ليست هذه المرّة الأولى التي يخوض فيها أسرانا البواسل معارك الأمعاء الخاوية، فقد سبق وأن أضربوا عن الطعام جماعات وأفرادا مرّات كثيرة، وسقط منهم شهداء، ولعل الأسير سامر العيساوي الذي خاض أطول اضراب عن الطعام في العالم، إذ استمرّ اضرابه حوالي التسعة أشهر يشكّل نموذجا لهذه الاضرابات، ويأتي هذه الأيام اضراب الأسير خضر عدنان عن الطّعام، والذي يدخل شهره الثّاني ليذكر من جديد بمأساة أبنائنا الأسرى الانسانية، وخضر عدنان هو والأسيرة المحرّرة هناء شلبي هما أوّل من خاضا اضرابا مفتوحا وطويلا عن الطعام زاد على العشرة أسابيع في العام ٢٠١٢، حتى تحققت مطالبهما بالحرية.
والأسير خضر عدنان شرح فلسفة الاضراب عن الطعام في معركته عام ٢٠١٢ قائلا لمحاميه:” لست عاشقا للجوع، ولا ذاهبا للتهلكة، لكنّ الأمر أصبح لا يطاق، وتجاوز كلّ المحرّمات في العالم، فان كتب الله لي الشهادة، فإنّني أكون قد سرت على طريق الايمان والحق، ولا حول ولا قوّة إلا بالله. وإن كتب الله لي الحرّية فهذا انتصار لشعبي وأمّتي وكل أنصار الحرّيّة والعدالة في العالم.” وهو بهذا يؤكد بأنّنا “نعشق الحياة ما استطعنا إليها سبيلا.”
والاعتقال الاداري الذي ورثته دولة الاحتلال عن الانتداب البريطاني قانون يتم بموجبه توقيف المعتقل إلى ما لا نهاية دون توجيه تهمة له، ودون محاكمته، وقد سبق لحاييم شابيرا أوّل وزير عدل اسرائيلي والذي كان معتقلا لدى حكومة الانتداب عام ١٩٤٦ أن وصف هذا القانون “بأنه يعيدنا إلى عصور الوحشيّة”. لكنه لم يعمل على الغاء هذا القانون بعد أن أصبح وزيرا.
والأسير الفلسطيني خضر عدنان الذي يخوض معركته ضد هذا القانون، مطالبا بحرّيته وحرية آخرين من أبناء شعبه يدافع عن كرامة شعب وأمّة، ويدقّ جدران الخزّان أمام من يزعمون أنّهم يدافعون عن حقوق الانسان. فهناك أكثر من ستّة آلاف أسير عربي في سجون الاحتلال، يعيشون في ظروف لا إنسانية، ولا تصلح للعيش الآدميّ، وبعضهم زادت فترة أسره على ثلث قرن. فلترتفع الأصوات المنادية بحرّيّة الأسير خضر عدنان وغيره قبل فوات الأوان، والمطالبة بالغاء قانون الاعتقال الاداري الوحشي. وهل تتنادى الدبلوماسية العربية لعمل حراك عالمي واسع لاطلاق سراح الأسرى، وهل العرب الذين يموّلون جماعات الارهاب التي تدمّر أقطارا عربيّة، ويقتلون الشّعوب العربية، يموّلون حراكا سياسيا لوقف ارهاب الدّولة الذي تمارسه اسرائيل بحق الأسرى وغيرهم؟
1 _ 6 _ 2015