من المواضيع التي طُرحت أثناء لقاء عشرات المثقفين مساء 29-6-2010 مع دولة رئيس رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض، قضية الاثار والموروث الشعبي، وهاتان قضيتان كبيرتان وتحتاجان الى جهد كبير، فبلادنا فلسطين رغم صغر مساحتها، وكثرة الطامعين فيها، الا انها تشكل متحفا كبيرا يحوي أثار من عاشوا فيها، وبلادنا معروفة بتعدديتها الثقافية كونها مهد للديانات السماوية، وفي ذلك اللقاء لفت الدكتور حمدان طه الأنظار الى عدة أمور هامة، منها وجود ألفي موقع أثري في أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة-الضفة الغربية وقطاع غزة- ومنها أثار يهودية، مؤكدا أن الاثار اليهودية في فلسطين ملك للشعب الفلسطيني، فاليهود الفلسطينيون عرب من أتباع الديانة اليهودية، تماما مثلما يوجد مسيحيون عرب، وان كانت الغالبية العظمى من الشعب مسلمين، الا أن هذا لا ينفي وجود أتباع للديانتين السماويتين الأخرتين، وأقرب مثال على ذلك اليهود السامريون الذين عاشوا ولا يزالون في مدينة نابلس كمواطنين كاملي الحقوق والواجبات، واذا ما استطاعت الصهيونية العالمية تحويل اليهود في اسرائيل الى قومية، فان هذا لا يعني أن من حق اسرائيل أن ترث حضارات الشعوب الأخرى التي عاش فيها يهود، والا لكانت سترث العالم أجمع، فاليهود عاشو في غالبية دول الشرق الأوسط مثل :العراق، ايران، سوريا، لبنان، اليمن، اثيوبيا، مصر، ليبيا، الجزائر، المغرب، والهند، وغالبية الدول الأوروبية مثل بولندا، روسيا، المانيا، فرنسا، بريطانيا، اسبانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، وبعض دول أمريكا اللاتينية واستراليا.
وقد حافظ العرب والمسلمون على الاثار الموجودة في بلدانهم عبر التاريخ، من منطلقات حضارية انسانية، كونها تمثل ارثا حضاريا لشعوبهم، وليس أدل على ذلك من الاثار الفرعونية في مصر، ومع أن الاثار اليهودية في فلسطين قليلة، والأطماع الصهيونية في فلسطين التاريخية غير محدودة، الا أنها تبقى أثارا فلسطينية عربية، بل جزءا من الفسيفساء الحضارية لشعبنا وأمتنا، وقد حافظ العرب والمسلمون عبر التاريخ على هذه الاثار، لأنهم أصحاب حضارة انسانية عريقة، تستوعب التعددية الثقافية والدينية، وتفهم معناها، ولسنا من أصحاب الفكر الظلامي الأعمى كما فعل الصهاينة بتدمير أكثر من خمسمائة قرية وتجمع سكاني فلسطيني عربي، ومحوها عن الوجود في محاولة منهم لترسيخ مقولتهم الكاذبة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض). وما فتئوا ينبشون باطن الأرض بحثا عن الأثار التي يسرقونها ويضعونها في متاحفهم بعد محاولات تزييف نسبها وأصولها، ولا يخفى على أحد أن اسرائيل المحتلة قد نهبت من الأراضي المحتلة، وفي مقدمتها القدس الشريف كنوزا أثرية لا تقدر بثمن، هي نتيجة حضارة الحقب التاريخية المختلفة في فلسطين، وهنا يأتي دور السلطة الفلسطينية والدولة الفلسطينية العتيدة بالمطالبة بهذه الاثار واسترجاعها، كما أن لصوص الاثار ينبشون باطن الأرض بحثا عن الاثار ويبيعونها الى جهات أجنبية ومعادية بأثمان بخسة.
وهنا يأتي دور وزارة الاثار الفلسطينية بحماية المواقع الأثرية، واستخراج كنوزها، وتأمينها في متحف وطني أصبح بناؤه ضرورة ملحة، ضمن مشروعنا الثقافي ومساهماتنا في بناء مؤسسات دولتنا العتيدة بعاصمتها القدس الشريف.
أمّا تراثنا الشعبي-المادي والقولي- فانه تعرض ولا يزال الى محاولات السرقة والطمس والتشويه، ساعد في ذلك النكبات التي تعرض لها شعبنا، وتشتيته في مختلف بقاع الأرض، وقد اقتصرت محاولات جمعه والحفاظ عليه الى جهود فردية من بعض الغيورين، ولا يفوتنا هنا التنويه الى الدور الريادي لجمعية انعاش الأسرة في البيرة، التي فيها متحف شعبي متواضع، والتي أصدرت مجلة”التراث والمجتمع” وبعض الأبحاث والدراسات الفلكلورية، لكن هذا لا يعفي وزارة الثقافة من تأسيس هيئة رسمية يديرها ويشغلها أكفياء مختصون ومهتمون لجمع هذا التراث وتدوينه، وايداع المادي منه في المتاحف، فالتراث الشعبي جزء أساسي من مكونات الهوية الوطنية لأيّ شعب، وموروثنا الشعبي غزير غزارة مساهمة شعبنا في بناء الحضارة الانسانية، ولا يمكن تصور مشروع ثقافي يستثني التراث الشعبي الذي ينهل منه مبدعو الشعب والأمة، ولنا دراسة مطولة بهذا الخصوص سننشرها قريبا.
6-7-2010