القدس: 25-4-2019 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس رواية “المرجان البرّي- يغز” للكاتب الفلسطيني يعقوب بولص، المولود في قرية البعنة في الجليل الأعلى. وتقع الرواية الصادرة عام 2019 في 177 صفحة من الحجم المتوسّط.
افتتحت الأمسية ديمة جمعة السمان، وأشادت بالنّص واعتبرته رواية للفتيان.
وقال جميل السلحوت:
أعتقد أنّ هذا هو العمل الكتابيّ الأوّل للكاتب، ومع أنّ الكاتب لم يصنّف عمله هذا تحت أيّ جنس أدبيّ، إلا أنّه قدّم لنا رواية للفتيان خلط فيها الخيال بالواقع، فالأماكن التي تجري فيها الرّواية أماكن حقيقيّة موجودة في فلسطين، وإن كانت أحداث الجزء الثّالث منها تدور في أوروبّا. أمّا الخيال فكان طاغيا في الرّواية وهذا أمر محبّب لليافعين والفتيان.
تقوم الرّواية على ثلاثة فصول، كلّ فصل منها يتحدّث عن حكاية مسيرات ورحلات ومغامرات يقوم بها أطفال وفتيات وفتيان. الحكايتان الأولى والثّانية تدور أحداثهما في فلسطين من خلال رحلة تبدأ من مدينة عكّا، مرورا بعدّة بلدات عربيّة، حتّى تصل إلى مدينة القدس، في حين تقوم الحكاية الثّالثة على حكاية لشخوص الرّواية أنفسهم عندما انتقلوا في رحلة من مطار اللدّ إلى إيطاليا، حيث تجوّلوا في عدّة مدن إيطالية، ثمّ انتقلوا إلى ميونخ وباريس فلندن، حيث شاركت بطلة الرّواية الرّئيسيّة “جميلة الأشقر” في سباق للخيول وفازت فيه بالمرتبة الأولى.
شخوص الرّواية حوالي عشرين شخصا أبرزهم: جميلة الأشقر، سامي الدّمشقي، منصور الجوري، نور الفرسان وجميعهم من عكا، ومريم كنديد من كفر ياسيف، وسهام من إحدى القرى العربيّة.
أعجبني في الرّواية أنّ البطولة اللافتة والرّئيسيّة فيها كانت لفتاتين هما جميلة ومريم. كما أعجبني اعتماد الأطفال على أنفسهم في الأحداث جميعها، وكانوا خلّاقين في طرح المبادرات الإيجابيّة.
لم أقتنع بدور سهام في الرّواية رغم أهمّيّة موضوعها، حيث كانت ضحيّة لجرائم ما يسمّى “شرف العائلة.” فكيف هربت من أهلها في سنّ مبكرة؟ وكيف وجدت من يحميها ويعتني بها ويعلّمها دون أن تعلم أسرتها بها؟ وكيف عادت إلى أسرتها بعد أن درست الهندسة لتلقى حتفها قتلا؟ وكيف ذهب “أبناء الشّعلة” إلى ذويها لاستلام جثمانها؟ وكيف استطاعوا أخذها لدفنها في مكان آخر غير قريتها؟
كانت مبالغة كبيرة في معارك الأطفال مع الضّباع، وكذلك بالنّسبة للصوص الذين سطوا على مخيّم الأطفال قرب النّاصرة، وأحسن الكاتب صنعا عندما جعل الأطفال والفتيان ينتصرون على الضّباع وعلى اللصوص.
خلت الرّواية من وصف الأماكن الفلسطينيّة في حين أجاد الكاتب وصف بعض المدن الإيطاليّة.
لم تخل الرّواية من عشرات الأخطاء اللغويّة.
اعتمد الكاتب على السّرد الحكائيّ والتّقارير الإخباريّة أكثر من اعتماده على السّرد الرّوائيّ.
عنصر التّشويق واضح وجليّ في الرّواية.
تمنّيت لو أنّ الكاتب استغنى عن الفقرة الأخيرة في الرّواية التي تبدأ من نهاية الصّفحة 175 فهي مباشرة وتفسيريّة لا داعي لها، بل إنّها تثقل على النّصّ.
أعتذر عن عدم فهمي لقراءة ومعنى الكلمة الثّالثة في عنوان الرّواية “يغز”.
ومع كلّ ذلك تبقى الرّواية جميلة ومشوّقة.
وقال الدكتور عزالدين أبو ميزر:
بعد قراءة هذا الكتاب احترت والله في تصنيفه، أهو رواية أم قصة؟ أهو سرديّة،أم هو مسارات ثلاث، أم مواعظ وحكم و تجارب حياتيّة؟ أهو حقيقة أم خيال، أم فانتازيا كلامية؟ أم أن وراءه هدف وغاية يريد الكاتب أن يوصلها إلينا؟ لذلك لم يشر على ظهر كتابه أيّا من هذه العناوين، وترك للقاريء أن يستنتج ما يريد.
فكل يحاكم الكتاب على ما استنتجه من قراءته.
فأقول وبالله أستعين، أن الكتاب يحوي كل ما ذكرت، ويصلح تسميته أبناء الشعلة،وهم من يدور حولهم الكتاب بكل ما ذكر فيه.
وفي حديثي عن الكتاب لن أفصل بين ماهو سلبي فيه وما هو أيجابي، بل سيختلط الكلام ببعضه كما اختلط ما يمكن استنتاجه من الكتاب ببعض، وانتثرت حكمه ومواعظه بين السطور بغير نظام، وتفرقت مشاعره الانسانية في الكلمات التي اختارها لها، وإقباله على شيء وإعراضه عن آخر.
اللغة التى استعملها الكاتب هي لغة بسيطة وغير معقدة، تخالها عاميّة بشكل فصيح وكانّك تقرأ جريدة يوميّة؛ فلا تجد فيها أيّا من التأنّق اللغوي، ولا المحسنات البديعية أو البلاغة اللفظيّة والوصف، الذي تقول بعد قراءته: الله الله ،إلا في موضعين أو ثلاثة مواضع على أكثر تقدير، وما بقي فهو كلام تقريري عادي. ضمّنه معلومات جغرافية كثيرة تدل على سعة معرفة من جهة وبنيت على تسفار ورؤية حقيقية لها وتعامل معها، إن كان في فلسطين وكان يدعوها( البلاد) كما يقولها أهل فلسطين بعاميّتهم. وحتى ما كان خارج البلاد في أوروبا مع سعة اطّلاع ومعرفة وثقافة من جهة أخرى.
من خلال الأحداث وتجارب أبناء الشعلة عرض المشاعر والأفكار البشرية على اختلافها من سيّء وحسن، واختلاف البيئات وتأثير ذلك على السلوك الانساني بشكل عام، وتعرض إلى العادات وما لا يزال رغم بشاعته، وكان يوجه القاريء إلى ما هو جيد وطيب وحسن بشكل مباشر وشكل غير مباشر يشكر عليها. إمّا بحكم ومواعظ وإمّا بمحاكمات عقلية مستفيضة أحيانا وبشكل مختصر أحيانا أخرى.
ليخلص إلى انتصار الخير على الشرّ في كل الحالات.
وعودة إلى ما تحدثت عنه من جمال اللغة والصور والوصف الرائع عندما رقصت جميلة الأشقر قوله:
“كانت تتحرك كقطعة حرير تتلاعب بها النسمات، ثم تتحرك وترقص كريشة في مهب الريح، وتحلق فوق الأرض لا تكاد قدماها تلامسان التراب، تحلق هنا وتحلق هناك، ما أجملها وأجمل رقصها!”
ينظر إلى هذه الجمل كقطع نادرة في خضمّ لغة عادية استعملها الكاتب، ولا أقول ركيكة،والذي دعاني إلى قول ذلك ما قرأته من أغلاط لغويّة ولغوية في صفحات الكتاب بشكل ملفت للنظر، ولو عرض الكاتب كتابه على مصحح لغوي قبل الطبع لتجنب هذه الأخطاء.
وأخيرا وليس آخرا دعا الكاتب إلى أفكار نتيجة خبرته الحياتية واختلاف المجتمعات التي أخذ الخبرة منها جديرة بالبحث، فما ينفع هناك قد لا ينفع هنا، ولو شاء الله لجعل الناس أمّة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربي ولذلك خلقهم.
وكتب سامي قرّة:
مقدمة
تحتوي الرواية على العديد من المواضيع الشيقة التي تستحق من وجهة نظري الخوض فيها لما لها من أهمية رمزية؛ لبناء شخصية الفرد وخاصة الفتيان والفتيات في سن المراهقة. وعلى الرغم من أنها رواية تستهدف الأحداث أصلا إلا أن المواضيع التي تتطرق لها تصلح أيضًا لكل فرد يسعى إلى إيجاد مكانه في الحياة، وتحقيق ما يصبو إليه من أهداف. ويمكن تصنيف الرواية على أنها رواية تعليمية لأن الكثير من الأحداث فيها تنقل رسالة إلى القارئ مفادها أننا دائما نتعلم من التجارب التي نخوضها في حياتنا، وأنه كي نحيا حياتنا على الوجه الأكمل لا بد أن نصل “إلى أعلى درجة من الوعي يمكنني الوصول إليها قبل أن أغادر الحياة” (176)، كما تقول جميلة الأشقر في نهاية الرواية.
أمّا من حيث بنية الرواية فإنّنا نجد أنها تتعدى كونها بنية تقليدية، فهي تُقسم إلى أحد عشر حدثا، وكل حدث له عنوان خاص يشكل فصلا دراميا مستقلا، ومع ذلك تتميز الرواية بوحدة عضوية وموضوعية؛ لأن فيها ارتباطا وثيقا وتلاحما بين المعاني أو المواضيع التي تتضمنها الرواية والفصول التي تتكوّن منها. فعلى سبيل المثال، إذا نظرنا إلى المسيرات الثلاثة والسباقات الأربعة نجدها متشابهة إلى حد كبير من حيث مجريات الأحداث والمضامين.
في هذه المقالة سأحاول إلقاء الضوء على أبرز المواضيع والخصائص التي أجدها هامة في رواية “المرجان البري … يغز” وهي التعلم من تجارب الحياة، والحضارة مقابل الطبيعة، والرمزية، وتقنية السرد.
التعلم من تجارب الحياة
يقول المثل أن الإنسان يتعلم من التجربة أكثر ممّا يتعلمه من الكتب، وما نتعلمه من التجربة هو أقرب إلى التعلم غير النظامي أو التعلم الذاتي، ويقع خارج نطاق التعلم التقليدي. وأثناء المسيرات الثلاثة يتعلم الأطفال الكثير من الدروس التي تساعدهم على اكتشاف قدراتهم وصقل شخصياتهم. ونلاحظ أيضا أن ما يتعلمه الأطفال يحدث عن طريق الممارسة الجماعية؛ ممّا يخلق روابط قوية بينهم وشعورا بالإنتماء وتعاطفا مع الآخرين؛ لأنهم “يشعرون بقوة الوحدة وأنهم كمجموعة؛ على استعداد لمواجهة أية مخاطر تصادفهم في الطريق” (69). ونرى أثناء المسيرة الأولى أن الأطفال يجتهدون ويخططون معا من أجل مهاجمة الضبع الذي كان “على وشك أن يفترس سامي” (30) والقضاء عليه ممّا يعزز في “دعم أحدهم الآخر”، وعلى الفور بعد هذه التجربة “بدأت الروابط في ما بينهم تتوثق وتتقوى” (34). وكانت مهاجمة الضبع تجربة قاسية بالنسبة لهم “لكنها حصنتهم وبدأت تنشأ بينهم وحدة حال، صداقات ذات روابط أقوى” (43). ولذلك عند مواجهة أية صعوبات أو إشكاليات لاحقة نجد أبناء الشعلة يلجأون إلى تبادل الآراء والنقاش واحترام رأي الغير، والتعاون وتقبل الخلافات، “فكل حادثة وحادثة أصبحت تخضع لمشاورات” (49) وهذا في نظري مبدأ أساسي من مبادئ حل المشكلات.
ومن الدروس الأخرى التي يتعلمها أبطال الرواية الثقة بالنفس وعدم الاعتماد على الآخرين. فعندما ساورهم الشك بعد أن أحاطتهم ستة ضباع جائعة أثناء المسيرة الثانية، يتساءل الأطفال وهم الآن أصبحوا في سن المراهقة إن كان بإمكانهم التغلب على الضباع، فيقطع منصور هذا التساؤل ويقول: “لا مجال لطلب المساعدة … علينا الاتكال على أنفسنا” (80). وبالفعل تقع “هذه الجملة كالصاعقة على آذان أبناء الشعلة” (80) ويضعون خطة للتغلب على الضباع وينجحون في ذلك. ويعكس النشيد الذي تنشده جميلة بعد أن أصيب سامي بجراح بليغة أثناء المسيرة الأولى وفقدانه لثقته بنفسه ورغبته في العودة إلى البيت؛ كي لا يشكل عبئا على بقية أصدقائه، روح المثابرة والصمود والتحدي وعدم الاستسلام. تنشد جميلة وتقول: “وتقف هناك/وأنت صامد/وتسير وتمشي/وتكبو/ثم تسير وتمشي/وتكبو/وتعود لتقف منتصبًا هناك/كالصاعد/كالأمل الواعد” (32). يتأثر سامي كثيرا بنشيد جميلة إذ يرى أنها بذكائها وكلماتها الجميلة تستطيع أن تحوّل الضعف إلى قوة وإلى فرصة لحث سامي على البدء من جديد.
يسعى أبناء الشعلة إلى تحقيق ذواتهم وتأكيد استقلاليتهم وحريتهم. وهم أيضا يحاولون اكتشاف طريقهم في الحياة. فهم جيل جديد لعالم جديد يختلف عن عالم الكبار. ولكن من وجهة نظر والدة سامي “جيل اليوم هو جيل شياطين .. يكثر الوعي عندهم .. ويكثر أيضا العنف .. ولا تردعهم المخاطر” (21). أمّا والد نور فيُظهر تفهما أكبر لعالم الصغار، ويتيح له المجال لابنته كي تكتشف العالم بنفسها، فهو يعرض عليها رأيه ويترك القرار لها؛ كي تواجه الواقع وتبني روادعها بنفسها. وهو لا يسمح لها بالاتكال عليه، ولا يمنعها من المخاطر، ويتيح لها لفرصة كي تدخل في تجارب ومخاطر مختلفة، فهو يتركها لنفسها لتحقيق طموحاتها. وعلى العكس من والدة سامي، يحاول والد نور أن يبني علاقة ثقة مع ابنته. وفي حالة سهام نجد أن الثقة معدومة بينها وبين والدها وعائلتها ومجتمعها المحافظ؛ لأنهم يحاولون فرض حياة لا تريدها عليها، ممّا يدفعها إلى الهروب من بيت والدها. تقول سهام لجميلة الأشقر “بأنها هربت من بيت أهلها. فهي تريد أن تتعلم .. وتختار لنفسها حياتها، وأن تكون مستقلة في قراراتها، لكن أهلها يعارضون ذلك ويريدون أن يفرضوا عليها حياة أخرى، ودائما يتذمرون من إنجازاتها ومن قدراتها ويحطمون معنوياتها” (51). وهنا نجد نوعين من العلاقة بين الآباء والأبناء واحدة تستند إلى فهم الأبناء وبناء شخصيتهم، وأخرى إلى زعزعة الثقة بين الآباء والأبناء وهدم شخصيتهم، ممّا يدفع الأبناء إلى التمرد والعصيان والبحث عن حياة يستطيعون فيها تحقيق ذواتهم. فالجيل الجديد ينظر إلى الحياة بمنظار مختلف، وكل تجربة يمرّون بها تنير أفكارهم وتكسبهم خبرة حياتية جديدة.
من أهم الخدمات التي يمكن أن نقدمها لأنفسنا وإلى العالم من حولنا هو اكتشاف قدراتنا واستخدامها في تحقيق ذواتنا وطموحاتنا، وعلينا جميعا أن لا نقلل من الجهد الذي يجب أن نبذله بغية تغيير مسار حياتنا. ولا يتحقق تحقيق الفرد لذاته إلا إذا خاض العديد من التجارب بحيث تكشف كل تجربة عن جانب من حقيقة كيانه؛ فالإنسان دائم البحث عن ذاته وعن معنى حياته، ومن يجد نفسه يعيش الحياة بأكملها وبكل معانيها. وعندما يكتشف الإنسان الطريقة التي يجب أن يحيا بها تتغير حياته، وما يكتشفه أو يختبره الانسان بنفسه في الحياة أفضل بكثير مما يكشفه له الآخرين. وهذا ما تعبّر عنه جميلة أثناء زيارتها في المسيرة الثالثة لمتحف مايكل انجلو في فلورنس، ومشاهدتها لتمثال رجل يحاول أن ينتصب على قدميه، وما يزال بقية جسمه داخل الصخرة. تقول جميلة: “… في كل مرة ننجح في أخذ أنفسنا إلى أقصى قدراتنا من خلال تجربة ما، وقتها نكتشف جانبا آخر من حقيقتنا، كأننا في كل مرة نزيل طبقة من القشور التي تغطينا، فتنحتنا التجربة كما ينحت الفنان تمثاله .. أمّا التجربة فإنها تكشف عن حقيقتنا عن جوهرنا عن خطوطنا الحمراء وعن قيمنا الحقيقية” (129). وما الهدف من المسيرات التي يقوم بها أبناء الشعلة سوى التوصل إلى اكتشاف ما يريدونه من هذه الحياة. تقول جميلة لمريم كنديد بعد أن أيقطتها من النوم باكرا في سهل البطوف: “إننا خرجنا إلى مسيرة .. لنستخرج أقصى قدراتنا في مواجهة المجهول. والأهم أن يتعرف كل واحد منا على نفسه “66.”
الحضارة مقابل الطبيعة
اعتقد أن الأسطر الأولى التي تبدأ فيها المسيرة الأولى تستحق الوقوف عندها؛ لأنها تمس جوهر حياتنا العصرية التي نعيشها الآن. نقرأ: “في واقع عالمنا تغلبت الحضارة على الطبيعة، وتغلبت بعدها الحياة الافتراضية من شبكات اجتماعية وإنترنت على الحضارة التي عرفناها. فهل تحولت الطبيعة إلى وسيلة ترفيه فقط؟ أم أنها ما زالت من صلب كياننا؟” (11) تبيّن لنا هذه السطور (لكن لا تبيّنه الرواية عامة بشكل كاف) أن التقدم التكنولوجي والعالم الافتراضي والشبكات الاجتماعية هي وسائل إن أفرطنا في استخدامها، يمكن لها أن تعزلنا عن الطبيعة وعن الاستمتاع بالطبيعة وعن التعلم من الطبيعة. والسؤال الذي ينبغي أن نطرحه هو: لو قضى أبناء الشعلة أوقاتهم في استخدام وسائل الشبكات الاجتماعية والإنترنت وبرامج العالم الافتراضي، فهل سيتمكنون من خوض تجارب حياتية مختلفة والتعلم ومنها والنمو فكريًا وجسديا؟
كان ألبرت آينشتاين يحث الآخرين على النظر عميقا إلى الطبيعة؛ كي يتوصلوا إلى فهم أكبر للأشياء من حولهم. وكان ليوناردو دافنشي يقول أن الطبيعة هي مصدر كل معرفة. ولا يُخفي أبناء الشعلة محبتهم وإعجابهم بالطبيعة، فنرى سامي يحمل قيثارته ويعزف ويغني: “يجذبني/يجذبني صوت الكنار بكل حنين/ونهر جار إذا داعب/أشجار اللوز وزهر الياسمين” (72). وفي رسالته إلى الفتاة التي يحبها مريم كنديد يكتب منصور الجوري الأسطر التي يرى فيها فتاته متحدة مع الطبيعة: “من أنت؟/تتجولين في السهول، تتجولين في الوديان/تحتضنين الطبيعة/تتسلقين جبال الزعتر والريحان/أمن أزهار الربيع أنت، أمن شقائق النعمان/تتبدلين حسب المواسم/من أين هذه الثقة وما هذا الإيمان/ .. هل أنت كأي إنسان؟” “110-11”
الرمزية
تحتوي رواية “المرجان البري .. تغز” على عدة رموز هامة هي البحر والمسيرات الثلاثة والسباقات الأربعة، والضباع واللصوص. وعادة تُستخدم الرموز للدلالة على أفكار ومعاني تختلف عن المعاني الحرفية تكون أكثر عمقا وأهمية.
يرمز البحر في الأدب عامة إلى الحياة والمصاعب فيها، فالبحر الهادئ يرمز إلى الحياة الهادئة الخالية من التعقيدات والعقبات، أمّا البحر الهائج فيرمز إلى المخاطر التي قد يواجهها الإنسان في حياته. والإنسان مثل السفينة التي تبحر فإمّا أن يتحدى الأمواج ويقوى أو يغرق ويفنى. ومنذ بداية الرواية نرى أن جميلة وسامي ومنصور هم “رواد البحر” في عكا، الذين لا يهابونه بل يقفزون إليه ويغوصون في “المياه العميقة لوقت طويل” (12). وكانت جميلة خاصة تغوص في مياه البحر العميقة حتى عندما يكون موج البحر مرتفعا، “فقد كانت تعلو ظهر الموجة وتقفز قفزتها المعهودة”، تلك القفزة التي عُرفت باسم “الأصيلة” (12). أمّا سامي الدمشقي المعروف بلقب “رعد الدار” فكان أول من يقفز من سور عكا إلى البحر، وكان الجميع يسمع صوت ارتطامه بمياه البحر. وكذلك الأمر بالنسبة لمنصور الجوري، فكان لا يهاب البحر، وكان أول من يقفز إلى الماء عندما يرى طفلا يغرق، كان يسبح في الليل فدعاه أهل عكا “برق الليل”. وينبغي أن لا ننسى الدور الذي يؤديه هؤلاء الأبطال الثلاث في إنقاذ الأطفال من على ظهر السفينة، التي كانت تغرق بالقرب من ساحل عكا بعد خروجها من الميناء، التي نقرأ عنها في بداية المسيرة الثالثة. إذن فمنذ بداية الرواية يقدّم لنا الراوي أطفالا لا يهابون الشدائد أوالصعاب، وبشجاعتهم وتصميمهم يستطيعون القيام بمسيرات ثلاثة أثنتين منها كانت محفوفة بالمخاطر والفوز في سباقات الخيول.
كما ترمز المسيرات الثلاثة والسباقات الثلاثة إلى الحياة وما يعتريها من صعوبات ومشقات التي يرمز لها الضباع واللصوص. يتمكن الأطفال من التغلب على الضباع واللصوص، وكيف لا وهم يتمتعون بقوة هائلة وبفكر مبتكر هما أقرب إلى الخيال من الواقع.
تقنية السرد
عادة يختار الكاتب راويا يسرد من خلاله حكايته، ويبدو الراوي الذي نقرأ له في رواية “المرجان البري .. يغز” هو إنسان بالغ، وعلى علم بما يجري وعلى معرفة جيدة بالشخصيات التي يتحدث عنها، وهو يعرف ما تشعر به وكيف تفكر. يستخدم الرواي ضمير الغائب في صيغة المفرد والجمع. لكن في أكثر من مناسبة أثناء السرد نرى أن الراوي ينتقل فجأة إلى ضمير المتكلم في صيغة الجمع. فلننظر على سبيل المثال إلى النص التالي المأخوذ من المسيرة الثانية عند وصول جميلة الأشقر وسامي الدمشقي ومنصور الجوري ونور إلى قرية جديدة المكر، ويسألون بعض الصبية عن الطريق إلى كفر ياسيف:” كثير من الأولاد الذين سمعوا القصة استحسنوها، ودون أي سؤال أو جواب وجد الأصدقاء الأربعة أن هناك من يتبعهم من صبية جديدة المكر. نعم، إنهم من الصبية الذين سألناهم عن الطريق إلى كفر ياسيف” (22). نجد هنا أن الراوي ينتقل من ضمير الجمع الغائب إلى ضمير الجمع المتكلم المتمثل في كلمة “سألناهم”، وكأنه أحد الشخصيات، أو كأنه يتكلم نيابة عن الشخصيات. وتعدد الأمثلة على ذلك داخل الرواية فنقرأ مثلا: “لقد حدثت جميلة الأشقر أصدقاءها .. عن مخاوفها من أن يصيبها مكروه. إن الأمر خطير ومن الممكن أن نفقد سهام أن نخسرها، علينا أن نفحص الأمور جيدا” (54). في هذا النص ينتقل الراوي من صيغة الغائب المفرد إلى صيغة الجمع المتكلم. في الأدب يُعرف الخلط بين صيغة الغائب وصيغة المتكلم كما هو الحال في المثالين السابقين بـ “الخطاب الحر غير المباشر” وهو أسلوب سردي يتم فيه تقديم صوت الشخصية من خلال صوت الراوي. ولذا يغفل الكاتب استخدام الفواصل المقلوبة.
وقالت رفيقة عثمان:
سرد الكتاب أحداث واجهت مجموعة من الشبية؛ فتيان وفتيات أثناء قيامهم بمسيرات مشيا على الأقدام من مدينة عكا، الى مدينة القدس.
قصد الكاتب أن يكسب مفهوم خوض التجارب، حتى الخطيرة منها؛ كي تبني الشخصيّة، والوصول لأعلى درجة من الوعي لدى الشبية.
من خلال قراءتي لهذا الكتاب، لا يمكن تصنيفه تحت أي جنس أدبي؛ إلا أنه كتاب مرشد للشبية، وحثهم على خوض المغامرات، والحركات الكشفيّة. يعتبر هذا لكتاب مناسبا للشبية من فتيان وفتيان؛ لو تفادى الكاتب بعض الأخطاء التربوية التي وقع فيها، ومنها:
أوّلا: عندما بدأت المسيرة الأولى، حصلت دون تخطيط مسبق، دون تحضيرات ولوازم السفر، والحراسة الأمنيّة؛ بل الاعتماد على العشوائية، وانضمام الأطفال باللحظة الأخيرة، كذلك حظر استخدام الهاتف النقّال، وعدم إحضاره مع المشاركين بالمسيرة، بالإضافة لعدم تدريب الفتيان على مواجهة الأخطار التي تواجههم، كما حدث معهم عند هجوم الضباع الست أثناء نومهم بالخيام.
من وجهة نظري كإنسانة تربوية، أجد بأن الرحلة كانت عشوائية، لا تهتم بسلامة الفتيان والفتيات، ولا تراعي درجة الخطورة التي تعرّض لها المشاركون بالمسيرة؛ وفق القوانين المقررة عند المشاركة بأي رحلة، من الواجب على المسؤولين الحصول على إذن خاص من الجهات المختصة، والموافقة على دخول أي منطقة في البلاد، والتأكد من سلامة الأماكن قبل دخولها. هذا بالإضافة إلى المعرفة والتسلح بأدوات هامة، للحماية واستخدامها عند الحاجة، وأهمّ من ذلك يجب مرافقة حراسة خاصة، ومرشدين مختصين بالأماكن الجغرافية، والشرح المفيد أثناء السير. لم يذكر الكاتب منذ البداية ما هو الهدف من المسيرة؛ هل هي احتجاجية أم تضامنية أم ماذا؟
عندما هاجمت الضباع الفتيان أثناء تخييمهم، أحد الضباع عضت سامي برجله؛ على الرغم من ذلك واصل القتال وطرد الضباع؛ ومن بعدها أدخل للمستشفى؛ تبدو لي الفكرة غير معقولة، كذلط جُرح فتيان آخرون وعولجوا بالمشفى.
ثانيا: عندما كان الفتيان في الطريق، مريم صادفت حصانا، وركبته دون تحضير أو لباس القبعة الواقية وغيرها، كيف تركب حصانا لا تعرف صاحبه؛ دون تحضير أو ترتيب مسبق؛ كادت أن تقع عن ظهر الحصان إلا أن الفارس نعمان أنقذها من السقوط، بنظري هذا السلوك غير تربوي.
ثالثا: خلال المسيرة الثانية، العشوائية أيضا، انضمت الفتاة سهام إلى المجموعة، بعد هروبها من أهلها؛ بسبب أنهم رفضوا تعليمها، وصمموا على إبقائها في البيت؛ وإذا عادت لإلى أهلها فسوف يقتلونها ويعتبرون هروبها عارا عليهم.
في هذا الأمر لم ينجح الكاتب بمعالجة الأمور بشكل صحيح، احتوت مريم الفتاة سهام، وأكملت دراستها العليا، وسافرت خارج البلاد للتخييم مع أبناء الشعلة؛ كل هذا بعيدا عن أهلها.
برأيي هذا السوك غير أيجابي، يساهم في تشجيع الفتيان والفتيات على الهروب وعدم مواجهة المشاكل مهما كانت، قبل أن تتطور؛ بعد أن تخرّجت سهام من كلية الهندسة؛ زارت أهلها على أمل المصالحة والتسامح؛ إلا أنها لاقت حتفها على أيدي أهلها.
ينظري لم يُوفق الكاتب بمعالجة الأمر مرة أخرى، بقتل الفتاة، فهذا السلوك يقتل الأمل عند الأبناء والبنات، ما الهدف الذي قصده الكاتب من قتل الفتاة التي ثابرت وتعلمت ونجحت؟
لم يكتفِ الكاتب بحادثة قتل الفتاة سهام، بل جعل الفتيان يطالبون بجثة سهام؛ لدفنها وتكريمها ، بعيدا عن أهلها.. في نظري هذا العمل فوق طاقة الأبناء، لا يعتبر بطوليا، بل غير تربوي: حبّذا لو تمّ تكريمها بحياتها، ومساعدتها على حل مشكلتها قبل أن تُقتل. هنا يمكن إكساب الفتيان قيمة الوحدة ومواجهة المشكلات بطريقة سليمة.
رابعا: في المسيرة الرابعة، والتي كانت جولة في خارج البلاد في أوروبا، كان سلوكان غير مرضيين. أولهما: عندما سمع بعض الفتيان عن إقامة مباراة في مدريد، أصر أربعة منهم أن يسافروا لمشاهدة المباراة، بالتصويت بين المشاركين وافقوا لهم السفر؛ برأيي هذا السلوك غير تربوي، هنا يوجد خطة ويجب أن يلتزم بها كافة أعضاء المجموعة. هنا ظهرت العشوائية وعدم المسؤولية نحو، وعدم الانصياع لقوانين وخطة السفر.
تبدو فكرة التجوال في انحاء أوروبا فكرة جيّدة؛ إلا أنها مكلفة وباهظة جدأ، من روما، إلى ايطاليا وفينسيا، وميونخ وباريس وغيرها، مهما كان المتبرعون قد تبرعوا، فهذا مكلف جدا، خاصة ، إذا كانت الجولات غير مدروسة.
خامسا: السلوك غير المقبول، عندما دخل بعض فتيان الشعلة، واشتروا أغراضا باهظة الثمن، وخرجوا دون أن يدفعوا ثمنها؛ ولم تصفر صفارة الإنذار عند خروجهم من المتجر (هارولد).
برأيي يعتبرهذا السلوك سرقة، وغير مقبول بتاتا مهما كانت التبريرات، كان من الممكن حبسهم في السجن دون رحمة، لولا الحظ .
من المفروض أن تكون تعليمات للتصرف في البلاد الأجنبية، ناهيك عن سلوك السرقة الممنوعة بالبلاد، فصفة الأمانة يجب أن يتحلى بها كل إنسان، فكيف لو كان عضوا في مجموعة الشعلة؟ هذا سلوك غير مسؤول ينم عن عدم الوعي وتحمل المسؤولية الفردية والجماعية.
سادسا: عندما تسابقت مريم وجميلة، عرفت مريم بأن سراج الحصان غير مربوط، فلم تنبه صديقتها؛ كي تفوز هي بالمسابقة، ممّا أدى إلى عجز جميلة عن المشي؛ هذا السلوك غير لائق حدوثه بين الأصدقاء الأوفياء؛ على الرغم من اعتذار مريم من صديقتها جميلة.
ورد في هذا الكتاب عدّة سلوكيات وقيم غير تربوية، أبرزها الكاتب ظنا منه بأنها تجعل الفتيان أكثر صلابة وخبرة؛ إلا أنها غير سليمة تربويا؛ لتكون مصدرا للمحاكاة والتقليد، بناء على هذا أجد من الصحيح عدم استخدام هذا الكتاب، وقراءته لليافعين؛ كي لا يكتسبوا القيم والعادات السلبية منها.
خلاصة القول: كتاب “المرجان البري يغز” استقي عنوانه من المسارات والجولات البرية، التي قام بها الفتيان، حيث لاقوا عثرات وصعوبات أوخزتهم وآذتهم، والمرجان من الأحجار الكريمة ومن كنوز البحر، يقصد بها الكاتب؛ بأنه من يريد أن يصل إلى الأشياء الجميلة والثمينة، كناية عن ( التجارب الصعبة)، لا بد وأن تغزّه الأشواك البرية؛ أي أن يتحمل الصعاب. لا شك بأن العنوان جميل وجذاب.
لغة الكتاب سهلة، غير بليغة، وتخلو من السرد الأدبي والأسلوب الفني للكتابة، تعتبر لغتة لغة تقريرية، بعيدة كل البعد عن البلاغة والمحسنات البديعية.
هذا الكتاب لم تكتمل فيه شروط القصة، وأنصح الكاتب في تعديله مجددا.
وكتبت هدى عثمان أبو غوش:
المرجان، من الحجارة الكريمة ونستنتج من خلال قراءتنا بأن المَرجان هم أبطال الروايّة”أبناء الشعلة”، وهي موجهة لجيل المراهقة، إذ أنّهم المرجان البريّ وليس البحري.
تدور أحداث الرّوايّة حول المسيرات التّي قام بها الصبيّة والفتيات من أبناء الشعلة، حيث تجولوا في عدة مدن، عكا الناصرة القدس وقرى مختلفة.
قسّم الكاتب الكتاب إلى عدّة أبواب من مسارات سباق وحكايات ، أحداث في البّر وفي الجو، وعند البحرّ. وقد خلّت الرّوايّة من ذكر الزّمن.
لا نجد في هذا الكتاب وصفا لمدينة القدس على سبيل المثال حين زارها الشبيبة من أبناء الشعلة، فقد ذكرها الكاتب كمرور الكرام بذكره سور القدس، فكأنّه تجاهل ثقافة وحضارة المدينة وقيمتها، إذ أنّ القارئ سيخرج في نهايّة الكتاب دون أن يتعطر برحيق وصف المدينة المميّزة. وكذلك سور عكا، بينما عدّد الأماكن السّياحيّة في أُوروبا.
يظهر الكاتب أسلوب الفانتازيا في تصويره شجاعة الفتيات والصبيّة في مهاجمتهم لمجموعة الضباع، فيستخدم الخيال المبالغ فيه من أجل جذب القارئ وتشويقه، حين قفز سامي على ظهر الضبع وحرّر نور من أنيابه. كما وقفزت جميلة فوق ظهر الضبع أيضا، وهنا لم يكن للمرشد عادل أيّ توجيه في كيّفيّة التصرف مع الضباع. كما ويظهر شجاعتهم وموقفهم في استلام الجثة رغما عن العائلة، وهذا يعتبر خيالا عاطفيا لاعلاقة له بالواقع. كما ويظهرتمرد الصبيّة سهام وهروبها من بيت أهلها وبعد أن حققت هدفها في التعليم، تقرّر الرّجوع لأهلها لتقتل على يد العائلة. حسب رأيي لم يعالج الكاتب قضيّة سهام منذ البدايّة، فكان الأحرى أن يتم تدخل المختصين من الشؤون الإجتماعيّة أو أهل الخير منذ البدايّة، وعدم احتواء سهام بين أبناءالشعلة، لأنّ القارئ سيقلّد تصرفات سهام بالتمرد حال عدم توافقه مع أهله ويتعلّم فنّ الهروب.
أظهر الكاتب شقاوة الصبيّة واستخدامهم الحيّل في المطار، في إخفائهم الدّجاجة بحقيبة اليّد، وهنا استخدم الكاتب عنصر الفكاهة والخيال حين جعل الدجاجة تقفز من المحفظة إلى مقاعد الطائرة وهذا يثير القارئ ويشوقه.
أظهر الكاتب أخلاقيات الصبيّة السلبيّة من خلال سرقتهم من المركز التجاري، ولم يكن هناك أيّ رادع أخلاقي أو ديني عندهم، باستثناء جميلة التّي وبختهم على تصرفاتهم. وهنا قامت مجموعة بالسرقة وليس فردا واحدا، مما يشير إلى حجم تدنّي الأخلاقيات في المجتمع.
جاءت اللّغة في الكتاب بسيطة جدا ، وتخلو من الصور البلاغيّة. استخدم الأناشيد والقيثارة، الحوار بين الشخصيات المتعدّدة، لم يكن بطل محدّد في الكتاب، ففي كلّ مرّة يسلّط الضوء على شخصيّة معينة ويسردها حكايتها. ولكن يمكن القول أنّ أبطال المرجان البرّي هم جميلة الأشقر، سهام، مريم وسامي.
وقد برزت عدّة مفاهيم ومواعظ على لسان الشخصيّات منها، مواجهة المخاطر والاعتماد على النفس، التّحدي، الطموح، الحفاظ على وحدة الصفّ في المجموعة.
وقالت رائدة أبو الصوي:
جذبتني الرواية لاستطرادها بالسرد الشيق. كنت كمن يركب الخيل أجري مع الاحداث الشيقة ،التفرد بالحديث عن الحركة الكشفية بأسلوب شيق جد في تبيان القواعد الاساسية للانضمام للحركة الكشفية في المسيرة الأولى .في بداية الرواية وجدت البحر والمرجان والغواص حاضرا على أسوار عكا . القفز من السور إلى أعماق البحر .
تلك الهواية والموهبة التي يتميز بها شباب عكا نظرا لتوفر المكان الملائم ،اختيار الكاتب للمرجان الذي يعيش بالمياه الضحلة اختيار موفق جدا .سامي وجميلة ومنصور الجيل القادم من رواد البحر ،رضعوا من البحر العطاء والاندفاع وكانوا كالمرجان .
طباع بحرية على اليابسة .يافعون أعمارهم ثلاثة عشر ربيعا، كانوا شعلة انطلاق المسيرة، أفكار حكيمة كثيرة وجدتها في الرواية منها: انتظار السيّاح بفارغ الصبر. جميلة الأشقر عندما كانت تغوص في أعماق البحر؛ لتقطف أصداف التوتيا السوداء ذات الإبر ، الأصداف اللذيذة والنادرة التي تباع بسعر مرتفع .
سامي ومنصور ينتظروا السياح أمّا جميلة فالسياح ينتظرونها .على قول المثل
“الغالي غليه والرخيص روح وخليه”، كانوا ينتظرونها كما ينتظرون حورية البحر
وهي كما وصفها الكاتب ( سمرهدية صهباء) أي لونها أصفر ضارب إلى الحمرة والبياض .معلومات قيمة قدمها الكاتب عن ركوب الخيل وعن الخيل بأسلوب شيق جدا وجاذب .
جولة في ربوع الوطن: مجد الكروم والبعنة ودير الأسد وطبريا وطرعان وكفر كنا والمشهد والرينة وبيسان وطوباس ونابلس ورام الله والقدس .
دور المرشد عادل كان في غاية الأهمية في الرواية، قصة الضباع فيها مبالغة،
المسيرة الثانية فيها تطرق للحضارة والتنظيم الاجتماعي وضرورة العمل الجماعي ضمن فريق .الحضارة التي تتكون من انسجام بين الحضارة والمجتمع، والديانة والمدارس والجامعات والعادات والتقاليد ،وجمعات الافراح والدبكات والرقصات الشعبية والروحانيات .
الجميل في المسيرة الثانية اقتراح قرى بمتد اختصار لكلمات .المرجان البريّ … يغز .
رواية مهندسة هندسة ،اختصار لكلمات “بلد متجانس لتنظيم دولي.” جميل جدا هذا الاقتراح من سهام .واقتراح سامي تغيير الاسم إلى ( امتد) وهو اختصار لكلمات( افراد متجانسة لتنظيم دولي ”
يوجد موقف أثارني جدا موقف مريم كنديد عندما اعترفت بأنها تعلم بأن سرج حصان جميلة لم يكن محكما من أجل الفوز ،تسلسل الاحداث فيها تشويق. فيها رسالة. فيها ثقافة .
في المسيرة الثالثة طرح قضية في غاية الأهمية وهي تحميل السفينة حمولة أكبر من قدرتها ،سفينة تحمل 40 حملوها 70 طفلا.
الجولة في أوروبا جميلة جدا مشوقة استمتعنا بها جدا ،رواية فيها الكثير من الجمال فيها تطرق لمعظم نواحي الحياة، تطرق لمباراة ريال مدريد وبرشلونة، للفن، للبوظة الإيطالية التحضير للسباق في بريطانيا فيه أهمية الاستعداد لكل خطوة .
جذبتني الرواية لاستطرادها بالسرد الشيق . كنت كمن يركب الخيل أجري مع الأحداث الشيقة ،التفرد بالحديث عن الحركة الكشفية بأسلوب شيق جدا.
بيان القواعد الاساسية للانضمام للحركة الكشفية في المسيرة الأولى .
وكتبت هدى خوجا:
طغى على لوحة الغلاف اللونين الأزرق لون السّماء والأصفر والبني أرض الصّحراء، تتجانس الصورة مع ص93 وص98، مريم كنديد بالأصفر وجميلة الأشقر بالأصفر في سباق التّحدّي.
ركزت على الحضارة الطبيعيّة في ظل الحياة الافتراضية وشبكات العالم الألكتروني والتّواصل الافتراضي،والتّركيز على استثمار الوقت في الرّياضات المفيدة والسّباق الرّياضي والجولات الاستكشافيّة.
بيان أهميّة الصّفات الحسنة والأخلاق من حيث النّبالة والنّخوة والقيادة.
ركزت الرّواية على عدّة محاور من ضمنها أهميّة الصّداقة المحبة والاحترام وقبول الآخر وأهميّة الرّياضة، التّركيز على الجولات في الوطن والنّواحي التّاريخيّة للأماكن مع بعض العادات والتّقاليد.
والارشاد الخاص بالكشّافة وأهميته، وتوزيع المهام وتنظيم الأدوار. اشتملت الرّواية على عدّة أناشيد تشجع على حلّ المشكلات. ولكن حبذا لو اشتملت على عناصر التّشويق بشكل أكبر، حيث كان بها تكرار لعدّة أحداث وأماكن.
بيّنت الرّواية بعض الهوايات لليافعين لممارستها مثل الرّسم الرّياضة ركوب الخيل نظم الشّعروالنّشيد القراءة العزف؛ والعزف على القيثارة الجولات الكشفيّة.
التّركيز على الرّوابط وكيفيّة زيادة قوّتها مثال الصّداقات ذات الرّوابط .
الولوج إلى عدّة أماكن بيسان النّاصرة القدس عكا كفر ياسيف من جديدة المكر والشّاغور.ركّزت الرّواية على تحليل الأمور والفكرة وإثارة المشاعر القويّة مثال ص49، مع بيان طرق حل الخلافات، وتوضيح الجوانب الإيجابية منها التّفاهم والوحدة والعمل والنّظام والدّقة والاتّفاق والتّعاون.
عملوا على إغلاق الهاتف النّقال في معظم الجولات والتّعرّف على الذّات بشكل أكبر والتّمسك بالقيم الايجابيّة.
القدس البوصلة والعنوان ، ” بعد أن ضمدّت جراحهم وقضوا ليلة في بيوت أهالي القدس ” ص87، ويستمر الطّموح …والدخول في أعلى وأدق تفاصيل العلم والوعي والادراك وتستمر المسيرة.