القدس: 30-1-2020 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس كتاب “رحلة القمر” للشّابّة المقدسيّة قمر منى. صدر الكتاب عن دار إلياحور للنّشر والتوزيع في أبو ديس-القدس، صدر عام 2019، يقع الكتاب الذي صمّم غلافه صالح أكرم في 130 صفحة من الحجم المتوسّط.
افتتحت الأمسية ديمة جمعة السمان فقالت:
اصطحبتنا الكاتبة الواعدة قمر منى في رحلة جميلة عبر 87 نصّ أدبي قصير، فكانت تحلق بالقارىء عاليا في بعض نصوصها، تحمله إلى عالم الأمل والتفاؤل حينا، وفي نصوص أخرى تهبط به إلى عالم اليأس والإحباط .
وفّقت الكاتبة باختيار العنوان ( رحلة القمر)، فقد يكون الصعود إلى القمر واقتحام خصوصيته من قبل رجال الفضاء قد أثر قليلا على شاعرية القمر، ولكن لا يستطيع أيّ كان أن يلغي شاعرية القمر، وارتباطه بالليل والخيال والأحلام الجميلة.
كما أن حالة القمر وظهور شكله طيلة أيّام الشهر تعكس حالة الانسان وتقلبه ومزاجيته. فللقمر أكثر من سبع عشرة حالة يظهر بها. ول\كل شكل منها يحمل اسما يعكس حالته، فهناك الهلال وهناك البدر والطالع والسمير والزمهرير والباهر والغاسق والأحدب والواضح… إلخ من أسماء مختلفة.
ولن ننسى أن الكاتبة اسمها قمر.. وقد تكون قصدت رحلتها مع الحياة، على الرغم من أنها لا زالت شابة، ولا زالت خبرتها في الحياة متواضعة، إلا أن الحكمة ظهرت في الكثير من نصوصها، خاصة وأنها تبدو من المطالعين النّهمين لكتب التنمية البشرية.
من يقرأ النصوص بتمعن، يلحظ الحالة النفسية التي كانت تمر بها الكاتية أثناء كتابة كلّ نصّ من النصوص في مجموعتها.
ومن يحلل نصوصها بشكل دقيق يلحظ أنها تتميز بشخصية حساسة جدا، وبأنها صاحبة إرادة قوية وصلبة، تمضي بثبات ولا تأبه لوعورة الطريق. واقعية وحكيمة في طرحها. مثال على ذلك: (فلولا النقمة ما كانت النعمة)، و (من لم يعش معه ضميره، ماتت نفسه وخذلته روحه، فاستقم واستعن بالله يهديك إلى حيث يشاء). وتقول الكاتبة أيضا: (لا تخلو الحياة من خيبات أمل وإحباط )…إلخ من جمل تدلّ أنها تتعلم دروس الحكمة والمنطق من الحياة .
وقد ذكرت الكاتبة في الإهداء: ” جاءت لحظة الوداع لكلماتي التي لطالما كانت مخبّأة في قلبي، والآن حان الوقت؛ كي تخرج للنور”.
نصوصها كانت أشبه بالبوح، أشبه بحديث مع النفس كان طرحها صريحا، نزعت من خلاله القناع وتتحررت مما في داخلها بقوة وشجاعة.
وعلى الرغم من وجود النفس الحزين في بعض النصوص، إلا أنها في معظم الأحيان كانت تذيّل نصوصها بعبارات تعيد الأمل والتفاؤل، فتدبّ النشاط في خلايا الجسم من جديد.
أعجبني نص بعنوان المفروض: ( قد حان بتر هزيمتي، وشنق ضعفي وانحنائي، فلا غيظ بعد اليوم ولا عناء، خذوا بيدكم بلائي، وانعوا به ما طاب لكم من الألف على الياء).
أعجبني اختيار عناوين النصوص، عناوين جريئة ومشوقة ومتنوعة وعميقة، على الرغم من أن بعضها كان طويلا أحيانا، وكان من الممكن اختصاره، إلا أنها كانت تعطي رسالة واضحة وجميلة للقارىء، مثال على ذلك: ( الإخفاق حدث عابر، لكن الاستسلام هو نهاية المطاف)، و (الوحدة أصعب ما يتركه الفراق ويرحل).
وفي الختام، لا شك أن المواضيع التي تناولتها وطرحتها بعفوية تحمل أبعادا إنسانية يشعر بها القارىء، كتبتها بلغة تحمل صورا أدبية جميلة، إلا أنني أودّ لو أن الكاتبة عرضت نصوصها على مدقق لغوي قبل طباعته، لتفادي هذا الكم الكبير من الأخطاء المطبعية واللغوية التي أضعفت الكتاب.
وقال ابراهيم جوهر:
تشكّل نفحات قلم الكاتبة الشابة هنا خريطة نفسية لكاتبتها المتحدّية بمعاناة لم تقتل أمل طموحها. تكتب “قمر منى” بإحساس فتصير اللغة تعزف على وتر الألم والأمل معا. إنّها تعاني من عدوّ لم تتبيّنه أو لم تفصح عنه مبقية باب التخيّل للقارئ لمعرفة هوية هذا الذي يقف محاصرا طموح الكاتبة، في محاولة لقتل روحها، فتتصدّى له بالحلم والتحليق والتعبير.
لفت انتباهي هذا التحدّي في لغة الكاتبة التي تسلّحت بالحلم والتفاؤل والإصرار والمواظبة، فلم تستسلم ولم تقف لتشكو غدر الزمان وقسوة الإنسان، بل أخذت تنشد للحياة التي يجب أن تكون كما تريد.
يجد القارئ لرحلة القمر قاموسا خاصا بالكاتبة، يشير إلى الحالة الانفعالية التي كتبت فيها خواطرها، لذا تكثر ألفاظ: فوضى، مشرّدة، شتات، طقوسي المهزومة، ضفاف اليأس، بوصلة ضائعة، سوء الأيام، المشاجرة مع الحياة، خيال القلق، نعيم مغسول الفرح منزوع السعادة…وأشباهها في الدلالة، وهذا يستدعي التساؤل: لماذا يعبّر شبابنا وشاباتنا عن الحياة التي لم يخبروها وقتا كافيا بهذه القسوة وهذا التّشتت؟
وفي الإجابة ما يسهم في فهم واقع مشاعر هؤلاء الذين يعيشون في مرحلة القلق سياسيا واجتماعيا والاغتراب، الذي يتعمق في مرحلة من البحث عن هوية ذاتية وجمعية.
خواطر “قمر منى” في “رحلة القمر” هنا تقدم كاتبة صاعدة بثقة وقوّة ووضوح غاية، وأرى أنها ستصل لتتميّز.
وقال جميل السلحوت:
وقفت أمام عنوان الكتاب حائرا، فماذا تعني الكاتبة بهذا العنوان”رحلة القمر”؟ خصوصا وأنّ اسمها هو “قمر”، فهل تعني القمر الذي يدور في السّماء ويعكس أشعّة الشّمس على الأرض ليلا؟ وإذا كانت تعنيه حقّا فإلى أين سيرحل هذا القمر؟ وإذا كانت تعني اسمها فإلى أين المسير؟
أحسنت الكاتبة لأنّها لم تصنّف كتابها تحت أيّ صنف أدبيّ.
تمعّنت بنصوص الكتاب بدءا من الإهداء والمقدّمة، ووجدت فيهما أنّ الكاتبة معتدّة بنفسها وبقدرتها على الكتابة إلى أبعد الحدود، وهذا حقّها ويحسب لصالحها، لكنّني أوصيها بالإبتعاد عن الغرور، كي ترتقي بكتابتها، خصوصا وأنّ لديها ما تقوله وما تكتبه.
أعجبني في النّصوص كثرة الأسئلة التي تطرحها الكاتبة على نفسها، وهذا أمر جيّد ويعني أنّ الكاتبة تفكّر وتبحث عن الحقيقة.
غالبيّة النّصوص تتفاوت بين المقالة والخاطرة وبتحفّظ، وإن خالطتها نصوص يمكن اعتبارها “قصيدة نثر مثل النّصّ “رحلة اللاوعي”ص 17، و”حوار مع النفس” ص20، و “الحبّ توفيق من الله”ص64، مع أنّ العنوان الأخير بعيد عن الشّعريّة.
وفي تقديري أنّ الكاتبة تسرّعت في نشر كتابها، وحبّذا لو أنّها تريّثت قليلا قبل النّشر، فالكتاب يعجّ بالأخطاء اللغويّة من “الإهداء” إلى “الخاتمة”. والنّصوص في مجملها تكاد تكون بوحا لمواقف مرّت بها الكاتبة، التي دفعها حماس الشّباب لتعتبر نفسها صاحبة تجربة حياتيّة -رغم أنّها لا تزال في بداية الشّباب، حيث تقول:” والأجمل أن أخوض في تجارب الحياة وأنجح بخوضها” ص13.
حبّذا لو أنّ الكاتبة تركّز على المطالعة لتنمية ثقافتها، وتثري لغتها، وتكتسب أساليب الكتابة الفنّيّة، خصوصا وأنّ لديها ما تقوله وأنّها قدرة على كتابته.
وكتب عبدالله دعيس:
(رحلة القمر) عنوان يطالعه القارئ؛ فيدرك أنّه سيركب أمواج الكلمات، في رحلة عبر صفحات الكتاب، ويتساءل: هل ستكون رحلة صعبة؟ فبلوغ القمر صعب المنال، لكنّه أقصى ما حققته البشريّة. أمّ أنّها رحلة إلى الجمال؟ فالقمر رمز الجمال لدى الشّعراء والعشّاق. أم ستكون رحلة القمر نفسه بين شروق وغروب، وعبر الشهر من محاق إلى هلال فبدر ثمّ عودة إلى الخفاء؟ ألا يمثّل هذا رحلة الإنسان في حياته؟ ساعة فرح ومسرّة وساعات شقاء، ورحلة من الطفولة إلى الشباب فالشيخوخة والفناء. وعندما يطالع القارئ عناوين النّصوص التي تبدأ بِـــ (بداية الرّحلة) وتنتهي بِـ (نهاية الرّحلة) يدرك أنّه سيسافر مع كلمات يحدوها الأمل، وتقودها العزيمة التي تتغلب على المصاعب، لكنّها تتعرقل عندما تطلّ معاني العشق، فيكسوها اليأس والتّردد والإحجام.
تبدأ الكاتبة رحلتها سريعة متهوّرة غير متأنّية، وسرعان ما تكتشف العوائق التي تحول بينها وبين الأهداف العظيمة التي وضعتها لنفسها، لكنّ هذه المصاعب لا تفتّ في عضدها، ولا تمنعها من مواصلة المسير. ثمّ تبدو الكاتبة موضوعية، ترى هدفا بعيدا أمام ناظريها وتدرك صعوبة الطريق، فلا يدفعها ذلك للتوقف، إلا للتساءل إن كانت أحلامها وأهدافها العالية ستقودها إلى التّعاسة عندما تراها تتحطّم أمام ناظريها. لكنّها لا تبدو مستعدة لخفض سقف أحلامها من أجل أن تتجنّب وعثاء الطريق.
لغة الكاتبة بسيطة ومباشرة في كثير من الأحيان، دون جنوح إلى الغموض أو الصور البيانيّة، على عكس كتابات كثير من الشّبان التي تتسم بالغموض، فيضيع المعنى في خضم الصور والكلمات. وفي معظم النّصوص تستخدم الكاتبة ضمير المتكلّم، فتعبّر عما يجول في خاطرها بعفوية دون مواربة، وهذا قد يفسّر، وإن كان لا يبرّر، الكمّ الكبير من الأخطاء اللغويّة والإملائيّة في نصوصها، فيبدو أنّ الكاتبة ترسل نفسها على سجيّتها ولا تتوقف حتى تنهي الفكرة، وربما لا تعود إليها كيّ لا تؤثّر بها أو تعدّلها.
وتتنوّع الخواطر والنصوص، وتعلو وتهبط لغة ومعنى، ربما حسب حالة الكاتبة النفسيّة حين كتابتها، فتارة نراها تحلّق في سماء التفاؤل والأهداف العالية، وتارة نراها صريعة العقبات واليأس والنّدم. وفي بعض النّصوص تتحوّل الكاتبة الشّابّة إلى حكيم يسدى النصائح بلغ آمرة مباشرة، فتبتعد عن الأسلوب الأدبيّ، خاصّة وهي تكرّر عبارة (إنّي أعلم وأنت لا تعلم).
تظهر الكاتبة قويّة آملة حالمة في نصوصها الأولى، لكنها ما أن تجنح للحديث عن العشق والحبّ، حتّى تبدو ضعيفة مهزوزة يائسة، وهو تناقض واضح بين حياة واقعيّة ناجحة، وبين أحلام ساذجة سرعان ما تتهاوى. والمعشوق في نصوصها غير واضح المعالم، غير معروف الهويّة والصفات. يشعر القارئ أحيانا أنّ عشقها عشق صوفيّ اتحد فيه المحب والمحبوب، وأنّ لوعة العاشقة لا هدف لها إلا التقلّب على أوتار الألم واجترار الخيبة.
يبدو أنّ الكاتبة تمتلك الموهبة وتصرّ على تحقيق أهدافها العالية في عالم الأدب، ولا تبالي بصعوبات الطّريق، وهي بدأت رحلتها نحو هذا القمر اللامع بثقة وبخطوة أولى سريعة وجريئة. لكن لا بدّ لها إن كانت ستواصل الطّريق أن تتنبّه لبعض الهفوات التي يمكن التغلّب عليها بقليل من التّروي والمراجعة: فالكاتبة تحجم عن استخدام علامات التّرقيم، أو تستخدمها بشكل خاطئ يربك القارئ ويضيع المعنى. أخطاؤها اللغوية كثيرة، فهي لا تجزم الفعل المضارع أبدا، وتكتب أحيانا تاء مفتوحة بدل التاء المربوطة، وهذا شنيع. وتعمد الكاتبة أحيانا إلى السجع على حساب المعنى، فيضعف النّص ويضطّرها إلى استخدام كلمات ليست في مكانها. تأمل قولها صفحة 39:
وأن الحرية بابها حديد
ومفتاحها ضائع بالوريد
فكيف يضيع مفتاح الحرية بالوريد؟
رحلة قمر إلى القمر، رحلة لا شكّ مضنية، وطريقها وعرة شائكة، لكنّها تمتلك الكلمة والفكرة والتّصميم والإصرار والمثابرة، فلا شكّ أنّ رحلتها ستقودها هناك، نحو الجمال والنّجاح والتّميّز.
وقال الدكتور عزالدين أبو ميزر:
لست أدري والله من أين أبدأ؟ وإلى أين أنتهي؟ رغم أن الصورة في ذهني واضحة المعالم، بعد قراءتي لمقالات وخواطر ابنتنا قمر. أابدأ من العنوان، أم من الكاتبة، أم من الحالات النفسيّة التي كتبت فيها هذه المقالات والخواطر، فتأرجحت ما بين الإعتداد بالنفس، إلى الهزيمة والانكسار، ومن التفاؤل إلى اليأس والسوداويّة أحيانا، أم لركوبها فرسا جموحا،” ومن عادة الخيل أنّها تعرف فارسها”،وخاصّة أن الفرس التي تركبها كاتبتنا، بغير سرج ولا لجام، فنراها تتشبّث بمَعرَفَتِها وتمسك بها؛ لتثبت أنها فارسة متمرّسة، لنراها في أحيان أخرى، وكأن الفرس أحسّت، فهاجت، فرمت براكبتها الى الأرض غير آبهة بها. القارىء لهذا الكتاب، يدرك أن ما حواه من مقالات، ومن خواطر، كُتبت بفترات متفاوتة، وحالات نفسيّة مختلفة، وكانت الحافز الوحيد لكتابتها، تفريغا لهذه المشاعر التي تجمعت حينها، نتيجة مواقف معيّنة، عانت منها كاتبتنا، فأفرغتها على الورق كما هي، دون مراجعة ولا تدقيق” ونلاحظ أيضا أنها كُتبت بغير عنوان، -رغم وجود عنوان يتوّج كل مقالة وكل خاطرة- وأعني بالعنوان: الهدف الأساسي من الكتابة، والرسالة المنوي إيصاله، لا أشكّ مطلقا أن لدى الكاتبة موهبة الكتابة، والتي لا تكفي صاحبها ليكون كاتبا، بغير القراءة وصقل هذه الموهبة، وذلك بالإستفادة من تجارب من سبقه والبناء عليه، وأنّ لها مقدرة على صياغة الكلمة، والتي تسمو بها أحيانا إلى درجات من الجمال اللغوي يُحسب لها، وتهوي بها أحيانا أخرى، إلى درجة الكلام العادي، والعادي جدا، ربّما استعجال الأمر قبل أوانه، وعدم المراجعة الدقيقة، كانا السبب المباشر خلف ذلك، وكيف لنا من ناحية أخرى، أنّ ابنة العشرين بكل ما لها وما عليها، تصبح بين عشية وضحاها، وكأن لديها خبرة من أكل الدهر عليه وشرب، وطحنته الحياة، وعجنته، وخبزته، وصار يثري الناس بما لديه من حكمة وخبرة وتجارب؟ فيقع التناقض، والوقوع بالمحظور، والشكّ في المضمون. إن فورة الشباب، والإعتداد بالنفس، محمودة، ومفيدة، إن لم تصل إلى درجة الغرور، ” إنّ الغرور لمن يغترّ قاتلُهُ.أرجو للكاتبة الرفعة والتألّق، والاستفادة من تجارب الآخرين، والتريّث قبل الإصدار، ولو أنها فعلت ذلك، وعرضت كتابها على متخصص باللغة، لما وقعت في كلّ هذه الأخطاء اللغوية، وليس التّسكين دائما يؤدى إلى السلامة على رأي من قال: ” قد سكّنتُ فسلمت”، وأخيرا وليس آخرا، أودّ الإشارة إلى طريقة الكتابة، والتي أوّل من اعتمدها مترجمو الأشعار الأجنبيّة إلى العربية، وأصبحت تقليدا أعمى لكل كُتّاب ما يسمّى بقصيدة النثر، والتي لا تمت إلى الشعر بصلة، وكُتّاب الخواطر، التي تؤدي بهم أحيانا إلى تسكين أواخر الكلمات في السطور لغير حاجة، فيقع الخطأ، ولو كُتبت الخواطر سردا نثريا لكان أجمل وأوقع في النفس. وأخيرا، فإن الكاتبة كانت تميل بقصد، أو بغير قصد، إلى محاولة، كتابة، قصيدة النّثر، في بعض خواطرها، فجاءتنا، بالكلام المسجوع، الذي عفا عليه الزمن، وجعلها تقحم الكلمات الأخيرة، إقحاما على أنها قافية، وما هي بقافية ولا رويّ.
وكتب محمد موسى عويسات:
مجموعة خواطر شبابيّة، للكاتبة قمر منى من مدينة القدس، وقعت في ما يقارب مئة وثلاثين صفحة من القطع المتوسّط، صدرت عن دار إلياحور في أواخر العام المنصرم 2019… وهذا الإصدار الأول للكاتبة وقد يكون باكورة إنتاجها، ويحمل بكلّ دقّة سمات وملامح العمل الأول لكلّ من ولج هذا المضمار، من حيث إنّه يعبّر عن رغبة أو موهبة في الكتابة تبشّر، في مثل حالة قمر في رحلة القمر، بميلاد كاتبة مقدسيّة واعدة، ويظهر اندفاعها القويّ وثقتها الكبيرة بنفسها التي بلغت أن تعدّ نفسها صاحبة تجربة في الحياة تستحقّ أن تُنقل للقارئ، أو أن تعبّر فيها عن نفسها رغم صغر سنّها، ولا يُعدّ هذا مأخذا عليها، وقد دارت خواطر الكاتبة حول مواضيع شخصيّة ذاتيّة تتراوح بين الشّكوى والنّدب والتّألم والتأمّل، وبث المشاعر والعواطف المختلفة، وقد تخلّلتها مشاعر إيمانيّة لطيفة. ومن النّاحية الفنّيّة مالت الكاتبة في خواطرها إلى نهج القصيدة النثريّة، وقد أغرقت في الخيال، وجهدت في جلب الصّور البيانيّة، فجاءت باستعارات كثيرة، وفّقت في كثير منها، وأخفقت في بعضها، ومن مجمل الخواطر تجد تعبيرا عن قلق نفسيّ وعدم استقرار وشتات، ونفس تميل أحيانا إلى التّشاؤم، وتنتهي في أغلبها إلى اللّجوء إلى الله وطلب عونه. وقد استطاعت الكاتبة أن تعبّر عن نفسها دون تناقض أو تكلّف، إذ تكاد تلك الخواطر أن تنتظم في سلك مشاعريّ واحد. وعلى أيّة حال يعدّ إصدارها هذا واحدا من إصدارات شبابيّة تمثّل ظاهرة أدبيّة جديرة بالدّراسة المتأنّية، ظاهرة محورها ذات الكاتب ومشاعره وقضاياه الشّخصيّة، فيما يشبه الرّومانسيّة، وتثير تساؤلا مهمّا: لماذا غيّبت قضايا أخرى مجتمعيّة وهموم أعمّ؟ فكان من المتوقّع مثلا أن يكون للقدس وهمومها مكان في تلك الخواطر. ومن ملامح هذه الظّاهرة الشّبابيّة أنّ الكاتب يهتمّ بالتّعبير عن فكرته والإغراق في الخيال والتّصوير دون أن يحسب للّغة الحساب المطلوب. وأقصد باللّغة هنا سلامة التّراكيب والتزام أحكام النّحو والصّرف وفصاحة اللّفظ.
وقال صلاح الزغل:
بكل ألوان الطيف المتميزبالتحدي والإصرار والمعاناة والألم والتفاؤل، تعزف الكاتبة على قيثارة الوجع والألم والتحدي لتجارب مؤلمة، مصرة على مواجهة الحواحز التي تقف أمام طموحها وأملها في غد باسم جميل، متسلحة بالأمل والخيال الإيجابي والحلم الجميل.
تتنقل الكاتبه كالفراشة، فمرة أراها تكتب الخاطرة، ومرة أراها تتسلق سيقان الشعر،
وأحيانا تكتب سيرة تجارب معاناتها الاجتماعيه والعاطفية.
أحسست خلال قراءتي للكتاب أنّي أغوص في بحر مفردات ذات معاني انفعالية سوداء متحدية واقعا أعتقد أن معظم شبابنا يعيشونه في أيامنا الحاضرة، فهي تمثل الحاله الانفعالية والمتحدية لكثير من الألم الذي مرت به الكاتبة الشابة، مثل:
أنا العاشقة سيئة الحظ
إكرام الحب دفنه
للموتى رنين في الذاكرة أيّام الشتات
الصراع مع الحياة وأراها تعود متأملة في الحياة
كاتبة لا روح للحياة بدون الحب، فإن تمنيت شيئا فأنت كل التمني
أراها أحيانا حزينة ضعيفه عندما تقول:
يا رحمة الله تحتويني
الفراق قاتل، قلبي مثل قبري لا يسكنه إلا واحد
كل هذه الشواهد تعبر عن الثورة الجامحة والبركان الهادر داخل نفس الكاتبة. أرى بصدق أن تكون الكاتبه ذات شأن، ولها موقع متميز في عالم الأدب.
ما يؤخذ على الكاتبة أنها تسرعت في نشر كتابها، وكان عليها مراجعته وعرضه على بعض الأساتذة ذوي التخصص باللغة والنحو حتى يخرج الكتاب دون أيّة أخطاء لغوية أو نحوية.
وبالمجمل فإني أرى أن صفة التحدي والصمود والمثابرة والوقوف أمام الصعاب
سيجعل من الكاتبة رائدة متميزة في أدب الشباب، والبحث عن ذاتهم.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
زهرة من القدس، قرّرت أن تحلّق بروحها القمري، وتكشف لنا من نبضات دفتر الحبّ، زهرة في العشرينات من عمرها، تدلي بإعترافات، تبوح بأسرار، تحمل معاني الخوف،القلق، الإحباط، الألم ،خيبة الحبّ وأسرار المرأة العاشقة، زهرة أرادت أن تحيا بجمال الحبّ الذّي تعتبره وقودها، لتزهر روحها أكثر،لا لتحمل أسفار عجوز تجاوز سنّ الحياة كما ذكرت في إحدى نصوصها، فما كان إلاّ الوجع رفيقها. ولذا كانت المرادفات التّي استخدمتها الكاتبة تعبّرعن الحالة غير المستقرّة التّي تشوبها حالة السّواد والإكتئاب،مثقلة بالهموم، إلاّ أنّ نافذة الأمل كانت مفتوحة، ففي بعض النّصوص، كان الخروج من أزمة الصراع النفسي العاطفي من خلال معطف الدّين، الذّي تستريح النفس فيه، في ظلّ الرّاحة في الدّعاء، أكثرت الكاتبة من التساؤلات وحوار الذّات في بحثها عن السكينة والحب. العنوان”رحلة القمر”لم يحمل الرّمزيّة في تسميّته، لأنّه يحمل إسم الكاتبة قمر. وهو إشارة لفصل الرحلة الأولى في حياة الكاتبة.
تعبّر الكاتبة عن حالة الإدراك والوعي لمرحلة الحبّ الفاشلة، هي تدرك الحقائق، وتعترف. “أعتذر عن طقوسي المهزومة على ضفاف اليأس”،كانت الطبيعة حاضرةفي نصوصها(نرجس،طير،سحاب شتاء،مطر،قمر).
أمّا ملاحظاتي حول الكتاب فهي كالتالي: لقد جاء الفهرس بعد المقدمّة والإهداء، وكان يجب وضعه في البدايّة، جاءت بعض الجمل قويّة من النّاحيّة الأدبيّة، وهذا يشير إلى وجود الموهبة لدى الكاتبة مقارنة بالنّصوص عامّة، التّي تحتاج للصقل من النّاحيّة الأدبيّة بشكل أكثر أو بعض التعديلات، أنصح الكاتبة بعدم خنق النّصوص بالحكم واستخلاص العبر، لتكون النصوص كالطائر، أمّا بالنسبة للإقتباسات التّي استشهدت بها الكاتبة في نهاية بعض النّصوص، فإنّها كانت دخيلة لا حاجة لها، في نصّ صفحة94، وكذلك في نص صفحة82، عبارة علي بن أبي طالب. حبذا لو كانت العناوين مختصرة، لا حاجة للجمل الطويلة، وردت أخطاء لغويّة كثيرة، أُشجع الكاتبة على الإستمرار بالكتابة.
وقالت دولت الجنيدي أبوميزر:
الكتاب عبارة عن مجموعة خواطر تحت عناوين مختلفة، تحاول في بعضها كتابة القصيدة النّثرية؛ استعلمت فيها مفردات مكرّرة بأساليب مختلفة، تنمّ عن اليأس والألم والقهر والضّياع والعذاب والمعاناة وصراع مع الحياة؛ وعدم التّصريح بدوافع الألم الذي تعانيه، وتتحدّث عن أناس دعموها، وآخرين حاولوا إحباطها؛ وعن الحب والهجر ومعاناة الانتظار لحبيبٍ مجهول، تعاتب أخاها، وتمدح أمّها، تخاطب نفسها وتسأل وتجيب، وتبحث عن ذاتها، وتخاطب الحبيب المجهول الذي انتظرته طويلا ليأتي على حصان، ولكن الحصان أتاها بلا فارس، ونراها على غلاف كتابها ممسكة بلجامه وسط القمر الذي يرمز الى اسمها.
وبالرغم من معاناتها نراها صابرة متحدّية، معتدّة بنفسها، وتصارع لتصل إلى الهدف المنشود؛ متعلّقة ببصيص الأمل الذي سيأتي بعد هذا الظّلام . وما رحلة القمر إلاّ لأّنها تشبّه رحلتها مع الحياة كرحلة القمر من المحاق إلى البدر؛ أي من الظّلام إلى النّور.
غير انّ هذه المعاناة احتوت بين دفّاتها كلمات ومعاني وصورا أدبيّة تنمّ عن بزوغ كاتبة واعدة.
لكنّ هذه السوداوية في الكتابة والنّصوص غير متوقّعة من شابّة عشرينيّة في مقتبل العمر، مهما كانت الظّروف، فلا يأس مع الحياة.
ولو أنّها تروّت في مراجعة هذا الكتاب لتجنّبت كثيرا من الأخطاء اللّغويّة.
وكتبت عطاف جولاني:
قرأت رحلتك، وغصت داخل أعماقك، شعرت وكأنك مزجت كتابك الأول من روحك، مزيج مختلف من الألم والأمل، تجربة جيدة، ولغة سهلة، ومليئة بكثير من المشاعر، أعجبني إقبالك على الحياة، تمنيت لو كانت الخواطر مترابطة بطريقة معينة، أعجبتني بعض الجمل المكتوبة منها:
” يا أيتها الشمس المريضة هيا استيقظي وارمي بسهامك
“طاقة أبدية ، فالعين تحتاج إلى رؤياك ، والقلب لا ينتعش إلا بدفئ حنانك.”
أحببت كيف تجد الكاتبة الأمل في الألم، الحب في الهجر، الوجود في العدم، أحببت كيف تجد من لا شيء شيئا ما جميلا. ففعلا ” لا شيء ألذّ من أن تكوني بطلة نفسك، أن تهزمي انكسار روحك وعجزك الذي صار جزءا من عقيدة معطوبة، أن تمضي بهذه الحياة امرأة شجاعة، تعرف ماذا تريد وكيف تحصل عليه.”
أحببت كيف وجدت من رحم المعاناة نجاة.
وقالت هيا سيد أحمد:
رحلة الى قمر للكاتبة المقدسية قمر منى.
تاخذنا الكاتبة الشابة في رحلة القمر، إليها لأفكارها وأعماقها وخواطرها، نرى بين السطور فتاة تحب الحياة، ولكن لا بدّ من أمل، رأيت أن أغلب نصوصها حزينة تنتظر مياه الأمل لترتوي، وأيضا هي فتاة عنيدة تملك إرادة قوية، غصت في إبداع الكاتبة، فرأيت وجه الشبه في عنوان الكتاب رحلة إلى القمر ومحتواه، إنها وحيدة كالقمر، وأخذتنا بعيدا، فقمر الكاتبة بعيدة وقريبة مثل القمر وهو يضيء السماء، وهي تريد أن تضيء عالمها الخاص، لا ترضى الاسستلام.
قمر منى كاتبة بعمر الزهور، لكن كلماتها عميقة، الحزن يتغلل في أغلب نصوصها، لكن رغم هذا فإننا نرى التحدي والإرادة ايضا.
اللغة سهلة بسيطة المعاني، أحببت كتابتها عن الحب، قرأتها عاشقة رغم الألم، كبيرة في الإبداع، جميلة رغم الحزن. كتاب جميل إن أردت أن تذهب في رحلة إلى القمر إقرا هذا الكتاب. فليغمر قلبك الحب والأمل يا قمر.
وكتب المحامي موسى البرغوثي:
وقفت عند الخواطر المتعددة في كتاب رحلة القمر، فرأيتُ شابة في مقتبل العمر تحمل أفكارا مستنيرة بذوقها الرفيع، وتصوّر بأفكارها المعبرة عن إحساس مرهف نحو الوطن وشبابه، ورموزه المثقفة من خلال خواطر رائعة فيها من الذكاء ما يجعل القارئ يقف عندها.
فقد أظهرت مواقف مثيرة للجدل والنقاش في تحقيق أهداف واقعية من خلال تحويل الألم إلى أمل، والخيال إلى الواقعية في ظل القهر والأحزان، التي يمر بها الوطن.
خواطرك فيها متغيرات نحوغد مشرق ومستقبل زاهر موصل لراحة نفسية في استقرار الوطن وأهله والحنين إليه.
أمّا من ناحية أخرى فأرى أن عناصر الخواطر من عنوان ومكان وشخوص وموضوع وختام لكل خاطرة متوفرة. عرجت الخواطر إلى قسوة وآلام الشتات من خلال شواهد واقعية.
-عنوان الكتاب يدل على معنى مجازي وحقيقي في آن واحد، لأن كثرة التشبيهات والإستعارات أضفى على الخواطر فنّا أدبيّا في صياغة النصوص لتحقيق الهدف المنشود.
-الكاتبة تتسم بمشاعر وأحاسيس صادقة نحو الوطن وتاريخه والقدس ومعاناتها وآلامها المتراكمة. تعتبر هذه الخواطر من أهم الرسائل المعبرة.
وكتبت شروق أبو السعد:
كتاب رحلة القمر للكاتبة المقدسية قمر منى وهو عبارة عن كتاب خواطر وقصائد نثرية ،صدر عام ٢٠١٩ من دار الياحور للنشر.
أنا من النوع الذي يميل لقراءة الخواطر، وأحب كتابتها، الجميل في الكتاب أنّ الكاتبة اختارت عنوانا واضحا لكل خاطرة وملائما. بينما
النصوص تتشابه وكأنها تكرر بعضها، إلا أن الصور التشبيهية كانت عميقة المعاني وجديرة للإقتباس.
أمّا عن المواضيع التي يحتوي عليها الكتاب فكلها تمحورت عن تراجيدية ذاتية تعايشت الكاتبة معها، وهذا يخالف عمرها الزّمني، إذ أن عمر العشرينات هو عمر الحماس والإقبال على الحياة، وهو عمر المغامرات والجمال، لعلّ الكاتبة تعايشت مع ظروفٌ صعبة، وكقارئة تمنيت لو أن محاور الأمل لدى الكاتبة كانت أقوى من محاور اليأس.
مما راق لي بالخواطر عنوان “اعترافات شبه رجل” فقد لامستني كلماته وعادت بي إلى يوم مضى مع الزمان.
وقالت مريم حمد:
كانت خطوة جريئة وموفقة بأن تبادر بمثل هذا العمل وهي لا تزال بمقتبل العمر. أحببت ما قدمت لا هروبا من الذكريات، ففكرتها تجمع بين الأمل والاستفادة والأخذ بالعبر من الماضي.
أتمنى لها أن تخرج بأحلى باقة ألوان جديدة في المستقبل.
نصيحتي لها أن تقدم للقارئ لوحة فنية وصورة متكاملة يستمتع بها خلال قراءته للأعمال، التي تقدمها، لأنني لم ألمس لوحة أو صورة فنية متكاملة لما قدمت من نصوص.
وكتبت إسراء عبوشي:
قمر تضيء أنوارا خافتة على صفحات الورق، تمزج الحزن بالفرح، هي ليل ونهار، صور حياتية من تجربتها الشخصية، توثق حياة جيلها، جيل يحمل الأمل والإيمان والتحدي ، يسير وحده بطموح عال رغم عوائق الطريق، يقف رغم ألف يد تشده للسقوط، يقف وحده، أحلامه محلقة في السماء بأجنحة الكبرياء، يتعالى هذا الجيل على ظروفه التي غمس فيها.
تَعلق بروحه الأحزان، يتردد.. ينكسر… يهزم.. ولكنه يستمر.
تكتب قمر
” أعتذر عن ممراتي الصاعدة في الإتجاه الخاطيء. يا ترى هل بوصلة ذلك الطريق ضاعت مني أم أنا الضائعة؟
هذه الحيرة هي حصيلة أفكارها المعتقلة، قد تعتقلها الأفكار، وتغلق أبواب الحياة، لكن رحلة قمر تُخبر القارئ أن أفكارها هي المعتقلة في زوايا الزمن الصعب، الذي لا يوفر للشباب فرص الحياة، فقط يطلب منهم جهدا كبيرا؛ ليعيشوا يوما جديدا؟،
ويشرق فجر آخر، لا تبكي فيه السماء، بل تتكحل ببقايا المطر في لحظات الأمل.
طموح قمر غارق بحب النجاح، والحب يعيدها للحياة. أجمل نصوص رحلتها، النصوص التي منبعها ” الحب” فاضت برقة قلبها، وصدق مشاعرها، قمر عطرت رحلتها بالحب ، وكان للقارئ نصيب من عطر كلماتها.
بالنسبة للأخطاء اللغوية، ولماذا تعجلت بالطباعة؟
قمر كاتبة صاعدة، تريد أن تثبت هويتها ككاتبة، وتضع بصمتها في هذا المجال، إصدار أول مؤلف هو ميلاد للكاتب، قبل ذلك يجد صعوبة بشق طريقه في الوسط الثقافي، لو كان هناك من يهتم بهؤلاء الشباب ويساندهم من بداياتهم لما كانت تلك الأخطاء اللغوية.
مؤكد هذه بداية الرحلة فقط، وستقودها رحلتها للتميز وستبهر القارئ في المحطات القادمة.
وقالت ميسون التميمي:
الكتاب عبارة عن مجموعة خواطر وقصائد نثرية بعواطف مختلفة وأزمنة متباعِدة، تعكس نفسية الكاتبة والحالة التي تغلب عليها أثناء الكتابة، وكأنما الكتابة آلة تفريغ لمشاعر الكاتبة، تتميز كتاباتُها في البداية بالقوة، والصلابة، والتحدي ، والإعتزاز بالنفس؛ لتتحول عاطفتها بعد ذلك إلى الانكسار والاستسلام عندما تتكلم عن الحُب من طرفٍ واحِد بدون وجود حبيب.
تتحدث الكاتبة أيضا عن رحلتها في الحياة، وعن فئة من الناس ساندوها ودعموها وفئة أخرى أحبطوها وحاولو إفشالها.
لاشك أن الكاتبة تملك ملكة الكتابة وهذا واضح في بعض استخداماتها للكلمة، ولكن عليها تغذية موهبتها، فهي بحاجة إلى غذاء كالطفل المصاب بفقر الدم، بحاجة إلى غذاء مضاعف، وهي بحاجة إلى الغوص في بحر القراءة والمطالعة.
وقالت رائدة أبو الصوي:
اختارت الكاتبة أن تبدأ من القمة، من أعلى السلم، وهذا ظاهر في خواطرها، لم تبدأ درجة درجة، لذلك لم يكتمل قمرها، بل كان متذبذبا، رحلة القمر ليس غريبا على شابة تتمتع بثقة عالية بالنفس تصل حد النرجسية أن تختار عنوانا جميلا ومناسبا لخواطرها. الكاتبة متأثرة بالشاعر الصوفي الحسين بن منصور، والدليل على ذلك خاطرة ليس لي فمن لي. قصيدة الحلاج إذا هجرت فمن لي ومن يجمل كلي ومن لروحي وراحي يا أكثري وأقلي. وأيضا بالكاتب زكي ناصيف في خاطرة نعم أهواك بلا أملٍ. صفحة ( 83) ومتأثرة أيضا بالكاتب والمحاضر العالمي الدكتور ابراهيم الفقي، خواطر قمر مشاعر…فضفضة…ممتعة للقاريء ومريحة للكاتب. نصوص أدبية متفاوتة الجودة . وجدت بعضها مكتملا والبعض الآخر ناقصا فيه أخطاء.
في صورة الغلاف انطباع عن محتوى الكتاب. ريشة تلد الحمام، الحمام تنطلق منه قمر لتبدأ رحلتها، رحلة البوح الصريح.
العلاج بالكتابة، الكاتبة موفقة باختيار هذا النوع من العلاج، خصوصا في هذا الزمن، زمن الضغط النفسي الذي يواجهه الشباب.
جميل ان يلجأ الشباب للكتابة بدل الانزلاق إلى مستنقع المخدرات عند التعرض لأزمات عاطفية، وضعت الكاتبة الحل وهو الفضفضة.
غلفت النرجسية معظم نصوص الكاتبة، حتى انها اختارت في صفحة 78 أكاليل النرجس عوضا عن أكاليل الورد، والمعروف أن الأكاليل تنسق من الورد وليس النرجس…. من فمك أدينك النرجسية ظاهرة بقوة في خواطر قمر، مع أن النرجسية تعتبر حاجزا بين الكاتب والقاريء إلا أن نرجسيتها مقبولة في هذا العمل. بعض عناوين النصوص لم تكن موفقة فيها ومنها صفحة 78 ( أنت وطني الخائن ) الوطن لا يخون . لم يتناسب العنوان مع الطرح كان تناقض بين العنوان والطرح . بعض النصوص مؤثرة ومنها قلبي مثل قبري لا يسكنه إلا واحد . صفحة ( 97) و ” يا أنا لم أعد أنا” صفحة 106 و ( إكرام الحب …دفنه ) صفحة 110 و ( للموتى رنين في الذاكرة) ص 111 في فلسفة وجدتها في خاطرة ( عندما أرحل تأكد من أنني بذلت كل ما بوسعي لكي ابقى ) خواطر نرجسية … متأملة … حزينة فيها بصيص أمل . تلك النصوص التي احتضنها كتاب قمر منى. عند الكاتبة ما تقول . وتمتلك الموهبة و الأسلوب ولكنها بحاجة للصقل.
وقالت هدى خوجا:
لوحة الغلاف في البداية قمر في السّماء مع أنثى تتمازج مع القمر في أعالي السّماء الزرقاء، وريشة طائر للكتابة، وطيور تحلق في السماء عاليا للحرية نحو القمر، لوحة جميلة تحاكي رحلة القمر. أما صورة لوحة نهاية الكتاب القمر مع الأنثى والفرس تمسكة بحبل مشدود وشجرة باسقة مع الأمنيات، فهل ستتحقق تلك الأمنيات؟
بدأت الخواطر بصفحة الإهداء إلى نفسها وإلى أهلها، وإهداءات متعددة تتضمن العزيمة والإصرار، مع الاستشهاد بكلمات للشاعر محمد درويش ” قف ؛ على ناصية الحلم وقاتل “.
أحيانا نجد حروف الخواطر تطير بين الأمل صعودا للقمر، وأحيانا يملأ التشاؤم غيوم السماء بالخواطر مثال : فما عاد للألوان هواجس تضيء لي حياتي ص7.
احتوت الخواطر على عدة نصوص جميلة، تتطاير بين أمل ويأس ومد وجزر تارة، تضاء الشمعة ثم تنطفئ فجأة مع أسرار الحروف، هموم وذكريات ومبادئ وقيم، حب وكره، نسيان وتذكر الوعي واللاوعي، أمنيات ودعاء حياة أو موت، أمنيات ودعاء، فراق ولقاء. والأحلام ليست بالأحلام والأفكار يرافقها الضمير.
تكرار القمر قمر القمر قمرك ص61.
أعتكف في قمرك المطل على عرشي.
فلا تقطع رجائي بك مهما طال غياب القمر ص105.
” بحق السماء والأقدار ، والكواكب ، والنجوم ، والشمس ، والقمر هل من مغيث؟
اشتملت على عبارات وحكم وأقوال جميلة.
وسنحلق في رحلة القمر، أهي رحلة عادية أم رحلة رائدة في فضاء الخواطر والكلمات في عالم من المعلوم إلى المجهول، ومن الحب إلى اللاحب، ومن الذكرى إلى النسيان.
وقالت خولة الإمام:
رحلة القمر عنوان يجذب القارئ نحوه، ليرافق سطوره في رحلة تسبر أغوار الروح، تنتقل بين خفاياها بكل براعة ما بين مد وجزر، تغرف من بوح الوجدان ما بين الضدين اليأس والأمل، الظلام والنو،ر ما بين بعد وقرب، عن بر الحياة تكتب عما يجول في خاطرها من أفكار متلاطمة كالموج، وتمخرها بمداد حروفها نحو آفاق الحلم والوعد بلمسة من أمل ودعاء ورجاء، مقاومة كل المخاوف والأوهام. والصعاب التي تواجه جيلها في وقتنا الحاضر، رحلة القمر تسافر بنا في خلجات، الروح على شراع قلم واعد يصبو نحو الحلم والإبداع وإثبات الذات والعمل الدؤوب ل لبلوغ الهدف، للقمر حكايات وهمسات ومسارات ودورات، وقد استطاعت كاتبتنا أن تنتقل بنا في هذه الرحلة وعلى متن حروفها في عالم الروح بكل براعة، حالها كحال الجيل الصاعد الباحث عن شق حلم لا يعرف المستحيل.
وكتب صهيب سيف الدين:
الكتاب يطرح العديد من التساؤلات من خلال الخواطر وقصائد النثر والأفكار المختلفة المنتشرة على صفحاته، يجب أن نضع في الحسبان أن هذا الكتاب هو الإصدار الأول للكاتبة، وعادة الكتاب الاول يكون عملية لقراءة الذات وفهم النفس والغوص فيها عميقا من جهة، بالاضافة إلى أنه يمثل إختبارا يتعلم من خلاله الكاتب أشياء كثيرة تساعده في إصداراته القادمة.
الأفكار المختلفة في الكتاب تتأرجح بين الحب والسعادة والحزن والغضب والأمل وتطرح أيضاً أفكار حول الذات والآخر، ورؤية وجودية حول العلاقات والحب والسعادة، شبيهة أحيانا بوجودية سارتر و ديستوفيسكي. في مناطق كثيرة شعرت أن النص خضع للمزاج المباشر للكاتبة وحالته النفسية، في أماكن أخرى سيطرت الكلمات وملاحقة الصنعة اللفظية أكثر من المعنى.
الكتاب والأفكار التي تطرحها جميلة جدا بشكل عام، وتعكس شخصية عميقة حساسة وعاطفية كانت في معظم الأحيان هي المحرك للنص.
وكتب خليل شواقفة:
نبض حياة تحت الركام…فتاة مقدسية حاولت جاهدا أن أرى هذه الفارسة في غير موضعها، فلم أجدها إلا في الركن المقيم والذي يُثلج الصدور، وهي تصرخ فرِحة لبعثها من جديد، وما بين ألمها مما رأته من قهر الاحتلال والبشر، من قهر فتاة مقبلة على الحياة ولا تملك من الأسلحة سوى صرخات مقدسية، تطأ بها هامة الطغيان، وباتت تأكل قهرها مع ما يخرج من حواكير بيت المقدس، وتكبر الفتاة ويكبر معها القهر والألم، وأقبل معها هذا النضوج المبكّر لدخول عالم الأدب، وقد رأته آلية وسلاحا مميزا؛ لتتعارك مع قسوة الحياة؟ن وتجاهد مع المجاهدين في كبح الاحتلال والجهل والنفاق المستميت في نفوس البشر من محتلين وقابعين في صومعتهم البلهاء. ونرى هذه المعاناة القاسمة لوجوه القيم الإنسانية في صراعها النفسي، ومما يختلج في صدرها من بواعثها النفسية منذ البدايات، حيث تقول في نثرية- شغف المغامرة-“في الغالب يتملكني هوس الصعود إلى القمر لشراء ما تبقى لي من الأشياء الجميلة التي لم أعد أمتلك حتى جزء منها.”
ونرى من حيث المبدأ الاشارة إلى عنوان صارخ بأنها تريد الهجرة من الأرض رغم محيطها الواسع، إلّا أنها فضّلت الصعود بدل الاتجاه الأفقي، وهنا دلالة أخرى من حيث القيمة، فهي تعبّر عن هذا الكمّ الهائل من الولوج في عمق الألم المفقود لدى الكثيرين من المقيمين، وعمن أبحروا في مجاز الأدب من حيث قيمته الأدبية في الاستدلال على قيمة ما تراه من فكر وتعبير ناضج، إلى كيفية العبور إلى الحقيقة، وتخرج وقد أصبحت فارسة ناضجة؛ لتقول أن هذا الواقع الحتميّ ليس هباء، وإنما “في خاطرتها الأدبية الحياة مغامرة جريئة أو لا شيء، أو للصدفة تاريخ مختلف.”
وهنا وقفة مع إيمانها بأن ليس هناك صدفة هوجاء، وليس بمعزل عن تاريخ للصدفة، وهذا المقال فيه اختلاف، فنجد حتمية المقام هنا إيمانها بأن كل التاريخ المقام على وجه البسيطة ما هو الاّ قدر يقينيّ، وإلا لما جاء مرة واحدة وذهب أدراجه في المعنى، مما يثير حفيظة القارئ في هول التوقع بماهيّة القادم من تكملة للصدفة، أو قل صداها وخاصة عندما تقول “اركع لأحلامي التي تسألني دوما من أكون)وتدخل بنا هذه الفارسة إلى تساؤل كبير في نهاية الحدث لمجرد لمسه لتحفز القارئ على التكهن والسبيل للولوج إلى أغوار النفس المتأملة(تقول:سألت نفسي) وهي بذات اللحظة تستدرك ما فاتها من صراع حول حدودية النفس مع الألم، حيث تقول في نثرها(أيام الشتات)..( فأنا مشردة كطفلة فقدت والديها في حروب ونزاعات..ليس لي إلاّ نفسي) بواطن متيقنة من ظهور المستور على خارطة الطريق(تكمل..أعتذر عن ممراتي الصاعدة في الاتجاه الخاطئ…يا ترى هل بوصلة الطريق ضاعت فيي ام انا الضائعة) وهذا إنما يدلّ على بشرية الفارسة من وعيٍ مُرتهن بذات اللحظة من حيث الألم، والتي وجبت من خلال الطريق الوعر، والذي كان مقدّرا لها منذ البداية( وتكمل عقبات تؤلمنا ومواقف تقتلنا ثم نعتذر لأرواحنا ونتعلّم القسوة)هذا الاستنباط الفريد والعزيز من حيث الاستفاقة على واقع مستتر بقشور وهمية تودي بنا إلى جرف زلق…فكما الألم لكل دقائقه وتفصيلاته تستوعبه هذه الفارسة، وتجد له عذرا مستقطعا في ثنايا الحشا الفسيح؛ لتترك لنا أثرا بالغ المعالم من ورود أخاديد الألم الكثيرة، والتي بإستمراريتها الدائمة تعلّمنا القسوة على الألم وأسبابهن ولكنها تخرج لنا وقد تأهبت لكل ذلك من خلال أدبيات راهنت عليها وكان لها الفخر لذلك.
وتسترسل بعد كلّ هذا العناء بالتساؤل( ماذا بعد…أنا من صنعت عذابي بيدي ..جردّيني يا حياتي عمّا اقترفت يداي من ذنوب، وأعطتي وعودك الباطلة القادمة التي تتكاسل عن فقدان جزءمن صدقها) لم يكن بد من الإشادة بمكان عن هذا المدى الذي وصلت إليه هذه الفارسة من استيعاب الوهم المتناثر في الأرجاء، والذي بدوره أذهل عقول العامة من حيثيات مشبعة لأهمية الحاجة والمورد من نفاق وتخاذل، واللهاث وراء ذنوب مستعصية على الفهم والإدراك.
وتبدأ هذه الفارسة لمرحلة لاحقة من تاريخها الأدبي من نضوج الثمار وقطفها بما يتلائم مع المواسم ونوعية التكوين، فهي تقول فالخلاصة (فليس كل بحر عبرناه غرقنا به) وهذا التجسد لما آلت إليه نهايات الأمور من حكمة مقضية في التجارب الحقيقية، والتي تثير بك وتستفز مكوناتك وحضورك الواقع ورؤيته لتجربة مجزية تزيدنا يقينا بقدرات المرء واحتوائه للحياة، وتتوالى الأحداث بتجارب يومية بهواجسها، لتلفت أنظارنا أن ليس كل ما نفكر به صحيحا، وجذور النبات يحتفظ بأصله كالثمرة إن لم تجد من يلتقطها تسقط، وتعود من جديد شجرة وارفة تعطي أُكلها كل حين.
فضلا ونثرا رائعا في محتوى قيود الحياة، والتي بدورها تستوقفنا في خضم الفوضى التي نعيشها، والتي تعتمد على الحاجة والمورد من جديد، ويتحكم بها من هم طغاة النماريد وعبّاد الباطل والشيطان، وتقول فيه ( جميعنا من آدم وحواء ومتى كان اللسان مقدمة ليروي حكاية شخصية)بناء على مستجدات الواقع اليومي المرهون بالسيّد والعبد؟ ومرة أخرى تصرخ بملء فيها لما يعبر في النفس من بواعث في محتوى (أنني هنا ..بأني أعلم ولكنّي أتجاهل)لتضيف على مكنون العقل ها هنا شيئا من الواقعية الشديدة، التي لا يمكن للمرء أن يختفي لمجرد التمنّي. وتسافر بنا هذه الفارسة إلى حقول الحب المزروعة لوعة واحتواء وحنانا غائبا عن الوعي، وببراعة أخاذّة تلهمنا ترانيم تشغل البال بها، والخاطر بهمسات مصقولة كسطح ماء أزرق وتحته ما تحته من ألم دفين يطيش بالأحيان ليظهر وجوده بين لحظات حبٌ دفين، حيث تقول (الراقدون في قلبي أراهن على البقاء بين تلك الظلوع المتكّسرة كإرتعاشة أمل…تلمس تلافيف حزنك ..وكيف تكون العيون في مشاعر مبعثرة وكيف للنور أن ينطفئ …ما بال حبك…لكن أخشى من ضياع عقلي …هب لي دواء ينسيني كبريائي الحاد، فأنا عاجزة أمام عينيك…فأنت حلمي في حضرتك …لست أدري…لقد تاهت الأفكار …مطيف بلا مرعد… بلا عنوان….لا هروب من التفاصيل سأستودع نفسي تحت يديك…عسى أن تجد بعضا مما كان.