لا يكتفي قادة اسرائيل بالهروب من متطلبات السلام الذي يضمن حقوق جميع دول وشعوب المنطقة،وذلك من اجل مواصلة فرض حقائق على الارض من خلال الاستيطان الذي يسلب الفلسطينيين ارضهم،وينتهك حقوقهم الانسانية،بل يتعدون ذلك الى اعمال بشعة تخالف كافة الاعراف والقوانين الدولية،ولوائح حقوق الانسان،واتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الاراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري.واذا كانت اسرائيل الرسمية ترى ان مقتلها في السلام،فإنها ايضا لم تتوقف عند احتلال اراضي الدولة الفلسطينية الذي قارب على الثلاثة واربعين عاما،ولم تتوقف عند مطالبة العالم وفي مقدمته العرب والفلسطينيون تحديدا بالاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية،تمهيدا لطرد من تبقى من الشعب الفلسطيني على تراب وطنه،ولم تتوقف عند دعوات الطرد الجماعي- الترانسفير- للفلسطينيين في الاراضي المحتلة عام 1967،بل تعدت ذلك الى ظهور اصوات فيها كنتاج للتعليم المدرسي والتثقيف الاعلامي القائم على الروح العسكرية الجنونية،وسياسة القتل الجماعي للمدنيين بمن فيهم الاطفال والنساء والشيوخ،وتدرج ذلك ضمن حرية الرأي التي تتشدق بها،في حين تقوم قائمتهم ولا تقعد اذا ما قال أحد اللاجئين الفلسطينيين من ابناء مدينة يافا مثلا بأنه من يافا المحتلة.
فالتحقيق الصحفي الذي نشرته صحيفة(جروسالم بوست)عدد31-1-2010 بقلم الصحفي الاسرائيلي ماثيو وينغر مثير للرعب،لما فيه من دعوة لقتل حتى الاطفال الفلسطينيين، والتحقيق يتمحور حول كتاب(تواراة الملك) للحاخام يتسحاق شابيرا بالتعاون مع الحاخام يوسف اليتسور.
والحاخام يتسحاق شابيرا هذا مستوطن يعمل رئيسا لمدرسة(يوسف حي) في نابلس المحتلة، وهو المتهم الرئيس بحرق مسجد ياسوف قرب نابلس قبل بضعة اسابيع ويقع الكتاب في 230 صفحة والفصل الخامس فيه بعنوان(قتل الجنتل في الحروب)والمقصود بالجنتل هنا هم الفلسطينييون الذي يتجنب الحاخام ذكرهم بالاسم،ومما جاء في هذا الفصل:
(يجب التفريق بين اليهودي والجنتل،ففي الوقت الذي نسعى فيه لتحرير ارض اسرائيل من الاعداء،ينبغي علينا ان نفعل ما يتطلبه التحرير وفق روح التوراة)
فماذا يقصد الحاخام المذكور بذلك؟وهو هنا لا يترك مجالا لاحد بان يفسر اقواله،بل هو يفسرها بنفسه فيقول:(هناك اسباب تدعو لقتل اطفال الجنتل حتى اذا لم يخالفوا القوانين السبعة،والسبب الذي يدعو لقتل اطفال الجنتل هو انهم في المستقبل سينشأون كما نشأ اباؤهم).
ومع ان مقام يوسف في نابلس هو مقام وقبر للمرحوم الشيخ يوسف دويكات احد ابناء نابلس،واحفاده لا يزالون يعيشون فيها،الا ان جبروت الاحتلال الاسرائيلي حوله الى كنيس ومدرسة يهودية، بحجة انه مقام للنبي يوسف بن يعقوب عليهما السلام. والحاخام الداعي لقتل الاطفال الفلسطينيين هو رئيس المدرسة،وهذا ما يتعلمه طلابه وطلاب بقية المستوطنين،وبقية المدارس الدينية اليهودية،وهذا هو فكر المستوطنين الذين يعيثون في الارض الفلسطينية المحتلة قتلا وتخريبا وتدميرا،وهو فكر من يدعمهم ويحميهم وهو الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة.
ان الفكر الذي يدعو الى قتل الاطفال فكر ظلامي اجرامي يجب محاربته لانه سيتحول الى فعل،وقد تحول فعلا فآلاف الاطفال الفلسطينيين قضوا نحبهم برصاص المستوطنيين وجنود الاحتلال،وكانت الحرب الاخيرة على غزة خير شاهد على ذلك فقد حصدت ارواح مئات الاطفال والنساء والشيوخ.
ولنا ان نتصور لو ان عربيا مسلما كتب كتابا كهذا، ودعا فيها الى قتل الاطفال اليهود،أو أيّ اطفال آخرين،ماذا ستكون ردة الفعل عليه،وحتى على الدين الاسلامي.
والسلطة الفلسطينية والجامعة العربية مطلوب منها ان تعمم دعوات قتل الاطفال هذه على مختلف المؤسسات الدولية ومنها اليونسكو،ومنظمات حقوق الانسان،بل ان خطورة هكذا دعوات تستدعي تعميما على مندوبي الدول الاعضاء في الامم المتحدة،وحتى دعوة مجلس الامن الدولي لاتخاذ قرارات للجم هكذا دعوات وهكذا افعال،كما أن منظمات حقوق الانسان المحلية مطالبة برفع دعاوي قضائية ضد المؤلف والناشر للكتاب،وضرورة سحب هكذا كتاب من الاسواق لما يشكله من خطر حقيقي على حياة الأبرياء من البشر.
3-2-2010