بدون مؤاخذة-اذا عرف السبب

ب

تشهد الضفة الغربية هذه الأيام موجة احتجاجات على ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وحق التظاهر والاحتجاج يكفله القانون الفلسطيني، ومن حق المواطنين جماعات وأفراد أن يعبروا عن آرائهم بالطريقة التي يرتأونها مناسبة، لكن هناك خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها، مثل الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة، فلمصلحة من يتم الاعتداء على المؤسسات والمحلات التجارية؟ ومن المستفيد من ذلك؟ وماذا ستكون نتائج ذلك؟ وهل هذا يدخل ضمن الحريات، وألا يكفينا ما ألحقه ويلحقه الاحتلال من أضرار بمؤسساتنا وملكياتنا الخاصة؟ فالسلطة الفلسطينية ليست عدوا للشعب، بل هي افراز له، وهي سلطة منتخبة تعمل على انهاء الاحتلال ومخلفاته، وهي مشروعنا الوطني الذي يؤسس لدولتنا العتيدة بعاصمتها القدس العربية، بغض النظر اتفقنا مع سياسات السلطة أو اختلفنا معها…ومؤسسات السلطة ملك للشعب وليست ملكا للقائمين عليها، ولهذا لا يجوز الاعتداء على مؤسسات ومقرات السلطة، تماما مثلما لا يجوز الاعتداء على الملكيات الخاصة، ويجب أن تكون الاحتجاجات حضارية لا عنف فيها، وقد شاهدنا على شاشات التلفاز مظاهرات للمعارضة وللمحتجين في دول كثيرة، وشاهدنا المتظاهرين يسيرون بصمت يرفعون شعاراتهم، أو يعزفون الموسيقى، فهل ثقافتنا مختلفة؟

واذا كنا نطالب السلطة بتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، فاننا نعرف أن سلطتنا ليست دولة، وأن الاحتلال يمسك برقابنا في مختلف مناحي الحياة، ومنها الاقتصاد الذي دمره المحتل وألحقه باقتصاده ليبقينا خاضعين له، فهو يتحكم بلقمة الخبز المر وبشربة الماء.

والأزمة الاقتصادية معروفة الأسباب وتشارك فيها أطراف عربية بضغوط أمريكية من أجل اخضاع السلطة، واجبارها على تنازلات كبيرة، وكي تعود الى المفاوضات العبثية بشروط نتنياهو وليبرمان، فالحكومة الاسرائيلية تسارع في عمليات الاستيطان التي مزقت الضفة الغربية وحولتها الى كانتونات متباعدة من أجل منع اقامة الدولة الفلسطينية العتيدة، وهي تريد من السلطة ان تعود الى المفاوضات كشاهد زور يتنازل بل ويوافق على سياسة حكومة الاحتلال التدميرية والمعادية للسلام العادل والدائم الذي تبغيه الشعوب، وبما أننا على ابواب الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم فان الادارة الامريكية برئاسة أوباما تجعل من شعبنا وقضيتنا كبش فداء كي تحصل على دعم وتأييد اللوبي اليهودي في أمريكا، لذا فانها تمنع أي مساعدات دولية وحتى عربية من الوصول الى خزينة السلطة، ولو عادت قيادة السلطة الى المفوضات العبثية، وامتنعت من التوجه الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة لانهالت المعونات والمساعدات، وهم يتصرفون وكأن قضيتنا وحقوقنا رهينة بين أيديهم، والمحزن أن اطرافا عربية تشارك في حصار شعبنا وسلطتنا…ويلاحظ وجود حملة اسرائيلية مناهضة للسلطة ومحرضة عليها، وتستهدف رموزها وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس.

ويعلم الجميع تفشي البطالة، وركود الاقتصاد بشكل كبير بفعل اجراءات الاحتلال، وتعيش الأراضي المحتلة على حافة مجاعة حقيقية تهدد مئات آلاف الاشخاص، والحكومة الفلسطينية مطالبة بايجاد الحلول، والمشكلة ليست في رئيس الحكومة سلام فياض ولا في وزرائه، وبالعكس فان حكومة فياض عملت بطريقة مهنية لافتة للمراقبين المهنيين، لكن المشكلة سياسية تهدف الى اخضاع قيادة السلطة واخضاع شعبنا لتمرير الحلول الاسرائيلية التي تكرس الاحتلال…فهل ينتبه شعبنا لذلك؟

10 ايلول 2012

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات