حذام العربي:سيرة المكان وأصالة التراث في رواية عشّ الدبابير

ح

عش الدبابير، نص لجميل السلحوت صدر في آواخر تموز 2007 عن دار الهدى في كفر قرع ويقع في 95 صفحة من القطع المتوسط ، يتألف من 15 عنوانا ً فرعيا ً.

كل عنوان يحكي موقفاً او حدثاً منفصلاً عن الآخر تماما، والرابط الوحيد بين كل العناوين او ان شئت الفصول، هو العائلة. عائلة عربية فلسطينية تسكن في احدى الضواحي الجنوبية لمدينة القدس. يرصد النص مواقف وحكايات وتحديات مختلفة من حيث المضمون، تواجهها هذه العائلة احيانا فرادى واحيانا مجتمعة. بعض هذه المواقف تعنى بالجوانب الاجتماعية والتربوية، وبعضها يعرض المشهد السياسي الامني لحياة الفلسطيني في مدينة القدس، الرازحة تحت نير الاحتلال الاسرائيلي. والبعض يلقي نظرة على تراث فلسطيني منه ما هو آخذ في الاندحار والهزيمة، ومنه ما هو آخذ بالانحسار.

يتتبع النص حياة هذه العائلة، على مدى ست سنوات على الاقل.

عش الدبابير اذن ليست رواية بالمعنى الكلاسيكي المتعارف عليه، ذات حبكة وشخصيات نامية وغير ذلك من العناصر المألوفة للرواية. انها شذرات حياتية يومية لعائلة فلسطينية مقدسية عادية متوسطة الحال.

الزمان – العنوان الأخير في النص يشير الى بناء جدار الفصل العنصري على الاراضي الفلسطينية.

المكان – مدينة القدس.

الشخصيات الرئيسية – الجدة، الأب والام وثلاثة أطفال تترواح أعمارهم، في بداية السرد، بين الثالثة والثامنة.

الكاتب مسكون بهاجس المكان. وكأنه يخشى تلاشيه، يتبصر رياح السموم الاحتلالية والعولمية تعصف به، تـُعمـِلُ معاول الهدم في أساساته، علّه يتهاوى، أو ينهار تحت أقدام جلاوزة القرصنة الاحتلالية والنهب العولمي. المكان يصبح ظلا باهتا لنفسه، انه يشحب، يفقد اسمه، ينسى اسمه، يتبنى لنفسه اسما جديدا وعنوانا جديدا وثوبا جديدا لائقا بالموقع الجديد،” اورشليم”. يتصدى النص لهذه الرياح العاتية، بتسجيله للحياة في أدق تفاصيلها، في آوان المقاثي في منطقة الديارة في حي الشيخ سعد، وأيام الحصاد في منطقة الضحضاح. يرصد للكهوف والمغر على اكتاف التلال المحيطة بالقدس، يعيد رسم ملاعب الطفولة ومرابع الصبا بأسمائها، وكأنه يسعى لتخليدها، يعلن للملأ وعلى الملأ، نحن هنا، وإننا باقون على العهد.

يقفز من بين مفردات النص، شعور بالخوف على القدس. إنها تتهاوى.

القدس تتساقط كقطرات الماء، في صحراء “الملوك والرؤساء العرب والمسلمين” القاحلة، وتتبعثر مستوطنة هنا و “مـَحـْسـوم” {حاجز} عسكري هناك، فيهرع الكاتب محاولا، بسلاحه الوحيد، قلمه، وقف النزيف، بتوثيق لأيام حصادها، يـُذكر القارئ، الفتيُّ الناشئ، بأن لهذه الاماكن، اهلاً وناساً واسماءا في الذاكرة والوجدان الفلسطيني، فهذه قمة جبل المنطار، وتلك وادي الدكاكين، انها عربية الهوية، وهذه خربة جنجس {الأثرية}، وهناك مرج الخلايل انها فلسطينية المنشأ، والى كل الاتجاهات شرقا وغربا شمالا وجنوبا يسمي المواقع، دمنة بني هلال، جوفة السوق وأم الرتم، والبقيعة، وبيار موسى وغيرها من الاسماء المنحوتة في النفس الفلسطينية المؤرقة والمتعبة، وقد باتت ذاكرتها مـُشـَوّشـَة.

الوطن، انه انسان وزمان ومكان. يربط النص في بعض عناوينه الأماكن واسماءها بالتراث الشفوي، في محاولة لترسيخ مفهوم الوطن. انه الوطن الآخذ في الانجراف والتداعي امام سيل الاحتلال العرمرمي. فلا يجد إلا ان يستدعي تفاصيله الصغيرة لتشهد، في مغارة أمّ خليل، والتي تتسع لعدة “بيوت”، حيث سكنت الجدة عروساً، وكانت اللأفعى تجاورهم، وللجار حق مستحق، كطرح السلام. وهناك في الحقل يستذكر قصص الحصادين، والجن الذين يسكنون الكهوف، والعفاريت والمردة، وكرامات الأولياء.

يعرض الكاتب إرثه الحضاري الإجتماعي بتفاصيله الصغيرة، من معلومات تراثية ذات ايماءات ايجابية وجميلة، عن الأمثال الشعبية السائرة على لسان العامة، الى توثيق لقصص الحسد و”الرقية”، أساطير المردة، وخرافات العفاريت، وحتى أطباق الغذاء الفلسطينية التقليدية، وتحضير الفريكة من القمح الاخضر.

يسجل معلومات تراثية لحياة منطقة، ولا تخلو هذه المعلومات من فوائد تثقيفية جانبية ذات اهداف تربوية للنشئ الجديد.

إنه نص تسجيلي توثيقي معلوماتي عن تراث العامة والحياة في القدس، وتوصيف لبعض معالمها.

يعرج الكاتب، في بعض العناوين، على تسجيل بعض التجارب الحياتية اليومية للفلسطيني تحت نير الاحتلال، مشاغل وهموم الفلسطيني وتحدياته، المعاناة اليومية في القدس، مواجهة سياسة الاحتلال التي تمارس سياسة تهجير هادئة، القمع الأمني والسياسي اليومي، بطاقة الهوية الشخصية كعنوان للإذلال والمهانة.

يتعرض النص لبعض القوانين التي تجعل من حياة الفلسطيني في القدس سلسلة احداث من الارهاب والاضطهاد والقمع اليومي في ظل هذه القوانين وبموجبها، كقضم الاراضي العربية وتخصيصها للمستوطنات التي تتوسط الأحياء العربية، يستعرض بعض قوانين الاحتلال التي تقيد حرية تنقل الفلسطيني في القدس، والتقييدات الأخرى الواقعة على المواطن الفلسطيني، التعقيدات والعقبات “القانونية” التي يفرضها الاحتلال على استصدار رخص لبناء البيوت للفلسطينيين، مصادرة الأملاك المنقولة، الضرائب الجائرة، تقطيع أوصال القدس وشرذمتها، وبتـرها عن ظهيرها وامتدادها الانساني والحضاري والديمغرافي الفلسطيني الداعم والمؤازر، وبالتالي سلخها النهائي عن فلسطين، وكل ذلك وفق “القانون الاسرائيلي”، الذي يضرب عرض الحائط بالقانون الدولي.

فصول النص تطرح في ثناياها السؤال الاساس، هل القدس هي مكان سكن أو اقامة الفلسطيني فقط؟!، أي انها مكان السكن العادي، للمواطن العادي!، أم انها تستوطن خبايا ذكرياته الدافئة، وذاكرته المهزومة؟ هل تختزل في هزيمتها، سقوط الشعوب العربية على أعتاب بلاط الاحتلال؟! هل في ظلال أسوارها حنين مكلوم لامسها فقط ؟! أم ان حجارة أزقتها لا تزال تنضح بتضـرعات أهلها لغدها ؟! أم ان بساطير الاحتلال الاسرائيلي قد نجحت في أن تكتم النفس الفلسطيني والعـربي في المدينة؟! وأن تهزمه وتسحقه شرّ هزيمة وإلى الأبد؟!

قد يظن القارئ العـربي من المحيط الى الخليج ان القدس مدينة، بالمعنى المدني الغربي، أو انها ذلك الصرح الحضاري، الذي يقتصـر على المعالم الدينية ذات العبق التاريخي الروحاني والوجداني. انها هجين من كل ذلك، ولكنها ليست فقط كذلك. فالقدس، بنسيجها السكاني الذي تتشكل منه أشبه بقرية، أو قل انها مجموعة قرى، شكلت ريف المدينة وظهيرها. وقد زحفت اليها “اورشليم” بأوامر ادارية من الاحتلال، وضمتها وابتلعتها.

بالتالي ترى في القدس خليطاً هجيناً من عائلات مقدسية المنشأ، وعشائر بدوية، أو افخاذاً وبطوناً من حمائل نزحت الى القدس من المدن الفلسطينية الأخرى. في القدس كذلك، تراث المدينة كمركز خدماتي تجاري وسياحي، وفيها التراث القروي والبدوي. انها مرآة المجتمع الفلسطيني، وفيها ينعكس النسيج الانساني الفلسطيني في كل مكوناته. من بين كل ما ذ ُكـِر، يختار الكاتب الوقوف عند العادات العشائرية البدوية في فض الخلاف واقامة الصلح بين طرفين متنازعين. وكأنه يريد الوشاية بأصوله البدوية.

تطغى على الحوار في اغلب العناوين، نبرة ميكانيكية معلوماتية، وكأنها جاءت لهدف معرفي مجرد. احيانا مجانبة للمشاعر واحيانا اخرى مكثفة لها، دونما موجب. وفي بعض الاحيان يرتفع ايقاع

الحوار المعلوماتي، الميكانيكي ليصل الى العنف والتعنيف اللفظي، دون مبرر يستدعي ذلك في السياق السردي. فمثلا ً في العنوان الثالث “وليمة” وردت مفردات مثل، “غضب، كذب، نهرته”، ص 18 ، في حين لم يؤطر أو يمهد النص، لسياق يبرر تصعيداً لفظياً عنيفاً للموقف. كذلك في عنوان “الحسد هو السبب”، وردت، أكثر من مرة عبارات على سبيل المثال، “اسكتي يا بنية… اخرسي يا بنت… قطع الله لسانك… يا قصيرة العمر… الله يريحنا منك…” ص 37 – 39 . كما تكررت عبارة “اخرس يا ولد” على لسان الجدة أكثر من مرة وفي اكثر من عنوان، مثلاً ص 60 ، ص 89 . أو على لسان الأمّ لابنتها “طالبة منها أن تغلق فمها” ص14 .

تميزت أغلب فقرات الحوار بأسلوب المناكفة السلبية، والحوار الغاضب، المتوتر والمتشنج، بين شخصيات النص، والذي تضمن كثيراً من السخرية والاستهزاء بالمخاطب، محاولة الطعن في قدراته ومشاعره. فيها الكثير من العاب العناد الطفولي، والشحنة الصدامية العبثية، مع أن الكبار اشتركوا في الحوار كذلك. اذا ما اخذنا بعين الاعتبار، ان معظم فقرات الحوار تتم بين افراد العائلة، أو الدائرة القريبة كالمدرسة، فإننا أمام منظومة فجة لآداب الحوار والمخاطبة والحديث العادي بين افراد العائلة، أو في المدرسة او الشارع او بين الناس.

هذه العلاقة العنفية المنعكسة في الحوار والنبرة ونـَفـَس الشخصيات في النص، هل هي تحصيل حاصل لحالة من العنف السائد في المجتمع، لأنها جزء من هيكلية اجتماعية نفسية لمجتمع أبوي ذكوري بطريـركي قمعي ومتسلط؟! أم انها حالة من تذويت الفلسطيني للعنف الواقع عليه ليلا نهارا من اجهزة الاحتلال؟! هل فقد الفلسطيني بوصلة مشاعره، وأضاع نفسه؟! أم انه يترنح في هـزيمته تحت بساطير الاحتلال وقـِيـَمـِهِ ومعاييره ؟!

في هذا النص تتضح صورة المرأة في ثلاثة اجيال، من خلال شخصيات الجدة، زوجة الإبن والحفيدة.

الجدة وقد عاصرت الانتداب البـريطاني على فلسطين، وسكنت بيوت الشعـر والكهوف في فترة صباها، كما كان متبعا في المجتمع البدوي المجاور للقدس. وقد رسم لها النص شخصية، متصلبة متعنتة، مريرة ونكدة، متعبة ومثقلة بتراث الخوالي من الأيام. والى جانب ذلك فهي تجيد سرد الحكايات وتمرير القصص المشوقة عن تراث الاجداد. وهي الحضن الملهوف على الأحفاد. بذلك هي تقوم بالواجب الاساسي لها كوكيلة رئيسية للتنشئة الاجتماعية، وللحفاظ على مكونات الهوية الفلسطينية. شخصية الجدة في النص محورية. لكنها تقوم بدورها مـُكرهة مثقلة بالتراث، كمن يريد أن يزيح عن كاهله هما، ويضمن تسليم الرسالة الى الجيل الناشئ، بأسلوب يعاند الفرح، ويخلو من البهجة، ويكابر الغبطة ،ويرفض الانشراح بالجيل الجديد. انها صورة لجيل النكبة، ونفسية الهزيمة، تقذف في وجه النشئ الجديد كل ما لديها قائلة، خذوا،هذا كل ما لديّ، لا أريد أن أسمع سؤالا ولا تساؤلا!

علاقة الجدة مع الحفيد الذكر في النص، علاقة نمطية لمجتمع ذكوري. في حين اختفت أواصر الإلفة في العلاقة النسوية بين الجدة والحفيدة، كمتممة لرسالتها، وماشية على دربها، حتى أن النص ترفع عن الاشارة الى المعلوم من التعاطف والتراث النسوي الايجابي في المجتمعات الذكورية.

العمل ليس مسألة اقتصادية بحتة، أو انتاجا ميكانيكيا ومساهمة مالية في أعباء الحياة المادية فقط. العمل قيمة بحد ذاته، قيمة انسانية. زوجة الابن/ الام، وقد جاءت صورتها في النص باهتة مسطحة، تعيش على هامش الحياة وليس الحياة بذاتها. يكتشف القارئ ان هذه المرأة تعمل خارج محيط بيتها، في حقل التعليم، في نهاية النص تقريبا ص91 . في هذا ما يدلل على تهميش هذه القيمة، اهمية وقيمة عمل المرأة خارج بيتها. ويبدو في النص، ان احتكاك المرأة في عالم العمل خارج البيت، جاء على هامش حياتها، ولم يكن له تداعيات أو فعل ودور في بلورة شخصيتها.

في هذا النص يكتشف القارئ العلاقة النفعية التي تربط بين الجدة وزوجة الابن. فهو يختزل علاقتهما بمساعدة الجدة على تنشئة الأحفاد. فالأمّ “تستشعر خسارتها الشخصية بفقدان الجدة … التي ساعدتها في تربية الاطفال ورعايتهم وساعدتها في الاعمال المنزلية… صحيح انها كانت تتمنى لو انها لم تشاركها العيش في نفس المنزل…” ص 91 . لكن النص وعلى كل مداه، أبطن ولم يظهر ما تعنيه هذه الأمنية المركزية والمعششة في خبايا نفس الأمّ ، وكيف تشكلت وتبلورت علاقة المرأتين في ظل هذه الأمنية، التي عادة ما يكون لها ثقل نوعي خاص في نسيج العلاقة الأسرية، من قبول ورضوخ ورضا، او نفور وتشكك وخصام مستحكم.

تبدو الأم في هذا النص ممثلة لجيل النكسة. الجيل الصامت. الذي يؤدي دورة الحياة في الطبيعة. يبتلع كل ما يجده من عثرات أو حتى فتات، ثم يترك بـَوَاقيَ الحياة للآخر. وهي لا تدري بالضبط من هو الآخر، المهم ان تجري المقادير في أعنتها، وتنام هي خالية البال، جيل احترف الصمت والسكون، ولا يزال قابعا تحت هول الصدمة، صدمة النكسة. إلا من بعض مواقف التهكم والسخرية والإحباط.

الحفيدة في بداية النص كانت في السادسة من العمر. تأخذ مكانة محورية في النص. وجاءت صورتها في النص عنيدة، متأففة، متعنتة الى حد الصلف والعنجهية، لا تقبل الاعتذار من معلمتها، تمعن في اهانة المعلمة التي اخطأت، حتى بعد ان اعتذرت هذه عن خطأها ص 12 – 14 . كذلك جاء نسيج علاقاتها الانسانية مع المحيط سلبيا ً، مثلا من خلال مناكفة سلبية مع المعلمة والمديـرة ص62 – 63، مناكفات واستهزاء وسخرية مع اخويها ص 27 ، 66 ، ومع الجدة كذلك ص 38 .

وهي كثيرة الاسئلة، لجوجة الى حدّ الإثقال، الذي يدفع بالمجيب الى التأفف ونفاذ الصبر، والشعور بالضيق والضجر. أو يدفعها هي الى السكوت غيـر راضية، والضيق لعدم اكتفائها بالاجابات .

الشخصيات النسائية الثانوية، فجة غير يانعة، كالمعلمات، نموذج للشخصية المسطحة، التي لا تجيد القيام بمهام مسؤولياتها، مثل المعلمة والمديرة.

شخصية الأب، تتميز بالبعيد القريب. فهو القريب الذي يجيب على كافة الاسئلة ما دام يملك الاجابة، ولكنه يبتعد ويستنكف ويتصومع اذا ما اثقلت عليه الاسئلة. وهو الذي يضبط ايقاع الحدود بين الأبناء. وهو المتعقل الذي يشرح القصص الغيبية بأسلوب “عقلاني”. وهو الذي يشجع الابن على التجربة ولا يستهزئ بقدراته. انه الشخصية الايجابية في تعاطيها مع المواقف. وهو الشخصية الملهمة والقائدة للعائلة، والضابط لإيقاعها.

للمفردات معان يستحسن ان تأخذ مكانها الملائم، وتوضع في سياقها المناسب.

في النص كثـرت نقلات دراماتيكية تهويلية لا يحتملها الموقف، ودون سابق تمهيد. فقد كثر استعمال المفردات التصعيدية، في نقلة مفاجأة سريعة وعريضة دون ما يبرر ذلك، الأمر الذي ضعضع ايقاع الحدث. على سبيل المثال لا الحصر في عنوان “تجربة فاشلة”، يبدا النص بمفردة “ذ ُهـِلتْ” ثم كانت “غاضبة..” ثم “فغرت المعلمات أفواههن…”، ثم وبنقلة تصعيدية صلفة، لا تقيم وزنا لآداب المخاطبة بين التلميذ والأستاذ، تجيب التلميذة على سؤال عادي بسيط ، “هذا ليس شأنك”. ولاحقا “غضبت… وصرخت المعلمة… وهرعت المديرة…” ولم يبق سوى ان يحمى وطيس المعركة وينتقل الى العنف الجسدي. ولكنه بقي يتأرجح بين العنف والتعنيف الكلامي، وبين المداهنة والرياء. هناك قفزات مباشرة بين مفردات مثل حبيبتي، وبين الصلافة والعنجهية والقمع النفسي، الى ان يهبط الإيقاع الى جمام الارض، بإيقاع صاخب يحدث قرقعة في نفس القارئ، وذلك دون سابق ايعاز، كما في عنوان “الحواجز”، تنتقل الجدة من البكاء والترديد، الى الضحك قهقهة ص 80 ، في تحول نفسي سريع ومفاجئ دون مقدمة أو تمهيد، وكأنه تحول ميكانيكي، لا ترافقة مشاعر ولا حالة نفسية.

الفصل الأخير من النص بعنوان “الجدار” جاء مبتورا، وكأنه كما قال المثل الشعبي “قصة ما إلها ذيل”. اقتحم النص على غير استئذان. تماما كما اقتحم الجدار حياة الفلسطيني في المناطق المحتلة دون مقدمات.

 

 

 

 

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات