يا أطفال غزة لاقوا وجه ربكم راضين مرضيين ، ولا تلتفتوا خلفكم ، كي لا تروا العار الذي يطارد بني جلدتكم ، ومن بقي منكم على قيد الحياة حاملا شهادة شهادته بعد ان ضاعت شهادة ميلاده تحت ركام بيته المهدوم ، فليحفظ ما قاله أحد أجداده الجاهليين عن قبيلته :
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
يجزون أهل الظلم مغفرة كأن ربك لم يخلق لخشيته دونهم انسانا
يا اطفال غزة الشهداء ، بالتأكيد انتم الآن في جنة عرضها السماوات والارض تحلقون في حواصل طيور خضر ، بعد ان استبدلكم الله أهلا خيرا من أهلكم ، وقوما خيرا من قومكم ، وستجدون اقرانكم الاطفال الذين سبقوكم في انتظاركم ، يستبقلونكم ويلعبون معكم ، ستجدون آلاف الأطفال من ابناء شعبكم من غزة ومن جنين ومن رام الله ومن نابلس ومن الخليل ومن كفر قاسم ومن دير ياسين …. الخ وستجدون اخوة لكم من أطفال قانا وبحر البقر …… ستجدونهم يشربون الحليب ، ويأكلون الحلوى وكل ما يشتهون .
يا اطفال غزة الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون ، والأحياء على هذه الدنيا الفانية الذين يرتعبون من قصف الطائرات وهدير المدافع ، انتم شرف هذه الأمة وعارها في آن معا ، فالشرف لكم والعار لمن تخلوا عنكم . فدماؤكم الزكية ستطارد سفاحي الطفولة ، والساكتين على هول الجريمة .
يا نساء غزة الماجدات لا تلطمن الخدود ، ولا تقددن الجيوب على من ارتقت منكن الى قمم المجد …… ولا تذرفن الدموع عمن رحلوا من الأحبة ظلما وعدوانا ….. بل اذرفنها على أمّة ما عاد فيها معتصم ، واهزأن من جنرالات يتحلون بالأوسمة والنياشين كما العرائس ليلة زفافهن ، لكن للعرائس شرف احتضان اقرانهن ، ولهم ” زينة ” الذل والهوان التي ارتضوها لأنفسهم .
ويا شيوخ غزة هذا قدركم وانتم الأكثر خبرة بِعِظم المؤامرة التي كنتم وقودها ، وتحملتموها نيابة عن أمّـتكم التي ما عادت ماجدة .
وبالتأكيد فقد سبقتكم أجيال عاشت ظروفكم، ورددت ما قاله الزهاوي عندما يئس من أُمّـته التي هي أُمّتكم :
ناموا ولا تستيقظوا ايها العرب فما فاز إلا النـُّوَّمُ
فالنائمون هذه الايام لن يستيقظوا الا متأخرا ، وبعد ان تلتهمهم النيران التي تلتهمكم ، عندها سيعلمون انهم أُكِلوا يوم أُكِل الثور الابيض.