وميض في الرماد في اليوم السابع
القدس: ٩٨٢٠١٨ من ديمة جمعة السمان: ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني رواية “وميض في الرماد” للأديب المقدسي عبدالله دعيس، صدرت الرواية عام ٢٠١٨ عن مكتبة كل شيء في حيفا، وتقع في ٣٨٠ صفحة من الحجم المتوسط.
بدأت النقاش ديمة جمعة السمان فقالت:
يشتمّ القارئ للرواية رائحة القهر الذي يعيشه شبابنا العربي في بلاده، حيث يهرب منها إلى حضن آخر علّه يجد فيه مبتغاه، فإذا بحالهِ كمن هرب من المطر ليقف تحت المزراب. يجد الذل والمهانة وعدم الأمن والأمان، فيتعرف عن قرب على مفهوم العنصرية بكل ما تحمل من معنى بشع تتبرأ منه الإنسانية. فيترحم على أيام زمان، ويتمنى أن تتاح له فرصة العودة إلى وطنه بكل مآسيه وظروفه الطاردة.
رواية تلخص واقع الشباب العربي التائه، الذي يطلب الغربة في رحلة البحث عن الذات، فتزيده رحلته ضياعا، وتضاعف مشاكله وهمومه. رواية جمعت بين السياسة والوطنية والاقتصاد والحب والحقد والمؤامرة والمغامرة البوليسية.. جمعت بين الخير والشر، وكانت أحداثها تتنقل بين بعض من الولايات المتحدة الأميركية وبعض من البلدان العربية.
رواية أتقن فيها دعيس وصف مشاعر الخذلان لدى أيطال روايته من الشباب العربي، ووصف واقع الغربة المرير وصفا دقيقا.
رواية أتقن فيها الكاتب وصف المكان.. حبك روايته حبكة مدروسة؛ ليصل برسالته إلى القارىء، فوصف المؤامرة الأميركية الصهيونية التي تستغل الشباب العربي المسلم لتحقيق مآربها الاحتلالية قاصدة تمرير أجندتها السياسية بصورة تتماشى مع توجهها وخططها الشيطانية، خاصة بعد حادثة الحادي عشرة من أيلول.
رواية رغم مرارة أحداثها، استطاع الكاتب أن يطعّمها بالأحداث الشيقة، خاصة وأنه أدخل فيها نوعا من المغامرات البوليسية التي تحبس الأنفاس. فزاد من عنصر التشويق فيها، على الرغم من أن عدد صفحاتها وصل إلى 379 صفحة من القطع المتوسط.
أما بالنسبة لبناء شخوص الرواية، فأعتقد أن بعضها كان يحتاج إلى المزيد من “المونولوج” للتعرف على خفايا شخوصها، لتكون أكثر إقناعا، وكي لا يفاجأ القارىء بأحداث لم تتدرّج بتسلسلها الدرامي.
والجدير بالذكر أن الكاتب لم يستطع إخفاء مشاعره وتوجهه، فاستطاع أن يقرأه القارىء بكل وضوح.
وقال محمود شقير:
هذه رواية جيدة؛ بذل فيها كاتبها جهدًا غير قليل، واستطاع لملمة خيوطها المتشعّبة بمهارة واقتدار. وفيها مزج مقنع بين الخاصّ والعام، بحيث تتداخل قصص الحب والمعاناة الشخصية مع الهمّ الوطني، ومع مؤامرات الأجهزة المعادية وقمع الحكام العرب المستبدين، وفيها تشويق وقدرة على الحجب والإخفاء، وعلى الكشف والإظهار؛ وحشد المصادفات العجيبة والمفاجآت، في استفادة واضحة من تقنيات الرواية البوليسية؛ وفيها استثمار جيد لإمكانات الفعل المضارع وقدرته على إضاءة التفاصيل، وتقديمها للمتلقي كما لو أنها تحدث أمام ناظريه الآن.
فيها كذلك؛ شخصيات رئيسة وأخرى ثانوية مبنيّة على نحو جدير بالانتباه. وفيها؛ سرد متأنٍّ من خلال الراوي العليم؛ غير أن الكاتب تعمّد كسر هيمنته، مرّة بمذكرات كتبها السوري نزار الذي وقع في حبّ يسرى شقيقة الضابط سليمان، وأخرى عبر الرسائل أو الوثائق السرية أو ما شابه ذلك؛ مما يهب شخوص الرواية حضورًا يوازي حضور الراوي العليم.
والرواية معنيّة بالكشف عن حقيقة الإرهاب الذي يمارس في أمكنة شتى في هذا العالم، ويجري لصقه زورًا وبهتانًا؛ من وجهة نظر الكاتب، بالمسلمين، أو يجري تجنيد مسلمين بسطاء، أو ذوي نوايا حسنة، للقيام بعمليات إرهابية أو لحشرهم فيها، لتنبري أجهزة الإعلام المعادية بعد ذلك للتشهير بالإسلام وبالمسلمين.
ورغم أنّ ما ذهب إليه الكاتب في روايته ينطوي على نسبة كبيرة من الحقيقة، ورغم انحياز الرواية للإسلام المعتدل الذي لا يجيز قتل الأبرياء أينما كانوا، إلا أن الولاء للحقيقة يقتضينا القول إن ثمة إسلامويين متشدّدين يتجاهلون رسالة الإسلام السمحة، ولا يتورّعون عن قتل المدنيين؛ وانطلاقا من ذلك، كنت أتمنى لو أن الرواية ابتعدت عن بعض التعميمات التي لا تخدم هدفها المكرّس لمواجهة قوى الشر، تلك القوى التي تتخذ من العمليات الإرهابية مبرّرا لشن الحروب العدوانية ضد شعوبنا.
ومن الأمثلة على هذه التعميمات؛ استخدام صياغات توحي بأن ثمة حروبا دينية تجري ضد الإسلام، فيما الحقيقة أن هذه الحروب تشنها قوى استعمارية وصهيونية بغض النظر عن انتماءاتها الدينية؛ لخدمة أطماعها ومصالحها؛ وهي قد تتستر بالدين للتمويه على أهدافها وللوصول إلى هذه الأهداف، على الصفحة 152 نقرأ التعميم التالي الذي يحيل إلى الحروب الدينية التي لا تخدم نضالنا من أجل الحرية والعودة والعدالة الاجتماعية والديموقراطية والتعددية وتقرير المصير: “وماذا يحدث في البوسنة والهرسك، أليسوا إخواننا من يُقتلون هناك؟ أليس النصارى واليهود من ينكّل بهم ويقتلهم؟”. وعلى الصفحة 156 نقرأ الرغبة التالية في حرب دينية نشنّها نحن على الآخرين: “كم طاف في خياله بلاد العالم أجمع فاتحا لها ضامّا لها لدار الإسلام، مخضعا رؤوس الكفر والضلال”. ونلحظ الأمر نفسه؛ حين يتمّ إطلاق لفظ “الكفرة” ذي الدلالة الدينية على الغزاة المستعمرين الذين “دمروا حياتنا وغربونا وشردونا هم وعملاؤهم في بلادنا” ص176. ويتم التعميم كذلك حين توصف حضارة الغرب كلها بأنها قائمة على النفاق. ص93
وفي حين جاء بناء الشخصيات في الرواية متقنا إلى حد ّكبير، فإن الزواج الذي نشأ بسرعة البرق بين عميلة المخابرات ستيفاني ونزار، وسكوته على غيابها المتكرّر فترات طويلة في الخارج؛ وعدم شكّه فيها منذ البداية يشي بخلل ما. الأمر نفسه ينطبق على الأدوار التي قامت بها غادة في خدمة أجهزة المخابرات، وفي خدمة المقاومة في وقت واحد.
وما يُحسب لصالح الرواية؛ تنقّل شخوصها في جغرافيات مختلفة؛ بدءًا من رام الله وحلب وبيروت وغيرها، إلى نيويورك وسواها من الأمكنة في الولايات المتحدة الأمريكية، وانتهاء بصحراء سيناء وغزة، وقدرة الكاتب على استحضار هذه الجغرافيات، وتجسيدها في نصه الروائي على نحو ملموس، ما يجعل هذه الرواية، وهي روايته الثالثة، جديرة بالقراءة جاذبة للقرّاء.
وكتب إبراهيم جوهر:
تنقل الغربة في المكان والاغتراب في الإنسان حين لا يجد “وطنا” في وطنه.
رواية كلاسيكية السّبك والأسلوب بمضمون عصري ولغة قوية جادّة تحمل أفكارها ورسائلها التي وزّعها الكاتب على شخصياته ذات الانتماء الجغرافي المتباعد لكنه المتقارب نفسيا وشعورا ومعاناة في بلاد لا تقيم وزنا لإنسانية الإنسان هي أمريكا وهي تدمّر الأوطان وتسبي الإنسان.
يحمل المواطن العربي مخاوفه هاربا من وطنه ليصير شيئا هناك لكنه يصارع نفسه في حياته وقراره ومستقبله.
الرواية التي امتدت على صفحات وصلت 379 صفحة استفاد كاتبها “عبدالله دعيس” من تقنية الرسائل والمذكّرات والاسترجاع الفني، وتقسيم الفصول بين الشخصيات بشكل متواز ليعود إلى ما كانت عليه أحداثه وشخصياته حين يأتي دورها في البوح والعيش.
رواية قوية السّبك ذات لغة روائية ومضمون إنساني ملحّ. صدرت عن منشورات “كل شيء”- حيفا 2018م.
آخذ على الروائي “عبدالله دعيس” تكرار الفاعل باسمه بعد كل جملة، وكان بمقدوره الاستغناء عن هذا التكرار للفاعل باسمه معتمدا على الضمير المستتر لأن التكرار أضعف الجمل المتتابعة.
وكتب جميل السلحوت:
يجدر التّنويه بأنّ الأديب عبدالله دعيس، من قرية بيت حنينا إحدى أكثر قرى القدس شهرة، تقع بين القدس ورام الله، وغالبية مواطنيها مهاجرون منذ عشرينات القرن العشرين.
هذه الرّواية ليست الأولى لأديبنا، فقد سبق وأن صدرت له روايتان هما :”لفح الغربة” و”معيوف”. وتأتي هذه الرواية “وميض في الرّماد” وكأنّها تجيب على تساؤلات كثيرة وردت في الرّوايتين السّابقتين، واللتين سردتا الكثير عن بيت حنينا مسقط رأس الكاتب، وما تعرّضت له من هجرة مواطنيها وإهمال أراضيها، غير أنّ هذه الرّواية أكثر شموليّة، حيث طرقت جانبا من أوضاع المهاجرين العرب والمسلمين إلى الولايات المتّحدة الأمريكية، فشخوص الرّواية تحدّثت عن مهاجرين من فلسطين، مصر، العراق وسوريّا، ولكلّ منهم أسبابه في الهجرة، وإن كانت توحّدهم المعاناة والفقر والاضطهاد في أوطانهم، يضاف إلى ذلك الصّورة الورديّة التي يجملها البعض عن الازدهار الاقتصادي الذي تشهده أمريكا.
وأكاد أجزم بأن الكاتب دعيس قد استفاد في كتابة روايته من السنوات العديدة التي عاشها في أمريكا، حيث درس الهندسة في إحدى الجامعات الأمريكية، كما عمل هناك عدّة سنوات، وبالتّالي فقد أتيحت له الفرصة الكافية للاطلاع المباشر على أحوال العديد من المهاجرين العرب.
وسيلاحظ القارئ للرّواية أنّ المهاجرين العرب يصدمون بالواقع الذي ينتظرهم عند الوصول إلى أمريكا، مع لفت الانتباه إلى أنّه ورد في ثنايا الرّواية أنّ هناك من المهاجرين من دخلوا أمريكا كطلاب، أو كسياحة، أو هجرة عن طريق شريكة أو شريك الحياة، أو دخلوها تهريبا من الحدود المكسيكيّة أو الكنديّة أو عن طريق البحر، لكنّ من توفّقوا منهم كانوا أقلّيّة وجزء منه ضاع في عالم المخدّرات والنّساء، وقد شاهدنا في الرّواية عددا من شخوصها قد عملوا كسائقي سيّارات عموميّة، وهذه حقيقة يشاهدها كلّ من دخل أمريكا واستعمل وسائل النّقل العموميّة، علما أنّ ما يكسبه السّائق قد لا يوفّر له عيش الكفاف.
لكن مع كلّ ذلك، فإنّ المهاجرين العرب والمسلمين يتعرّضون لمراقبة شديدة من قبل الأجهزة الأمنيّة التي تحاول الإيقاع بهم.
والقارئ للرّواية سيجد أنها تنحاز للفكر الدّيني، ولجماعة الإسلام السّياسي، وهذا حقّ للكاتب.
استعمل الكاتب السّرد الرّوائيّ بطريقة لافتة تشي بأنّه متمكّن من الفنّ الرّوائيّ الذي لا ينقصه عنصر التّشويق، كما أنّ لغته أدبية جميلة.
وقالت رفيقة عثمان:
استلهم الكاتب أحداث الرّواية من خلال مكوثه في أمريكا؛ عدد أبطالها محدود، من أربعة رجال وامرأة واحدة، حيث نجح الكاتب في تحريك الشَّخصيَّات، لتحريك مجرى الأحداث.
صوَّر الكاتب حجم المعاناة والاستغلال الذي يلاقيها المُغترب العربي وبالأخص المسلم، من قبل المواطنين الأصليين، وتصوير العنصريَّة المتفشيَّة في الغربة وخاصة أمريكا، وصوَّر الكاتب حجم المكائد والجرائم الحاصلة، وكيفيَّة توريط المسلمين في أعمال إجراميَّة؛ ليوصم المسلمون بصفة الإجرام.
استخدم الكاتب أسلوبا سرديّا سلسا، يبعث على التشويق، من حيث اتقان الحبكات المتكرِّرة في الرّواية؛ ممّا يحفّز القارئ على متابعة القراءة بشكل متواصل؛ لمعرفة النهاية؛ ناهيك عن استخدام اللغة الفصحى الصحيحة، في كل الرواية، وتكاد تخلو الرواية من اللغة العاميّة؛ إلّا أنه وردت بعض الأخطاء الإملائيّة، والنحويَّة، كان من الممكن تلافيها.
تحدّث الكاتب بصوت الرّاوي، وبصوت الأبطال أنفسهم، وذلك بواسطة الحوار الديالوجي، أو الحوار المونولوجي، أو بواسطة الرّسائل المنصوصة داخل الرواية؛ هذا الدمج من الاستخدام كان استخداما تكنيكيّا في سرد الرّواية اختاره الكاتب، لا شك بأنَّه كان موفَّقًا.
استطاع الكاتب أن يُصوّر الصراعات المتأصَلة في النفس البشريَّة، والمعاناة الإنسانيّة التي كابدها الأبطال في خلال نصوص الرواية، من خلال الأحداث الدراميّة التي عصفت بكل بطل من الأبطال؛ سواء كانت غادة: الفتاة الرّيفيّة التي تزوّجت من رجل عميل وغني، اسمه ماهر، لم تستطع رفضه من قبل العائلة التي أجبرتها على الزواج منه وخاصّة الأب. غادة عاشت حياة تعيسة من الذل والإهانة من قبل الزوج، حيث مبادئها الوطنيّة تتعارض مع مبادئ الزوج العميل. حاولت الانفصال عنه؛ لكن أباها أرغمها على الرجوع إليه. صوّر الكاتب الصراعات التي عاشتها غادة، والتي صوّر شخصيّتها بصورة غامضة، حتى نهاية الرواية. أجد بأن هنالك مبالغة في تصوير الكاتب لشخصيّة غادة الفتاة الريفيّة البسيطة، وتحميلها عبئا كبيرا فوق طاقتها، والتي تحوّلت إلى عميلة مزدوجة في امريكا، كما ظهر في نهاية الرواية، وكما صرّحت غادة لعلي هذه الحقيقة.
مرّ البطل “علي” بصراعات ذاتيّة وصراعات خارجيّة، ابتدأت هذه الصراعات عندما أحبّ غادة ابنة الجيران، ولم يبح بحبه لها، حتّى غابت عن عينيه؛ والصّراعات اليوميّة التي واجهها أثناء غربته، وعمله كسائق أجير، ولم يستطع إتمام تعليمه الذي من أجله اغترب، بالإضافة لكونه فلسطينيّا، حُرم من العودة للوطن؛ بسبب فقدان الهويّة التي مرّ على اقامته بأمريكا أكثر من عام. وقع علي وأصدقاؤه: مصعب عراقي الجنسيّة، ونزار السوري، وعبد الحكيم المصري؛ كلهم وقعوا فريسة الوقوع في الإجرام من قِبل المافيات في نيويورك، والميلشيات في مونتانا، والتي تهدف الإساءة للمسلمين؛ ومن ثمّ تجريمهم بفعل الجريمة، وشرعيّة احتلال الدول العربيّة، لاستغلال مواردها. صوَّر الكاتب الصراعات بين الأبطال وبين مشغّليهم، وكيفيّة الوصول الى الحلول المُرضية والنجاة من الموت. كما ورد صفحة: 300، ” توريط العرب والمسلمين في اعمال ستوصف بأنّها ارهابيّة لخلق عدو جديد للولايات المتحدة، وإعطاء المُبرّر لها لغزو العراق أو دول أخرى واحتلالها، ولتعزيز أمن “إسرائيل” وصرف نظر العرب عن العداوة معها، عندما يصبحون في وضع اتهام”؛ كما يبدو بأنَ هذه هي الرسالة التي أراد الكاتب توصيلها في الرواية.
نسج الكاتب عبدالله دعيس روايته من الأحداث الواقعيّة خاصّة فيما يتعلَق بالجريمة، والعنف الذي تتصَف بها هذه البلاد، وجيّر خياله الخصب في تحريك الأحداث والشخصيَّات، وخلق الحبكات المتتالية، صانعًا سلسلة من الأحداث الدراميَّة المُشوَقة،
لعب المكان، والزمان دورا هامَا في الرواية؛ التي دارت فيهما الأحداث والمغامرات، منذ زمن الانتفاضة الأولى عام 1987، ولغاية عام: 1998-1997.
فلسطين، وأمريكا: خاصة مدينة نيويورك التي كانت مركز الأحداث الرئيسيّة التي دار فيها التخطيط للجرائم، ومسرحا للأحداث الدراميّة التي اختارها الكاتب، ونجح في وصف الأماكن والعناوين، وأسماء الشوارع بدقّة متناهية، من زار نيويورك يدرك جيّدًا بأنَ هذه الأماكن حقيقيّة. يبدو فعلا بأنّ الكاتب بن بيئته: حيث عاش الكاتب في نيويورك أثناء دراسته، وعرف الأماكن بدقّة. إنَ ذكر الأماكن بهذه الدّقة تُحسب نجاحا في سرد الرواية وتقريبها للواقعيّة. كذلك كانت واشنطن وسياتل ومونتانا، أماكن أخرى استمرت فيها مجريات الأحداث، ومن ثمّ كانت مصر، وسيناء ومن ثمّ رفح الأماكن التي تنتهي فيها مجرى الاحداث.
وميض تحت الرّماد؛ عنوان الرواية، وُفّق الكاتب في اختيار عنوان الرواية والتي صوّرت أحداثها في منتهى الخطورة، وفي اللَحظات الأخيرة كانت النجاة، أو الخروج من المآزق؛ الوميض يعني الأمل في النجاة من المواقف حالكة الظلام؛ كما ورد صفحة، 307، ” هموم وظلام قاتم يتسلّل من وسطه شعاع.”.
لم يكن للنساء حضور لافت في الرّواية، ما عدا البطلة “غادة” فلسطينيَّة الأصل، والتي أحبّت علي، ولم تتزوّجه، وزوّجت عنوة من ” ماهر” العميل، عاشت في أمريكا، من أجل مناصرة المقاومة، وعملت كعميلة مزدوجة؛ والمرأة الثانية كانت أجنبيّة أمريكيّة الأصل وصحفيّة باسم “ستيفاني”، تزوّجت “نزار” السوري.
دور يسرى كان دورًا هامشيّا، أحبَّها نزار، وكانت سببًا في تعاسته، وتورّطه في محور الجريمة؛ بسبب أخيها سليمان، الذي كان سببا في توريط نزار بدخول متاهات الجريمة والقتل.
هدى فتاة مصريّة الأصل، كانت شخصيّتها غامضة، عاشت في نيويورك لأسرة ثريّة، وقُتلت بظروف غامضة، كما يبدو من رسالة تركتها بأنَها يهوديّة الأصل؛ لكنها عاشت في مصر وهي إنسانة تحب الإنسانيّةَ أراد عبدالحكيم الزواج منها؛ لكن القدر سبقه إليها.
خلاصة القول: رواية “وميض في الرماد” تعتبر رواية متكاملة العناصر المطلوبة لكتابة الروايات، ذات مستوى عال من الفكر والأسلوب، وتستحق القراءة.
وكتبت نزهة أبو غوش:
ماذا أراد الرّوائي دعيس أن يوصل للقارئ؟
في روايته، أمسك الكاتب بزمام لغته العربيّة، قواعدها وبلاغتها وأصالتها، وجيّرها بسلاسة وطلاقة؛ من أجل أن يوصل فكرته ويقنع بها قارئه؛ كذلك حرّك شخصيّاته بمرونة ودراية بين أماكن مختلفة من الولايات المتّحدة – نيويورك- إلى الدّول العربيّة، العراق، سوريا، مصر، فلسطين.
نلحظ أنّ الكاتب قد وظّف خياله بأًسلوب ذكي داخل روايته، حتّى أنّه جعل القارئ يصدّق أنّ الأحداث حقيقيّة، إِلا من بعض الأحداث المبالغ بها، مثل عمليّة اختطاف الوثائق من بين أيادي المليشيا المجرمين داخل السّفينة مع أنّ لا أحد يمكنه أن يحدّ من خيال أيّ كاتب. هنا يمكن تشبيه هذا الحدث بالأفلام البوليسيّة الّتي نشهدها على الشّاشات.
من الناحية الفنيّة استطاع الرّوائي ان ينظّم أدوار شخصيّاته بترتيب متتالٍ، ثمّ يعود لأحداث كلّ شخصيّة بالتناوب، ممّا سهّل على قارئه سهولة الفهم السّريع لمعرفة مسار ومصير كلّ شّخصيّة دون أيّ تعقيد.
استخدم الكاتب أُسلوب الرّسائل؛ – الألكترونيّة والورقيّة- من أجل تطوير الأحداث وربطها روائيّا ببعضها البعض، ربّما تعتبر هذه الطّريقة الكلاسيكيّة في الأدب، لكنّها وسيلة ناجحة ساهمت في توضيح الحدث والتّعبير عن العواطف والمشاعر نحو الحبّ والألم والنّدم والشّوق إِلى الوطن الأُمّ، كما أنّ الوسائل التّكنولوجيّة الحديثة قد ساهمت في تطوّر الأحداث بشكل سريع، كذلك أُسلوب الاسترجاع ( فلاش باك) ؛ من أجل العودة بالأحداث إِلى الوراء وتذكّر أحداث سابقة حدثت مع الشّخصيّات وربطها بالحاضر.
استخدم الكاتب دعيس أيضا أُسلوب الحوار، الّذي يبيّن ماهيّة الشّخصيّة وحقيقتها، وإِن قلّت نسبيّا في الرّواية؛ كذلك أُسلوب الحوار الدّاخلي ( المونولوج) الّذي يكشف عن نفسيّة الشّخصيّة ودواخلها.
صوّر لنا الكاتب في الرواية الغربة بوجه أسود لئيم جارح، بل قاتل.
اِغتربت شخصيّات الرّواية: مصعب، عبد الحكيم، عليّ، نزار، غادة، وهدى في مدينة خلف المحيطات، في مدينة الأضواء والزّحمة والعمارات الشّاهقة والغموض، وتعدّد الجنسيّات والألوان والدّيانات والعقائد؛ وبلد المليشيات والعصابات والمجرمين؛ فكانت غربتهم مضاعفة، فهي غربة داخل غربة داخل عربة.
هم غرباء عن أوطانهم وأهلهم وقوميّتهم.؛ أمّا كونهم عربا ومسلمين فأضافت لهم غربة أصعب بكثير ممّا توقّعوا قبل هروبهم من أوطانهم الأصليّة؛ حيث أوقعتهم غربتهم في مآزق ومصائب كثيرة، لم يفتأوا أن يخرجوا من واحدة حتّى يدخلوا بغيرها، وخاصّة من النّاحية الأمنيّة الّتي وُصم بها المسلمون من قبل الغرب في كافّة أنحاء العالم، وألصقوا بهم تهما، هم أبرياء منها؛ وذلك من أجل توجيه عيون العالم نحوهم، لتحقيق السّيطرة على الشّرق وثرواته مثل النّفط وغيره.
من خلال تشابك الأحداث في رواية استطاع الكاتب أن يوصل فكرته المناهضة لأفكار الغرب والّذين يحاولون مرارا وتكرارا تثبيتها على المسلمين في هذا الكون. ربّما كانت الرّواية بحاجة إِلى تكثيف الأحداث حول المؤامرات الّتي تحاك ضدّ المسلمين مثل البوليس السّرّي والمخابرات من خلال استخدام التّنصّت، وكشف أسرار الحكومات وذكر العلاقات بينها وليس بين الافراد فقط؛ حيث حمّلت شخصيّات الرّواية أعباء كبيرة فوق كاهلها.
المكان في الرّواية ينمّ عن دراية الكاتب عبدالله دعيس بالمواقع وأسماء الشّوارع الحقيقيّة في مدينة نيويورك الّتي ذكرها بدقّة، وهذا يؤكّد على أنّها أماكن عاش فيها الكاتب وعرف عنها الكثير. أمّا الزّمان فقد بدا واضحا في الرّواية منذ الثمانينيّات حتّى التسعينيّات، حيث وقعت بالفعل حوادث دمار وتخريب؛ أمّا المستقبل فقد أوحى الكاتب عن وقوع حوادث مدمّرة وهدّامة في مدينة نيويورك، يقصد بها تدمير المركز التّجاري العالمي في نيويورك.
حاول الكاتب دعيس في نهاية روايته أن يشعل وميضا يخترق الرّمال المبعثرة في عالمنا العربي والاسلامي، وذلك من خلال تزويج الأحبّاء في مدينة غزّة الفلسطينيّة، وعودة المهاجرين إِلى الوطن.
لم تخلُ الرّواية من أُسلوب التّشويق الّذي يشدّ القارئ لمتابعتها.
وكتبت فاطمة نجدي:
بعد (لفح الغربة) و (معيوف) يخرج علينا الكاتب عبد الله دعيس بروايته الثالثة (وميض في الرّماد)، وهي امتداد لرواياته السابقة؛ تتحدّث عن معاناة الشبّان والشّابات في الغربة، وما يلقاه الشخص من انتهاكات، والمعاناة التي يحياها بعيدا عن وطنه.
تدور معظم أحداث الرّواية في الولايات المتحدة الأمريكيّة لكنّها تمتد أيضا إلى فلسطين وسوريا ومصر والعراق. من فلسطين شابّ تربّى في أحضان الطبيعة وفي جوّ قرويّ تحكمه العادات والتقاليد، يدرس في جامعة بير زيت ثمّ ينطلق لإكمال التعليم في الولايات المتحدة، فقط ليجد نفسه سائقا في شوارع نيويورك، وليلتقي أثناء مشاركته بمظاهرة لنصرة الشعب الفلسطينيّ محبوبة شبابه، التي كان قد سرقها منه زواجها من عميل للاحتلال أوصلها إلى الولايات المتحدة، لتعيش حياة مثيرة هناك متردّدة بين تيّارين، ولتكون شخصيّة محيّرة تقود القارئ في دروب من الشكّ والإثارة والتّشويق.
من مصر يأتي شابّ قبطانا لسفينة تجاريّة ضخمة، تغرّه حضارة أمريكا فتدفعه لينضم إلى ركبها، لكنّ مآله يصبح سائقا لسيّارة أجرة، يتشارك السيّارة والسرير مع زميله الفلسطينيّ, ثمّ لينخرط في مغامرة مثيرة لكشف قاتل خطيبته التي أتت من أسرة غريبة الأطوار.
ومن العراق يأتي شابّ فرّ من الخدمة العسكريّة بعد مقتل أبيه وأخيه، ليجد نفسه مجنّدا في صفوف القوّات الأمريكيّة، يعاني الحيرة والأحباط، وليقاد ليصبح ضحيّة لمخططات أجهزة المخابرات.
ومن سوريا شابّ آخر يقوده حبّه لزميلة جامعيّة، إلى ترك حياة الدعة في عائلته والالتحاق بقوات سرايا الدّفاع، وليهرب من أتون الحرب الأهلية في لبنان، ليجد نفسه في احضان أمريكيّة عميلة للمخابرات الأمريكيّة، لتقوده هو ورفاقه في دروب شائكة من الإثارة.
تفضح الرواية أساليب وسائل الإعلام الأمريكيّة بالتأثير على الرأي العام، والمؤامرات والخطط التي تحاك وراء الكواليس، وإيقاعها ببعض الشبّان وجرّهم إلى القيام بالعمليات التي توصف بالإرهابيّة.
تتشابك أحداث الرّواية وتتشعّب، لكنّ القارئ لا يتوه في ثناياه، ويحمله كفّ الشوق لقلب صفحاتها، ليعرف المزيد عمّا يدور في ذاك العالم الرّمادي الغامض، وليفهم كثيرا مما يدور أمام عينيه ولا يدرك كنهه.
وقالت سوسن عابدين الحشيم:
تحكي رواية “وميض في الرماد” للكاتب المقدسي عبدالله دعيس قصة شبان يرمي بهم القدر للعيش في أمريكا بعد هجرتهم من أوطانهم بحثا عن عمل او هربا من الخدمة في الجيش.. يتعرف أبطال الرواية على بعضهم البعض في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية وتجري أحداث القصة بأسلوب السرد القصصي مع ادخال الخيال، ووصف الطبيعة التي تميز بها الكاتب، وما ساعده على ذلك ان الكاتب عاش هناك لفترة طويلة، حيث كان يصف الشوارع والأماكن والمدن والولايات بشكل كبير يدل على ادراكه للمكان والأحداث التي كانت تحصل هناك، كان الزمن أيضا واضحا ذكره الكاتب وهو بداية الثمانينات الى أوائل التسعينات.. نوّع الكاتب بجنسيات الشخوص من علي الفلسطيني وعبد الحكيم المصري ونزار السوري ومصعب العراقي لكي يخدم الرواية التي تتحدث عن واقع البلدان العربية، وما آلت اليه من احتلال وحروب وظلم الحكام وتضحيات شعوبها المكلومة، استخدم الكاتب اسلوب التهكم وعاطفة الغضب تجاه امريكا بشكل لافت جدا، فهي من تمد اسرائيل بالقوة والسلاح وتمكنهم في احتلال أرض هي ليست من حقهم، فكان يتساءل عن أسباب الوضع الراهن للشعوب العربية والدور الكبير الذي تلعبه أمريكا لجر العالم الى حروب وويلات تؤول بهم الى التراجع والتشرد، لتبقى المسيطر الوحيد على العالم اجمع. فكل ما يحدث من إرهاب وقتل الابرياء في أيّ مكان كانت أمريكا خلفه وبتخطيط منها لتنسبه الى الجماعات الإسلامية، لتحريض العالم على المسلمين والاسلام فيحاربونه ويقضون عليه. ففي ص ٩٤ يتساءل أحد ابطال الرواية بأسلوب تهكمي ساخر: من الارهابي؟ من الذي روّع ويروّع الأبرياء؟ من حصد ملايين الأرواح في فيتنام؟ من قلب أنظمة الحكم، وأسس الدكتاتوريات في أمريكا الجنوبية وأفريقيا؟ من الذي يثبت حكامنا الظلمة على كراسيهم ويمدهم بأسباب الحياة؟ بينما يمتص خيرات البلاد، من الذين قتلوا في البوسنة والهرسك؟ من يستهدف في الفلبين وأفغانستان وتايلاند؟ ومن؟ ومن ؟ أينما ننظر نرى المسلمين يقتلون وتنتهك كرامتهم وأعراضهم، تسلب بلادهم وخيراتهم، ثم يقوم مصاصو الدماء ليعتلوا منابر الاعلام ويتهموهم بالارهاب؟ لماذا نبقى ساذجين نتلقى اللطمات، ثم نقف لندرأ التهمة عن أنفسنا ؟ كما ذكر الكاتب الدمار الذي خلفته أمريكا بأسلحتها الفتاكة لتقضي على كل من يقف في طريقها، وكيف تظهر للعالم انها بلد الديمقراطية والعدل وهي خلاف ذلك، ففي ص ٩٣ يقول عنها على لسان أحد الرواة: تدعي الحرية، بينما تاريخ العبودية هو الذي أسس أركانها، تدعي المدنية والتقدم بينما وحشية القرون الوسطى ما زالت هي أسس بنيانهم، ألم يبد هؤلاء شعوبا بأكملها؟ أين الشعوب التي كانت تسكن هنا؟ ….أين ثقافتهم ؟ أين أطفالهم الذي كانوا يلهون على نهر الهدسون ؟ الى أين ذهبوا؟ الى تلك المحميات في وسط الولاية داخل تلك الأسلاك الشائكة، عرض الكاتب الوجه الآخر لأمريكا بلاد الفرص كما تدعي، وجه الحقد والكراهية والتشرد والاجرام وعصابات المافيا والمخابرات التي ترصد حركة كل عربي يأتي الى بلادها، فما يحدث من حوادث انفجار سرعان ما تقبض على العرب هناك وتحاكمهم وتنسب اليهم التهمة ولو كانوا أبرياء.. تميز الكاتب في روايته بإثارة قضية الغربة وقساوتها عن طريق شخوص الرواية الذي عانوا من ابتعادهم القسري عن وطنهم وأهلهم فكانوا يشعرون بالحنين كل الى مسقط رأسه. ينهي الكاتب روايته باتمام فرح بطل الرواية علي على ابنة بلده غادة التي أحبها منذ شبابه حبا عذريا وهي كذلك أحبته ولم يصرحا بحبهما لبعضهما ، ولكن تشاء الاقدار ان يلتقيا في أمريكا بعد زواجها الفاشل من عميل فرض أهلها عليها الزواج منه. كان الكاتب متفائلا بعودة علي وغادة الى غزة ففي عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم يمكن دحر العدو وطرد المحتل من البلاد التي اغتصبوها وشردوا أهلها.
وكتبت هدى عثمان أبو غوش:
في هذه الرّوايّة يوحّد الكاتب “عبدالله دعيس” الوجع وقهر لمواطن العربي من قبل الأنظمة العربيّة والمؤامرات الأمريكيّة الصهيونيّة، من خلال اختيار الكاتب عدة شخصيّات رئيسيّة من دول عربيّة مختلفة (علي ، مصعب ، نزار، عبدالحكيم)، فجمع الكاتب الشخصيّات في مدينة نيويورك الأمريكيّة التّي جرت فيها الأحداث، حيث فرّوا هناك أملا في العيش بسلام وتحيق الأحلام، إلاّ أنهمّ سرعان ما يتحولون إلى مجرمين.
عانت الشخصيّات من الصراع الداخلي فمصعب العراقيّ يجد نفسه في صراع حين يؤدي يمين الولاء أمام العلم الأمريكي، فيتذكر بلاده المحاصرة من قبل الغزاة الأمريكان، وأيضا يكمن الصراع والقلق في اختيار قراره الصعب الذي يحدد هل يخدم بالجيش الأمريكي ويخون وطنه أم يرفض الخدمة؟ علي الفلسطينيّ يشعر بصراع نفسيّ ويحتقر نفسه حين يتنكر لاسم وطنه ويستبدله بالمغرب حين يستجوبه أحد الرّكاب عن أصله، وأيضا في عدم مشاركته سريعا في المظاهرة التّي نظمت لنصرة الفلسطينيين، هنا يجد نفسه مختلفا عن علي قبل قدومه إلى أمريكيا، الذّي يغلي ثورة لنصرة وطنه. صراع عبدالحكيم مع أفكاره أثناء تصميمه على قتل الرّجلين في السّفينة فانتابته حالة تأنيب الضمير فكيف سيتحوّل إلى قاتل، لكنّ ثورة غضبه تتغلّب عليه.
نزار القادم من سوريّا والذّي عانى من الظلم حين كان جنديا في سرايا الدّفاع عن سوريا، يشعر بصراع مع نفسه حين يراها تتحوّل لتكون ظالمة.
عانت الشخصيّات من فقدان الأحبّة وتساؤلات حول الحرب ومن هو بالفعل الإرهابيّ؟
نقلنا الكاتب من خلال أحداث الرّوايّة من اليابسة حيث وصف الشوارع والمدن، وانطلق بنا إلى البحر حيث جرت الأحداث أيضا على متن السّفينة ثم رجوعا إلى اليابسة.
استخدم الكاتب وسائل النقل المختلفة كالمركبات، الحافلة، السفينة، كما واستخدم وسائل الاتصال المختلفة، الرسائل، الرسائل الإلكترونيّة، الرسائل عبر الهاتف، المذكرات والصحف. ممّا شدّ انتباه القارئ رغم عدد صفحات الرّوايّة الطويلة.