المنافسة القائمة بين الأحزاب الصهيونيّة في الانتخابات البرلمانيّة الاسرائيلية القادمة تتمحور حول من يثبت منها أنّه الأكثر تطرّفا، وحبّا في الحروب ودعما للاستيطان وبعدا عن السّلام، تذكّرنا بذلك التّعيس الذي طالبه أحدهم بمنع جماعته عن كثرة القسم بالطلاق، فردّعليه قائلا: “عليّ الطلاق لأمنعهم”.
فالدّعاية الانتخابيّة تكشف الوجه الحقيقي للفكر الصهيوني القائم على الحروب والتوسّع والاحتلال، فقد أخرجت هذه الدّعاية الأحزاب الصهيونيّة الكبرى من دائرة إجادة إدارة فنّ الصّراع، التي يعتمدون فيها على الكذب وتضليل الرأي العام العالمي، إلى دائرة الكشف عن الوجه القبيح المحبّ للحروب والتوسّع والاستيطان.
فالأحزاب الصهيونيّة واضحة في دعايتها الانتخابيّة برفضها لمتطلبات السّلام العادل الذي تنشده الشّعوب، فلديها ما يشبه الاجماع على رفض الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب حزيران 1967 وجوهرتها القدس الشريف، ورفضها لإقامة دولة فلسطينية، واستمرارها في استيطان الأراضي الفلسطينيّة، وأكثر ما يمكن أن تقدّمه هو حكم ذاتي للتجمعات السكنية الفلسطينية على الانسان وليس على الأرض. ولا تتوقف هذه الأحزاب في دعايتها الانتخابيّة على ما تقدّم فقط، بل هناك منها من يدعو إلى مهاجمة المنشآت النّوويّة الإيرانيّة، لأنّهم على قناعة تامّة بأنّ منطقة الشّرق الأوسط ممنوعة من امتلاك السّلاح النّووي، باستثناء اسرائيل، علما أنّ اسرائيل تمارس احتلال أراضي الغير، وتشنّ حروبها باستمرار، وتسعى إلى التّوسع، وترفض أن تكون جزءا من المنطقة…والمضحك المبكي في مرحلة هزائم الأنظمة العربيّة هو تحذير اسرائيل لها من خطورة الاحتلال الإيراني للمنطقة! وتبدي استعدادها للتحالف مع العرب للجم السّياسة الإيرانيّة، وكأن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية أمر مشروع وغير قابل للنّقاش.
والمتابع للدّعاية الانتخابيّة الاسرائيليّة سيجد بعضها بمثابة دعوة إلى ارتكاب جرائم بحق الانسانيّة، كدعوة ليبرمان إلى قطع رؤوس العرب مواطني دولته بالبلطات! ودعوته للتّخلص من أمّ الفحم وغيرها.
وإذا كانت اسرائيل منذ قيامها وحتّى الآن تؤمن بأنّ “خير وسيلة للدّفاع هي الهجوم” والاعتماد على قلب الحقائق، وتسويقها عبر طاحونة الاعلام الصهيوني العالمية، فقد لاحظنا كيف يروّج نتنياهو وحلفاؤه أكذوبة “لا يوجد شريك فلسطيني للسّلام” فإنّ السّلطة مطالبة بجمع الدعاية الانتخابيّة للأحزاب الصّهيونيّة، وترجمتها إلى مختلف الّلغات وتوزيعها في الأمم المتحدة وغيرها كإثبات على “عدم وجود شريك اسرائيلي للسّلام”.
وعلى الجماهير العربيّة داخل اسرائيل أن تلتفّ حول القائمة العربيّة المشتركة التي تخوض المعركة الانتخابيّة، وأن لا يتغيّب أحد منهم عن الإدلاء بصوته لهذه القائمة، كي تحصل هذه الجماهير على نسبتها الحقيقية في الكنيست، وهي 20% كي يستطيع ممثلوها في هذا الكنيست الضغط لتحصيل حقوق ناخبيهم العرب، وجسر سياسة التمييز العنصرية التي تمارس ضدّهم، كما أنّ نوّاب القائمة المشتركة سيكونون ورقة ضغط على الحكومة القادمة كي ترضخ لمتطلبات السّلام العادل.
10-3-2015