القدس:17-11-2011 خصصت ندوة اليوم السابع الدورية الأسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني جلستها هذا المساء للاحتفاء بالأديب ابراهيم جوهر أحد المؤسسين الرئيسيين للندوة والمثابر على حضور جلساتها والمشارك الدؤوب في فعالياتها، وقد بدأ الحديث جميل السلحوت فقال: عرفت ابراهيم جوهر منذ ولادته في 12 نوفمبر 1957 بحكم القرابة والجوار في السكن، وتابعت مراحل عمره المختلفة، فهو لمّاح منذ طفولته المبكرة، ومتمرد على الواقع المرير دون شغب، يدرك الأشياء جيدا…تقرأ قبوله لها من نظرات عينيه، وتقرأ رفضه لها ايضا من نظرات عينيه مصحوبة بتنهيدة عميقة، لكنه في الواقع راض عن نفسه ويتصرف حسب قناعاته، يكره الظلم والجور لنفسه وللآخرين فهو ذو نفسية شفافة، يبتلع همومه كي لا يؤذي الآخرين….وهو شغوف بالمطالعة منذ تعلم أبجدية اللغة….وكانت مكتبة أخيه الأكبر محمد-على تواضعها- ملاذا له….ومحمد هذا نقابي معروف يقيم في عمان منذ حرب حزيران 1967 العدوانية، لم يزر الأراضي المحتلة الا قبل بضعة شهور لوداع شقيقه أحمد الذي فارق الحياة اثر مرض عضال ظهر عيد الأضحى هذا العام 6-نوفمبر الحالي، ولوداع اثنين من أبناء عمومته كانا على فراش المرض وتوفيا لاحقا قبل شقيقه احمد. ولم يزر أي مكان في فلسطين بما في ذلك المسجد الأقصى لأنه لا يطيق رؤية الوطن محتلا، ومحمد جوهر روائي كتب الرواية بعد سن الستين….ومحمد المولود عام 1930م له دور ريادي في نقل أسرته من البداوة الى الحضارة في قفزة نوعية، متحديا بذلك الأعراف والتقاليد فكان ولا يزال قدوة يقتدى…..ومما لا شك فيه أن ابراهيم تأثر بشخصية أخيه محمد كثيرا خصوصا وأن الفارق في العمر بينهما يقارب الثلاثين عاما. وابراهيم جوهر كثير الحركة في شبابه كان يتقرب من الأكبر منه عمرا، خصوصا من لهم علاقة بالثقافة والأدب….فاستعار منهم الكتب الأدبية وحتى السياسية في سعيه المبكر نحو الثقافة…..يسألهم ويناقشهم ويحاورهم كاسرا بذلك حاجز العمر بينه وبينهم…..وكان مثابرا يحاول الكتابة في سن مبكر…أذكر تماما أنه عرض عليّ بعض كتاباته وهو في الصف الثالث الاعدادي…وأذكر كيف أرسل كتابات لصحيفة الفجر ونشرت له وهو في المرحلة الثانوية…وعندما صدرت مجلة”الفجر الأدبي” التي أسسها ورأس تحريرها الشاعر علي الخليلي في النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي كان ابراهيم جوهر أحد كتابها المواظبين، وكذلك في مجلة الكاتب لصاحبها ورئيس تحريرها الأديب اسعد الأسعد. بدأ ابراهيم جوهر كتاباته بكتابة الخاطرة والمقالة الأدبية وسرعان ما انتقل الى كتابة القصة القصيرة وقصة الأطفال، والمقالة النقدية والبحث الأدبي، ومن دراساته البحثية المتقدمة “الأرض في القصة الفلسطينية”. وابراهيم جوهر الكاتب النشيط هو أحد مؤسسي اتحاد الكتاب الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعضو هيئته الادارية المنتخب لأكثر من دورة. كما فاز بعضوية مجلس طلبة جامعة بيت لحم أثناء دراسته اللغة العربية في الجامعة، وعندما ترشح في الساعات الأخيرة من المدة المقررة وفي حوار مع رئيس كتلة طلابية منافسة، وجه له أحد الحضور سؤالا: ما دمت ترشحت مع هذه الكتلة فلماذا لم نشاهدك الا الآن؟ فأجاب فورا: المشاهدون لا يرون مخرج المسرحية على خشبة المسرح…. وابراهيم جوهر الأديب العصامي عرف السجن لأكثر من ستة شهور أثناء دراسته الجامعية…وبعد تخرجه عمل محاضرا في احدى المعاهد الجامعية المتوسطة، ثم مدرسا في احدى المدارس، وعمل في الصحافة….كما عمل محاضرا في جامعة القدس بعد أن حصل على درجة الماجستير في اللغة العربية، ولقيت رسالته عن”أدب الأطفال في فلسطين” ردود فعل ايجابية واسعة. وابراهيم جوهر أحد مؤسسي ندوة اليوم السابع الدورية الأسبوعية في آذار 1991، وركن أساسي فيها ومواظب على حضور جلساتها، ويغنيها بمداخلاته التي تشي بعمق ثقافته وسعة اطلاعه. ونحن عندما نتكلم عن ابراهيم جوهر فاننا نتكلم عن أديب له بصماته على الحركة الثقافية في فلسطين المحتلة مع أنه لم ينل حظه في وسائل الاعلام. وقال الأديب محمود شقير: إبراهيم جوهر… المثقف الفلسطيني النـزيه من يتعرّف إلى إبراهيم جوهر عن قرب تتأكّد له حقيقة أن هذا الرجل وثقافته صنوان لا يفترقان. بمعنى أن السلوك اليومي لابراهيم جوهر وعلاقاته الطيبة مع الناس، وسعة أفقه وتوخّيه الصدق في ما يصدر عنه من مواقف وأحكام، إنما هو التعبير الحي عن ثقافته التي لا تنفصل عن شخصه وعن طبيعة تعاطيه مع الحياة. وبمعنى أن ثقافة ابراهيم جوهر المبنية على الاجتهاد الخلاق، والابتعاد عن التزمت و الانغلاق، إنما تستمدّ حضورها من حضور الشخص نفسه في الواقع وفي المشهد العام الذي يتحرك من خلاله، وينشط فيه بفاعلية، للتأثير فيه وللذهاب به ومعه نحو ذرى أعلى من دون ادّعاء أوتظاهر أو استعراض. ويبدو لي أن عوامل شتى تضافرت على تكوين شخصية ابراهيم جوهر على النحو الذي جعل هذا الإنسان النبيل محبوبًا من معارفه وأصدقائه وتلميذاته وتلاميذه ومريديه، وجعله في الوقت نفسه مجبولاً على حب الخير، وعلى تقصي نواقص الأعمال الأدبية ليس من باب النكاية أو تثبيط الهمم، وإنما للارتقاء بمستوى ما يكتبه الأدباء، وبالذات جيل الشابات والشباب. وهو في الوقت نفسه لا يتوانى عن الاحتفاء بكل إنجاز إبداعي جيد، مشيدًا به على النحو الذي يمهّد السبيل لمزيد من الإبداع الجيد الذي نحن في أمسّ الحاجة إليه، وذلك بالنظر إلى ما تتعرّض له بلادنا، والقدس في القلب منها، من إجراءات إسرائيلية احتلالية، تستعين من أجل تزوير المشهد الأصيل لبلادنا ولقدسنا، بالأسطورة وبقوة المدفع والجرّافة، وكذلك بقوة النص الأدبي الذي يحاول استيعاب القدس باعتبارها مدينة لليهود عبر التاريخ. لقد كان لإبراهيم جوهر حظّ التحدّر من أسرة، تجمّعت لديها عناصر وعي متقدّم، مقارنة بالوعي الذي كان سائدًا في محيط العشيرة التي تنتمي إليها أسرة إبراهيم. ربما كان للمهن التي مارسها بعض أفراد الأسرة علاقة بهذا الوعي. وهو الوعي الذي قاد الأخ الأكبر لإبراهيم إلى التطوّع في أول شبابه للدفاع عن القدس في العام 1948 وإلى العمل مدرّسًا للتلاميذ، ومن ثم إلى دخول ساحة النشاط الحزبي في خمسينيات القرن العشرين، لتحقيق حلم الوحدة العربية والتحرر من الاستعمار وتحرير فلسطين. ولقد تعرّض هذا الأخ الأكبر الذي ترك إشعاعه الأكيد على أفراد أسرته وعلى محيطه الأوسع، للسجن والاضطهاد على أيدي الجلادين، جرّاء انتمائه السياسي. وكان من نتيجة ذلك كله أن عبّر هذا الأخ الأكبر، القائد النقابي محمد جوهر عن تجربته السياسية والنقابية في كتاب من كتب السيرة الذاتية، نشره أوائل تسعينيات القرن العشرين. وكانت لإبراهيم جوهر نشأته الخاصة التي جعلته مهتمًا بالتحصيل العلمي وبالتفتح على الأدب والسياسة والفكر التقدمي، في زمن كان فيه للفكر التقدمي حضوره المتميز، فكانت لإبراهيم فرص وافرة للتعرّف إلى قادة سياسيين، وللعمل مع بعض هؤلاء القادة في ميادين الصحافة إلى جانب السياسة وتجلياتها اليومية، الأمر الذي انعكس لاحقًا في تجربة ابراهيم العملية في الحياة، حيث الرغبة الملحة في الاستزادة من المعرفة، والميل المشروع إلى مناقشة الفكرة في أبعادها المختلفة، والابتعاد عن التحيز الأعمى الذميم. ولعلّ ممارسة ابراهيم جوهر لمهنة التدريس في المدرسة وفي الجامعة أن تكون عنصرًا محفّزًا للرغبة الكامنة في نفسه، تلك الرغبة التي تعني التوسّع في مغزى أن يكون المرء معلمًا، فاختار إبراهيم عن قناعة، كما يبدو لي، بأن يكون منشّطًا ثقافيًّا مثابرًا على تلك المهمة النبيلة، قدر اهتمامه بإنجاز إبداعاته السردية في أدب الأطفال، وفي السرد الحكائي الذي يستفيد من أسلوب المقامات في التراث العربي، وكذلك في تكريس جزء غير قليل من كتاباته، لكتابة النقد الأدبي، الذي تعامل وما زال يتعامل مع نصوص أدبية فلسطينية وأخرى عربية وغير عربية. إن مسحة الجدّ التي تبدو على وجه إبراهيم جوهر، بشعره الأبيض الكثيف وبشاربيه الأبيضين الكثّين، تخفي على نحو بالغ التمويه، مزاجًا انبساطيًّا لرجل ساخر مرح، بعيد عن ضيق الأفق وعن نعرات التعصب والنزق والأنانية. ولأن الإبداع، والنقد الأدبي منه بالذات، يحتاج إلى قلب كبير، فلا غرابة في أن يكون إبراهيم جوهر هو ذلك الناقد الذي لا يجامل ولا يحابي، ويقول صراحة ما يعتقد أنه الصواب. وهو ذلك المثقف النزيه الذي نحن أحوج ما نكون إليه في هذا الزمن الملتبس. فتحية لإبراهيم جوهر مع تمنياتي له بالصحة وبدوام التألق والعطاء. وقال موسى أبو دويح: تعرّفت على عائلة إبراهيم جوهر منذ بداية ستينات القرن الماضي، حيث عملت مدرسًا في مدرسة بيت صفافا وكان أخو إبراهيم (الأستاذ المرحوم إسماعيل جوهر) مدرسًا في المدرسة نفسها، ومن خلاله تعرّفت على أبيهم وأخيهم الأكبر الأستاذ محمّد جوهر، والمرحوم أحمد وعبد الله، وكان إبراهيم حينها ابن سبع سنين. ويشاء الله أن أعود للتدريس في مدرسة بيت صفافا في سنة 2000 م، أي بعد انقطاع عن المدرسة زاد على ثلاثين عامًا. و إذا بإبراهيم جوهر يدرّس اللغة العربيّة في المدرسة عينها، وفوجئت به يعرّف عليّ أنّي أستاذه، علمًا أنّي لم أعلمه أبدًا. فعرفت من يومها أنّ هذا الرجل يتمتّع بأدب جمّ وخلق كريم. وزاملته في المدرسة سنتين رأيت خلالهما تميّزه عن المعلمين، بإخلاصه وحرصه على أنيعطي التلاميذ كلّ ما يستطيع، بل وأكثر من ذلك؛ حيث كان يشدّ شعر رأسه كثيرًا عندما يرى تلميذًا منصرفًا عن الدرس أو الفهم أو العلم أو الإدراك، بل يتحرّق أسىً وحسرة لعدم حرص التلاميذ على الدرس. وزادت معرفتي بعلمه وإخلاصه في عمله عندما رأيت المستوى الذي بلغته طالباته في الجامعة في الكتابة النّقديّة، حيث كان يدعوهنّ لحضور ندوة اليوم السابع والمشاركة فيها. إبراهيم ذلك الإنسان الذي لا يجامل أبدًا في النّقد، فكثيرًا ما كان يردّد في الندوة _وعلى الأخص لأعضائها الذين يستكثرون من الكتابة والتأليف ويتعجلون في ذلك_ ويقول لهم: (لا تستعجلوا ولا تتسرّعوا، فالكاتب يجب أن يتقدّم في كلّ كتاب يصدره عمّا سبقه من إصدارات، وأن يأتي في كتابه بجديد نافع، ولسنا بحاجة إلى أن نضيف غثاء على غثاء، وأن نضع ضِغْثًا على إبّالَة)، كان يقول ذلك لهم أو قريبا من ذلك. وكان يستشهد لهم بقصائد زهير بن أبي سُلمى والتي سمّيت بالحوليات؛ لأنّه كان يستبقي القصيدة حولا كاملا ينقّحها ويحذف منها ويضيف إليها،حتّى تخرج إلى النّاس آيةً في الجمال والكمال، أو قريبًا من الكمال. إبراهيم المتميّز في كتابته _وإن كان مقلا_ إلا أنّه لا يخالف ما يدعو النّاس إليه، فهو ينقّح ويدقّق في كلّ ما يكتب، ويتحفنا في كلّ جديد له بجديد. حفظ الله لنا إبراهيم، وزاده علمًا وفهمًا ووعيًا وحرصًا على اللغة العربيّة وكلّ ما يكتب بها، وأبقاه الله لنا سيفًا مسلولا على العابثين بالكتابة، الذين لا يدرون ماذا يكتبون ولماذا يكتبون، بل يكتبون لمجرد أن يظنّوا أنّهم من زمرة المؤلفين المكثرين، أو كما كان يقول أسلافنا عن الكُتّاب المكثرين: (حبّر فلان حِمْلَ بعير). – وقال عيسى القواسمي: أمامك أخاف من الكلمات أن تلبسني تهمة الاعتداء على اللغة . لذلك تعلمت أن أراوغها وتراوغني قبل أن تصل الى مسامعك … قلت إنك لا تجامل فحاولت أنا أن أعاند الخطوة التي تعيدني الى أخطائي…وترجلت أمامك أكثر من مرة إلا أنني ما زلت أتوجس أمام إنصاتك لصوت اللغة ودقة ما وراء الكلمات … حكيم أنت حين أسميك لأن النقد يرتقي حين يكون منك الى لحظة استثنائية تهب النص أو الرواية حقها مما قدمت … لقد قدّمني الاستاذ ابراهيم في جامعة القدس فكنت كمن لامس المستقبل قبل أن يصله …ويكفيني أن أصعد درجة نحو أهداف ما زال الأستاذ يرسمها لنا . وقال أحمد نبيل: شكرا قبل أن أبدأ ، أود أن أذكر حادثة حصلت قبل ستة أعوام حين كنت في الصف الحادي عشر ، ربما نسيتها أنت ، ولكني ما زلت محتفظا بها وأود أن أذكّرك بها …لحاجة في نفسي . كنت آنذاك قد عرضت علينا عدة أشكال هندسية وطلبت إلينا أن يختار كل واحد منا شكلا هندسيا يناسب شخصيته ، بأسلوب فلسفي لطيف ، وكنت أنا وقتها قد تبنيت الفلسفة مذهبا لي ، وعندما حان دوري أجبت : أنا لا اؤطّر شخصيتي بشكل هندسي ، وكانت الحصة على وشك الانتهاء …وعكفت أنت على توضيح الفكرة لي أكثر دون اهتمام من جانبي بالأمر ، حتى حين قرع جرس الحصة سألتني إذا اقتنعت …فأجبت بالنفي ، وحصلت أنا على جلبة شبه تأييدية من الطلاب … أعتذر عن ذلك الآن …كما أعتذر لأنني لم أفهم قصدك آنذاك وكنت يافعا وقتها يحاول فقط أن يعترض ! واستمريت في الاعتراض …حتى لحظة عفوية مني تذكرت الموضوع وأردت في يوم كهذا أن أعتذر لك ، وأشكرك شكرا بما يسعفني من كلمات … شكرا ، ذلك الشكر الخالي من نفاق المدن . شكرا ، تلك الكلمة النقية البعيدة عن المجاملة والإطراء . شكرا ، ذلك البعد من الألفاظ الذي يجعلك أقرب من أخيك وأستاذك أكثر . شكرا ، ذلك الرد المتأخر أو المتقدم أو الذي يأتي بعفوية لا تكلف فيها . شكرا ، على كل دقيقة منحتنا إياها لنعبر فيها عن مشاعرنا . شكرا ، لا رمزية فيها ولا حشو بلاغي . شكرا ، بعد عشر سنوات ، وألف سنة . شكرا ، تلك التي تغني عن زخم ما يدور في الضمير . شكرا ، لا أقولها لأنني مجبر عليها ، بل لأنك تستحقها . شكرا ، أعيدها . لأساس فكري بنيته على محكمة اليوم التي لا زلت أذكر حديثك عنها . عذرا ، لأن شكري يطول وكلماتي قاصرة . تواضعا ، أرجو قبولك اعتذاري وفخري بك . ابنك وتلميذك : أحمد نبيل محمد موسى سويلم ، قال : في عام 1973 م. شاءت الأقدار أن أكون والأستاذ ابراهيم جوهر أبناء صف واحد ، فعرفته عن كثب حين كان وزملاؤه من أبناء قريته يأتون مشيا على الأقدام الى المدرسة . وقد عرفته أكثر حين استشهد أحد طلاب المعهد العربي اثر مظاهرة حصلت في أبو ديس قرب راس كبسة ، وأراد طلاب الصف كتابة تعزية لتنشر في الجريدة . وكنا نحاول كتابة هذه التعزية ، وتقدم الاخ ابراهيم ليكتب لنا ، فصدّر التعزية بعبارة : بكل فخر واعتزاز … وشاءت الأقدار ثانية أن أكون زميلا له في جامعة بيت لحم (1977 – 1981 ) مع اختلاف التخصص . وفي السنة الثالثة كان أحد أعضاء مجلس اتحاد الطلبة ومسؤولا عن المنح الدراسية في المجلس ، وقدّم لي منحة في ذاك الفصل . ثم في مرحلة الدراسات العليا – جامعة القدس حين كانت رسالة الماجستير له عن أدب الأطفال والتي أعجب بها الدكتور أحمد فهيم جبر وأثنى عليها في محاضرة له ضمن مساق ( حلقة بحث في رسائل الماجستير ) . وها هي الأيام تمضي …لألتقي به في ندوة اليوم السابع التي تعقد في المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) . ابراهيم جوهر في نظري يستحق الصداقة …فهو خدوم محب لأصدقائه ناصح متزن يبدي رأيه دون وجل متسامح خلوق مبادر مثابر . عمل بصمت ولا يزال يعمل بكل روح مخلصة وتفان رغم كونه يتعرض للكثير من الإحباطات سواء كان ذلك على مستوى التعليم في هذا الزمن ، أو على مستوى ما يتعرض له من صخب الحياة ومشاكل السلك التربوي . وفقك الله يا صديقي ابراهيم ، وكان الله في عونك أنت وزملائك المعلمين . وألقى الشاعر رفعت زيتون قصيدة كتبها لتكريم الاستاذ ابراهيم ، قال فيها : .. كلمات أكتبها إلى الأخ والصديق والمعلّم إبراهيم جوهر. طوبى لقلبٍ بـينَ أضلــــعِهِ التي كزجـاجةِ المصـــباحِ نورٌ ساطعُ هوَ جــــوهرٌ هوَ لـؤلؤٌ هـوَ دُرّةٌ هوَ نجــــمةٌ بـدرٌ ســنيٌّ طــــالعُ وهوَ الذي في الودِّ قدْ بلغَ السّما وتراهُ فــي سُحُـبِ المحبّةِ راجعُ فإذا تأخّـــرتِ الغــــيومُ بغـيثها كانَ النّدى ولكــــلِّ حبٍّ صانعُ فيهِ التّواضـــعُ قدْ بنى جـدرانَهُ خلقٌ كــــريمٌ للمــــكارمِ جامعُ والذّوقُ طـــــبعٌ ليسَ فيهِ تطبّعٌ واللطفُ ظـــلٌّ والـــوفا لهُ تابعُ لا يطـلــبُ الـودَّ الجـــميلَ لأنّهُ الودُّ حـتّى في التّقـــرّبِ طـامعُ للقدسِ جندٌ وهوَ أفضلُ جـُندها وســـلاحهُ حُـلُــمٌ وعلـــمٌ نافـعُ والقدسُ تربٌ وهوَ خيرُ ثمارها فتــباركَ الله الحكـــيمُ الـــزّارعُ وشارك في الحديث كل من :ديمة السمان، ماجدة صبحي، نسب أديب حسين، صقر السلايمة ومروة السيوري. ومسك الختام قال ابراهيم جوهر معقبا : أصدقائي الرائعين أعضاء ندوة اليوم السابع ، أبنائي وبناتي ممن بهم أفخر ، الحضور الكريم : أشكركم جميعكم ، أشكر كلا باسمه ، وأنتم تغمرونني بهذه المشاعر الطيبة والكلمات الجميلة … لقد فاجأتموني حقا بهذا التكريم ، وأسعدتموني وأنتم تؤكدون لي أن الخير باق بين الناس ، وأن العمل الطيب الصادق يجد من يقدره ,,,في زمن بات فيه العمل ينتظر مقابلا ماديا آنيا ، ها أنتم تثبتون لي أولا صدق ما بقيت اردده من أن من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ، فأشكركم شكرا يليق بكم ، بأرواحكم النبيلة ـ ونواياكم الصادقة المنتمية لتراب هذا الوطن وعبق هذه المدينة وتاريخها وحقنا فيها . ربما لأن سقف توقعاتي من ذاتي عال ، وعال جدا ، فإنني لا اجد نفسي قد قدمت ما يستحق التكريم ، فلم أطلبه ولم اتوقعه …أشعر بأنني مقصر ، لم أقدم ما يجب تقديمه ،،،إنها القدس يا أصدقائي ، وقضية الثقافة في الوطن تلك التي تتطلب منا المزيد من العمل والتقديم …وتتقزم أعمالنا أمام عظم المسؤولية الملقاة علينا . ومع هذا فإن الإنسان مفطور على حب سماعه للشكر والإطراء ليشعر بأنه يقدم شيئا يوجد من يقدره . وإنني أعتبر هذا التكريم النبيل من جانبكم النبيل بمثابة تغذية راجعة تعيد إليّ ما يصحح مسار عملي بل ويدعمه ليضمن تحقيق نتائج أفضل . إن رؤيتي للكاتب الفنان أحمد نبيل ، وللكاتبة مروة السيوري هنا بيننا وسماعي لكلماتهما الطيبة يشعرني بالفخر وبأنني قدمت جزءا من رسالتي التي ذكرتها أمام المشرف التربوي حين تم تعييني في المدرسة ، إذ قلت : تتمثل رسالتي في نشر حب الثقافة والمطالعة والكتابة …وها أنا أجد جزءا من حلمي هنا ، فكم أنا سعيد . شكرا لأصدقائي الذين تحدثوا والذين حضروا ، شكرا للشيخ جميل ، ومحمد موسى سويلم ، ومحمود شقير ، وأحمد نبيل ، وماجدة صبحي ، وصقر السلايمة ، ومحمد خليل عليان ، ونبيل الجولاني ، وعيسى القواسمي ، ومزيّن برقان ، وديمة السمان ، ورفعت زيتون ، ونسب أديب حسين ، ومروة السيوري ، وطارق السيد … لقد درجت العادة على تكريم الناس بعد وفاتهم ، وها أنتم تصرون على تكريم الفرد في حياته ،،،لقد حملتموني عبئا إضافيا لرد الجميل لهذه المدينة التي نحن من ثمارها ؛ مدينتنا التي نعشق ؛القدس . ولعلي لا أخفيكم حين أصارحكم بما ينتابني لحظة التكريم من شعور بقرب غروب الشمس التي لا بد أن تغرب يوما …لعله سيكون غروبا آمنا مطمئنا وقد ارتاح الضمير لأنه أوصل الأمانة ، أو حاول ما استطاع الى إيصالها سبيلا … أشكركم ، وأشكر القدس التي جمعتنا على محبتها وفي حضنها . وفي النهاية قدمت الندوة درعها لابراهيم جوهر تكريما وعرفانا لجهوده في خدمة الحركاك الثقافي.