القدس:22-12-2011 ناقشت ندوة اليوم السابع الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس ديوان الشاعر ماجد الدجاني الأخير”نفحات قلب“الصادر في الأسابيع القليلة الماضية، عن دار الجندي للنشر والتوزيع في القدس.
بدأ النقاش جميل السلحوت فقال:
يبوح لنا الشاعر ماجد الدجاني، بما يختزنه قلبه من حب، حب الله والحياة، حب الزوجة والأبناء، حب الشعب والوطن، وحب الانسانية جميعها، وإيمان بالقضاء والقدر. وشاعرنا ذو قلب كبير مليء بالحب والغضب والحزن، وفي ديوانه هذا يبوح بمخزون القلب من حب وحزن، وكأنني به يبعث رسالة حب للبشرية، فالرجل الذي لا يحب امرأة، والمرأة التي لا تحب رجلا كلاهما لا يحب الحياة، ولا يحب الوطن، ولا يحب الإنسانية، فـ”على هذه اأرض ما يستحق الحياة”. وهذا فهم راق لرحلتنا القصيرة والممتعة والشاقة في هذه الحياة الفانية، فبالحب يسمو الإنسان، ويبني عالمه السعيد.
ويأتي ديوان شاعرنا هذا بعد نكبته وفاجعته بفلذتي كبده(ثائر ومحمد) وبوالدتهما زوجة الشاعر، وبالتأكيد فان رسالة الحب هذه لم تأت عفو الخاطر، بل هي تعبير عن لواعج اختزنها قلب شاعرنا، وها هو يبوح بها مطبوعة ومنشورة في كتاب، فهل يأتي هذا من باب تعزية الذات، أم مكابرة من شاعرنا الذي يعتصره الألم؟
وفي الواقع فان من يعرف شاعرنا عن قرب، يرى أنه يعيش فاجعة فقدان الأحبة، ولا غرابة في ذلك، فماجد إنسان من لحم ودم، فقد ابنه ثائر وحاول أن يدفن أحزانه، أو بالأحرى أن يبقيها دفينة في قلبه، وحاول أن يتعالى على جرحه الغائر، بانيا آماله على الابن الثاني محمد، وشاء قدر الله وقضاؤه أن يفقد محمدا أيضا، وتتوالى المأساة بفقدان الزوجة أثناء تأديتها فريضة الحج بصحبته،
(فردا كسيف أصدأته يد الزمان بقيت
أبحث عن رفات الذكريات)ص43.
ويقول أيضا:( بقيت فردا مثل سيف أصدأته يد المصائر)ص76
لكن شاعرنا شديد الإيمان بالله وقضائه وقدره، تحمل ما تنوء بحمله الجبال:
فوق احتمال الجبال ما عانيته***من في الدّنى ما قد لقيت يطيق ص24.
وماجد صابر على ما ابتلاه به الله، وهل هناك بلوى أشد على المرء من فقدان الزوج والولد؟
“لم تحمل سفينة مهجتي
يوما الى (الجوديّ)…لم
ولم يفارقني الألم”ص48
ويقول:
“لم يترك الإعصار بحري في سكون
هذا أنا سيل من الأحزان يجرف مهجتي
ونزيف دمع في العيون”ص60.
ويسمو ماجد ويتعالى على البلوى والفجيعة، ويكتب في الحب، وهو بهذا يعود الى الزمن الجميل الذي كان، فيبوح بمكنونات قلبه من الحب الدفين، فهو يتغزل ويرثي، يفرح ويحزن، يتفاءل ويتشاءم، لكن أنّى للحزن أن يفارق القلب المحب .
“الهمّ من فوقي وتحتي قابع***والبؤس بي والنازلات تحيف ص24
وفي لحظة يأس يغلفها الحزن يعود الى ذكرياته الجميلة فيقول:
“لم يبق لي غير البكاء على الطلل
مات الأمل
لم يبق لي إلا كهوف الذكريات”ص45.
وشاعرنا الذي كان يحلم بأن يفرح بزفاف ولديه، يتذكر ذلك الحلم الجميل أثناء حضوره حفل زفاف فيقول ملتاعا:
“لو كان عرس(محمد) هذا الذي أنا فيه أو
لو كان زفاف ثائر
هل تخسر الأقدار لو يوما فرحت
وما عليها خسائر”ص76
ويبلغ الحزن مداه عند شاعرنا، وعدم مفارقته له، فيشبهه بمستوطنات المحتلين المقامة على الأراضي الفلسطينية بقوة السلاح، هذه المستوطنات الكريهة والبغيضة التي ترفض الرحيل، رغم رفض شعبنا ومقاومته لها:
“والحزن بات يقيم دولته بأرضي عنوة
يلقي على الروح الأوامر
ويؤسس المستوطنات
ويرفض الإخلاء، يرفض أن يغادر”ص77.
وواضح أن المآسي المتلاحقة على شاعرنا بفقدان ولديه وزوجته، قد جعلته يفتقد البسمة والفرح:
“زمن يحاصرني بكل مصيبة
وصنوف دهري كل مرحلة تحاصر
وكأنما غدت ابتساماتي
بعرف الدهر من إحدى الكبائر”ص78
نسأل الله أن ينعم شاعرنا بالفرح والسعادة، وأن يحفظ له شيماءه، و”أجمل الأيام لم يأت بعد” أيها الماجد.
وقال محمد خليل عليان:
نفحات الماجد وقصيدته الباكية
الماجد لا يفاجئ القارئ، ولا يضعه في حيرة من أمره .. بل يخبره من الصفحة الأولى، لا بل من العنوان الذي اختاره بذكاء لديوانه الرابع “نفحات من القلب” انه الآن أمام الماجد الإنسان الذي أحب وعشق، وفقد وبكى . في أعماله السابقة كتب للوطن، لفلسطين، للثورة ،للمقاومة ، قاوم بأشعاره الاحتلال والمحتلين وحارب الفساد والفاسدين، وبشر بالنصر المبين، ونسي نفسه ولم يبال بأحزانه وآلامه، ولم يلتفت الماجد في هذه الأعمال إلى الماجد الإنسان بل حبس دموعه ووأد آهاته، وأنكر وجعه وتصالح مع مأساته، وكانت رسالته مقاوِمة، وقصيدته ثائرة، وكرس كلمته للوطن والقضية. أما في هذا الديوان فقد وشى العنوان بالمضمون .. التفت الماجد الثائر، المقاوم، الملتزم، إلى الماجد الإنسان، فكشف عن مكنونات نفسه، وفضح خبايا قلبه، فكانت النفحات براكين والآهات أعاصير، والأحزان كموج هائج، والمأساة عميقة بلا قرار. لقد عاد الماجد الإنسان إلى نفسه مطلقا لمشاعره العنان دون تدخل منه أو قيد، لقد خرجت أحزانه عن السيطرة، وتمردت القصيدة الحزينة على الشاعر المكابر، وصبت جام غضبها على القدر، واعترضت على ” الحظ العاثر ” ورفضت ان تكون ” للأسى حقل تجارب “، وأنكرت ان يكون ثمة من يعرف مثلها ” ضراوة الأحزان ” وتساءلت بغضب وأسى “هل تخسر الأقدار لو يوما فرحت؟ . فكانت القصيدة صادقة، دافئة، حزينة، متمردة، غاضبة، عاشقة، متدفقة، الحب فيها سامٍ ومقدس، والعشق حاجة إنسانية ملحة، والحزن صفة ملازمة لشاعر عانده القدر واختبره غير مرة، وأقحمه في تجربة الغياب المريرة والقاسية التي كانت من نصيب الماجد والماجد فقط. .
” نفحات من القلب ” هو الديوان الرابع للماجد ، وقصائده تحكي عن الماجد نفسه ، كتبها الماجد للماجد .. فيها الماجد الانسان الذي يحب ويعشق، يحزن ويبكي، يناجي ويتوجع، يتأوه ويئن ،يغضب ويفرح، يتحسر ويعاتب، يحلم ويتمنى.. فيها الماجد الشجاع الصبور الذي لم ينهزم رغم المأساة، ولم ينحن لاختبارات القدر، وفيها الماجد الذي يقاوم مآسي القدر بالابداع، ويقاتل الحزن بالقصيدة، ويخفي دمعته ببسمة أمل، فيها الشيماء ملح الأرض ونجمة الصبح في حياة الماجد، فيها ما لا يدركه سوى الماجد وما لم يكتب الا للماجد .
في نفحات من القلب تتفتح زهرة الفرح
وفي أريحا القرنطل والنخيل والماجد ,,
وفيها جدول وقمر وقصيدة باكية
وقال سمير الجندي:
هناك ليس ببعيد في المدينة التاريخية “مدينة القمر” مدينة الدفء، مدينة الشعراء، مدينة أريحا، نعانق مولودا أدبيا جديدا ” لقرنطل فلسطين” الشاعر ماجد دجاني، “نفحات قلب”، نفحاتٌ فيها نبضُ شاعر، وخفقاتُ عبير، فيها صدقٌ مشاعر، فيها آهات قلب، فيها بسمةٌ تخترق تيار الدموع… قرأنا كلمات عانقت الفضاء جعلتنا نسمو، نحلق، اخضرت قلوبنا، لامست أرواحنا أرواحنا، فتوحدنا مع السماء، أشعاره كالسحابة من السماء تمر فتحرك حولنا الحب والهواء، فتسقي المشتاقين، وتؤنس الغرباء…
هذا الديوان هو الديوان الأول للشاعر من إصدارات دار الجندي للنشر والتوزيع بالقدس الشريف، لكنه ديوان الشاعر الرابع، علما بأن لدى الشاعر مخطوطات شعرية يزيد عددها عن العشرين ديوانا، مخزنة على رفوف مكتبته في بيته الريحاوي الجميل… يتكون هذا الديوان “نفحات قلب” من ثمان وثلاثين قصيدة في العشق العذري المحبب… يعرض مقدار ما يعانيه بعد أن فقد حبيبته، زوجته رفيقة دربه ” ” هذا الحب الذي يعجز الشاعر عن نكرانه، الذي يعتبر أن الحياة بلا قيمة بعد فقدان الحبيبة ( ما قيمة الأغصان عارية من الثمر؟) سؤال استنكاري يخرج ثائرا من بين ضلوعه، فلا معنى لأن تبقى الحياة بعد فراق الحبيبة، أغرقنا الشاعر في بحر من الدموع، أغرقنا في داخله المتوجع على فراق أحبته… في كلمات قليلة أحيانا نراه يختزل وحدته القاسية بعد فراق محبوبته لدرجة أنه لا يجد للحياة معنى بعدها حين يقول: ” لا معنى لأن يبقى الشجر” ص6…
“نفحات قلب” أكثرَ عطراً، وأعمق سراً، في كل سطر رأينا ملهمته، يُدين لها الشعر، فمنها يستلهم اللحن أوتاره، وتستلهم الأغنيات المثيرة أسرارها، في عينيها أبجديات أهل الهوى، فكان وجهها وحي البيان، تسكن في بؤبؤ العين والوجدان، أجاد الشاعر في التعبير عن نفسه وعن مشاعره الجياشه، باستخدام اللفظ الملائم للمعنى، فتعانقت الكلمات مع الوجدان مع الخيال في قصائد صعد بها إلى السماء إبداعا وسموا…
عند مرورنا على القصائد ولو كان مرورا عابرا، نجد اتساع ثقافة الشاعر الممتد من عصور الإغريق واليونان، عصر الإلياذة، والإنياذة، والأوديسة، وقبلها عصر الفراعنة، عصر الآلهة الإغريقية، عصر القصص الرومانسية، عصر الصوفية والعشق الإلهي، عصر البنفسج الأندلسي، عصر جاهلية العرب ومن بعدها صدر الإسلام والأموي والعباسي، حتى الأدب الإنجليزي… ثقافة واسعة كما نرى، تمثلت في قصائده الشعرية وغنائياته الرقيقة… كما نجد في هذا الديوان توظيفا دينيا من القرآن والحديث النبوي الشريف، ومن التوراة والإنجيل، ذلك التوظيف الذي أثرى القصائد بالاستشهادات الداعمة للنصوص الشعرية…
نجده يربط بالألفاظ المنتقاة الناطقة بتلك الثقافة، يربط بين الثقافات بين أوفيليا حبيبة هاملت وليلى العامرية حبيبة قيس بن الملوح، ويربط إيزيس آلهة الجمال والحب عند الفراعنة بعبلة حبيبة عنترة بن شداد، وكيف يرى محبوبته في عيني بثينة محبوبة جميل بن معمر، فقد ربط بين كل الأحبة العذريين عبر التاريخ بحبيبته هو لنلمس شغفه وعظمة حبه الطاهر العفيف، عندما يقول: سأظل منتظراً على قمم الجبال .. وفي السهوب وفي الشطوط.. وأمتطي صهوات خيل العاشقين.. سأظل منتظراً وفي قلبي وفي مجرى دمي.. خفقات كل المغرمين.. وأراك (أوفيليا).. و(ليلى العامرية) في الخيال.. وفي الفؤاد وفي الوتين.. وتلوح لي (إيزيس).. في عينيك ترقبني.. و (عبلة) أنت والقمر المطل.. على (تهامة) و (الحجاز).. وفي مساحات الرمال وفي ترانيم الجنون..وأرى بثينة فيك ماثلة أمامي…
هو يحمل محبوبته في قلبه، يراها في كل مكان يذهب إليه أو يمكث به، لم يقارنها بالعاشقات المتيمات فحسب إنما يجدها في ازهار حديقته وفي نوار برتقاله يراها بين موجة وموجة وبين ضربة مجداف وأخرى… يشي لنا بكل عفوية صادقة عن حب عظيم يسكن قلبه… ينظر ص47.
هذا هو شاعرنا ماجد الدجاني، يعيد حب الصحارى للفؤاد، فهل يشيب فؤاد يسكن فيه كل هذا الحب، هذا الحب الذي يشفي من صداع الفكر، هو ليس كالأسبرين، لكنه هدى ورحمة للحائرين… يسكن خلف الكلمات، أكبر من كل الآهات… يتبسَّم… يضع ضياء بسمة من ثغره الوضَّاء، ووجهه البريء، تضيء ساحة الفؤاد المظلم، فقد اخترق حواجز الزمن الرديء، تحدياً مع سبق إصرار، بمحض إرادته… كتب أجمل الأغنيات، وأعذب الألحان، فمنه الغناء ومنا الطرب…قد تبسَّم حتى انطلقت الأفكار من عقالها، وانطلقت الأشعار من قيودها، على دروب الكون كالجواد المطهم… فما كان منه إلا النقش، وما كان منا إلا السهر… فما أعذب ما كتب…
وقالت نزهة أبو غوش:
أَفرزت ظروف الدجاني الخاصّة، والعامة حروف الشاعر وقصائده في هذا الديوان. الظروف السياسيّة في ظل الاحتلال، والظروف التاريخيّة، والاجتماعية، والدينيّة، فتولّدت عن تلك الحروف كلمات صارخة متوجِّعة مقهورة ومتألِّمة متحدِّية، وأُخرى معاتبة للقدر، أَمّا الكلمات الهامسة الرّقيقة الدّافئة، فكانت كلمات الدّلََجاني العاشق الّذي ينبض قلبه بالحب الكبير، فتجلت في قصيدة “شكوى”، وقصيدة ” استئناف حكم”، و ” حراسة”، و”تأخُّر” و” مخرت عيونك بحر قلبي”.
تنوّعت عناوين القصائد، فهي تارة تتألّف من كلمة واحدة تحمل الكثير من المعاني، مثل:”انفجار، وآهات، وتحوُّل، وعشتار، وحراسة، وغيرها؛ وهناك عناوين بجمل اسميّة نحو: عيناك حربًا وسلما، مناورة ومشاجرة، أَنت قلبي، وهناك عناوين بجمل فعليّة نحو: مخرت عيونك بحر قلبي، وتبسّمي، وأُحبُّك ولا أَستطيع الاعتذار، قولي لهم لا تخجلي. عنوان الدِّيوان” نفحات قلب” لم يختره الشّاعر من بين عناوين القصائد، بل جاء مستقلا معبِّرًا عن مضامين القصائد الّتي هي نفحات صدرت عن قلب مكلوم.
عندما تقرأُ ديوان الشّاعر، ينتابك شيءٌ خفيٌّ يجعلك تبحث ما بين الكلمات عمَّا يتعلق بك أَنت؟ أَنت المتذمر، أَنت المقهور، أَنت المتأَلِّم، أَنت العاشق. قصائد الدَّجاني كانت المرآة العاكسة لحياة الإِنسان الفلسطيني المقهور الذي فقد أَرضه وكرامته، وولده.
رأيت أَن أَتناول في تحليلي هذا قصيدتين من الدِّيوان، اخترتهما بشكل عشوائي: قصيدة “آهات”، وقصيدة “ظلام دامس”
يتأوّه الشاعر الدَّجاني في “قصيدة آهات”على الزمن الطويل الّذي مرَّ من عمره، فجاءَت تأوُّهاته متألِّمة صارخة ضرب فيها على أَوتار الضياع و ضيق الدرب وفقدان الأمل. بدت ظاهرة التشاؤم واضحة في قصيدتي الشاعر وقلبه مفعم بالألم. هذا دليل على أَنّ القصيدتين لهما دلالتين: دلالة وجدانية، ودلالة نفسيّة
استعان الشاعر للتعبير عن مشاعره تارة بالبحر والأمواج. والرِّمال، والموانئ والمراسي، والفنار، وتارة أُخرى بالليل والظلام، وتارة بالسماء وما تحويه من شمس ونجوم، ثم لجأُ إِلى الطبيعة برعدها وبرقها وريحها. أرى أَن تلك العبارات قد خدمت فكرة الشاعر للتعبير عن ألمه، وغضبه” والريح تضرب كلَّ شطآني” ” ما أشرقت شمس على مدني” لم يترك الإعصار بحري في سكون” – ظلام دامس- ص60, ” تاهت عن البحر الموانئُ والفنار/ نسي المراسي والشطوط/ لا شيء في كبد السّماء سوى الرُّعود / سوى البروق” تأوُّهات ص42.
غلب الأُسلوب المباشر على القصيدتين، مع أَنّ الشاعر قد استخدم فيهما بعض الرموز نحو:الشمس، الريح، السراج، العشب، الغيوم، الصدأ، النورس الشظايا، الزجاج…
استخدم الشّاعر في قصيدة ” ظلام دامس” أُسلوب التكرار في عبارة- هذا أَنا- حيث ظهرت في ستة مواقع مختلفة ” هذا أَنا لم تجر ريحي باتِّجاه سفني” هذا أَنا نصل بأَضلاعي..” “هذا أَنا سيلُ من الأحزان…” هذا أنا يأْس تلاطم…” الخ. لقد أَفاد التكرار هنا التوكيد بالتعبير عمّا تحتويه ذاته من يأس وأَلم.
استخدم الشَّاعر أُسلوب التّنصيص من الآيات القرآنيّة، ومن قصائد بعض الشعراء، مثل امرؤالقيس، وأُغنية فيروزنحو: والعشب يا ( فيروز) غطَّى القلب من قبل الدّراج/ حالي كحالك ” ما في حدا”. ” سماؤنا ذات البروج” “آنست في سيناء نارًا” / ” والليل ناء بكلكل أَرخى على الرُّوح سدوله ” آهات ص42،43″ برمل وادٍ غير ذي زرع” ظلام دامس ص 60.
في نهاية قصيدة ظلام دامس راح الشاعر يبحث عن نقطة ضوء تنير حياته فتساءل” أَتُرى يرفرف نورس في شاطئي؟ أَيضيءُ في شطِّي فنار من حنين؟” ص60 هنا يمكنني أَن أَقول بأَنَّ الشّاعر يتجه رويدًا رويدًا نحو التّفاؤل ليبتعد عن مظاهر التّشاؤم الّتي غطّت القصيدتين.
لغة الشّاعر في القصيدتين كانت واضحة وسلسة ومباشرة، كثرت فيها التشبيهات والاستعارات والكنايات ” وتاج شوك قابع فوق الجبين” ” والريح تضرب كلّ شُطآني” والأمس شيّعنا جنازته” ” لم يبق لي إِلا كهوف الذكريات” الخ..
وشارك في النقاش ابراهيم جوهر ونبيل الجولاني، وموسى أبو دويح.