بدون مؤاخذة- التنسيق الأمني

ب
حكومة نتنياهو- لبرمان لم تنه اتفاقات أوسلو وعملية المفاوضات مع السلطة الفلسطينية فحسب، بل نكلت بها وشوهتها وأماتتها تحت التعذيب البطيء، على مرأى ومسمع اللجنة الرباعية والدول الكبرى ذات التأثير في الساحة الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تتساوق بل وتدعم السياسات الاسرائيلية كلها حتى دون تفكير بالنتائج المترتبة عليها، بل بالعكس فانها تعاقب السلطة الفلسطينية وتجند الأنظمة العربية لتشاركها في تنفيذ العقوبات من أجل إجبار السلطة على تنفيذ حماقات سياسة الحكومة الاسرائيلية التي لن تجلب أيّ سلام تقبل به شعوب المنطقة، والحصار المالي المفروض على السلطة الفلسطينية والذي تشارك فيه دول عربية دليل على ذلك.
فحكومة نتنياهو تسابق الزمن من أجل فرض واقع استيطاني في الأراضي المحتلة يمزق الضفة الغربية الى كانتونات متباعدة ومحاصرة، وقد نجحت في ذلك مما جعل مشروع حلّ الدولتين أمرا مستحيلا، وما يصاحب ذلك من دعوتها للاعتراف باسرائيل كدولة يهودية، وهذا الطرح يعني أن إمكانية حلّ الدولة الواحدة أمر مستبعد أيضا لأنها ستكون دولة ثنائية القومية، وهذا يطرح السؤال حول ماهية الحلول القادمة؟
ففي أحسن الأحوال فان الحلّ الذي ترتئيه حكومة نتنياهو وأحزاب التطرف اليميني المشاركة فيها هي إدارة مدنية على السكان دون الأرض، مع استثناء القدس العربية المحتلة والأراضي الواقعة ما بين جدار التوسع الاسرائيلي والخط الأخضر من ذلك، أو افتعال حروب قادمة لتهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين المتشبثين بديارهم تحقيقا ليهودية الدولة.
الموقف من الرئيس عباس: والمقصود هنا هو الموقف الاسرائيلي الرسمي، ويلاحظ هنا أن الحكومة الاسرائيلية تريد الخلاص من الرئيس الفلسطيني المنتخب محمود عباس”أبو مازن” تماما مثلما تخلصت من الرئيس السابق ياسر عرفات وإن بطرق مختلفة، وتصريحات لبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي العلنية تقول ذلك صراحة، والسبب هو الحراك الدبلوماسي للرئيس عباس وحكومته، وخصوصا طرح موضوع اقامة الدولة الفلسطينية-غير كاملة العضوية- على الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا يذكر بطروحات اسرائيل الرسمية عندما تخلصت من الرئيس الراحل ياسر عرفات بحجة أنه لم يتخلّ عن سياسة”العنف” في سعيه لتحقيق حقوق شعبه، لكن الأمر مختلف مع الرئيس محمود عباس الذي لم يؤمن يوما بأن المقاومة المسلحة هي الطريق لتحقيق الشعب الفلسطيني لمصيره واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، والموقف الاسرائيلي الرسمي من الرئيس عباس يؤكد من جديد أنه لا يوجد شريك اسرائيلي مستعد لتحقيق سلام عادل ودائم ترضى به دول وشعوب المنطقة وتحافظ عليه، ويقوم على تطبيق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، لأن السياسة الاسرائيلية قائمة على التوسع واحتلال أرض الغير….لكن تهديد حياة الرئيس الفلسطيني المنتخب باتت أمرا جديا يستدعي الانتباه له والعمل على تجنيد الرأي العام المحلي والعربي والدولي لمنع تحقيقه.
التنسيق الأمني: هناك اتفاقات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، والسلطة الفلسطينية ملتزمة بتطبيق المطلوب منها في هذه الاتفاقات ومنها التنسيق الأمني، وهي بهذا تمنع أي مقاومة غير سلمية للانتهاكات الاسرائيلية، لكن الحكومة الاسرائيلية لا تفي بالتزاماتها بهذا الخصوص، فاستمرار مصادرة الأرض الفلسطينية والبناء الاستيطاني عليها هو سياسة رسمية تنفذ على رؤوس الأشهاد، لكن الأمر لا يتوقف عند هذه الحدود بل يتعداها الى انفلات المستوطنين المسلحين وبحماية الجيش الاسرائيلي وأذرع الأمن الاسرائيلية المختلفة، حيث يقومون بالاعتداء على المواطنين الفلسطينيين بأشكال شتى، مما يهدد حياتهم، ويعتدون على دور العبادة ويدنسونها ويحرقون بعضها، كما يقومون بقطع وحرق الأشجار المثمرة، وفي مقدمتها أشجار الزيتون، وفي أماكن مختلفة، ووصلوا الى حد السّعار هذه الأيام-موسم قطف ثمار الزيتون- حيث يحرقون الأشجار ويسرقون ثمارها ويمنعون أصحابها من قطف ثمارها وتحت حراسة الجيش الاسرائيلي، مما يطرح السؤال حول التنسيق الأمني؟ وهل هو من جانب واحد أو من طرفي المعادلة؟ وهل ترى اسرائيل في السلطة الفلسطينية شريكا في العملية التفاوضية أم تريدها كما كان يسمى جيش جنوب لبنان العميل أثناء احتلال اسرائيل للجنوب اللبناني قبل انسحابها منه؟
14-10-2012

جميل السلحوت:
بدون مؤاخذة-التنسيق الأمني
حكومة نتنياهو- لبرمان لم تنه اتفاقات أوسلو وعملية المفاوضات مع السلطة الفلسطينية فحسب، بل نكلت بها وشوهتها وأماتتها تحت التعذيب البطيء، على مرأى ومسمع اللجنة الرباعية والدول الكبرى ذات التأثير في الساحة الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي تتساوق بل وتدعم السياسات الاسرائيلية كلها حتى دون تفكير بالنتائج المترتبة عليها، بل بالعكس فانها تعاقب السلطة الفلسطينية وتجند الأنظمة العربية لتشاركها في تنفيذ العقوبات من أجل إجبار السلطة على تنفيذ حماقات سياسة الحكومة الاسرائيلية التي لن تجلب أيّ سلام تقبل به شعوب المنطقة، والحصار المالي المفروض على السلطة الفلسطينية والذي تشارك فيه دول عربية دليل على ذلك.
فحكومة نتنياهو تسابق الزمن من أجل فرض واقع استيطاني في الأراضي المحتلة يمزق الضفة الغربية الى كانتونات متباعدة ومحاصرة، وقد نجحت في ذلك مما جعل مشروع حلّ الدولتين أمرا مستحيلا، وما يصاحب ذلك من دعوتها للاعتراف باسرائيل كدولة يهودية، وهذا الطرح يعني أن إمكانية حلّ الدولة الواحدة أمر مستبعد أيضا لأنها ستكون دولة ثنائية القومية، وهذا يطرح السؤال حول ماهية الحلول القادمة؟
ففي أحسن الأحوال فان الحلّ الذي ترتئيه حكومة نتنياهو وأحزاب التطرف اليميني المشاركة فيها هي إدارة مدنية على السكان دون الأرض، مع استثناء القدس العربية المحتلة والأراضي الواقعة ما بين جدار التوسع الاسرائيلي والخط الأخضر من ذلك، أو افتعال حروب قادمة لتهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين المتشبثين بديارهم تحقيقا ليهودية الدولة.
الموقف من الرئيس عباس: والمقصود هنا هو الموقف الاسرائيلي الرسمي، ويلاحظ هنا أن الحكومة الاسرائيلية تريد الخلاص من الرئيس الفلسطيني المنتخب محمود عباس”أبو مازن” تماما مثلما تخلصت من الرئيس السابق ياسر عرفات وإن بطرق مختلفة، وتصريحات لبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي العلنية تقول ذلك صراحة، والسبب هو الحراك الدبلوماسي للرئيس عباس وحكومته، وخصوصا طرح موضوع اقامة الدولة الفلسطينية-غير كاملة العضوية- على الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا يذكر بطروحات اسرائيل الرسمية عندما تخلصت من الرئيس الراحل ياسر عرفات بحجة أنه لم يتخلّ عن سياسة”العنف” في سعيه لتحقيق حقوق شعبه، لكن الأمر مختلف مع الرئيس محمود عباس الذي لم يؤمن يوما بأن المقاومة المسلحة هي الطريق لتحقيق الشعب الفلسطيني لمصيره واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، والموقف الاسرائيلي الرسمي من الرئيس عباس يؤكد من جديد أنه لا يوجد شريك اسرائيلي مستعد لتحقيق سلام عادل ودائم ترضى به دول وشعوب المنطقة وتحافظ عليه، ويقوم على تطبيق قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، لأن السياسة الاسرائيلية قائمة على التوسع واحتلال أرض الغير….لكن تهديد حياة الرئيس الفلسطيني المنتخب باتت أمرا جديا يستدعي الانتباه له والعمل على تجنيد الرأي العام المحلي والعربي والدولي لمنع تحقيقه.
التنسيق الأمني: هناك اتفاقات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الاسرائيلية، والسلطة الفلسطينية ملتزمة بتطبيق المطلوب منها في هذه الاتفاقات ومنها التنسيق الأمني، وهي بهذا تمنع أي مقاومة غير سلمية للانتهاكات الاسرائيلية، لكن الحكومة الاسرائيلية لا تفي بالتزاماتها بهذا الخصوص، فاستمرار مصادرة الأرض الفلسطينية والبناء الاستيطاني عليها هو سياسة رسمية تنفذ على رؤوس الأشهاد، لكن الأمر لا يتوقف عند هذه الحدود بل يتعداها الى انفلات المستوطنين المسلحين وبحماية الجيش الاسرائيلي وأذرع الأمن الاسرائيلية المختلفة، حيث يقومون بالاعتداء على المواطنين الفلسطينيين بأشكال شتى، مما يهدد حياتهم، ويعتدون على دور العبادة ويدنسونها ويحرقون بعضها، كما يقومون بقطع وحرق الأشجار المثمرة، وفي مقدمتها أشجار الزيتون، وفي أماكن مختلفة، ووصلوا الى حد السّعار هذه الأيام-موسم قطف ثمار الزيتون- حيث يحرقون الأشجار ويسرقون ثمارها ويمنعون أصحابها من قطف ثمارها وتحت حراسة الجيش الاسرائيلي، مما يطرح السؤال حول التنسيق الأمني؟ وهل هو من جانب واحد أو من طرفي المعادلة؟ وهل ترى اسرائيل في السلطة الفلسطينية شريكا في العملية التفاوضية أم تريدها كما كان يسمى جيش جنوب لبنان العميل أثناء احتلال اسرائيل للجنوب اللبناني قبل انسحابها منه؟
14-10-2012

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات