هذه الرواية للكاتب جميل السلحوت الذي جعل موضوع المرأه بشكل خاص والكتابة بشكل عام سكنه ومسكنه، حيث أنه يبني على الورق أحلامه تار، ويبث أوجاعه وشكواه على عادات وتقاليد تسلب راحته وتؤرقه أحيانا أخرى؛ ليفتح للشباب نوافذ وأبواب لأفكار تجعلهم في حالة استنفار للتغيير والتجديد والخروج عن المألوف؛ لخلق عالم أكثر جمالا وراحة وحرية وانفتاح .
كاتبنا المسكون بهموم مجتمعه اتخذ من موضوع وعالم المرأة وحياتها موضوعا مركزيا في كتاباته، فكان حريصا على إنصافها ممّا تتعرض إليه من ظلم وقمع، وما يمارس عليها من قوانين من الأهل أو “السيد” محاولا مدّ يد العون لها بطروحاته؛ لتتسلق سلم النجاة والحرية درجة درجة، وتمارس كينونتها كأنثى وأمّ ومربية، وتنفض الجهل والتخلف فعلى عاتقها تقع مسؤولية البناء، بناء الأسرة فهي سيدة البيت أولا وأخيرا وهي أساس بناء المجتمع.
تصورهذه الرواية حياة المراة التي كانت تعيش على هامش الحياة مرتبطة بالمجتمع كنعجة مستسلمة هشة ضعيفة مسكونه بالجهل والتخلف وعادات وتقاليد الماضي، وخاصة كل موضوع الدجل والسحر والشعوذة وعلاقته بالمرأة والزواج، وفتاة اليوم التي تحاول التغيير وانتزاع حريتها من براثن هذه الأفكار والجهل والفساد، الذي يعتاش منه هؤلاء النصابون الدجالون، الذين يخوفون الناس؛ ليبتزوهم ولينهبوا أموالهم بحجة المساعدة للشفاء.
هذا ما لمسناه من الفتاحة ( مبروكه)) ومن الفتاح (( أبو ربيع)) الذي نصب على عطاف المحمود، عندما لجأت إليه لحل مشكلتها مع زوجها فاغتصبها ومارس معها الجنس؛ لإخراج الجن المتلبس بها، وكذالك محاولاته مع غادة الشابة اليافعة لابتزازها وممارسة الجنس معها بعدما عرف بمحنتها، وهي فقدها لعذريتها من سميح عيسى السلمان ومحاولة تزويجها لسعيد ابن عمها ،فما كان منها إلا أن تتظاهر بالجنون؛ لتفشل هذا المخطط وبعد لجوء أهلها للفتاح أبو ربيع، الذي اكتشف أمرها واقنع الأهل بمكره أن جنيّا تلبسها، وعليه إخراجه من رحمها وبذلك حلّ لها قضية الفضيحة، حاول ابتزازها وممارسة الجنس معها، لكنها كانت مثالا للفتاة الشهمة الذكية التي منعته بذكاء وحرص ألا يفتضح الأمر
أمّا تلك الألاعيب التي مارستها مبروكه على أمّ موسى وربيحة أمّ ليلى لإقناعهم أن فشل الزواج هو نتيجة للعين الحاسدة وللمكر والاحتيال وبالنهاية أن جنّا تلبس ليلى، كل الأحداث التي مارستها مبروكة والأموال التي نهبتها منهم، كانت مثارا للاستغراب والاستهجان بأن هنالك ما زال في المجتمع من يؤمنون بهذه الخزعبلات وهذا الهراء ولولا فطنة الأخ عمر والعروس ليلى لحصل الأسوأ، ولتعرضت ليلى للضرب من أحبّ الناس لقلبها أبيها وإخوتها كما طلبت منهم الدجالة مبروكه العاهرة التي كانت تتلبس بالدين وهي تمارس الزنا في عقر بيتها.
هذه الرواية واحداثها دليل على أن الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع وإن صلحت صلح وإن فسدت فسد.
المرأة ليست مسؤولة عن فحولة الرجل، وهي إن لم تذق فعلا طعم الرجولة الحقة، فهي لا تشعر بالأمان ولا بسرّ الحياة ودفء البيت، فهي تعودت على الخضوع والاستسلام والطاعة وعدم الاعتراض وفتاة اليوم قادرة على قول ( لا )، بل هناك الكثير ممن كسرت الطوق وخرجت عن المألوف وشقت طريقها نحو الحرية، هذا ما رأيناه بشخصية ليلى وغادة اللواتي انتزعن هيبة ورجولة الذكر، وجعلنه ضعيفا هشّا لا حول ولا قوة له،وهما نموذجان للتغيير الذي نراه اليوم، ولكن نتأمل أن يكون ويبقى يحافظ على كينونة البيت والأسرة لكي لا تختل المعادلة ونفقد التوازن الأسري عامة.
المكان:
احدى قرى فلسطين بكل ما فيها من بيوت وعائلات وأسر وعادات وتقاليد مجتمعية، وخاصة كل ما يتعلق بموضوع الزواج وليلة الدخلة وما تعارف عليه الأهل في مثل هذه المناسبات.
شخصيات الرواية:
عائلة أبو موسى
عائلة أهل ليلى ، والشخصيات الرئيسية هم ليلى وموسى والفتاحة مبروكة والفتاح أبو ربيع وعمر أخ ليلى الذي كان له دور أساسي في كشف المستور من ألاعيب أبو ربيع ومبروكة، واستعادة أموال أسرة أبو موسى وأسرته والحدث الأهم هو طلاق ليلى من موسى ومساندتها بعد ما تعرضت لكل هذه الإهانات من قبل أمّ موسى وصبرها على زوجها واحتمالها للظلم ،ولكل الطقوس التي مارستها الدجالة مبروكه عليهم دون نتيجة فعالة للإبقاء على الزواج
اللغة:
جميلة وسلسةتعج بالألفاظ المحكية كون الرواية في القرية ولتقريبها من القارئ والواقعية كذالك امتلات كالعادة بالأمثال والحكم والآيات القرآنية وهذا ما عودنا عليه الشيخ جميل في كل كتاباته، ليؤصل الفلكور والتراث الشعبي في ذهن القراء والجيل الجديد.
نمو الأحداث:
جائت الأحداث الرواية بحبكة قوية شاملة متنامية بشكل جميل وجيد بصورة درامية متسلسلة نوعا ما تشد القاري لمتابعة القراءة والمشهد للاستدلال عن محور الرواية وأفكارها والقضايا المطروحة من خلال النص.
6-7-2023