية أو حالته الذهنية، وهذه المتابعة تؤدي إلى فهم الشخصية بشكل أفضل وإلى الحالة التي يصل إليها في نهاية الرواية. ومن خلال متابعة هذه المراحل يمكن للقارئ أن يكتشف كيف ولماذا حصل التغيير في حياة الشخصية أو حالتها الذهنية.
4. ما هي الأحداث التي تعيق من تقدم الحبكة والوصول إلى نهايتها: عادة ما يثير اهتمامنا في الحدث أو حبكة الرواية هو العوامل التي تؤدي إلى وصول الحدث إلى نهايته ولكن قليلا ما نعطي اهتمامًا للعوامل التي تعيق من وصول الحدث إلى نهايته. فمثلا، في القصة التي تتحدث عن الزواج يمكننا أن نفكر بالأحداث التي تعيق تحقيق هذه النهاية السعيدة كما نرى في رواية نسيم الشوق مثلا للكاتب جميل السلحوت. وإذا عرفنا هذه المعيقات نعرف بشكل افضل الاتجاه التي ستتخذه الحبكة.
5. في الرواية الطويلة يجب أخذ الأحداث المختلفة بعين الاعتبار. فعادة ما تحتوي الرواية الطويلة على العديد من الأحداث فهناك الحدث الرئيسي والحدث أو الأحداث الفرعية وكل من هذه الأحداث لها شخصياتها، وقد ترتبط بعضها ببعض أو لا ترتبط، ومعرفتنا لكافة الأحداث تؤدي إلى فهم أكبر للرواية، ويمكننا أن نخلق روابط ثيمية (thematic) بينها مما يساعدنا على معرفة وإدراك المعنى الكلي للرواية.

ب‌. الشخصيات: يجب أن لا نتعامل مع الشخصيات في العمل الروائي على أنها شخصيات حقيقية، فهي إلى حد كبير تشبه الشخصيات الواقعية وايضًا إلى حد كبير تختلف عنها. وفي الروايات والقصص الواقعية يحاول الروائيون التشديد على الشبه الكبير بين الشخصيات التي يخلقونها والإنسان العادي، أي أنهم يحيطون شخصياتهم بتفاصيل مستوحاة من الحياة، كما أنهم يحاولون سرد أحداث هي أيضًا مأخوذة من أحداث قد تحصل في الحياة العادية. ولذلك يميل كتاب الروايات الواقعية إلى التخلي عن الأحداث الخيالية التي لا تناسب شخصياتهم والتي من المفترض أن تجسد أو أن تشكل نموذجًا للحياة العادية. لذلك فهم يشدون انتباه القارئ إلى الشخصية وليس إلى الحدث في حد ذاته.
وباستخدام معرفتهم في علم الاجتماع وعلم النفس يقدم لنا الكتاب الواقعيون دروسًا كثيرة في الطبيعة البشرية او طبيعة الإنسان: دوافعهم وغرائزهم وضمائرهم وشعورهم كل هذه أصبحت النقاط المركزية في الرواية الواقعية. ومن أفضل الأمثلة على ذلك ظهور توجه جديد في طريقة السرد يُعرف باسم أسلوب التداعي الحر(stream-of-consciousness) الذي من خلاله يمنحنا الروائيون صورة عن العملية الذهنية التي تلتقي فيها الانطباعات عما تسمعه أو تراه الشخصية بأفكارها المشوشة ورغباتها التي تنشأ من عقلها الباطني.

يمكننا النظر إلى الشخصية إمّا أنها تمثل فردًا له طابع خاص متميز ينفرد به عن الآخرين مثل شخصية علي في رواية علي رجل المبادئ والنضال، أو أنه يمثل فئة أو مجتمعأ أو طبقة اجتماعية كما في شخصية وحيد آل سالم في رواية هذا الرجل لا اعرفه للكاتبة ديمة السمان والذي يمثل الجيل الجديد الذي تقع على عاتقه مسؤولية إعادة بناء الوطن واسترجاع أمجاده التي فقدها. وإذا ركز المؤلف على شخصية متميزة منفردة فهذا كي يحصل على تعاطفنا مع هذه الشخصية. وفي كثير من الأحيان في الروايات الواقعية تمثل الشخصية الرئيسية طبقة اجتماعية أو فئة معينة أو حتى فكرة معينة. مثلا شخصية سامي في رواية نسيم الشوق للكاتب جميل السلحوت يمثل فكرة أو مبدأ التسامح الديني.
ت‌. المعنى:
من الأسئلة الشائعة التي يسألها مدّرس الأدب لطلبته هذا السؤال: “ما موضوع هذه القصة؟” أو ما هو المعنى المقصود من وراء هذه القصة؟” وفي الحقيقة هذا من أصعب الأسئلة التي يمكن أن نسألها لطلبتنا لأنه يتطلب دراسة أو قراءة القصة بدقة ثم الانتقال من القصة نفسها إلى عالم الأفكار والتجارب. وكما ذكرت سابقًا في مطلع حديثي كي نتمكن من فهم مغزى أو معنى قصة ما علينا أن نربط بين عالمها الداخلي والعالم الخارجي. وهذا الربط بحد ذاته يشكل المعنى. فالمعضلة التي يواجهها القارئ في محاولته اكتشاف المعنى هي أن يقرر مدى التطابق بين ما تتحدث عنه القصة وبين ما هو فعلا موجود في العالم من حوله. فهل الأفكار التي تتحدث عنها القصة فعلا موجودة في العالم الذي نعيش فيه؟ هل مثل هذا الربط موجود ضمنيًا داخل القصة أم أن القارئ يفرضه عليها نتيجة معرفته وذكائه وتجاربه؟ وعند الانتقال من عالم القصة إلى العالم خارج القصة فنحن ننتقل من الخاص إلى العام. مثلا اذا كانت القصة تتحدث عن زوج وزوجته يمكننا استنتاج الكثير عن العلاقات الزوجية الإنساتية في هذا الجانب. فعلى القارئ أن يكون ذكيًا كي يتمكن من تحقيق هذا.
ويمكننا أن نتحدث أيضًا عن المعنى السطحي للقصة والمعنى العميق. فكثيرًا من القصص تحمل معان ضمنية غير المعنى الذي قد نستنتجه من قراءة سطحية للأحداث. وهذا ما نجده في رواية هذا الرجل لا أعرفه مثلا.
وهنالك عدة خطوات يمكن أن يتبعها القارئ أثناء القراءة كي يتمكن من إعطاء معنى عام للقصة أو الرواية. أولا، التفكير بالعنوان. يمكن للعنوان أن يوجهنا إلى الاتجاه العام للقصة أو الرواية أن يلفت انتباهنا إلى عنصر أو جانب معين من القصة أو الرواية. ثانيًا، ما يقوله أو يعلق عليه الراوي، وفي هذا الصدد علينا دائمًا أن نتحقق من مصداقية الراوي. ثالثا، ما تقوله الشخصيات. رابعًا، الرموز، والتكرار، وغيرها من عناصر الأسلوب الروائي. هذه كلها عوامل تساعدنا على فهم القصة وربطها بواقع الحياة.
لكن الربط مع واقع الحياة يحتم علينا أيضًا أن نعكس الواقع الذي نعيشه على القصة أو الرواية. فروايات نجيب محفوظ أقرب مثلا إلى القارئ المصري منها إلى القارئ السوري لأن القارئ المصري يعيش الواقع الذي يتحدث عنه محفوظ في رواياته. وكذلك الأمر مثلا بالنسبة للروايات التي تتحدث عن الأفارقة في أمريكا ومعاناتهم، فهم أقرب إلى ما يقرأون. أو الأدب الفلسطيني فهو أقرب إىل الفلسطينيين. لكن من ناحية أخرى أي قارئ يفهم معنى العدالة والظلم والمساواة والاضطهاد سيتمكن من فهم مثل هذه الروايات وكيف أنها تؤثر على حياة الأفراد والجماعات.
ويمكن للقصة الواقعية أن تشير إلى جانب من الحياة كنا قد واجهناه في حياتنا لكننا لم نفهمه أو نقدره بالشكل الصحيح، ولهذا يمكن للقصة أن تساعدنا على فهم التجارب التي نخوضها في حياتنا. وبطريقة أو بأخرى فالقارئ دائمًا يسقط حياته وتجاربه الشخصية على ما يقرأ. وفي هذا نرى أهمية التفاعل بين القارئ وما يقرأ لاستحضار معنى النص المقروء.
وبعدها تم فتح باب النقاش، حيث شارك رواد الندوة بمداخلات قيمة أغنت النقاش.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات