تطرح المسرحية عدة قضايا وهموم اجتماعية وسياسية يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني داخل اسرائيل بطريقة كوميدية ، بطلة المسرحية واسمها مي أم لطفل في العاشرة من عمره ، وزوجها عاطل عن العمل ، وتعيش الأسرة واقع الفقر والحرمان ، والبطالة التي يعيشها الزوج تدفعه للنوم نهاراً والسهر ليلاً ، يعود الى البيت مخموراً دون الالتفات الى احتياجات زوجته وابنه ، فتجلس المرأة التي تغسل ملابس الأسرة بيديها لعطبٍ في الغسالة ، لتقرأ عدداً من الفواتير مستحقة الدفع مثل : فواتير الهاتف ، الكهرباء ، الماء ، ضريبة المسقفات ، الأرنوانا ، ضريبة المجاري ، ضريبة التلفاز …الخ وتتذمر لعدم وجود نقود لتسديدها ، وتفتح حقيبة طفلها لتجده مقصراً في كل المواضيع بإستثناء التربية البدنية ، وتتذكر بأنها حبيسة البيت ، تقوم بكل الأعمال المنزلية ، تماماً مثلما كانت تقوم بها في بيت والديها وهي عزباء ، وتلوم أعضاء البرلمان – الكنيست – العرب لأنهم لم ينجحوا في تكسير قوانين العنصرية التي يعاني منها فلسطينيو الداخل ، والتي تحرمهم من العمل في كثير من الوزارات والمؤسسات كما تنتقد كساد زيت الزيتون عند العرب في اسرائيل لعدم وجود سوق لبيعه، ولعدم قدرته على المنافسة أمام الزيوت المستوردة ، تنتقد أيضاً تسيب الطلاب من المدارس ، وتحمل القوانين المسؤولية عن ذلك ، كما تنتقد قتل النساء العربيات على خلفية ما يسمى ( شرف العائلة ) وتحذر من الطائفية التي يحاول ( البعض ) تغذيتها بين أوساط الشعب الفلسطيني ، تنتقد أيضاً طريقة التعيين في الوظائف حتى في المجلس المحلي للبلدة لأنها تتم حسب الانتماء الحزبي لرئيس المجلس ، كما تنتقد لجوء البعض الى البصارات والفتاحات اللواتي يقرأن الطالع ، وبطلة المسرحية التي تحدثت عن كل ما سبق وغيره تحلم طيلة الوقت بأن تربح ورقة يانصيب في ( اللوتو ) لتخرج من حالة البؤس التي تعيشها ، لتكتشف أخيراً أنها قد قامت بغسل ورقة ( اليانصيب ) التي كانت في جيب أحد القمصان ، لكنها مع ذلك ترفض أن ينجر زوجها لتجارة المخدرات أو السرقة ، وتطالبه بأن لا يهرب من الواقع وأن يتحدى الواقع المرير مثل صخرة من سور القدس العربية تتكسر عليها دوامة العنف والعنصرية .
واضح أن المخرج وهو كاتب النص أيضاً ، قد وقع بين اشكاليات النص ، والحذر من الوقوع في المحظور ، فهو مثل ( الذي يضرب الكف ويعدل الطاقية ) أو مثل ( الذي يضرب مرة على الحافر ومرة على المسمار ) لكنه استغل قدرات الممثلة ليقدم لنا عرضاً جيداً ، وان كانت فيه بعض الهنات منها : دخول الممثلة الى خشبة المسرح حاملة صحن الغسيل ودلو الماء بعد الجمهور وبعد بداية العرض ، فلماذا لم تكن على خشبة المسرح تغسل الملابس مع دخول جمهور المشاهدين ؟؟ وفي تقديري لو أنهما فعلا – المخرج والممثلة – ذلك لكانت البداية أجمل وأنجح . كما أن ظهور الممثلة بطريقة خطابية أمام الجمهور أكثر من مرة لم يكن في صالح العمل . وكذلك عدم وجود اضاءة فنية هي علامة ضعف ، ولو كانت هناك اضاءة تتناسب وحركات الممثلة والقضية التي تطرحها لأعطت بعداً جمالياً آخر يضاف الى المسرحية . كما أن ما جاء في النص بأن الزيوت المستوردة من اليونان واسبانيا ومناطق السلطة الفلسطينية قد ساهمت في كساد وعدم تسويق زيت الزيتون الفلسطيني داخل اسرائيل ، فإقحام مناطق السلطة الفلسطينية لم يكن موفقاً لأنه أصلاً غير صحيح، ولأن زيت الزيتون في مناطق السلطة يعيش حصاراً كبيراً وكساداً أكبر لأن سلطات الاحتلال تمنع تصديرة ، حتى أن سعره أصبح شبه مماثل لسعر الزيوت النباتية مثل : زيت الذرة المستورد ، ومأساة الفلسطينيين الاقتصادية وغيرها في مناطق السلطة أكبر بكثير من مأساة اخوانهم داخل اسرائيل .
مما لا شك فيه أن الفنانة نغم بصول تملك موهبة فنية ، استطاعت من خلالها التعامل مع نص المسرحية بشكل لافت ، ساعدها في ذلك جمالها واستقامة جسدها ، والديكور البسيط ، غير أن عدم وجود اضاءة فنية لم يكن في صالحها ، أما المشاهد الخطابية فلم يكن لها فيها خيار ، لأن الخيار فيها هو خيار المخرج ، وبالنسبة للمشاهد ( الحكواتية) فلا مناص منها في مسرح ( المونودراما ) . لكن حركات الممثلة وتعبيرات وجهها ، وتقلبات صوتها خدمت العرض المسرحي بشكل واضح .
هو من اعداد رائد أبو حلو ، نسيم جريس ، وأميرة حمدان ، تميز بالبساطة التي تخدم موضوع المسرحية القائم على حياة أسرة فقيرة ، يعاني الزوج فيها من البطالة ، انه عبارة عن بيت فقير، فيه كرسيا قش خشبيان صغيران ، صحن غسيل ، حقيبة مدرسية ، صندوقين من الكرتون للملابس ، ساعة حائط ، مرآة وهاتف على ( كوميدينة ) صغيرة .
الموسيقى :
وهي من اعداد : يوسف حبيش ، ناجي اسماعيل ، معتز هنو ، لقد اعتمدت الموسيقى على الصخب وكانت الى حد ما على نمط واحد ، مع أن بعض المواقف تستدعي ألحاناً خفيفة وناعمة