القدس: 24-3-2022 من ديمة جمعة السمان: ناقشت ندوة اليوم السابع المقدسيّة المقدسية الأسبوعية كتاب الأطفال “سلمى الذّكيّة” لساما عويضة، الصادر عام 2014عن مركز الدراسات النّسوية، وصدرت طبعته الثالثة عام 2021، ويقع الكتاب الذي رافقته رسومات خالد جرادة وصمّمه عماد أبو بكر في 17 صفحة من الحجم المتوسّط.
اففحت الأمسية مديرة الندوة ديمة جمعة السّمان فقالت:
شدّني العنوان لما فيه من تشجيع وإعطاء الثقة للطفل بأن يستعمل عقله ويتصرف بذكاء في المواقف المختلفة.
وإذا بسلمى تدعى الشقية بدلا من الذكية، وإذا بها تشعر بأنها مقموعة من كل من هم حولها، في البيت والمدرسة وأسر صديقاتها.
وهذا قد يكون عند بعض الأطفال، إذ أن الحس التربوي ليس موجودا عند الجميع، بل من المتوقع أن يتم التّصرف مع الطفل الذكيّ، المنطلق، المبادر بأسلوب قمعي غير تربوي.
ونشهد بأن بعض المدرسين والمدرسات يتصرفون مع هذه النوعية من الأطفال بصورة غير مقبولة على المستوى التربوي والإنساني.
وهناك أيضا بعض الأسر التي لا تؤمن بتعليم بناتها ويعتبرون أن مستقبلهن لا يتجاوز المطبخ وتنظيف البيوت وإرضاء الزوج ورعاية الأبناء.
كل ما تم ذكره في نص الكاتبة ساما هو واقع نلمسه في نهج (بعض) الأسر الشرقية العربية. ولو أن هناك تغيرا مجتمعيا ملحوظا بخصوص هذا الأمر، لدرجة أن عدد الطالبات الإناث الملتحقات بالتعليم الجامعي يفوق عدد الطلاب الذكور.
السؤال هنا، ماذا قدمت القصة للأطفال؟ وهل تم معالجة موضوع سلمى الذكية، وبث روح التفاؤل والمبادرة والجرأة واتخاذ القرار السليم فيهم؟
هل قدمت لهم النموذج الجيد للأم والمعلمة؟ هل قدمت لهم الحل المناسب الذي يعطيهم الطفل الثقة في حالة تعرضه لهذه المواقف، أم دعته للتخاذل وتقبل القمع، والسكوت عن الحق، والحذر من المبادرات!
باعتقادي أن معالجة الموضوع لم يكن موفقا، وبأن هذا الطرح بهذه الصورة لا يتناسب مع الأطفال.
ما قرأناه ليس أكثر من مقال مكتوب على شكل حوار بين الطفلة سلمى والعصفور الناطق، تم اقحام بعض المظاهر(الجندرية) من خلالها، يصف جزءا من الواقع الذي لم يتم معالجته ولا طرحه بحكمة تتناسب وعمر الطفل، لأنه يعود على الأطفال بمشاعر سلبية محبطة، دون تقديم الحلول المناسبة التي تريح الطفل.
وقال جميل السلحوت:
لقد أحسنت الكاتبة لعدم تصنيفها لهذا النّص الموجّه للأطفال كقصّة، لأنّه بعيد عن السّرد القصصيّ، وهو عبارة عن حواريّة بين عصفور وطفلة اسمها سلمى. ويلاحظ من خلاله أنّ الكاتبة حمّلت أفكارها للطّفلة “سلمى”، وهي أفكار بعيدة عن تفكير الأطفال.
وعودة إلى النّصّ، فقد جاء ص5 على لسان سلمى:” يقولـون إنّنـي شـقيّة ورضيـتُ بذلـك.. ومـن ثـمّ أصبحـوا ينادوننـي سـلمى الشّـقيّة ورضيـت”، فإذا ما ارتضى بعض الكبار بوصف طفل بالشّقيّ فهل يُعقل أن يرضى طفل بهذا الوصف؟ وإذا كان من أهداف الكتابة للأطفال هو تربيتهم على القيم الحميدة، وغرسها في نفوسهم، فهل الشّقاء من مقوّمات التربية الصّحيحة؟ وهل مطلوب من أطفال تنظيف بيوتهم ومنعهم من اللعب مع أقرانهم؟ فقد جاء على لسان أمّ دنيا ورندة عندما طرقت سلمى باب بيتهما؛ لتلعب معهما:” متأسفون يا سلمى، فدنيا ورندة لن تتمكنّا من اللعب معك، فهما مشغولتان بتنظيف البيت.”ص6. و”للأسف دوما مشغولتان تنظيف البيت وترتيبه وجلي الصّحون وهكذا.”ص6. وهذه أعمال لا يقوى عليها الأطفال، فهل الأمّهات بهذه القسوة مع أطفالهنّ؟ وعندما ذهبت رندة إلى المدرسة دون أن تقوم بواجباتها البيتيّة وبّختها المعلّمة وطردتها من الصف؛ لتحضر مع والدتها، وعندما تدخّلت سلمى وطلبت من المعلّمة أن تسامحها، نهرتها المعلّمة قائلة:”من طلب منك أن تتحدّثي، التزمي الصّمت”ص8، فأيّ معلّمة هذه؟ وهل يُعامل الأطفال في المدارس بهذه الطّريقة، وهل من التّربية أن تقمع المعلّمة طفلة جريئة وتمنعها من قول كلمة الحقّ كما حصل مع سلمى؟ وعندما عادت رندة إلى المدرسة مع والدتها:” لكنّنـا لـم نسـمع سـوى الصـّراخ المتبـادل مـا بيـن المعلمـة والأمّ ولـم تعـد رنـدة إلـى الصـف.” وهل هذا معقول أيضا؟ فكيف تتبادل المعلّمة والأمّ التي هي وليّة أمر الطالبة الصّراخ؟” ص11. وما تأثير ذلك على نفسيّة التّلاميذ الأطفال؟ وإذا لم تعد رندة إلى مدرستها وأمّها معها، فمع من ستعود؟ وفي الصّفحة 12 العصفور يعتبر سلمى مخطئة لأنّها دافعت عن رندة! والعصفور دوره في النّصّ دور الحكيم النّاصح لسلمى! ويبرر ذلك بقوله:” أننــي أعتقــد بــأن علــى رنــدة أن تتعلـّـم كيــف تدافــع عــن نفســها، وتعبّر عن رأيها وحاجاتهـا ولا تنتظـر ذلـك مـن الآخريـن.”ص17.
أليس في هذا قمع لحرّيّة الرّأي وتربية الأطفال على الخنوع؟ جميل تعليم الأطفال كيف يدافعون عن أنفسهم، لكن يجب عدم قمع أطفال آخرين يدافعون عن الحقّ.
وهل من الحكمة ترسيخ عدم تعليم البنات في ذهن الأطفال:” قالت سـلمى بحـزن: أمّ رنـدة تقـول إنّ التّعليـم للبنـت غيـر مهـمّ، لأن البنـت خلقـت للـزّواج والعنايـة بالبيـت والـزّوج والأطفـال، وأنهـا تعـدّ رنـدة لتكـون جاهـزة لهـذه المهـام.” ص 15، قد نجد أمّهات جاهلات يتحلّين بهكذا مفاهيم خاطئة، لكن من يجبرنا بطرح هكذا مفاهيم أمام أطفال؟ وما الفائدة من تعميم هكذا مفاهيم؟
وينتهي النّصّ بنصيحة العصفور لسلمى:” عندمـا يقـوم أيّ أحـد بتسـميتك سـلمى الشّـقيّة، قولـي لـه بـل أنـا سـلمى الذّكيـّة، وذكائـي يكمـن فـي أنّنـي أوازن مـا بيـن دروسـي ولعبـي ومسـاعدة أهلـي، وأسـتطيع أن أعبّر عن رأيي.” جميلة هذه النّصيحة لكنّها جاءت متأخّرة.
ويلاحظ من خلال هذا النّصّ أنّ الكاتبة عبّرت عن مفاهيمها ومفاهيم الأطفال، ولم تتركهم يتحدّثون عن أنفسهم.
يؤخذ على هذا الكتاب عدم تشكيل الكلمات مع أنّه موجّه للأطفال، ومن أهداف الكتابة للأطفال تعليمهم أصول اللغة الصّحيحة.
الرّسومات: الرّسومات غير موفّقة فعلى سبيل المثال “رسم العصفور” لو أخذناه بعيدا عن النّصّ لما دلّ على عصفور، ووجوه الأطفال مفلطحة لا تليق ببراءة وجمال الأطفال.
سؤال: لماذا لم يظهر في النّصّ والدا سلمى؟ وأين والد رندة ودنيا؟
وماذا بعد:
الكتابة للأطفال من أصعب الكتابة، ومن المحرّمات تشويه صورة الأمّ والمعلّمة أمام التّلاميذ.
وكتبت جمان نمر:
– كل صفحة من صفحات القصة لون، تارة برتقالي وتارة بألوان أخرى… وهذا غير مريح للقارىء خصوصا أنها ألوان داكنة.
– هناك نوع من أنواع التنمر الذي نعاني منها في مجتمعنا مع الأسف خصوصا لدى الأطفال.. ففي هذه القصة ( لن أسميها قصة فهي حوارية بين العصفور وسلمى) كون العائلات لا تسمح لأبنائها باللعب مع سلمى لكونها فتاة شقية. –
عدم الحكم على الآخرين واتهامهم دون معرفة الحقيقة،( لكون العائلات عرفت أن سلمى فتاة شقية، حكموا عليها بعدم اللعب مع أطفالهم دون التأكد ما اذا كانت هذه التسمية صحيحة أم لا).
– كون سلمى قبلت وتقبلت الأمر لمناداتها أو وصفها بالشقية( كما هو مكتوب بالقصة)، سؤالي هنا هل تعرف سلمى ما معنى كلمة شقية؛ لتقبل بها أو لا وهي في هذه الفئة العمرية؟
– الفكرة أو المعتقدات السائدة الخاطئة أن الفتاة خلقت للزواج ولتربية الأطفال والاعتناء بالبيت، والتي مع الأسف ما زلنا نعاني منها كظاهرة رغم التطور والتقدم بسبب جهل الأهل .
– برأيي كان على المعلمة أن تجلس مع رندة والتحدث معها عن المعيقات التي تمنعها من آداء وظائفها البيتية بشكل مستمر، وأن تستدعي الأهل لمناقشة الموضوع، وايجاد حل لهذه المشكلة، وليس أن تعاقب الطالبة في كل مرة … فبم سيفيد العقاب اذا كان التقصير يتكرر كل مرة دون فهم سبب هذا التقصير؟ فمن الممكن أن ينسى الطالب حل وظائفة مرة أو مرتين، ولكن عندما تتكرر هذه المسألة، فيصبح هناك تساؤلات عدة لمعرفة الأسباب، ماذا يحدث مع هذا الطالب؟ ما مشكلته …إلخ؟ وليس معاقبته باستمرار دون معرفة الأسباب.
– أحببت دور العصفور، فقد لعب دور النباهة والحكمة وإدلاء النصائح.
– الحرية في التعبير عن الرأي والدفاع عن النفس ( يكمن في كل مرة تعاقب المعلمة رندة بسبب عدم آدائها وظائفها البيتية دون اعتراض منها أو محاولة شرح ما يدور في بيتهم. )
– الكاتبة ذكرت رندة والمعلمة عدة مرات، لكننا لم نر رسومات لهن( برأيي جميل أن يتعرف الطالب على شخصيات القصة من خلال الرسومات.)
– تقسيم الوقت ( بقول الأم ان لا وقت للدراسة)، برأيي كما أن هناك وقت لتنظيف البيت هناك وقت للعب ووقت لحل الوظائف.
– المفاهيم التي أرادت الكاتبة أن تعرفنا بها هي ليست مفاهيم الأطفال، وإنما مفاهيم الكبار، أو ربما هي مفاهيمها ونظرتها هي .
– لم أحب القصة فهي تفتقر لعنصر التشويق والمفاجأة، وهناك مماطلة في الحديث عن ذات الموضوع .
وقالت رائدة أبو الصوي:
عنوان النص لا يتلائم مع المحتوى . سلمى طفلة مثل باقي الأطفال وليست أذكى منهم . لكنها طفلة متطفلة، تتدخل في شؤون الآخرين . بداية من تدخلها في أمور شخصية لصديقاتها ، والحديث عن مشاهداتها وما تسمع والغيبة والنميمة ، مهما كانت الدوافع فإنها غير مقبولة ، بداية في موقف والدة صديقاتها ثم موقفها من معلمتها ، ممكن نطلق على القصة سلمى المشاغبة فهذا مناسب أكثر لشخصيتها. فالذكاء سرعة الفهم والبديهة، ولم أجد في النص سرعة فهم ولا سرعة بديهة بل بالعكس، فسلمى لا تفكر بطريقة منطقية، لا تمتلك الثقة بالنفس، ولا بالآخرين، هي فوضوية. طرح بعض القضايا التي تتواجد في المجتمع مثل الصمت عندما يتوجب علينا الحديث هنا نقطة يجب الوقوف أمامها، جميل جدا أن ندافع عن حقوقنا المشروعة، ولا نصمت عن الظلم. في الكتاب عرض مشكلة وإيجاد الحل، اختيار العصفور في القصة غير موفق، لو أن الكاتبة اختارت طائر آخر كالببغاء الطائر الذكي كان أفضل وأكثر واقعي، لأن طائر الببغاء من أذكى الطيور، وهو أذكى من العصافير، فالعصافير يصطادها الصياد بسهولة ، لم أجد قصة أطفال، بل وجدت فضفضة بغطاء طفولي.
وكتبت هناء عبيد:
القصة تتحدث عن فتاة تدعى سلمى، جلست في إحدى الأيام تحت شجرة تين كبيرة تبكي وتندب حظها، فنادى عليها عصفور وبدأ الحوار بينهما.
من خلال الحوار نتعرف على أن سلمى طفلة يصفونها بالشقية، ويمنعونها من اللعب مع أطفالهم، ثم تسرد سلمى للعصفور حكايتها حينما ذهبت إلى بيت صديقتيها دنيا ورندة؛ كي تلعب معهما، لكنهما اعتذرتا منها لأنهما مشغولتان بتنظيف البيت وترتيبه وجلي الصحون، وقد حدث هذا الأمر مع سلمى عدة مرات، في صبيحة اليوم التالي ذهبت رندة إلى المدرسة دون عمل واجبها المدرسيّ وحين وبختها المعلمة، حاولت سلمى الدفاع عنها، لكن المعلمة ردعتها وطلبت منها أن لا تتدخل في الأمر.
أرادت الكاتبة من القصة التنبيه إلى ضرورة الإنتباه إلى الواجبات التي تعطى للأطفال، إذ ليس من المعقول أن يقوم الأطفال بتنظيف البيت دون القيام بواجباتهم المدرسية.
الحوارات والشخصيات معظمها كانت سلبية، فالمعلمة لم تستطع نصح سلمى بأسلوب لين؛ لتعلمها أن التدخل في أمور غيرها ليس مقبولا، كما أن الصراخ كان وسيلة المعلمة في حديثها مع والدة دنيا ورندة، كذلك تصرف والدة رندة ودنيا كان غليظا، فقد قامت بطرد سلمى حين ذهبت إلى بيتهما للاطمئنان عليهما، وهددتها بعدم اللعب مع ابنتيها.
العصفور في القصة هو الكائن الوحيد الذي كان موقفه إيجابيّا وعقلانيّا فقد قدم النصيحة إلى سلمى بكل هدوء وحكمة، وكأننا ننفي صفة الحكمة عن الإنسان وخاصة المعلم الذي يجب أن يكون قدوة طيبة يحتذى بها، لم يكن هناك من يرعى سلمى ويحتضنها غير العصفور، إذ غاب وجود والديها تماما في القصة، فماذا لو لم تصادف العصفور، إلى من كانت ستشكو حزنها؟ تم التعرض في القصة إلى قضية اجتماعية مهمة وهي تكوين الأسرة، فحسب القصة البنت خلقت للزواج والعناية بالبيت والزوج، هذه المواضيع أظنها لا تناسب الأطفال دون الثامنة عشرة من عمرهم، فهي أمور لا يحبذ الخوض فيها من خلال قصص الأطفال التي يجب أن تتماشى ثيمتها مع أعمارهم. اللغة كانت جيدة، لكن كان يمكن أن تسرد بعبارات أكثر سلاسة؛ لتتناسب مع إدراك الطفل. في القصة لم يتم استخدام التشكيل مع أنه من الأمور المهمة جدًّا التي يجب أخذها بعين الاعتبار في قصص الأطفال، حتى يتم تعويدهم على القراءة النحوية السليمة.
وكتبت هدى عثمان:
في قصة”سلمى الذكية” يجد القارىء نفسه في متاهة أمام مشكلتين وعدم تركيز الكاتبة على مشكلة محددة لطرحها وعلاجها: الأولى مشكلة الطفلة رندة التي تقع ضحية والدتها التي تقحمها في أعمال المنزل على حساب دراستها، وذلك على ذمة ما روته زميلتها سلمى في المدرسة، دون أن نعرف ماهية الحقيقة، ومعلمتها التي توبخها وتطردها بسبب عدم قيامها بواجباتها المدرسية، دون علاج الحالة، ويتم طرح الاقتراحات والحلول من قبل العصفور في أن على رندة الدفاع عن نفسها، لكن الكاتبة لم تشرح كيفية الدفاع عن نفسها، أم هل كل الأطفال لديهم القدرة عن التعبير عن غضبهم؟ أمّا الثانية فهي مشكلة سلمى التي ينادونها شقية ومشاغبة، واتهامها في النهاية بالتدخل في أمر لا يعنيها، دون علاج مشكلتها بطريقة صحيحة، بل جاء بصيغة الأمر وبشكل تلقيني، إفعلي كذا وكذا وقولي كذا وكذا، وأنه يتوجب على سلمى أن تقول أنها سلمى الذكية وليست سلمى الشقية والمشاغبة، فهل ستنجح سلمى في مواجهة الأطفال في المدرسة؟لم تبيّن لنا الكاتبة نجاح سلمى في مواجهة الأطفال كي يستفيد الطفل القارىء من حالة سلمى، أمّا السّرد فهو موجه للأطفال بلغة لا تناسبهم، فهو يخلو من أي ثروة لغوية، وقريب جدا من الحديث اليومي، فكيف سيكسب الطفل مفردات جديدة أو يحسن القراءة؟ بالإضافة إلى أنّه سرد لا يعتمد على الخيال أو ناحية السرد الأدبي للطفل، نجد في البداية الوصف الجيد، ولكن سرعان ما تتلاشى رائحة الأدب لندخل في الحوار بين العصفور وسلمى، حوار بعيد عن عالم الطفل من ناحية مضمونه والمباشرة التي تخللته. هناك حوار بين العصفور وسلمى، قد يخلق بلبلة لدى الطفل فيما هل فعلا بعض العصافير تتكلّم؟ إذ ظهر العصفور من خلال أقواله يؤكد أنه فعلا يتكلّم، وكلامه حقيقة وليست خيال كاتب، تقول سلمى:”إنّني رأيتك ولكن لم أُصدق ما تراه عيناي فهذه المرة الأولى التي أرى فيها عصفورا.. يتكلّم مثلنا” رد ّ العصفور:”نعم يا سلمى أنا عصفور وأتكلُم مثلكم،على ما يبدو أنَنا نعيش في زمن العجائب” هناك مفردات أو جمل لا تليق وغير مناسبة أن تكون في قصة للأطفال: مثل:تندب حظها، برأيي هناك إطالة في الحوار ومن المفضل الإيجاز وبوضوح لعدم تشويش ذهن الطفل، أمّا بالنسبة للعنوان فحسب رأيي أنه غير ملائم لأن سلمى لم تكن ذكية، فهي لم تحسن التصرف في مشكلة رندة، ولم نشعر من خلال القصة ماهية ذكاء سلمى، وما هذا اللقب سوى لتشجيع لسلمى. أنصح الكاتبة بالتروي في كتابتها للطفل، لأن الكتابة للأطفال يجب أن يكون وفق عناصر القصة المعروفة وبأساليب خاصة.
وقالت دولت الجنيدي:
قصص الأطفال لها دور كبير في إسعادهم وفي توجيههم وتوسيع مداركهم، لذلك يجب على كتاب القصص للأطفال أن يراعوا في كتابتهم تربية جيل واع يحب القراءة، ويستفيد منها، لذلك يجب أن يعملواعلى تشجيعم على القراءة، وذلك بأن يكتبوا القصص التي تناسب أعمارهم، بكلمات واضحة مشكّلة وبلغة بسيطة سهلة وسرد جميل ومعلومات صحيحة، ومحتوى تعليمي تثقيفي توجيهي وترفيهي ايضا؛ لأن الطفل إذا شعر بالسعادة تتوسع مداركه، ويستوعب ما يقرأ ويتزود منه بالمعرفة التي تصقل شخصيته، لذلك يجب أن تكون أي معلومة مدروسة، ولا تحمل أي أخطاء لئلا تؤثر سلبا على الطفل، ويجب أن تكون الرسومات على الغلاف والرسومات المرافقة للكتابة جميلة ومعبرة وبألوان جميلة جذابة ومبهجة، لأنها هي أول شيء يدفعه لفتح الكتاب؛ ليرى ما فيه، ومن ثم يقرأ ليعرف التفاصيل. في سلمى الذكية طرحت الكاتبة مواضيع حساسة وطريقة حلها على لسان عصفور جميل على الشجرة تعاطف مع سلمى، وهي تبكي تحتها حين سألها عن سبب بكائها، وقدم لها الحلول لمشاكلها التي أولها وصفها بالشقية ومناداتها بسلمى الشقية، بدل توجيهها وإفهامها كيفية التصرف، وقال لها أن تجيبهم بأنها هي سلمى الذكية، لأنها مجتهدة وتحصل على أعلى العلامات، وتوزع وقتها بين الدراسة واللعب ومساعدة الأهل، وثانيها عدم سماح أمّ صديقتيها دنيا ورندة لها باللعب مع ابنتيها، لأنها تريدهما أن يساعداها بالأعمال المنزلية، ونصيحة العصفور بتوزيع الوقت بين الدراسة واللعب ومساعدة الأهل، وثالثها اسكات المعلمة لها حين دافعت عن رندة عندما عنفتها المعلمة، وطلبت منها أن تعود وتحضر أمّها، ولم تدافع عن نفسها. ونصحها العصفور بعدم التدخل وأن رندة يجب أن تدافع عن نفسها، مع أنه من الأجدر أن تعطيها الفرصة لتتكلم. وعندما حدثت العصفور أن أمّ رندة تقول أن التعليم غير مهم للبنت، لأنها خلقت للزواج والقيام بواجب الزوج والأطفال، وأنها تعدها لذلك، ونصيحة العصفور بأهمية التعليم للبنت، وأهمية اللعب أيضا لأنه يساعدها في بلورة الشخصية والتعلم وايجاد عمل لتعيش بكرامة، وهنا نرى أنه يجب عل الكاتبة أن لا تطرح موضوع رأي أمّ رندة بعدم تعليم البنت، لأنها خلقت للزواج والقيام بواجب الزوج والأطفال، لأثره السلبي على الأطفال، ومع أنه موضوع حساس لكن مكانه ليس هنا، وأما الصور فهي غير موفقة من حيث الشكل والألوان، ويجب أن تكون مطابقة للنّصّ، فعندما وصفت العصفور أنه جميل وألوانه جميلة لم تكن الصورة كذلك، ولم نر صورة للقرية الجميلة ولا لأشجار التين والصبار . دور المعلمة لم يكن موفقا في تعاملها مع سلمى حين دافعت عن رندة، ويجب أن تسمع رأيها وتعطي الفرصة لرندة للتعبير عن رأيها، وأمّا سماع الأطفال صوت صراخ المعلمة وأم رندة، فهو يعطي تأثيرا سلبيا عليهم، ويجب أن لا يكون، شيء آخر ذكر اسم دنيا في النّصّ ولم يكن لها دور .
وكتبت فاطمة كيوان:
تحدثت القصة عن طفلة صغيرة تدعى سلمى، كانت تلقب بالمشاغبة والشقية فيما بعد، كانت تتحاور مع عصفور يقف على شجرة التين وبقرب شجرة صبار ودار بينهم حوار، يتجلى لك بعد القراءة أن ذالك ما هو إلا أفكار كانت تقلق الكاتبة، وهي تحاول بهذه الطريقه إيصالها للقارئ، ومن القراءة يتضح لك أن الاسم سلمى الذي اختارته الكاتبة لا يتوافق مع ملامح الشخصية، فسلمى تعني الهدوء والسلام والسكينة، بينما تلقب بالشقية والمشاغبة. بوحقيقة هي المدافعة عن صديقتها رندة أمام المعلمة المتحدية لها، في الوقت الذي صمتت هي عن الكلام والدفاع عن نفسها، وهي التي لا تقتنع بالأشياء بل دائمة البحث والتساؤل. وتتدخل فيما لا يخصها وتنقل أيضا الكلام. فالأجدر تغيير الاسم، أمّا الشخصية المحورية الأخرى في القصة فهي أمّ رندة ودنيا، وهما شخصيتان جانبيتان لا دور لهما ، الأم هنا لها دور سيء فهي لا تمنح ابنتيها وقتا للدراسة، ولا وقت للعب، بل جعلتهما تنظفان البيت وتغسلان الأطباق، شأن الشابات وليس الأطفال. طردت أمّهما صديقتهما سلمى من بيتهم عندما أتت لتلعب مع ابنتيها مرتين، كما أنها لا تؤمن بحق الفتاة بالتعليم ولا بأهميته، بل مقتنعة بأن الزواج والبيت هما الأساس والمكان للفتاة، وكذلك فقد ارتفع صوتها على المعلمة عندما طلبت من سلمى الخرىوج وعدم العودة إلا برفقة والدتها، ولا أدري لماذا. وما الهدف للكاتبة من الإساءة لشخصة الأمّ وجعلها بهذه القسوة، وكذالك جعلها بهذا الغباء والجهل. بسلوكياتها مع الأطفال وهي الأم عنوان الرحمة والمحبة، فيا حبذا لو جمّلت الصورة قليلا. وبخصوص التعليم فقد باتت الفكره غير مقبولة أن الأمّ تحارب التعليم، وإن وجد فقلة قليلة جدا.
شخصية المعلمة شخصية غير متفهمة، غير محتوية، لا تعرف سياسة الحوار ، فسمع الصراخ بينها وبين الأمّ وطردت رندة، وكل ذالك يعني البعد عن المعلمة وتشويها للحقيقة، فالمعلمة مربية ونحتاج دائما للتذكير بأهمية العلاقة بينها وبين الأطفال لترغيبهم بالمدرسة.
وفي النهاية سلمى تطرح العديد من الأسئلة التي تؤرقها على العصفور الذي يمثل الحكيم والموجه، وجاءت الردود على هيئة نصائح منها بأن عليها أن تقتنع بذاتها وتقوي ثقتها بنفسها، وببساطة لا تدع أحدا يناديها (بالشقية)، بل (بالذكية ) وعليها أن تدعم رندة؛ لتكون قادرة على الدفاع عن نفسها. وفي ذلك إشارة لأهمية تكوين شخصية الطفل، وتدعيم ثقته بنفسه؛ ليتعلم كيفية التصرف ومواجهة المواقف. اتخاذ الكاتبة للعصفور كمحاور أثرى القصة، وهو رمز للصديق الوفي الحكيم الذي بإمكانك أن تفشي له وتبوح بسرك، وتتخذه الناصح الرشيد دون أن يعلم أحد آخر . وهو عنوان للخير وللبراءة وللنقاء والسعادة، برأيي القصة بحاجة لإعادة صياغه وتعديل سلوكيات الشخصيات بما يتلائم مع الفكرة الرئيسية .
وقالت رفيقة عثمان:
اعتمدت الكاتبة في سرد القصّة على الحوار الخارجي بين سلمى والعصفور؛ حيث كان العصفور بمثابة صديق عبّرت سلمى عن حزنها وشكواها له، وقدّم العصفور إرشادات وبعض النصائح، التي ساهمت في تمكين شخصيّتها، ومنها التركيز على التصرّفات الحسنة والسيّئة أيضا.
إن تقليد الكاتبة شخصيّة من الحيوانات، ودمجها مع الشخصيّات الآدميّة، محببّة لقلوب الأطفال، وتكون ملجأ لاحتوائهم، والتّفاعل معهم كوسيلة مُشاركة في تعديل وضبط السّلوك . يوجد تخصّص ما يُسمّى بالعلاج بواسطة الحيوانات.
كما وتستخدم بعض الحيوانات الأليفة في العلاج النفسي والسلوكي؛ يُسمّى بالعلاج بواسطة الحيوانات، ويُساهم هذا العلاج في التخفيف من الضغوطات النفسيّة، عند الأطفال، ويتيح لهم التّفريغ الوجداني، والتعبير عن النفس بطلاقة؛ خاصّةً عندما يفتقدون الأشخاص اللّذين يحتوونهم ويصغون لهم ولمشاكلهم.
برأيي شخصيّة العصفور حملت على عاتقها موضوع التربية والتوجيه، بدلا من الأمّ والمعلمة، بالعكس قلّلت الكاتبة من أهميّة شخصية الأمّ والمعلّمة في التّوجيه والإرشاد.
بدلًا من أن يساهم العصفور بالتمكين المعنوي والنّصح، قام بالتّحريض ودعم تمرّد الطّفلة سلمى على المعلّمة والأمّ، وإظهار الصّورة السّلبيّة للأمّ كما ورد صفحة 17 ” أمّ رندة تقول إنّ التّعليم للبنت غير مهم؛ لأنّ البنت خلقت للزّواج والعناية بالبيت والزّوج والأطفال؛ وأنّها تُعِدّ رندة لتكون جاهزة لهذه المهمّة”. كذلك شخصيّة المعلّمة ظهرت سلبيّة وضعيفة كما ورد صفحة 19 ” العصفور: المعلّمة لم تتصرّف بالشكل الصّحيح”.
أتساءل لماذا تغيّب دور الوالد في القصّة؟ لماذا التقليل من مكانة الأم والمعلّمة؟
في نهاية القصّة، وردت العبرة والهدف الّذي تصبو إليه الكاتبة، على لسان العصفور في التّوجيه والنّصح ” العصفـور بدهشـة: هـذا كلام غيـر صحيـح. البنـت يجـب أن تتعلـم وخاصـة فـي هـذا الزمـان، كمـا أن اللعـب هـام ً ويسـاعدفـي بلـورة الشـخصية والتعلـم أيضـا، وأن البنـات اللواتـي لا يتعلمـن يواجهـن مشـاكل كثيـرة جـدا، ولا سـيما أن التعليـم يسـاعد فـي إيجـاد عمـل جيـد ودون عمـل لا نسـتطيع أن نعيـش بكرامـة”. حبذا لو تولّت الأمّ والمعلّمة هذه المهمّة بدلا من شخصيّة العصفور.
تبدو كل الشّخصيّات بالقصّة تتحدّث بلسان الأنثى مثل: الأمّ، ورندة وأختها، وسلمى والمعلّمة؛ حبّذا لو اشتملت القصّة على مشاركة الذّكور من الأطفال أيضا، والمعلّمين، وكذلك شخصيّة الأب وهو من أهم وكلاء التنشئة التّربويّة والإرشاد جنبًا إلى جنب الأم.
في القصّة اشتكت الطّفلة سلمى من نعتها بالشّقيّة، داخل حجرة الصّف؛ خاصّة عندما تدخّلت بالدّفاع عن صديقتها رندة، ووبّختها المعلمة بسبب عدم تحضير واجباتها المدرسيّة، وطلبت المعلّمة من سلمى عدم التّدخّل في شؤون الآخرين.
لم يظهر من سلوك سلمى علامات الشّقاوة؛ بل هو التّدخّل في شؤون الآخرين، من دافع الحب للغير وحب المساعدة، والجرأة بالدفاع عن نفسها؛ كما ورد صفحة 14 ينادون رندة بالمثاليّة؛ لأنّها لا تدافع عن نفسها، ولا تعمل واجباتها المدرسيّة، وينادون سلمى بالشقيّة “لأنّني أقول الحقيقة وأدافع عن نفسي، وأقوم بإنهاء واجباتي المدرسيّة فينتّعونني بأنّني شقيّة”. أود أن أنوّه بأنّ من يقول الحقيقة يتّصف بالجرأة وليس بالشّقاوة.
في نهاية القصّة ورد على لسان العصفور النصيحة الكبرى: ” العصفـور: ارجعـي إلـى بيتـك، ادرسـي والعبـي مـع صديقاتـك وأصدقائـك، وعندمـا يقـوم أي أحـد بتسـميتك سـلمى الشـقية، قولـي لـه بـل أنـا سـلمى الذّكيّة أوازن مـا بيـن دروسي ولعبي، وذكائـي يكمـن فـي أننـي أسـتطيع أن أعبّـر دومـا عـن رأيـي ومسـاعدة أهلـي.”.
من الجدير بالذّكر أنّه من الأولى عدم اللّجوء للحِيل الدفاعّيّة؛ بالدفاع عن النّفس عند الأطفال فحسب، بل تنشئتهم بطريقة سليمة، والتّصرّف الصّحيح في المواقف والمناسبات؛ ومنح دور مهمّة هذه التّنشئة المُقدّسة والصّعبة، للمربّيين والوالدين؛ وتعزيز الثّقة ما بين الأبناء والآباء.
تعتبر هذه القصّة مناسبة للأولاد والبنات في مرحلة الطّفولة المتوسّطة، ما بين السّابعة حتّى التّاسعة.
خلاصة القول: إنّ طرح فكرة التمكين النسوي من قِبل الكاتبة، فكرة جيّدة؛ لكن ليست على حساب التقليل من دور الآباء والأمهات والمربّين.
هنالك جاجة أيضًا للتمكين الذّكوري، وليس مفهوم ضمنًا بأنّ الفتاة هي الحلقة الأضعف في المجتمع، ومجتمعنا العربي بحاجة للوعي بالتنشئة الاجتماعيّة والتّربوية نحو المساواة بين الجنسين في كافّة المجالات، منذ مرحلة الطّفولة المُبكّرة.
وكتبت نزهة الرملاوي:
من خلال قراءتي للقصة استخرجت بعض الملاحظات البسيطة بالرغم من معرفتنا لصعوبة الكتابة الموجهة للأطفال الا أن هناك بعض الهفوات:
**لم يكن السبب مقنعا وكافيا لإلصاق صفة الشقاوة بالطفلة سلمى؟ لم يكن هناك حدث مؤثر حتى تنعت هذه الطفلة بالشقاوة من قبل أهل القرية؟
** لم يكن للأم دور فعال في الدفاع عن ابنتها أمام هذا المجتمع.. أو في تحسين وتغيير أنماط سلوكية خاطئة تمارسها ابنتها.
** لم يكن هناك ردة فعل قوية من قبل الطفلة تجاه صفة الشقاوة التي ألحقت بها إلا البكاء، اي أنها لم تدافع عن نفسها، وأشارت الكاتبة إلى ذلك حينما قالت على لسان سلمى (ورضيت بذلك). بل اجتهدت في اقناع العصفور بهدفها ورغبتها بإعلام المعلمة عن السبب الحقيقي في عدم حل رندة لواجباتها.
** لم نقرأ جملة او فقرة تجيب فيها سلمى مباشرة على سؤال العصفور: أخبريني لماذا اطلقوا عليك سلمى الشقية، بل كان الجواب بعد صفحة مما يؤدي الى تشتيت الطفل القارئ وعدم ربطه للأحداث.
** حينما طلبت المعلمة من سلمى أن لا تدافع عن رندة التي لم تكتب واجباتها.. كان من الأفضل لو أن الكاتبة وثقت عدم التدخل بمثل ( من تدخل بما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه، وذلك بهدف إثراء المعنى المستفاد من الطلب.
** كان من الأفضل ان تجد الكاتبة طريقة ما( كحل مسألة رياضيات أو مسألة علمية، لم يتمكن أحد من طلاب المدرسة على حلها) لتطلق عليها سلمى الذكية وبالنهاية يطلق عليها اسم سلمى الذكية، وهنا تتطوّر شخصية سلمى وفقا للأحداث، فيحبها أهل القرية.. ويحثون أبناءهم على اللعب والدراسة معها.
** لم يكن من المناسب أن تطرح الكاتبة قضية الزواج المبكر لقصة موجهة لأطفال من عمر ٦- ٨ سنوات.. وذلك من خلال ما سمعت من أم صديقتها رندة.
** في قصة سلمى..لم يكن هناك شخص ذو معنى ( الشخص الذي ستلجأ اليه سلمى أثناء وقوعها في ضائقة) إذ كان من المتوقع أن يكون للأم أو للمعلمة دور لتوجيه سلمى ومساعدتها على تخطي المشكلة العالقة بها، وأن تأتي الحلول أو الارشادات من خلالهما، إضافة إلى محاكاتها مع العصفور بهدف اللعب أو الاستماع فقط وليس للتوجيه.