عين الحب كفيفة في اليوم السابع
القدس:17-10-2018 ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس مجموعة “عين الحب كفيفة” للكاتب المقدسي جمعة سعيد السمان، الصّادرة عام 2018 عن مكتبة كل شيء الحيفاوية، وتقع المجموعة التي منتجها وأخرجها شربل الياس في 212 صفحة من الحجم المتوسط.
افتتحت النقاش ديمة جمعة السمان فقالت:
قصص تجوب بك من خلال قضايا المجتمع.. قديمها.. حديثها.. وغرائب مجريات أحداثها.
قصص ذات معانٍ .. أشكال وألوان.. وضع فيها الكاتب لسان كل شريحة من شرائح المجتمع في تلك القصص لتتحدّث عن نفسها.. وتعكس صورة صادقة عن مجريات حياتها في المنزل والحيّ والبيئة.. ليخرج القارئ بمعرفة تامة عن حياة جميع شرائح مجتمعه.
وإذا حصل وأن طالت عينك أول كلمة من أول صفحة في الكتاب، يطول سهرك ولن تغمض عينك إلّا بعد أن تقرأ آخر كلمة من آخر صفحة في الكتاب.. إنه فعلا كتاب يستحق القراءة.. وهو إضافة نوعيّة للمكتبة العربية.
وقال جميل السلحوت:
يواصل الكاتب المقدسيّ جمعة السمان كتابة تجاربه في الحياة، وكأنّي به يريد أن أن يقدّمها هديّة لجيل الأبناء والأحفاد، ليستفيدوا من تجارب الآباء والأجداد.
وواضح أنّ الكاتب السمان يكتب نصوصه كيفما تيسّر له، فنجده يقترب أحيانا من القصّ، وأحيانا أخرى من الحكاية، وأحيانا ثالثة من المقالة، لكنّه في المحصّلة يقدّم خلاصة تجاربه في الحياة. ففي النّصّ المعنون بـ “السّرّ” صفحة 31 نجد حديثا عن الحياة الزّوجيّة التي لا تستقر إلّا من خلال علاقة الحبّ والاحترام بين الزّوجين، فالرّجل الذي كان يضرب زوجته دون رحمة، ما لبثت أن تمرّدت عليه، وغدت تردّ له الشّتيمة بمثلها وبصوت مرتفع، حتّى قلّت هيبته أمام من يعرفونه، فقرّر قتلها ودفنها، لكنّها عندما أصيبت كليتاه بمرض، ما لبثت أن تبرّعت له بكليتها، فأنقذت حياته، رغم أنّها كانت تعرف مخطّطاته الشّيطانيّة لها من خلال هذيانه بصوت مرتفع أثناء النّوم، وانقاذها لحياته كان سببا في عودتهما للحياة الطبيعيّة الهادئة.
وفي “الزّواج يقتل الحبّ” ص 200 يطرح الكاتب قضيّة العلاقات بين الرّجل والمرأة خارج الحياة الزّوجيّة، ويردّ من خلال الواقع على من يزعمون أنّ الزّواج يقتل الحبّ، وفي النّصّ نجد أنّ المرأة التي رفضت الاستمرار في علاقة مع رجل دون زواج، قد تزوّجت وأنجبت ثلاثة أبناء فاستقرّت حياتها، وعاشت مطمئنة في دفء الحياة الأسريّة، في حين أنّ صاحب مقولة الزّواج يقتل الحياة ” شاب وشاخ أيضا، وقد اختلطت عليه وجوه الصّديقات لكثرتهنّ، فتداخلت الأمور ببعضها، وما عاد أحد يسأل عن الآخر، وهكذا مات الرّجل وحيدا، لا حبّ ولا صديقة ولا زوجة.”ص 201.
وفي “طمّاع” صفحة 101، طرح الكاتب قصّة رجل يعتاش على صيد الأفاعي وبيع جلودها، وازدادت أطماعه فقرّر اصطياد أفعى ضخمة تعيش في الغابة، لكنه غفا تحت جذع شجرة فابتلعته الأفعى، وعندما بحثوا عنه، وجدوه ميّتا في بطن الأفعى الضّخمة التي هي الأخرى ماتت متأثّرة بالسّموم الموجودة في جسم فريستها.
وفي تقديري أنّ الكاتب لم يوفّق بإيصال فكرته في هذا النّصّ لأكثر من سبب، ومنها أنّ صيد الأفاعي والغابات والأفاعي الضّخمة غير موجودة في بلادنا، يضاف إلى ذلك أنّه معروف أنّ الأفاعي تبتلع الأفاعي الأخرى التي تصغرها حجما ولا تموت، فكيف تموت أفعى ضخمة من سموم بسيطة في جسد فريستها؟
وقالت رفيقة عثمان:
جمع الكتاب ما يقارب أربعة وخمسين نصّا أدبيّا ما بين القصص القصيرة والحكايات؛ واشتملت الصفحات على مئتين واثنتي عشرة صفحة من الحجم المتوسط.
يعتبر هذا الإصدار هو الإصدار الخامس للكاتب السّمان، بداية من “عش الدبابير”، “أغرب زواج”، “تصبحون على خير” و”همس في أذنها”.
من خلال قراءة القصص الواقعيّة، يبدو أن الكاتب صبّ عصارة تجاربه وخبراته، الطويلة في الحياة؛ في قالب قصصي وحكايات، تنمّ عن حكم وعبر يعتبر منها؛ حيث كل قصة لا تتعدى ثلاث صفحات.
يجد القارئ من وراء كل قصّة عبرة، جمعت ما بين الحكمة، والموعظة، والنصح، وتسليط الضوء على مشاكل اجتماعية ونتائج الحلول غير المرضية؛ لتكون عبرة للآخرين، ومرشدا للتصرف نحو النهج السليم، والدعوة للأخلاق الحميدة، والابتعاد عن الشر، وفي النهاية انتصار الخير على الشر.
تكاد كافّة القصص تخلو من ذكر اسم المكان والزمان، اللذين هما عنصران هامّان في نجاح القصص والروايات، يبدو أن الكاتب قصد ذلك، أو بغير قصد، يهدف لتعميم القصص على كل زمان ومكان دون تحديدهما.
اختار الكاتب عنوان الكتاب، من خلال المجموعة القصصية، وكانت قصة “عين الحب كفيفة”، يبدو لي أن العنوان ملفت للانتباه، وجذاب. ملخص القصة؛ بأن الحب يتجاهل سلبيات المحبين، لا ينفع التحذير من الحبيب الذي يحمل صفات رديئة، كالذي بنى علاقته على طمع، كما ظهر في القصة، عندما حاول الشخص الأول المخدوع من الحبيبة، تحذير زوجها الذي تلاه؛ لكنه لم يتعظ؛ لأن عين الحب كفيفة لا ترى سيئات الحبيب؛ معظم القصص في كتاب السمان نهجت على نفس المنهج، وتحدثت عن العلاقة بين الزوجين، وسيرورة العلاقة، الخلافات حول المال، والطمع، والخيانة، وبالنهاية كشف المستور.
نهج الكاتب أسلوب سرد الحكايات، في طرح القضايا الاجتماعية؛ على نهج القصص السابقة المذكرة أعلاه، في الطرح والأسلوب؛ واستقى السمان حكاياته من واقع الحياة الاجتماعية، سواء حدثت أم لم تحدث فعلا، اختلقها الكاتب من خياله الخصب، وخبرته الطويلة في الحياة.
لم يُخصص الكاتب فئة معينة من المجتمع، ولا شك أن القصص والحكايات تنطبق على كافة المجتمعات الإنسانية، والطبقات المختلفة؛ عربية كانت أم أجنبية؛ كذلك قلّ ذكر أسماء وعدد أبطال القصص والحكايات.
لا تخلو قصص وحكايات السمان من الأسلوب الشيّق، والحس الفكاهي، باستخدام الأمثال الشعبية أحيانا، أو مقاطع غنائية معروفة؛ كما ورد صفحة 98، ” يا مؤمنة للرجال، يا مؤمنة للميّه في الغربال”، وصفحة، وصفحة 100 ” ما بتعرف خيري، لتجرب غيري”. ورد أيضا مقطع لأغنية أمّ كلثوم صفحة 152 ” قل للزمان ارجع يا زمان”.
لغة الكتاب بسيطة وسلسة، تخلو من اللهجة العامية، تحتوي على محسنات بديعية؛ يستطيع القارئ من فئة اليافعين حتى البالغين قراءتها، وفهم العبر والحكم التي تهدف اليها القصص والحكايات.
الطروحات التي أوردها الكاتب: الصراع بين الحب والمال، الفقر والغنى، الحفاظ على الكرامة وعزة النفس في دائرة العلاقة الزوجية، الحيل والمكائد بين الأزواج، لعبة القدر والحظ، الخداع والخيانة، الطلاق والعودة للعلاقة الزوجية.
أورد بعض القصص التي سردها الكاتب السمان لبعض الطروحات التي قصها: زواج الفقيرة من الغني، كما ورد في قصة ” ورقة اليانصيب”، مفادها بأن فتاة بائعة ورق يا نصيب، اقنعت شابا بشراء ورقة يا نصيب، بأسلوبها ولباقتها، بعد تحدي صديقاتها لها، وصادف بأن الشاب اشترى وربح بالسحب؛ فتزوج الفتاة بائعة ورق اليانصيب.
قصة ” أصبح لي أختان”، ملخصها بأن زوجة لفظت تلك العبارة، بعد تخلي زوجها عن حمايتها، إثر تعدي شبان عليها في الشارع، ودافع عنها شبان آخرون، بينما كان زوجها ينظر إليها دون أن يحميها.
قصة مشابهة لسابقتها “ساعة صفا”، زوجان أبرزا عيوب بعضهما أمام البعض، ممّا أدى الى طلاقهما، بعد الطلاق ندما، وشعر كل واحد فيهما بقيمة الآخر؛ وفي النهاية عادا لبعضهما؛ وقصة “كفى يا رجل” مشابهة أيضا وتتحدث عن زوجين تطلقا، وبسبب وقوع ابنهما بالطريق، تعاتبا وندما على الطلاق؛ تعلما كلما يحصل خصام بينهما، لا يسمحان له أن يفرقهما.
خلاصة الحديث: هذه المجموعة القصصية مشوقة ومسلية، تهدف لغرس القيم والمواعظ من التجارب الاجتماعية، والاسترشاد بها؛ لتحسين جودة الحياة الاجتماعية، وإصلاح العفن الاجتماعي.
وكتب عبدالله دعيس:
يستمرّ الكاتب جمعة السّمان في كتابه الجديد (عين الحب كفيفة) على نفس النسق الذي اعتدناه في كتبه السابقة، يصيغ الحكايات من واقع المجتمع، يخلط الحقيقة بالخيال، ويضع عصارة خبرته وتجاربه في الحياة، في قصص ونصوص قصيرة، تتسارع فيها الأحداث، لنخلص في نهايتها إلى درس وعظة وعبرة يستفيدها القارئ، بالإضافة إلى بعض التشويق والمتعة التي تجعله لا يملّ من قلب الصفحات لقراءة نصوص أخرى، ثمّ انتظار إصدار جديد للكاتب؛ ليعيش معه مرّة أخرى في عالم من اللغة المحكيّة البسيطة، وقصص قد تحاكي واقع المجتمع المعاصر، وقد تجنح في عالم الخيال حتّى تأخذه ليعيش في أكناف قصر شهريار، وحكايات ألف ليلة وليلة.
تكاد تنحصر موضوعات النصوص في هذه المجموعة في اثنين: الحياة الزوجيّة والمال، وقد عالجت بعض النصوص مواضيع أخرى، مثل الثأر، الحب، الزواج، الوفاء والخيانة، وهناك نصوص قليلة لم يتضح الهدف منها ولا العبرة التي تكمن خلفها، وكأنها أتت في سياق الكتاب للتسلية والتّشويق.
مرّة بعد مرّة، وفي حكاية إثر حكايّة، يطلق الكاتب صرخة إلى الأزواج لاحترام بعضهم، وتقدير النعمة التي يعيشون بها في كنف أسرهم وعائلاتهم، وبسط مشاعر الحبّ والألفة على بيوتهم قبل فوات الأوان وخسارة العشّ الجميل، الذي قد لا يدركون جماله إلا حين فقدانه. ويركّز الكاتب على أهمية الكلمة الطيّبة ولين المعشر والمعاملة في الحفاظ على الألفة داخل البيت والأسرة، ويحذّر من البطش والتجبّر والتكبّر والازدراء في تعامل الأزواج؛ لأنّه يقود في النهاية إلى الفراق ثمّ الندم. ففي قصّة (عين الحب كفيفة) التي عنون بها الكاتب لمجموعته، يقول الكاتب أن المحب قد لا يرى عيوب حبيبه إلا بعد أن يقع في الشرك ويفوت الأوان، لكنّ لسان الحال يقول في العديد من نصوصه الأخرى، أن الزوج أو الزوجة قد لا يرى الجمال والألفة والمحبة في الآخر إلا بعد فوات الآوان أيضا. وهي دعوة لأن لا تكون عيون الأزواج كفيفة، فيفتحوا عيونهم وقلوبهم؛ ليروا مواطن الجمال والطيبة والإخلاص في شركائهم، ويستغلّوا كل لحظة حياة في كنفهم، ولا يدعون غباش أعينهم عنها يدمّر حيواتهم ويحرمهم من لحظات جميلة، يمكن أن يحيوها معا ويضيئوا بها سماء أسرهم.
وأمّا الموضوع الآخر الذي لا يفتأ الكاتب يكرّره في قصصه فهو المال: النقمة التي يسعى المحرومون إلى الإكثار منها، والنعمة التي يؤدّي الحرمان منها لحياة من البؤس والشقاء، معادلة صعبة بين الاندفاع نحو الثروة وجمع المال والإكثار منه، وبين العزوف عنه عندما يدرك الإنسان أنّه سبب مشاكله وشقائه.
أفكار الكاتب في معظم قصصه واضحة صريحة، حيث يطلق العنان لقلمه، وتنساب الأحداث بشكل متسارع؛ ليصل إلى ما يرمي إليه من الحكمة والموعظة. لكن، هل استخدم الكاتب الرّمز في كتاباته، أم أنّه أراد المعاني البسيطة التي تظهر على السطح؟ وخاصة أنّ الكاتب ابتعد عن هموم الوطن وأعباء السّياسة، واستغرق في الحديث عن هموم المجتمع والعلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة. قد نلمح بعض الرموز في بعض قصصه، فمثلا في قصة (شجرة التّفاح) التي جمعت الحبيبين في ظلها يوم كانت خضراء وارفة ثمّ جمعتهما على دفء النيران التي اشعلت بحطبها يوم جفّت، ويبست أغصانها، قد ترمز إلى العطاء اللامحدود الذي يعطيه الآباء لأبنائهم في حال قوّتهم، ثم في حال ضعفهم وعجزهم. ويقف القارئ محتارا أمام نصوص أخرى: فمثلا هل يرمز الذئب في حكاية (ليس للحبّ ذنب) إلى شيء؟ وهل الكلاب التي قتلت نديم في قصّة (كانت أيام) ترمز إلى شيء، أم أنّه كان ممكن أن يموت بحادث سيّارة مثلا وتكون نفس النتيجة؟ وهل يرمز العصفور الذي عاد إلى قفص الأسر بإرادته مؤثرا الحبّ والدفء على الحريّة والانطلاق في قصة (أصبح القيد صديقا) إلى الشعوب التي استكانت للذل والقهر، واستعذبت العبودية تحت سطوة متسلّط ظالم؟ وما حكاية البحر الذي لفظ السّفينة، ثمّ أعادها ألى أحضانه مرّة أخرى؟
وتتراوح الأحداث في قصص الكاتب بين أحداث واقعيّة يمكن أن تحدث في الحياة اليوميّة، إلى مثاليات وصدف قد لا تحدث في الحياة العاديّة: فهل يعقل أن يتخلّى أحدهم عن جميع أمواله أو أن يحرقها؟ وهل يعقل أن يغتني الإنسان ويفتقر مرات ومرّات وبسرعة الحكايات، كما ذكر الكاتب في أكثر من نصّ؟ وهل يعقل أن يرمي شخص نفسه في عباب البحر، قاصدا الانتحار، مرّة بعد مرّة؛ ليصل إلى شطّ الأمان؟ وقد لاحظت في هذه المجموعة أنّ الكاتب ابتعد قليلا عن الأحداث الخيالية الخارقة التي كانت توجد في كتبه السابقة، مثل حديث النجوم والقمر والكواكب، ولجأ إلى أحداث أكثر واقعيّة.
قد تروي قراءة هذا الكتاب بنصوصه القصيرة الشيّقة ظمأ اليافعين الذين يبحثون عن الإثارة والسرعة واللقمة السائغة، وقد تثري عقولهم وتؤدّي دورها في إيصال العبرة والدرس إليهم دون ملل التلقين وقسوة الوعظ، لكنّ فيها أيضا متعة لكل من كان عنده شغف بالقراءة، ولكل من أراد أن ينهل من حكمة الشيوخ وعظة المجرّبين.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
عنوان جميل وقريب من أُذن القارئ العربي الذّي يعرف هذا التّعبير بصيغة أُخرى “ألحب أعمى”، ويبدو تأثر الكاتب جمعة السّمان بالكاتب ميخائيل نعيمة في كتابه “هل الحب أعمى”حيث ذكر التعبير عين الحبّ عمياء.
نصوص حكايا وقصص من المجتمع، حيث يتطرق إلى العلاقات بين المرأة والرّجل، ما بين الأحلام والمشاعر والحبّ، وإلى الشجار بينهما، وإلى حبّ المراهق غير الناضج، الفروق بين الطبقات الإجتماعيّة، والحال ما بين الفقد والامتلاك، تطرق إلى الاكتفاء بالقليل وعدم الطمع، الشّك والثّقة بين الأزواج، البحث عن الأمان وراحة النفس بعيدا عن القلق الناجم عن شهوة المال.
مجموعة نصوص مميّزة تجذب القارئ بأُسلوب جميل وبطريقة سرد الحكاية كألف ليلة وليلة، بلغة سهلة وكلمات شفافة، يستخدم الكاتب الخيّال فيحلّق نحو حكايا القصور والحكواتي، ويبالغ أحيانا في الأحداث من أجل نقل الفكرة.
نجد تسارع الزّمن والأحداث في النصوص، فيستخدم الكاتب في معظم نصوصه جملا تعبر عن مرور الزّمن “وتمر السّنون، تمر الأيام، تمضي الأيام”.كما نجد الفكرة والحكمة في كلّ نص من النصوص، والتّحول والتغيير في حال ووضع الشخصيّة من فرح إلى حزن أو غنى إلى فقر، من متزوج إلى مطلق أو من عازبة إلى متزوجة.
إستخدم الكاتب التّكرار في نصوصه ، ففي نص “كفى يا رجل”يستخدم الكاتب جملة” ظل راجل ولا ظلّ حيطة” أيضا في نص “فخ فتاة”.
نوّع الكاتب باستخدام الضمير في نصوصه، فأحيانا كان الرّاوي هو الذّي يسرد القصة، وأحيانا الشخصيّة تروي قصتها بضمير المتكلّم، نصوص تستحق القراءة وتروي ظمأ القارئ.
وكتبت هدى خوجا:
تحتوي المجموعة القصصيّة على عدّة قصص متنوّعة وجميلة بأسلوب سهل واضح وبسيط ومناسب ومشوّق للقارئ من الواقع بأسلوب جميل.
صفحة الغلاف تصميم شربل إلياس متلائمة مع المجموعة القصصية بألوان ترابية مع وجه امرأة حسناء.
ركّز الكاتب على عدّة قضايا اجتماعيّة واقتصادية مختلفة، ذات أهداف ومسميات متعدّدة لايصال رسائل للقائ متشعبّة وذات مغزى وقيمة ودلائل .
في ورقة يانصيب تدل على الاصرار والعمل بجد وايجابيّة وطيبة وتفاؤل، أمّا لو عدت ثريا تبيّن أن الرّعاية والاهتمام والحنان تتربع فوق عرش المال، وتفضّل على المال بالرّعاية المناسبة، ويتكرر المشهد في شرور المال ص112 ( اطلب من الله الصّحة والعافيّة) دلالة على أهميّة الصّحة عن شرّ المال وأيضا في لكل معدن ميزان( أنت آت لتقتل أخاك..بينما مات أخوك قهرا على أن يشهر سيفا في وجهك) ص134
وأقوال ( قالت : والتّاج لا يساوي العبوديّة والذّل يا أمّي ) ص150
“قل للزّمان ارجع يا زمان” ص152
أمّا في أصبح القيد صديقا (الحريّة أغلى من الرّوح وليس من الجوع) ص154
أمّا في أبورجب فتبيّن إحسان العمل والعمل الحسن لا يضيع ثوابه وأجره دوما.
احتوت المجموعة القصصيّة على عدّة أمثال شعبيّة وحكم مختلفة منها ( مش كل مرّة بتسلم الجرّة) ص27، وأقوال مثل : ( رحم الله امرا عرف قدر نفسه) ص59
” يا مؤمنة للرّجال.. يا مؤمنة للميّة في الغربال” ص 98، “ما بتعرف خيري إلا لمّا تجرب غيري” ص100، وحكمة عدم الخيانة للصّديق والاخلاص حيّا أو ميّتا ص11.
أمّا قصة بائع التّرمس فتبيّن طرق التّقصير للكتّاب( لقد جاع هذا القلم حتّى جفّ حبره.. هل سمعتم عن ميّت عادت إليه الحياة؟)ص88، نبذ الثّأر في لاشفاء في ثأر ص89-90، والبيوت المدمّرة تملؤها أعشاش البوم والخفّاش والغربان” ص90.
وحكمة النّاس معادن ( فالمثل يقول إن خلت بلت.. والدّنيا ما زالت بخير.) ص171
والدّعوة إلى التّواضع وعدم الغرور والكبر في سفينة نوح.” ظلّ رجل .. ولا ظلّ حيطة” ص192.
ويجد القارئ أن المجموعة القصصيّة ذات محتوى جميل وبسيط، وسريع الايقاع ومتنوّع بتجارب متشعبّة ،وعميقة الأثر برؤيا ثاقبة ومنيرة للدّرب.
وقالت سوسن عابدين الحشيم:
قصص حقيقية تحاكي الواقع الذي نعيشه وتثير عدة قضايا اجتماعية، استخدم فيها الكاتب اللغة السهلة والمباشرة وأسلوب السرد الواقعي . كانت القصص خالية من الرمزية واعتمد فيها الكاتب على الوضوح والبساطة. رسم شخصيات كل قصة بشكل تتناسب مع الحدث، حيث كان يعرض أحداث القصة وينهيها بشكل يرضي القارئ . أراد الكاتب بهذه القصص أن ينبه الجيل المقبل على الحياة الزوجية من اتخاذ العبر والدروس ويستفيد من خبرات الآخرين، فمعظم القصص تتعلق بقضايا الحب والزواج والطلاق. كما أن بعض القصص تتحدث عن الأخلاقيات السلبية التي يتصف بها بعض الناس كالطمع، الجشع، الاندفاع والتهور في اتخاذ القرار وما يتبعها من ندم ويأس واحباط. اتسمت هذه القصص بالأفكار العميقة والانتقاد البناء لما يحدث في المجتمع وكأنه يعظ جيل الشباب بأخد الحيطة والحذر في تعاملهم مع الآخرين لكي لا يتعرضوا للخداع والخيانة التي يتصف بها بعض الناس. كان الكاتب يستخدم المفارقة حيث كان يفاجئنا بنهاية كل قصة باتخاذ مسرى آخر، فبعد نزاع وفراق من جراء خلاف بين الأزواج أو الأصدقاء يرى القارئ المودة والمحبة تعود إليهما وهذا ما يميز الكاتب في قصصه التي يجمع فيها الحكمة والطرفة. عناصر كل قصة كانت ظاهرة من مكان وزمان وحبكة وشخصيات مبنية بشكل صحيح، وتكاملت مع عنصر التشويق، فلا يستطيع القارئ أن ينهي قراءة كل قصة إلا بعد معرفة نهايتها العجيبة والمغايرة للأحداث، وهي قصص قصيرة فيها الموعظة والنصيحة للجيل الصاعد كي يكون قادرا للعيش بسعادة ورضا ومواجهة الصعوبات الحياتية المختلفة.
وقالت رائدة أبو الصوي:
جرعة جميلة من المشاعر والأحاسيس أهدانا إيّاها الكاتب.
المجموعة مؤلفة من ٥٣ قصة قصيرة عنصر الخيال واضح جدا فيها، وأسلوب السرد يعود بنا الى الزمن الجميل زمن الحكواتي .
تشعر بأنك جالس في قهوة والراوي يروي لك احداث القصص .القصص تشبه مسلسل مرايا ،وبقعة ضوء ،والفصول الأربعة المسلسلات السورية اللطيفة التي كانت تجذب المشاهد .
مع مرارة هذا الحال الذي نعيش في ظروفه جميل جدا اطلاق العنان للخيال ليحلق عاليا .في بساطة السرد المغلف بالحب الذي أصبح عملة نادرة في هذا الزمن المادي بامتياز . في هذه المجموعة القصصية كنت أربط كل قصة بقصة شاهدتها على الشاشة مثل: ورقة يانصيب ،بائعة الفل في الأفلام المصرية.
توجد في المجموعة القصصية رسائل موجهة للقاريء .نصائح ثمينة جدا غلفها الكاتب بورق سلوفان . مثال النصيحة التي قدمها في قصة “لو عدت ثريا.”
التاجر اسحق عندما قال له صاحب البيت أنه عقد النية على رد المال لصاحبه، فقال حكمة: الانسان لا يحتاج أكثر من بيت يقيه شر حرّ الصيف وبرد الشتاء .
مجموعة قصصية ممتعة يشارك في وضع نهايتها القاريء .قصة “ضاع منها لسانها” فيها عنصر المفاجأة . مختلفة عن القصص الأخرى في المجموعة .
شكرا للكاتب الذي أهدانا فرصة للهروب من العالم الواقعي الى العالم الافتراضي. عالم الأحلام والخيال وتحقيق الأمنيات .
جميل الاختلاف في الكتب والتنويع والأجمل أن يضع الكاتب بين أيدينا مشاعره ووقته .نلتقي لنرتقي ونكتب لنترك الأثر الجميل للأجيال القادمة ،كتابات تظهر أن الحياة حلوة بالبساطة دون تعقيد .
وشارك في النقاش عدد من الحضور منهم: محمود شقير، سامي قرّة وخولة الإمام.