بقلم:د.بطرس دله-كفر ياسيف
وصلني “كتابك” “أنا وحماري فقرأته من الغلاف الى الغلاف فوجدت فيه الشيء الكثير من النقد خفيف الظل لقضايا سياسية واجتماعية مختلفة، يعاني منها انسانا الفلسطيني في كل ناحية
من أرجاء هذا البلد، ان هذا الأسلوب الذي اتبعته يذكرني بما كتبه الاستاذ رشدي الماضي من حيفا في كتابه “حديث القلم” والذي اتبع فيه نفس الأسلوب. كما يذكرني بكتاب “حماري قال” وكتاب عصا الحكيم، اذن الأدب العربي لم يعدم كتابا يكتبون فلسفتهم في الحياة على لسان الحيوانات او حتى الجماد، وكان كتاب “كليلة ودمنة” فاتحة الطريق الى مثل هذا.
لفت انتباهي في هذه الخواطر امور عدة أهما نقدك اللاذع لسياسات حكومات إسرائيل وتوسيع وتكثيف الاستيطان بشكل يمنع تحقيق السلام المنشود بين شعبي هذه البلاد! كما اعجبتني خاطرتك الموسيقى المناخيرية” وهو تعبير فيه الكثير من الابداع والتجديد لم نعهده من قبل. كما ان انتقادك للبيروقراطية في “أبو العظرط” “وكلنا روس” و”صاحب السعادة” وغيرها هي واقعية حتى الثمالة، والحقيقة هي أن كل نقد مالم يكن مؤلما لا يترك أثره في نفس القارىء، وانت اخترت الحمار لتضع الحكمة في فمه، وتعفي نفسك من المسؤولية في الظاهر وهذا شيء جميل ومقبول، يعاني مجتمعنا كما تعرف من الكثير الكثير في كافة نواحي الحياة وكل أبداع في هذا المجال، وكل نقد صريح كما ورد في كتابك المذكور هو لبنة أخرى تضاف الى بنيان التغيير للأفضل! ولما كنت أؤمن بأن التغيير لا يتم لمجرد النقد فأنا اعتقد اننا بحاجة لا الى التغيير فقط بل الى التغيير الجذري، ومعنى ذلك “الثورة” فالتغيير الجذري الذي هو الثورة على كل مألوف ومتبع هو الضمان الأكيد للخروج من جاهلية القبائل ومن أصنام الجاهلية، وقد سبقتنا شعوب الأرض على اختلافها الى مثل ذلك! هل تذكر النكتة عن الفر
يق المصري الذي دعى الى البرازيل للعبة قدم ودية. وقد ضل احدهم وسأل اين يجد زملاءه؟! كان الجواب: باستطاعتك أن تقص الأثر حيث يبصق كل اعضاء الفريق في الشوارع! ومثلها ان احدهم رأى ان العرب يقضون حاجاتهم في التبويل بجانب أي شارع! ولما راى احدهم يقوم بذلك سأل مضيفه البرازيلي: هذا رجل يبول في الشارع فما رأيك؟! تطلع المرشد البرازيلي وقال: هذا صحيح فهو احد اعضاء الوفد المصري!
أخي جميل اسمح لي أولا ان أبارك نشاطك ونقدك هذا واقول: قدما والى الأمام! فأنت صاحب قلم لاذع فيه الكثير من خفة الظل لا يجرح أحدا بإسمه، ويكتفي بتوجيه النقد على امل الاصلاح، ونحن هنا داخل الخط الاخضر أيضا نأمل بالأصلاح حتى لو كانت هناك بعض المظاهر التي تخطيناها الى غيرها فوقعنا في غيرها.
وقد قرأت اولا “حمار الشيخ” فوجدت فيه استمرارا لكتابكم السابق “انا وحماري” ولكن في هذه المرة بدا نقد السلطة والمجتمع اكثر عمقا، واكثر تطرقا واكثر تأدية للرسالة والفكر الفلسفي. لأنك تشعر القارىء بنظرتك الثاقبة أنك على حق في كل ما تقول، ولكنك في هذا الكتاب حذفت العناوين واكتفيت بالترقيم وهي طريقة غير محببة تبعث احيانا شيئا من الملل في نفس القارىء على الرغم مما في النصوص وعلى لسان الحيوان من النقد في جوهر المجتمع، وفي اتفاقيات السلام التي ناقشك الحمار حول كنهها، كما أنك، دخلت في استعراض بعض القضايا الشخصية مثل قضية الشاب المعوق الذي تصف حياته لتكون اسوأ بكثير من حياة صاحبك ابي صابر وذلك في صفحة 110 – 111 رقم (73)! او نقد الأيمان بالمعاجز والغيبيات كما في رقم 45 ص – 80، كما تنقد حرية الصحافة وحرية الكلمة غير المضمونة وتخوف المعلمين من جهاز الادارة، كما تصل المستشفيات والمدارس والمجاري وغيرها. يبدو لي انك انسان قارىء، هذا وقد برز ذلك واضحا في كتابتك التي نجحت في تعرية الفساد حتى الآن على امل التغيير الجذري أي الثورة على كل ما هو متعارف عليه، فكل تجديد هو ثورة وكل ثورة هي سلاح ليس م
ن اجل الحرب والقتال، ولكن من اجل التغيير الثوري الجذري! نحن كذلك داخل الخط الاخضر نعتقد ان بالامكان تحقيق مكاسب اكثر لو تكاتفت الجهود بشكل ناجز وكما يجب.
أخيرا أقدم لك شكري على إهدائك هذا الكتاب وارجو ان يتم التواصل في المستقبل فيما بيننا وان نتابع مشوار العطاء لاثراء مكتبتنا العربية بكل ما هو نافع.