صدرت رواية الحصاد للأطفال للكاتب جميل السلحوت، نهاية العام 2014 عن منشورات الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل-رام الله.
تدور أحداث الرواية في جبل المكبر بلد الكاتب الذي له حضور قوي في معظم رواياته. وشكلت الأرض محور هذه الرواية، إن الانتماء إلى الوطن هو الذي دفع الكاتب إلى جلب أنظار الأطفال إلى الأرض؛ لأنها تؤكد على هوية الإنسان الفلسطيني وعلى وجوده، وهذا الجيل هو الجيل الصاعد الذي نعوّل عليه كثيرا، فجميل جدا أن نغرس فيه حبّ الوطن،
وأن نلفت انتباهه لما يجري حوله من ممارسات قمعية تمارس من قبل المحتلين والمستوطنين بهدف اقتلاع المواطن الفلسطيني من أرضه؛ للاستيلاء عليها واستيطانها. والأرض أغلى ما يملكه الإنسان فهي تمنحه الحبّ والأمن والرّزق، والكاتب ركّز على القطاع الزّراعيّ كونه جزء أساسيّ من النسيج الاقتصادي، ويلبّي الحاجات الغذائية للشّعب الفلسطينيّ، ونلاحظ من خلال الرّواية بأنّ الفلسطينيّ يستطيع أن يكتفي ذاتيا من خلال الاقتصاد المنزليّ، وأن يعتمد على الأرض بشكل كليّ، فها هي أمّ محمود توفّر احتياجات البيت، بل وتخزن للمواسم القادمة من خيرات هذه الأرض، وركز الكاتب على المزارع أيضا باعتباره خطّ الدّفاع الأوّل عن الأرض. وقد اصطحبنا الكاتب في رحلة مع عائلة أبي محمود الفلسطينيّة حيث البساطة والدفء وتراث الأجداد، ذاكرا لنا أسماء المحاصيل الزراعيّة من خبّيزة، قمح، شعير، عدس، كرسنة، حمّيض، ذبّيح وعكوب….الخ.
وتغرس هذه الرّواية في الفتيان والفتيات الكثير من القيم والعقائد، فالولد يقلد والده ويذهب للصّلاة في المسجد الأقصى، ومن القيم التربويّة الواردة في الرّواية :الإيثار فأمّ محمود تؤثر زوجها وأولادها على نفسها، والولد يؤثر أخته على نفسه، فهي تركب وهو يمشي على قدميه، ومن القيم الكرم الذي طال الطّير والحيوان، وعشق الأرض، فالأولاد يعملون في الأرض بشغف، ناهيكم عن التّعاون، فجميعهم يد واحدة، وإن تكاسل الزّوج أبو محمود ملقيا على زوجته معظم الأعباء، وهذا ليس غريبا عن الرجل الشرقيّ والمحتمع الذّكوريّ.
صورة المرأة في الرّواية مشرقة للغاية، فهي تعطي بلا حدود، وتعمل ليل نهار، داخل البيت وخارجة، تنكش وتزرع وتحصد وتحلب وتعدّ الطعام وتغسل وتنظف، وتدبّر أمور البيت، وتحنو على زوجها وأبنائها، وكأنّي بالكاتب يهدف إلى لفت الانتباه إلى دور وتضحيات المرأة، والمسؤوليّات التي تقع على عاتقها، في حين يعتقد البعض أنّ ربّة البيت لا تعمل!
ويلاحظ أنّ هذه الرّواية تلفت الانتباه إلى جمال وطننا، وكثرة خيراته، وبالتّالي يجب أن توجّه الرّحلات المدرسية إلى المناطق الزّراعية، حيث جمال الطبيعة وخيراتها؛ وليعرف التلاميذ وطنهم بشكل مباشر.
ولم تخل الرّواية من المنغصات، فلطالما عانى الإنسان الفلسطينيّ وخصوصا المقدسيّ من الإحتلال، ومعاناته تجسّدت من خلال منعه من الصّلاة في المسجد الأقصى، والاستيلاء على أرضه مصدر رزقه. والكاتب أراد أن يوصل رسالة تهدف إلى التّشجيع على الزّراعة باعتبارها مجدية ماديّا، فالأرض تعطي من يعتني بها ويزرعها، رغم المعيقات التي يقوم بها المستوطنون من استيلاء على الأرض ومن تجريف.
استخدم الكاتب لغة بسيطة سهلة خدمت النّصّ، ووظف التّراث من خلال دمج بعض الأغاني الشعبيّة التي كان يغنّيها العامل في موسم الحصاد؛ للتّشجيع على العمل. كما أنّ السّرد الرّوائي الانسيابيّ في هذه الرّواية طرح العديد من الأسئلة؛ للفت انتباه الناشئة لأجوبتها، بل والدّعوة إلى البحث والتّفكير.
ملاحظة: وقع الناشر في خطأ هو أن الرّواية للأطفال، كما جاء على غلافها الخارجي، وعلى الصفحة الثانية، وجاء على صفحتها الأولى بخط أسود كبير أنّها للفتيات والفتيان.