رواية مايا لليافعين، للكاتب جميل السلحوت، إصدار مكتبة كل شيء حيفا، 2022، تنسيق شربل الياس، رسم لوحة الغلاف الفنان التشكيليّ الفلسطينيّ محمد نصرالله، تقع الرواية في 109 صفحات.
يستهلّ الكاتب روايته بحلم جميل حلمته حفيدته مايا، التي تعيش مع أهلها في مدينة شيكاغو في أمريكا. والدها قيس وهو ابن الكاتب، تعلّم في الجامعة في شيكاغو وعمل هناك وتعرّف على مروة وهي تونسيّة الأصل وتزوجّها.
رأت مايا نفسها تزور فلسطين وتقضي عطلة الصيف مع جدّها جميل وجدتها حليمة، وتزور معهما الأماكن المقدسّة في القدس: قبّة الصخرة والمسجد الأقصى، كنيسة القيامة، أسواق القدس وغيرها.
تبدي مايا رغبة جامحةً أمام والديها في زيارة فلسطين، لتنام في حضن جدتها وتقضي مع جدها وجدتها وأقاربها أسعد الأوقات. يعد الأب قيس ابنته مايا بمحاولة ترتيب زيارة للقدس في عطلة عيد الميلاد كما طلبت منه مايا أسوةً بصديقتها ماليسّا وأسرتها التلحميّة، حيث سيقضون عيد الميلاد في مدينتهم بيت لحم.
لكن قيس يتعذّر عليه الايفاء بوعده، فيعد ابنته بترتيب زيارة للوطن خلال العطلة الصيفيّة، ويقوم بحجز التذاكر. في هذه الفترة ينتشر وباء الكورونا ويُمنع الناس من السفر ومن الخروج من بيوتهم، فتلغي شركة الطيران رحلاتها، وتبلغ عائلة قيس بهذا الأمر. تحزن مايا جدّا وتنتظر الفرج، لكنّ السنة الدراسيةّ تفتتح دون الطلاب حيث يتعلّم الطلاب عبر تقنيّة (زووم)، في حين لا زالت مايا تنتظر بفارغ الصبر زيارة جدّها وجدّتها في القدس.
يسلّط الكاتب جميل السلحوت في روايته على عدّة مواضيع هامّة أراد أن يوصلها لليافعين ألا وهي:
في نهاية الرواية يعترف قيس بخطأين ارتكبهما. الأوّل أنه لم يسافر مع عائلته إلى فلسطين في عطلة عيد الميلاد، والثاني أنه أخذ عائلته في رحلة إلى شلالات نياغرا في موسم الشتاء وتساقط الثلوج، الأمر الذي تعذّر عليه متابعة السفر بسبب تراكم الثلوج فعاد مع أسرته إلى بيتهم في شيكاغو.
لغة الرواية: استخدم السلحوت لغة سهلة قريبة من اليافعين، كما تخللت لغته أغانٍ معروفة لفيروز وأغانٍ شعبيّة فلسيطنيّة، إضافةً إلى الأمثال الشعبية. اعتمد الكاتب في روايته على أسلوب السرد والحوار، وحاول أن يكون موضوعيّا في سرده خاصّة أنّه يكتب عن حفيدته المولع بها والمولعة به، هذه الحفيدة التي تتمتّع بذكاء حادّ وبقدرة على النقاش والحوار والتعبير عن نفسها وعن معتقداتها.
حظيت الرواية بموتيفات الحداثة مثل: الرؤيا التي شاهدتها مايا حين زارت القدس، الأحلام والاستذكار فنجد أنّ ماليسّا تستذكر وطنها وهي في الحصّة فحين سألتها المعلّمة لماذا تبتسمين يا ماليسّا أجابتها:” أضحك على جمال ذكرياتي في البلاد المقدسة”. ص 40.
في الختام يمكن القول إنّ رواية مايا رواية جميلة لليافعين، تغرس في نفوسهم حبّ الوطن والتمسّك بالثوابت الوطنيّة، والحفاظ على الموروث اللغويّ والحضاريّ والثقافيّ، ومهما تغرّب الإنسان عن وطنه ورأى بلادا جميلة، يبقى وطنه هو الأجمل، وسيبقى الحنين والشوق للوطن يداعب قلب الإنسان المغترب حتّى يعودَ لوطنه، فلا راحة ولا سكينة إلّا داخل الوطن مع الأهل والأقارب والأحباب.