يدخل اضراب المعلمّين الفلسطينيّين في الضّفة الغربيّة شهره الثّاني، دون الاستجابة لمطالبهم العادلة، ولسنا بحاجة إلى التّذكير بأنّه لا يكاد يخلو بيت من بيوت الفلسطينيّين من تلميذة أو تلميذ أو أكثر، وإغلاق المدارس بسبب الإضراب أو غيره له عواقب سلبيّة على التّلاميذ وعلى أولياء الأمور، خصوصا إذا كان الوالدان عاملين، فوجود أطفال في البيت دون رعاية، أو تركهم يتسكّعون في الشّوارع والطّرقات ليس في صالح أحد، سواء كان راعيا أو من الرّعيّة.
كلنا يعرف الوضع الماليّ الصّعب الذي تعيشه سلطتنا، ونعرف أيضا ما تتعرّض له من ضغوطات وابتزازات في المجالات المختلفة ومنها الماليّة، وكيف ينعكس هذا على الأوضاع المعيشيّة لأبناء شعبنا في الوطن المحتلّ، لكنّ هذا لا ينفي أن تتحقّق العدالة للجميع، فمن حقّ المعلّمين أن يتقاضوا رواتب متساوية مع رواتب أقرانهم في الوزارات الأخرى المساوين لهم في الكفاءات وسنوات الخبرة، مع التّأكيد على حقّ أبناء شعبنا كافّة في الحياة الكريمة.
ومع معرفتنا بالأوضاع الماليّة الصّعبة لسلطتنا بسبب إجراءات الاحتلال القمعيّة والمتواصلة، وبسبب ضغوطات العرب والعجم لأسباب سياسيّة، وأنّ السلطة لا تقوى على دفع أكثر من 80% من رواتب الموظّفين، لكن تدهور الوضع المعيشيّ للمعلّمين أدّى إلى امتهان مهنة التّعليم رغم قدسيّتها، ولكم أن تتصوّروا أن يعمل بعض المعلّمين كسائقي سيّارات مشطوبة؛ لنقل الرّكاب ومنهم تلاميذهم مقابل أقلّ من ربع دينار أردنيّ! ودعونا نستذكر أحد معلّمينا الذي دفعته الحاجة للعمل في ورشة بناء في عطلة نهاية الأسبوع، ليلقى حتفه فيها وهو في ريعان شبابه!
ومطالب المعلّمين ليست تعجيزيّة، فهم يطالبون بتطبيق تفاهمات نقابتهم مع الحكومة في شهر أيّار الماضي. فلتعترف الحكومة بهذه التّفاهمات، وتقرّها وتتعهّد بدفع مستحقّات المعلّمين عندما تتوفّر لها سيولة نقديّة.
ودعونا نتساءل عن مصير مئات آلاف الطلبة في حال استمرار الإضراب؟ وماذا سيكون مصير طلبة التّوّجيهي؟ وهل نحن بحاجة إلى مزيد من الجهل؛ ليستمرّ إضراب المعلّمين، وإغلاق المدارس؟
5-مارس 2023