الحلول السلبية في قصة عصافير الأحلام

ا

الحلول السلبية في قصة عصافير الأحلام

لايمان الطويل

القدس:ناقشت ندوة اليوم السابع قصة ” عصافير الأحلام “للاطفال تأليف ايمان الطويل والصادرة عام 1999 عن منشورات مركز اوغاريت للنشر والترجمة في رام الله ، وتقع القصة التي قام برسوماتها حسني رضوان في 28 صفحة من الحجم الصغير.

بدأالنقاش جميل السلحوت فقال:
لا أدري عندما رأيت القصة لماذا دار في خلدي ما قاله حسان بن ثابت ، عندما هجا قوماً فقال :
لا بأس في القوم من طول ومن عرض
جسم البغال واحلام العصافير
غير أن احلام عصافير حسان تعني العقول ، بينما احلام ايمان الطويل تعني ما يراه النائم .
وفي قصة عصافير الأحلام تأثر واضح بحكاية ” جبينة ” الشعبية غير أن جبينة لم تكن يتيمة من الأم مثل ” مرجانة ” بطلة قصة ” احلام العصافير ” .
ومرجانة التي افتقدت حنان الأم ، لم تجد الحنان والرعاية من زوجة أبيها ، كما أن أباها كان مريضاً مغلوباً على أمره ، ولم يستطع توفير الرعاية والحنان لابنته “مرجانة” ، فما كان منها إلا أن تبحث عن الحنان والرعاية في الخيال ، لذا فهي تطير على جناح عصفور ، لتصل الى قصر منيف تحيط به الحدائق الغناء ، وفيه امرأة فاضلة لا ابناء لها تستقبل ” مرجانة ” وتعطيها الحب والرعاية . وهذه هي الحكاية التي حكتها المعلمة لطالباتها ، وطلبت منهن أن يكملنها حسب ما ترتـئيه كل واحدة منهن ، فما كان من سلوى إلا أن نامت وحلمت أنها تطير لتصل الى حيث مرجانة ، وتستمتع معها ، غير أنها تجدها تفتقد حب الأسرة فتقول لسلوى ” ليت لي أهلا ً مثلك يحبونني ويعتنون بي ، يا سلوى السعادة ليست بيتاً كبيراً وألعاباً كثيرة فقط ” ص27
ولم أستطع أن أعلم مراد وأهداف الكاتبة من هذه القصة ، هل هو حث الأطفال على الأحلام الجميلة ، والاستمتاع بها ، وأن من يفتقد شيئاً يستطيع أن يحصل عليه بالأحلام؟ حتى ولو كانت أحلام يقظة ، أم هو ضرورة رعاية الأيتام ؟؟ فإذا كان المراد هو الأولى ، فهل الطفل الذي يفقد أمه يستطيع أن يحلم بأمّ ثانية ؟ أم على الكبار أن يعوضوه أمّاً بديلة لأمّه ؟ وهل هناك عذر للأب الذي يفقد زوجته الاولى ، بأن لا يرعى أبناءه منها ، وأن لا ينتبه لمعاملة زوجته الثانية لهم ؟؟
” والدها رجل مسكين ، دائم المرض ، لا يدري ماذا يدور حوله ” ص 7
ومع أن الكاتبة لم تعتبر ذلك عذراً للأب ، إلا أنه لم يكن له دور إيجابي في توفير الرعاية والحماية لابنته اليتيمة من أمّها .
وأيضاً هل هناك عذر لزوجة الأب بأن لا ترعى اطفال زوجته الأولى المتوفاة ؟ وبما أننا ورثة حضارة إنسانية عريقة ، أعطت الأيتام رعاية خاصة فقد جاء في القرآن الكريم : ” فأما اليتيم فلا تقهر ” وجاء في الحديث الشريف أن النبي الكريم صلوات الله عليه قال : ” أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ، وأشار باصبعيه السبابة والوسطى ” .
فإن ذلك لا يمنع وجود حالات فيها جور وظلم وعدم رعاية للأيتام ، وإن كنت أؤكد أن هذه الحالات تعتبر القاعدة وليس الاستثناء ، ومعالجة هذه القضايا لا تكون بأن نترك اليتيم يخلق سعادته من خلال عالمه الخاص القائم على الاحلام ، خصوصاً وأن اليتيم هو من فقد احد والديه أو كلاهما في سن الطفولة ، وهو مرحلة بناء أساسات شخصية الإنسان ، وكان الأجدر بالكاتبة أن تحل مشكلة ” مرجانة ” التي غيّب الموت والدتها حلا ً واقعياً ، من خلال شخص واقعي ، كعودة زوجة الأب الى عقلها ، لتعاملها كما تعامل أبناءها ، أو من خلال الجدة أو الخالة أو العمة . كما أنه كان يجب أن يكون للأب دور إيجابي ، يحاول من خلاله تعويض الطفلة مرجانة عن حنان والدتها المتوفاة،مع التأكيد على ان لا بديل لحنان الأمّ.

اللغة والرسومات : لغة الكاتبة جميلة وسليمة ، واستعملت الحوار في القصة بشكل لافت . لكن رسومات حسني رضوان لم تكن موفقة بدءاً من رسمة الغلاف مروراً بكل الرسومات ، فمرجانة على صورة الغلاف تظهر امرأة ناضجة وليست طفلة ، وكذا باقي الرسومات ، حتى أنها في الصفحة عشرين ظهرت وكأنها امرأة ناضجة ولها شنب مفتول .

ثم تحدث حسن طه:

يثير غرابتي في هذه الاوقات أمرين في الموضوعات الفنية . الأمر الاول هو محاولة دمج ال Strip رقص التعري بشكل من اشكال من الرقص والأمر الثاني هو اعتبار التعبير العلاجي ” الكتابة العلاجية تحديدا ” شكلا من اشكال الفن الادبي، واقتران هذين النوعين ببعضهما لازم نظرا للتشابك الموفولجي بين شخوص هذين النوعين .

شاءت الصدف وحدها ان تكون قراءتنا لهذا الاسبوع في ندوة اليوم السابع قصة الاطفال عصافير الاحلام ” لايمان الطويل ” وقد زامن ذلك ان جاد علينا احد الزملاء الافاضل بكتاب لمؤتمر ادب الاطفال في فلسطين والذي عقد في 18 ايلول 2005 وهو من منشورات مكتبةبلدية البيرة.واصدار العام 2006، وقد ورد في كتاب المؤتمر غير مرة اشارة توثبقية لقصة عصافير الاحلام حيث يفهم من هذه الاشارات الاشادة بهذا العمل ، في حين ورد في الكتاب جلسة المؤتمر الاولى، الورقة الثانية وهي اعداد مشهور سبيتان اشارة الى مجموعة المخاض لجميل السلحوت حيث وجهت الورقة نقدا للكتاب في مجموعته القصصية متهمة اياه بتجريد الاطفال من طفولتهم .. واذا كانت معظم اوراق المؤتمر قد تحدثت بمثالية تامة عن الطفولة في فلسطين ،متجاوزة في بعضها عن الواقع الذي يعيشونه، والاحصاءات الدالة على مثل هذا الواقع، حيث ان طفلا من كل اثنين يفقد فرصة التعلم، أي ما نسبته وفق دراسة نشرها مركز الاحصاء الفلسطيني 51% من الاطفال عاملين وغير ملتزمين بمقاعد الدراسة. وتشير الاحصاءات ايضا ان مكتبة عامة واحدة فقط لكل 15 الف طفل، وبما ان ورقة المؤتمرات تعاملت مع ادب الطفل، ووضعت الطفل الفلسطيني في مجتمع مدني، فليس غريبا ان يهاجم كاتب الحدث كتابات كاتب لصدق التصاقة وعمق احساسة بالواقع الفلسطيني وواقع الاطفال فيه ، وليس غريبا لذلك ان يشاد بنص مثل نص ايمان الطويل.

في قراءة لنص عصافير الاحلام نجد ان النص يفتقر الى كل مقومات العمل القصصي … فهو نص فنتازي يعتمد حوارا سريع الايقاع مشتتا في ترابطه ومختلا في توازنه، يعمل على انتزاع ملكة الخيال من مخيلة الطفل، في وقت كان هدف النص الرئيسي هو خلق عنصر الخيال وارساء صورة بعيدة عن الواقع، من خلال الحلم والتمني التي وردت بكثرة في النص وعنون به، وسميت احدى شخوصه كذلك باسم احلام التي نقلت في مواد بينها وبين الشخصية الرئيسية سلوى، ذلك الاستخفاف بعقل وامكانيات الطفل الذي وجه النص اليه .

وكما هو حال النص السابق ، والذي انعدم فيه التركيب المنطقي والموضوعية في الطرح ،جاء هذا النص ايضا والذي انتحل في بدايته هيكل القصة العالمية سندريلا .

وفي تحليل سريع لمعطيات النص وبعض عناصره نجد ما يلي :

مكان وزمان القصة:

مكان القصة بيت بائس به زوجة أب متسلطة، وآخر مليء بالاشجار والورود والفراشات والعصافير في مكان ليس بعيدا، تسكنه امرأة لا تنجب الاطفال .. ربما كانت شلوميت حسب ايمان الطويل . واذا كان المكان والزمان عماد عناصر القصة في قصص الاطفال لا يمثل اهمية كبرى، ذلك ان الطفل يسقط المكان الأقرب اليه على القصة، سواء كان واقعا او خيالا ، وجميع احداث القصص بالنسبة للطفل هي إما ماض في حال استخدام الشخوص البعيدة عن واقعه، او حاضر اقرب لما هو في عالمه ، لربما من هنا جاءت كاتبة النص بفكرة عالمية القصة من خلال انتحال هيكل قصة اخرى وتركيبها تركيبا فنتازيا ،متجاوزة في ذلك على الاعتبارات للفئة المستهدفة في هذا النص .

شخوص القصة :

اتسمت شخوص النص الرئيسية بالسلبية الواضحة والتحول السريع، فمرجانة مثلا تريد ان تهرب من واقعها، وتطمئن الى الغرباء بشكل مفاجىء، وسلوى مثلا تريد ان تقضى وقتها باللعب، ولا تريد ان تذهب الى المدرسة في الوقت المحدد، في دعوة الى التصرف اللامسؤول، وقد ظهرت اقوى شخوص القصة المرأة الغريبة كانعكاس لذات الكاتبة التي لربما في ظني- ولطالما كان صائبا-ارادت ان تفجر ذلك العقم الذي يختلج في نفسها من خلال هذه الشخصية .

وفي النص ايضا تركيب ينم عن عدم فهم ودراية في تسويغ العمل، وهو ما لا يمكن تجاوزه ومثال ذل ص22 من النص . لم تصدق سلوى ما رأت من جمال … كل شيء كان رائعا .. ثم تعود بعد ذلك باسطر قليلة لتنفي السبب والمسبب والترتيب المنطقي والزمني، وتتساءل على لسان سلوى بعد ما حقققته من رؤية في فصل مما رأت:

ماذا تريدين ؟

سآخذك في رحلة جميلة .

ولا اعتقد ان عملا ما قادر ان يصل الى مثل هذه القياسات من الاستخفاف بعقل الملتقى .

وفي تساؤل بسيط ومهم واظنه مشروعا ايضا .. ما هي القيم التي احتواها النص ؟

عند الاجابة نجد ما يلي :

– دعوة الطفل الى التحصيل المادي، او الدعوة الى تخيل التفوق المادي، ومقاطعة التعليم ويظهر ذلك في كيف اصبحت مرجانة غنية .. وتحب المدرسة في تساؤل والدة سلوى في مقدمة القصة … ثم تجيب سلوى بنفي قاطع لم تكن تذهب الى المدرسة يا امي .

– الدعوة الى الثقة السريعة والاطمئنان المفاجئ للغرباء في وقت تعاني ظروف الطفل في كل المجتمعات من اضطراب واقعي شديد،وتدعو معظم قصص الاطفال فيه الطفل الى الحذر والانتباه ص 19 – تقدمت مرجانة .. انت فعلا امرأة لطيفة .. اتمنى ان تكوني أمّي ،

– دعوة الاطفال الى التخلي عن واجباتهم كالالتزام في الدراسة ودعوتهم الى الاهتمام باللعب

ص25 انسيت المدرسة، لا تخافي يا احلام – يوم واحد لن يؤثر، هذه القراءة السريعة للنص توصلنا الى عملية فيثاغورسية واضحة . ( ناقص القيمة يساوي زائد القيمة )،ولنطرح المسألة بهذا الشكل ومن هذا المنطلق، ما الفرق بين الادب وقلة الادب ؟

وبعده قال خليل سموم :

خلال قراءتي لهذه القصة ، كنت كانني اقرأ قصة سندريلا ، مع تعديل طفيف في نصفها الثاني .. فزوجة الاب هي نفسها في تصرفاتها ، وكذلك ابنتاها ، وابنة الاب المظلومة من قبل زوجته ، ونقل ابنة الاب من بيتها الى مكان مختلف كليا عن بيتها ، والعيش فيه بأمان وسعادة وهكذا .

جاء في الصفحة الخامسة من القصة – السطر الرابع – العبارة التالية : ” انها حكاية البنت مرجانة الفقيرة ، التي اصبحت فتاه غنية ” وكان الافضل ان يقال ” انها حكاية البنت مرجانة المضطهدة التي اصبحت فتاه تعيش بكرامة .

ورد في الصفحة التاسعة قول سلوى : لكنني وحيدة ايها العصفور ، ولا أحد يحبني ” ولكن هل والدها لا يحبها ؟ !

حصل خطأ مطبعي في ترتيب الصفحات ، فصفحة 23 يجب ان تاتي قبل صفحة 22 ، وهذا خطأ كبير جدا في قصة اطفال ، لأن الطفل القارئ لن يكتشفه الا بصعوبة شديدة ، فتحدث في عقله بلبلة ، لذا يجب اعادة طبع الكتاب بعد تصحيح هذا الخطأ.

وبعده قال سمير الجندي :

تبادر الى ذهني اول ما بدأت قراءة القصة ، قصة سندريلا فهي تشبهها كثيرا ، ولم اجد جديدا فيها ..

الرسومات التي رافقت القصة ، سيئة جدا لدرجة القهر ، لم تستخدم الالوان التي يحبها الاطفال ولا ادري كيف يكون ذلك أهو استخفاف بعقول وذكاء القراء ام ماذا …

وبعده قال محمد موسى سويلم :

” قالوا اضغاث احلام وما نحن بتاويل الاحلام بعالمين ” يوسف 43 صدق الله العظيم

حكاية ذات نهاية مفتوحة، وكأن هناك مسلسلا تلفزيونيا تترك نهايته للمشاهدين ، قصة اجتماعية مؤثرة مما جعلني اعتقد ان المعلمة تخصص خدمة اجتماعية، او انها تعمل عاملة اجتماعية في المدرسة ، زوجة الأب تكره مرجانة بنت زوجها، ومرجانة تعاني الأمرّين من هذه الزوجة، وتحرم من ابسط معاني الحياة من تعليم ولعب وطفولة .

تألمت العصفير لمرجانة وحملتها على جناحها لتعطيها السعادة والأمن والأمان ، وتأكل كما يأكل الادميين، وتلعب كما يلعبون، ولكن مرجانة تذكرت والدها المسكين الذي لا يعلم عن هذه الاعمال التي تقوم زوجته، أو انه داري ولكنه مغلوب على امره، تبكي على أمّها الميتة ولا تبكي لحالها ، عصفور يعرض على مرجانة ان تركب على جناحيه ليأخذها الى أمّ بديلة، او أمّ حاضنة كما في قوانين الخدمة الاجتماعية ، حوار جميل بين العصفور ومرجانة المعذبة المسكينة، حديث ذو شجون، ومرجانة خائفة من ان جميع الناس يكرهونها كزوجة ابيها، وهنا دور العامل الاجتماعي ( العصفور ) بأن يطمئن مرجانة بان هناك كثيرين يحبونها، ويريدون لها السعادة، وأن تلعب وتتعلم وتلبس وتأكل .. الخ كما العالم المحترم . ولكن براءة الاطفال تدفع مرجانة الى الاشتياق لوالدها، وانه سيفتقدها ويشتاق اليها وهي كذلك ايضا ، اخيرا تركب مرجانة جناح العصفور مودعة الفقر والقهر والاذلال الى عالم السعادة والحنان والمال والجمال،رغم قلقها على والدها، ولسان حالها يقول المثل ” بيت مهدوم افضل من مؤسسة ناجحة ” هذا في علم الاجتماعي الخاص بي .

رحلة طيران استغرقت وقت لا علم لنا به، الى هبوط الطائر في احضان الطبيعة، وأخذ مرجانة الى الأم الحنون التي تمنت ان ترزق بطفل يملأ عليها دنياها، وهكذا من عالم الاضطهاد والعذاب الى عالم … الخ.

وبين الحنين والاشتياق تذهب مرجانة على الطائر الميمون لترى الاب المسكين الحنون، تجلس عنده برهة من الزمن ثم تعود الى العالم الاخر .

صاح ديك الصباح وتوقفت شهرزاد عن الكلام المباح، وطلبت من البنات معرفة نهاية القصة . ربما المعلمة لا تعرف النهاية وربما الى هنا حدثتها جدتها، وتوقفت لأمر ما ،او ربما استدعت المديرة المعلمة ولم تكمل القصة، او انتهت الحصة وقالت للبنات اريد منكن نهاية لتلك القصة .

هنا في اعتقادي المتواضع انه يجب على الكاتبة ان تنهي القصة ايضا، وتطلب من القارئ الكريم ان يعرف النهاية، او يترك له امر نهاية القصة بدل ان ندخل في دوامة الاحلام، لتخلق لنا طفلة اخرى، وتذهب تشارك مرجانة العابها وافراحها ،وهنا يصدق المثل ” الكعكة في يد الفقير عجل ” نعم اغمضت عينيها لترى ما لم تحلم به، رأت العابا من كل صنف، غرفة مليئة بالالعاب، وبدأت سلوى اللعب ونسيت البيت و المدرسة والاهل والاحباب وحق العودة . اذن ما هي النهاية ؟ وما يجب ان نتعلمه ؟ وماذا سنقول لاطفالنا ؟

احلاما سعيدة ام تصبحون على خير ام تو تو تو تو خلصت الحدوثة .

ام الى اللقاء في القصة القادمة .

وبعده قال موسى ابو دويح :

اشخاص القصة : سلوى وامها ومعلمتها ومرجانة وابوها الضعيف المريض الذي لا يدري ما يدور حوله ، وزوجة ابيها المستبدة الظالمة ، واختاها لابيها ، والمرأة اللطيفة الطيبة ، اضافة الى العصافير والفراشات .

بداية القصة ركزت على الغنى من اول سطورها ، حيث جاء فيها ” حكاية البنت مرجانة الفقيرة التي اصبحت فتاة غنية ” وهذا يركز في ذهن الطفل صورة الغنى براقة جميلة ، فيها السعادة كل السعادة، وقد لا يكون الامر كذلك ، فكم من غني لا يعرف طريقا ولا سبيلا للسعادة ، وكم من فقير يعش حياته قانعا سعيدا .

وفي بداية القصة ايضا صورة لزوجة الاب، ظالمة قاسية تمنع ابنة زوجها مرجانة من الذهاب الى المدرسة، مع انها ترسل ابنتيها اليها ، وتشتري لهما كل ما تريدان ، وتجبر مرجانة على مساعدتها في اعمال البيت، ولا تطعمها الا بعد ان يأكل الجميع ، ولا تلبسها الا ثيابا بالية ممزقة .

واكثر القصص تركز على ظلم زوجة الأب وقسوتها ، الى درجة تجعل القارئ يفضل للرجل الذي تموت زوجته ، ان يبقى ارملا طول حياته ، ولا يتزوج ابدا حتى لا يظلم ابناؤه وبناته من زوجته المتوفاه. وهذه الصورة القاتمة – وان ساعدت بعض زوجات الآباء في ترسيخها – الا انها لا تعني ابدا ان جميع زوجات الآباء ظالمات، بل ان في زوجات الآباء من هي مثل الأم في مودتها ومحبتها لأولاد زوجها.

ولا شك ان الاسلام عالج هذه المسألة علاجا فاعلا حين جعل منزلة كافل اليتيم مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة . وان كان اليتيم هو الذي يموت ابوه ، والعجى الذي تموت أمّه واللطيم الذي يموت ابواه ، ولا شك ان رعاية الصغير الذي تموت أمّه لها اجر كبير عند الله تحرزه زوجة الاب حين تحسن رعاية اولاد زوجها من غيرها .

ركزت القصة كثيرا على الخيال ، وهذا امر يحلق فيه الصغار ، فالعصفور الكبير يطير حاملا مرجانة ، ويحملها لترى اباها كلما اشتاقت اليه ، واحلام صديقة الصغار تحمل سلوى الى بيت مرجانة بمجرد ان تغمض سلوى عينيها ، واحلام ايضا تخبر مرجانة بان سلوى ستزورها ،واحلام تعيد سلوى الى بيتها،وتفتح عينيها فترى امها امامها تضحك، وتقول لها مع من تتكلمين ؟ حيث كانت تحلم ، ووجدت في حلمها نهاية للقصة الى حدثتها بها المعلمة .

وبعدها قال سامي الجندي:

عنوان القصة يوحي للقارئ ان المضمون لن يخرج عن نطاق الاحلام ..

شخصيات القصة جيمعها نسائية ، ولم يكن أي وجود لشخصية ذكورية الا الأب المريض الذي يستحق الشفقة فقط.

تبدأ القصة بحوار دائر بين الأم وابنتها سلوى ،حول حكاية قالتها المعلمة للتلميذات في الصف. والحكاية نفسها تبدو مستنبطة من قصة ساندريلا، ففي قصة المعلمة وعلى لسان سلوى تقول ان فتاة اسمها مرجانة كانت فقيرة واصبحت غنية ، كانت تعيش مع زوجة ابيها وتلقى معاملة سيئة تختلف عن معاملة زوجة الاب لبناتها تماما .

وذات يوم، تنتقل بمساعدة عصفور الى بيت امرأة غنية لتتفاجأ ان الفراشات والطيور والمرأة نفسها كانوا قد جهزوا لها مكانا رائعا .

بل ان الجميع كان يعرف مرجانة ويحبها . حتى تجد نهاية لقصتها .

القصة غارقة بالخيال والامعقول من كبر العصفور الذي حمل سلوى الى المرأة التي تنتظر سلوى.

قصة من شانها غرس الهروب من الواقع للخيال عبر الاحلام، وتؤدي الى خمول وضمور التفكير المنطقي لدى الاطفال، وبالتالي الى مجتمع خيالي حالم ينتظر حلولا اسطورية لمشاكله

وبعده قالت راحيلا مزراحي طالبة اللغة العربية في جامعة تل ابيب :

القصة – سلوى هي طالبة المدرسة الابتدائية تحكي لأمها أن معلمتها حكت للاولاد حكاية “مرجانة” وهيبنت فقيرة ماتت امها ، مريض ابوها ، وزوجته تمنعها من الذهاب الى المدرسة .

جاءت عصفورة واخذت ” مرجانة ” الى امرأة طيبة وغنية لتعيش معها، وتذهب الى المدرس,

على سلوى ان تكمل القصة في الدرس التالي ، في الليل حلمت سلوى ان جاءت عصفورة واخذتها الى بيت ” مرجانة ” لتلعب معها ، ولكن لم ترد سلوى ان ترجع الى بيتها. اقنعتها ” مرجانة ” والعصفور الا تكون طماعة ، ويجب عليهاان ترجع الى اهلها واخويها الذين يحبونها .

المبنى – بنيت القصة كحكاية داخل حكاية داخل حكاية ، الحكاية الداخلية هي قصة ” مرجانة ” المسكينة اسطورة خيالية، حكاية الوسط هي ما حدث في المدرسة ، والحكاية الخارجية هي قصة سلوى البنت ، يصل حلم سلوى بين الواقع والخيال، بين عالم سلوى ، الحكاية الخارجية ، وعالم ” مرجانة” ، الحكاية الداخلية ، هناك مقابلات بين الشخصيات : بين أمّهات ” مرجانة ” الثلاثة ( الحقيقية ، وزوجة ابيها والمرأة الطيبة ) والمعلمة وأمّ سلوى ، وهناك مقابلات بين سلوى البنت وبين سلوى الطالبة وبين ” مرجانة ” وطبعا مقابلات بين الواقع والخيال او الاسطورة او الحلم ، بين الأمّ الميتة والأمّ الحية ، او بين الحية والموت ، بين الفقر والغنى، بين الأمّ الطيبة والأمّ السيئة او بين الشر والخير .

الموتيفات ( motives ) – تبدو الحكاية في النظرة الاولى عالمية ( universal ) ولكن اذا فحصناها جيدا نرى ان الموتيف المركزي فيها العصفور هو اولا – موتيف عربي كلاسيكي ( عند ابن سينا العصفور او على الاصح الورقاء تمثل النفس ) وثانيا – إشارة لوسيلة لعلاقة انسانية ، وهو موتيف محلي ايضا، العصفورة تنقل ” مرجانة ” من أمّها الجديدة الى ابيها المريض والى الوراء ، العصفورة تنقل ايضا سلوى من بيتها الى بيت ” مرجانة ” والى الوراء . هذا موتيف هام ومركزي في الادب الفلسطيني خصوصا بعد سنة 1948 ، نجد في الشعر الشعبي الفلسطيني عصافير كثيرة تسلم وتنقل اخبار ابناء العائلة بين الوطن والمنفى ، او بين الاوطان او المنافي المختلفة مثلا اغنية تقول :

” يا طير يا طائر صوب الامورة

سلم وودّي السلام يابا سلم ع الحلوة وزورها ”

وهي اغنية حب ايضا

او اغنية تقول :

” طيري وهدي يا وزة / ع بلاد غزة يا وزه / قصوا جناحك يا وزه / على عرفة تينة يا وزة”.

يمكن ، بدل العصفور، تكون هي نسيم الريح التي تسلم وتنقل الاخبار او حتى الصباح / مثل قصيدة ” الى ابن عمي في الاردن ، وهي ليست شعبية ولكن مؤسسة على نفس الموتيف ، للشاعر الفلسطيني الراحل راشد حسين :

لا تنسي حيث يطوف الصبح الكريم على المساجد .

ان تصعد الى الصباح مزملا بثياب عابد

وترد لي معه جوابا ثم لا تبخل بشاهد

ليرى به اهلك برهانا بانك لست هامد

أ ترى اراك ؟ نسيت شكلك يا اخي ، ا أتراك عائد؟

المضمون والمغزى – اذا نظرنا الى الحكاية الخارجية ، حكاية سلوى ، نستطيع ان نقول ان المغزى واضح جدا ونهائي : اولا يجب ان لا يكون الانسان طماعا، وثانيا – يجب ان يكون الانسان وفيّا لأهله ، ويمكن ايضا القول ان الانسان يجب ان بكون وافيّا لبيته ، و حتى لوطنه وهذا المغزى غير المباشر ، القصة تؤكد الفكرتين بشكل واضح .

وانما المغزى في القصة الداخلية ، قصة ” مرجانة ” ، ليس واضحا بتاتا ومفتوحا لتفسيرات مختلفة .

السؤال المطروح – السؤال المطروح امامنا هو هل يجب في ادب الاطفال للمدرسة الابتدائية ان ننقل مغزى واضحا ونهائيا بكلمات مباشرة وبسيطة ؟ هل يجب ان نؤكد المثالية ، او يمكن طرح افكار مختلفة غير نهائية ، واحيانا غير واضحة تماما او ذات وجهين ، او مفتوحة لتفسيرات مختلفة ؟ مثل الحياة ذاتها .

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات