درس أيسر الصيفي الأخير في اليوم السابع

د
القدس: 14-10-2013 ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني في القدس رواية “الدرس الأخير” للكاتب الشاب أيسر الصيفي ابن مخيم الدهيشة، قرب بيت لحم، والتي صدرت في حزيران 212 وتقع في 224 صفحة من الحجم المتوسط.
رشا السرميطي قالت:
النهاية ليست إلا بداية ما لا أكثر
قراءة في رواية الدَّرس الأخير في خريف اللُّجوء للكاتب أيسر الصَّيفي
المقدِّمة:الحياة وثبةٌ واحدةٌ نحو اتِّجاه ما لا أكثر. كانت تلك الجملة من أجمل العبارات التي قطفتها أثناء تجوالي في رواية “الدرس الأخير”للشاب الأديب أيسر الصَّيفي.
تحكي الرواية قصة وفاء الانسان للانسان الذي يعيش فيه، وتنظم لوحة وطن مفقود داخل الكثير من أبناء فلسطيننا. أيسر الذي يقدِّم روايته من خلال باقات لغويَّة وأدبيَّة محكمة النظم بحوار ضمَّ قلمه وكلمة صديق يحدِّثه، شعرت بأنَّ أديبنا قد حدَّث نفسه وكان وفيًّا للانسان به، إذ أبدى في طرح روايته اخلاصه للفكر الذي يملكه، ومنح كلماته حقها عندما أخرجها غراس فكر أزهارها أمليَّة المواسم في موعد مع السُّقوط الذي يملأ خريف الأحلام الفلسطينيَّة ايمانًا بشتاء من القلب، يبلِّل واقعنا الجاف القاسي، وفي ذلك كله ايذانًا بربيعٍ فكريٍ جديد حتمًا هو قادم عائد ويقاوم.
العنوان: مبدع لا تكفي. أحببت اختياره كثيرًا وأرى الكاتب توَّفق في اختزال فكره بأربع كلمات: ” الدَّرس الأخير في خريف اللُّجوء”. ولا أجمل من جملنا القصيرة ذات المعاني الكبيرة العميقة.
الغلاف: لوحة فنيَّة جميلة واضحة المعالم، الألوان ذات دلالة القوة والصَّلابة ودفء الحيَّويَّة التي جميعها تصلح لمحتوى الرِّوايَّة.
بناء الرِّوايَّة: تدرج الكاتب في طرح ما لديه من فكر بهذه الرُّوايَّة بأسلوب بسيط مشوِّق، وقدَّم تحليله للواقع العام في مخيم الدهيشة بطريقه جذَّابة لطيفة لاترهق القارئ، وبذات الوقت ترغمه على التفاعل بذكاء كاتب يعرف أن يعزف، ومتى يغدق في اللَّحن عند الوتر الصَّعب. الأحداث والتَّسلسل الزَّماني والمكاني، البداية والمضمون النِّهاية كلها كانت نسقًا من الجمال.
كأوراق الخريف أنت تتساقط بعد انتهاء موسم عطائك في الحياة لتعود من جديد في زمن آخر كأمطار الشِّتاء تفرض نفسك بقوَّة لتضع لمساتك المختلفة بين كل الفصول ترمي أوراقًا على طاولات الحياة، وتهرب مدركًا أنَّ كل أوراق الحياة ستتفتح في موسمها المناسب إن كان هنالك من بيتها الخريف.
ملاحظات خاصة لامستُ اضاءاتها كقارئة:-
– أبدع الكاتب في دمج القارىء ومشاركته في المشهد التَّصويري الذي تكون من خلال بناء الجمل الكلامية، وقد برز ذلك في مواضع عدة خلال الرواية أذكر منها: نظر الي بابتسامه، جلس بجانبي بصمت فسؤالي المفاجىء كان بديلا عن كل التعاريف، أو ربما لأن الأسماء تخلع صفات أهميتها عند العمل والنقاش السياسي  ص 12: الكاتب يصور الصمت بأنه كائن حيّ يلتقي وروح المتحدِّث، يذهب ويحلّ.. يجلس ويقوم بوصوله يخلع الستار عن أسرار الكلمة رغم أن البعض يرى في الصمت سرًا. صدقت ان رائحة الجوع البشرية مخيفة حين يحكون الفقر زنزانه لها، صفحة (14).
أصل تكوين الجمله قوي ما يكفي لأن تقال بمثل هذا المقام، يتضح بأن الكاتب له من معين الحكمة ما يروي ظمأ قارىء يحتاج لأن يتعلم درسه الأخير في خريف اللجوء لقضية ربما اختلت مواسمها.
– وظَّف الكاتب العاطفة في نظم ما يفكر به العقل، بما يخدم المشهد الواقعي، حيث أضفى ذلك على النصوص نبره من دقة الضربات، وهدأ من وطأة سياط الكلمة المنتصبة على مشنقة أسطرها. ترى هل نعدم كلماتنا عندما نكتبها ونقولها أم أننا بالإفصاح عنها نقسم لها في العمر حياة. برز ذلك من خلال علاقة الكاتب بالورق، وتكرار تلك المشاعر الورقية القلم القهوة السجائر عيدان الثقاب الانتظار الطاولة والمقعد. يقول في صفحة (14)، أمسكت الورقة بهدوء كي لا أزعج الأسماء إن كانت تحويها، وكي لا أزعج الكلمات إن كانت تحمل في طياتها أحزانا. الاسم الكائن الأثر الحيّ المشهد.
– الرواية مليئة بعنصري التشويق والغموض وتستدعي من القارىء التحليل في أكثر من مشهد، وقد برزت بها الصيغة التساؤلية التي تحثُّ القارىء على ايجاد الاجابة والبحث عنها إن كانت غائبة، وهنا يكمن الابداع في مصافحة المتلقي كي يتم الرواية الى آخرها.
الكاتب صاحب خيال خصب ولديه من آفاق الفكر سماء واسعة بها من المعرفة ما يأتي بالكثير من الأحرار كي يقرأ عن الدرس الأخير. صفحة (17)، جمعت ما تبقى من حطام افكاري في حقيبتي، أخذت رشفقة أخرى من فنجان القهوة الذي شعر بالملل، وهنا ولد التساؤل من نفسي لنفسي عن سبب الكتابة بالصورة المعاكسة. أترى سنملّ يوما من الأقلام أم أنها ملّت من كتاباتنا الميته.
– الرواية تحكي قصة واقعية وإن كانت غير ذلك فهي تميل للواقعية في وصف مشهد حقيقي، تبناه خيال الكاتب حيث تسلسل في ذكر مشهد يومي يعيشة المتأمل منا بين نوم ويقظة، اجتماع وفراق قهوة وصحيفة صارت لا تشترى، وتجوال مقفر في زوايا الإعلام الذي تم توظيفة لخدمة أفراد وليس للقضية التي تجمعهم.
6. لدى الكاتب ذكاء حاد في بناء الأسئلة التي وردت في الرواية، إذ كانت بمثابة إشارات كلامية تقف بالقارىء مطولا عند الكثير من أسطرها، فمثلا صفحة (23) أين بقية الفصول من جداولها؟ ألم يكن اللجوء دليلا كافيًا على فشل المرحلة؟ الوضوح ذكي في حصر المتلقي في زاوية حضور الاجابة بلا زينة وهمية تشي بالفرح أو اقامة حلم على أنقاض الخراب. وأيضًا متى سنلتقي؟ متى قد نعود؟.
– الرواية تمثل أكثر من رواية أدبية بليغة الصنع، وبالبناء اللغوي وإن ما بها من الرسالة ما استخدمه الكاتب وعبر عنه لأنه الأقوى، إن الرواية درس لمن يرغب بأن يتعلم ويدخر من عمره وشبابة دمه وفكره لأجل إعمار هذا الوطن الجريح.
– الجانب الانساني عال في مشهد الرواية، إذ أن المخيم الذي ينظر له العديد منا نظرة بعيدة عن الواقع يمثل جزء من عصارة النضال، فمن ترك أرضه مرغمًا، ومن طرد منها ونجا حيًا ليصير من أهل الخيام هو الشاهد على الحكاية منذ بدايتها، وهو أنقى من متفرج بقي في برجوازيته وحقق تعليمه، وزاد في ثروته، وتكافأ من قائد الفساد بأن ينصب في أعالي المراكز المجتمعية، صدق الكاتب عندما قال: المخيم هو الصعود على هاوية الجرح الفلسطيني صفحة 35
– ارتباط الكاتب في الأرض وبمفهوم الوطن، وقد تبين ذلك في كثير من زوايا الرواية أذكر منها صفحة (95) عندما عرَّف الوطن: الوطن هو صومعة لا يلمس تفاصيلها الثقافية أو الاجتماعية وغيرها إلا الانسان الوطني.
– الرواية تقدم درسًا في العمر، وتحكي حلم شعب ما زال رغم بؤس المشهد يقاوم ويحمي حقه بأن يحلم، ويحلم ما دام في جسده وقلمة تدفق الحياة.
– الكاتب كان وفيا لما كتب عنه وفاءه كما اشراقة الشمس لمن كتبت لهم تلك الأسطر الدروس المستخلصة من تجربة حياة، وما كانت إلا وفاء للدرس الأخير ألا وهو البداية لدروس جديدة قادمة من نبض الكاتب.
تعبيرات جمالية غنية بعمق وحكمة برزت لدى الكاتب:-
ص15 فما نفع الثقافة ان لم تستعمل في فتح نوافذ الغموض للآخرين، ص37 أهي الصدفة أن تلتقي تحت ظل من نحب، ص41 السجون ليست سوى أرض معركة أخرى، ص 58 فما أقصر ربيع الأعمار معك، وما أطول خريفها من دونك، ص 66 المخيم هو القلب النابض لكل دماء الفدائيين من كل المناطق، ص67 لاجئو الفكرة والحدث لاجئون بمقدار الحبر على الورق، ص 81 الصدف لقاءات بين فوضى قصاصات لحياة، ص 83 التعليم هو السلاح المتبقي بين أيدي حفاة الأقدام، ص88 ما أسهل أن تزيل غبار ذاكرتك بثوان، وما أصعب أن تكتسي بغبار الزمن، ص93 لماذا يحمل طفل لم يتجاوز الثانية عشر من عمره بندقية بلاستيكية بدلا من كرة الاحلام، ص 158 النهاية ليست إلا بداية ما لا أكثر، ص211 الحياة وثبة واحدة نحو اتجاه ما لا اكثر، ص 206 الصمت البرتقالي عندما نصطدم بجنة أفكارنا. هنا يشعر القارىء بجمالية ودفء التعبير لم يخطر على بالي يوما أن ألوِّن الصَّمت، فإن كنا سنحلِّل دلالة اختياره اللَّون البرتقالي في منظومة علم التكوين اللَّوني: الوفاء المحبَّة الأخويَّة الصِّدق الاخلاص، هو لون الدِّفء كما الصَّمت تمامًا له دفء عندما  يكون لأجل من نحبُّ وكم من عذوبة الأفكار أشعلتها لنا شموعًا وضَّاءة يا أيسر.
وقال راتب حمد:.
أيسر الصيفي يؤكد أن الدرس الأخير لم ينته بعد
أدخلنا أيسر في روايته الى متاهات أدبية، فقد كان معنيا منذ بداية الرواية أن يكتب ويضمن الرواية كل شيء، وقد ظهر هذا واضحا من خلال اللوحات الكثيرة والمتكررة في بعض المرات، ليظهر كل ما يعانيه أهلنا في المخيمات، ولكنه لم ينس أن يقول بأن الامل موجود، فبجانب الألم حب وتضحية عطاء وحرمان، كل ذلك من أجل ان يظهر قيمة الوطن ومقدرة الشباب على التضحية ما انفكوا يعملون ويخططون وينفذون، وقد استشهد بروايته بالكثير من أقوال كبار الكتاب العالميين أمثال مكسيم غوركي “ان سرّ شقاء العالم هو أن الرجال الأحرار والمفكرين قليلون “ص 13  وكذلك حين قال “ان أكثر الناس مزاحا يكونون أكثرهم عذابا “ص 122  وكأني بالكاتب يريد أن يستعرض فلسفته وثقافته التي تظهر واضحة     من خلال التنقل بين سطور الرواية يقول: “يا رجل الصمت بصمتك، تنصب خيمتك بسرعة لتضم تحتها كل المفقودين وتهرب، فالفقر خيمة تضم كل الغرباء “ص 14 . ويمضي متسائلا” فما نفع الثقافة ان لم تستعمل في فتح نوافذ الغموض للآخرين ، لا أعرف وكأني بالكاتب يريد أن يجمع حطام أفكاره في حقيبة وا حدة من خلال طرحه لمواضيع كثيرة بالرواية وهو القائد هنا يريد أن يوزع الأدوار على من حوله، بحيث أنه لم ينس فئة من الفئات فقد تحدث عن الأطفال وثورتهم واستعدادهم للدفاع عن المخيم، وتحدث عن الكبار الذين ما زالوا يحلمون بالعودة، وقد أظهر هذه المعاناة بصور جميلة رائعة، وتحدث عن العلاقة بالدول الغربية، وكيف أننا أصبحنا نستشير الدول الغربية قي شكلنا وأفكارنا واقتصادنا، بحيث أن الدول الغربية أصبحت تدرك أوجاعنا اكثر منا. تحدث عن المواثيق والقرارات والمؤتمرات العامية كيف أصبحت كالأبواق تتحدث عن الحقوق الثابتة لنا وعند التطبيق تصبح كالسراب .
تحدث عن غسان كنفاني وأدبه، وعن الرمزية التى أبدع فيها، وتحدث عن مدينة أفلاطون الفاضلة، وعن العالم باسيولي من خلال لعبة الحظ، وتحدث واستشهد باقوال مكسيم غوركي . ولكن كاتبنا عرف جيدا اتجاه البوصلة في النصف الثاني من الرواية، وركّز باتجاه واحد بعد ان أضاعنا في البداية، وعندها فقط بدـت شخوص الرواية تتضح ليأخذ بالقارىء ويشده أن يتابع مع لوحات جميلة مرسومة بريشة تيا، ونضال  وسامر وجهاد… صورحقيقية لما يدور في واقع الحياة الفلسطينية في المخيم وغيره من استشهاد {خالد] واعتقال [تيا ] وسامر ومطاردة {نضال} ليبقي الصراع مفتوحا وكأنه يريد أن يقول أن الدرس ما زال مستمرا.
وقال جميل السلحوت:
في الواقع أنّني وقفت مشدوها أمام هذا النّصّ، وتحت أيّ صنف أدبي يمكن تصنيفه؟ وهل هو رواية حقا؟ وإذا كان كذلك فأين الحبكة الروائية؟ خصوصا وأنّ الكتاب احتوى لوحات أدبية جميلة، لكنها كانت متباعدة في شكلها الفنيّ، وفي بنائها “الروائي” وكأنّي بالكاتب الشاب كان معنيا بحشو معاناة أبناء شعبنا في مخيمات اللجوء، بين دفّتي كتاب، يسجل فيه البؤس والحرمان والطفولة الذّبيحة، والمقاومة والنضال والشّهادة والعوز والفقر والبطالة، والبيوت الضيقة والبسيطة والشوارع الملأى بالقاذورات، والطموح والأمل والذكريات عن الدّيار التي شُرّدوا منها، وما يورثه الآباء للأبناء عن وطن ضاع في حقبة ضياع أمّة وشعب. ويتطرّق للمثقفين ودورهم وما يُعوّل عليهم مستشهدا بالكثير من أقوال الفلاسفة والمفكرين والمثقفين الإيجابيين وغيرهم، انه يطرح لنا فلسفة الحياة في المخيم.
ويعطي جزءا من النّصّ لمرحلة الانتفاضتين الأولى والثانية وما بينهما، وما حدث فيهما من استشهاد أطفال في عمر الورود، وزجّ آخرين منهم في غياهب السجون، وتوجّه بعضهم الى الكتب بحثا عن حقيقة ما جرى ويجري، وتأثّر بعضهم بمن سبقوهم وكان لهم دور نضاليّ، والانكباب على مؤلفات مناضلين بارزين أمثال الشهيد غسان كنفاني لتكون منهلا يشربون من نهره ماء الحرية، ومع كلّ الضباب الذي يغلف المرحلة، والحيرة التي تكتنف حياة الشباب الذي يحلم بالحرّية وبالعودة، ومع قسوة الحياة إلّا أنهم يؤمنون بأن” هناك على هذه الأرض ما يستحق الحياة” فهم يبحثون عن ملجأ للسّعادة حتى وإن لم يكن آمنا. فمثلا الراوي كانت سعادته في البحث عن الحقيقة بين صفحات الكتب، ووجد متعة في مشاهدة لوحات تشكيلية مثلما حصل في معرض”تيا” التشكيلي، وكان يحلم بأن يحب فتاة ويتزوجها كي يبني أسرة، ليأتي “الدرس الأخير” متمثلا باستشهاد صديقه خالد، الذي أهداه كتابا أوصلته له “تيا” لا يحوي سوى كلمتي”الدرس الأخير” فهل كانت هذه وصيّة خالد للسارد؟ وهل الشّهادة هي بوّابة العبور لحياة جديدة؟
لقد أبدع الكاتب في وصف حياة البؤس والحرمان في المخيم، وقدّم أكثر من لوحة وأكثر من حكاية لتنقل للقارئ هذه “التراجيديا” الانسانية. وكتب بلغة أدبية جديدة، حملت لنا فلسفة تدعو الى التفكير والتأمل والبحث عن حلول، وقد تفاوتت هذه اللوحات وهذه الحكايات بين السرد الروائي والوصف الجمالي مع مرارة المضمون، وبعضها كان أشبه ما يكون بالمذكرات، وبعض اللوحات كانت اللغة الشاعرية تتجلى فيها، وحاول ربطها بخيط رفيع لتكون رواية. لكنها في المحصلة لم تحظ بالحبكة الروائية التي تربط أجزاء الرواية…فهل هذا يأتي ضمن “تمرّد” الكتاب الشباب على المألوف؟ والجواب ربما نعم، وربما لا. مع التأكيد بأن أيس الصيفي قد كتب أدبا جيّدا.
وقالت نسب أديب حسين:
أريد من خلال قراءتي هذه التركيز على الجانب اللغوي للعمل الأدبي الأول لأيسر. يفتتح أيسر روايته بالحديث عن شخصية صديق مجهولة وغير واضحة.. فيما تدور الأحداث في المخيم. هنا نلاحظ ومع الاستهلال بالرواية أنّ لغة الكاتب قوية بليغة، لكن التقدّم في الحدث الروائي بدا بطيئا، فحركة الراوي بطيئة جدًا لديه وقفات طويلة عند كل مشهد بحيث يتيه القارئ وسط تزاحم الأفكار الفلسفية المطروحة عن الهدف الرئيسي، مما يُصعب التوغل في الكتاب.
تكثر في الكتاب الجمل التفسيرية، واتخذت الطروحات أحيانًا قالب المقال أو الخطبة السياسية كقوله (ص19): “أصبحنا أوراقًا يلعبون بها على طاولات أمسياتهم، يناقشون قضايانا وحتى عودتنا. هذه هي القضية الفلسطينية الآن؟
وهل مفاهيم الحريات وحقوق الانسان العالمية هي ترهات أيضا؟…. الخ.”
ونشهد مباشرة الطرح(ص64): (في كل مساء كانت فلسطين حاضرة، عندما تغلق الأبواب وتنطفئ الأضواء، يكبّلونها ويحكمون اغلاق فمها بقطعة بالية من قماش قذر. تصرخ في كلّ البدايات حين يلقون حقد قنابلهم فيها، يسحقونها بين أكتافهم غير مكترثين بمشاعرها، غير آبهين بآلامها.”
“ص66”: “أهكذا أصبح اللاجئون؟ لاجئون بمقدار الحبر على الورق. أأصبحنا عالة على مجتمعنا وقضيتنا الفلسطينية؟ أتحولنا الى أرقام كما في أوراق اللعب نستخدم في المؤتمرات واللقاءات الدولية كمصدر قوة ورقم صعب، وبعدها تعاد الى بيوتها الباهتة.”
ثقافة الكاتب هي سيف ذو حدّين وعلى الكاتب أن يستخدمها بصورة ناجعة لتثري الحدث الأدبي، وتزيد من عمقه من جهة، وتثقف القارئ من جهة اخرى، لذا فعلى الكاتب أن يمرّر المعلومة دون أن يثقل على القارئ بمعلوماته، فعندما تكثر المعلومات الثقافية وبأسلوب سردي يعيق هذا تقدّم الأحداث والبُنية الروائية، وهذا ما حصل في هذا الكتاب. هنا نشهد ثقافة الكاتب الواسعة والتي أرهق بها مبنى الرواية. إذ نجده يركز أحيانًا على نقاط صغيرة في تأملات بطله لينطلق منها لطرح فكره الفلسفي وثقافته، مثلما نرى في (ص21) فالراوي وعبر نظره من النافذة الى الغيوم السوداء يشير الى التناقض ما بين الخير التي تأتينا به هذه الغيوم، وما بين التشاؤم من اللون الأسود، وهنا يمضي للتحدث عن الفيلسوف هيجل ومنظومته الجدلية، ليؤكد الكاتب مرّة أخرى ثقافته بالمرور على رؤية هراقليطس بالموضوع. يغلق الراوي النافذة، ومن هنا وفي ظهور الحركة البطيئة للراوي بين فتح النافذة وإغلاقها، يبعث فكرة جديدة من التأمل ليتحدث عن الألوان ومفاهيمها وما يكاد ينتهي حتى يتساءل (كيف لنا أن ندرك في أي فصل من الفصول الأربعة نحن؟) ليتحدث عن الفايكنز وآلهة المطر.
وبين الفلاسفة والأدباء الكثر الذين أتى الكاتب على ذكرهم، نشهد تأثره الأكبر بالكاتب الشهيد غسان كنفاني، ووجدناه يقع في أسلوب تقريري عند تقديمه جزء من سيرة كنفاني “ص40”
من جانب آخر نجد أنّ لغة الكاتب القوية تستحق الاهتمام، فلديه تعابير لغوية وصور أدبية جميلة جدًا، كتلك التي في”ص73″: “كصوت الليل تهاجمني بين أحشاء الكون، تتأرجح بأنفاسك حولي كأسلوب عشيقة ليل سرية تتراقص تحت غطاء الشوق.
كظل القلم تأتي في ساعة متأخرة من الليل لتسكب كلماتك وتهرب من أول ثغرة يصادفها التثاؤب.
وتساؤله الفلسفي (ص76) (هل وجودنا لعبة نردية أخرى؟) سؤال قوي وعميق.
هنا وما بين تزاحم الأفكار والثقافة وثقل الذاكرة، جاء تفريغ أيسر محاولا نقل رسالة ومفاهيم وطنية راقية وجميلة، لكن وفيما يبدو أن تلك الكثافة التي كانت تجيش في نفسه منعته من التقيد بقالب أدبي معين.. فمضى طارحًا فكره دون المحافظة على جسد الرواية. ولكن هذا لا ينفي أننا أمام كاتب مثقف صاحب لغة قوية.
وكتب ابراهيم جوهر:
حين يكون المخيم بطلا
فاجأني الكاتب الشاب (أيسر الصيفي) بقدرته على التشويق وسوق الأحداث وكشف خبايا الشخصيات في روايته البكر (الدرس الأخير) التي تلفعت بالرمز والفلسفة وحملت مخزون كاتبها الثقافي وهو يستعرض آراء علماء وفلاسفة وأدباء.
إنه يبني عالمه وفق وعيه الخاص به ، وهو وعي استمده من واقع حياته في المخيم ومن مطالعاته الغنية في كتب الفلسفة والأدب. واستطاع إدخال القارئ معه في مغامراته وتجربته الروائية ملتزما بالتشويق الذي يأخذ بأنفاس القارئ وهو يتابع رغبة في الوصول إلى إكمال الخيوط التي بدأ الكاتب بغزلها منذ الصفحة الأولى.
إنه يبني هندسته الروائية بقدرة عالية تظهر تمكّنه من لغته وأحداثه ورؤاه. لم يسقط في فخ المباشرة رغم بعض الجمل التي جاءت على شكل تعليق أخلّ بالمبنى الفني للرواية، أو تلك الجمل والأوصاف التي كان من الواجب التخلص منها حين المراجعة النهائية للعمل قبل الدفع به إلى المطبعة.
وهذه الملاحظات لا تنتقص من الجهد الروائي للكاتب الذي أبهرني بقدرته الفنية ولغته الفلسفية المطعّمة بلغة الشعر والفكرة العميقة.
هذه رواية تتطلب قارئا واعيا لا ينتظر من كاتبه أن يقدم له وجبة جاهزة، وهي نموذج واع لأدب الشباب الفلسطيني الذي يخط طريقه وفق وعي جديد يأخذ من سلفه ويضيف إليه تجربته ورؤيته.
(الدرس الأخير) رواية تغوص في معنى الوطن وتنتصر للإنسان فيه. وهي تتمحور حول المخيم كشاهد حيّ على الوطن المظلوم السليب بناسه وازدحامه وعلاقاته.
وكتب الينا مؤلف الرواية أيسر الصيفي:
لإخوتي الأدباء في ندوة اليوم السابع
في البداية اسمحوا لي بتقديم شكري وتقديري لرواد ندوة اليوم السابع لما لهم من دور في إعلاء دور الأدب والثقافة من خلال لقاءاتهم الأسبوعية في قلب القدس .. مظلة الثقافة للمخيم والقدس الشريف والمدن الفلسطينية. واقبلوا اعتذاري لعدم مقدرتي على التواجد بينكم ،فانا ممنوع من دخول القدس لكنني لازلت احلم بها.
رواية الدّرس الأخير .. هي محاولتي الأولى  للبحث عن أجوبة لأسئلة، نمت تحت الصفيح، وعاشت على  كرت الإعاشة وعلب السردين ورمادية المخيم. هي رواية حاولت من خلالها ان أتحدث عن  ذكريات ماض عشته وأتراب جيلي في المخيم، ومستقبل تركته على الطاولة لتبقى الفكرة حية من خلال خمسة عناصر بنيت روايتي عليها وهي السجن واللجوء والفقر والحب المقتول ولوحة. وكان لي امل ان تكون هذه الرواية شهادة ميلاد لي في عالم الادب ، واليوم يمكنني ان أقول انني حققت أمنيتين:
الأولى أنني خلال 24 سنة لم أنل فرصة دخول القدس ومدنها المحتلة، وها أنا اليوم قد وصلتها ربما ليس جسداً، لكنّني أومن أن الروح والفكرة هي الأهم، وهذا ما كتبته أيضاً في نهاية روايتي ” إنّ الفكرة لا تموت ولا تنتهي بموت الجسد”. والثانية أنّني اليوم بين أدباء وروائيين ونقاد وشعراء كان لهم دور مهم في توجيه دفة قاربي الصغير في هذا الطريق الأدبي .. حيث كتابات الكاتب جميل سلحوت و ظلام النهار في رواياته، وشعر شماسنه، والقواسمي في نزوحه للقمر … ويوميات الكاتب ابراهيم جوهر إن كان حاضراً اليوم .. وغيرهم .
ولست على علم ما هو الجواب المناسب ..  إن كان هذا عملاً روائياً أو تمرداً كما وصفه الكاتب جميل سلحوت، لكنني أتفق مع محمود درويش حين قال ” كان كنفاني يعرف لماذا يكتب ولمن يكتب .. ثم بعد ذلك كيف يكتب”، وبنظري قد آن الأوان لهذا الجيل أن يتجرأ على واقعه ويكتب عمّا رآه وما عاشه وليكن متمرداً،  فان كان هنالك ظروف غير لائقة بالإنسان ولم نتمرد سنفقد شيئا فشيئا إنسانيتنا .. وأنا أرى أنّ هنالك جيلاً صاعداً يمسك بهويته ويصرخ كما فعلت في روايتي” بأن الطريق لازالت طويلة وأنفاسنا أيضا، تكفينا كي نعبر دوامات القدر بكل الاتجاهات، كي نعيد كتابة التاريخ بصدق أو نكتب تاريخا جديداً يعطي الحق للفقير بالتمرد على فقره، وللميت بوضع ما أمكنه من أحرف وصيته الأخيرة” ، وأتمنى أن أكون على صواب، لكنني أدرك  أيضاً أنهم بحاجة لتوجيهاتكم كما أنا بحاجة لها اليوم.
لن أتكلم عن رواية الدّرس الأخير وتفاصيلها، فها هي بينكم وسأدعها لكم، لكنني بحاجة لأرائكم لأنني اليوم أقف على نهاية روايتي الثانية  وقصص قصيرة.
أشكركم مرة أخرى على هذا اللقاء وأتمنى لكم الاستمرار والعطاء.

درس  أيسر الصيفي الأخير في اليوم السابع  القدس: 14-10-2013 ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني في القدس رواية “الدرس الأخير” للكاتب الشاب أيسر الصيفي ابن مخيم الدهيشة، قرب بيت لحم، والتي صدرت في حزيران 212 وتقع في 224 صفحة من الحجم المتوسط.رشا السرميطي قالت:النهاية ليست إلا بداية ما لا أكثرقراءة في رواية الدَّرس الأخير في خريف اللُّجوء للكاتب أيسر الصَّيفيالمقدِّمة:الحياة وثبةٌ واحدةٌ نحو اتِّجاه ما لا أكثر. كانت تلك الجملة من أجمل العبارات التي قطفتها أثناء تجوالي في رواية “الدرس الأخير”للشاب الأديب أيسر الصَّيفي.تحكي الرواية قصة وفاء الانسان للانسان الذي يعيش فيه، وتنظم لوحة وطن مفقود داخل الكثير من أبناء فلسطيننا. أيسر الذي يقدِّم روايته من خلال باقات لغويَّة وأدبيَّة محكمة النظم بحوار ضمَّ قلمه وكلمة صديق يحدِّثه، شعرت بأنَّ أديبنا قد حدَّث نفسه وكان وفيًّا للانسان به، إذ أبدى في طرح روايته اخلاصه للفكر الذي يملكه، ومنح كلماته حقها عندما أخرجها غراس فكر أزهارها أمليَّة المواسم في موعد مع السُّقوط الذي يملأ خريف الأحلام الفلسطينيَّة ايمانًا بشتاء من القلب، يبلِّل واقعنا الجاف القاسي، وفي ذلك كله ايذانًا بربيعٍ فكريٍ جديد حتمًا هو قادم عائد ويقاوم.العنوان: مبدع لا تكفي. أحببت اختياره كثيرًا وأرى الكاتب توَّفق في اختزال فكره بأربع كلمات: ” الدَّرس الأخير في خريف اللُّجوء”. ولا أجمل من جملنا القصيرة ذات المعاني الكبيرة العميقة.الغلاف: لوحة فنيَّة جميلة واضحة المعالم، الألوان ذات دلالة القوة والصَّلابة ودفء الحيَّويَّة التي جميعها تصلح لمحتوى الرِّوايَّة.بناء الرِّوايَّة: تدرج الكاتب في طرح ما لديه من فكر بهذه الرُّوايَّة بأسلوب بسيط مشوِّق، وقدَّم تحليله للواقع العام في مخيم الدهيشة بطريقه جذَّابة لطيفة لاترهق القارئ، وبذات الوقت ترغمه على التفاعل بذكاء كاتب يعرف أن يعزف، ومتى يغدق في اللَّحن عند الوتر الصَّعب. الأحداث والتَّسلسل الزَّماني والمكاني، البداية والمضمون النِّهاية كلها كانت نسقًا من الجمال.كأوراق الخريف أنت تتساقط بعد انتهاء موسم عطائك في الحياة لتعود من جديد في زمن آخر كأمطار الشِّتاء تفرض نفسك بقوَّة لتضع لمساتك المختلفة بين كل الفصول ترمي أوراقًا على طاولات الحياة، وتهرب مدركًا أنَّ كل أوراق الحياة ستتفتح في موسمها المناسب إن كان هنالك من بيتها الخريف.ملاحظات خاصة لامستُ اضاءاتها كقارئة:– أبدع الكاتب في دمج القارىء ومشاركته في المشهد التَّصويري الذي تكون من خلال بناء الجمل الكلامية، وقد برز ذلك في مواضع عدة خلال الرواية أذكر منها: نظر الي بابتسامه، جلس بجانبي بصمت فسؤالي المفاجىء كان بديلا عن كل التعاريف، أو ربما لأن الأسماء تخلع صفات أهميتها عند العمل والنقاش السياسي  ص 12: الكاتب يصور الصمت بأنه كائن حيّ يلتقي وروح المتحدِّث، يذهب ويحلّ.. يجلس ويقوم بوصوله يخلع الستار عن أسرار الكلمة رغم أن البعض يرى في الصمت سرًا. صدقت ان رائحة الجوع البشرية مخيفة حين يحكون الفقر زنزانه لها، صفحة (14).أصل تكوين الجمله قوي ما يكفي لأن تقال بمثل هذا المقام، يتضح بأن الكاتب له من معين الحكمة ما يروي ظمأ قارىء يحتاج لأن يتعلم درسه الأخير في خريف اللجوء لقضية ربما اختلت مواسمها.- وظَّف الكاتب العاطفة في نظم ما يفكر به العقل، بما يخدم المشهد الواقعي، حيث أضفى ذلك على النصوص نبره من دقة الضربات، وهدأ من وطأة سياط الكلمة المنتصبة على مشنقة أسطرها. ترى هل نعدم كلماتنا عندما نكتبها ونقولها أم أننا بالإفصاح عنها نقسم لها في العمر حياة. برز ذلك من خلال علاقة الكاتب بالورق، وتكرار تلك المشاعر الورقية القلم القهوة السجائر عيدان الثقاب الانتظار الطاولة والمقعد. يقول في صفحة (14)، أمسكت الورقة بهدوء كي لا أزعج الأسماء إن كانت تحويها، وكي لا أزعج الكلمات إن كانت تحمل في طياتها أحزانا. الاسم الكائن الأثر الحيّ المشهد.- الرواية مليئة بعنصري التشويق والغموض وتستدعي من القارىء التحليل في أكثر من مشهد، وقد برزت بها الصيغة التساؤلية التي تحثُّ القارىء على ايجاد الاجابة والبحث عنها إن كانت غائبة، وهنا يكمن الابداع في مصافحة المتلقي كي يتم الرواية الى آخرها. الكاتب صاحب خيال خصب ولديه من آفاق الفكر سماء واسعة بها من المعرفة ما يأتي بالكثير من الأحرار كي يقرأ عن الدرس الأخير. صفحة (17)، جمعت ما تبقى من حطام افكاري في حقيبتي، أخذت رشفقة أخرى من فنجان القهوة الذي شعر بالملل، وهنا ولد التساؤل من نفسي لنفسي عن سبب الكتابة بالصورة المعاكسة. أترى سنملّ يوما من الأقلام أم أنها ملّت من كتاباتنا الميته.- الرواية تحكي قصة واقعية وإن كانت غير ذلك فهي تميل للواقعية في وصف مشهد حقيقي، تبناه خيال الكاتب حيث تسلسل في ذكر مشهد يومي يعيشة المتأمل منا بين نوم ويقظة، اجتماع وفراق قهوة وصحيفة صارت لا تشترى، وتجوال مقفر في زوايا الإعلام الذي تم توظيفة لخدمة أفراد وليس للقضية التي تجمعهم.6. لدى الكاتب ذكاء حاد في بناء الأسئلة التي وردت في الرواية، إذ كانت بمثابة إشارات كلامية تقف بالقارىء مطولا عند الكثير من أسطرها، فمثلا صفحة (23) أين بقية الفصول من جداولها؟ ألم يكن اللجوء دليلا كافيًا على فشل المرحلة؟ الوضوح ذكي في حصر المتلقي في زاوية حضور الاجابة بلا زينة وهمية تشي بالفرح أو اقامة حلم على أنقاض الخراب. وأيضًا متى سنلتقي؟ متى قد نعود؟.- الرواية تمثل أكثر من رواية أدبية بليغة الصنع، وبالبناء اللغوي وإن ما بها من الرسالة ما استخدمه الكاتب وعبر عنه لأنه الأقوى، إن الرواية درس لمن يرغب بأن يتعلم ويدخر من عمره وشبابة دمه وفكره لأجل إعمار هذا الوطن الجريح.- الجانب الانساني عال في مشهد الرواية، إذ أن المخيم الذي ينظر له العديد منا نظرة بعيدة عن الواقع يمثل جزء من عصارة النضال، فمن ترك أرضه مرغمًا، ومن طرد منها ونجا حيًا ليصير من أهل الخيام هو الشاهد على الحكاية منذ بدايتها، وهو أنقى من متفرج بقي في برجوازيته وحقق تعليمه، وزاد في ثروته، وتكافأ من قائد الفساد بأن ينصب في أعالي المراكز المجتمعية، صدق الكاتب عندما قال: المخيم هو الصعود على هاوية الجرح الفلسطيني صفحة 35- ارتباط الكاتب في الأرض وبمفهوم الوطن، وقد تبين ذلك في كثير من زوايا الرواية أذكر منها صفحة (95) عندما عرَّف الوطن: الوطن هو صومعة لا يلمس تفاصيلها الثقافية أو الاجتماعية وغيرها إلا الانسان الوطني.- الرواية تقدم درسًا في العمر، وتحكي حلم شعب ما زال رغم بؤس المشهد يقاوم ويحمي حقه بأن يحلم، ويحلم ما دام في جسده وقلمة تدفق الحياة.- الكاتب كان وفيا لما كتب عنه وفاءه كما اشراقة الشمس لمن كتبت لهم تلك الأسطر الدروس المستخلصة من تجربة حياة، وما كانت إلا وفاء للدرس الأخير ألا وهو البداية لدروس جديدة قادمة من نبض الكاتب.تعبيرات جمالية غنية بعمق وحكمة برزت لدى الكاتب:-ص15 فما نفع الثقافة ان لم تستعمل في فتح نوافذ الغموض للآخرين، ص37 أهي الصدفة أن تلتقي تحت ظل من نحب، ص41 السجون ليست سوى أرض معركة أخرى، ص 58 فما أقصر ربيع الأعمار معك، وما أطول خريفها من دونك، ص 66 المخيم هو القلب النابض لكل دماء الفدائيين من كل المناطق، ص67 لاجئو الفكرة والحدث لاجئون بمقدار الحبر على الورق، ص 81 الصدف لقاءات بين فوضى قصاصات لحياة، ص 83 التعليم هو السلاح المتبقي بين أيدي حفاة الأقدام، ص88 ما أسهل أن تزيل غبار ذاكرتك بثوان، وما أصعب أن تكتسي بغبار الزمن، ص93 لماذا يحمل طفل لم يتجاوز الثانية عشر من عمره بندقية بلاستيكية بدلا من كرة الاحلام، ص 158 النهاية ليست إلا بداية ما لا أكثر، ص211 الحياة وثبة واحدة نحو اتجاه ما لا اكثر، ص 206 الصمت البرتقالي عندما نصطدم بجنة أفكارنا. هنا يشعر القارىء بجمالية ودفء التعبير لم يخطر على بالي يوما أن ألوِّن الصَّمت، فإن كنا سنحلِّل دلالة اختياره اللَّون البرتقالي في منظومة علم التكوين اللَّوني: الوفاء المحبَّة الأخويَّة الصِّدق الاخلاص، هو لون الدِّفء كما الصَّمت تمامًا له دفء عندما  يكون لأجل من نحبُّ وكم من عذوبة الأفكار أشعلتها لنا شموعًا وضَّاءة يا أيسر.وقال راتب حمد:.                                                                                               أيسر الصيفي يؤكد أن الدرس الأخير لم ينته بعد                                                         أدخلنا أيسر في روايته الى متاهات أدبية، فقد كان معنيا منذ بداية الرواية أن يكتب ويضمن الرواية كل شيء، وقد ظهر هذا واضحا من خلال اللوحات الكثيرة والمتكررة في بعض المرات، ليظهر كل ما يعانيه أهلنا في المخيمات، ولكنه لم ينس أن يقول بأن الامل موجود، فبجانب الألم حب وتضحية عطاء وحرمان، كل ذلك من أجل ان يظهر قيمة الوطن ومقدرة الشباب على التضحية ما انفكوا يعملون ويخططون وينفذون، وقد استشهد بروايته بالكثير من أقوال كبار الكتاب العالميين أمثال مكسيم غوركي “ان سرّ شقاء العالم هو أن الرجال الأحرار والمفكرين قليلون “ص 13  وكذلك حين قال “ان أكثر الناس مزاحا يكونون أكثرهم عذابا “ص 122  وكأني بالكاتب يريد أن يستعرض فلسفته وثقافته التي تظهر واضحة     من خلال التنقل بين سطور الرواية يقول: “يا رجل الصمت بصمتك، تنصب خيمتك بسرعة لتضم تحتها كل المفقودين وتهرب، فالفقر خيمة تضم كل الغرباء “ص 14 . ويمضي متسائلا” فما نفع الثقافة ان لم تستعمل في فتح نوافذ الغموض للآخرين ، لا أعرف وكأني بالكاتب يريد أن يجمع حطام أفكاره في حقيبة وا حدة من خلال طرحه لمواضيع كثيرة بالرواية وهو القائد هنا يريد أن يوزع الأدوار على من حوله، بحيث أنه لم ينس فئة من الفئات فقد تحدث عن الأطفال وثورتهم واستعدادهم للدفاع عن المخيم، وتحدث عن الكبار الذين ما زالوا يحلمون بالعودة، وقد أظهر هذه المعاناة بصور جميلة رائعة، وتحدث عن العلاقة بالدول الغربية، وكيف أننا أصبحنا نستشير الدول الغربية قي شكلنا وأفكارنا واقتصادنا، بحيث أن الدول الغربية أصبحت تدرك أوجاعنا اكثر منا. تحدث عن المواثيق والقرارات والمؤتمرات العامية كيف أصبحت كالأبواق تتحدث عن الحقوق الثابتة لنا وعند التطبيق تصبح كالسراب .تحدث عن غسان كنفاني وأدبه، وعن الرمزية التى أبدع فيها، وتحدث عن مدينة أفلاطون الفاضلة، وعن العالم باسيولي من خلال لعبة الحظ، وتحدث واستشهد باقوال مكسيم غوركي . ولكن كاتبنا عرف جيدا اتجاه البوصلة في النصف الثاني من الرواية، وركّز باتجاه واحد بعد ان أضاعنا في البداية، وعندها فقط بدـت شخوص الرواية تتضح ليأخذ بالقارىء ويشده أن يتابع مع لوحات جميلة مرسومة بريشة تيا، ونضال  وسامر وجهاد… صورحقيقية لما يدور في واقع الحياة الفلسطينية في المخيم وغيره من استشهاد {خالد] واعتقال [تيا ] وسامر ومطاردة {نضال} ليبقي الصراع مفتوحا وكأنه يريد أن يقول أن الدرس ما زال مستمرا.
وقال جميل السلحوت: في الواقع أنّني وقفت مشدوها أمام هذا النّصّ، وتحت أيّ صنف أدبي يمكن تصنيفه؟ وهل هو رواية حقا؟ وإذا كان كذلك فأين الحبكة الروائية؟ خصوصا وأنّ الكتاب احتوى لوحات أدبية جميلة، لكنها كانت متباعدة في شكلها الفنيّ، وفي بنائها “الروائي” وكأنّي بالكاتب الشاب كان معنيا بحشو معاناة أبناء شعبنا في مخيمات اللجوء، بين دفّتي كتاب، يسجل فيه البؤس والحرمان والطفولة الذّبيحة، والمقاومة والنضال والشّهادة والعوز والفقر والبطالة، والبيوت الضيقة والبسيطة والشوارع الملأى بالقاذورات، والطموح والأمل والذكريات عن الدّيار التي شُرّدوا منها، وما يورثه الآباء للأبناء عن وطن ضاع في حقبة ضياع أمّة وشعب. ويتطرّق للمثقفين ودورهم وما يُعوّل عليهم مستشهدا بالكثير من أقوال الفلاسفة والمفكرين والمثقفين الإيجابيين وغيرهم، انه يطرح لنا فلسفة الحياة في المخيم.ويعطي جزءا من النّصّ لمرحلة الانتفاضتين الأولى والثانية وما بينهما، وما حدث فيهما من استشهاد أطفال في عمر الورود، وزجّ آخرين منهم في غياهب السجون، وتوجّه بعضهم الى الكتب بحثا عن حقيقة ما جرى ويجري، وتأثّر بعضهم بمن سبقوهم وكان لهم دور نضاليّ، والانكباب على مؤلفات مناضلين بارزين أمثال الشهيد غسان كنفاني لتكون منهلا يشربون من نهره ماء الحرية، ومع كلّ الضباب الذي يغلف المرحلة، والحيرة التي تكتنف حياة الشباب الذي يحلم بالحرّية وبالعودة، ومع قسوة الحياة إلّا أنهم يؤمنون بأن” هناك على هذه الأرض ما يستحق الحياة” فهم يبحثون عن ملجأ للسّعادة حتى وإن لم يكن آمنا. فمثلا الراوي كانت سعادته في البحث عن الحقيقة بين صفحات الكتب، ووجد متعة في مشاهدة لوحات تشكيلية مثلما حصل في معرض”تيا” التشكيلي، وكان يحلم بأن يحب فتاة ويتزوجها كي يبني أسرة، ليأتي “الدرس الأخير” متمثلا باستشهاد صديقه خالد، الذي أهداه كتابا أوصلته له “تيا” لا يحوي سوى كلمتي”الدرس الأخير” فهل كانت هذه وصيّة خالد للسارد؟ وهل الشّهادة هي بوّابة العبور لحياة جديدة؟لقد أبدع الكاتب في وصف حياة البؤس والحرمان في المخيم، وقدّم أكثر من لوحة وأكثر من حكاية لتنقل للقارئ هذه “التراجيديا” الانسانية. وكتب بلغة أدبية جديدة، حملت لنا فلسفة تدعو الى التفكير والتأمل والبحث عن حلول، وقد تفاوتت هذه اللوحات وهذه الحكايات بين السرد الروائي والوصف الجمالي مع مرارة المضمون، وبعضها كان أشبه ما يكون بالمذكرات، وبعض اللوحات كانت اللغة الشاعرية تتجلى فيها، وحاول ربطها بخيط رفيع لتكون رواية. لكنها في المحصلة لم تحظ بالحبكة الروائية التي تربط أجزاء الرواية…فهل هذا يأتي ضمن “تمرّد” الكتاب الشباب على المألوف؟ والجواب ربما نعم، وربما لا. مع التأكيد بأن أيس الصيفي قد كتب أدبا جيّدا.وقالت نسب أديب حسين:أريد من خلال قراءتي هذه التركيز على الجانب اللغوي للعمل الأدبي الأول لأيسر. يفتتح أيسر روايته بالحديث عن شخصية صديق مجهولة وغير واضحة.. فيما تدور الأحداث في المخيم. هنا نلاحظ ومع الاستهلال بالرواية أنّ لغة الكاتب قوية بليغة، لكن التقدّم في الحدث الروائي بدا بطيئا، فحركة الراوي بطيئة جدًا لديه وقفات طويلة عند كل مشهد بحيث يتيه القارئ وسط تزاحم الأفكار الفلسفية المطروحة عن الهدف الرئيسي، مما يُصعب التوغل في الكتاب. تكثر في الكتاب الجمل التفسيرية، واتخذت الطروحات أحيانًا قالب المقال أو الخطبة السياسية كقوله (ص19): “أصبحنا أوراقًا يلعبون بها على طاولات أمسياتهم، يناقشون قضايانا وحتى عودتنا. هذه هي القضية الفلسطينية الآن؟ وهل مفاهيم الحريات وحقوق الانسان العالمية هي ترهات أيضا؟…. الخ.”ونشهد مباشرة الطرح(ص64): (في كل مساء كانت فلسطين حاضرة، عندما تغلق الأبواب وتنطفئ الأضواء، يكبّلونها ويحكمون اغلاق فمها بقطعة بالية من قماش قذر. تصرخ في كلّ البدايات حين يلقون حقد قنابلهم فيها، يسحقونها بين أكتافهم غير مكترثين بمشاعرها، غير آبهين بآلامها.””ص66”: “أهكذا أصبح اللاجئون؟ لاجئون بمقدار الحبر على الورق. أأصبحنا عالة على مجتمعنا وقضيتنا الفلسطينية؟ أتحولنا الى أرقام كما في أوراق اللعب نستخدم في المؤتمرات واللقاءات الدولية كمصدر قوة ورقم صعب، وبعدها تعاد الى بيوتها الباهتة.”ثقافة الكاتب هي سيف ذو حدّين وعلى الكاتب أن يستخدمها بصورة ناجعة لتثري الحدث الأدبي، وتزيد من عمقه من جهة، وتثقف القارئ من جهة اخرى، لذا فعلى الكاتب أن يمرّر المعلومة دون أن يثقل على القارئ بمعلوماته، فعندما تكثر المعلومات الثقافية وبأسلوب سردي يعيق هذا تقدّم الأحداث والبُنية الروائية، وهذا ما حصل في هذا الكتاب. هنا نشهد ثقافة الكاتب الواسعة والتي أرهق بها مبنى الرواية. إذ نجده يركز أحيانًا على نقاط صغيرة في تأملات بطله لينطلق منها لطرح فكره الفلسفي وثقافته، مثلما نرى في (ص21) فالراوي وعبر نظره من النافذة الى الغيوم السوداء يشير الى التناقض ما بين الخير التي تأتينا به هذه الغيوم، وما بين التشاؤم من اللون الأسود، وهنا يمضي للتحدث عن الفيلسوف هيجل ومنظومته الجدلية، ليؤكد الكاتب مرّة أخرى ثقافته بالمرور على رؤية هراقليطس بالموضوع. يغلق الراوي النافذة، ومن هنا وفي ظهور الحركة البطيئة للراوي بين فتح النافذة وإغلاقها، يبعث فكرة جديدة من التأمل ليتحدث عن الألوان ومفاهيمها وما يكاد ينتهي حتى يتساءل (كيف لنا أن ندرك في أي فصل من الفصول الأربعة نحن؟) ليتحدث عن الفايكنز وآلهة المطر. وبين الفلاسفة والأدباء الكثر الذين أتى الكاتب على ذكرهم، نشهد تأثره الأكبر بالكاتب الشهيد غسان كنفاني، ووجدناه يقع في أسلوب تقريري عند تقديمه جزء من سيرة كنفاني “ص40″ من جانب آخر نجد أنّ لغة الكاتب القوية تستحق الاهتمام، فلديه تعابير لغوية وصور أدبية جميلة جدًا، كتلك التي في”ص73”: “كصوت الليل تهاجمني بين أحشاء الكون، تتأرجح بأنفاسك حولي كأسلوب عشيقة ليل سرية تتراقص تحت غطاء الشوق.كظل القلم تأتي في ساعة متأخرة من الليل لتسكب كلماتك وتهرب من أول ثغرة يصادفها التثاؤب. وتساؤله الفلسفي (ص76) (هل وجودنا لعبة نردية أخرى؟) سؤال قوي وعميق. هنا وما بين تزاحم الأفكار والثقافة وثقل الذاكرة، جاء تفريغ أيسر محاولا نقل رسالة ومفاهيم وطنية راقية وجميلة، لكن وفيما يبدو أن تلك الكثافة التي كانت تجيش في نفسه منعته من التقيد بقالب أدبي معين.. فمضى طارحًا فكره دون المحافظة على جسد الرواية. ولكن هذا لا ينفي أننا أمام كاتب مثقف صاحب لغة قوية.وكتب ابراهيم جوهر:حين يكون المخيم بطلافاجأني الكاتب الشاب (أيسر الصيفي) بقدرته على التشويق وسوق الأحداث وكشف خبايا الشخصيات في روايته البكر (الدرس الأخير) التي تلفعت بالرمز والفلسفة وحملت مخزون كاتبها الثقافي وهو يستعرض آراء علماء وفلاسفة وأدباء. إنه يبني عالمه وفق وعيه الخاص به ، وهو وعي استمده من واقع حياته في المخيم ومن مطالعاته الغنية في كتب الفلسفة والأدب. واستطاع إدخال القارئ معه في مغامراته وتجربته الروائية ملتزما بالتشويق الذي يأخذ بأنفاس القارئ وهو يتابع رغبة في الوصول إلى إكمال الخيوط التي بدأ الكاتب بغزلها منذ الصفحة الأولى.إنه يبني هندسته الروائية بقدرة عالية تظهر تمكّنه من لغته وأحداثه ورؤاه. لم يسقط في فخ المباشرة رغم بعض الجمل التي جاءت على شكل تعليق أخلّ بالمبنى الفني للرواية، أو تلك الجمل والأوصاف التي كان من الواجب التخلص منها حين المراجعة النهائية للعمل قبل الدفع به إلى المطبعة.وهذه الملاحظات لا تنتقص من الجهد الروائي للكاتب الذي أبهرني بقدرته الفنية ولغته الفلسفية المطعّمة بلغة الشعر والفكرة العميقة.هذه رواية تتطلب قارئا واعيا لا ينتظر من كاتبه أن يقدم له وجبة جاهزة، وهي نموذج واع لأدب الشباب الفلسطيني الذي يخط طريقه وفق وعي جديد يأخذ من سلفه ويضيف إليه تجربته ورؤيته.(الدرس الأخير) رواية تغوص في معنى الوطن وتنتصر للإنسان فيه. وهي تتمحور حول المخيم كشاهد حيّ على الوطن المظلوم السليب بناسه وازدحامه وعلاقاته.وكتب الينا مؤلف الرواية أيسر الصيفي:لإخوتي الأدباء في ندوة اليوم السابعفي البداية اسمحوا لي بتقديم شكري وتقديري لرواد ندوة اليوم السابع لما لهم من دور في إعلاء دور الأدب والثقافة من خلال لقاءاتهم الأسبوعية في قلب القدس .. مظلة الثقافة للمخيم والقدس الشريف والمدن الفلسطينية. واقبلوا اعتذاري لعدم مقدرتي على التواجد بينكم ،فانا ممنوع من دخول القدس لكنني لازلت احلم بها.رواية الدّرس الأخير .. هي محاولتي الأولى  للبحث عن أجوبة لأسئلة، نمت تحت الصفيح، وعاشت على  كرت الإعاشة وعلب السردين ورمادية المخيم. هي رواية حاولت من خلالها ان أتحدث عن  ذكريات ماض عشته وأتراب جيلي في المخيم، ومستقبل تركته على الطاولة لتبقى الفكرة حية من خلال خمسة عناصر بنيت روايتي عليها وهي السجن واللجوء والفقر والحب المقتول ولوحة. وكان لي امل ان تكون هذه الرواية شهادة ميلاد لي في عالم الادب ، واليوم يمكنني ان أقول انني حققت أمنيتين:الأولى أنني خلال 24 سنة لم أنل فرصة دخول القدس ومدنها المحتلة، وها أنا اليوم قد وصلتها ربما ليس جسداً، لكنّني أومن أن الروح والفكرة هي الأهم، وهذا ما كتبته أيضاً في نهاية روايتي ” إنّ الفكرة لا تموت ولا تنتهي بموت الجسد”. والثانية أنّني اليوم بين أدباء وروائيين ونقاد وشعراء كان لهم دور مهم في توجيه دفة قاربي الصغير في هذا الطريق الأدبي .. حيث كتابات الكاتب جميل سلحوت و ظلام النهار في رواياته، وشعر شماسنه، والقواسمي في نزوحه للقمر … ويوميات الكاتب ابراهيم جوهر إن كان حاضراً اليوم .. وغيرهم .ولست على علم ما هو الجواب المناسب ..  إن كان هذا عملاً روائياً أو تمرداً كما وصفه الكاتب جميل سلحوت، لكنني أتفق مع محمود درويش حين قال ” كان كنفاني يعرف لماذا يكتب ولمن يكتب .. ثم بعد ذلك كيف يكتب”، وبنظري قد آن الأوان لهذا الجيل أن يتجرأ على واقعه ويكتب عمّا رآه وما عاشه وليكن متمرداً،  فان كان هنالك ظروف غير لائقة بالإنسان ولم نتمرد سنفقد شيئا فشيئا إنسانيتنا .. وأنا أرى أنّ هنالك جيلاً صاعداً يمسك بهويته ويصرخ كما فعلت في روايتي” بأن الطريق لازالت طويلة وأنفاسنا أيضا، تكفينا كي نعبر دوامات القدر بكل الاتجاهات، كي نعيد كتابة التاريخ بصدق أو نكتب تاريخا جديداً يعطي الحق للفقير بالتمرد على فقره، وللميت بوضع ما أمكنه من أحرف وصيته الأخيرة” ، وأتمنى أن أكون على صواب، لكنني أدرك  أيضاً أنهم بحاجة لتوجيهاتكم كما أنا بحاجة لها اليوم.لن أتكلم عن رواية الدّرس الأخير وتفاصيلها، فها هي بينكم وسأدعها لكم، لكنني بحاجة لأرائكم لأنني اليوم أقف على نهاية روايتي الثانية  وقصص قصيرة.أشكركم مرة أخرى على هذا اللقاء وأتمنى لكم الاستمرار والعطاء.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات