لا يختلف اثنان على الأخوّة بين الشّعبين الفلسطيني والأردنيّ، والتي تجعل منهما توأمان سياميّان غير قابلين للإنفصام، حتّى أنّ. بعض القبائل والحمايل والعشائر جزء منها يعيش في فلسطين والجزء الآخر في الأردنّ، وهذا سابق للنّكبة الأولى وللنّكبات التي سبقتها بقرون، وما صاحبها من تهجير لملايين الفلسطينيين.
وبالتّالي فإنّ ما يهدّد فلسطين يهدّد الأردن أيضا، ويهدّد الأمن القومي للدّول العربيّة الأخرى. وما النّجدات الأردنيّة بشكل خاصّ والعربيّة بشكل عامّ لفلسطين وشعبها منذ استهدافها من القوى الإمبرياليّة، وذراعها الحركة الصّهيونيّة، إلا دليل على الأخوّة التي تربط الشّعوب العربيّة.
من هنا يتطابق الموقفان الأردنيّ والفلسطيني ممّا يسمّى صفقة القرن، التي تسعى لتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، وما يترتّب على ذلك من قتل وتهجير وتشريد لمئات آلاف الفلسطينيّين. وإذا ما نجح نتنياهو وحسب صفقة القرن بضمّ 30% من مساحة الضّفة الغربيّة، ومنها المستوطنات التي تتغلغل في الضّفة الغربيّة لمنع إقامة دولة فلسطين، فإنّ ذلك يشكلّ تهديدا حقيقيّا للأردنّ الشّقيق، يستهدف الأردنّ كدولة ونظام وشعب، فاليمين الإسرائيلي بقيادة نتنياهو يعتبر الأردنّ الوطن البديل للفلسطينيين، ولمن يريد المزيد بهذا الخصوص فليقرأ كتاب نتنياهو الذي ترجم إلى العربيّة تحت عنوان”مكان تحت الشّمس”. مع التّأكيد أنّ صفقة نتنياهو ترامب ستقضم أراضي من سوريا تزيد على مرتفعات الجولان المحتلة، وأراضي لبنانية، وأراضي مصريّة من صحراء سيناء، وأراضي من شمال السعوديّة، عدا عن تحويل الشّعوب العربية إلى “حطابين وسقّائين”.
ومن يتابع تطوّرات الأحداث سيلاحظ أن الأردنّ يتعرّض لضغوطات اقتصاديّة هائلة، مثله مثل السّلطة الفلسطينيّة، ازدادت حدّتها بعد رفضه الواضح الاعتراف بالسّيادة الإسرائيليّة على القدس التي اعترف بها ترامب في 6 ديسمبر 2017. وبقي الأردنّ متمسّكا بالوصاية الهاشميّة على المقدّسات.
من هنا ورغم تساوق بعض الأنظمة العربيّة خصوصا دول الخليج مع طروحات نتنياهو وترامب، وتهافتها لتطبيع العلاقات مع اسرائيل، فإنّ الأردنّ يعي تماما خطورة المرحلة، ويرفض بشكل علنيّ لا تشوبه شائبة ما يسمّى صفقة القرن، وقد ورد الرّفض أكثر من مرّة على لسان العاهل الأردنيّ ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء والمسؤولين. ولن تكون كلمة السّفير الأردني في مهرجان أريحا يوم 22 حزيران الحالي بهذا الخصوص الأخيرة، تماما مثلما هي ليست الأولى.
23 حزيران 2020