امتحان: عندما أحرقوا المسجد لأقصى في 21 اغسطس 1969 قالت غولدة مائير رئيسة الحكومة الإسرائيلية وقتئذ:” لم أنم تلك الليلة، فقد خشيت أن يهاجمنا العرب من كلّ حدب وصوب”، فهل كان هذا أوّل اختبار لردود فعل القيادات العربيّة والإسلاميّة بخصوص المسجد الأقصى؟
منظّمة العالم الإسلامي: وكانت تعرف باسم المؤتمر الإسلامي، حيث اجتمع القادة العرب والمسلمون في مدينة الرّباط المغربيّة، بعد حرق المسجد الأقصى في 21-8-1969. وبالتّأكيد فإنّ كلّ كلمة قيلت في ذلك المؤتمر كانت تصل إلى اسرائيل أوّلا بأوّل، فالتّنسيق مع الموساد الإسرائيلي كان ولا يزال قائما.
حلفاؤنا وأعداؤنا: من يتابع تاريخ غالبيّة الأنظمة العربيّة سيجد أنّها صناعة بريطانيّة أمريكيّة -اسرائيليّة بامتياز، وما هم سوى حرّاس لمصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة، وبغضّ النّظر عن الأنظمة التي ساهمت في قيام اسرائيل، إلّا أنّ بريطانيا التي أقامت اسرائيل، وفرنسا التي زوّدت اسرائيل بالمفاعل النّووي ومختلف أنواع الأسلحة، ومن بعدهما أمريكا التي تدعم اسرائيل على مختلف الأصعدة بقيت الحليف الأوّل للأنظمة العربيّة. أمّا الدّول التي كانت تساند القضايا العربيّة فقد ناصبتها الأنظة العربيّة العداء.
الاحتلال والقانون الدّوليّ: “صديقتنا أمريكا” جُنّ جنونها منذ الحرب الرّوسيّة على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، فجنّدت كل إمكانيّاتها وأتباعها في أوروبّا وحلف النّاتو لمحاربة روسيا عسكريّا واقتصاديّا وعلميّا وتجاريّا…إلخ”لتحرير أوكرانيا من الاحتلال الرّوسيّ”، وضخّوا مئات مليارات الدّولارات، وأحدث ما لديهم من ترسانة عسكريّة، خدمة”للقانون الدّوليّ”! لكنّها في الوقت نفسه كانت ولا تزال تدعم اسرائيل عسكريّا واقتصاديّا وتوفّر لها الحماية في المحافل الدّوليّة لمواصلة احتلالها واستيطانها للأراضي العربيّة المحتلة، وأنظمتنا العربيّة تتفهّم هذه الإزدواجيّة في المعايير وما عادت تشجب وتستنكر.
تقسيم الأقصى زمانيّا: المشروع الصّهيونيّ مشروع طويل المدى، ولم تتوقّف مخطّطاتهم لهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم مكانه يوما واحدا، أو تقسيمه مكانيّا في أحسن الأحوال، فعدا عن الحفريات التي تنخر أساساته، فقد جرى إشعال النّيران فيه، في اغسطس 1969، وتواصلت الإعتداءات عليه، وارتكاب المجازر فيه كما حصل في اكتوبر 1990، ثمّ السّماح للمتطرّفين اليهود بدخوله وتدنيسه، ليصدر قرار من بلدية الاحتلال يعتبر ساحات المسجد الأقصى حدائق عامّة! ثمّ السّماح للمتطرّفين اليهود بآداء الصلوات التلموديّة فيه.
هامان وفرعون: لم يكتف المحتلون بإغلاق القدس منذ نهاية مارس 1993، أمام أبناء الأراضي المحتلة عام 1967، ومنعهم من تأدية الصّلوات في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، بل قاموا عام 2017 بنصب بوّابات إلكترونيّة على مداخل المسجد الأقصى، واضطروا لإزالتها عندما خرج المقدسيّون وفلسطينيّو الدّاخل الفلسطينيّ بقضّهم وقضيضهم دفاعا عن معتقداتهم ومقدّساتهم.
السّفارة الأمريكيّة: في 6 ديسمبر نقلت إدارة الرّئيس الأمريكي ترامب السذفارة الأمريكيّة من تل أبيب إلى القدس، وبهذا فإنّ الإدارة الأمريكيّة اعتبرت القدس جزءا من اسرائيل.
السّلام الإبراهيمي: تسابقت منذ سبتمبر 2020 ثلاث دول عربيّة “الإمارات، البحرين والمغرب” لتطبيع العلاقات العلنيّ المجّاني مع اسرائيل، واعتبروا ذلك لمصلحة الشّعب الفلسطينيّ والسّلام في المنطقة! فهل يدرك قادتهم أنّ “اتّفاقات أبراهام” تعني” السّلام بين أبناء أبي الأنبياء ابراهيم السّادة من زوجته سارة، والعبيد من جاريته هاجر”؟ ويلهث قادة الانقلاب العسكري في السّودان لزيارة اسرائيل والتّطبيع معها، لكنّ اسرائيل ليست في عجلة من أمرها. خصوصا وأنّ الغالبيّة العظمى من الأنظمة العربيّة تطبّع مع اسرائيل، وتتعاون معها استخباراتيّا وعسكريّا.
البقرات الحمراء: قبل أيّام قليلة وصلت اسرائيل من ولاية تكساس الأمريكيّة خمس بقرات حمراء فاقع لونها، عمرها عام واحد، وسيتمّ ذبحها عندما تبلغ ثلاثة أعوام من عمرها للتّطهّر -حسب معتقداتهم- وبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى.
الشّجب والإستنكار: تتوالى بيانات الشّجب والإستنكار من مسؤولين عرب ومسلمين، لما يجري من اعتداءات واقتحامات للمسجد الأقصى، أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، ومعراج خاتم النّبيّين عليه الصّلاة والسّلام، بينما يتمّ ترسيخ التّطبيع والتّحالفات العسكريّة مع اسرائيل لمحاربة إيران.
المسجد الأقصى: المسجد الأقصى حزين، فما عادت ناقة أبي حفص قادمة إليه، وما عادت خيول صلاح الدّين تصهل، وما عاد للسّيوف صليل. فـ”لا تستبشري يا قدس”مع الإعتذار للشاّعر فوزي البكري.
27-9-2022