القدس: 20-6-2019 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس ثلاث قصص أطفال للأديب جميل السلحوت، والقصص هي:
ميرا تحب الطيور، النمل والبقرة وكنان وبنان يحبّان القطط، وقد صدرت القصص التي رافقتها رسومات فاطمة جبر، وصمّم غلافها صالح أكرم في الأسابيع القليلة الماضية عن دار الياحور للنّشر والتّوزيع في القدس.
افتتحت النقاش ديمة جمعة السمان فقالت:
ثلاث قصص للأطفال تربوية تعليمية إنسانية شيّقة
السلحوت يبث من خلالها رسائل وطنية غير مباشرة.
ثلاث قصص موجهة للأطفال بقلم الأديب جميل السلحوت الذي تميز بعشقه للأطفال .. لذلك أتقن الكتابة للصغار كما أتقن الكتابة للكبار.. يستمتع بكل لحظة يعيشها أبا وجدّا مع أطفال الأسرة.. يلحظ أدق التفاصيل.. يرقبهم ويستمتع بتصرفاتهم الطفولية وردات أفعالهم ..يسجلها.. يراهم في أحلام اليقظة كبارا أذكياء .. ويكتب عنهم كما يتمناهم حتى وهم لا زالوا رضّعا.
كتب عن طفولة أبنائة الثلاثة وهم أطفال.. واليوم يكتب عن طفولة أحفاده بعين الجد المحب العاشق لبراءة الطفولة.
كتب عن لينا ابنة ابنه قيس ، عنون القصة باسم الدلع ” لنوش” عندما كان رضيعة.. كان عمرها لا يزيد عن بضعة أشهر.. وإذ بنا نقرأ عن لنوش الطالبة الذكية المتميزة التي أبهرت معلمتها الحامل، ورأتها نموذجا يحتذى به، مما دفعها لزيارة والدة لينا لتتعلم منها وتستمع إلى نصائحها؛ لتتبعها مع مولودها المنتظر.
واليوم يكتب عن ميرا ابنة قيس الثانية.. يلحظ ذكاءها المتميز، فيطرح أسئلة جميلة عميقة على لسانها، لها علاقة بحق المرء بالحصول على حريته.. إذ أرادت أن تحرّر الطير من القفص، لكنه أبى وعاد لقفصه سعيدا بسجنه، حيث الماء والطعام متوفر دون جهد ولا تعب. فانتهت القصة على لسانها تقول: “لا حاجة لي بطائر سجين لا يسعى إلى حريته”
جملة تحمل معنى عميقا.. رسالة واضحة صريحة لكل من يرضى بذله مقابل أن يعيش مرتاحا.. لا يبذل جهدا من أجل لقمة عيشه. بالاضافة إلى أن القصة احتوت على معلومات يجهلها الكثيرون عن طائر الحسون.
أمّا قصة الحفيدين كنان وبنان طفلي ابنته أمينة، فيطرح من خلال حوارهما قضية إنسانية تؤكد حاجة الأطفال إلى أمّهم ودورها في رعايتهم حتى يصلوا إلى برّ الأمان.. يمرّر من خلال القصة نصائح غير مباشرة للطفل تعمل على تعديل سلوكياته، تدعوه إلى الرأفة بالحيوان. بالاضافة إلى أن الكاتب أيضا قدّم معلومات عن القط وطباعه.
والقصة الثالثة بعنوان ” النمل والبقرة” وهي قصة تزخر بالرسائل الاجتماعية والانسانية والوطنية بشكل جميل سلس غير مباشر.
أولا: على المرء أن لا يزدري أو يستخف بمن هو أصغر منه حجما أو مكانة.
ثانيا: على المرء ألا ييأس، بل عليه المحاولة أكثر من مرّة لاسترجاع حقه المغتصب.
ثالثا: بالارادة والتعاون والتخطيط يحقق المرء مبتغاه.
في قصة النمل والبقرة استطاع النمل أن يجعل من البقرة كبيرة الحجم أضحوكة، بعد أن رمت بجسدها على الأرض لكي ترتاح، فهرست مئات من النمل دون شفقة أو رحمة، بل نظرت اليهم نظرة ازدراء واستخفاف، وأغلقت بجسدها أبواب قريتهم حيث يدخلون محملين بما لذ وطاب؛ ليخزنوه للشتاء القادم. ولكنهم أصروا أن ينالوا منها ويسترجعوا حقهم المغتصب، فهجموا عليها مجتمعين يقرصونها في كل مكان في جسدها، فنهضت مذعورة تركض في كل اتجاه كالمجانين، فانتصروا عليها، ولقنوها درسا لن تنساه، لدرجة أنها منعت عجلها من الاقتراب من قرية النمل كي لا يتعرض لذات التجربة.
وهنا نلحظ بأن الكاتب بث من خلال قصصه ثلاث رسائل وطنية غير مباشرة للطفل:
– السعي إلى التحرر، ورفض العبودية.
– التمسك بالأرض والوطن.
– بالوحدة نحقق مبتغانا وننتصر على العدو مهما كان قويا.
أمّا بالنسبة للغة فهي بسيطة، لا تتعب الطفل، شيقة، تسلسل أحداثها منطقي، أغلفتها مغرية للطفل، ولكن يا حبذا لو أن رسوماتها بالداخل كانت ملونة، وأكثر دقة وأكثر جمالا، فالطفل تجذبه الألوان والرسومات.
وقال الدكتور عزالدين أبو ميزر:
تتميّز القصص الثلاث بشكل عام بالأسلوب الشيّق والمميّز الّذي يتّسم به كاتبنا المبدع، والجاذب لعقليّة ونفسيّة الأطفال، وبالرّسومات الجميلة المعبّرة والمحبّبة للأطفال بريشة الفنّانة فاطمة جبر، وقام بتصميم الأغلفة صالح أكرم.
يبثّ الكاتب الجميل في قصصه الثلاث، رسائل تربويّة إنسانيّة هامّة،تعمل على تنمية عقول ونفسيّات الأطفال وتحثّهم على التّفكير والتّدبّر، للوصول الى النتائج المرجوّة من كل قصّة، بأسلوبه الرّائع السهل المحبّب الّذي برع فيه، إذ أنّ هذه القصص ليست الأولى له فقد سبقتها قصص كثيرة، متمنّين له دوام العطاء والإبداع.
وعودة إلى هذه القصص الثلاث كل على حدة، فقصّة النمل والبقرة تعطي للأطفال فكرة أنّ الضعفاء عليهم ألّا يستكينوا للضّعف وأنّهم باتّحادهم وتكاتفهم والعمل الدّائب يؤثّرون فى القويّ المعتدي عليهم ويرفعون عن أنفسهم الأذى والشّرّ.
وفي قصّة ميرا تحب الطّيور، وهي حفيدة الكاتب، يعطينا الكاتب أمثلة نرى أشباها لها في حياتنا الإنسانيّة، كقضيّتيّ الحرّيّة والعبوديّة، وخاصّة عندما أشفقت ميرا على الحسّون وأطلقت سراحه ونال حرّيته المطلقة وكيف عاد إلى القفص ثانية ورفض الحرّيٍة الممنوحة له. مما حدا بأحدهم أن يقول:
إذا مات السيّد فإنّ العبد يبحث عن سيّد آخر، لأنّه اعتاد العبوديّة.
وفي هذه القصّة أخطأ الكاتب في معلومتين اثنتين هما:
١- أنثى الحسّون لا تغرّد ولا تغنّي وأقول هذا بناء على معرفة وتجربة تتعدّى الخمسين سنة، وحالها حال كل الأنثيات المغرّدة، وإنما تبتبت فقط ويزداد تبتبتها فترة التزاوج، أمّا الذّكر فأذكر اسماء تغريداته للعلم فقط وليس نقدا للكاتب على عدم ذكرها وهي: التّتاعي- اللكلكة- اللبلبة- الزّلغوطة- السَنّ- (وهي نادرة جدا) الملالاة- البَرّ- الجمع- النّهريّة، وهي الخاتمة.وليس الكاتب مطلوبا منه معرفة كل ذلك.
٢- الطّيور الّتي شبيهاتها في البرّ ومنها الحسّون أشكّ برجوعها الى القفص مرة أخرى حتّى لو فقست فيه.
وفي القصّة الثالثة والأخيرة، وهي كنان وبنان
يبيّن لنا الكاتب انّ القطط أي (الهريرات) هي حيوانات اليفة وطيّبة ووادعة وتألف من يطعمها ويحنو عليها بكل سهولة ويسر ولا يحتاج ترويضها وقتا طويلا، وتحب الدّلال والمداعبة، ونسي كاتبنا أن يذكر أنها أثناء كل هذا تخفي مخالبها ولا تظهرها خشية أن تؤذي من يداعبها،وإذا وضع إصبعه في فمها فلا تعضّه إلا بكلّ لطف وحنّيّة.وهما نقطتان مهمّتان.
وبيّن لنا أنّ هذا اللطف والنّعومة تتحوّلان الى وحشيّة وشراسة تصل حدّ الإيذاء الشّديد في الدفاع عن أولادها الصّغار أو حشرها في مكان ضيّق فقد تقتل.
وكتب عبدالله دعيس:
تتنوّع كتابات الأديب جميل السّلحوت: فمن فنّ الرواية، إلى روايات اليافعين، إلى القصص المخصّصة للأطفال، إلى المقالات السياسيّة والاجتماعيّة العديدة التي ينشرها بغزارة وبتتابع ونفس طويل. يخاطب الشيخ جميل السلحوت قرّاءة باقتدار، كلّ حسب عمره وثقافته واهتماماته، لكن القاسم المشترك لجميع كتاباته هي العفويّة واللغة البسيطة القريبة من اللغة المحكيّة، والتي تصل إلى عقل القارئ وقلبه دون عناء فكّ حروفها ورموزها، والبعد الاجتماعي والتاريخي والتّعليمي لكتاباته، ومخاطبته لقلوب وعقول قرّائه بأسلوب مشوّق جذّاب، وإيصال أفكاره دون إثارة لنعرات الفرقة المستشرية في المجتمع وبين المثقّفين. فالقارئ لكتبه يخرج بالمتعة والفائدة والفكرة معا.
في هذه القصص المخصّصة للأطفال، يخاطب الكاتب الأطفال بلغة بسيطة يفهمونها، ومواضيع مثيرة لحسّهم وخيالهم وتسترعي انتباههم، فيحيك من حوادث بسيطة قصصا مسلّية ممتعة، يخرج منها الطفل بكمّ كبير من الدّروس والعبر، ويرفع مستواه في المعرفة واللغة.
ففي قصة (كنان وبنان يحبّان القطط) يتعلّم الطفل مجموعة من القيم أهمّها علاقة الأمّ بأبنائها ورعايتها لهم واستماتتها بالدّفاع عنهم، ويخرج بمعلومات كثيرة عن القطط وطريقة عيشها وسلوكها. ويركّز الكاتب في هذه القصة على إثراء قاموس الطفل اللغوي بمجموعة من المفردات والتراكيب الجديدة، حيث يستخدم أسلوب التصغير عندما يتحدث عن صغار الحيوانات (قطيطات، هريرات) ويتعمّد استخدام بعض الكلمات الجديدة وتكرارها حتّى ترسخ في ذهن الطفل.
أمّا في قصة (ميرا تحب الطيور) فإنّ الكاتب يهدف إلى ترسيخ قيمة الحريّة لدى الطفل بأسلوب جديد، حيث ينظر إلى الطير المأسور في قفص وهو يستسيغ حياة العبودية ولا يسعى لحريّته، وعندما تتاح له فرصة الحريّة يتنكر لها ويعود إلى سجنه! وهو بذلك يشير إلى الشعوب المقهورة التي تخضع لجلّادها ولا تحاول التّغيير، وكلما هُدم صنم تبني بيديها صنما آخر لتعبده، وإذا هلك حاكم متسلّط نصّب العبيد حاكما آخر يلسع ظهورهم بسياطه. وتعبّر ميرا عن هذه الفكرة ببساطة عندما تقول في نهاية القصّة: “لا حاجة لي بطائر سجين لا يسعى إلى حريّته.” بالمقابل فدور الأب والأمّ في هذه القصة سلبيّ، فهما يخضعان لرغبة الطفلة وإلحاحها، ويفرّقان بين الطفلتين بالمعاملة، والأمّ لا تعزّز مفهوم أهمية الحريّة لدى الطفلة، وإنّما تكتفي بإخبارها أن الطيور الأسيرة لا تستطيع العيش خارج أقفاصها.
وفي قصّة النمل والبقرة يركّز الكاتب على أهميّة التّعاون والتخطيط السليم في أي عمل، ويرسّخ في ذهن الطفل أن الضعفاء إذا اجتمعوا معا وتعاونوا وثابروا فإنّهم يهزمون خصمهم مهما كان قويّا أو متسلطا، أما التّكبّر وازدراء الآخرين فإن عاقبته وخيمة.
يصاحب النّصوص رسومات كريكاتيرية غير ملوّنة بريشة (فاطمة جبر) وهي في معظمها مناسبة للنصّ عدا في قصّة (ميرا تحب الطيور) فهي غير واضحة ولا تصاحب النّص حتّى نهايته. قد تثير الصور غير الملوّنة خيال الطفل وتشحذه، لكن بلا شكّ فإنّ الألوان (لو وجدت) كانت ستلفت إنتباهه بشكل أكبر وتجذبه إلى القراءة والتحليق في عالم الخيال.
والقصص تعليميّة بحتة، تسوق المعلومات إلى الطفل برتابة دون أن تجنح كثيرا إلى الخيال، أو القوى الخارجة عن الطبيعة والتي قد يحبّها الطفل وتحلّق به إلى عالم واسع من المتعة والإثارة. وفي بعض أجزاء القصص تصبح المعلومات سرديّة تلقينيّة طويلة أحيانا: مثل وصف طائر الحسّون، وهناك بعض الحشو وإن كان قليلا، مثل قول الكاتب: اشتريا كيس حبوب خاصّة زنته ثلاثة كيلوغرامات طعاما للحسّونين، فما علاقة وزن الكيس بالموضوع؟ وماذا يضيف إلى الفكرة؟
ربما كانت الفكرة في قصة (ميرا تحبّ الطيور) هي الأهمّ بين القصص الثلاث، لكنّ إخراجها وطريقة حبك القصة كانت الأقل تشويقا. أمّا (كنان وبنان يحبّان القطط) ففيها تركيز على اللغة، و(البقرة والنّمل) تحمل في طيّاتها القيم الفضلى. القصص الثلاث في مجموعها ترفع الطفل على أجنحة العلم والمعرفة، ولكنّها لا تحلّق به عاليا في عالم الخيال البديع.
وكتب محمود شقير:
نحن أمام قصص مكتوبة بأسلوب سهل سلس، وبلغة قريبة من مدارك الأطفال، وهي منشورة في ثلاثة كتب صادرة عن دار الياحور للنشر والتوزيع، وتجدر الإشارة إلى أن البطولة في اثنتين من القصص مسندة إلى الطفلات لينا وميرا وبنان، وهن حفيدات الكاتب، والطفل كنان وهو حفيده كذلك، ما يعطي القصص أبعادًا تربوية انطلاقًا من عناية الكاتب بأحفاده ووضعهم في بؤرة الضوء.
كل واحدة من القصص الثلاث تشتمل على قيمة تربوية جديرة بأن تكون في متناول وعي الأطفال. القيمة الأولى هي قيمة الحرية التي وردت في قصة “ميرا تحب الطيور” حيث تقوم ميرا بتحرير الحسّونين من القفص، لكنهما لم يبتعدا كثيرًا ثم عادا إلى القفص، ما جعل ميرا زاهدة في اقتناء طائر سجين لا يسعى إلى حريته.
ورغم أن الجملة التي اختُتمت بها القصة أكبر من وعي الطفلة، إلا أنها مقبولة ومبررة بالنظر إلى أهمية الحرية لبني البشر قبل غيرهم.
القيمة الثانية هي قيمة الأمومة التي وردت على نحو مقنع في قصة “كنان وبنان يحبان القطط”؛ حيث القطة التي تدافع عن صغارها، وأما القيمة الثالثة فهي قيمة الدفاع عن البيت، وبمعنى أشمل عن الوطن، التي وردت في قصة “النمل والبقرة” حيث النمل الذي تحدى البقرة واستمات في الدفاع عن بيته وعن وجوده، وكنت تمنيت حين قرأت القصة قبل نشرها، لو أن الكاتب ألصق بهذه البقرة بالذات صفة البقرة الشريرة، كي لا يكبر الأطفال على فكرة أن البقر؛ كل البقر يتصف بالشر، في حين أن البقر، كما هو معروف، قريب من حياة البشر، وهو مصدر مهم من مصادر غذائهم هم وأطفالهم.
وقالت رفيقة عثمان:
استلهم الكاتب قصص الأطفال من وجود أحفاده، يبدو أن مجال كتابة قصص الأطفال، يعكس الفترة الزمنيةّ التي يعيشها الكاتب، ووجود الدافع القوي؛ لإبداعات جديدة تغذي روح وعقل الأطفال.
القصة الأولى: البقرة والنمل، في هذه القصة، هدف الكاتب لإكساب قيمة أهميّة وقوّة الأجسام الصغيرة، وتغلّبها على الأجسام الكبيرة، كما تغلّب النمل على البقرة التي أغلقت منفذ النفق الذي تمر منه أسراب النمل. هدف آخر هو التركيز على التعاون والوحدة والإصرار، يكون حصيلته النجاح.
تخللت القصة مفردات جديدة لقاموس الأطفال، مثل: ( تجتر- قوائم – شرعت – هرس – مؤونة – تخزن – خطة محكمة أطبقت – مذعورة – ضد العدوان) كذلك تخللت القصة مفاهيم مختلفة حول حياة ومواصفات البقر؛ والنمل الذين ذكروا بالقرآن الكريم لأهميتهما.
إن الفكرة الرئيسية من القصّة هادفة ومفيدة، لتربية الأطفال نحو قيم تربويّة قيّمة؛ إلا أن استخدام البقرة كحيوان مؤذٍ لم يرق لي، لأن البقرة تعتبر معطاءة للإنسان، ربّما هذا الاستخدام يخلق الكراهية نحو البقرة في نفوس الأطفال، حيث تعتبر المصدر الأساسي لتغذية الإنسان وخاصة الأطفال، من حليب ولحوم وغيرها. بالإمكان استخدام حيوان آخر مثل الفيل مثلا.
يبدو لي أن هجوم النمل على أعضاء البقرة الحساسة مثل ضرعها، فيه نوع من العنف الجسدي، عند نهش لحمها وإهدائه للنمل المحجوز داخل النفق. هذه الصورة مؤذية لمخيلة الأطفال، وتُكسب صفة العنف، خاصة عند الدفاع عن النفس. بالإمكان إيجاد طريقة يستند فيها النمل على حيلة وذكاء، للتغلب على المشكلة بدلا من استخدام العنف الجسدي.
القصة الثانية: كنان وبنان يحبان القطط . اختار الكاتب القطط كحيوانات أليفة، ومحبّبة على نفوس الأطفال، فهو اختيار موفق. تهدف هذه القصة إلى عدم حرمان أطفال الحيوانات، وإبعادهم عن أمّهاتم؛ لأنهم يرضعون وبحاجة لرعاية أمهاتهم.
هنالك سبب آخر يدعو الأطفال للابتعاد عن الحيوانات الغريبة، وهو من الممكن أن تكون هذه الحيوانات مريضة، أو لديها مرض معدٍ، فمن الممكن أن يصيب المرضُ الأطفال عند لمسهم لهذه الحيوانات.
في هذ القصة أهداف تعليمية وتربوية، حول حياة القطط ومواصفاتها، كذلك إثراء في القاموس اللغوي للاطفال، مثل: ( احتج – أحضان – الهرير -الأفحص – نهشت – مخالب – تهاجم – تتفقد – قلقة – رمقت – تموء – تلعق – تهاجم – تنتف – تصطاد – تداعب ).
القصة الثالثة: ميرا تحب الطيور. تهدف هذه القصّة الى إكساب الأطفال قية معنى الحرّية، من خلال إطلاق سراح العصافير من القفص، والتي أبت أن تطير بل رفضا مغادرة القفص، وعبّر الكاتب على لسان الطفلة ميرا “لا حاجة لي بطائر سجين لا يسعى لحريته”.
هنا كانت النهاية مفاجأة وصادمة، على الرغم من قدر قيمتها، لم يُمهد الكاتب لحدث الحريّة، تفسيري لذلك يعود إلى تعلق الطفلة ميرا بالعصفورين، وصممت على اقتنائهما، وتنافست مع أخيها بالحصول عليهما، وفجأة قررت الطفلة ميرا إطلاق سراحهما، برأيي لم يكن قرار إطلاق سراح العصفورين موفقا؛ وليس مناسبا لعمر الطفلة أن تعبر عن الحرية، بهذا العمر يسعى الأطفال لامتلاك الأشياء وانتسابها لهم، ليس من السهل التنازل عن ممتلكاتهم، خاصة بعد أن ألِفت ميرا العصفورين الحسونين الجميلين وأحبّتهما، فليس من المنطق أن تطلق سراحهما فجأة، من الممكن أن تصدر هذه الحكمة والمقولة على لسان الأمّ الواعية.
وُجدت فجوة ما بين مشاعر الطفلة ميرا، وما بين منطق الكاتب الذي لم يراعِ مشاعرها، وأقحم موضوع الحرية والسعى من أجل الحصول عليها، على حساب المشاعر. يبدو التناقض واضحا عند إطلاق العنوان على القصة “ميرا تحب الطيور”.
في الثلاث قصص الأطفال، استخدم الكاتب لغة فصحى فيها ثروة لغوية جديدة، أضيفت لقاموس الطفل العربي، وكانت المفردات صعبة، والسرد فيه لغة الحوار بين الشخصيات.
تخللت القصص العاطفة، من الحب والألفة، بين الإنسان والحيوان، وعاطفة الأمومة عند الإنسان والحيوان.
تكاد القصص تخلو من الخيال، الذي يحبه الأطفال، فيحلقون بخيالهم الذي يحاكي عالمهم الواقعي.
بالنسبة للرسومات لم تكن ذات جودة عالية، فهي غامضة وغير واضحة.
تناسب هذ القصص للأطفال من جيل سبع سنوات لغاية تسع سنوات.
وقالت رائدة أبو الصوي:
شلال من العطاء للأطفال قدمه الكاتب جميل السلحوت، قصص فيها المتعة والفائدة
فيها الخيال والحث على البحث . فيها تربية وتعليم ،فيها انتقاء جميل للكلمات والحروف المناسبة للطفل ولليافع وحتى للكبير، فيها المعلومة والرسالة .
في قصة النمل والبقرة وصف لنا الكاتب طريقة أكل البقرة، وماذا تأكل؟ وفي أيّ الأوقات يوردها الراعي للنبع ،وتحدث عن الأبقار وكيف تجتر ما في معدتها .
معلومات قيمة للطفل تنطبع في مخيلته .
في القصة رمزية قوية عندما تحدث عن قرية النمل، وتحدث عن قسوة البقرة عندما هرست بجسدها الثقيل مئات من النّمل دون رحمة، تحدث عن صمود النمل ومحاولته للخروج من تحت البقرة الحلوب. تحدث عن التعاون والعمل المشترك
والوحدة . ابدع الكاتب في رسم الصورة . التخطيط للتخلص من البقرة . وكيف استطاع النمل تلقين البقرة درسا لا ينسى .
انتصار النمل على البقرة يثبت أن القوة ليست في ضخامة الأجساد بل القوة في الوحدة والتخطيط . وضع هدف والتخطيط لتحقيقه .
قصة مميزة ممتعة ياريت المركزين في المخيمات يستفيدون منها في المخيمات الصيفية، لأنها تحث على العمل الجماعي، وعلى الوحدة، وايضا مناسبة لرياض الأطفال والحضانات .
قصة كنان وبنان يصادقان القطط تتحدث عن المسؤولية وتحمل المسؤولية،عندما بدا الكاتب في سرد القصة،عندما فتح الستار على مشهد بطل القصة كنان وهو ينتظر أخته بنان البالغة من العمر 5 سنوات .
مشهد يفرح القلب ويوطد العلاقة بين الأخوة . عندما تقرأ المربية للأطفال هذا النص الجميل، ويشاهد الأطفال الصورة توثق لديهم الأخلاق الحميدة . ضرورة اهتمام الأخوة ببعضهم البعض والاستماع لتعليمات الأهل .
في القصة سرد لطيف جدا تحدث فيه الكاتب عن حياة القطط. معلومات قيمة تطرق لها الكاتب، الكلمات المستخدمة بسيطة منتقاة بعناية، قصة تحث على الرفق بالحيوان كما أوصانا به ديننا الحنيف، الكاتب أحسن الاختيار .وهذه القصة أيضا مناسبة للحضانات وللمخيمات .
أمّا قصة ميرا تحب الطيور ففيها التناغم والانسجام في الأسرة ،فيها الصدق والمصداقية.
أعجبني في القصة أسلوب صاحب المتجر في تسويق الطيور ،عندما قدم لقيس كراسة تتحدث عن طيور الحسون .هذه اللفتة من الكاتب تؤكد أن للكلمة وقع السحر على القاريء، كما كان لها تأثير على قيس وشجعته على شراء الحسّونين .
وصف جميل جدا لطائر الحسون
لون الريش الصغير الموجود على مقدمة وجهه باللون الأحمر القرمزي، مع امتداد للريش الأبيض على باقي وجهه وصولا للرقبة، حيث ينتشر الريش الأسود، كما يمتد الريش الأسود على طول ذيله وأطراف جناحيه، بينما ينتشر الريش الأصفر في منتصف الجناحين ، ويتوزع الريش البني على ظهر الحسون والريش الابيض على بطنه .هذا النص شجعني شخصيا على اقتناء طائر الحسون . للغة الجميلة التي استخدمها الكاتب .في نهاية القصة رمزية قدمها الكاتب وهي أن الحرية أغلى من العبودية، عندما تكون في قفص مسلوب الإرادة تفقد أهمّ ما يميزك وهو الحرية .
القفص يرمز للأفكار الدونية أمّا الحرية فترمز للافكار المستنيرة .
وكتبت هدى عثمان أبو غوش:
ثلاث قصص للأطفال،بلغة سهلة،بعضها تعتمد على السّرد والوصف، خاليّة من الحوار، والبعض الآخر فيها. تلك القصص تتمحور حول الحيوانات الأليفة وعلاقة الأطفال بها، ومن خلال هذه العلاقة يمرّر لنا الكاتب رسائل تربويّة هادفة، فيها المعلومة والإفادة .
قصة “النّمل والبقرة”،قصة جميلة تبيّن انتصار الضعيف على القوّي من خلال قوّة تأثير الإتحاد بين النّمل، وإصراره على محاربة البقرة، التّي تعدّت على مكان قريتهم.
في القصّة لم يخلق الكاتب حوارا بين النّمل والبقرة، من أجل حلّ المشكلة ،وإنّما كان القرار فورا بتلقين البقرة درسا في الأدب وعدم الكبرياء.
فقد اعتمد الكاتب على الوصف والسّرد بعيدا عن الحوار الذّي يجعل الطفل يتفاعل بحواسّه الذهنيّة والبصريّة مع القصّة ،ويقلّده ربّما مع الأطفال .
في قصّة “كنان وبنان يصادقان القطط” يقدّم الكاتب معلومات غنيّة للطفل عن القطّة، طعامها، رضاعتها، وعلاقة الأطفال وحبّهم للقطط. يستخدم الحوار والوصف.
من النّاحيّة اللّغويّة ،يكتسب الطفل مفردات جديدة لقاموسه الصغير ،مثل الأُفحوص(بيت القط)،هُرير ، قطيط.
في قصّة “ميرا تحب الطيور”، يرضخ الوالد لطلب ابنته،فيشتري لها الحسّون، بالرغم من عدم رغبته لأنه في عجلة من أمره.هذا السّلوك شائع في مجتمعاتنا العربيّة، وهنا يتعلّم الطفل من القصّة الإصرار والإلحاح حتى يستجاب له.
جاءت النهايّة غير سعيدة ، وحبذا لو أنهاها الكاتب بسعادة تفرح الطفل، فالأطفال يحبّون المرح بعيدا عن ملامح الحزن، وعدم تخلّي ميرا عن الحسون، فالنهايّة فيها فلسفة رمزيّة، تحث على البحث عن الحريّة والتّمسك بها، تقول ميرا”لا حاجة لي بطائر سجين لا يسعى إلى حرّيته”.وهذه الرّمزيّة أو الجملة قد تكون غير واضحة عند ذهن الطفل، وقد تخلق كراهية عند الطفل من الطيور التّي تكون في الأقفاص.
وقالت دولت الجنيدي:
ثلاث قصص للاطفال تأليف الكاتب والاديب المميز جميل السلحوت الغني عن التعريف، وله عدة مؤلفات قصص وروايات للكبار واليافعين والاطفال . وهو ابن فلسطين البار أحبها وكتب عنها، وتناول في كتبه مشاكل قريته ومدينته وفلسطين كلها أرضها وسهولها وجبالها وتاريخها، ومشاكل المجتمع الفلسطيني بمختلف طبقاته، والظروف الحياتية لكل طبقة في المجتمع، وأسلوب الحياة في كل مرحلة. .كتب عن أهلها ثوار وعمال وسياسيين وكادحين، ووثّق أحداثا تاريخية في قصصه ورواياته، ولا يزال يكتب على صفحة ندوة اليوم السابع الذي هو أحد مؤسسيها عن
المشاكل اليومية لبلاده وما يحيط بها في العالم .وجميع كتاباته بأسلوب شيّق سهل يفهمه الجميع. وأمّا من الناحية اللغوية والأدبية فأترك ذلك لمن هم أهل لذلك .
وحديثنا اليوم عن الثلاث قصص للأطفال المذكورة آنفا، وهي قصص تعليمية تثقيفية تهذيبية تشجع الأطفال على التفكير والبحث، وأخذ العبر من الأفكار التي تضمنتها. وأهمّ شيء في هذه القصص أنها قصص قصيرة لا يشعر القارئ بالملل من قراءتها؛ لأن معظم الاطفال ليس لهم جَلد أو نَفس طويل على القراءة، خاصة أننا في زمن وسائل التواصل الاجتماعي وتراخي الأهل عن تنظيم الوقت، الذي يمضيه أطفالهم على وسائل التواصل الاجتماعي وعدم تشجيعهم على القراءة .
الكتب مطبوعة على ورق جميل مصقول برسومات جميلة تشجع الأطفال على تناول الكتاب والبدء بقراءته .
فكتاب ميرا تحب الطيور مرسوم على غلافه صورة الطفلة الجميلة ميرا حفيدة الكاتب بألوان جميلة رائعة، وصورة طائر ملوّن حبّذا لو كانت الصورة صورة طائر الحسون نفسه؛ ليتعرف الأطفال على هذا الطائر الملوّن الجميل، فمعظم الأطفال لم يروا طائر الحسون في حياتهم إلا اذا كان أهلهم يقتنون هذا الطائر الجميل. وحبذا لو كانت الرسومات داخل الكتاب ملونة بألوان مختلفة ..لأن الاطفال يحبون الألوان . وكذلك الكتابين الآخرين .
وأمّا القصة فتتناول غيرة الأطفال من بعضهم وطريقة تعامل الأهل مع هذه الغيرة الطبيعية. فكل من لينا وميرا تريد أخذ الطائرين لنفسها، وحُلت المشكلة بالمشاركة في ملكية الطيور لحين احضار قط للينا حلا للمشكلة. ولي مأخذ على استجابة الأب حين تمترست ميرا على الأرض لتحقيق ما تريد .
وتعلم هذه القصة قيمة الحرية وكيف استنتجت الطفلة لأن الحرية للطائر أهمّ من اقتنائه حيث يتعلم الأطفال قيمة الحرية للجميع، وأن لا يستسلم الانسان لأيّ قيد ويعمل جاهدا على الخلاص منه .
وكذلك قصة كنان وبنان بالغلاف الملوّن الجميل المزين بصورة كنان وبنان .وبجانبهما القط الصغير بألوان جذابة. ويتعلم الطفل في هذه القصة اهتمام الأخ الكبير بأخيه الأصغرمنه، ويتعلم الرفق بالحيوان وكيفية التعامل معه. وأهمية حضن الأمّ وحليب الأمّ لأن حليب الأمّ أفضل حليب لكل كائن حيّ، وأن جميع الحيوانات تحب أطفالها وتستاسد في الدفاع عنها. ويتعلم طريقة رضاعة القطط وماذا تأكل بعد فطامها، وإذا لم تجد طعاما كيف تستدر عطف البشر؛ ليطعموها وطريقة تعامل الانسان معها ليجعلها تألفه حتى لا تغضب وتهجم عليه حين مشاكستها .
وأمّا كتاب قصة النمل والبقرة بغلافه الجميل الجذاب الذي يحوي صورة البقرة والنمل والشجرة، ويا حبذا لو كانت صورة البقرة لبقرة حقيقية، وليس كريكاتورية ليتعرف الطفل على البقرة الحقيقية. يتعلم الطفل من القصة أن كل حيوان يحاول أن يقتني محيطا خاصا به، ويجمع فيه طعامه ويدافع عنه، ويدافع عن نفسه حين الاعتداء عليه، ويعلّم ذلك لأبنائه مثل البقرة مثلا. وكذلك كل كائن يدافع عن نفسه. فعلى الانسان كما الحيوانات أن لا يستسلم لأعدائه، ويستنبط الأساليب للدفاع عن نفسه وعن محيطه. وأن الصغير ممكن أن يهزم الكبير إذا أصرّ على ذلك .
هكذا القصص الثلاث بشكلها ومضمونها تشجع الاطفال على القراءة والتعلم .
وقالت نزهة الرملاوي:
من الصّعب على أيّ كاتب أن يتناول فكرة معينة، وبأسلوب بسيط يوجهها إلى فئة الأطفال، لذا كان أدب الأطفال أو الكتابة لهم، من الكتابات التي تقتضي اهتماما وتمرّسا بشكل كبير، ليتسنّى لتلك الفئة العمرية الصغيرة الاستفادة من تلك الكتابات، وأخذ العبرة والتعلم، من هذه القصص الموجهة لهم.
وفي هذه القصص الثلاث، نلاحظ مدى اهتمام الكاتب بالكتابة للأطفال لتوجيههم وإرشادهم، فقد سمّى بعض القصص، على أسماء فلذات كبده (أحفاده) وتطلّع إلى سلوكهم وأحاديثهم، وصاغها كقصص لإفادة الآخرين من جيلهم.
تميزت لغة الخطاب بالبساطة لكي يفهمها الأطفال، أضف إلى ذلك أن أسلوب الاستاذ جميل وكما عودنا عليه، أسلوب قائم على الجمل التّقريرية التي تكاد تخلو من التشبيهات أو الخيال، إلا قصة النمل والبقرة، مع أن الأطفال في مثل هذا السن، يهربون بخيالاتهم، نحو مواضيع مثيرة وأفكار ترحل بهم إلى البعيد، ولكن الفكرة في القصص الثلاث كانت واضحة من خلال الجمل الأخيرة في القصص، ففي قصة ميرا تحبّ الطيور، توّج مبدأ الحرية للسّجناء، ولكن بشرط أن يحاولوا التّحرر ويعملون لأجله، لا أن يتقبّلوا العبوديّة. وهذا الدرس القيّم ذوّته عن طريق تفكير الطفلة ميرا التي ألحت على والديها شراء طائر لها، وما أن رأته في قفص، أحبت له الانطلاق؛ ليلعب مع بقية الطيور المتحرّرة، وإن حاكى هذا التّفسير السّلوكي حال الطفل، فإن الأطفال بطبيعتهم لا يحبّون القيود، بل يحبّون اللعب والانطلاق.
كان من الأفضل في هذه القصة أن نعزّز دور الآباء وعدم الامتثال لأوامر أبنائهم، إن كانت لا تجدي منفعة كبيرة، كشراء الحسّونين بمبالغ كبيرة مثلا، كذلك لم يُعزّز مبدأ الحرية وعدم الخنوع أو الرضا بالاستعباد من خلال دور الأمّ، وعلى العكس كان التصميم على الحق والرفض للقهر واستلاب المكان في قصة (النمل والبقرة) المتخيلة، فقد تذوّتت فكرة عدم الخنوع والاستعباد، والتخطيط للتّغلب على الصّعاب في قرية النمل، ووجدنا الكثير من المفردات التي تثري اللغة عند الطفل، بالإضافة إلى تميّز القصة بالكثير من الجمل الموحية بالحركة وحالات التّرقب بأسلوب مشوّق، والتي من شأنها شدّ انتباه الطفل، وتوسيع مداركه وتخصيب خياله، فقد تُوّج النصّ فكرة التعاون والتخطيط والاستعداد لصدّ ايّ عدوان من الخارج حتى تبقى قرية النّمل بهدوئها، فالبقاء لمن يعمل ويجتهد ويخطط، لا للمتكبر الذي يستهين بقوة الآخرين.
أما قصة (كِنان وبنان يُحبّان القطط) فقد قامت على أهمية العلاقات والترابط بين العائلة، ومدى اهتمام الأمّ بتعلّم أطفالها بطريقة مقنعة ولافتة.
برز دور الأمّ في هذه القصة، حينما نصحت أبناءها بعدم الاقتراب من الهريرات المولودة حديثا، حتى لا تخدش القطة الأمّ أيديهم، وعلّمتهما بأن الأمّ تستأسد وتهاجم وتستميت من أجل الدفاع عن أبنائها.
وهذه إحدى القيم التي أرسلت للقارئ في هذه القصة.
كما عوّدنا لأديب السّلحوت في كلّ عمل أدبيّ يقوم به، يطلعنا على الكثير من المعلومات حول ما يقصّ، بلا شك أنها معلومات مهمّة وثريّة، ولكن لو أنه تركها للقارئ حتى يبحث عنها لكان أفضل من النّاحية الأدبية، مثلا شرح الكاتب لطائر الحسّون، في قصة ميرا تحبّ الطيور، وشرحه عن القطط وأفعالها وسلوكها، في قصة كنان وبنان يحبّان القطط، أرى لو أنّه ترك طريقة الاكتشاف والتّعلم للأطفال عن طريق الحركة والحوار كما في المقطع الأخير من قصة كنان ..صفحة (٢٢) وبدون السطر الأخير الذي يشرح كيفية الهجوم من قبل القطة على الفريسة، لزاد من تخيّل الطفل للحدث.
اعتنى الكاتب كعادته بتزويد الطّفل ببعض المفردات اللغوية لإثرائه لغويّا، إضافة إلى عنايته بترتيب الجمل، واهتمامه بالحوار بين شخصيّات القصص، إضافة إلى عنصر الحركة في القصص الثلاث.
وكتبت هدى خوجا:
لوحة الغلاف صورة جميلة لكنان وبنان مع قطّة، ولكن حبذا لو كانت مجموعة قطط وليس قطّة واحدة مثل العنوان قطط.
ألوان زاهية البنفسجي والبرتقالي والأصفر. تحتوي القصّة الخاصة بالأطفال على 22 صفحة من الحجم المتوسّط، الغلاف العنوان كنان وبنان يحبّان القطط أمّا في الغلاف الداخلي العنوان تغير من يحبّان إلى يصادقان.
بدأت القصّة بقرع جرس المدرسة وخروج كنان؛ ليمسك بيد أخته ويمشي معها على الرّصيف، بأمان الطّرق وتحمل مسؤولية أخته الصّغرى.
في صفحة 6 الإشارة إلى رؤية خمس هريرات ولكن الرسمة أربع هريرات أمّا ص7 فكانت ملائمة مع الحدث.
من أهداف القصّة الرّفق بالحيوان، وأهميّة رعاية الأم وحنانها لصغارها.
ص 19 و 21 و23 حبذا لو تزيّنت الصّفحات بالرسومات، فهي خالية من الرّسومات المحبّذة للأطفال.
تمّ طرح عدّة أسئلة هامّة عن القطط دوما يستفسر عنها الأطفال على لسان كنان وبنان، والإجابة عليها من قبل الأمّ.
قصّة تعليميّة وهادفة للأطفال تناسب رياض الأطفال والمرحلة الأساسيّة الدّنيا.
وقصّة ميرا تحبّ الطّيور.
فهي قصّة أطفال تقع في اثنتي عشرة صفحة من الحجم المتوسّط، تبيّن طرق العناية بالطّيور وأهميّتها، والقراءة عن طائر الحسّون وجماله ومميّزاته.
تبيّن القصّة أهميّة الحريّة وأنّها ستبقى غالية الثّمن من خلال قول ميرا: ” لا حاجة لي بطائر سجين لا يسعى إلى حرّيته”ص12 بالنهاية.
حبّذا لو كانت الصّورفي داخل القصّة ملوّنة، لجذب انتباه الأطفال بشكل أكبر أو إعطاء مساحة لتلوين بعض الصّور. في ص5 “تمترست ميرافي الأرض، رفضت المشي دون شراء العصفور” وبعدها رد الأب قائلا: لنرى العصفور الّذي تريده ميرا، وهنا تعزيز سلوك سلبي، حبذا لو تدّربت ميرا بشكل أفضل على الالحاح بالطّلب لشراء العصفور، مثال ” لو سمحتم اشتروا لي العصفور وسأقوم بالعناية به وهو حلو المنظر وغيرها …
كان التركيز على صفات جميلة لطائر الحسون مع طرق رعاية وعناية الطّيور البيتيّة. من ص9-12 حبذا لو كان الخط بحجم أكبر.
قصّة جميلة للأطفال، يرافقها الرّفق بالحيوان وخاصّة العناية بالطيور وصفات طائر الحسّون، مع التّكيز على مفهوم الحرّية .
وفي قصّة النّمل والبقرة لوحة الغلاف تحتوي على ألوان جميلة مع صورة البقرة والنّمل، ولكن لو كانت الصورة أكبر لكانت أجمل وأفضل.
الجمل والكلمات والتّراكيب متناسقة وتناسب المرحلة الأساسية الدّنيا في المدارس ورياض الأطفال.
ركزت القصّة على النّظام من خلال النّمل، تكرار المحاولات والاصرار، القوة تكمن في العقل والتّفكير بغض النّظر عن الحجم والعمر والصّنف.
التّخطيط والتّفكير بحكمة ورؤية الاجتماع المنظّم للنّمل والتّشاور، العمل الجماعي والمشاركة.
ولكن ص 10 كانت بدون صورة نهائيا، حبذا لو احتوت على صورة ولو كان الخطّ أكبر حجما.
قصّة جميلة وهادفة وذات مغزى رائع، وجمل ملائمة وكلمات ذات فحوى ومرادفات للكلمات بشكل عميق للغة.
وكتبت نزهة أبو غوش:
قصّة للأطفال تناسب الصّفوف الثوالث وما فوق علما بأنّه يمكن تبسيطها للأصغر سنّا. كتبت الرّواية باسلوب سىرديّ يتوافق مع القصّة.
قي قصّته أراد الكاتب أن يوصل فكرة قوّة الصّغير أمام الكبير وعدم الاستهتار بالصغير مهما كان حجمه.
تناول الكاتب الشّخصيّات الحيوانيّة؛ من أجل ايصال فكرته للأطفال، فنجح قي بناء القكرة.
الجسم الكبير هو البقرة الضّخمة أمام النّمل.
كانت الفكرة مقنعة للأطفال؛ لأنّها قريبة جدّا من الواقع، حيث أنّنا نعرف قدرة النّمل على أذيّة الانسان أيضا إِذا ما لسعه.
استطاع النّمل أن يدافع عن نفسه رغم صغر حجمه ممّا دعا حذر وخوف البقرة على ابنها العجل، بعد لسعها وابعادها عن بيته.
استدرك الكاتب أهميّة توضيح الأماكن الحسّاسة الّتي يمكن لسعها مثل الضّرع وحول العينين والأنف؛ حيث أنّ جلد البقرة سميك جدّا ويصعب لسعه. بهذا يمكن للأطفال تعلّم أشياء علميّة بشكل غير مباشر.
تعلّم القصّة الأطفال الثّقة بالنفس، والجرأة والمحاولة والتّعاون مع المجموعة؛ من أجل الدّفاع عن النّفس أمام أيّ قوّة مهما كانت عظيمة.
هناك مفاهيم ومصطلحات جديدة يمكنها أن تثري لغة الأطفال. نحو:”الضرع، التهمت، البطاح، قرية النّمل، تجترّ، تصدّى للأعداء.”
في القصّة مغزىً وطني يعلّم الأطفال معنى الدّفاع عن الوطن من الغازين.
من النّاحية التّربويّة كان استخدام شخصيّة البقرة غير موفّق تماما؛ لأنّ البقرة حيوان معطاء أليف غير متعدٍّ على أحد، وقد علّمنا أطفالنا بـانّها تعطي الانسان الحليب وتغذّيه صغيرا وكبيرا.
وقالت ميسون التميمي:
عودنا الكاتب جميل السلحوت على التنوع في كتاباته وها هو اليوم يضع بين أيدينا عدة قصص للأطفال وسأبدأ الحديث عن قصة النمل والبقرة.
لفت انتباهي هذا العنوان حيث أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين البقرة والنمل، فبدأت بقراءة القصة وشدني أسلوب الكاتب في الصراع الذي حصل بين البقرة والنمل، حيث أن صراع البقرة مع النمل أو قرية النمل بأكملها يدل على أن الإنسان مهما يكون ضعيفا أمام أي خطر يواجهه، فإنه يستطيع بالحنكه والذكاء أن ينتصر ويحقق ما يتمناه، وليس بقوة العضلات، ولا بكبر حجم الشيء وضخامته، بل بالعقل والاتحاد نحقق ما نريد.
أمّا قصة كنان وبنان فتتحدث عن كيفية إقامة علاقة بين الانسان وبين الحيوان. حيث يكون بمثابة الأمّ الرؤوم أو الأب الحنون لهذا الحيوان، فوجدنا الكاتب يقول نعم لحسن المعاملة والملاطفة والمداعبة نستطيع أن نكون كذلك، وأوضح لنا الكاتب أيضا نقطة مهمهة وهي كيف أن الأمّ تضحي بنفسها من أجل أطفالها، وأن الإنسان لو امتلك الدنيا وما فيها فإنّه لا يعوضه عن دفء حضن أمّه.
وكتب رائد محمد الحواري عن قصّة “ميرا تحب الطيور”:
قصّة تتحدّث عن مشاهدة الطفلة “ميرا” زوجا من طيور الحسّون في قفص، فتعجب به وتطلب من والديها ” مروة وقيس” أن يشتريا لها الطائرين، تذهب به إلى البيت، وتلتزم بتعليمات الطعام والشّراب التي أوصى بها البائع، لكنّ الطفلة تشاهد مجموعة عصافير تغرّد على الشّجرة، فتفتح باب القفص له، إلا أنّ زوج الحسون يبقى داخل القفص، وهنا تكتشف ميرا أنّه تعود على العيش داخل القفص، فتقول كلمة: “لا حاجة لي بطائر سجين لا يسعى إلى حرّيته”.
الملاحظ في القصّة رغم اعجاب “ميرا” بالحسّون وبصوته وبشكلة الجميل، إلا أنّها عندما علمت أنّه تعود على حياة غير سويّة ـ حياة القفص ـ تخبو رغبتها به، ولم يعد محبوبا أو مرغوبا اقتناء أو الاحتفاظ بهكذا طيور.
فكرة الحياة السّويّة والطبيعيّة هي محور القصّة، وإذا نظرنا إلى رسوم القصّة نجدها تبدأ بمجموعة اقفاص تقف أمامها الأسرة، وتنتهي أيضا برسم قفص، وهناك رسم واحد من ستّة رسومات جاء بلا قفص، وهذا يخدم فكرة امتعاض المشاهد/القارئ للأقفاص، وكأن أحداث القصة تشاهدها/ترويها “ميرا”، فكثرة مشاهد الطيور المحبوسة أفقدت “ميرا” رغبتها بها، فقرّرت التّخلي عن زوج الحسّون.
كما كتب الحواري عن قصة كنان وبنان يحبان القطط”:
لقصة تتحدّث عن الشّقيقين “كنان وبنان” اللذين يشاهدان قططا صغيرة في حديقة منزلهما، يقرّر كنان أن يحضر قطيطا إلى المنزل ليعتني به، بعدها يدخل في حوار مع أمّه، مثيرا مجموعة من الأسئلة تجيب عليها الأمّ.
مخاطبة الأطفال بمنطقهم ليست بالأمر السّهل، فهي تحتاج إلى معرفة الطريقة الأسهل لإيصال المعرفة إليهم، القاصّ “جميل السلحوت” يستخدم الأمّ، الأقرب عليهم، والأكثر اهتماما بهم؛ لتعطيهم المعلومات وتجيب عن أسئلتهم، ذكاء القاصّ أنّه قدّم المعلومات بطريقة غير مباشرة، فأسئلة “كنان” التي وجّهها لأمّه أسئلة يطرحها أيّ طفل، وهي أسئلة مشروعة ومبرّرة، وعندما تأتي الإجابة من الأمّ، فهذا يعني أنّها إجابة صادرة من شخص يحبّه ويثق به الطفل، فتكون المعلومة موثّقة ومؤكّدة بالنّسبة له.
وإذا ما أخذنا التّقارب بين الإسمين “كنان وبنان” فسنجد فيهما تأكيدا على أنّهما شقيقان، وهذا يخدم منطقيّة الحدث، وعندما شرعت “بنان” إلى إخبار أمّها بجلب “كنان” للقطيط إلى البيت، كان تقديم المشهد يتماثل تماما مع تصرّف الطفل، وهذا أيضا ساهم في خدمة إقناع الطفل بواقعيّة ومنطقيّة القصّة/الحدث، ومن ثمّة ترسّخ فيه ذهنه الإجابات.
وكتب الحواري أيضا عن قصة “النمل والبقرة”:
قصة للأطفال، تتحدث عن مجموعة من الابقار تخرج للمرعى، وبعد أن تأكل وتشعب تجس أحدى البقرات على بيت للنمل، مما يؤدي إلى منعه من الخروج ليجمع طعامه، يقرر النمل مهاجمة البقرة ويجبرها على الابتعاد عن البيت، وبعدها تتعلم البقرة أن لا تجلس على بيت النمل وتعلم عجلها الصغير عدم الاقتراب منه أيضا.
القصة سهلة وممتعة وجاءت بلغة سلسة تجذب الطفل لمتابعة أحداثها، تتميز بأنها جاءت تتحدث عن الحيوان، وهذا ما يجذب الطفال، فعالم الحيوان دائما فيه خيال يحفز الطفل على الاهتمام، فكرة القصة تتحدث عن ضرورة مواجهة (الخطأ/التعدي)، فالنمل أصبح محبوسا ولا يستطيع الخروج، لكن عندما قرر أن يهاجم البقرة اجبرها على الابتعاد عن البيت واستطاع النمل أن يذهب ويقوم بالبحث وجلب وتخزين الطعام، وعلم البقرة بضرورة عدم أذيه الأخرين، والقصة تعلم الطفل أن الحجم مهما كان كبيرا، يستطيع العقل أن ينتصر عليه، مهما كان صاحب العقل صغير الحجم، فبعد ان أعد النمل خطة الهجوم، اجبرها على الابتعاد، وهذا يعلم الطفل أهمية التفكير ووضع الخطط قبل العمل.
أما بالنسبة للغة، فقد استخدم القاص مجموعة من الكلمات تقدم الطفل من اللغة الصحيحة، مثل ” حظيرة”، للمكان الذي تعيش فيه الأبقار، أوردها، أحضرها لمكان الشرب، تجتر، تعيد مضغ ما التهمته من طعام، وهذا الألفاظ تسهم في رفع المعرفة اللغوية عند الطفل، وتحفزه على التقدم من ألفاظ أخرى.
لكن هناك ملاحظة على اخراج القصة، فالرسوم لم تكن مبهرة/مثيرة، كما أنها لم تكن موزعة بشكل متناسق، فحتى الصفحة الثامنة كان في الصفحة الواحدة صورة وأربعة أسطر، لكن في الصفحة التاسعة
وجدنا صورة وسبعة أسطر، وفي الصفحة العاشرة لم يكن صورة، والصفحة كاملة ممتلئة بالكلمات.